قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني

ظلت خالته محدقة في سيلا بصدمة بدت لهم واضحة كعين الشمس!
تدقق في تلك الملامح التي كانت تعرفها عن ظهر قلب لعل عيناها تخطئ!
ولكن نسبة الحقيقة وكأنها تزداد مع مرور اللحظات...
قطع ذلك الصمت صوت سليم الأجش وهو يتساءل ببلاهة:
في أية يا خالة؟
واخيرًا إستطاعت السيطرة على الصدمة التي أفترشت على ملامحها المسنة لتسرع مبررة بتوتر:
آآ مفيش يا سليم
رفع حاجبه الأيسر وهو يسألها مرة اخرى بريبة:.

أمال اية ده اللي مش معقول؟
أبتسمت ابتسامة صفراء وهي تحاول معالجة الأمر:
يا حبيبي يعني أقصد جمالها مش معقول، بشرتها وملامحها وعينيها البني دي تجذبك كدة ليهم
لم ينكر، بالفعل لعينيها بريق وسحر خاص، سحر لن يتركك إن رأيته مرة إلا بعد أن تصبح أسير رحمته!
ولكن قال لها باستنكار:
متأكدة جمالها يا خالة؟
اومأت مؤكدة وهي تحاول قد الإمكان عدم التحديق ب سيلا وردت:
ايوة يا سليم امال هيكون في أية يعني!؟

مط سليم شفتيه بملل وهي يتابع:
بس على فكرة هي مش رائعة الجمال للدرجة دي، جمالها عادي خالص زي أي واحدة بعيون بني وبشرة بيضة؟!
ابتسمت الاخرى بشرود مرددة:
واكيد شعر بني كمان
ضيق سليم عيناه السوداء، ليتغلب طبع الصقر على طبعه المسالم بسؤاله الخبيث:
وأنتِ عرفتي منين ان شعرها بني إذا كان هي محجبة؟!
خطأ!
خطأ اخر أمام الصقر ..
وفي قانونه من يخطأ اكثر من مرتان فهو كاذب ...

وبالطبع هي لا ترغب في فتح تلك الأسئلة التي لا تنتهي..
لا ترغب في فتح أبواب وسلاسل الأنتقام دون أن تدري!
لتقول بتلعثم:
أنا آآ أنا خمنت يعني يا سليم هو تحقيق ولا أية؟!
هز رأسه نافيًا ليرد بهدوء:
ما عاش ولا كان اللي يحقق معاكِ يا خالة
نظر لسيلا ثم قال بصوت جاد:
أعمليلنا أتنين قهوة لو سمحتي.

اومأت دون أن تنظر لهم ثم غادرت بهدوء، كان عقلها منشغل بكلام تلك السيدة، معرفتها بها جعلتها تشك بها ولو قليلاً، وسؤال واحد يرتكز بجدارة وسط سماء تفكيرها الغارق
هل تعرف والدتها؟! ...
بينما في نفس اللحظات كان سليم يقول لها بهدوء:
اسمعيني يا خالة جميلة، دي البنت اللي قولتلك عليها اللي جابوهالي وقالولي انها فاقدة الذاكرة وعايزة تشتغل وانا شغلتها مع الحاجة فاطيما في المطبخ.

نظرت له الاخرى باهتمام ليتابع فتابع بقوله المتوجس:
بس أنتِ عرفاني مابشغلش أي حد عندي وخلاص، بعت رجالتي يدوروا ويسألوا في كل حته عن سيلا إبراهيم عسى يلاقوا لها اهل، لكن في حاجة غريبة
إبتلعت ريقها بإزدراء ثم سألته:
اية اللي حصل؟
هز رأسه ومن ثم أجابها بحيرة:
البلد كلها محدش يعرف مين سيلا إبراهيم خالص، والناس هنا كلها عارفة بعضها
وقلق عارم بدء في السيطرة على مقاليد كيانها كله..
يشك!

الصقر يشك، وإن اجتاحه الشك سينقلب كل شيئ رأسًا على عقب..
والمعنى الوحيد لذلك، أنه سيعرف كل شيئ، وستشتغل شعلة مدمرة و..
وعند هذه النقطة ومن دون تردد وجدت نفسها تبرر:
لا لا يا سليم، أكيد يعني محدش يعرفها أو اهلها مش ف البلد حاليًا
هز رأسه وهو يحاول إقناع نفسه:
امممم ممكن
اومأت هي الأخرى، لتتابع:
اكيد يعني امال هيكون اية غير كدة
اومأ ثم قال بإيجاز:.

ماشي اتمنى كدة، بس أنا بقى فكرت ف حاجة عشان أعرف هي كذابة ولا صادقة وفاقدة الذاكرة
طرق القلق بابها مرة اخرى بلا منازع، ونظراته تطوفها كليًا...
فسألته بجدية حاولت التمسك بها:
ازاي يعني يا سليم؟
أراح رأسه للخلف وهو يقول بنبرة أعلمتها أن كل شيئ قد ينتهي بلحظات:
انا اتصلت بالدكتور، وخدت ميعاد، هنروح نعمل أشعة ونشوف هي فعليًا فاقدة الذاكرة ولا لا.

ظلت ناظرة امامها، رغبتها في عدم كشف أي شيئ توازي رغبته المتينة في الوصول للحقيقة الكاملة..
ورغبة امام رغبة ولكن، رغبتها ستحاول - عنوة - ان تجعلها تفوز بدافعها القوي.
فقالت بنبرة عادية بعض الشيئ:
اللي أنت شايفه صح أعمله يا سليم، أنا واثقة في كل قراراتك
اومأ بابتسامة صافية إحتلت ثغره..
بينما كانت هي على الطرف الأخر بالقرب منهم، ترتجف فعليًا..
ماذا عساها أن تفعل وكل كلامه مغلف بالإصرار والجدية؟!

لن تستطيع ايقافه، ومن هي لتقف بوجه الصقر في شيئً يريد فعله!
ماذا ستفعل؟!
تهرب...
وأي مهرب هذا، هي حتى لا تذكر انها رأت الشارع الخارجي منذ قدومها!

وصفحة وجهها سطَورها غير مفهومة بالمرة، يملؤوها ضباب التعجب!؟
او الصدمة الحالية!.
نعم الحالية فأي صدمة هذه وهي تعي تمامًا أنه يومًا ما سيتزوج فعليًا!
سيتزوج وسينجب قريبًا، وهي، هي زوجة ليست كاملة!
شعرت بغصة مريرة في حلقها عندما تيقنت تلك الكلمة..
يجب أن تتهيئ لسماعها مرارًا وتكرارًا!
وسألته باستنكار حقيقي:
اتجوزت!؟
اومأ وهو يجيب ببساطة لا تليق بموقف كهذا:
ايوة امال انتِ كنتِ مفكرة أية؟

رفعت كتفيها لتقول باستهانة:
لا مكنتش متوقعة، أنا عارفة إن مسيرك تتجوز يا مجدي
اومأ مجدي وهو ينظر لها بأمعان...
ألم تكن تلك من من تزوجها لأنه يحبها؟!
يحبها!
وهل من يعرف الحب يومًا يتخلى عنه بهذه السهولة؟!
لا هو لم يتخلى، هو أراد صبي من صلبه، جدار يستند عليه في الكبر!
بينما نهضت أمنية لتقول بهدوء حذر:
طيب عن أذنكم أنا بقى.

سارت متجهة للخارج بخطى مسرعة، وكادت رقية تلحق بها إلا أنه أمسك بيدها يجذبها نحوه ليقول وحروفه تقطر لومًا لم يُخفى عليها:
لية بتعملي كدة، لية بتعذبينا أحنا الاتنين
نظرت له بحدة، حدة تمعنت عيناها لتُخرج شرارات حارقة وردت:
مش أنا اللي بأعذبك يا مجدي، أنت اللي بتعذب نفسك من يوم ما فكرت تشرب الزفت المخدرات
والى متى سيلوم نفسه على غفوة شيطانية!؟
نال قدرًا كافيًا من البُعد، والحزن والعتاب..

أراد العودة، ولكنها بدت بعيدة جدًا عن نقطة إستطاعته..
وللمرة التي لا يذكر عددها أردف:
لحد امتى هفضل أقولك إني بطلت الزفت
رفعت كتفيها وهي تقول بجدية:
وأنا ايش ضمني إنك ماترجعلهاش في اي وقت؟ لية أحط إيدي تحت سنان النمر؟
جذبها لأحضانه، يتأوه بخفوت من فرط شوقه لها..
شوق امتدت جذوره لدرجة رجاءها، ولكنه قطعه بسكين كرامته وشخصيته الشرقية..

غمس رأسه عند رقبتها، يملأ رئتيه بعبيرها الذي وكأنه يعيد تنشيط خلاياه كليًا..
ليقول بصوت اُرهق حرفيًا:
أنا تعبت، وزهقت، كفاية بُعد، كفاية لوم كفاية بقا
هزت رأسها نافية لتهمس له:
أنا تعبت أكتر، انت هتروح تتجوز، لكن أنا، أنا هفضل طول عمري معنديش طفل يقولي يا ماما!
شيئ من الألم إرتسم على ملامحه الخشنة، كيف لا وكل وغزة ألم تشعر بها وكأنه يقتسمها معها!؟
ليبادلها الهمس الهادئ:
صدقيني أبني مش هيقولك غير يا ماما.

نظرت في عينيه، وتعلقت بأخر حبل للأمل والحب بينهما لتقول بما أشبه للرجاء:
ماتتجوزش يا مجدي، طلقها!
هز رأسه نافيًا، لينقطع ذاك الحبل رويدًا رويدًا مع قوله:
مش هينفع، للأسف مش هينفع، لو أنا سكت أهلي مش هيسكتوا، عايزين يشوفوا حفيد ليهم في أقرب وقت
حاولت الابتعاد وهي تصرخ في وجهه مزمجرة بغضب:
طول عمرك هتفضل كدة، تحت طوع أمك بس
وصفعة كانت الرد!

صفعة لم تأخذها منه يومًا، واليوم كانت مع دعوة صريحة منه للأبتعاد إن كان هذا هو قربها!
ليصيح فيها حادًا:
اولاً صوتك مايعلاش عليا، ثانيًا لازم تعرفي ازاي تتكلمي مع جوزك يا هانم
اومأت والغضب يتطاير من مقلتاها، لتكمل بعدها بنفس الغضب:
ماشي يا مجدي ماشي، بس تأكد إنك مش هتلمس مني شعرة.

وطوال قاعدة حياته كان رده جملة قصيرة مع - ضرورة التنفيذ - ليجذبها في لحظات يطبق على شفتاها الصغيرة بغضب وقسوة، وقوة من المفترض ألا تواجهها هي، ليبتعد بعد دقيقة تقريبًا وهو يتابع بخشونة:
وقت ما أحب أقرب منك هقرب، بس أنا قرفان منك دلوقتِ.

وأنطلق مغادرًا تلك الغرفة التي شهدت حديثهم - المهين - لتهوى هي على الفراش بغلب، واخيرًا اعطت الأذن لدموعها لتنفجر شلالات على وجنتاها البيضاء، لتهمس لنفسها بأسف حقيقي:
دي كانت أخر فرصة عشان تثبتلي فيها إنك باقي عليا، لكن للأسف ضيعتها!
ومالت على - الكمدين - المجاور للفراش لتفتح الدرج وتأخذ قرص - لمنع الأنجاب - وهي تغمض عينيها بألم!

كانت سيلا تعمل بالمطبخ شاردة، هائمة وحزينة..
تلك العينان البنية التي كانت تموج فرحًا وشقاوة طفولية، الان اصبحت تموج حزنًا وخوفًا!
خوفًا من ذاك الصقر الذي وكأنه قاصد تمثيل حروف أسمه على شخصيته حرفيًا!
أقتربت منها تلك السيدة الكبيرة - عمرًا - التي تحمل ملامح تنم عن طيبتها الفطرية..

أقتربت من سيلا لتعدل من وضع الحجاب الكبير الأسود الذي يغطي خصلات شعرها التي بدءت تصبح بيضاء والذي يرتدونه - عادةً - في مدن الصعيد
لتربت على كتفها بهدوء مرددة:
مالك يابنيتي؟
رفعت عيناه لتقابل نظراتها المشفقة!
تلك النظرات التي كانت دومًا تكرهها، ولكن الأن وبكل صراحة هي تحتاجها، تجتاح لتراها تنغمس بين حروف وكلمات ذاك الصقر ولو لمرة!
فهمست لها مجيبة:
تعبت أوي يا خالة فاطيما
سألتها بأشفاق حنون:.

مالك يا عيون الخالة فاطيما، اية اللي مخليكِ على طول مهومة إكدِه يا بتي؟
البوح بالسر!
وهل لها فرصة كهذه من الأساس؟
هل تبوح وتخرج ما في صدرها من هموم لم تعد لديها القدرة على أحتمالها
وتخاطر - فعليًا - بأحتمالية معرفة الصقر بذاك الكلام!
دقاتها اختنقت من كثرة الاحتباس، وعقلها تشتت من فرط التفكير وحرفيًا
أعان الله قلبًا نقيًا صافيًا رغم شدة الكرب لا يبوح
نظرت لها لتتابع - بتمويه -:.

كل حاجة تعبتني، حاسة إني مخنوقة أوي أوي
سألتها مرة اخرى بحزن:
لسة مافكراش حاچة يابتي؟
إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تومئ مرتبكة:
اه للأسف، وحاسه أني مش هفتكر ابدًا
هزت الأخرى رأسها نافيًا، لتقول بإيمان صادق خرج في صورة امل ل سيلا:
ماتجوليش إكدة يابتي، ربنا بيجول أنا عند ظن عبدي بي ، اوثجي في ربنا إنه مش هيحطك في حاچة إلا لو فيها خير او امتحان ليكِ
ابتسمت سيلا بامتنان لم يتخط حروفها:.

ربنا يخفف عنك يا حاجة فاطيما زي ما بتحاولي تخففي عن غيرك
مسدت فاطيما على حجاب سيلا لتكمل متساءلة بفضول:
لكن أنتِ لجوكِ فين يا بتي يمكن أهلك في نفس البلد؟
عضت سيلا على شفتيها بحيرة شديدة، لتجيب بعدها مصطنعة التفكير:
حقيقي مش فاكرة، أنا كنت اللي كنت بحاول اعمله إني أستنجد بأي شخص اشتغل وخلاص
اومأت برأسها لتبتسم مرددة بهدوء:
ربنا معاكِ يا حبيبتي
وخاطرت بالفعل وهي تسألها بما يشبه الرجاء الحار:.

هو انا ينفع أطلب منك حاجة يا خالة فاطيما
اومأت بتأكيد وهي تهتف بلا تردد:
أكيد لو في استطاعتي ماهتأخرشي عنك أبدًا يا بنيتي
استطردت - مغمضة العينين - بتردد:
ينفع تخليني أخرج من هنا
عقدت الاخرى حاجبيها متساءلة بشك:
لية يا سيلا، أنتِ مش جولتي إنك عايزة تشتغلي على الأقل لحد ما تفتكري كل حاچة يا بتي؟
اومأت سيلا مؤكدة وسارعت تبرر:
عايزة أشوف أهلي وحضرتك عارفة إن سليم بيه مش سامح لي إني اخرج خالص طالما جيت بيته.

هزت رأسها نافية لتدافع عنه بصوت جاد وهادئ معًا:
يا حبيبتي سليم بيه هو طبيعته كدة ما بيثجش في اي حد بسهولة، وهو مايعرفكيش وبما إنك دخلتي بيته مش مسموح إنك تمشي لحد ما يتأكد إنك مثلاً مش جاسوسة او واحدة مزجوجة عليه، دِه راجل اعمال كَبير جوي وليه أعداء كتير
اومأت بيأس، وفجأة لمعت عيناها وهي تردف:
طب حتى أعمل تليفون صغير؟
هزت رأسها نافية بأسف:.

اعذريني يابتي انا اكل عيشي هينجطع لو سليم بيه عرف بحاچة، انا اسفة
هزت رأسها بابتسامة صفراء مرددة:
ولا يهمك يا حاجة، حقك طبعًا
وإنقطع أخر امل لها، وانتهى الأمر!
ولكن هل هو بدء بالفعل لينتهي؟.
ام تلك مجرد - بداية حتمية -؟!

كان سليم يهبط من غرفته العلوية، ليقابل سيلا التي كانت تسير مسرعة وهي تطالع الأرضية الرخامية، كادت تصطدم به وتقع، لولا إعتقاله لخصريها النحيفين، إعتقال صادم أربكها بشدة وجعل الحمرة تزحف لوجنتاها الناعمتين، لتحاول النهوض وهي تقول متلعثمة:
أسفة ما آآ ماخدتش بالي
كز سليم على أسنانه بغيظ ومن ثم قال بحدة:
مخدتيش بالك بردو!؟ ومين كان واخده بالك ده!؟

للحظة أعتقدته يتحدث بجدية، ملامحه الجادة والحادة هي ما زودتها بأعتقاد ابله كهذا ففغرت فاهها:
نعم!
انتصب في وقفته وهو يبعدها عنه ليأمرها بجدية:
ابقي خدي بالك بعد كدة، أنا مش عايش مع بنت اختي بتلعب في البيت
يمزح!
أهو يمزح بالفعل؟!
لا لا هي تحلُم! الصقر لا يمزح ابدًا..
ام استجاب الله لدعاؤوها بهذه السرعة!؟
وسقطت من سماء الهدوء النفسي لأرض الحقيقة الحادة بقوله:
روحي شوفي شغلك بلاش دلع ماسخ امال.

نظرت له بحرقة ثم صاحت فيه:
انا معملتش حاجة لده كله!
نظر لها نظرة داعبت خوفها المكبوت، لتصمت فورًا ولكنها حاولت أن تبقى نظراتها حادة ليقول بخشونة معهودة منه:
لما تتكلمي تتكلمي بأحترامك يا أنسة هه
عضت على شفتاها لتتابع حانقة:
إنسان دبش
جحظت عيناه وهو يسألها بصدمة من جرأة تلك الفتاة التي مؤكدًا تريد في تفتتيت حياتها البائسة لمجرد شظايا:
أنتِ قولتي أية؟

ابتلعت ريقها وهي تلعن لسانها الأحمق الذي يتفوه - دفاعًا - دومًا دون الرجوع لعقلها لتسارع بالقول:
معلش معلش
ثم ركضت مسرعة من امام ذاك الاعصار الذي كاد يهب بوجهها لتظهر شبح ابتسامة على ثغره وهو يهمس:
طفلة والله
وسرعان ما اختفت وهو يعود لطبيعته الحادة متعجبًا من تلك الابتسامة التي ظهرت على وجهه خلسة!
وكاد يخرج إلا أن قاطعه مناداة خالته الهادئة:
سليم
إلتفت لها يجيبها بتهذيب:
خير يا خالة؟
اجابته بهدوء متساءلة:.

رايح ل نادين مش كدة؟
اومأ سليم مؤكدًا:
أيوة يا خالة، إنتِ عارفة إن ده ميعاد زيارتها
اومأت وهي تبتسم له متمتمة:
ربنا يديك على اد نيتك يابني، بس قولي
سألها مضيقًا عيناه:
اية؟
سألته بتردد بعض الشيئ:
انت هتاخد سيلا امتى للدكتور اللي قولت عليه هيكشف عشان تتأكد
سار وهو يجيبها بجدية هادئة:
اول ما اجي إن شاء الله
اومأت بهدوء موافقة وردت:
ربنا يوفقك يا حبيبي
أمين، تسلميلي.

قالها وهو يخرج بشموخه المعتاد، تاركًا اياها تفكر لتنفيذ ما ألقت خيوطها عليه حرفيًا!

عاد عزت بعد طول بحث دام لساعات تقريبًا، بحث لم يفعله ابدًا بأتقان بل يصطنعه!
دلف الي غرفة والده، ليجد حاله كما هو منذ رحيل سيلا ليطرق رأسه آسفًا:
اعذرني يا بابا ملقتهاش
حدق به الجد بقوة، لا يكاد يصدق أن فقد صغيرته المدللة
فقد أخر شيئ كان يعيش من أجله في هذه الحياة..
وإن فُقد الدافع فمؤكد، تزول الرغبة!
سأله وكأنه لم يستوعب بعد:
يعني أية؟
رفع كتفيه ليجيبه بشيئً من البرود:.

يعني مش لاقيها انا يأست خلاص إني ألاقيها
صرخ فيه أبيه منفعلاً:
لا، مستحيل هتكون راحت فين، مش ف الاقسام او المستشفيات او اي دار او اي مكان هتكون راحت فين، بس انا متأكد أنها عايشة
لوى عزت شفتاه ليقول هذه المرة بحزن لم يصطنعه:
انا مش عارف اقولهالك ازاي يا حج والله
سأله متوجسًا وهو يضع يداه بجوار قلبه:
في اية يا عزت انطق على طول
اشار له مهدئًا:
طب اهدى يا حج كدة عشان صحتك
صرخ فيه بنفاذ صبر ؛.

انطق ماتشلنييييش يابني
سيلا ماتت يا بابا
نطق بها وهو يغمض عيناه بحزن حقيقي لم يستطع منعه من السيطرة على ساحة عيناه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة