قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع

رواية شظايا قسوته للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع

وبالطبع لم يكن الوقت من نصيب التفكير إطلاقًا، فركض بأسرع ما يملك نحوها، ليجذبها نحوه في لمح البصر..
فسقطت هي بأحضانه بعيدًا عن السيارة التي لم تتوقف من الأساس!
كان ذلك في وقت لم يتعدى الثواني!
ثواني حُسبت في عداد الرعب الحقيقي، رعب أحتل كيانها كليًا وهي ترى الموت على حافة حياتها يقترب منها!؟
ودون أن ترى ما تحبهم...
دون أن تتوب الي الله في كل شيئ..
دون أن تستغفر عما سبق حتى؟!

بينما هو، لحظات مرت وهو مغمض العينين، والقلق الحقيقي يعتصر قلبه في قبضته المميتة!
لحظات مرت عليه كنسمات الهواء ساحبة منه كل ذرة من الهدوء والارتياح!
واخيرًا أستعاد قليلاً من هدوءه المتوجس فسألها:
إنتِ كويسة يا سيلا؟
عيناها تنفي، والقلب يجهر بالاعتراض، هذه اللحظات المحملة بالموت لم تمر بسهولة هكذا!
ولكن شفتاها عارضت وهي تؤمئ:
ايوة، كويسة.

تنهد بقوة مستعيدًا هيئته القوية، لينهض واقفًا، مد لها يده، فنظرت نحو يده مرة، ونحوه مرة...
والتردد لم يستطع اختراقها فأطاعت نظراته ومدت يدها تضعها في يده..
قد تكون تلك مجرد حركة مباغتة منها، ولكن بالنسبة له هي حركة أثبتت شيئً واحدًا
هي لا ترفضه، ترفض قسوته فقط!
سألها مشاكسًا وهم يسيروا:
بتحبي الجري اد كدة؟
شق وجهها نصف ابتسامة محرجة، فأطرقت رأسها مجيبة:
يعني
ابتسم وهو يتابع قاصدًا لومها:.

كنا هنروح فشوش اهو عشان تجري كويس
رفعت كتفيها وقالت بتلقائية:
أنا بس اللي كنت هأموت، إنت جريت عليا لية!؟
صمت عن الكلام وحدق بها بتلقائية مماثلة!
وتمتم بداخله
اسكتِ!
وتلقائيتها كانت سببًا لسؤال يفقد اجابته!
لمَ أنقذها؟! لمَ ركض نحوها؟!
لمَ منعها من ذكر الموت على لسانها ولو على سبيل المزاح؟!
اسئلة كثيرة تتزاحم بعقله طالبة التفسير، ولكنه بالطبع، لا يرغبه!
أبعد يده عندما لاحظ وقال ببعضًا من التوتر:
معلش.

سألته ببلاهة:
معلش إية؟
إبتلع ريقه ولم يجد سوى القسوة سبيلاً يتخذه، فأردف:
سيبك من ده كله، إنتِ مفكراني نسيت إنتِ كنتِ عاوزة تعملي إية من شوية
لوت شفتاها بتهكم وهمست:
اوف لازم يرجع لطبيعته، اه امال إية ده الصقر!
سألها مضيقًا ما بين حاجبيه:
بتبرطمي تقولي إية؟
رفعت كتفيها قائلة ببراءة:
مابقولش حاجة، ابداً
كاد يبتسم ولكن منعها، وهو يسألها مرة اخرى بخشونة:.

إية مفكراني هعديلك دي كمان، الظاهر إنك خدتي على كدة عشان بعديلك حاجات كتير
فغرت فاهها بصدمة!
بالأساس هي كانت تشك أنه يضع جهازًا للترقب لها، فيقابلها بإهانة على الفور!
الان يقول انه يتهاون معها؟!
لا والله لم يفعلها...
قالتها في قرارة نفسها، ونظرت له متابعة بتهكم:
إنت كدة بتعدي لي، يا شيخ أتقي الله، ده انا لو عطست من غير أذنك هتقولي إنتِ هبلة بتعطسي لية ماتنسيش نفسك إنتِ خدامة عندي.

هذه المرة لم يستطع كتم ضحكاته، فقهقه بمرح على جملتها التي قالتها بعفوية..
فيما كان التعجب من نصيبها هي هذه المرة...
وضحكته الجذابة كانت أكبر اداة لجذب انتباهها!
ابتسمت وهي تهمس ببلاهة:
ضحكتك حلوة أوي
توقف عن الضحك لينظر لها دون تعبير واضح، وكالعادة فشلت في تفسير ما بين سطور عيناه..
بينما هي كانت تقريبًا شفافة أمامه فغمز لها قائلاً بخبث:
ضحكتي بس؟!

أستعادت جديتها، لتلعن ذاك التأثير - الأحمق - الذي وضعها بموقف كهذا!
فتنحنحت متساءلة بثبات مصطنع لتغيير الموضوع:
العربية لسة بعيد عليها؟
اومأ مؤكدًا ومن ثم هتف بغيظ:
ما البركة فيكِ إنتِ اللي خلتينا نجري ده كله
ابتسمت باحراج احتل قسماتها..
لتسمعه يتساءل فجأة بهدوء غير مريح بالمرة:
كنتِ عاوزة تخرجي لية ساعتها؟
سألته بسذاجة:
مش فاهمة، ساعتها اللي هو امتى؟
اجابها بجدية:
يوم موضوع صادق، إية مفكراني نسيت ولا إية؟

هزت رأسها نافيةً، وحاولت القول بثبات فشلت في إظهاره بسبب ذاك التوتر الفاضح:
لأ، ده بس داده فاطيما قالت لي أشتري لها شوية حاجات
نظر لها بحدة، حدة ظهرت فجأة عند شعوره بكذبها، فصاح فيها:
كله إلا الكذب، إزاي الدادة فاطيما هتبعتك تشتري حاجات إذا كان في حد مخصوص للشراء وبتبعته دايمًا، والبيت كله عارف إنك مابتخرجيش من البيت؟
وعندما يحاصرها بين كلماته المتيقنة وبين حدته المعهودة..

يبقى الصمت هاويتها الوحيدة للهرب..
ولم تصدق اذنيها وهي تسمعه يقول متجهًا للأمام:
لما تحبي تحكِ لي أبقي أحكِ يا سيلا، بس ياريت تسرعي في القرار ده، لإن صبري بينفذ بسرعة، وخصوصًا مع الكذب الكتير!
ظلت تنظر لأثره بصدمة حقيقية!
ها هو أثبت لها أنه يتهاون - فعليًا - أنه حكيم وعاقل بالرغم من قسوته المعروفة..
يظهر لها طابع اخر يجذبها نحوه دون أن تدرى...
وسؤالاً مخيف، بحروف متوجسة سألته لنفسها:.

هو عرف أني بكذب ومش فاقدة الذاكرة ولا إية!؟

نهض مجدي من فراشه، دومًا كانت يعتبر فراش نومه شيئ - شاهدًا - على مراسم عشق معززة...
ولكن الان يشعر انه يخشى البوح بما حدث، - يشمأز - من نفسه فعليًا ولكن يبقى يذكر نفسه
إنها زوجته!
ولكنه لم يتقبلها كزوجة فعلية!
لم يفتح لها محراب العشق الخاص به فتتربع داخله!
وخان!
هل خان رقية بالفعل؟!
وقلب يجيب بحزن: نعم خنتها، خلفت وعدك بعدم لمس حواء غيرها...
وعقل يجهر بالنفي، بجبروت طُبع عن قلب الرجال..

لا والله لم تفعل، هي زوجتك، زوجتك أمام الله والناس والقانون، أين الخيانة اذًا؟!
تأفف وهو يضع يداه على رأسه عله يستطيع إيقاف تلك الأفكار المتدفقة منه، ودون قصدًا منه صرخ بصوت عالي:
بس بقاا
سألته تلك القابعة بجواره - عارية الجسد - بدلال يليق بها إلى حدًا ما:
إية يا حبيبي مالك؟
تنهد بيأس وهو ينظر امامه - شاردًا - وقد يكون - نادمًا - وقال بصوت مبحوح:
تعبان أوي
نهضت لتمسك كتفه هامسة بنعومة:
مالك يا حبيبي.

أبعد يده عنها ليرد بنفور:
مفيش، انا قايم
مالت عليه مرة اخرى لتهمس:
لية بس يا حبيبي خليك معايا
هز رأسه نافيًا:
بقولك تعبان هقوم أخد دش عشان أفوق كدة
بدءت تحسس على ظهره بطريقة مثيرة، وأصابعها تعرف دورها الصحيح لإتمام مهامها الخبيثة!
وهمست:
أنا هريحك صدقني
فنهض يصيح فيها بغضب وحدة:
إنتِ إية مابتفهميش، مش كل الناس بترتاح في السرير بس يا مدام.

وكأنها كونت حصنًا من كلماته الباردة فلم تعد تتأثر، فقالت ببرود يشوبه بعض الغيظ:
هو أنت كل حاجة هتتنرفز عليا ولا أية
اومأ ببرود مماثل:
ايوة، إن كان عاجبك
كزت على أسنانها وحاولت تمالك نفسها وهي ترد:
أنا هاسكت دلوقتِ لانك متضايق بس، لكن بعد كدة مش هاسكت على أي إهانة
نظر لها من أعلاها الى اسفل قدميها ومن ثم غمغم بضيق:
متقدريش تعملي أي حاجة أصلاً
ونهض متجهًا للمرحاض يغتسل والمياة تسقط عليه بغزارة...

علها تستطع مسح ذلك الوقت من ذاكرته، عله يستطع نسيان ضعفه امام تلك!
ولكن يبقى سبب ذاك الزواج مبررًا قويًا لأفعاله..
ألم يكن قد تزوج للأنجاب من الأساس؟! ، وتنهد بقوة، تنهيدة طويلة ودت لو خرجت صراخ فأراحته قليلاً..
ولكن مرت على ينابيع رجولته فخشى الضعف وخاصةً امام تلك المرأة!
وفجأة سمع صوت والدته العالي يأتي من الخارج..
اسرع في الانتهاء وإرتدى ملابسه ليخرج فيجد والدته امام الباب..

تكاد تبكِ وهي تراه يقترب، وتنوح بحزن مصطنع:
شوفت مراتك عملت فيا إية يا مجدي!

بدء ياسين يتململ في فراشه بكسل، فتح عيناه العسلية قبل أن ينهض من فراشه، وبدء يستيقظ بملل على صوت هاتفه الذي لم يكف عن الاتصال، إلتقطه ثم تأفف وهو يجيب بملل:
الووو
...
إزاي يعني ده
...
طيب طيب بس سيبوها
...
اسمعي الكلام وانا مسافة الطريق هكون هناك
...
أقفلوا بس الباب، مش هتأخر
...
يلا سلام.

اغلق الهاتف وهو ينهض مسرعًا، اتجه للمرحاض ليغتسل سريعًا ثم ارتدى ملابسه..
وسؤال لم يتركه يتردد في عقله بصلابة ليهز جدران حيرته وقلقه
ماذا حدث، ماذا رأت؟!
ونزل للأسف ليجد ما لم يعجبه..
ماهيتاب ووالدها ووالدتها، المعنى الحقيقي للأختناق بالنسبة له!
تنهد بقوة وهو يتقدم منهم راسمًا ابتسامة صفراء على ثغره..
وبمجرد أن رآه والده قال بابتسامة:
اهو ياسين جه اهوو
سأله ياسين مستفسرًا:.

خير يا بابا في حاجة ولا إية؟
هز رأسه نافيًا:
لا كويس إنك جيت كنت لسة هبعتلك حد من الخدم عشان يصحيك، خطيبتك وعيلتها جايين يتعشوا معانا
خطيبتك!
ينسبها له من جديد، يربطها به مرة اخرى!
يضع جبل الذنب على صدره مرة اخرى فقط لرغبته ومصالحه هو!؟
وسأله ببرود ظاهري:
خطيبتي مين يا بابا!؟
رفع والده كتفيه وقال ببرود مماثل وبعضًا من الجدية:.

ماهيتاب، انا اعتذرت لها نيابةً عنك، وقولتلها إنك مش قصدك وإنك كنت تعبان بس زي ما قولتلي يا ياسين
وضغط على اخر كلمة متعمدًا، وكأنه يحذره!
اومأ ياسين غيظًا وقال:
اه اوكيه وهو كذلك، أنا ماشي عندي شغل دلوقتِ عن اذنكم
وكاد يسير إلا أن قاطعه قول والد ماهيتاب - السمج - وهو يشير لياسين:
إية يا ياسين هو إذا حضرت الشياطين ذهبت الملائكة ولا إية!؟
هز رأسه نافيًا ليبرر بهدوء:.

لا ابداً يا عمي بس جالي شغل طارق كدة ولازم أروح دلوقتِ
تنهد والده وأستطرد بحدة:
أقعد يا ياسين الشغل مش هيطير، هما مش بيتعشوا كل يوم عندنا
وكاد يعترض بخفوت:
يا بابا ده شغل مهم و..
نظرات الجميع المصوبة نحوه تخترقه لتجبره جعلته يلتزم ذاك الصمت المغتاظ، ويجلس بجوار ماهيتاب التي هللت بابتسامة نصر:
يس، هو ده الصح يا ياسوو!
مسح على شعره وهو يدعو أن لا يحدث ما يكمن في خاطره، ابدًا!

وصلت رقية الى المستشفى التي يقطن بها جدها، كانت تسير مسرعة وتلوم نفسعا على تأخير تلك الزيارة!
وصلت للأستقبال فسألت ؛
لو سمحتِ فين أوضة نصار القاضي
اجابتها بجدية معهودة:
تالت دور على اليمين، الأوضة رقم 30
اومأت مسرعة:
متشكرة
اتجهت للغرفة بخطى سريعة..
وصلت فاطرقت الباب بهدوء لتسمع رد والدها فدلفت على الفور ملقية التحية:
السلام عليكم
وقبلت يد جدها الحبيب هامسة:
شفاك الله وعفاك يا جدي.

ابتسم وهو يمسح على حجابها بحنان:
تسلمي يا حبيبتي، مكنتيش جيتي، كدة كدة انا خارج النهاردة
غمغمت باعتذار:
معلش والله اتأخرت بس بابا قالي ماتجيش غير لما اكلمك ومادانيش خبر
همس بنصف ابتسامة:
ولا يهمك يا بنتي
جلسوا جميعًا، وفي وسط الحوار سألت رقية بتوجس:
لسة مالاقيتوش سيلا يا بابا؟
هز عزت رأسه نافيًا ببعض الحزن:
للأسف لأ، وفي احتمال سيئ أأسف انه يكون حقيقة.

غزى الألم قلب نصار عند تلك الأسيرة، وأسره حزنه العميق على الغالية
عند جملة عزت صرخ بفزع:
قولت لك لا سيلا كويسة اسكت بقااا
إبتلعت رقية ريقها بصعوبة مما قد وصل لها من كلامهم الغير مفهوم كاللغز مؤلم يُميت من يفكه وسألت:
مالها سيلا يا بابا؟
رفع عزت كتفيه بيأس وأردف:
مش لاقينها خالص يا رقية، كأن الأرض اتشقت وبلعتها، والخاطفين بيقولوا آآ، بيقولوا إنهم قتلوها!

جحظا عيناها بصدمة حقيقية إرتسمت في ثوانٍ على ملامحها!
وكأنها فقدت جزءً غاليًا من قلبها حرفيًا!
سيلا لم تكن مجرد أخت..
سيلا كانت ترمي بخيوط حبها للجميع فتأسرهم بحبها الحقيقي لها!
وهتفت بجزع:
لا لا جدي معاه حق، أكيد بيكذبوا
ثم همست بحيرة وقد تلقلقت الدموع في عيناها:
بس إية مصلحتهم إنهم يكذبوا في حاجة زي دي بعد ما اخدوا الفلوس؟!
بادلها والدها الهمس المحتار:
مش عارف يا رقية مش عارف.

وهنا سمعوا صوت نصار يقول بصوت عالي يتعمقه الحزن:
آآه يا خالد يا يابني، لو كان هنا كان زمانه مارجعش البيت غير لما يلاقي بنت اخوه، مش مكسل يدور بضمير
كز عزت على أسنانه بغيظ وسارع مبررًا:
قسمًا بالله دورت لما تعبت انا والرجالة يا حج، قربنا نكمل اسبوعين بندور اهوو
هز رأسه نافيًا وتابع بأصرار:
لأ، إنت دايمًا بتعمل كدة، زي ما عملت وانت بتدور على اخوك ومراته صح
أطرق عزت رأسه..

تلك السيرة لا يرغبها، تُفتح في ماضي أشواكه لم تَمُت بعد!

وصل كلاً من سيلا وسليم إلى المنزل، ليجدوا جميلة تجلس كما هي، تشرد وتفكر وتخطط ايضًا كما كانت!
ترسم الخيوط التي ستضعها بينهم كما تشاء!
اقترب منها سليم ليحتضنها بود حقيقي، ابتسمت وهي تسأله بشرود:
إية يا حبيبي، جيتوا أمتى؟
جلس بجوارها وهو يرد بنفس الابتسامة المتبادلة، ابتسامة نابعة من حنان فطري لا يظهر إلا معها:
لسة جايين اهوو
اقتربت منهم سيلا ايضًا، لتلقي السلام بهدوء مبتسمة:.

السلام عليكم، أزيك يا طنط؟
رمقتها جميلة بنظرات حنونة، وهتفت مشاكسة:
لا طنط، قولي يا ماما أو يا خالة زي ما سليم بيقول، ولا اكمن أنا اصغر من مامتك أكيد يعني؟!
إشتياق من نوع اخر إنغرز بروحهها المهشمة...
إشتياق انغرز بروح كلاهما وليس هي فقط!
ودموع لا تنتظر الصبر عن تلك السيرة التي تُظهر الحزن المخفي بين أعماقها فتخرج ظاهرة بين بحر عينيها البنية..
وهمست بابتسامة صفراء:
حاضر يا خالتو
سألها سليم بحزم حنون:.

أكلتِ يا خالة ولا لا؟
هزت رأسها نافية:
لا مقدرتش
نهض ينادي على احدى الاشخاص لينظر لها متابعًا ؛
مينفعش يا خالة، بعيد الشر لو جرالك حاجة انا اعمل إية
ضحكت بخفة وقالت:
يا حبيبي أنا كويسة بس مليش نفس
بينما كانت سيلا تراقبهم بأعين متعجبة بالفعل!
حنانه يتدفق من بين عيناه مع خالته فقط!
وظلاله عميقة سوداء من القسوة تظهر لتحيط بها هي، وغالبًا كل الأناس!
قسوة هي أكتفت منها فعليًا...

قسوة عانت منها بكل معناها، كل مراحلها وكل تجاربها!
تفتقد طيفًا من الحنان، تفتقده منذ فترة كبيرة، لا تتمسك سوى بخيطًا كاد ينقطع من الحنان، وبالطبع من جدها فقط!
أما أبيها، مجرد كلمة تنسب لها فقط، لكنها فعليًا - لم تشعر بها يومًا -!
وقالت في خلدها بحزن:
ماهو بيعاملها كويس وبحنية اهو، اشمعنا انا بيصدر لي الوش الخشب
وعندما سمعت ضحكة جميلة التي أظهرت لها مدى حماقتها..
أيقنت أن كلامها كان بصوتًا عالي!

ربما أختنق داخلها فقرر الظهور قليلاً؟!
وهمس سليم بصدمة:
نعم!
فقالت جميلة:
معلش يا سيلا، هو سليم كدة طبعه دبش في كلام، وقاسي خارجيًا، لكن هو اساسًا حنين جدًا من جوة، زي امه بالظبط
وابتسمت سيلا وهي تسألها:
ومامته فين دلوقتِ؟
عبست جميلة وهي تجيب بخفوت:
ربنا يرحمها ويسكنها فسيح جناته
تمتمت سيلا بحزن:
اللهم أميين، أنا اسفة والله ماعرفش
بينما سليم كان وجه كخريطة من الغضب رسمتها سيلا بكلماتها!

كلماتها التي لم تدري أن بها تفتح جرحًا لم يُشفى بعد، فتلهبه بلهيب كلماتها - الجارحة دون قصد -!
وركض للداخل دون سابق إنذار متجهًا نحو غرفته...
سألت سيلا ببلاهة متعجبة:
إية اللي حصل يا خالتو؟
رفعت جميلة كتفيها وقالت:
مش عارفة إية اللي بيحص له لما حد بيجيب سيرة مامته!
عقدت ما بين حاجبيها متساءلة:.

يعني المعظم والدتهم تبقى ميتة، ويزعل ويدعيلها لما يتذكر، لكن هو اية اللي حصل له طلع يجري كأنها لسة ميتة دلوقتِ يعني آآ انا قصدي
قاطعتها جميلة بتنهيدة:
لااا، هو أمه ماتت بس اثرت عليه جامد باللي حصل، مش زي اي حد مامته بتتوفى
سألتها سيلا بفضول قاتل:
لية هو اية اللي حصل لها يا طنط، ماتت إزاي؟
واجابة انقطعت بسبب صراخ يأتي من الأعلى و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة