قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

شعر بالكون يدور من حوله...
ماتت!
كيف ومتى!، لا لا هي ما زالت على قيد الحياة، شعور فطري يؤكد له ذلك..
وإن لم تكن أبنته ولكنها أغلى من أبنته..
ظل يهز رأسه نافيًا بقوة..
قانونه الحانِ لا يُقبل به شيئً كهذا!
ونغزة قوية نبعت من دقاته الأبوية التي كادت تتوقف فصرخ في وجهه:
كدااااب بنتي عايشة أنت قولت إنك مش لاقيها
هز رأسه نافيًا ليقول بعدها مبررًا:
قولت إني مش لاقيها لانها ماتت
سأله دون تردد:
عرفت إزاي؟

أغمض عيناه ليقول بعدها متأثرًا:
بعتولنا صورتها وهي مرمية ميتة، عشان مانتعبش نفسنا وندور عليها
كز على أسنانه وهو يسأله مرة اخرى:
وعرفوا ازاي إننا بندور عليها؟
اجابه متأففًا:
اكيد مراقبينا يا بابا
هز رأسه نافيًا ومن ثم قال بأصرار:
لا أنت بتكذب عليا عشان أبطل ادور عليها
زفر الأخر زفرة ضيق حقيقية ليشرح له محاولاً إقناعه:.

لا طبعًا يا بابا، صدقني دي بنتي قبل ما تكون حفيدتك، انا يمكن اكون باين متهاون وبارد لكن ده عشان انا يأست، وفي اختها محتاجانى دلوقتِ، وبعدين والله مش هستفاد حاجة لو كذبت عليك.

جلس على الكرسي الخشبي بهمدان حقيقي، لم يعد يحتمل صدمة كذلك، لا الدقات الضعيفة عادت تحتمل..
ولا ذلك العقل الذي شاب يحتمل ضغط مفاجئ كهذا..
وفجأة سقط متأوهًا بألم..
ليركض عزت بأتجاهه مسرعًا بلهفة:
مالك يابويا مالك يا حج فيك أية
كان يضع يداه على قلبه وكأنه يريد إيقاف الألم الذي يزداد..
وهمس وهو يختنق:
هموت مش قادر
واغمض عيناه ليصرخ الاخر بجزع وهو يحاول حمله لينقله لأقرب مستشفي!

وصل سليم الى دار خاصة للأيتام ليترجل من سيارته بهدوء لا يفارقه كظله، حتى دلف متجهًا نحو غرفة نادين ، تلك الأخت - معنويًا - والتي يلتزم بزيارتها في ميعادها..
وكأنها فعليًا كالدواء او الادمان لا يستطيع الأبتعاد عنه!
ولمَا لا، فهي بالفعل تذكره بما مضى..
ولكن تذكره بالجزء الذي ينعشه ويجعل السعادة تغمره كليًا وكأنها تسلط الضوء عليه لتنيره دون إرادةً منها!؟

دلف إلى غرفتها ليجد الممرضة بجوارها كالعادة..
ابتسم بمجرد أن وقعت عيناه عليها ليقترب منها محتضنًا اياها وهو يهمس بأشتياق حقيقي:
وحشتيني يا نادو
ولكنها - أسفًا - كانت كالجسد بلا روح!
عيناها الزيتونية شاردة امامها في اللاشيئ، ولكنه ليس بشرود مؤقت يجتاحها لتعود لطبيعتها..
بل هو شرود أبدي يسيطر عليها!
لم يجد أي رد فعل فأمسك بصفحة وجهها الأبيض بين كفي يده السمراء ليسألها متوجسًا وهو ينظر لوجهها الواجم:.

نادو حبيبتي أنتِ سمعاني، أنا اخوكِ سليم مش فكراني؟
بالطبع لم يجد أي رد فعل..
زفر بضيق وهو يبتعد عنها ليسأل الممرضة بنبرة جادة:
لسة على نفس الحالة؟
اومأت وهي تجيبه بأسف:
للأسف اه، وكأننا مابنعملش اي حاجة طول الشهور دي، من ساعة ما حضرتك جبتها وهي كدة، لا بترد على حد ولا بتكلم حد ولا حتى بتبص على حد
زفر بضيق قبل أن يسألها مرة اخرى:
طب حتى لو حصلت أي حاجة ماتنتبهش
هزت رأسها نافية لتبدء الشرح له:.

بردو لا، لو كانت أقل من 3 سنين كنا قولنا ده مرض التوحد، لكن دي 23 سنة تقريبًا فالتوحد لو كان عندها كان ظهر من سن 3 سنين او اقل، وحضرتك قولت إن يوم ما جبتها كانت بترد ولو بهزة راس؟!
اومأ موافقًا بحزن لتكمل:
بس عامةً في دكتور نفسي جه جديد بقاله أسبوع تقريبًا بيستكشف وبيدرس حالتها وهيبدء يقعد معاها من النهاردة
اومأ مغمغمًا بامتنان:
متشكر
ابتسمت مجاملةً لتخرج بهدوء تاركة اياه يجلس بجوار نادين..

وعيناه تموج حزنًا حقيقيًا، حزنًا شعر به من مجرد شعور هاجس بأنه يخسر عائلته مرة اخرى!
جلس لجوارها، لينظر لها وقد زين ثغره ابتسامة اشتياق - منكسرة -
ليتحدث وكأنها تسمعه:
عارفة يا نادين، أول ماشوفتك فكرتيني بأبويا اللي خسرته..
صمت برهه يبتلع تلك الغصة التي ألمته في حلقه ليتابع باختناق:
وبتفكريني بأمي اللي خسرتها وادام عنيا
نظر لعينيها تحديدًا ليبتسم تلقائيًا وهو يستطرد:.

وبتفكريني بالأخت اللي كان نفسي فيها تكون جمبي دلوقتِ تخفف عني
تلقلقت الدموع التي كان يحتجزها في جحر القسوة المكبوت..
لتلتمع عيناه ببريق الحرمان الأسري!
وفجأة شعر بيدها تمسح تلك الدموع!
جحظت عيناه بصدمة..
لقد تحركت!
أثرت بها تلك الدموع لتداعب الحنان التي اختزنته هي بالمقابل؟!
وبعد أن استوعب نهض مهللاً بأبتسامة:
نادو حبيبتي أنتِ حاسه بيا صح، سمعاني وفاهمة أنا بقول أية.

وبالخارج امام نفس الغرفة التي تقطن بها نادين..
كان يقف هو بمنكبيه العريضين الذي يغطيهم معطفه الأبيض الخاص بالأطباء، يرتدي نظارته الشمسية علها تغطي عيناه البنية التي مثبتة فعليًا على نادين من خلف الزجاج!
تراقبها دائمًا وحتى دون الأذن منه!
تجبره على التأمل لتلك الغابات الزيتونية الشاردة وكأنهما يلتقيان في ملكوت أخر...
أستفاق من شروده على صوت الممرضة وهي تناديه مسرعة:.

دكتور ياسين، المريضة اللي حضرتك هتدخلها اخوها بيقول إنها تجاوبت معاه بتحريك ايدها ياريت حضرتك تيجي تشوفها
اومأ مسرعًا بهدوء ليرد بصوته الرجولي:
جاي وراكِ حالاً
اومأت لتوليه ظهرها ليبتسم هو ابتسامة صافية واساسًا قد رأى ما حدث بتلك العينان التي لم تكف عن مراقبتها!
فسار متجهًا لها بحماس شديد...

كانت رقية في غرفتها، كلما تخيلته مع زوجته الثانية الان شعرت بالدماء تغلي بين أوردتها..
ولكن تبقى هي من تركته!
هي من قدمت لها تلك الفرصة لتقتلها بها رويدًا رويدًا!
نهضت متجهة الى الدولاب الخاص بهم، لتفتحه بغل ثم اخرجت ملابسه ومن ثم اتجهت للكمدين لتجلب المقص وجلست على الفراش لتبدء بقصهم جميعًا!
ظلت تردد بهيستريا:
خااااين خااين ندل اتجوز
لا تعرف لمن تردد هي تلك الكلمات!؟

لها لانها هي التي تركت الخيوط التي بينهم تذوب وخانت عهدهم!
ام له لأنه سيتزوج مرة اخرى من دون أن يضيع وقت؟!
ام هذه الكلمة خرجت - تلقائيًا - لكلاهما!
ما إن انتهت حتى وجدته امامها، شهقت وهي تضع يدها على فاهها بصدمة من تواجده المفاجئ:
اية!
مط شفتيه بسخرية مجيبًا:
شوفتي عفريت ولا اية؟
كزت على أسنانها بغيظ حقيقي لتجيبه:
لا بعيد عنك أسوء
ضغط بقبضة يده، وتنفسه الغير منتظم كان دليل لها على تمالك نفسه بصعوبة!

ليقول بعدها مزمجرًا:
رقية، ياريت لما تتكلمي تعرفي تتكلمي ازاي مع جوزك ومش هحذرك تاني؟!
رفعت كتفيها لتقول باستهانة غير مقصودة:
اية هتعملي اية وأهلي عايشين معانا في نفس البيت؟
والغيظ تعدى كل المراحل المسموح بها..
ليصبح في مرحلة - خطيرة - فعليًا قد تتحول لشرارات تتقافز منه لتحرقها دون رحمة!
فصاح فيها بحدة اخافتها قليلاً:.

أقدر اعمل كتير، واقدر اشتكيكِ لأهلك واقول بنت الأصول مش مخلية جوزها يجي جمبها بقاله شهر يمكن!
وتحول ما في حدقتيها من غضب وغيظ لرجاء حار وهي تهمس:
لو سمحت أهلي مايعرفوش حاجة، حتى جوازك انا مخبياه عليهم، كفاية عليهم خطف سيلا وتعب جدي اللي في المستشفى ده!
سألها مستفهمًا:
ماله جدي؟
اجابته وقد تلقلقت الدموع في عيناها:
تعب وابويا اخده المستشفى ومعرفش اية اللي حصل بينهم خلاه يتعب كدة
سألها بتوجس:
طب وحصل اية؟

اجابته وهي تحارب لمنع دموعها من الهطول بغزارة:
بابا قال هيتصل يطمني لما يروحوا
قال مسرعًا:
طب هتصل بأبوك واروح اشوفهم
هزت رأسها نافية بأصرار:
لا بابا قال ان شاء الله مش هنطول ومحدش يجي غشان منعملش شوشرة عشان الصحافة كمان
للحظة كان سيسحقها في عناق قوي يمتص منها تلك الهالات الحزينة!
رجاؤوها كان كالسحر عليه يجعله كطفل مطيع!؟
ومن قال إن اللين لا يجدي نفعًا؟
فمعه يجدي نسبة لا تعد من النفع...

أمسك كتفيها برفق يقول:
متقلقيش محدش هيعرف حاجة وان شاء الله الجد هيكون بخير
تمتمت متمنية:
امييين يارب يا مجدي
ولم تعطه الفرصة وكأنها ضمنت فعادت تسخر:
وأنت أية اللي جابك هنا مش المفروض تبقى مع العروسة الجديدة ف اول ليلة؟
هز رأسه نافيًا، ويجهل ما جعل لسانه الذي اُحكم تحت قلبه يجيب بدلاً من عقله القاسي ليرد:
أنا عايزك أنتِ مش عايزها هي
بدت له مرتبكة..
خجولة بعد سنتين الزواج!

دقاتها تسرع من اللحن الذي راق لها..
وعيناها تبحث عن مهرب من حصار عيناه التي تود فضحها..
لتسمعه يقول بعدها مداعبًا:
أية فين صوتك القطة أكلت لسانك ولا اية؟
فأجابته حانقة:
لا لسة موجود
عادت لهجته تلين وهو يقترب ليلصق جبينه بجبينها:
لية بتحرمينا من بعض؟
من بعض!
وكأنه قرء الشوق له بين سطور عيناها التي فضحتها فما عاد يتحدث عن نفسه فقط!
هزت رأسها نافية لتتابع بعند:
بس ياريت متقولش من بعض لو سمحت!

ومن ثم استطردت بنبرة مختنقة:
وهجاوبك، عشان انا بقيت مانفعش وفي واحدة بدالي وآآ..
اسكتها بقبلته العاصفة..
القبلة التي هدمت كل حصونها وشفتاه تصل لمآوها اخيرًا بعد طول انتظار!
والشوق كاد يقتله إن كبته اكثر من ذلك...
ليبتعد قليلاً لرغبته في الهواء وهو يتابع لاهثًا:
ابدًا، محدش يقدر ياخد مكانك، هي مجرد اسم زوجة
هزت رأسها نافية، لتكمل بحزن:.

الكلام ده زمان لما كنت أنا مراتك الوحيدة وأنت جوزي حبيبي، قبل ما تدخل حد تالت بيننا
وقبلة اخرى كانت الرد..
قبلة يعبر لها فيها عن مدى خطأ حديثها اللاذع..
ودون شعور منها تسللت يده لبلوزتها القصيرة عابثة بأزرارها..
وكادت تعترض بخجل واضح:
مجدي لأ
ولكنه لم يكن يسمع لها من الأساس، بمجرد موافقة ولو خفية منها هدت كل حصون قسوته التي كان يحاول الحماية خلفها من نيران عشقها الأبدي!

كان عزت بالمستشفى الخاصة مع والده وبعض الرجال الأقربون...
كان يجول امام تلك الغرفة التي بينه وبين والده ذهابًا وايابًا بقلق..
قلق!
اهو كان يعرف للقلق معنى بعمره!؟
ولما لا؟.
الدم عمره ما يبقي مياه كما يقولون..
شعوره - الفطري - بالخوف نحو من تربطهم علاقة متينة لا يقل بسبب قسوته المعروفة!
ماذا سيحدث إن فقد والده العزيز؟!

إن فقد من كان يجمع شمل تلك العائلة - بقدر المستطاع - سينهار كل شيئ بالطبع في نفس الوقت!
والسبب مخجل بالفعل
فبسبب شيئ - هو غير متأكد به - اقحم والده بين جدران تلك الغرفة اللعينة!
وقطع شروده خروج الطبيب بهيئته الجادة المعتادة ليركض نحوه متساءلاً بتوجس:
خير يا دكتور طمني على والدي
اومأ له مجيبًا بجدية:
اهدى الحمدلله عدت على خير
نظر له مستفهمًا ليتابع شارحًا:.

هو بس القلب تعب تاني بسبب الضغط المفاجئ وكان هيتعرض لأزمة قلبية بس الحمدلله لحقناه
أخذ نفسًا عميقًا قبل ان يغمعم حامدًا:
الفضل والشكر لله، الحمدلله يااارب
ابتسم الطبيب بهدوء قبل ان يردف:
بس طبعًا مش هأكد عليك تاني إن مايتعرضش لانفعال او غيره، الله هو اعلم هنلحقه ولا لا المرة الجاية
اومأ عزت بهدوء ليسأله مستفهمًا:
طب هيخرج امتى يا دكتور؟
اجابه بنفس الجدية:
يوم او يومين بس نكون اتطمنا عليه تمامًا.

همس عزت بامتنان:
متشكر يا دكتور
اومأ الطبيب بابتسامة معتادة ليغادر على عقبية في حين كان كانت تلابيب عقله منشغلة فعليًا بالتفكير في والده الحبيب وإن كان لن يبحث من اجل سيلا نفسها..
فالغاية تبرر الوسيلة
وغايته في شفاء والده أكبر وأقوى من أي شيئ، وسيبحث عنها بالتأكيد!

الفرصة الان وكأنها تعرض نفسها حرفيًا على سيلا ...
المنزل شبه خالٍ، سليم خارج المنزل وخالته بالأعلى تنام في غرفتها والخدم بعملهم..
ماذا عساها تنتظر أكثر من ذلك لتهرب!
لتركض للحرية كعصفور خرج من القفص واخيرًا لترفرف جناحاته اخيرًا كما كانت؟!
نظرت حولها يمنًا ويسارًا..
أمر إن كُشفت فجأة لا يجعل الخوف ينهش بين جنبات قلبها فقط!
بل يجعلها تعيد التفكير للتراجع!
هذا خاطفها الصقر..

جلبها تلك المسافة ومؤكد أنه اقنع اهلها بأي شيئ فسيغلب عليه أن يأسرها بقيود تحكمه وجبروته الشامخ؟!
تحركت على أطراف اصابعها، لتتجه نحو باب المنزل، كادت تمد قدمها لتخرج إلا انها فجأة وجدت حارس ضخم يسألها بصوته الأجش:
خير رايحة فين؟
فزعت وكادت تصرخ قبل أن تشهق مصدومة بجزع:
اعوذ بالله من غضب الله، في اية يا أخ انتَ
اجابها مشيرًا بسخرية:
أنا بردو اللي فيه أية، أنتِ اللي طالعة تتسحبي زي الحرامية كدة لية؟

وقفت امامه بقوة..
اخيرًا سنحت لها الفرصة لتهاجم وتواجه، قبل أن تفقد قاموسها سوى كلمة نعم، حاضر، مخدتش بالي !
نظرت له لتقول بحنق:
أنا مش حرامية ثم إنك أنتَ مالك اصلاً بيا
رفع حاجبه الأيسر ليتابع بخشونة:
انا حارس البيت ومسؤل عن من فيه
هزت رأسها نافية وقالت:
مش عليا، ملكش دعوة بيا، هلاقيها منك ولا من الصقر بتاعكم ده اللي قرفني
فغر فاهه بصدمة..
صدمة من إنفلات لسانها عن الصقر.

الصقر الذي كانت هيبته تسبقه لتقبض لسان من يحاول التفوه دون الاذن منه!
ليسألها بعدها ببلاهة:
أنتِ واعية للي أنتِ بتقوليه؟
اومأت لتتابع بفخر:
طبعًا واعية جدًا، أنا مش جبانة زيكم
نظر امامه وهو يتابع ببرود كالأنسان الآلي:
طيب يلا يا قطة هش على جوة، عندي أوامر من الصقر إن أنتِ بالذات متخرجيش في غيابه
صرخت فيه بحدة:.

يعني أية، أنا مليش دعوة بالتخلف بتاعكم ده، الصقر ده يمشي اوامره عليك أنت معندكش شخصية لكن أنا لأ
والغضب كان كالغمامة امام عيناه فدفعها بقوة وهو يرد لها الإهانة اضعافًا:
أنتِ هنا أقل مني، أنتِ مجرد خدامة لا راحت ولا جات!
سقطت على صخرة كبيرة حادة، لينجرح باطن قدمها، ظلت تتألم وكادت تبكِ وهي تصرخ بألم حقيقي:
آآه رجلي وجعاني اوي
لم تكن لتأبه بألم نفسي الان..

الألم الجسدي لأول مرة يتفوق على ألامها النفسية ويتشبعها كليًا بجدارة!
كاد يقترب منها إلا أن قاطعته مزمجرة فيه:
ابعد عني ملكش دعوة بيا يا حيوان
كز على أسنانه بغيظ وهو يغمغم:
تصدقي أنك عايزة قطع لسانك تستاهلي
حاولت النهوض ولكن محاولتها بائت بالفشل لتسقط على الأرض باكية..
فجأة وجدت يد الصقر السمراء ممدودة لها لترفع واجهه لتلاقي سحابة عيناه الجامدة دائمًا لتهمس متلعثمة:
أنت آآ أنت
وتاهت منها الحروف..

وتحداها لسانها!
تاهت حروفها بين موجات أرتباكها وخوفها اللانهائي منه!
لتحتد عيناه وهو يأمرها:
قومي، هاتِ أيدك
مدت يدها بتردد، لتثبت اخيرًا بين راحتي يده..
لتشعر بسخونة يداه، لا تعلم ماذا بعثت فيها تلك السخونة تحديدًا...
ولكن ما شعرت به الأن تحديدًا ينبعث منها الأمان فقط!
ذاك الشعور الذي ينعشها حرفيًا فيمدها بالقوة..
وتلك النظرات التي كانت دائمًا تخشاها منها وتبعثرها لشظايا مرتبكة..

الان هي فرحة داخليًا لأنها وجهت نحو ذاك الوحش الأحمق..
وفجأة لم تدري إلا ويد الصقر تهبط بصفعة على وجه الرجل بعنف و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة