قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن

صُعقت حرفيًا، وتجسدت الصدمة امامها وهي ترى سليم والفتاة امامه شفتاها تكاد تلامس شفتاه!
اقتراب من مجرد رؤيته فقط خجلت وغضبت في آن واحد!
اقتراب!
حروف لم تتمناها يومًا، دائمًا كانت عليها أتربة الخطر فتتجنبها، وخاصةً مع ذاك الصقر!
اقتربت منهم ومن ثم صاحت بغضب واضح:
إنتم اية اللي عاملينه ده؟
ابتعدت الفتاة بتوتر، فيما رفع سليم حاجبه والأيسر ورد ببرود:
إية نظرك بقا ضعيف ولا إية يا أنسة.

وإتسعت حدقتا عيناها من برود لم تتوقع ظهوره في موقف كهذا؟!
يجعل البرود خلفية لوضعه - المخجل - الان بدلاً من الاعتذار؟!
هزت رأسها نافية وقالت بحدة:
لا نظري مش ضعيف، إنتم اللي احترامكم لذاتكم قبل اي حد بقا ضعيف أوي كمان
كلماتها كانت محقة، مصوبة في الاتجاه الصحيح...
ولكنه، لن يسمح لها بتخطي حدودًا رسمها لأي انثى!
نظر لها مضيقًا عيناه وهتف بجمود:
حاجة ماتخصكيش.

وجهت سيلا نظراتها القاتلة نحو تلك الفتاة اللعينة لتزمجر فيها:
وإنت يا حيوانة إية قليلة حيااا، انا هطلب لك بوليس الاداب حالا، واقول شوفتهم في وضع مخل، وتتطردي إنت من الشغل اللي إنت مش مقدرة قيمته ده
جحظت عينا الفتاة ولمعت بخوف حقيقي..
اما سليم فقد كان يرمق سيلا بنظرات لم تروق لها ابدًا!
نظرات تخترقها بحثًا عن غيرة فطرية في بحر عيناها العسلية!
غيرة!

نعم، لم يكن سليم بشخص ساذج حتى يغفل عن خيوطًا واضحة من الغيرة انسدلت من كلماتها!
ليشير للفتاة بصوت آمر قائلاً:
روحي إنتِ شوفي شغلك
نظرت له الفترة بقلق وتساءلت:
طب آآ هي
قاطعها بصوت اكثر خشونة:
قولت روحي
اومأت وهي تسير متجهه للخارج..
تاركة القطة الشرسة تحاول خدش الصقر!
واقترب سليم من سيلا، اقتراب جعل انفاسها تتضطرب...

ظل يقترب وهي تعود للخلف حتى إلتصقت بالحائط خلفها، إلتصقت به اكثر وهي ترى اقتراب سليم يزداد!
يزداد ليحيط بها كهالة تخنقها قاصدة ذاك التوتر الممتع بالنسبة له!
همست بصوت قد يكون ثابت الي حدًا ما:
إبعد ماتقربش اكتر من كدة
هز رأسه نافيًا وهو يقترب اكثر ملتهمًا تلك المسافة بينهم وهمس بجوار اذنيها:
متقدريش تعملي لها حاجة، إنتِ خدامة عندي، مش مراتي!
نظرت له متسعة حدقتاها!
فاقترب مرة اخرى يكمل همسه العابث:.

غيرانة لية، ولا دي غيرة طبيعية يعني كمن إنتِ فكرتِ إني مهتم بيكِ
دفعته بيدها وهي تسارع مبررة:
لا طبعًا غيرة إية أنت مجنون!؟
سألها بخبث:
تفسري بأية إنفعالك ده؟
رفعت كتفيها لتقول بلامبالاة مصطنعة:
كل المشكلة يعني إني شوفت سفالة مفروض متحصلش في مكان عام كدة، إية مش خايف حد يشوفك
وبغرور لا يصطنعه قال:
أنا الصقر، مابخافش غير من اللي خلقني يا أنسة
وملاحظة خاطفة طارت فوق سماء صدمتها من جبروته
لا ينطق أسمها ابدًا!

وكأن تلك الحروف كانت وباء يخشى على نفسه نطقها؟!
بدلها بحروف مرصعة بالحدة والجدية الزائدة أنسة !
لوت شفتاها بتهكم وقالت:
طب ابعد يا صقر عشان مابحبش الحيوانات الجارحة
إحتدت عيناه، ومن نيران تتقافز بين عيناها، لمسته بغضبًا جم في روحه هو!
فأمسك فكها يضغط عليه بقوة محذرًا:
للمرة الأخيرة بقولك خدي بالك من كلامك لاني هاجي في مرة هقطع لك لسانك ده.

إبتلعت ريقها بازدراء، وخوف داعبها من إهانة وسخرية خرجت زائدة بين حروفها..
وربما ستضطر للتراجع عنها على حساب كرامتها التي اوشكت على النفاذ امام ذاك الصقر!
ابتعد عنها وهو يأمرها مشيرًا للفستان:
خشي غيري هدومك وفي ثواني ألاقيكِ ادامي سامعة
غمغمت بضيق وهي تدلف:
سااامعة خلاص اسكت
ودلفت مسرعة مرة اخرى، بينما اتجه هو للفتاة مرة اخرى!

وبعد دقائق انتهت سيلا وخرجت وهي تزم شفتاها بضيق اجتاحها ويسيطر عليها منذ مقابلتها لهذا الصقر!
وكان ينتظرها هو في الخارج وبيده الملابس التي اشتراها لها..
وما إن خرجت سيلا ورأته مرة اخرى حتى صُدمت من الفتاة التي كانت تقف بجواره...
تنهدت وهي تُقسم أن شحنات الغضب في العالم كله اختزنت بداخلها هي لتفرغها اليوم!
وصلت امامهم فاستطردت ساخرة:
إية جاية عاوزة تتهزقي تاني ولا أية؟
اجاب سليم بدلاً منها بصلابة:.

لا جاية عشان تعتذري لها علي اللي قولتيه جوة
رمقته بنظرات غاضبة، حزينة، مترجية، نظرات كانت كالسلاسل تحاول تقييده بها عن ذاك الاعتذار المخجل ولتلك الفتاة تحديدًا!
ولكنه لم يأبه وهو يشدد على حروفه قائلاً:
يلا ياريت بسرعة عشان تشوف شغلها اللي هي عارفة قيمته كويس
اغمضت سيلا عيناها عن تلك النظرات المنتصرة بعين تلك الفتاة لتهمس:
سوري.

ثم استدارت لتركب السيارة مسرعة، وكأنها تختبئ من عار اوصمه هو عليها بكلمة واحدة!
ولكن كلمة لم تنطق بها يومًا لأي شخص سوى جدها فقط!
ولكن فجأة اغلقت الباب لتركض مسرعة كالقطة التي فرت من براثن - صقر جارح - و...!

جلست أمنية بجوار رقية، في غرفتها، منذ مغادرة تلك السيدة ورقية لم تكف عن السب واللعن فيها...
تخرج غيظها على هيئة صراخ وكلمات سامة!
بينما أمنية لم تكف عن القول بذهول:
سيبتيه يتجوز يا هبلة يابنت الهبلة
وصرخت فيها رقية بنفاذ صبر:
امنية، اطلعي من دماغي دلوقتِ أنا عفاريت الدنيا بتتنطط أدامي
عقدت امنية ساعديها، ولم تجد سوى التهكم تصرح به:
تقتل القتيل وتمشي في جنازته صحيح، مش إنتِ اللي خلتيه يتجوز ياختي.

نهضت رقية وهي تكز على أسنانه..
وكانت ذكرى ليلتهم معًا شريط ملعون يتراقص بين جنبات عقلها!
ليجعلها تلعن نفسها قبله على تهاونها معه!
هتفت بغل ظهر في نبرتها:
أنا السبب اللي خليته يتجوز ماشي، إنما ما قولتلهوش روح أدخل عليها وقوم من حضني عشانها
عبيطة
قالتها وهي تنهض لتقف بجوارها ثم تابعت تبث الكلمات التي تريدها هي في عقلها:
منا بقالي اد اية بقولك اسمعي كلامي، وإنتِ مش راضية
هزت رأسها وبأصرار حتمي استطردت:.

ايوة، مش هعمل كدة يا امنية انسي الموضوع ده
رفعت كتفيها تقول بلامبالاة مصطنعة:
براحتك
زفرت رقية بقوة وهمست بشراسة:
بس ورحمة أمي ما هسكت وهوريهم النجوم في عز الضهر زي ما بيقولوا
سألتها أمنية مستفسرة:
أوعي تكوني هتطلقي فعلاً زي ما قولتي للولية الأرشانة دي؟
اومأت مؤكدة:
ايوة هتطلق، استحالة افضل على زمته يوم واحد تاني
نهرتها الاخرى وهي تلكزها في كتفها محذرة بخبث:
هبلة وعبيطة ومتخلفة كمان.

نظرت لها رقية بحدة وسألتهت متهكمة:
لية بقا، لتكوني عاوزاني افضل معاه بعد ما اتجوز وسابني عشان يروح لها كمان؟
أشارت لها مهدئة بيدها وأكملت:
يابت أفهمي، إنتِ كدة بتفضيلها الساحة، وبتقوليلها خدي جوزي على طبق من دهب اهوو
هز رأسها نافية:
مش هقدر صدقيني اشوفه بيروحلها كل شوية وانا عارفة اية اللي بيحصل بينهم، انا مهما كنت ست بردو وبغير يا أمنية
اقتربت منها أمنية تسألها مرة اخرى:.

إنتِ عايزة ترجعي جوزك ليكِ ولا لا
والاجابة كانت امرًا مفروغ منه...
شيئ يتضح في عيناها التي تنضح بعشق ابدي قبل تصرفاتها التي نبعت من تلقائية انثى تغار!
واومأت مؤكدة:
اكيد طبعًا
نظرت لها بطرف عينيها وأردفت:
يبقى هتسمعي اللي هقولك عليه
مطت شفتاها وقالت بجدية:
على حسب اللي هتقوليه
قهقت واجابت:
لا متقلقيش مش هتعترضي عليه أوي يعني
سألتها رقية بفضول شابه بعض الحماس لتلك العودة القوية:
ها قولي يا مصيبة.

اقتربت منها لتبدء الهمس في اذنها ما يجب أن تفعله..
تعلمها حرفًا حرفًا بالأبجدية في عُرف الأنثى الشرسة!

وصل ياسين الي منزله، كان مُرهق فعليًا من كثرة التفكير فيما حدث، وما سيحدث!
عندما دلف الي المنزل شعر وكأنه فأر يدلف الي منزل القط وبقدميه!
وتوقع ثبت صحته حرفيًا عندما وجد والده ووالدته في بهو المنزل وبالطبع في إنتظاره..
لم تكن ماهيتاب إن لم تخبرهم بما حدث!
لمَا لا وهي تتحكم كأنه عرائس اللهو تحركهم كيفما شائت، وكان أبيها وتعاوناته سدًا منيعًا خلفها!
بمجرد أن رأه والده قال بجدية متهكمة:.

شرفت يا سبعي، نورت البيت اللي أنت هاتخربه
تنهد ياسين بقوة، كأستعداد وتهيئة نفسية لأستقبال - المرشح الممل - القادم
ثم سأله بكل هدوء:
هخربه لية يا بابا
نهض حسن متساءلاً بعصبية:
يعني أنت مش عارف لية؟
اومأ ياسين فصاح والده فيه بحدة:
إنت إزاي تفسخ خطوبتك بماهيتاب، ومن غير ما تاخد رأي اي حد فينا، ولا احنا ملناش لازمة في حياتك؟
هز رأسه نافيًا:
ابدًا يا بابا ماعاش ولا كان اللي يقول كدة.

اقترب منه يسأله بنفس الصوت العالي، وكأنه يستخدمه كأداة لرهبة ياسين الذي لم تهتز له شعره واحدة:
اومال إزاي حضرتك تعمل كدة، مش أنت اللي وافقت من البداية تخطبها
اومأ موافقًا بتنهيدة:
عشان أنتم كنتم مُصرين أوي عليها وانا عملت كدة عشان اريحكم، واهو اجرب
ابتسم والده ابتسامة ساخرة وقال:
لا والله هي فردة جزمة بتجربها جنابك ولا إية، أنت مش واعي للمصالح اللي بينا وبين أبوها؟

نظر نحو والدته الصامتة تمامًا، وكأنهم تعطيهم الساحة لجدال هي متيقنة أنه لن يجدي نفعًا وخاصةً مع ياسين واردف:
لا مش فردة جزمة ولا حاجة، كل الموضوع إن الجواز ده نصيب، وأنا نصيبي مش مع ماهيتاب، أما الموافقة فهي عشان المصالح اللي حضرتك بتقول عليها
مسح والده على خصلات شعره البيضاء بغضب مكتوم...
رغبته في عدم اجبار إبنه على أي شيئ امام قلقه من فض الشراكات بين والد ماهيتاب!

والغاية تبرر الوسيلة، مهما كانت في عُرفه!
واخيرًا صدح صوت والدته الهادئ وهي تقول:
روح يا حبيبي خد دش وغير وأرتاح شوية
اومأ وهو يصعد بهدوء مُرهق...
وجلس والده بجوار والدته، بغضب لم يكن منصهر، ولم يكن بارد قليلاً، بل كان خبيثًا يوازي إصرار ياسين!
فنظر لها وقال:
قبل ما تتكلمي، مش هينفع أسيبه يدمر كل حاجة عشان تفاهه اسمها حب!
بينما في الأعلى انتهى ياسين من الاغتسال..
وخرج من المرحاض ليلقي بنفسه على الفراش..

تنهد تنهيدة طويلة حارة تحمل بطياتها الكثير والكثير!
نظر للأعلى بشرود، شعور غريب بدء في إحتلال ارضه الخالية!
ولكنه لم يستطع تفسيره، ولا يريد أن يفسره من الأساس! ربما يكون إعجاب!؟
تذكر ما حدث بعد إستيقاظ نادين وكأن ذاكرته تؤكد له سبب ذاك الشعور الغريب
فلاش باك
ظلت نادين تهزي وتصرخ بهيستريا:
شياطين، كلكوووا شياطين!
حاول الإمساك بيدها وهو يسألها:
نادين اهدي، إهدي.

لم ترد عليه واستمرت على ما هي عليه، ليسأله مستفسرًا في محاولة للهدوء:
طب مين ده اللي شيطان؟
لم ترد عليه، خُيل لها أنهم امامها، وكان الذعر أول مم إرتسم على محياها، لتعود للخلف تتكور في وضع الجنين..
وهي تضع يدها على اذنها صارخة ببكاء:
لا ابعدوا عني لااااا
حاول ياسين احتضانها ولكن بالطبع لم ترضى ولم تهدئ!
ثورتها الان اكبر من مجرد احتضان - أخوي - هادئ يمكن ان يهدئ من روعها!

دلفت الممرضة في تلك اللحظة ممسكنة ب - حقنة المخدر - وقالت:
سيبها يا دكتور ياسين، انا هديها الحقنى وهتنام
هز رأسه نافيًا بأصرار:
لأ، انا ههديها من غير حقن، هي لازم تبقى واعية وتواجه شوية
كادت تعترض بتوجس:
بس دي مش هتهدى يا دكتور وآآ
قاطعها بخشونة وقد علمت من نبرته أن - لا مجال للتراجع -
:
قولت لا خلصنا
فاستسلمت وعادت من حيث أتت...
فيما أقترب ياسين من نادين ببطئ وهو يقول بصوت هامس:.

إهدى يا نادين، أنا ياسين، ياسين مش حد تاني
اصبح امامها تمامًا، ومن دون تردد هي من احتضنته!
تشبثت به كطفلة تخشى من شيئ فتختبئ في حضن والدها الحنون!
واخيرًا حدثته بصوت يكاد يسمع:
ماتسبنيييش، ياسين
ابتسم بسعادة، تحدثت، ونطقت بأسمه!
استطاع التأثير عليها ولو لوهلة!؟
حروف اسمه خرجت من بين شفتاها بشكلاً غريب اثار تعجبه إلي حدًا ما!
وكأن اسمه ما هو إلا طوق نجاة بالنسبة لها فقط!

باك...
مش هاسيبك يا نادين
قالها وهو يبتسم لتلك الذكرى الهادئة، ثم اغمض عيناها بهدوء، لتبقى تلك الذكرى اخر صورة يحتفظ بها جفناه!

جلست جميلة في حديقة المنزل، تلك الحديقة المزينة بالزهور الطبيعية، تضيئها الأنوار الزهية حولها بشكل دائري، وهي تجس بالوسط كأنها محط لفت الانتباه وهي تنظر امامها بشرود...
ما حدث عند الطبيب وما أكد لها ان سيلا لم تفقد الذاكرة يومًا كان كالزهور القوية الملتفة بين جنبات عقلها!
تذكرت ما فعلته هناك...
فلاش باك..
دلفت للطبيب في مكتبه الخاص، بهيئتها الجادة والعالية المعروفة.

لينهض الطبيب محييًا اياها بترحاب شديد:
اهلاً اهلاً يا مدام جميلة منوراني
ابتسمت مجيبة بحبور:
شكراً يا دكتور ده زوقك
سألها بجدية مناسبة:
خير يا مدام جميلة، الاشعة لسة خلصانة وكنت جاي لكم بيها
اومأت موافقة وسألته:
والنتيجة اية؟
اجاب بلا تردد:
البنت كذابة، مش فاقدة الذاكرة ولا حاجة، العقل سليم ميه في الميه
تنهدت وإرتسم على فاهها ابتسامة ثقة...
ابتسامة كان مصدرها ثقتها بكذب سيلا!
وهتفت بلا تردد:.

مش عايزاك تقول لسليم يا دكتور
جحظت عيناه بصدمة، ليسألها بعدم فهم:
ازاي يعني يا مدام جميلة مقولوش، انتِ عارفة اني ماقدرش اخبي على سليم حاجة زي دي
تنهدت وهي تشرح له بغموض:
دي حاجة عائلية يا دكتور، وانا مش واحدة غريبة يعني، إنت عارف انا مين في حياة سليم ومش اول مرة اتعاما معاك، وإنت اكيد عارف إني يستحيل أأذي سليم
اومأ مؤكدًا:
محدش يقدر يشك فيكِ يا مدام جميلة.

تمام، ياريت تنفذ طلبي يا دكتور ده اول طلب، ولولا انها حاجة عائلية كنت شرحت لك السبب بالتفصيل
قالتها وهي تنهض فيما اومأ هو بابتسامة مترددة:
بأذن الله، نورتينا يا هانم
ابتسمت بهدوء:
شكراً بنورك
ثم استدارت وغادرت بهدوء تام يجتاحها!
باك
تأكدت، وبعدما تأكدت وقد علمت سبب مجيئ سيلا، فلن تسمح لها بالمغادرة
إلا بعدما تؤدي ما أرادته..
مهما كلفها الثمن، وإصرارها امام رغبة سيلا في الفرار.

كان كنقطة بيضاء وسط محيط واسع من السواد!

ظل سليم يركض خلف سيلا التي لم تتوقف لحظة عن الركض..
تفر ويعاونها نحافة جسدها، تفر وكل جزءً منها وكأنه يفر من الإهانات التي تحيط به من كل مكان!
وتبكِ...
نعم تبكِ علها تخرج شحناتها الغاضبة!
كلها تهدئ خلاياها الثائرة بداخلها!
ظل يناديها بصوتًا عالي:
سيلااااااا، إنتِ يابت اقفي يخربيتك
بالطبع لن تعيره اهتمام...
اذنيها صُبغت بصمت - كعقاب - فرض له! ونادى مرة اخرى بحدة:
يا زفتة أقفي بقااا.

وطابع الصقر بداخله دفعه للإسراع اكثر فأمسك بها اخيرًا وهو يلتقط انفاسه، لتنظر له بغضب محاولة الفرار منه، ولكنه كان الاقوى وهو يهزها مزمجرًا بوجهها:
إنتِ مجنونة بتجري كدة لية؟
لم ترد فاستطرد بخشونة معهودة منه:
أفهم من كدة إنك زعلتي يعني ولا إية
نظرت للجهة الاخرى فتابع بغضب مصطنع - لأول مرة -:
لما أكلمك تردي عليا هه؟
لم ترد ايضًا، فحذرها بوعيد ؛
هتردي عليا ولا..؟

هزت رأسها نافية ومن ثم رمقته بنظرة متساءلة، نظرة ملتقطة تهديده القادم بلامبالاة فأكمل ؛
ولا اعمل كدة
وإلتقط شفتاها في قبلة عميقة، يلتهم فيها شفتاها بنهم مقيدًا خصرها بذراعيه..
دفعته هي بقوة..
وهتفت بغضب جم:
إنت قليل الأدب
وفجأة رفعت يدها بكامل قوتها لتحاول صفعه!
تصفع الصقر!
لم تعرف من أين اخترقتها القوة لتحاول فعلها.؟!
ربما أخلاقها من وخزتها لفعلها حتى لا يتكرر ذاك مرة اخرى!

ولكن، فلتقابل العقاب اذًا بنفس القوة إن استطاعت!
وعند وصول عقلها لهذه النقطة ركضت مرة اخرى مستغلة صدمته القصيرة التي انتهت لتصبح بقعة واسعة من الصدمة وهو يراها تركض وهي تنظر عليه وفي المقابل سيارة سريعة متجهه نحوها و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة