قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

قد تكون خلاياها الان تهلل لأخذ ثأرها، ولكن يبقى جانبها الأنساني يحزن من أجل تلك الصفعة الذي صبغت العار والخزي وخاصةً امامها على وجنة ذاك الرجل...
كانت عينا سليم أقل ما يُقال عنها جمرتان من النيران تحترق الان!
لا تعرف فتيل الاحتراق بدء من خوفه عليها ام غضبه من ذلك الرجل
ام كلاهما؟!
ولكن ما هي تعرفه جيدًا، أن نيرانه ستسقط حتمًا على سماء فرحتها لتعكرها على الفور!

وصدح صوته القوي هاتفًا بغضب تسبب بقشعريرة جسد كلاهما:
اية اللي أنت عملته ده؟
كان الاخر ينظر للأرض بخزي، قبل أن يحاول النطق:
يا سليم بيه أنا بس كنت بمنعها تخرج
صرخ فيه بحدة مفتعلة:
ومن امتى انا بجولك اوامر بضرب الحريم يا صادق؟
هز صادق رأسه نافيًا ليسارع مبررًا:
لا هي بس كانت عايزة تخرج بالعافية
ضغط على قبضة يده ليتابع بجدية لا تخلو من الحدة اللازمة:
ماتمنعهاش بالضرب، من متى وأحنا بنضرُب حريم هه؟

نظر للأرض بحرج ليهمس:
حجك عليا يا سَليم بيه
هز رأسه ليقول بعدها بصوته الأجش:
أنا مامديتش يدي عليك إلا عشان أعرفك أنها حاچة واعرة جوي إنك تضرب حد ماجادرش يردهالك، ما بالك بمَرة بجى بتضربها!؟
اومأ الأخر بأسف مغمغمًا:
فهمت
وقاعدة أخرى تكتشفها في شخصيته الغريبة من جميع النواحي
يتحدث بالصعيدية عند الغضب!؟ ..
وشيئً ما لم تفهمه ابدًا..

كانت دائمًا القاعدة الوحيدة في حياتها - القاسي لا يبرر - ولكن ماذا إن برر بعد العقاب وقلب كل شيئ!
لمَا لا فهو الصقر في مملكته الخاصة، فليفرض سيطرته اذًا ومقاليد حكمه على كل من يقطن معه، ليخنقهم رويدًا رويدًا بمقاليده الحديدية!
ولكنها، لن تكون معه ابدًا!
أستفاقت على صوته وهو يأمر الرجل ببعضًا من الحدة:
أعتذر لها دلوجتِ
إبتلع الاخرى ريقه ليعتذر لها بضيق:
حجك عليّ يا أنسة
اومأت هامسة بحروف لم تتخط شفتيها:.

خلاص مفيش حاجة حصل خير
كانت قدمها قد بدءت بنزف الدماء وهي تحاول التماسك امامهم..
ولكن لا، الألم اقوى من أي تحمل!
فصرخت متأوهه:
مش قادرة رجلي
نظر لها سليم لثواني، وفي لمح البصر كان يحملها بين ذراعيه المفتولتين..
كانت دقاتها لم تهدء ابدًا، وكيف تهدء وهي محاصرة بين ذراعي من لا يرحم دقات ولا غيرها؟!
وعيناها البنية اصبحت ترمش كل لحظة، وكأنها تحاول إستيعاب ما حدث!
ملمس يداه على جسدها تشعر بها تحرقها!

تحرقها بالفعل وتخدرها كأنها اصبحت لا تشعر بها!
فهمست بتوتر ملحوظ:
نزلني لو سمحت
والاجابة كانت بكلمة واحدة حازمة:
لا!
ولم يأبه لصدمتها او اعتراضها الذي كانت تبديه..
ولكن، لأول مرة يجد رائحتها تؤثر عليه، وكأنها تُسكر روحه!
أغمض عيناه ينفض تلك الأفكار عن رأسه ليسير مسرعًا نحو، غرفته!
وصل الى غرفته وكانت هي مغمضة العينين، تحاول جمع شتات نفسها المبعثرة من هجومه المفاجئ..

لتشعر بنفسها اخيرًا قد وضعها على الفراش، فحاولت إخراج الحروف عنوةً عنها:
أنت إزاي ت آآ
قاطعها وهو يشير لها آمرًا:
أسكتِ
وبالفعل إلتزمت الصمت..
كلمة واحدة منه كانت كافية لجعل حروفها لا تتخطى شفتيها التي كادت ترتجف!
إتجه للمرحاض الملحق بغرفته ليجلب الأسعافات الأولية...
وتقدم منها بهدوء المعتاد - ما يسبق العاصفة - ليجلس بجوارها بمسافة واضحة..
ثم بدء يعد الدواء والمطهر لتسأله هي ببلاهة:
أنت بتعمل أية؟

اجابها بغيظ واضح:
أنتِ شيفاني بعمل أية؟
إبتلعت ريقها بازدراء لتقول بعدها بشجاعة مزيفة:
لو كنت سبتني عليه كنت خدت حقي تالت ومتلت بس حظه إنك جيت وهو اعتذر وسمع الكلام
لا والله!
قالها وهو رفع حاجبه الأيسر بسخرية، خُيل له أنها استقبلت دفاعه عن مبدء ضرب الأنثى على وتيرة خاطئة..
وتيرة مسارها يودي لطريق يكرهه!
ليتنحنح مستطردًا بخشونة شابتها بعض الحدة:.

اولاً هو سمع الكلام لإنه راجلي وبيحترمني مش مفكر إن مفيش حد اده!
صمت بعدها ببرهه ليلقي بقنبلة إهانته القادمة:
ولما ضربته او قولت اي حاجة، ده كان دفاعًا عن مبدء ضرب الست نفسها، لكن مش عشانك إنتِ لإنك لا تعني لي شيئ اصلاً يا أنسة!
إبتلعت تلك الغصة المريرة في حلقها بصعوبة..
هي من جلبت لنفسها تلك الأهانة، ليداعب جروحها المكبوتة التي حاولت مرارًا وتكرارًا اخفاؤوها..

هي من دفعته ليقتلها بكلماته من مجرد حروف مميتة مثلت لها معنى الإهانة، وسقطت من سماء تخيالاتها وفرحتها لأرض الواقع المرير!
لتهمس وهي تومئ بحزن:
صح، أنا أسفة
لا يعلم لمَ شعر بأطراف ضيق تحتله!
هو عادةً لا يهتم بأي شخص..
ولكن لمَ الان، تحديدًا مع تلك الفتاة التي يرى فيها شيئ شفاف يجذبه نحوها ولو واحد بالمائة؟!
نفض تلك الأفكار من رأسه وهو يجيبها بجمود يعكس ما بداخله من اهتياج ضيق برود وهدوء:
العفوا.

نهضت فجأةً لتصرخ بألم ثم ترنجت مكانها لتسقط عليه وهو ينهض
اقترابها منه لهذا الحد يفزعها حرفيًا!
واختلطت انفاسهم المضطربة من ذاك القرب، وزحفت الحمرة تلقائيًا لوجهها بينما هو في عالم اخر..
عالم سارح فيه في بحر عيناها البنية الذي لم ينتبه له من قبل!
وافاق من شروده على دفعتها الضعيفة وهي تحاول النهوض قائلة:
أسفة آآ..
قاطعها وهو يقول مشاكسًا:
ماخدتيش بالك مش كدة؟

كادت إبتسامة تنفلت منها لتشق طريقها لشفتاها الوردية ولكن منعتهت بصعوبة لتومأ بعدها ببلاهة:
أيوة
استقامت في جلستها لتجلس وهي تمسك بقدمها التي عادت تؤلمها من جديد وجلس هو لجوارها ثم مد يده يخرج الدواء ليضعه على قدمها ويبدء بدعك قدمها، وتلك المرة لمسته كانت أخطر..
وكأن فيها طيفًا من الاعتذار الرقيق على تلك الكلمات!
انتهى ليقول بعدها هادئًا:
خلاص تمام، ماتمشيش عليها كتير بقا عشان الجرح يلم.

اومأت كالقطة المطيعة وهي ترد:
حاضر
نهض ليغسل يده في المرحاض، بينما هي انتبهت للباب الذي تركه مفتوحًا - عن عمد - وقد تأكدت أنها فعليًا في حماية صقر، ولكن آمن وليس جارح!
جالت عيناها على جميع انحاء غرفته، التي كانت بالطبع يغلب عليها اللون الأسود، نظرت لشهادات التقدير التي كانت معلقة على الحائط لتضحك بصوت عالي كاد يخرج منها وفجأة صدح صوته يقول:
بتفكرك ب صعيدي في الجامعة الأمريكية صح؟

حاولت كتم ضحكتها ولكن لم تستطع فانفجرت ضاحكة ومن ثم هتفت من بين ضحكاتها:
بصراحة اه، اللي يشوفك وأنت بتزعق لصادق ده تحت بالصعيدي وبتقوله
من متى وأحنا بنضرُب حريم يا صادق
مايعرفش إنك دارس في امريكا خالص يعني!
وشيئً اخر لم ينتبه له منذ أن رآها
ضحكتها الساحرة !
يُفترض الغضب في تلك اللحظات، ولكنه ليس بخطأه إن سيطر الشرود على خلاياه كليًا!
لتابع مبتسمًا نصف ابتسامة:
بتحصل في أحسن العائلات.

وفجأة عاد لجديته وهو يأمرها مشددًا على كل حرف:
يلاا عشان تلحقي تريحي رجلك عشان هنروح مشوار النهاردة بليل كدة
إبتلعت ريقها بازدراء..
وطيف خوف حقيقي داعبها، ماذا سيحدث!
ولكن ما يحيرها بدرجة كبيرة
كيف يساهم في اخفاءها ويتعاون مع هؤلاء الحمقى ثم يرغب في التأكد!؟
وسمعت صوته يقول:
يلاا مستنية أية؟!
نهضت مسرعة وهي تجر أزدال خيبتها...!

كانت رقية تتوسط صدر مجدي العادي على فراشهم الكبير والذي شهد مراسم حبهم الذي يعاندوا فيه دائمًا!
تغمض عيناها بضيق حقيقي، لم تكن ترغب أن يمسها أبدًا
وخاصةً بعد زواجه بمن لا تعرفها!
ولكن الان أصبحت شفافه امامه، لقد ظهر له الجزء الذي كانت تحاول دائمًا اخفاؤه!
تنهد قبل أن يسألها بهدوء:
مالك يا روكا؟
رفعت كتفيها قليلاً لتقول باستنكار مصطنع:
مالي يعني مفيش
رفع وجهها بيده لينظر في عيناها التي تفيض ندمًا!

ندمًا ازعجه بالفعل وأحزنه ايضًا!؟
ليردف بلوم:
إنتِ ندمانة يا رقية؟ ندمانة إنك اديتِ جوزك حقوقه؟
هزت رأسها نافيةً وحاولت التبرير بانزعاج:
لا مش كدة، بس يعني آآ أنا متضايقة شوية
سألها دون تردد:
متضايقة من أية؟
اجابته متهربة:
مُش لازم يعني تعرف وتقرف نفسك معايا
إبتسم بهدوء قبل أن يستطرد بود حقيقي:
ومين قال إن إنتِ قرف، أنا كُلي تحت أمرك
تنهدت قبل أن تقول بحزن لم تستطع اخفاؤه:.

مخنوقة، حاسه إني مش كاملة، إنك اتجوزت عشان أنا مُش قادرة احققلك رغبتك، عشان أنا نص أنثى في نظرك
وجحظت عيناه بصدمة!
لم يتوقع أنها تخفي مشاعرها خلف قناع القوة والقسوة!
أنها حزينة لهذه الدرجة المغزية!.
امسك وجهها بين كفيه ليسارع بالقول:.

رقية إنتِ لية مش مصدقة أني فعلاً حاسس إنك كل حاجة ليا، إنتِ في نظري كاملة وست البنات مش نص انثى، إنتِ أول واخر واحدة ببقى مبسوط معاها، جوازي ماهو إلا وسيلة عشان الطفل اللي العيلة كلها هتموت عليه
تحاول إقناع نفسها بكلامه، ولكن كأنها تزيد تعري لتظهر نفسها السيئة اكثر!
نعم السيئة فهي من منعت نفسها ومنعته من ذاك الحق!
هي من دفعته للزواج بأخرى
وبسبب غلطة يكفر عنها حتى الان!
حاولت الأبتسام وهي تومئ هامسة:.

متقلقش عليا يا حبيبي، عادي مفيش حاجة
قبل جبينها بحب خالص، لينتبه بعدها مهللاً:
إنتِ قولتي أية؟
كست الحمرة وجهها وهي تسأله بعدم فهم مصطنع:
أنا مقولتش حاجة قولت اية؟
هز رأسه نافيًا باصرار سعيد:
لأ قولتِ
ثم برجاء حار قال:
قوليها تاني يا رقية عشان خاطري، أنا حبيبك؟
اومأت بخجل لتجيبه بما أثلج صدره سعادة شعر أنها ربما لن تنتهي:
حبيبي وجوزي وكل حاجة حلوة ليا
تأوه بخفوت...

كلماتها المعسولة التي طالت الغياب على أذنيه، الان تروي ظمأه من عشقها..
ليميل عليها يقبلها بشغف، فحاولت دفعه وهي تقول بدلال:
مجدي
غمغم مغمضمًا عينيه مستمتعًا بعطرها الذي يجذبه:
عيون وقلب مجدي
أبعد بقا
همستها وهي تبتسم بمشاكسة، وقد ازدادت نبرتها لينًا لينقض عليها مشبعًا رغبته العاشقة فيها بعد ان أردف:
وإنتِ متوقعة إني أسيبك بعد الدلع ده كله!

كانت خالته جميلة في غرفتها، متسطحة على فراشها الكبير، وتمسك بيدها صورة ما عائلية كبيرة..
تشق ابتسامة شاردة وجهها المُجعد، شاردة الذهن، شاردة في ماضي قد يكون رحل فعليًا، ولكن شظاياه مازالت تتردد إلى الان!
اخذت تتلمس الصورة بابتسامة هادئة قبل أن تهمس:
ياااه، مكنتش أعرف إن الدنيا دوارة كدة
ثم تنهدت تنهيدة طويلة حارة تحمل الكثير قبل أن تتابع بنفس النبرة:
معقول اللي حصل زمان يتكرر تاني.

اومأت وهي تتذكر سيلا...
نفس تلك العينان البنية التي يغطيها شعاع لامع جاذب وغامض في آن واحد!
نفس الملامح التي تحمل المعنى الصحيح للطيبة والود للجميع!
نفس الشعر البني الناعم والتي لم تراه الى الان!
وكأن الزمن يعيد نفسه مرة اخرى
أيعقل ذلك؟!
اومأت مؤكدة وهي تهتف بأصرار غريب:
أيوة، هعمل أي حاجة ومش هخلي سليم يعرف مهما حصل لحد الوقت المناسب بس.

نهضت ثم اتجهت الي الدولاب الخاص بها ثم اخرجت ملابسها لترتديها في دقائق ثم عدلت هندامها واتجهت الى الأسفل، عازمة على الذهاب معهم الى ذلك الطبيب الذي يلجأ له الجميع!

منذ دلوف ياسين الى نادين لم يكف عن النظر لها..
ليس بأرادته، فهي ليست طبيعته أن يحدق بالمرضى هكذا..
ولكن شيئً ما غريب بها يجعله يحدق بها كأنه طفل صغير منبهرًا بشيئً ما!
لا يصدق الوضع الذي اقحمها القدر فيه، وفشلت كل محاولاته للتحدث معها كطبيب..
جلس بجوارها مرة اخرى، ليبدء بالحديث متنحنحًا بابتسامة مشرقة:
أنا مش عارف إية اللي مخليني عندي فضول أعرفك أوي.

بالطبع لم تعيره أدنى اهتمام، كانت تنظر امامها وكأن شيئً ما شفاف يرغب في التوغل داخلها وهي لا ترغبه!
مد يده يربت على كتفها ليقول:
نادين، أعتبريني اخوكِ، لازم تحكي لي كل حاجة
وكأن كهرباء صعقتها فهبت منتصبة تضع يداها على اذنيها، واخيرًا خرج صوتها متحشرجًا بصراخ:
لاااااااا ابعد عني!
ظل ينظر لها مذهولاً بالفعل..
صراخها ينم عن حدوث صدمة تسببت لها في ذاك الصمت الأسر!
وابتعد على الفور وهو يقول مهدئًا:.

اهدي اهدي انا اسف
بالرغم من فزعه عليها إلا أنه ارتاح قليلاً لكونها مدركة ما يحدث حولها..
جلس بهدوء مرة اخرى ليسألها ببعض الجدية مستفسرًا:
فين أهلك يا نادين؟
لم ترد عليه وظلت أسيرة الصمت، ليسألها مرة اخرى بابتسامة:
طب ليكِ اخوات؟
عند هذه النقطة ظلت تهز رأسها نافية وهب متشنجة وقد شعر أنها ستعاودها تلك الحالة من جديد فابتعد برفق وهو يشير لها:
اهدي، خدي نفس واهدي، إنتِ لازم تتكلمي، لازم تخرجي من صمتك ده.

لم ترد عليه بالطبع..
ولكنه أخيرًا استطاع معرفة نقطة ضعف واحدة لها..
فقال متساءلاً بهدوء مصطنع:
طب فين اخواتك وسيبينك كدة لية؟
نهضت لتبدء بتكسير كل شيئ، كل ما تطوله يدها تدمره مع استمرارها بالصراخ والنحيب..
لا تتحدث بالطبع ولكن هذا يعد مؤشرًا مبشر بالقادم!
ظلت هكذا حوالي خمسة دقائق لينهض هو مقتربًا منها..

وفجأة جذبها لأحضانه ليحتويها بذراعيه بحنان، وكأنه يخبأها بين ضلوعه التي تعد كالحصن لها وأنفاسهم المضطربة جنودًا مرتبكة فيها!
وفجأة صدح صوت يعرفه جيدًا وهو يناديه بنزق مصدوم ؛
ياسين!

جلس كلاً من سليم و جميلة بالأسفل بأنتظار سيلا التي كانت ترتدي ملابسها، كان سليم ينظر أمامه بهدوء ولكن عقله شارد!
عقله في سماء الامنيات متمنيًا أن لا تصبح كاذبة
هو يكره الكذب وبشدة، وإن فعلتها...
لا يضمن ماذا سيفعل بها، ولكن غالبًا
لن يجعل عيناها تلمع بفعل سطوع شمس الدنيا مرة اخرى!
تنهد بقوة وهو يمسح على شعره الأسود الغزير..
بينما جميلة لم تكن أقل شرودًا منه، ولكنها لا تتمنى.

تفكر بدقة لتنفذ ما خططت له منذ أن رأت سيلا اول مرة!
واخيرًا تقدمت منهم، وقد شحب وجهها، لا تعلم شحب من الخوف ام قلة الطعام!
ولكن المؤكد أن الخوف لم يترك خلية من خلاياها إلا وتوغلها كليًا!
تخشى إن علم هؤلاء بمعرفة سليم ماذا سيحدث لجدها الحبيب!
وبالأخير خشيت على روحها هي..
روحها التي ستُزهق إن علم ذاك الصقر بالتأكيد!
صدحت جملة سليم الساخرة:
اية يا عروسة كل ده بتجهزي
مطت شفتيها وهي ترد بغيظ مكبوت:.

منا كنت بلبس بس احتارت اعمل إية يعني
رفع حاجبيه ليتابع بنفس السخرية المغتاظة:
لية حد قالك إننا خارجين ده احنا رايحين لدكتور؟!
اومأت مردفة ببرود:
بردو
رفعت جميلة يدها لتصيح بانزعاج مصطنع:
خلاص صدعتوني، عاملين زي القط والفار
اكملت سيلا وهي تشير له بغضب:
لأ يا طنط هو اللي مش طايقني كل ما اعمل حاجة يعلق لي عليها تعليق سخيف!
رد مسرعًا بلاذعة مماثلة:
لية إن شاء الله كنتِ مرات أبويا ولا اية!؟

رفعت كتفها لتقول ببرود ظاهري:
معرفش اسأل نفسك
ضحكت جميلة لتشيى لهم منهية الحوار:
خلاص يا سليم، خلاص يا سيلا اسكتوا، يلا عشان نلحق
وهنا قد عاودها ذلك القلق الذي افترش على ملامحها
خاطفًا روحها المشاكسة في لمح البصر..
جاهدت لتخرج حروفها ولو متلعثمة قائلة:
لأ
سألها سليم رافعًا حاجبه الأيسر:
لأ اية؟
هزت رأسها وهي تنظر للأرضية وتفرك يدها البيضاء:
لا مش هروح لدكتور!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة