قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

نبدو بخير
رغم الفراق
أنا وأنت لم يقتلنا البعد
لا نزال نمارس الحياة بشكل معتاد
رسمت طريق الفراق بكل دقة
فلا تعتذر ولا تعد.

غصة مؤلمة تبتلعها في حلقها بمرارة شديدة، مشوشة كليًا لا تستطيع ان تأخذ قرار نهائي وتتخطي تلك العقبة، ليس سهل بالمرة ما تعيشه، وكأنها في فيلم دارمي مصري، كانت تسخر من البطلات الضعيفة التي تعشق بطلها مهما كانت اخطاؤه لكن هو بطريقة ما مختلف، اخبرها انه تخطي جميع اخطاؤه وارقه، تري تصدقه ام تنبذه كالمرات العديدة..!

نظرت الى عينيها بخواء إلى المرآة الضخمة في المرحاض، تعلم أنها استغرقت فترة طويلة حبيسة تلك الغرفة لكن ما بيدها حيلة رائحة التبغ ورائحة النساء النفاذة جعلها تشعر بالتقيؤ ولبت بالنداء بالفعل، وما دار في خلدها في لحظة خاطفة جعل عيناها تتوتر وتنظر الي صورتها العاكسة بشرود شديد،.

رباه حقًا إذا اصبح الشك يقينًا كل المؤشرات تدور نحو فجوة عميقة، عضت شفتيها بقهر وهي تعيد ترتيب هيئتها المزرية من جديد، شقيقتها تبحث عنها بالتأكيد وهاتفها قد فرغ شحنة وهي في الحقيقة لم تبالي بذلك، طرقات هادئة علي الباب أخرجها من شرودها لتمتم بعبارات غير مترابطة لتجمع شتات نفسها سريعًا وفي فراشها تحديدًا ستفكر بعمق،.

خرجت من المرحاض وهي تلتفت يمينًا ويسارًا على التي طرقت الباب، تيبس جسدها لوهلة حينما ثبتت نظرها نحو بقعة معينة، ما يفعله هنا؟ كيف علم بوجودها؟، والأهم لما يقترب منها بتلك السرعة وجسدها لا يتحرك ولا يستجيب لأي أمر من رسائل جهازها العصبي؟

عيناه الزرقاء عبارة عن جمرتين فقط وهيئته خطفت أنفاسها بل في الحقيقة خاطفة لأنفاس ولب عقل نساء تلك الحفلة رمقاتهمن وتفحصاتهن التي تمشط جسده من مقدمة رأسه حتى أخمص قدميه وهو غير مبالي، غير مبالي اطلاقًا عيناه تحتضن عيناها برقة وكأنه يخشي أن يؤلمها من عناقه، عناق أعين؟!

لم تستمع من قبل عن معانقة الأعين لكن هذا ما يفعله تحديدًا، معانقته تلك جعلها متخشبة، حابسة انفاسها وكأنه يضغط على رئتيها على وشك أن يزهق أنفاسها وياللعجب رائحة عطره لم تثير بها اشمئزازها او تشعر انها تريد التقيؤ كانت رائحة عطره هادئة.
لفح انفاسه بخشونة وقد رقت نظراته الرمادية وهو يهمس بلهاث خفيف
- رباه ما الذي فعلته بك؟

ألتلك الدرجة هي شاحبة أم ماذا؟، لقد تأكدت من ترتيب هيئتها قبل خروجها، توترت قليلاً وهمت بالتحدث ليقاطعها وهو يحتضن كفيه الدافئتين على وجنتيها وهو يهمس بصوت متحشرج
- هل انت بخير، هل تشعرين بتوعك أو أي شيء؟

غصة في حلقها ابتلعتها بصعوبة وهي تتابع بعينيها خلف كتفه نظرات النساء الفضولية علي ذلك الوسيم الطاغي ونظرات مزدرية علي تركهم جميعًا و مبالي فقط نحوها هي، الضعيفة التي فقدت نصف وزنها صاحبة العظم على الجلد
ارتعشت شفتيها وهي تعود لعناق عينيه قائلة
- سأظل بخير ما دمت بعيدًا
لم يبتعد ولم يزيل يده بل هي حتى ما عاد اليها نفس لتهرب منه تريد أن تنهي كل ذلك، همس بصوت متهكم
- هل انتِ سعيدة ببعدك عني؟

من يسأل ومن عليه الجواب؟ أليست هي من المفترض أن تبادر بذلك الا انها ردت ببساطة شديدة وعيناها تعود لتلك صاحبة اللون الأشقر المصطنع ببرود وجفاف وكأنها سرقت وسيمها الليلة
- غادر رجاءًا ولا تضع اي ذرة ألم، فعلتها من قبل لن يكون صعبًا في المرة الثانية
دمدم بهدر وأنفاسه الساخنة تعيد ذكريات دفنت، رحلت مع الماضي
- فعلتها مرغمًا
ابتسامة ملتوية صنعتها وعيناها عليه قائلة بجفاف
- وتلك المرة بمحض إرادتي.

زال بينهما جميع العوائق وهو يقترب منها، الفاصل بينهما محي تمامًا وهي تستمع الى خفقات قلبه المدوية بثوران على صدرها، انتقلت تلك العدوي سريعة الأثر وهي تراه يهمس ب بألم.

- اشتقت، كل ذرة في داخلي تثور وتخفق بقربك، لا تكوني جافئة ما زلت بحاجتك جواري، استيقظ لاجدك تضمي جسدي بلهفة، أم تخشى ان يستيقظ ابنها من الكابوس الذي يؤرق مضجعه، رغم انني كنت اشعر بالضيق لكشف ضعفي الا ان قربك يهدئني يعطيني حالة من السكينة
إن كان احدًا يشاهدهما سيظن أنهما يُقبلان بعضهما على الملأ غير مبالين ومحطمين للعادات وثقافة المجتمع، لكنها تعلم هدفه من ذلك القرب، ب جعلها ترفع الراية البيضاء.

همست بنبرة لاهثة وهي تحاول أن تبتعد عن لسعاته الساخنة
- انت غير عادل بالمرة، لا تؤثر عليّ بكلماتك وحاجتك إلى وأنت الذي أبعدتني بكل قسوة عنك
قبل جبهتها برقة شديدة مما اذاب بعض الجليد في قلبها وهي تسمعه يهمس بنبرة أجشة
- عاقبيني ليان عاقبيني ولكن ظلي جواري تحتضنيني تفهمين ما أريده دون كلمه، كوني جافئة باردة معي سأتفهمك لكن في الليل عانقيني فقط لا ارغب سوى ذلك
- وماذا بعد؟

حاوط ذراعه حول خصرها بكل نعومة وأصبحت الرؤية بينها وبين تلك الشقراء داكنة، ألقي بنظرة عليها وهو يراقب قهوتها التي بدأت تميل إليه تتأثر به عكس الأيام السابقة
- افعلي بي ما ترغبي به ولن أيأس ابدًا من محاولة ارضائك وطلب عفوك، سأبذل كل جهدي حتي تصفحى عني
همست بصوت مرتجف وهي تعلم أن كل ذلك سيذهب في مهب الرياح، لن يلعب معها بكل عدل، سيلقي جيوشة الضارية نحو ساحة المعركة أثناء الراحة
- انت تلعب بغير عدل زين.

وكأنه لتوه أدرك أنهما تحت انظار الفضوليين، عن ذلك الغربي وهو يحاول ان يرضي حبيبته! سمعت ذلك الحوار من فتاة وهي تتحدث مع صديقتها التي بجوارها، ابتسمت بسخرية بالطبع بنصرها الأيسر والأيمن خالي من اي علامة تدل على ملكه لها، وجدته فجأة يسحبها معه الي مكان هادىء بعيد عن العيون الفضولية، كان يمسك بكتفها بكل رقة وحزم في آن واحد.

وطريقه في السير وهما يتجهان خلف الحديقة الجانبية الهادئة شحيحة الضوء جعلها ترتعب وتضطرب من ما ينتويه؟!
همت بالسؤال حينما افلتها ليتأكد من عدم وجود اي شخص بعيناه المضطربة، اقترب منها وهو يحتضن وجهها بين يديه مرة أخرى قائلا بصوت أجش
- لا تقاومي
- م، ماذا..؟!

همت لتفهم ما ينتوي قصده لتجده انحنى برأسه بقبلته العاصفة التي فاجأته قبل أن تفاجئها هي تحديدًا، رجفة عنيفة زلزلت كيانها كليًا وهي ما زالت تحت أثر الصدمة، لم تصدق أن يقبلها في ذلك المكان تحديدًا توقعت شيء اخر بعيدًا جدًا عن قُبله ولمسات ناعمه وكأنه يصالحها بسبب مشاجرة تافهه، انصهر جسدها من قبلته التي حملت بكل شيء مُستقبله مشاعره التي جعلتها تتخبط وتتيه وكأنها ورقة سقطت في فصل الخريف والهواء يحركها كيفما يشاء،.

نست اين هي وجميع من حولهما لتجده يغرس يديه حول عنقها وجسدها لم يقاوم ابدًا ولم يردعه ما يأخذه وكأنه له وكأنه مستقبل لتلك الهجمات الضارية
ابتعد فجأه وهو يهمس بنبرة لاهثة يلتقط انفاسه بصعوبة
- رباه ما الذي فعلته؟
نظر الي وجهها الذي ازداد شحوبًا من قبلته اليتيمة الذي ميزه الضوء الخافت الآتي من مصباح الإنارة ليعود النظر إلى كفيها اللتان ارتعشتا بشدة، خفق قلبه هلعًا من نظراتها الواسعة الساكنة.

- ليان ما بك؟
رفعت بصرها نحو عيناه المذعورتين لتهمس بأرتجاف
- متعبة
أطلق شتيمه نابية وهو يشعث خصلاته الكستنائية بأنامله قبل أن يعود ويصيح بحدة فاجأتها وجعلها ترتد للخلف على أثره
- لا تهتمين بصحتك، هذا ما يجب ان اتوقعه، سنذهب للطبيب كان لا بد من ان اضع شخصًا يهتم بك سابقًا
رمشت أهدابها عدة مرات وهي تحاول فهم ما يقوله، ايعني هو عالم بكل خطوة اثناء هجره له؟ ومن سيخبره، ليلي؟!
- ما، ماذا تقصد؟!

وهو لم يجيب على سؤالها هو الذي افاق بسرعة من تلك القبلة الاشبه بعناق كاسح مدمر، امسك كفها بقوة وهو يقول بجمود
- هيا تعال معي
همست بضياع وهي تفلت يدها من يده
- سارة
رآي تلك النظرة العدائية وانفاسها التي تتلقاها بصعوبة وهي تمرر برقه اناملها على نحرها، زفر بحنق قبل أن يقول بجدية
- لا تعانديني ليان جسدك قل للنصف وشحوب وجهك مقلق كان يجب أن اكون عالمًا انك تتجاهلين صحتك ستضعي نفسك في المشفى لشهور.

- لا اريد الذهاب معك اريد العودة مع سارة
قبض علي ذراعها اليمني وقال بنبرة لا تقبل النقاش
- ستعودين معي ليان انتهي الحديث
زمجرت بحدة وانفلتت منه بصعوبة قبل أن تصرخ هادرة واخيرًا عادت ليانه الجديدة
- لا يوجد نقاش متمحور حولك فقط، انني بخير بخير للغاية اريد فقط العودة للمنزل
صحح قائلا بأستخفاف
- منزلنا لياني.

هل ما زال ينطق ياء الملكية العربية مرة اخرى؟، لوهلة تذكرت ذلك المنزل الواسع البارد ليرتعش جسدها وهي تستند على الحائط بحماية قائلة بصوت مرتجف.

- لن اعود للندن مرة أخرى، انها خانقة ومخيفة وباردة، الناس عنصريون للغاية كنت ارتعب بنظراتهم الشائكة الموجهة لي وكأنني قتلت احدهم او سلبت منهم راحتهم، لطالما عشت معك ايام رائعة سيطرت بها بقوتك و نفوذك ومحيطك الخاص على عدم الحاق بي اي من الأذية أو نظرات الشائكة لكن الايام تلك التي عشتها، لا اقدر زين، حقًا لا اقدر لقد تعبت حقًا اريد ان ابقى في جدران بيتي موطني زين، اريد العيش في موطني سأمت من الحرب التي لن تنتهي.

كان يستمع إليها من كلماتها الغير مترابطة ومتعددة الجوانب لتعود إلى نقطة واحدة فقط، حياته وحياتها المختلفة كليًا هو تأقلم على حياته ولم يجرأ احد على ان يوجه ولو اصبع واحد من الأتهام اما عنها تجمعت جميع التهم دون الاستماع الى المذنب، رفع بصره نحوها وهو يراقب تلك الهالة الشاحبة وكأن روحها تخرج من جسدها، غمغم بجمود
- وانا؟
غمغمت بلهاث مغمضة عيناها بقسوة
- تستطيع الزواج بامرأة،.

لم تستطيع أن تكمل عبارتها لتجده فجأه غرس أصابعه بكل قسوة علي ذراعيها صارخًا بوحشية
- ابدا ليان لن افعلها ابدًا تأتين بذكر امرأة أخرى، سأعاقبك وبقسوة ليان بقسوة ان سمعت او لمحتي بأي من تلك الاشياء مرة اخري
ترقرقت عيناها بستارة مشوشة قبل أن تتأوه في خفوت
- كيف خدعت ماما وبابا؟
ابتعد فجأه عنها عندما تذكر انها بالكاد تستطيع أن تقف ثابته، غمغم قائلاً.

- جلسة صراحة طالت لساعات لا اذكرها لكنها رضيت عني اخيرًا، تعلم انها لن تجد رجل اخر يستطيع يعشق ابنتها بجنون يقدم لها قلبه المغلف بروحه وضعت كامل ثقتها في داخلي والسيد ابراهيم وحتمًا لن اخون مقدار تلك الثقة مرة اخري
لم ترد عليه بل قالت بضياع
- اريد العودة للمنزل
التفت يده حول خصرها بهدوء لتريح رأسها بآلية على مضخته الثائرة دون اهتمام متجهًا نحو الخارج، همس بعنف.

- سنعود لمنزلنا ليان سنعود سأتركك الليلة فقط.

راقبت تلك النظرة السوداوية التي تشعر وأنها مثل بئر سحيق لا قرار له لتعود بنظرها مرة اخرى الي رمادتيه التي تبرقان ب منافسة الي خصمه
وضع كلا كفيه بهدوء مستفز وهو يقول بسخرية
- بجد مكنتش متوقع وجودك هنا، اخر حاجه كانت ممكن تخطر على بالي اني الاقيكي هنا ده طبعا بعد ما طلعت بره بلدي بالغصب بس تعرفي عاد عليا بالنفع.

صمت للحظات وهو يتأملها ب وقاحة جعل الآخر عيناه تشتدان غضبًا وقساوة واشد خطورة، الاخر يرفع حاجبه بإعجاب وثناءًا على هيئتها الانثوية التي اصبحت عليها
- ومين الاخ اللي جنبك علي حد علمي اني لما سبتك كنتي بترفضي تقربي من حد ولا علشان هو مش زي احد حد برضه
جحظت عيناها وهي تعلم مغزى حديثه لذلك تقدمت ودون أدنى تردد تسقط على وجنته اليسري كف حارق وهي تصرخ به هادرة.

- اخرس يا حيوان ملكش اي احقيه تتكلم عني بالطريقة القذرة دي.

وقبل ان يتسنى الاخر باصدار اي رد فعل وكأنه الاخر انصدم من فعلتها، وجد جسد اخر يكيل عليه لكمات عنيفه جعلته يصرخ متألمًا من قبضته الوحشية على معدته، استطاع أن يرد لكماته بأخرى لكن الآخر ظل اقوي بطريقة اشعرته وكأنه يصارع بطل سومو، وهي واقفة حائرة عاجزة تشاهد الرجلان اللذان يعاركان بعضهما بوحشية دون أدني رحمة، اختفي الرقي وظهرت البدائية للإنسان الهمجي المتوحش، مع رؤيتها للدماء التي تنبثق من انف كريم اقتربت نحو خالد وهي تنظر باستجداء علّ احدًا يفض الأشتباك بينهما.

ارتعشت يدها وتحاشتها فورًا لتقول بصوت هامس
- خالد
استمعت الي لفظ نابي يخرج من شفتيه وهو يعود لكم وجه بضراوة
- ايها الحقير لن تنجو من فعلتك، انت
اقتربت تضغط بأناملها علي كتفه بعطف
- خالد رجاءًا دعه، اتركه خالد، انه صاحب المنزل اتركه رجاءًا
وكلماتها المترجية ما زادته إلا اشتعالا وهياجًا، نظر إلى خصمه الضعيف بإزدراء قبل أن يهجم عليه صارخًا.

- صاحب المنزل يكون بتلك الاخلاق الدنيوية ولا يحترم الضيف في منزله يستحق ارساله للجحيم
وحينما يأست من ذلك الوضع لم تجد سوي ان تضحي بنفسها وهي تضع نفسها حائلا للذي سيموت بين يديه، ابعدته بصعوبة عن الآخر و لهثت بعنف من ما قدمت علي فعله قائلة برزانة
- خالد ارجوك توقف، توقف رجاااءًا
تمتم بين شفتيه وهو ينظر للذي تكور علي الأرض بألم
- حقير.

التقط انفاسه بقوة وما زالت هي تنظر اليه ب خوف ان يلقي بباقي غضبه في وجهها، عاد يقلب عينه ليجدها أمامه منمكشة كالفار المبلل، اشتدت عيناه قسوة وهو بدون كلمة يسحب يدها نحو الخارج غير عابيء باللذين تجمهروا حول الملقي علي الارض لا حول له ولا قوة
صرخت بفزع وهي لا تصدق كيف يجرها كالبهيمة و خطواته السريعة الثابتة لا تناسب ابدًا مع كعب حذائها الذي كاد ان ينكسر
- إلى اين تذهب بي يا رجل؟

حينما خرج اخيرًا من البوابة أفلتت ذراعها من سجن حصاره قائلة بعنف
- خالد توقف لا احب ذلك الأسلوب في التعامل معي في الحديث
اراح بجسده علي سيارته التي جاء بها مستقلاً بمفرده، وضع كلا ذراعيه علي مقدمة السيارة واهبط برأسه للأسفل وهو يقول بوجوم
- لا تتحدثي معي انني غاضب وبشدة
اما عنها اتصمت؟! ابدًا وليست بتلك الطريقة الفظة اقتربت منه وهي تضربه على كتفه بوحشية.

- ما بك؟ كانت مشكلة واستطيع التصرف بمفردي وكان سينتهي لكن بفضلك تضخم الأمر
صرخت بفزع حينما غرس اصابعه علي قماش فستانها الرقيق
- وذلك الحقير نعتك بصفات قذرة
اسدلت بأهدابها الكثيفة للحظة قبل أن تعود تنظر اليه بصدمة جلية على قسمات وجهها
- هل، هل تتحدث العربية؟
لوى شفتيه وقال بسخرية
- لا اتحدث بدأت بتعلمها ولكنني أفهم قليلا
ابتلعت ريقها وهي تجد انامله تزداد قسوة دون ادني رحمة
- منذ متى؟
- منذ عدة أيام.

ايعني هذا انه هنا منذ أن قدم ذلك الهاتف الغبي وتلك الأيام وهي تشعر بأنها مراقبة كل ذلك حقيقي، هو مراقبها الخفي في كل حركة وكل سكنة تصدر منها
- اسفه لكنني حقًا مضطرة لذلك
تملصت من ذراعيه ثم سارت بهدوء مبتعدة عدة خطوات قبل ان تعود اليه وبدون أدنى تردد صفعته بقوة على وجهه قائلة ببرود
- هذا بسبب ديني القديم منذ أن صفعت مؤخرتي ورسائلك الوقحة.

لا تعلم لما لم يصدر أي فعل سوى انها تستمع الي انفاسه الساخنة والمشتعلة بتوتر وقبل أن تفر هاربة وجدته يقول بصوت جامد
- سارة
انصهرت ساقيها كليًا من نبرته الحازمة والخالية من أي وعيد ليزيدها خشية اكثر لتقول بثبات مضطرب
- لا ارهبك ولا اخاف منك يا، خواجة
ثم عبثت في محتويات حقيبتها لتضع هاتفه علي مقدمة السيارة بهدوء قائلة بجفاف وصرخات قلبها تكاد تفضحها.

- تفضل هذا هاتفك لا تتعرض في طريقي ثانية صدقني حتمًا لن تجد ما يسرك ابدًا
غمغم ساخرًا وعلو انفاسه تزداد حدة ووحشية
- ماذا قلت انا؟
شعث خصلاته الكثيفة وهو يقول بتهكم صريح
- ان كنا في مكان وزمان مختلفين كنت قبلتك حتى تستسلم جيوشك الضارية ايتها المتوحشة الصغيرة
سمع شهقتها المفزعة التي شقت عتمة السكون الوحشي في الطريق ليتابع حديثه بنبرة لينة.

- لكنني قطعت عهدًا ب الا اذؤيك ابدًا وان ادنس شيئا من طهرك، لكن لا تستفزيني سارة ابدًا حينما يكون مزاجي سيئًا لا ارى امامي ولكني أحاول التحكم في ذلك
ضحكت بدون مرح
- رائع رائع سيد خالد وماهو عقابي او كيف هي طريقتك المثلي للانتقام مني وقتها إن استفزيتك
رفع ببصره نحوها وهو يقول بنبرة جعلتها تكاد أن تسقط مغشية على الارض.

-انتقامي ليس عتاب ولا فراق ولا كره انتقامي قبلات دافئه تتقاتل مع شفتيك حتي تعلنين الرضوخ وتستسلمين لجنوني
لفتها رغبته الصريحة، لا يريدها هي لا يريد روحها يريد جسدها فقط، كتمت شهقه مؤلمة وهي لا تستطيع أن تكبح دمعاتها الساخنة بألم
- انت، انت انسان عديم التربية وقح وجريء بشكل مقزز
كادت أن تفر وتهرب منه قبل ان تجده يقبض على ذراعها قائلا بنبرة خاشية
- سارة انتظري.

ارتعش جسدها فور لمسته على ذراعها لتقول بهذي وعيناها تفيضان من الدمع حزنًا
- ازاي كنت مخدوعه فيك بالشكل ده، ازاي كنت غبية علشان معرفش الفرق اللي بينكم
خاف لوهلة وهو يراها تهذي تارة وتصرخ تارة أخرى ربت على كتفها بهدوء
- سارة، سارة هوني عليك لا افهم ما تقولينه جيدًا
امسكت ياقة قميصه بخشونة وقربتها منه حتى تلاحمت انفاسهما معًا وهي تقول بنبرة لاذعة.

- ماذا تريد مني، ماذا تريد جسدي صحيح حتى تنطفئ تلك الجذوة للأبد وتستطيع الابتعاد عني وكلا منا في طريقه
وقف مبهوتًا وقال بنبرة صادمة
- ماذا؟
لم تكن هي كانت اخري وهي تصرخ بهدر
- انا موافقة سأمنحك جسدي لكن يستلزم ان تتزوجني بموافقة عائلتي أولا، هذا ان كنت تريد الزواج مني؟
انتهت عبارتها بسخرية مما جعله يبعدها بهدوء وهو يقول بنبرة حانقة
- ما هذا الهراء؟
ضحكت بدون مرح وهي تشد علي اسنانها بصعوبة.

- ما سبب سعيك خلفي بتلك الدرجة؟، ماذا ترغب بالنهاية؟، رغم رسائلك وحديثك الوقح الا انني اعلم انك شخص هوائي لا يعلم شيئًا عن العائلة والاستقرار ابدًا لن أرتبط بك ابدًا، اخلاقك بتلك الدنيوية ستجعلني افكر الف مرة قبل أن اوافق
بلل شفتيه بتوتر وانزاحت عيناه للون باهت كئيب وهو يقول بتلعثم.

- سارة اعتذر آسف حقًا لكن صدقيني ما كنت لأفعل، لما لا تصدقيني سارة اخبرتك انك مميزة عن اللاتي عرفتهن قبلك، لن اقدم علي اي شيء الا وانتِ زوجتي
رفعت حاجبها وقالت بمرارة
- ماذا؟
مسح كلا كفيه على وجهه وهو يقول بصعوبة.

- اريد ان احتضنك واجعلك تثقين بي، اقبل يديك لكنني امتنع بصعوبة بالغة، مصرًا على أن تكون بدايتنا جادة وهادئة تلك المرة، اعطيني بعض الوقت اعلم سبب مخاوفك مني ليس كوني هوائى بل لكوني مبتعد عن ديني لكنني اتعلم اقسم لك اتعلم ولكني في حاجة ماسة إلى دفعة اكبر وهذا ما لا يصدقه ابي لا يصدق انني جدير بك استحق قلبك يتوقع مني ان اخونك او اتركك في اول محطة صدام بيننا او تنطفأ تلك الشعلة التي بيننا.

رمقته بأزرداء حتي كاد ان يشعر انها ستبصق في وجه صائحة بجفاف
- تتحدث وكأنني ابادلك نفس الشعور
نظر اليها مطولا قبل ان يقول بهدوء
- ستبادلين سارة ستبادلين
نبرته واثقه يعلم ما يفعله جيدًا، لم يؤكد حديثه بل يتمحور في المستقبل وغموضه هذا جعلها تبتلع ريقها قائلة بجفاف.

- ليس ذاك او هذا صدقتك حينما اخبرتني توقفت عن تلك العادة السيئة لكن انظر وامعن جيدًا، انني مجنونة حقًا في تصرفاتي لست مستعدة للخطوة الجادة ارتعب منها بشدة، ليس كليًا لكن انت تستحق فتاة كاملة الخلق تستطيع مساعدتك في انتشالك من ظلمتك و واثقة من أنك ستجد بدل الواحدة مئة
قاطعها بقوة
- ولكني اريدك انتِ
- خالد
حذرته وهي تجده يتحرك نحوها الي انشات ليعود كما كان مرغمًا.

تنهد بحرارة قبل ان يقول بعاطفة جياشة ك حجرة عثرة القت في بركة راكدة أثارت بعض الفوضوي به
- اريدك سارة اريدك يا امرأه ذات القلب المتحجر اريد جنونك ومشاغباتك لتضيفي لقلبي الساكن مرحًا وان كان علي طريقنا سأمسك يدك ونصعد خطوة خطوة حتى نصل الي البر
نظر الي وجهها المتورد بحنان قبل تسمع نداء شقيقتها التي أتت بصحبة زوجها
- سارة
نظرت نحوهم بهدوء قبل ان تعود تنظر اليه وهو يهمس بنعومة
- سأزور منزل والدك قريبا.

زمت شفتيها بعبوس مجيبه بتهكم
- انا لم اعطي لك جوابي
انفجرت شبه ابتسامة راضية وهو يقول
- لكن عيناك أعطت، الي اللقاء.

كان تسير معه وهو واضع كفيه مانعًا إياها من الرؤية، كانت تضحك بقوة وهي تستمع إلى بعض مزحاته المضحكة، كادت أن تتعثر بفستانها الكريمي الهاديء ليثبتها بكل قوة وهو يضم خصرها ب تملك
أزاح كفه بهدوء ليقول بأبتسامة ناعمة
- قوليلي بقي عجبك
نظرت إلى ذلك الكوخ المزين بإنارة شديدة بانبهار، وجود رجلين ب زي ملابس رسمية واقفين بانتصاب، شعرت بأصابعه تحتضن كفها ليرشدها الي الداخل بهدوء
- تحفة بجد يا راشد.

هتفت بها وهي تراقب ذلك المطعم الصغير المعد ب كفاءة عالية، ترقرقت عيناها بالدموع وهي تجد طاولة مستديرة لشخصين والورود متناثرة علي الارض بكل عشوائية اقترب يقبل كفها بنعومة وهو يزيح مقعدها لتجلس عليه مبتسمة بأشراق.

جلس علي مقعده وعيناها تتابع الانارة الرومانسية الخافتة والطعام الذي اشتهت لتأكله كاملا، لاح على ذكراها عمار لتنحسر ابتسامتها وهي تراه شاردًا على غير عادته، مررت يدها برقه علي الطاولة لتحتضن كفه بهدوء قائلة
- ممكن اعرف ايه اللي مضايقك؟
غمغم بعبوس وكآبة شديدة
- صبا
ابتلعت غصة في حلقها وهي تتذكر تلك المرأه الفاتنة والتي يبدو عليها وكأنها لم تتزوج وتنجب قبلا ً، لا تريد أن تعقد مقارنة بينهما همست بصعوبة.

- مالها
زفر بحرارة وهو يهتف بضيق
- بتطلب انها تشوف ابنها اكتر من مرة في الاسبوع رغم ان احنا اتفقنا هتقابله كل اسبوع واخر الشهر تقضي معاه كام يوم
هزت رأسها موافقة وهي تقول
- برده هي أمه وخايفه عليه
قست ملامحه وهتف وهو يجز علي اسنانه بقوة
- متعرفيهاش يا هند، صبا أبعد ما تكون عن ست بتهتم بابنها، هي بدأت تضغط علي يامن بطريقة رهيبة بعد ما عرفت اني ارتبطت بيكي.

شعرت بأن الهواء ينسحب منها تدريجيًا وحينما همت بأن تزيح بكفها عنه وجدته يضمها اليه بقوة، بللت شفتيها وقالت
- يعني انا السبب
ابتسم مطمئنًا
- بتغير منك علشان الكيميا اللي بينك وبين يامن خلال أيام معرفتش تعملها من سنين
- بس هي برده،
قاطعها قائلا مغيرًا دفة ذلك الحديث بابتسامة دافئة
- احنا لو اتكلمنا عنهم مش هنخلص للصبح، كلي الاكل بدأ يبرد.

وافقت على مضض لتبدأ في تناول طعامها دون أدنى شهية، عبثت في طعامها بشرود لتجده هو الآخر يفعل ذلك قالت بنعومة
- راشد
رفع رأسه نحوها و بريق رماديته لم تخيفها تلك المرة بل شعرتها بالدفء والحنان لتقول بتلعثم
- واثق بجد انك اخترتني اكون ليك
ضحك باستمتاع تلك المرة وهو يغمز بعبث
- لو كان عندي ذرة شك مكنتش هخليكي تحملي اسمي
هزت رأسها بتفهم ثم استطردت
- قولتلي انك هتجاوب على سؤالي
ضيق عينيه قائلا بعبوس
-سؤال ايه؟!

ثم ضيق عينيه بضيق وهو يري ذلك السلسال ما زالت ترتديه ليغمغم بحنق
- هند ممكن اعرف مين اللي جابلك السلسلة ديه؟
نظرت الي السلسال بحنان لتلمسه بأصابعها قائلة
- من اكتر واحد عزيز علي قلبي جدًا وقت ما ادهاني وطلب مني مقلعهاش وعدته فعلاً
ضم قبضته بقوة كي لا يفتك بها، من غيره بالطبع خطيبها السابق وصاحب الخفقة الاولى، نار حامية اشعلته وهو يصيح فجأه جعلتها تنتفض برعب منه
- هند
همست بعبوس.

- انت عارف كويس قبل ما اتجوزك كل حاجه عني فمن فضلك مش وقت ما كتبت كتابك تبدأ ترجع لتحكماتك تاني
مسح على وجهه بنفاذ صبر قائلا
- انا
قاطعته بهدوء
- عايزة اعرف انت مين فيهم الحنين ولا الشرس؟
- الاثنين
همت لتقول شيئًا ما ليسحب كفها بحزم وهو يقول حينما سمع اصوات موسيقي هادئة في الأركان
- تعالي نرقص.

أراحت رأسها بهدوء على موضع نبضاته الثائرة بهدوء وكفيه تحيطان خصرها بنعومة ابتعدت قليلا وهي تنظر الي رماديته الهوجاء لم يهدأ قلبه تعلم نظراته الثاقبة علي ذلك السلسال
- بعد جوازي هكمل شغلي في الشركة اللي بشتغل فيها انا هبقي مراتك وام لكن هيكون ليا مساحة خاصة بيا
غمغم بغيرة واضحة تخرج من أنفه وهو يتذكر تنوراتها التي أذهبت لب عقله
- مش هتشتغلي مع حد غيري
همست بمرارة.

- سكرتيرة ليك، ولا في الارشيف، عموما شغلي هناك مرتاحة فيه جدًا وصدقني يا راشد انا هناك مبسوطة فيه
زفر بحرارة وهو يؤجل ذلك الحديث لاحقًا ليقول بخشونة
- هند
- نعم
- بتحبيني؟
صمتت للحظات وهي تنظر الي عيناه المتفحصتان بنظرات تخترق روحها قبل عيناها لتجيب بصراحة.

- مش عارفة بس خايفة منك انا صريحة معاك ومش مخبيه اي حاجه عشان مش متعودة اكدب، خايفة تنتهي كل حاجة حلوة بينا للأبد ارجع تاني هند القديمة اللي مبتعرفش تصمد في أول عقبة قدام حياتها، تعرف اول مرة شوفتك فيها كنت خايفة منك جدا بس عرفت واتعلمت منك حاجه مهمه جدا
صمتت للحظات وابتسامتها تزداد اتساعًا وذراعيها تحيط حول عنقه بتشبث قالت
- الشجاعة ادتني الشجاعة اني اواجهك وقدرت احارب رهبة الخوف اللي جوايا.

سارعت وتيرة أنفاسه وهو يشعر برائحة جوز الهند تجعله مغيبًا عن الواقع وابتسامتها الناعمة وعيونها الناعسه وشفتيها المنفرجتين ما كانت سوى دعوة صريحة لتقبيلها، زفر بحرارة وهو يهتف بصوت أجش
- بعدتي اووي عن الاجابة يا هند
اسدلت بأهدابها الكثيفة عن عيناه التي نطقت برغبة خالصة ليرتعش جسدها بقوة من تلك الفكرة، همست بصعوبة
- مع الوقت هتعود وانا متأكده انك هتخليني احبك مش كدة.

لم تجد رد سوي انها يرفع رأسها نحوه وهو يلتقط شفتيها بين شفتيها ويقبلها بكل ما أودعه من مشاعر منذ ان رآها أول مرة، منذ ان انقذها وأصبحت بين ذراعيه مدركًا أن تلك المرة لن تكون الاولى، جسدها الغض سيعود لاحتضانه مرة بعد مرة لكن تحت إرادتها الحرة، وهي قد رفعت كل الرايات تستجيب لاحضانه وتلك التجربة الجديدة دون ادني خبرة.

يتناول قدح القهوة الخاصة به في الصباح في المقهي الذي يرتاده دائمًا بالقرب من جامعته، في العمل ينسي نفسه ويبحر في الكتب بشغف، نظر الى الصورة التي تجمع خطيبته وذلك القبطان بوجوم، كان لا بد أن يعلم تلك نظراته ما هي سوى نظرات عاشق لمحبوبته، الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي ما زالوا يتحدثون عن ذلك القبطان الذي انقذ مسافرة حينما سقطت من البحر رغم عدم وجود اي تصريح من القبطان وخطيبته السابقة لكن الشائعات انتشرت ك الحشرات التي تتجه نحو العسل ببهاء.

- صباح الخير
قطب جبينه بعبوس ليغلق شاشة هاتفه وهو ينظر الى تلك الشقراء بضيق
- ماذا تريدين؟
لم تشعر الشقراء بأي شيء من علاماته الرافضة من وجودها بجوارها بل جلست علي المقعد المقابل له وهي تقول ببرود
- لم انت بخيل للغاية هكذا سيد سالم اظهر بعض من كرمك لطالما اشتهر العرب بكرمهم وحبهم للضيف.

تذكر الليلة الماضية حينما قضى معها ساعتين دون أدنى فائدة كانت تتحدث عن حياتها و روتينها الممل ولم تأتي بذكر صديقها وكأنها ارادت ان تكسر روتينها الممل به
ابتسم بجفاء
- لست مرحب بك
ضحكت وهي تغمز بعينيها
- فظ للغاية لكن بطريقة ما تعجبني
صمت للحظات وهو يراقب عيناها التي اشبه بالقطة قائلاً بعبوس
- ما اسمك؟
تأففت بضيق
- لقد اخبرتك ليلة أمس اسمي لوري
حينها أطلق عدة ضحكات صاخبة وهو يقول بتهكم
- اسم ساذج مثل صاحبته.

زمت شفتيها بعبوس شديد وودت ان تعاقبه بقسوة ان تمزق جسده اربًا اربًا لكن ازالت ذلك العبوس وهي تهتف ببرود
- انت يا رجل لا تستفزني لا تعلم انى معي الحزام الأسود في الكاراتيه سأطرحك ارضًا
نظر نحوها بازدراء وهو يرتشف قدح القهوة قبل ان تبرد، ممعنًا النظر إلى تفاصيل وجهها الباردة.

- وكأنني اقترب منك مثلا طالبًا التودد اليك، اعذريني لكنني لا احب الشقراوات ذوي العيون القطط المخيفة تلك احبهم ناعمين دافئين وليس باردين مثلك
رأي تلك الغمامة البيضاء ليسرع متعذرًا
- اسف ان اذيتك لكن من فضلك لدي ما يكفي غادري رجاءًا
همست بصوت متحشرج وهي تضع أناملها على كفه طالبة النجاة
- لا استطيع انت الرجل الوحيد الذي وجدت فيه ما احتاجه.

بهت للحظات وهو يراقب عيناها التي جعلته يعيد التفكير قليلاً، عيناها غريبة للغاية لم يراهم من قبل، هتف بحرج وهو يزيح كفها عنه بهدوء
- معذرة
رأته يغادر حاملاً سترته واضعًا عدة وريقات علي الطاولة، راقبته وهو يغادر بطوله الفارع وكتفيه العريضتين التي تود للحظة لو أنها تستند برأسها عليه، نظرت نحوه بأمل وهي تصيح فجأة
- لاتسئ ظني لكني اجدك شق مكتمل لي.

تيبس جسده للحظات ليعود يدور على عقبيه يقترب نحوها بفضول قائلا
- احكي لي عن صديقك السابق.

كان راقدًا على فراشه لا حول له ولا قوة ونظرات ابنة أخيه الشامتة جعله يزداد حنقًا ووجعًا، بعد معركته مع بطل السومو كانت خسائره فقط بعض الرضوض في جسده وكدمات في وجهه الوسيم، نظر الي ابن أخيه بنظرات مشتعلة
- بطل بقي شماته يا قصير انت
رفع يامن حاجبه بمكر وهو يرد بشماتة
- متقولش عليا قصير مصيري اني هطول في يوم من الايام.

هم بالرد علي ذلك الأزعر بل كاد ان ينتفض من فراشه ولكم وجه ابن اخيه الطفولي البريء المستفز، لكن بأقل حركة صرخ متأوهًا من الالم في ظهره ليظهر مرتضي وهو يطرق على الارضية المصقولة قائلاً
- اهلا باللي رافع راسي
تنهد متأوهًا وهو يقول بسخرية
- يا بابا بدل ما تقول حمدلله على السلامة الف سلامة عليك عودة طيبة
هب الأزعر واقفًا على فراشه وهو يوجه اصبع الاتهام نحوه
- كنت غلطان.

نظر اليه برماديته السوداء جعل الآخر يهبط من الفراش على الفور خشية منه
- ماتتحشرش في اللي مالكش فيه يا اوزعه
صرخ مرتضي بحدة وهو يوقف عراك هذين الطفلين
- كريم، يامن
نظر يامن نحو جده ليقول
- جدوو هو اللي غلط انا شفته من بعيد كان بيهين سارة وطبيعي الراجل اللي معاها مش هيكون واقف ساكت وميشغلش عضلاته
عندها استمع الي صرخة كريم الحانقة وهو يلقي بالوسادة ك قذيفة في وجه ابن اخيه.

- يا حيوااان شايفني بموت وكنت بتتفرج
تفاداها بسهولة وهو يخرج لسانه جعل كريم يود قتله في التو واللحظة، اخرج يامن هاتفه بحركة عابثة
- وصورتك فيديو كمان
زفر بحنق وهو يغطي وجهه بكفه ليهتف صارخًا
- مشوا الحيوان ده من وشي
عبث بشقاوة وهو يحرك حاجبيه
- قوم بقي مش شوية خرابيش في وشك تخليك نايم علي الفراش طول الوقت
تنهد مرتضي بسأم وهو يغادر من غرفه كريم مستمعًا اليه صارخًا في وجه حفيده.

- انت اصبر عليا لما افوقلك والله لتاخد علقة موت.

- ابي
صاح بها خالد بنفاذ صبر وهو يشعث خصلاته البندقية بجزع، أسبوعان وهو يطلب من والده ان يأتي معه ويخطب نجمته وكل مرة والده يتفنن بأظهار حنقه وغضبه، نقر زيدان بهدوء بقلمه علي سطح مكتبه الزجاجي وقال ببرود اخذه من الانجليز
- خالد توقف رجاءًا ما تحاول فعله لن يأتي بثمرة نتيجة معي
وضع كلتا ذراعيه علي سطح مكتب والده اقترب برأسه اليه قائلاً
- احبها ابي وانت تعلم ذلك ومصدقًا ايضًا ما المخاوف إذا؟

نظر زيدان إلى ابنه ونظرات عينيه الصادقتين جعلته مترددًا في الاخر ايضا كان صادقًا، من كان يصدق ابنه الذي اعتمد طوال سنين حياته العيش بمفرده وكأن لا يوجد عائلة خلفه يأتي اليه طالبًا مساعدته للزواج بمن دق له قلبه الساكن
- تعلم المخاوف جيدًا لن اجعلها هي الاخري تتألم
ضرب بقوة بقبضته على سطح المكتب مما جعل كوب القهوة تنسكب علي بعض الاوراق التي لم تبدي اهتمام خالد.

- اتظنني مثل زين، ابي بربك ألست كنت متعجل بزواجي ها انا اعلن ذلك أمامك ارغب الزواج
- انا لا،
قاطعه خالد بحسم
- انظر الي ابي انت تعلمني جيدًا هل يوجد اي عبث في ذلك الأمر انني جدي للغاية واستطيع ان اقسم لك انني لن اؤذيها لن امحي ضحكاتها سأبذل كل جهدي لتظل مبتسمة
صمت زيدان لعدة لحظات ثم تابع وهو يقوم من مقعده قائلا بسخرية
- اعلم ذلك ايها الشجاع المغوار.

للحظة تيبس جسد خالد وهو يعلم عن ماذا يقصد والده، يوم انتحار تلك الحمقاء وجعلته يخرج مشاعره التي احتفظها في داخله لسنوات، ابتسم بشرود
- رأيت الصور
- وكأن المملكة المتحدة والعالم بأسره لم تري بطولتك الخارقة
ما زالت نبرة والده ساخرة وتهمكية، شرد خالد لعدة لحظات هامسًا
- بكر!
رمقه زيدان بحزم قبل ان يصيح بجمود.

- لا تدعه يدخل في موضوعنا رفض ان يطلعني علي أي شيء حتى رأيت كل تلك الصور ثم أخبرني بمشاعرك التي تكنها للمصرية، صديقك رغم كل شيء إلا أنه يحتفظ بأسراركما الخاصة وإن لم يكن يعلم بجديتك للأمر لما احتفظه بمفرده، وحينما علم بما انوي فعله حين عودتك وقف امامي وتحداني لأول مرة اتصدق ذلك الطباخ البارع يقف أمامي بل يخبرني انه يدعمك بأي شيء ان رفضت انا
ارتمي علي المقعد وهو يغطي كلا وجهه بكفيه قائلاً.

- إذا سيد زيدان
- لست انا من يضع القرار، والدها لن يكون رحيمًا معك لكنني سأستمتع برؤيتك تتعذب
هب من مجلسه علي الفور، والده وافق، وافق اخيرا، التمعت عيناه بلون فيروزي وهب نحوه يعانقه قائلاً بامتنان
- لطاما احببتني.

نظرت الي العيادة النسائية وهي تشعر انها تخطو بخطوات نحو الجحيم، لا تعلم ان ما فعلته صواب ام خاطيء، حتى رسالة ورد التي قرأتها لم تزيدها سوي حيره، عندما لفظت ورد تنهدت ليان بحرارة وهي تتذكر ما فعلته معها برغم كل شيء كانت الشقيقة الثانية لها، كانت هي في خضم موجة التعرف علي زوجها بينما الأخرى رحلت مع صراع عنيف مع المرض الذي انتهى بفوزه الساحق،.

مسحت الدموع العالقة في رموشها وهي تلتقط انفاسها المسلوبة، عادت بذاكرتها إلى يوم تعرفت شقيقتها بالصدفة لما حدث...
- حامل!
نطقت بها سارة بسعادة وبدأت ترسم امانيها لتكون خالة للطفل القادم، بينما غمغمت ليان بجمود
- مش ممكن يعيش، مش عاوزة اي حاجه تربطني بيه
صرخت سارة بجزع
- ليان انتي اتجننتي تقتلي ابنك اللي لسه مظهرش انتي واعية للي بتقوليه
والأخرى لم تزيد سوى من اصرارها.

- دي الحاجة الوحيدة اللي هيقدر يربطني بيها للابد
هزتها سارة بعنف تفيق تلك المغيبة
- اعقلي ومتتصرفيش في لحظة تهورك، بابا وماما وافقوا على رجوعك ليه بعد مناقشات وخناقات كتير بينهم
إزاحتها بعنف وهي تصرخ
- بس بقي انتوا كلكوا جنبه ليه محدش جنبي انا اللي انجرحت واتأذيت وهو سابني عارفة يعني ايه سابني في غربة عارفة ولا لأ، هو بارع جدًا يلعب في عواطف الكل الا انا، انا اكتر واحدة عارفة كويس.

صمتت سارة حينها وهي تنظر اليها بتفحص
- ليان، عاملك ايه؟
ابتلعت ريقها بتوتر من نظرة سارة التي فهمت ما يحدث ولم تجرؤ حتى على قوله لتنفي ما طرأ في عقل شقيقتها
- معملش
وسطت خصرها وقالت بنبرة ذات مغزى
- جرحك ازاي؟
تأففت بضيق وهي تهز رأسها نافية
- مفيش، مفيش حاجه حصلت
عادت من شرودها على أرض الواقع، ترجلت من سيارتها وقد عقدت عزيمتها،.

توجهت بخطوات مرتجفة تصعد إلى العيادة بقلب مضطرب، وقفت أمام مقدمة باب العيادة و للحظة فكرت العودة إلى سيارتها ثم إلى فراشها ثم تترك الذي ينمو بين أحشائها، نفضت تلك الافكار جانبًا لتضع أول خطوة على الباب سرعان ما انتفضت من صوت بارد قارص ك الجليد
- ليان.

اتسعت عيناها هلعًا وخفق قلبها ب ثوران لتدير على عقبيها وهي تجده امامها، يضع قبضتي يديه في جيب سرواله ونظراته قاتمة، شرسة علي وشك قتلها او ذبحها، كأنه عالم بما تريد فعله
تلعثمت قائلة
- ز، زين!
جمدها بقوة من نظراته القاتمة ليضطرب قلبها هلعًا بين قفصها الصدري وهو يهتف بنبرة خالية
- لا كلمة تعالي
نظرت الى العيادة ثم إليه وهي تهتف بتوتر
- إلى أين؟
لاحت شبه ابتسامة ساخرة وهو يقول بتهكم
- الي عش الزوجية لياني.

هزت رأسها نافية عدة مرات ولا تعلم لما ساقيها لا تساعدها على الفرار منه هامسة بهذي
- لا أرغب لا أرغب بالعودة معك
لاحظت تشنجات في صدره العضلي لتنكمش حول نفسها قبل أن تجده يقبض على ذراعها بقسوة
- تلك المرة انتِ مرغمة ليان، سنعود معًا اقسم لك انني لن أتوارى علي معاقبتك، سأعاقبك على كل خطأ صغير.

اتسعت عيناها بذعر و ارتجفت شفتيها غير قادرة على الحديث واي حديث يقال بعد نظراته الشرسة وجسده المتحفز على الفتك بها من صدور اى خطأ ولو صغير، انفلتت شهقة تلاها دوار عنيف لم تجد سوي أن تستقبل منقذها الوحيد، تستقبل الظلام بحبور.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة