قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل العاشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل العاشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل العاشر

داعبت ليان آنا الطفلة الصغيرة صاحبة الأربعة أعوام وبضع أشهر قائلة
- يالهي انظروا لتلك الجميلة تزداد جمالا بعد يوم مثل والدتها
غمغمت ليلي ب مشاكسة
- لا بل مثل ابيها
- لا يهم لكنها اتت بعينين زرقاوتين رائعتين مثلك وشعر أشقر لامع
زفرت ليلي وهي تربت على خصلات صغيرتها
- لكن خصالها مثل والداها تتعبني كثيرًا
نظرت ليان نحو الطفلة صاحبة العينات الزرقاوتين قائلة بتوجس
- آنا تتعب والدتها هل هذا صحيح؟

تمتمت آنا بتبرم
- كلا، لكنها تصرني على ان اتناول السبانخ والخضروات وآنا لا تحبها
غمزت ليان مشاكسة نحو تلك الصغيرة
- اووه عزيزتي هل تريدين أن تفقدي اسنانك وتتحولين مثل الساحرة الشريرة في قصة بياض الثلج
صمتت الصغيرة آنا مفكره وهي تحك طرف ذقنها بأصابعها الصغيرة لترد بعد صمت من التفكير
- كلا، ثم انني احب الشريرات
انفلتت ضحكة هادئة من شفتي ليان لترد ليلي
- أرأيتِ، ستغلبك في كل شيء.

ثم تابعت بجدية زائفة الي صغيرتها
- هل تريدين أن تأخذي حقن في الأسنان بسبب التسوس؟
همست ليان بعتب
- بربك ليلى ما الذي تقولينه!
صاحت آنا بخوف وهو تضم قبضتها علي ثغرها قائلة
- كلا اخشي الحقن
ردت ليلي بنفس الحدة وهي تشير إلى الطبق الذي لم تمسه قط
- إذا تناولي تلك الخضروات اللذيذة
اومأت صاغرة وهي تتناول الخضراوات بعبوس طفولي وحاجبين معقودين ذكرتها ب شقيقتها لتهمس ليلي بظفر
- أرأيتي؟!

هزت ليان كتفيها بلا مبالاة قائلة
- انتي والدتها، حسنا اخبريني كيف احوالك واحوال الصالون؟
- بخير يوجد مفاجأه اخري
- ماذا هل قرروا اخذك في الفيلم؟
كان ذلك الخبر الذي زفتها به منذ بضعة أشهر، توقعت انها نست في خضم عملها ومصاعبه كما تخبرها دائما وستظل تردده ليان تتمتع بالذاكرة الحديدية، أجابت بحماس
- نعم
- مبارك عزيزتي اتمنى لك التوفيق.

هزت ليلي رأسها وقالت بهدوء وهي تتابع بعيناها الي طفلتها التي تتناول طعامها بضجر
- ولك ايضًا، هل ما زلتي تعيشين في تلك الشقة؟
أجابت بهدوء وهي تعلم إلى ما تريد الوصول اليه
- نعم لقد وضعت كل اثاث على ذوقي الخاص بها كما أنها مريحة.

هراء، هراء، هراء، كيف تستطيع العيش بمفردها خلال تلك السنوات، الوحدة شعور مؤلم لقد اختبرته من قبل ولم تطيقه، تشعر انه يسحب روحها ببطء، الدهشة تعتريها كل مرة من تلك الجامدة الصلبة التي مرت بأسوء تجربة في عمرها لو لم تكن هي الشاهدة الثانية التي رأت انهيارها التام بعد زيدان لن تصدق هدوؤها في الحديث معها وبساطتها بل عودتها للحياة بقوة بعد اعتزالها.
داعبت خصلات صغيرتها وهي تتساءل.

- نعم نعم لكنني اخبرك الن تبحثي عن شقة اكثر مساحة
رفعت ليان حاجبها بدهشة من كثرة تلك الأسئلة الغير منطقية بالمرة، أليست هي من قالت ان الشقة ممتازة بل حثتها على شرائها!، ردت بهدوء
- ولما ابحث عن شقة اكبر مساحة، انها تكفيني تحتوي على غرفتين واسعتين للنوم وحمامين غير المطبخ الواسع وهذا غير الصالة والردهة بل اظن انها كبيرة لي.

همت ليلي بقول شيء آخر، تتساءل عن شقتها السابقة، وربما ان كانت تعلم خبرًا من زيدان عن ذلك المختفي لكن قاطعتها الصغيرة قائلة بحماس
-لقد انتهيت
- مبروك
همس بها سالم بدفء وهو يقدم اليها علبة مخملية الملمس، توردت وجنتيها وهي تفتح العلبة لتتفاجأ بأسورة فضية لامعة على شكل..! يمزح سالم حقًا
ابتسمت بمجاملة وهي تقول ببساطة
- علي شكل الهلال والنجمة
هز الآخر رأسه مغمغمًا
- يعني بمناسبة ان رمضان قرب.

انفلتت ضحكة ناعمة ادت الي شعوره بالتيه بين ضحكتها الصافية، يزداد يقينه يومًا بعد يوم انه احسن اختياره لزوجة ناعمة ومشاكسة وحنونة
كشرت اسنانها وهي ترد بضيق طفولي
- لسه فاضله كتير
- الايام بتعدي بسرعة.

تعلم ما يحاول الوصول اليه، كلامه دائما يتجه الى محور آخر رغم كلماته العادية للغاية وهذا ما يقلقها، بساطته في الحديث وكلام يحمل خلفه معاني كثيرة، و صمته وهدوئه من يوم المعرض والذي أثار البلبلة في روحها بفضل القبطان، لم تكن تكذب حينما اخبرت القبطان عنه، لم تتحدث تفاصيل كثيرة عنه، مجرد زيارة لبيت الجدة في لندن ورؤيتها له هناك فقط، حديث عادي للغاية استقبله بصموت ولم يعلق علي شيئ واحد، ما يثير حيرتها ويوتر ذهنها حينما اخبرته عن الطبيب محمد وعن الجواد الثائر كان يشارك معها الحديث ببساطة وهدوء مجرد نطقها لخالد جعل وجهه يعبس والسبب! لا تدري انطقتها بطريقة مختلفة كما كانت تنادي اسمه سابقًا بلحن خاص له؟!، هل حدث زلة في لسانها!

سحبت نفسًا عميقًا وزفرته علي مهل قائلة تنهي فوضوي تساؤلات عقلها
- سالم، ارجوك متضايقش مني من موضوع تأجيل الخطوبة كتير
أجاب على الفور
- مش مضايق
تمرد طفيف في قهوتها جعله يتابع بحسم ومرح
- مش مضايق اوي كفاية انك وافقتي اصلا وتعاطفتي سموك وقررتي تتجوزي العبد الفقير لله
انفلتت ضحكات ناعمة لكن في اذنيه صاخبة تضج بالحياة، ك حجر عثر القي في ماء راكد
تحاشت النظر الي عيونه المتفحصة وهي تداري الارتباك قائلة بمكر.

- ايه يا دكتور واضح كده انت مش مقدر نفسك اووي، المهم قولي ايه الموضوع اللي قولتلي عايزني فيه؟
أغمض جفنيه لعدة لحظات وهو غير مصدق ما سيخبره لها، من قال ان الانسان ليس له ماضي، هو ايضًا له ماضي رمادي كئيب، عاهد لنفسه أن ماضيه لن يخبره سوى لشخص واحد بعد والدته ألا وهي من ستصبح، زوجته!
رفع نحو قهوتها الذي ظهر بها التركيز الشديد، هتف بجدية
- انتي تعرفي اسمي.

صمت مريب لمدة عشر ثواني تبعها انفجار هستيري من الضحك وهي تقول بشغب
- استني الدخلة ديه بتاعت انا عميل في المخابرات المصرية مش كده!
ابتسم ببطء وهو يرد بجدية
- بطلي الافلام اللي بتتفرجيها، وبعدين انا بتكلم بجد
صمتت وهي التي ظنت انها احدي مزحاته التي يلقيها دائمًا في محادثته على الفيس بوك، تهجم وجهها للجدية وطارت اخر ذرة للعبث وهي تقول كمن يلقي تعريف أمام الطلبة
- سالم اسماعيل الرافعي دكتور في كلية اداب.

اهتز جفنيه وهو يغمض جفنيه مبعدًا اسم العائلة يمحيها من عقله، يمحي ذكريات الماضي من عقله، وكيف يستطيع الانسان ان ينبذ عائلته بسهولة وهي ملتصقة به الي الممات.
همس بصوت أجش وهو يراها تتناول كوب العصير بهدوء
- تسمعى عن مستشار الرئيس اسماعيل الرافعي
هزت رأسها وهي ما زالت تترشف العصير قائلة
- هو فيه حد ميعرفهوش
- أنا ابنه.

فوجيء بل انصعق من اجابتها وهي تطلق من فمها العصير على شكل نافورة امام وجهه، تيبس وجهه للحظات من ردها الصادم له، والأخرى فتحت فاها بطريقة مذهولة لتنتفض من مجلسها وهي تلتقط محرمة من الطاولة تمسح بها رذاذ العصير على وجهه متمتمة باعتذار وما زال وجهها مصعوقًا من، وقاحتها!
- والله اسفة مكنتش قاصدة، انت بتتكلم بجد مبتهزرش
هز رأسه ببطء نافياً وما زالت اناملها تزيل بقايا العصير
- لا.

اخبرها ان تعاود الجلوس في مقعدها مرة اخري، وهو سيتكفل بذلك الأمر، جلست على المقعد محرجة وهي تقول
- طب وايه السبب اللي مخليك تخفي الموضوع ده
غمغم بغموض
- مشاكل بيني وبينه من زمان
لم تفكر بذلك المنحني البعيد، تعلم أن لن يستطيع قول شيء الآن، ابتسمت بمرح قائلة
- علشان كده اخذت الموافقة من صاحب المعرض بسهولة، وانا اللي كنت
قاطعها سالم وهو يعدل ياقة قميصه بزهو
- الواحد ساعات بيستخدم نفوذه في بعض الحالات.

- يا جااامد انت
لو كانت في منزلها او غرفتها تحديدا لصفرت له اعجاباً على حديثه الواثق، لمح طيف شخص آخر صاحب حجرين كريمتين، نفضت ما طرأ عقلها متنهده بقلة حيلة على نقطة العودة وهو خالد.
- سيد زيدان تلك الأوراق...
قالتها ليان وهي تدلف لغرفته ناظرة للاوراق بتشتت، الأوراق أمامها لا تخصها هي، رفعت رأسها لتجحظ عيناها وهي تقول بدهشة
- علياء
استقامت علياء من مجلسها وهي ترحبها وتعانقها بحبور.

- اووه عزيزتي اشتقت اليك
عانقتها الأخرى قائلة
- لم اركِ منذ فترة
تمتم زيدان وهو يقطع مشهد حميمي بين صديقتين قائلاً
- اجلسي ليان لقد جاءت علياء بفرصة ذهبية
تمتمت بتعجب وهي تجلس على المقعد
- فرصة ذهبية!
صفقت علياء يدها بمرح
- رحلة بحرية أليس رائعًا؟1
التمعت عيناها البندقية هامسه
- رائع
غمزت علياء لوالدها تخبره انها تسير على خط مستقيم لخطة والدها التفتت الي ليان الشاردة قائلة.

- لقد حجزت ثلاث تذاكر لي ولك وليلي حتى نقضي وقت ممتع في الصيف معًا
اعتذرت ليان بلباقة
- اعذريني لن استطيع لدي الكثير من العمل ربما في المرة المقبلة
نظرت مرة أخرى نحو والدها ثم هتفت
- خذي وقتك واعيدي التفكير، وداعًا بابا
- وداعًا حبيبتي
التفت بحزم نحو بيان قائلا بحنان ابوي فطري
- لسه برده مصممة
- انا كدة احسن.

من أين جاءت بتلك الرأس الصلدة تذكره بالغائب الآخر الذي لا يعلم اين تقوقع واختفى كان كالأبرة التي اختفت في كومة قش، رد بقلة حيلة
- علي راحتك
- اتفضل ديه اوراق دخلت بالغلط مع باقي الاوراق.

رفع حاجبه بشك، يعلم جيدًا ان السكرتيرة الخاصة به ليست حديثة التعلم لكي تخطأ خطأ صغير كهذا، تناوله بهدوء وسيري ما يحدث أسفل الطاولة، لأول مرة يتمنى وجود ابنه الآخر، لا يستطيع أن يعمل بمفرده دون الاستناد ل ابنه، لم تكن المؤسسة الضخمة يكون لها وجودًا مبهراً في لندن بدونه، ولكن متى سيعود الغائب؟!

ابنه طلق زوجته دون علمه، آخر شخص من يعلم، كان كالليث الهائج وهو يزعق وينفث بالنيران من أنفه كالتنين امام وجه الخادمة، انطلق صوب غرفة ذلك الذي سيسبب له ازمة قلبية، فتح الباب بحدة وهو يطرق عصاه الخشبية العتيقة بقوة على الأرض المصقولة، وجده ينام بأريحية شديدة يحسده عليه و خصلات شعره السوداء الطويلة لا تبرز معالم وجهه، زرع الأرض زرعًا وهو يصيح أمام وجهه كمنبه صباح مزعج مصيره في النهاية يصبح متهشم في الأرضية.

- يعني ايه متقوليش انك طلقت مراتك من ست شهور
انتفض مزعوراً وهو يسند بكلا ساعديه علي الفراش، غمغم بصوت اجش
- بابا
رفع الأب حاجبه باستهزاء وهو يرى ابنه الذي تخطى الخامسة والثلاثون يذكره بابنه العابث الاخر، جز على أسنانه بغيظ شديد وهو يصيح بحدة.

- هو انت خليت فيها بابا، اعرف بالصدفة من الولد وهو بيحكيلي انك طلقتها واتجوزت بعدك، لأ كنت مخبي عني كل المدة دي وتجيلي علي اخر الاسبوع ولا كأن فيه حاجة حصلت وانا اللي فاكر اني فيه خناقة بينكم اتاريك طلقتها
الهذا السبب صحوته من النوم وكل تلك الجلبة، استند بجذعه العلوي العاري علي مقدمة الفراش وهو يخمد اي كسل او خمول من جسده قائلاً
- انا كده كده كنت هطلقها مش هتفرق في الوقت.

استشاط الأب غضبًا من ابنه، غمغم بسخرية وهو يركز برماديته الداكنة علي ضبابية الأخر
- وناوي حضرتك تحضر التمرين بتاع ابنك ولا زي كل مرة، واهو الواد يشوف جوز امه بيعمل فيه ايه مش بعيد يطلب انه يروحلها
انتفض راشد من فراشه ك حية قرصت جسده، وصاح بجمود
- ابني هيكون معايا انا وهي قدمتلي تنازل عن حضانته
- واضح فيه حاجات كتير مكنتش اعرفها، والباشا اخوك ناوي يجي امتي؟

كان يطرق الأب بعصبية بعصاه الخشبية وهو لا يصدق كمية المفاجئات التي تهبط كزخات المطر على الأرض القاحلة، مما جعل الآخر يتراجع من ثورته وهتف بلا مبالاة
- مقررش امتي ينزل، عن اذنك يا والدي رايح الحمام
صاح بجمود وهو يوقف الآخر
- بلغني لو مش هتيجي
هز راشد رأسه بلا مبالاة ثم دلف المرحاض بهدوء مغلقًا الباب، تمتم مرتضي بسخط
- استغفر الله العظيم.

خرج من عرفته هابطًا من الدرج بصعوبة وهو يستند على عصاه الخشبية، توجه بخطوات بطيئة نحو مكتبه ليتفاجىء بصوت طفولي قوي يقتحم نحوه
- جدووو
ابتسم وهو يحتضن ذلك الشبل الصغير شعث خصلات شعره الفحمية بمشاكسة وهو يقول
- ايوا يا روح قلب جدو
راقص يامن حاجبيه بشقاوة ورماديته ترسل تحذير خفي
- جاهز يا جدو رايحين التمرين بعد المدرسة
همس الجد نحو حفيده وهو يتلفت كالسارق الذي يخشى ان يمسك متلبسًا.

- بعد التمرين هعزمك علي اكل من بره
برقت أعين يامن بوميض فضي ليغمز بالعين اليسرى وهو يقول
- طب وحنان؟
بنفس النبرة الخفيضة، بنفس المكر قال
- هنفلسع ونسيبها
ضحك يامن بقوة وهو يقول
- اشطا يا زميلي
ضيق الجد حاجبيه متعجبًا من تلك الكلمة المبتذلة التي خرجت من فم الصغير قائلا
- ايه! وده بمعني ايه ده يا ولد
هز الحفيد رأسه بعلامة لا مبالاة وقال بأختصار
- ده مصطلح جديد المهم يعني بمعني الموافقة
- جيل الايام.

نطقها الجد وهو يراقب شعلة البيت يخرج راكضًا نحو باب المنزل حتي يستطيع الذهاب للمدرسة مبكرًا، الي متي سيستمر حال ابنه هكذا؟!، حقًا لا يعلم، كل ما يريده أن يهتم بابنه قبل فوات الاوان!
ترجلت من سيارة الاجرة وهي تلعن الجميع بدئًا من الجار السمج الي سائق الاجرة، زفرت بحنق وهي تدب بكعب حذائها بقوة على الارضية متوجهه نحو بوابة الشركة،.

وياريت يصل الأمر لذلك الحد بل ايضًا العمل يبدو أنه سيلاقي بضع من ثورتها، تقدمت مديحة نحوها ويبدو كأنها من النوع الذي انتظر كثيرا علي باب مكتبها، اطمأنت ان هناك كارثة حدثت وصدق حدسها حينما صاحت مديحة
- انت فينك يا هند المدير شايط النهاردة.

منذ بدايته العمل هنا وكل شيء يخرج عن سيطرتها، يتآمر الكون ضدها بسبب وجوده، زفرت بحده وهي تمسح وجهها تستعيد بعض التركيز والنشاط الي خلايا عقلها التالفة منذ الصباح لترد
- ما هي كملت العربية من ناحية وهو من ناحية ثانية.

لم تستمع مديحة ما قالته الاخري بل هتفت بخوف وخلايا جسدها تتزعزع وهي تتذكر صوته الجهوري منذ قليل حينما اخبرته انها لم تأتي بعد، لقد استلقت نصيب جيد من غضبه ويبدو ان النصيب الأخرى سيكون وفيرًا
- اجري على مكتبه بقاله نص ساعة بيزعق في اي مخلوق في الدنيا ومش طايق يبص في حد.

عضت على شفتيها بقهر وهي ترمي حقيبتها علي سطح مكتبها وتأخذ احتياجاتها اللازمة، عقل يعمل كالمكوك وضربات قلبها تفضحها تشعر وكأنها جاسوس يخضع للاستجواب
- تنين ناري احمر مستفز
همست بها قبل ان تطرق باب مكتبه ودلفت إليه حينما استمعت لصيحته الامرة بالدخول، ازدردت ريقها بتوتر حينما استمعت لصيحته الجهورية ومقلتيه الرمادية تحولت الى ضبابية وكأن هناك اعصار قادم يلتقط ما أمامه
- كنتي فين يا انسة؟

ببرود شديد اجابت وهي تضغط بأصابعها بقوة علي الملفات التي بيديها
- العربية عطلت وطلبت اوبر وجيت
صاح بنبرة مستهزئة
- وطبعًا لازم نستني حضرتك
بعملية وبرود لا تعلم من أين اكتسبتها وابتسامه مجاملة ونبرة معتذرة قالت
- اسفه يا فندم غلطة ومش هتتكرر تاني
- ابعتيلي القهوة.

صاح بها بجفاء قبل ان يعود الجلوس على مقعده، هزت رأسها بخضوع وهي تضع الملفات اليومية على سطح مكتبه قبل أن تدور على عقبيها تغادر كهف التنين هامسة بين شفتيها بصوت خفيض
- تنين مجنح والله
وضعت اخر الاوراق المطلوبة حاليًا وهتفت بوهن
- ديه اخر الأوراق، حاجه تاني يا فندم؟!

لم يلقي له بالا ولم يتلفت نحوها كانت قريبة منه بدرجة كفيلة بجعله يريد ان يهشم رأسها بسبب رائحها عطرها القوية التي تخللت أنفه، قال بجفاء وهو يقلب في الاوراق
- لا تمام تقدري تتفضلي
برقت عيناها بوميض لامع وهي تعود للخلف عدة خطوات قائلة بتوجس وهي تنظر الي الساعة التي تزين رسغها
- الساعة خمسة يا فندم.

كانت من المفترض ان تقول ان وقت العمل انتهي منذ عشر دقائق، لكنها فضلت ان تحدثه بطريقة اخري، تدعو في سرها ان يوافق بجعلها ان تخرج مع باقي الموظفين
رفع بصره نحوها عدة لحظات، لتتخشب ثانية من وميضه الفضي، اشاحت عيناها بعيدًا وهي تنتظر اجابته، اجابته التي طالت عن وقت السماح له فيها بالرد
- تمام اتفضلي
لم تصدق ما سمعته بأذنها، نظرت اليه مرة اخرى ليكتفي بهز رأسه لتفر هاربة من كهفه هامسة.

- هو حقيقي مش كده؟!، تابعت بضجر وهي تخبط بكفها على جبهتها
- وانتي مالك خليكي في شغلك
- برافو يا بطل
صاح بها مرتضي بسعادة وهو يراقب شبله الصغير يسدد الهدف الوحيد لفريقه ليعلن الحكم صفارته النهائية وتنتهي المباراة الودية، اسرع يامن نحو جده وهو يحتنضنه بقوة يخبره بحماس طفولي و بريق فضي يتسلل مقلتيه،.

امسك الجد يد حفيده وكما وعده بعد المباراة سيذهبان الى مطعم، وفي طريقهم للخروج من النادي صاح كلاهما بصدمة في آن واحد
- بابا
-راشد
جري نحو والده يحتضنه بقوه، كون الأب هنا يعني له الكثير تعتبر تلك من المرات القلة التي يحضر بها والده هنا، احتضنه راشد بقوه وهو يقبل رأسه ليسمع تعليق ساخر من والده
- جيت يعني
هز رأسه وهو يتساءل
- هتروحوا علي طول ولا فيه حاجه تاني؟
نظر يامن نحو جده بخبث ليقول ببراءة.

- جدو قال هنتغدي بعد النادي
لاحت ابتسامة خبيثة على شفتي راشد وهو يقول
- جدوو!
رمش الجد عيناه عدة مرات وهو لا يصدق تحالف الابن والحفيد ضده، أليس ذلك الصبي اخبره انه لن يأتي بخبر لأحد مهما كان، خانه بسبب وجود والده، نظر إلى ابنه الذي ينظر نحوه بشك ليدق بعصاه الخشبية على الأرضية قائلا بعصبية مزيفة مبررًا
- ايه يا ولد بتبصلي كده ليه ايه الواحد زهق من اكل البيت
- طب تمام.

نطق بها راشد ببساطة وهما يتابعان السير خارج النادي، هتف يامن بسعادة وهو يتمسك كف أبيه بقوة مستمد منه الحماية لبضع دقائق
- ماما وانكل مجوش النهاردة بس كويس انك جيت
اكتفي راشد بهز رأسه وهو ينظر الي ابيه ليربت مرتضي علي ذراعه هامسًا في خفوت
- اهتم بابنك شوية متعرفش قد ايه هو فرحان بوجودك.

إن اخبره انه حقًا ترك عمله وذهب لرؤية ابنه لن يصدقه والده بالتأكيد، القي نظرة عابرة الي صغيره وهو يراه يشدد بقبضته الصغيرة علي قبضته العريضة وهو ينقل له رسالة خفيه ابقي معي ، سأبقي بجوارك صغيري همس بها في سره ليفتح باب سيارته وهو يساعد والده على الجلوس في المقعد الأمامي وطفله انطلق الباب الخلفي كالرعد وهو يستعد كليًا لاجتماع العائلة الصغيرة.
- رائعة القهوة يا ايم.

همست بها ليان بتلذذ وهي تشم رائحة القهوة الزكية، لم تكن من مفضلي القهوة سابقًا كانت تفضل الشاي بالحليب وبعض قطع المقرمشات، رغم كونها في بلدة تعشق الشاي لكن الشركة بأكملها التي تحتوي علي جنسيات من شتي بقاع العالم تفضل القهوة بدلا من الشاي
هزت إيم سكرتيرة مكتب زين رأسها قائلة
- لقد أتى به ستيفن اخبرته ان المقهي هذا افضل من السابق
ارتشفت قليلاً وهي تهتف بأستمتاع وحواسها اليوم هادئة على غير الطبيعة.

- القهوة لذيذة
تدخل خان قائلاً وهو يقدم الحلويات الهندية اللذيذة قائلاً
- ولا تستكمل سوي بحلوة ساخنة هندية
هجمت إيم وهي تتناولها بتلذذ ليجتمع بعدها بعض الموظفين نحوهم في فترة الاستراحة القصيرة، انزوت بعيدا عنهم قليلاً وهي تراقبهم بهدوء، السيد خان استطاع أن يجذب الأنجليز لزيارة مطعمه الهندي من خلال علبة حلويات يومية يجلبها لجميع من في مكتبه، سمعت صوت إيم وهي تتناول الحلوي قائلة
- رائعة جدًا.

رد خان قائلا بفخر
- اعلم، زوجتي هي من تعدها
لو علم السيد زيدان ما يحدث في خلال الفترة الاستراحة قرب مكتب المدراء سيرفدهم جميعًا، نظرت الي الساعة المعلقة علي الحائط، اعتدلت من جلستها وهي تهم بالتوجه نحو مكتبها
- ليان
تصنم جسدها وتخشب عن متابعة الحركة وتسارعت وتيرة انفاسها من تلك الهمسة التي تعلم صوت صاحبها جيدًا.

همسة زلزلت أعماقها الداخلية، كنسيم هادىء مر على صحراء قاحلة، أغمضت جفنيها لعدة ثواني، ثواني فقط وهي تزيح تلك الهمسة المنادية بأسمها ظانة انها تتوهم، استدارت على عقبيها وهي تنظر الى صاحب تلك الهمسة.
اقشعرت منابت جسدها وهي تراه، كيف ذلك؟، ولما عاد مرة أخرى؟، نظرت الى عينيه التي كانت تظهر ذهولاً بوجودها هنا بالتحديد، ألم يكن يعلم انها تعمل هنا؟!

ليس مهما تلك الاسئلة ما هو اهم لماذا ينادي اسمها بكل تلك الرقة والعذوبة بعد سنوات الهجر والفراق!
رمشت بأهدابها عدة مرات والعقل لا يصدق وجوده، لم تشعر بسقوط كوب القهوة منذ البداية حينما همس بأسمها الا عندما حاولت البحث عنه لتجد القهوة مسكوبة على الأرضية
وحينما نطقت بأول شيء كان مجرد اسمه
- زين!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة