قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل العشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل العشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل العشرون

متذبذبة، خائفة، تتحول لعاطفية في أحيان غريبة، تارة تبكي وتارة تفرح، تشاهد فيديوهات حزينة تؤلم قلبها وتارة تشاهد رسوم متحركة وتحديدًا توم وجيري تتذكر نظرات شقيقتها المتعجبة ونظرات والدتها المستنكرة أم والدها فهو هادىء، صامت، لم يُعقب عن المقابلة التي مر عليها ايامًا عديدة، ملامح والدتها أصبحت لينة جدًا عند ذكر زين ولو بالصدفة، أما شقيقتها فحدث ولا حرج تحولت لوقحة يبدو تأثير القبطان قوي عليها بالرغم انها اخبرتها انها ستعيد له الهاتف في اقرب فرصة ممكنة، رغم أنها لم تصدقها لكن ستنتظر إلى أين تسير بهما الرياح،.

مشاعرها غير متزنة رغم وضع البيت الهادىء، تارة تشعر بالنفور الشديد منه وتارة تتوق لرؤيته أو حتى السماع الي بحة صوته الشجي، اسمها الذي ينفرد في نطقه وربما الي عناقه الحميمي؟!
القت نظرة عابرة الى لوحة سارة الغير مكتملة، الوانها صارخة ومتداخلة في مزيج عجيب تعبر عن روحها هي قلمها هي، لا يوجد اي علاقة بالكآبة او الخواء مثل روحها.

ماذا ليان هل اشتقتي اليه؟ ورقة الطلاق لم تصلك بعد؟ أواثق هو أم يوجد في داخله مثقال ذرة أمل لعودتها له؟ حتي الان لم يهاتفك أو يسأل عنك ولو بالصدفة!، لقد كانت واضحة واخبرته بكل بصراحة ما الذي شعرت به ب غيابه وتركته يتحدث لأول مرة منذ هجره، وضعت النقاط على الحروف والنتيجة!
لا شيء مما سبق، انتفضت على تربيته ناعمة لتستدير قائلة بدهشة
- ماما!
تنهدت سعاد وهي تشير بعينيها نحو الخارج
- جوزك بره.

أنبرة والدتها أصبحت ناعمة أم هي فقط متخيلة؟! هل تشعر بتسارع نبضات قلبها من تذكرها أنها ما زالت زوجته؟، اين غضبها وحنقها والتجعدات التي تظهر على جبين والدتها، زفرت بسأم وياليتها ذكرت مالاً
- متقوليش جوزي، بعدين فين عم زيدان انا قلتله انه يخلص الموضوع.

تنهدت سعاد بقلة حيلة مع نظرة محذرة إن لم تنفذ رغبتها، أغلقت الباب خلفها ونظرتها المتوعدة لم تغادر عيناها، رائع سعاد رضيت عنه، بدلت ملابسها وهي تسير بكآبة نحو غرفة الجلوس همت بالدخول لتستمع إلى صوت والدها المعاتبة والحانقة منه على عدم ايفاء وعده! اي وعد يتحدث عنه ولما نبرة الارتباك والمسمي بالحرج التي تسمعها من زين لأول مرة لشخص!
اقتحمت فجأه الخلوة التي بينهما وقد تم تشويش تركيزها.

- معذرة هل يستطيع أحد أن يعيد لي ما قلته منذ قليل، ماذا تقصد أنكم تقابلتم من قبل واي وعد اعطيته لوالدي
حديثها موجه لذلك الذي يدعي ب زوجها رغم انها لم تنظر اليه، ستضعف أو تنهار في الصراخ في وجهه، يكفي انها قد بلغت جهدًا شاقًا لكي لا تستسلم لأنامله الدافئة التي داعب كفيها واناملها وشفتيه التي تطلب العفو بتكرار في المرة السابقة.

رفع ببصره نحو معذبته وقد ردت الروح اليه واطرب قلبه فرحًا لرؤيتها، قضت الأيام والليالي في غرفتها التي يحسدها عليه حقًا لكي يتجرع بضعًا من العذاب من عدم رؤيتها بالصدفة أو ان يستمع لصوتها، لكم يحسد وسادتها التي تحتضنها بحميمة بدلاً منه وخصلاتها الفحمية التي تشارك فراشها بل تستمتع بدفء جسدها، حقا يحسد غرفتها وفراشها
تنهد قائلا.

- قبل سفرك لزفاف ليلي قابلت انا وعمي زيدان السيد ابراهيم واخبرته انني ارغب الزواج بك واعطيته وعدًا انني سأبذل قصارى جهدي كي اجعلك سعيدة بجواري
علمت إذا بكل تلك الأشياء التي لم تخرج من شقتها، بالطبع لم يخبرها والدها عن احواله الصحية، والعم زيدان كان على علم بكل شيء لما لم يخبرها حتى وأين كانت هي حينما زار والدها ولما لم تذكر والدتها شيئًا من ذلك الأمر؟!

ضحكت ساخرة وهي تخبط بكفها علي جبهتها قائلة بصدمة مازالت متأثرة بأحبالها الصوتية
- اذًا كان كل ذلك اتفاق صحيح. علمك بكل شيء عني كان سهلا لكي تصل لي
أومأ برأسه إيجابا وعيناه تكاد تتوسل لكي تلقي بنظرة اليه، يتمتع فقط لثوان من رؤية قهوتها لكن كيف!

تريد اثارة حنقه وبعض الغيرة الطفيفة وكل ذلك تحت نظرات الأب التي تنتقل من نظرات زوج ابنته التي تظهر عطفًا وشوق عارم من خلال عينه لم يخجل حتى من وجوده في افصاح مشاعره أمامه ثم ينتقل إلى ابنته التي ترجوه من عدم خروجه بل تتمسك بكفه وتطلب ذلك علنًا
ابتلع مرارة في حلقه وهو ينظر الي اناملها التي تتشبث بوالدها وهو يقول بنبرة متحشرجة.

- مرض السيد ابراهيم منعني من إقامة زفاف، اخبرته ان حين عودتنا من قرية جدتي والانتهاء من بعض الأشياء المتعلقة بالعمل سنقيم حفل زفاف لكن تعلمين الأشياء سارت بشكل سيء
تلك المرة تحدث الأب بحيادية
- سيغادر إلى موطنه بعد ثلاثة ايام يوجد بعض الأعمال المتراكمة في مكتبه ب لندن، يريدك ان تعاقبيه وانتِ معه تكونين بعيدة ولكن بجواره.

هل تلقت صفعة توًا أم احدًا سكب دلو مثلجًا عليها، ما بال الجميع منذ الصباح لما الجميع بجواره بعد ما حدث، ماذا اخبر والدها ووالدتها تلك المرة لتنطفأ الثورة والغضب.
ضحكت ساخرة وهي تشدد بقسوة على كل كلمة
- حقًا، لكنني اخبرتك رأيي زين منذ ثلاثة اسابيع وقاربنا على شهر، ثم انني اريد انهاء كل تلك المهزلة لقد طالت أخبره بابا
- ليان.

سمعت ندائه وهي عند مقدمة باب الغرفة، لما ينطق اسمها الآن بكل تلك العاطفة؟! هي متقلبة المزاج ستبكي حقًا إن كرر ندائه، تصلب جسدها ساعده لكي يكرر نداءه مرة أخرى بعاطفة جياشة ليشعر بعدها بانتفاضة جسدها ثم همسها المتحشرج قبل أن تفر هاربة إلى المرحاض
- تصحبك السلامة، عذرًا والدي.

اغلقت الباب خلفها بعنف وهي مستندة بجسدها علي الباب الخشبي تستمد أي قوة من الجماد ل تنزلق ببطء على الباب الخشبي وتقع خائرة القوى على أرضية الحمام الباردة
تقلصت في معدتها وهي ترغب الآن في التقيؤ، اسرعت علي الفور وهي تفرغ طعام الصباح بألم، دوار حاد كاد أن يطرح بها ارضًا لكنها تشبثت جيدًا ب المغسلة وهي تنعش نفسها بالماء، يكفي البحث خلف الماضي يجب أن تركز في مستقبلها وعملها الآن أهم.

خرجت من المرحاض حينما شعرت برائحه عطره النفاذة خفت قليلاً من المنزل أو هي التي تتوهم، بخطوات بطيئة متجهة الي الغرفة لتجد سارة منهمكة في لوحتها، دوار داهمها مرة أخرى لتسقط بعض متعلقات شقيقتها من المكتب عندما حاولت أن تستند بيدها علي سطح المكتب
انتفضت سارة وهي تقول بلهفة من رؤية ذبول معالم ليان الطاغي بشكل مخيف عكس الأيام السابقة
- ليان، ليان مالك
اومأت بكذب وهي تتجه نحو الفراش
- كويسة.

ساندتها حتى اضطجعت في الفراش لتتابع
- طب اعملك حاجه؟
هزت رأسها نافية وهي تتظاهر بالثبات
- لا ركزي في لوحتك انا تمام
غيرت دفة الحديث فجأة وهي تتصنع المرح
- بقالك فترة مركزة مع لوحاتك ونسيتي صاحب الفون
طغى حمرة خفيفة الي وجنتيها وهي تتذكر حتى الآن ذلك السافل المنعدم التربية صوره الفاضحة على ذلك الهاتف
- ده وقح متفكرنيش بيه علشان مزاجي كويس حاليًا
ضحكت بألم لم يتبين وهي تقول
- عمل ايه سيادة القبطان؟

اضطجعت بجوارها وهي تصيح بحدة ووجنتيها تزداد احمرارًا
- قولي معملش ايه، بصي بعد ما فتحت اول مرة حرمت افتح تاني
صمتت ليان وهي تحاول معرفة محتوى الرسالة الذي جعل سارة بجلالة قدرها التي اكتسبت صفة الوقاحة تتورد من الخجل، تضع ثقة كبيرة في خالد والسبب مجهول حاليًا.

هل لأنه لم يخجل من افصاح مشاعره للعيان لم يحاول الاخفاء عكس الاخر، أو انها تتذكر مروره وسؤاله علي حالها كل ساعة حينما كانت طريحة الفراش، كل تلك اللهفة والمشاعر المتدفقة من عيناه جعلتها تندهش منه، من عاطفته الجياشة لشقيقتها
تنهدت بحرارة ثم ألقت بنظرة عابثة اليها
- معندكيش فضول تقري كتب ايه تانى
اسرعت سارة بالنفي كاذبة
- انا اطلاقا
دققت النظر اليها بتشكك لتقول ببرود ظاهري
- طيب هعمل نفسي مصدقة.

لن تكون كاذبة هي قرأت كل رسائله التي دائمًا يبعثها في وقت باكر من الصباح، اصبحت متلهفة ومتشوقة بقراءة رسائله التي دائما تبدأ بالسؤال عنها ثم تنتهي بأشياء خبيثة مبطنة، شعرت في الاونة الأخيرة أنها تستطيع أن تشعر بمزاجه من خلال كتابته، أ لتلك الدرجة؟! نعم تشعر به تقسم أنها تكاد تشعر بصوته ينقل الي اذنها، كل حديثه يحمل اشياء كثيرة عن حياتهما معًا وكأنه واثق انها تكن له مشاعر متبادلة، لكن كل ذلك حديث مواري ليس بصريح بل تتفاجأ بأشياء يخبرها عن ما فعلته وهي في الخارج بل ادق ادق التفاصيل التي لم تستجمعها إلا بعد تفكير واسترجاع ذاكرة وكأنه في نفس البلدة؟! تكاد تشد شعرها غيظًا وحنقًا وتود لو تدك عنقه إن رأته.

نفضت كل ذلك سريعًا وهي تلاحظ غمزة ماكرة من ليان التي تؤكد صدق حديثها
- بقولك ايه فيه حفلة كتب كتاب ل ابو يامن
عصرت ليان تتذكر اسم ذلك الطفل الذي دائمًا لم تنفك عن اخبار حياته وما يفعلاه وحديثهما من خلال تلك اللعبة السخيفة PUBG
- اللي اسمه يامن مش كده!
ضحكت سارة وهي تشعر بضجر ليان
- ايه ده كويس انك فاكراه، هما اصلا عاملين حفلة الجواز مع كتب الكتاب علشان حصل شوية حاجات عصلجت معاهم، المهم هتيجي ولا منفضة.

شعرت بتحسنها قليلاً عن ما حدث منذ قليل لتقول ب حيرة
- مش عارفة ربنا يسهل
قامت سارة من الفراش قائلة بعملية
- هو بكره اصلا
ثم توقفت وهي تشم الرائحة الذكية المنبعثة من المطبخ قائلة
- ماما عاملة ايه على الغدا؟
غمزت بعيناها وهي تعلم الطعام الذي لا تطيقه
- كوسة بالبشاميل
جحظت عين سارة عند ذكر الكوسة التي حاولت أن تتقبلها كل مرة ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل، لتغمغم
- والمكرونة!
ضحكت وهي تقول بعبث.

- قالت ابقي اعمليها انتي
صاحت سارة فجأة وهي تهرع نحو المطبخ
- ماما يعني ايه اللي سمعته ده.

يوم سوداوي كئيب مر عليه، أخبرته بكل تسلط وجلف أن يغادر ولا يفكر بأنها قد تعد له مفاجأه بقدومها ك المرة السابقة، حبيبته الجاحدة حقًا تستحق عقاب قاسي على جمودها وتبلدها وربما بعض من الانفجار كي تسحب كل جيوشها العدائية التي تعرقل من وصوله نحوها،.

برغم الطقس الحار في مصر عكس موطنه لكن براكين جسده أشد حرارة وشعلة من ذلك الطقس، رمي بالسترة ارضًا فور ان تخطي باب المنزل ليجد من هو أشد كآبة منه جالس على الأريكة مشعلاً التبغ وعيناه شاردة نحو السقف،
ألقي نظرة ساخرة نحوه وقال بتهكم
- هل ستصبح مقيمًا هنا، والدك غادر منذ اسبوع ام بعد رفضه قررت ان تفعل شيء آخر.

القي بالتبغ في المطفأة وهو جاهز للانفجار حقًا قد خرج الثور وهو جاهز حتى ينفث عن غضبه في وجه ابن عمه رغم علمه أن الأخر لن يتهاون و ستنشب معركة حقيقة بينهما ولن يتهاون شخص حتي يعلن الأخر ب الأستسلام، يشعر انه كالليث الحبيس بعد رفض والده الصريح من رغبته في الزواج ب سارة، رغم أن الأب لم يظهر عليه أي معالم اندهاش الا انه صمت قليلاً ثم قال بكل برود لا وبعد عدة ايام غادر بكل بهدوء دون المراعاة بالصدمة والقبضة الباردة التي اعتصرت قلبه لكنه لم ييأس بل قال بعزيمة.

- سأقنعه حتمًا سأقنعه لكن حقًا لا اريد العودة للعمل في الوقت الحالي
جلس على الأريكة المقابلة وهو يرخي رأسه على الأريكة قائلاً بعبث وروحه ما زالت متعلقة ب البعيدة والقريبة
- تشتاق لها
غمغم خالد بسخط
- ما شأنك يا رجل، هل أسألك عن احوالك مع زوجتك؟
انتفض زين قائمًا وهو يصيح بوحشية
-مرة اخري تحدث عنها وسأجعلك ترقد في فراشك عامًا.

صدمة طغت علي ملامح خالد من نبرة ابن عمه العدائية لثانية كاد أن ينفجر ضاحكًا لكنه كتمها مراعاة شعوره بالاخر قائلا بوجوم
- هون عليك زين، ماذا تقول استفعل ذلك؟
مازال جسد الاخر متحفزًا للانقضاض عليه وهو يهتف بنبرة حانقة
- وهل تشك في ذلك؟!
عاد إلى الأريكة بتهاون وهو يقول
- متى ستغادر؟
نظر خالد إلى ابن عمه وهو يقول بتصميم فقد تعب من مراقبته لها طوال تلك الأيام دون الاقتراب منها عن كثب أو مشاكستها.

- سأذهب لمقابلتها اولاً ثم سأرحل
نظر اليه ببرود وهو يغمغم
- بالتوفيق.

مبتعد، هذا ما تستطيع وصفه بكلمة، مكالماته الدافئة وصوته الرجولي الذي يقشعر بدنها توقف عنها، بل اخبرها بعد عودته من السفر أنه سيؤجل عقد القرآن، تفهمت ووافقت وهذا أعطاها وقت أكبر لتفكر هل تستمر في تلك العلاقة أم تنفصل بهدوء؟، عمار لم يكن موافقًا وغير سعيد بتلك العلاقة خصوصًا بعد حديث طويل عن حياتها في تلك الفترة وظهوره المفاجئ في روتينها الممل، زفرت بحنق وهي تنظر الي المؤسسة الضخمة ب قلق وهلع، تتذكر إهاناته وكل كلمه خرجت من شفتيه بخشونة ووقاحة دمعت عيناها بقهر وهي تذم شفتيها بعبوس.

ترجلت من السيارة وهي تتوجه نحو المبني بقلب مرتعش، لم يهاتفها ذلك الصباح ربما شعر بالضجر منها لأنها لم تبادله أي شيء في المقابل. حيت الجميع بابتسامتها الناعمة وهي تعيد ترتيب خصلات شعرها الفحمية وكعب حذائها يترك نغمة مميزة على الأرض الرخامية.
ابتسمت لمديحة بدفء وهي تحتضنها بقوة مع سيل من القبلات والمعاتبات لتستأذن قائلة
- استاذ راشد موجود
- موجود يا عروسة هو فاضي حاليًا ادخليله الف مبروك.

طرقت الباب بهدوء وهي تحاول المحافظة على دقات قلبها التي تدق كالطبول خشية من نبذه، سمعت صوته القوي وهو يأمر بالدخول
دلفت واغلقت الباب خلفها بهدوء لتتأمل ملامحه مليًا، هل ازاد وسامة ام هي تتخيل؟! ازداد جاذبية مهلكة وكل ذلك خطرًا
ساعديه القويتين الظاهرة أسفل قميصه الداكن تخلي عن سترته وربطه عنقه وحل ازرار قميصه العلوية وشعره الطويل قد ابرزه كما لو انه عازف جيتار، ستخبره لاحقا برغبتها في قص شعره.

لم يرفع رأسه عن الأوراق لفترة طويلة ليرفع رأسه حينما شعر بصموت الطارق الزائد عن الحد
- هند
غمغم بها بدهشة من وجودها لتفرك يدها بتوتر قائلة بصوت متحشرج
- هاخد من وقتك خمس دقايق
ابتسم بجاذبية جعلها تشعر بتقلص معدتها ورائحه عطره اخترقت كيانها ببساطة احتضنها دون أن يلمسها وهو يوجهها نحو المقعد قائلا بهدوء
- اتفضلي.

استرقت بعض النظرات نحوه وهي تنظر الى رماديته الكئيبة بحزن جلست علي المقعد ليجلس في مقابلتها وهي تتحدث بألم
- في ايه انا عاوزة افهم، اتغيرت ليه
زفر بحرارة قبل ان يجيب بعملية وهو يشبك أصابعه مستندًا بساعديه على فخذيه
- فيه شوية مشاكل في الشغل ده غير في مشاكل للعمال في المصنع علشان كده سافرت
ازدردت ريقها بتوتر وهي ترى نظراته العابسة نحو السلسال الذي ترتديه لتقول بتوتر أكبر
- مفيش حاجه تاني؟
نفي رأسه بهدوء.

- لا
عضت شفتيها بألم وهي تعلم كذبه ذلك الظاهر للعيان من رماديته الغريبة عن المعتاد، ضمت كفيها بتوتر قبل أن تهمس بحذر
- طب نفسك تسأل سؤال قبل بكرة
هز رأسه مرة اخري بالنفي، لتعلم ان قدومها هنا بدون فائدة استقامت من مقعدها وهي تهمس بحزن
- اتمني كده.

استقام هو الاخر من مجلسه وهو يوصلها حتى باب الغرفة ما إن هم بفتح الباب ليتيبس جسده وهو يشعر بثقل جسدها علي صدره، متشبثة بقوة، تغرس أظافرها على قميصه الداكن دافنة رأسها نحو تجويف عنقه متنفسه براحة مع صدور همهمات ناعمة، ضمها بحنان وهو يقبل مقدمة رأسها مستنشقًا رائحة الجوز الهند المنبعثة منها برقة، ابتعدت بهدوء وهي تبتسم بنعومة قبل أن تغادر وهو واقفًا مبتسمًا من عناقها الذي ارسل لقلبه الراحة والاطمئنان.

حزينة، تشعر بذلك مشاكسها اختفي واثارة حنقه ولا مبالاته اشتاقت اليها، اتشتاق اليه؟!، كلا، تشتاق الى وجود شخص تشاكسه فهو لم يبرأ الا أن يلاحقها في اي مكان كانت حتى مع جولتها المذهلة حول العالم عادت مرة أخرى إلى العمل في شركة أخرى بعيدة كل البعد عن هاشم، تسير بشرود عند انتهاء دوامها وعقلها يسبح في ملكوت آخر،
- هل اخذتي قرارك.

قالها فجأة ما إن ظهر أمامها وهي مستعدة لكي تستقل سيارتها المتواضعة، ذعرت بقوة وارتدت عدة خطوات للخلف قائلة بصوت واهن
- أمير
عبس ملامحه وهو يضع كفيه في جيب بنطال الجينز الداكن
- نور لقد تركتك تفكرين دون أن اشوش تفكيرك اريد الاجابة الان.

مرت بنظرة سريعة نحو قميصه الذي ترك عدة ازاره مفتوحه حتي بداية صدره بامتعاض، شمس مصر الحبيبة جعلت جسده يصاب بحمرة طفيفة رغم ان الصيف لم يأتى بعد لكن اليوم اشد حرارة عن الأيام السابقة، غمغمت بعبوس
- انا لا اعلم
اشتدت ملامحه قساوة وزيتونته تعصفان ببركان هائج وهو يقترب منها بحذر غير عابيء إن رآهما احدًا
- لا تعلمين ماذا، لا تعلمين مقدار حبي لك ام لم تثقي بي كفاية.

تنتقي الكلمات بعناية كي لا يحدث اي زلة او خطأ
- أمير ليس كذلك، لكنني حقا سعيدة هكذا
غمغم ساخطًا تلك المرة وهو يضرب بكل قوته علي سيارتها
- سعيدة اي سعادة نور، كنت ورائك طول تلك الآيام اعترفي انك سعيدة بجواري، مطمئنة بجواري برغم سفرك حول بلدان العالم اعترفي هيا
نظرت اليه بعتب الي سيارتها الزهيدة ثم همست بعتاب وعيناها تنظر بتقيم الي سيارتها إن حدث لها اي تلف
- أمير.

تلك المرة لم يتمالك نفسه، إن كان في مكان آخر غير قارعة الطريق لكان قبلها لكنها ليست زوجته امسك أنامله بقسوة على ذراعها حتى صدر تأوهًا خافتًا منها وهي تحاول الخلاص منه
أردف ببحه مميزة
- ماذا قلت لك عندما تتأوهين
اضطربت من اقترابه لتهمس بحذر
- أمير توقف لست زوجي لا تتهور رجاءًا انت لا تعلم كم سأكرهك وقتها
وما كان عليه سوى أن تتألق زيتونته اشراقًا ملامحه الوسيمة تزداد بهاءًا قائلا بنبرة زلزلت كيانها.

- أحبك
وقفت مبهوتة سوي من تسارع نبضات قلبها وصوت أبواق السيارات التي تفسد خلوتهما، ليست تلك المرة التي يعترف بها لكن كل مرة تزلزلها تلك الكلمة، ابتسم بعشق
- سنكون معًا سنعود ل اسنطبول وسنذهب في كل عطلة الي اي بلد تودين الذهاب إليها وسنعمل معا ك مصلحين عاطفيين
ابتلعت مرارة في حلقها وهي تهمس بألم
- ووالدتك أمير؟

تحسرت ابتسامته واسودت مقلتيه التي كانت تبرقان، كونه وصل لتلك المرحلة يوجد أمل أنها قد تعود اليه مرة اخري، في مدار العامين كانت تصده ما إن يتحدث عن موطنه لكنها الآن بدت مستمعه أكثر، توترت نظراتها لتقول بعتاب
- انها والدتك لا تخبرني أنك لم تهاتفها طوال تلك الايام
حاولت ان تسمع اجابه منه وهي لا تصدق إفساد علاقة الأم والأبن بسببها، برغم ما حدث هي تعذرها وتضع المبررات لها.

اقتربت منه وهي تتمسك بأنامله حتى تعيد الحياة للذي تخشب أمامها
- أمير بربك
ابتسم بجذل قائلا وهو يقبل اناملها
- اتقنتي اللغة التركية عزيزتي
علمت ب تهربه الا أنها جارته قائلة بثقة
- اصبحت اتقن أربعة
ضحك بنعومة وقد خفق قلبه باضطراب
- لكن هناك بعض الاشياء تريد دروسًا مكثفة عزيزتي
همس بارتباك
- هل سامحتيني؟
نظرت اليه بمشاكسة قبل أن تصعد لسيارتها قائلة
- كلا، اولا سنصلح المهمة العالقة ثم سأفكر حينها.

اتسعت عيناه ذهولا من تغيرها الجذري ليصيح حانقًا
- الله الله ما هذا يا امرأه كدنا أن نتبادل القبلات
ضحكت برقة وهي تعلم أنه لن يفعلها، لتقول وهي تهز برأسها
- سأغادر بالتوفيق يا أمير بي.

برغم أنه مجرد عقد قرآن فقط إلا انه كيف لرجل أعمال مرموق ك مرتضي الهندي ان يجعل احتفال بسيط يمر مرور الكرام، كان ظاهرًا للعيان استياء ابنه من الاعداد الغفيرة والصحفين وبعض رجال الأعمال اللامعة لم يعبأ هو برفض ابنه فهو اخيرًا سيفرح بأبنه عندما اختار شريكة مناسبة له من شتى النواحي اختارها بنفسه وليس مرغمًا.

صافح احد المدعويين ببشاشة وهو يطرق بعصاة الخشبية علي الأرض وراحة تغمر صدره تبقي فقط الأبن الأخر الذي انخرط في حياة الغرب.
تفاجأ من ظهور حفيده من العدم قائلا بأرتباك
- جدوو، طالع ازاي؟
نظر الجد الي الذي يشبه ابنه حتي طريقه ارتدائهما لنفس البذلة المصممة لهما خصيصًا، ليقول بنبرة عابثة
- هو مين العريس النهاردة؟!
تهللت أسارير يامن وقد احتقنت أذنيه متسائلا بخجل
- بجد يعني أعجب هايدي؟

خانته ذاكرته من تذكر اسماء الفتيات الكثيرة ليعلم ان معظم صداقته متمركزة نحو جنس حواء مثل عمه
- مين هايدي؟
ظهر الضجر واليأس علي ملامح حفيده وهو يذكره
- يا جدوو اللي قلتلك عليها صحبتي في المدرسة
ارتخت معالمه وهو يقول
- فينها هي؟
هز كتفيه بلا مبالاة وعيناه تتفحصان وجود صديقته سارة
- لسه ماجتش كلمتها من شوية وقالت انها هتنزل من البيت
هز الجد رأسه متفهمًا ثم تابع بعيناه الرمادية متفحصًا الوجوه
- راشد فين؟

- بابا في الجنينة بيتكلم في التليفون اما العروسة فهي في الاوضة اللي جنبي خلصت من فترة ومستنية اقولها امتي المأذون هيجي
يبدو أن الحفيد لديه مهام شاقة، مهام عملية ومهام عاطفيه، ظهر شبح ابتسامة وهو يغمغم
- طيب
انتفض يامن من مكانه وهو يقول بسعادة
- ايه ده سارة جت، سلام يا بوص.

ابتسم الجد وهو يرى حفيده يتجه نحو امرأتان منهما المدعوة ب سارة، انشغل ببعض الأشخاص الذين التفوا حوله مقدمين التهاني الحارة ثم انخرطوا في الحديث عن العمل.

أول مرة تخرج منذ جلستها الدائمة في الغرفة، تتذكر مكالمة ندي الصباحية وهي تخبرها عن حملها بعد سنوات من فقدانها الأمل، انهمرت باكية معها في اتصال مؤثر تتذكر هي الأخرى فقدان طفلها ثم أفاقت من دوامة ذكرياتها لتلتفت نحو الجميع المتجمهر وكل شخص منخرط في الحديث مع الآخر، اخبرتها سارة انه مجرد عقد قرآن وليس حفلاً صاخبًا، ابتسمت بمرارة وهي تتذكر تلك الحفلات التي تشبه حفلات زين لكن الفارق هنا انها تشعر بتآلف عجيب رغم عدم معرفتها بهم. دوار عنيف هزها جعلها تستند علي ساعد سارة التي هتفت بقلق.

- تعبانة؟
بالطبع متعبه عاطفيًا ونفسيًا وجسديًا، أهملت في صحتها وفقدت شهيتها رغم تذكرها تحذيرات الطبيبة التي كانت تتابعها في لندن لتقول بكذب
- تمام متاخديش بالك اخدت الدوا قبل ما انزل
رغم عدم تصديق سارة كليًا الا انها قالت بمرح
- شوفتي الجو حلو ازاي بدل مانتي حابسة نفسك في الاوضة
- سارة!
صياح مرح طفولي جذب انتباههما لتقول وهي تسرع لتصل في مستوي طوله ومعانقته وهي تنظر الي شقيقتها.

- اهو يا ستي ده يامن اللي بصدعك بيه
نظر الي شقيقتها بدفء ثم عاد الي سارة بخبث
- مكنتش اعرف ان اختك احلى منك
ضيقت ببصرها نحو شقيقتها لتهمس في خفوت
- فيها شبه من هند مش كده
ضيق يامن عيناه متفحصًا لا ينكر ان تقاسيم وجهها متشابهة لكنهما متباعدتان كل البعد إن كان رآها من بعيد لظن أنها هند لكنها ليست هي يوجد اختلاف جذري بينهما.
- لأ شكلهم مختلف اولاً هند بيضة وطويلة اختك سمرا شوية عنها وقصيرة عنها.

ضيقت سارة عيناها بضجر وقالت من وقاحة ذلك الصغير دون مراعاة انها تقف أمامه
- جبت الوقاحة دي من فين؟
ابتسم بأفتخار وهي يغمز بعبث من رماديته اللامعة
- وراثة عائلية
ابتسم بلطف وعقل راشد وليس طفل تسع اعوام وهو يصافح ليان بحبور شديد
- نورتي يا طنط
نظر بسعادة كلية لذلك الرجل المنتظر وهو يقول باعتذار قبل أن يغادر كالاعصار
-اهو المأذون جيه هلحق اطلع لهند، عن اذنكم
كتفت كتفيها وقالت ل ليان
- شوفتي زي ما قولتلك.

عيناها تلمعان بتأثر وهي ترى ذلك الشيخ ووالدها وراشد الذي ينظر بدفء غريب غمر احساسها بالانتماء اليه وانها له، ثم تعود للنظر إلى جدتها الجالسة على مقعد متحرك وعيناها مغرورتان بالدموع لكن سعادتها غير مكتملة بسبب رفض عمار بالمجيء صديقها وأخيها الوحيد امتنع ومبرره كان غير كافي.
ابتسمت حينما أنهى الشيخ قائلا وهو يتحدث عبر الميكرفون
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بالخير.

حينها سمعت صوت زغاريد وتهانى حارة أقبلت عليها لكن راشد فجأه اقتحم الجميع وهو يحتضنها بقوة دافنًا رأسه في تجويف عنقها بل يقبل عنقها بكل نعومة غير مكترث بالحشد
لاحظ ارتجافها الشديد وهمسها الحذر بأسمه ل يُقبل جبهتها وهو يقول
- مبروك
اسدلت اهدابها في حياء وهو يضم خصرها بقوة وتملك ليسمع صوتها الخافت
- شكرًا
اقترب نحو اذنها بخبث وهو يبعد بطريقته من استقبال الجميع لمباركتها
- عايزة تهربي منهم؟

علمت انه يريد ذلك، ولكن وهما في ذلك الحشد الجم همست
- طب والناس؟
ظهر يامن فجأة وهو يصطحب معه امرأه شابة
- هند حبيبت افكرك بصحبتي سارة
نظر الأب إلى ابنه بتشكك ليرد الأبن النظرة ببرود بل ابتسامة من أذن للأذن وهو ينظر بنظرات ذات مغزى لوالده، هز الأب رأسه يائسًا لتقول سارة بحرج وهي تصافح هند بود
- الف مبروك
ابتسمت بنعومة وهي ترد
- الله يبارك فيكي.

لاحظ ابتعادهما لتستغل تلك الفرصة وهو يسحبها الى مكان هاديء قائلا بنبرة ناعمة
- قولتي ايه؟
عضت شفتيها بحرج وهي تلاحظ هروبهما من الجميع لتقول بخجل
- والناس؟
توقف قليلا وهو يضم وجنتيها بين كفيه، حقًا لن تتحمل كل تلك النظرات الدافئة والحنان التي تت، دفق من مقلتيه، معتادة علي جفاءه وغلظته لكن شيء أثار الشك في داخلها وهي تتذكر زوجته السابقة ليقطع شكوكها وهو يقول
- خليكي معايا
- مجنون.

ما كان عليها سوى ان توافق وهي تضحك بخفة قبل أن يختطفها الي مكان مجهول وهي واثقة به بل تشعر أن قرارها هو عين الصواب وستثبت ل عمار نظرته الخاطئة.

كان يسرع خارجًا لكي يلحق محطة المترو بدلا أن يقضي وقتًا ضائعًا في الانتظار في محطة الحافلات، ما زال يعتمد علي ما يكسبه من قوت عمله مبتعدًا كل البعد عن منصب والده وثراءه التي أصبحت تلاحقه ك اللعنة التي لن تنفك الا بموت احدهما.

اصطدم فجأة من سرعته بجسد انثوي كان كفيلاً جدًا بمعرفتها قبل أن يدير بجسدها نحوه بصوتها الأنثوي الحاد، قبض على ذراعها بقوة كي لا تفقد اتزانها معه لتنفض يداها سريعًا وهي تصيح بعدائية
- اللعنة عليك الا تنظر يا رجل أمامك
تمتم بنبرة معتذرة وهو لا يعلم سبب شراسة تلك النمرة التي أظهرت مخالبها نحوه
- حقًا اعتذر.

لكن تلك صاحبة الشعر الأشقر الفوضوي المتمردة ك شخصيتها ما زالت تلقي بسباب لاذع في وجهه ليصرخ فجأة وقد برزت عروقه النافرة مما جعلها تتهاون للحظة وتتراجع للخلف من همجيته
- ما بالك يا امرأه اعتذرت ما الداعي لكل تلك الهمجية.

ازدردت ريقها بتوتر وهي تتأمل ملامحه الرجولية الجاذبة، بشرته البرونزية ثم شعره القصير المصفف بعناية تجولت ب فحصها الي عيناه الدافئة برغم من تقطيب جبينه وشراسته إلى انفه الطويل ثم شفتيه المائلة للإغواء ولحيته وشاربه الخفيفين الذي اعطاه جاذبية مهلكة رغم بساطته واناقته في ثيابه المكونة من بنطال الجينز وقميص ابيض، اغرورقت دموعها وهي تضع كفها علي شفتيها بقهر
- تشبه كثيرًا.

أين جاءت تلك المختلة وتعثرت في طريقه، نظر الي ساعته الانيقة ليقول بضجر
- أشبه من يا مجنونة؟
كففت دموعها وهي ما زالت تتأمل تقاطيعه الوسيمة بصوت متحشرج ونبرة تشوبها الرجاء
- شخصًا عزيزًا علي، هل من الممكن التحدث معك لانني اشعر بالراحة من وجودك بجواري، من فضلك.

ضجر كثيرًا من إلحاح تلك الأجنبية الغريبة لينظر الي ساعته مرة أخرى ليعلم انه قد فاته المترو، حسنًا قرر قضاء وقتًا مع تلك المختلة بدلاً انتظاره في المحطة وحيدًا
- حسنا
سمعت نبرته الحذرة لتلمع عيناها فرحًا وهي تقول بابتسامة ناعمة وكأنها طفلة حصلت لتوها على لعبة جديدة
- لا تقلق لست متسولة أو امرأه ستقتلك اهدأ
مد ذراعه مشيرًا الي المقهي الذي يبعد ب شارعين وهو يقول بلباقة
- من هنا يا.

ابتسمت باستعلاء وهي تسير في المقدمة
- انسه
قطب حاجبيه وهو يعد صفة أخرى قليلة الادب جوار كونها مختلة ليقول باستخفاف ونبرة لاذعة
- هل اسمك انسه؟!
عادت للهجوم وهي تنظر اليه بعدائية
- وهل سألت عن اسمك يا رجل ما بك؟
مسح ب كفيه على وجهه وهو يقول بنفاذ صبر
- الصبر يا ربي
كانت قد سبقته ببضع خطوات لتتوقف حينما شعرت بغياب عطره لتدير برأسها للخلف وهي تري قامته الطويلة بحذر، صاحت بجدية.

- هيا اسرع لن انتظرك اليوم برمته
نظر نحوها بعدائية اجفلتها قبل أن تجده ينظر إليها بأستخفاف بل سبقها بضع خطوات غير منتظرًا اياها لتنظر اليه بصدمة استعادتها سريعًا وهي تواكب سيره الذي أشبه ب الركض قائلة
- انتظر يا رجل، انني حتي لا اعلم اسمك.

نظرت بقلق إلى وجوه المدعوين وهي تأمل أن ترى شقيقتها، برغم هروب العروسين إلا ان ما زال العدد كما هو، غبية لقد رأت شحوب وجه شقيقتها والأخري لم تدع لها الفرصة لتكون بجوارها، حاولت البحث كثيرًا عن مكان الحمام لكن المحاولات كانت فاشلة وهي تشعر بأن ذلك القصر أشبه بمغارة علي بابا
انتفضت فجأة على صوت ناعم يهمس خلفها مباشرة
- مرحبا
استدارت فجأة وهي تعلم صاحب تلك اللكنة لتقول بصدمة جلية على قسمات وجهها.

- خالد
ثم تهجمت ملامحها علي الفور وهي تتذكر تسحبه كالسارق خلفها لتقول بتهجم وعدائية
- اللعنة من اين ظهرت لي يا هذا؟

ضحك وياليته لم يضحك حقًا اهتز كل كيانها اثر ضحكته والبريق الذي عصف زمرديه جعلها تتورد من الخجل، خفت ضحكاته وهو ينظر الي فستانها المحتشم بلون التوت الذي لم يظهر سوي ساعديها وفتحة عنقها وخصلاتها الغجرية المتمردة ك صاحبتها ما زالت تأسره وزينتها الهادئة وهذا أكثر ما أراح قلبه كي لا يخطفها احدًا منه. اقترب يشتم عطرها الشرقي ليزداد ابتسامته اتساعًا انها ما زالت محتفظة بتلك الرائحة ولم تغيرها، ابتسم بعبث وشفتيه تميل للإغواء.

- أتشككين في قدرتي آنستي
تساءلت في عبوس
- هل أنت مدعو؟
ما كان يجب عليها أن تسأل ذلك السؤال وهي تراه في شكل خطف انفاسها بحلته السوداء الرسمية شعره البندقي المصفف بعناية، ابتسم متفكهًا
- نعم جئت بصحبة ابن عمي كما تعلمين، علمت بالصدفة ان هناك أعمال مشتركة حديثة بينهما لذلك لبيت نداء الدعوة حينما علمت أنك على علاقة بحفيد العائلة.

لحظة، لحظة، لحظة مين أين يعلم بتلك الأشياء عنها وعن ذلك الطفل الصغير، أمعقول كل تلك الأيام كان هنا حينما اخبرها عن ادق تفاصيل يومها سواء في المعرض او مع صديقتها شهد ويومها الحافل مع يامن تحت أنظار كبير العائلة.
بللت شفتيها بتوتر وهي تشعر أنها قد حوصرت، كل ما يفعله من حركة او ايمائه تجعلها تشعر بالخطر نحو ذلك الرجل، بل يبدو علي علمه المسبق بفسخ خطبتها
- اذا اين ابن عمك؟

- لا اعلم حقيقة ما إن جئت الي هنا حتى بدأت بالبحث عنكِ، ربما يبحث عن زوجته
اللعنة كيف نست ليان المريضة وسط مجيئه المدمر، همت بالاعتذار واستكمال البحث لتتخشب جسدها فجأة من نداء تعلمه، تعلم صاحبه جيدًا
- سارة.

التفت خالد مكفهر الوجه نحو الذي ينادي نجمته ويبدو من نظراته انه كانت تجمعهم علاقة سابقة وذلك بدي اثره من نظراته المتفحصة لسارة التي شحب وجهها وظهر ارتجاف غير ملحوظ لجسدها، لتدير برأسها نحو صاحب النداء قائلة بدهشة وتلعثم
- كريم!
ومع نطقها لأسم ذلك اللزج الجديد نستطيع أن نقول ببساطة أنها قد اخرجت شياطينه وبدأ الثور مستعدًا للمهاجمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة