قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس

إن كانت صادقة ف هي توقفت عن حساب الزمان، تسير وراء قدرها، يجرها نحو الهاوية وهي تتبعه بإذعان
ان كانت في وقت ومكان مختلف ربما ستكون في جدارن بيتها لكن يقين داخلي اخبرها انها ستعيش نفس الوحدة والألم اللذان أصبحا صديقيها منذ زواجها ب زين.
والدتها محقة، معادلة كيميائية بينهم غير متوازنة، لكن كل تلك القوانين والنظريات استطاعت هدمها بكل سهولة.

هو من جاء مخالفًا، الشاذ، المنفرد على عكس قوانين حياتها البسيطة ليتوغل بكل بساطة إلى انفاسها.
كان محقًا حينما اخبرها بكل ثقة انه سيفعلها، فعلها وخضعت لجبروت عشقه بل أعلنت كل الرايات البيضاء له.
عقبات تظهر أمامها كل مرة، لكن تلك المرة الأشد، المُرة، القاسية، إن كانت تحمل في المرة السابقة قنديل صغير لتتوغل إلى حياته الغامضة فالآن لا يوجد قنديل أو اي ضوء صغير تسير في طريقه الموحش،.

طريق مظلم ضيق، لا تستمع إلى أصوات سوي هدير أنفاسها المضطربة وجسدها المذعور وروحها المتألمة وفؤادها المُشتت.
افاقت من دوامتها العنيفة على صوت بيث الجامد
- هيا تناولي طعامك
نظرت الي الطعام الذي يوضع للمرة الذي لا تعلم عددها في الحقيقية، لا تمس سوى ما يسد رمقها لأجل جنينها فقط، لكي يستطيع الخروج إلى الحياة البشرية
همست بتساؤل وهي تستوقفها عندما دارت الأخري على عقبيها للمغادرة
- الي متي سأظل هنا؟

اخرجت زفرة حارة من شفتيها وهي تدير برأسها وتهتف بجفاء
- هذا الجواب سيأتينا من زوجك، انهي الطعام
رغم قسوة وتكبر وعنجيهة الأخرب لكنها تري بها روحا نقيًا تشوهت في براثن ذئاب لا تعرف الرحمة
لاحت شبح ابتسامة على ثغرها وهمست
- لماذا تتعاملين معي هكذا؟
- كيف؟
ردت ببساطة وهي تعتدل في جلستها وتنظر نحو الواقفة بأستعلاء
- توقعت أنك ستأخذين بثأرك مني لانني السبب
غمغمت بغضب دفين
- ثأري سأخذه من زوجك.

ازدردت ريقها بتوتر وهي تهمس بألم
- لكنه، صمت هنيهة قبل أن تتابع: كان يحبك
جحظت عينا بيث وهي تحاول ان تستدرك حديثها ثم ما لبثت أن أنفجرت ضاحكة بصوت عميق خالي من أي لمحة من الخبث، خرجت نقية، صادقة
هزت رأسها يأسة وهي تنظر الي التي تنظر نحوها بغيرة دفينة واضحة، تعلم أن من يقع في الحب يصبح مجنونًا ولكن ليس ساذجًا لتلك الدرجة!
تشدقت ابتسامة صافية وهي ترد ببساطة.

- هل انتِ متأكده زين كان يحبني؟، لم يحبني ليان احب اهتمامي به كان يبحث عن شخص يهتم بذاته هو ولكنني لم أهتم سوي بعملي
- هل ضعفتي من عاطفته؟
خرجت مؤلمة، لسانها كاد أن يخونها ويخبرها هل وقعتي في حبه؟ وخرج سؤال عقلها ساخرًا ومن التي لا تقع في حبه؟!، العقل يعمل ك المكوك طوال الساعات التي قضتها هنا، تشعر أنها ستصاب بالجنون حتمًا من كثرة ما تفكر به، أشياء ماضية دفنتها تعيد مهدها مرة أخري.

همست بيث وهي تعقد ذراعيها
- لا تبحثي عن الماضي عزيزتي ليان لكن هذا لا يعني ان اخبرك وأقر واعترف انه احبك انتِ وليس أنا
- لكن!
رغم التذبذب الذي خرج والتوتر الذي احتل كيانها ورجفة قلبها وهي تشعر بكلماتها التي خرجت عادية، باهتة، تؤثر قويًا على روحها، لتتابع بيث وهي تمط شفتيها
- كنت الفتاة المستعصية عليه ولم يكن سيتزوجني اطلاقا كان سيأخذ ما يريده ويتركني لكن انتِ استثناء.

استثناء!، تحمل معاني كثيرة، تعلم انه يحبها لكنه اخبرها انه انجذب إليها منذ الوهلة الأولى إلى بندقيتها، نظرت الى الباب المغلق لتعلم أنها غادرت، رمت ببصرها نحو صينية الطعام الموضوع بجوارها بخواء لتلمس بطنها قائلة
- يارب.

جمعت اشيائها ومستلزماتها وهي تلعن ذلك الأستاذ الجامعي وتلعن الكلية وتلعن اليوم الذي دخلت إليه، لم يكن ذلك الوسيم بل كان يوجد تشابه في الأسماء، وبدلا من ذلك الشاب الثلاثيني الوسيم ذو جسم رياضي، رجل في الخمسينات قصير بدين مستفز متحكم تود قلع رأسه، تعد الأيام والليالي لينتهي ذلك الكابوس الذي تعيش به، تذكرت أول يوم دلف اليهم وهو يتحدث بكل تنعت وعنجهية انه سالم اسماعيل توفيق ، ينفخ بريشه كالطاووس ويتباهى ويزهو بنفسه، وحينما أصدرت تعليق مضحك ساخر بين شفتيها ضحكت شهد ضحكة عالية سببت في طردهم، ونشبت العداوة بينها وبين ذلك الأستاذ الجامعي الخمسيني العجوز.

جزت على أسنانها بغيظ وهي تلكز مرفق شهد التي تتناول شطيرة الفول بتلذذ
- هو ده بقي المز اللي يا خرابي عليه، هو فعلا يا خرابي عليه شكله هيسقطنا السنة ديه وده كله بسببك يا ناصحة
ردت شهد بضجر وهي تشيح بيديها، كل يوم أصبحت تلك عادتهم، هي تخبرها أنها السبب و ترد عليها نفس الرد اليومي الذي أصبح كرسالة مسجلة.

- الله وانا ايه اللي عرفني أن المز مش هيدينا انا شفته بالصدفة دخل علي عميد الكلية بتاعنا، وبعدين انتي اللي ضحكتيني وانتي عارفاني لما بضحك مبعرفش اذا كنت قاعدة في بيت
صمت هنيهة قبل أن تتابع وهي ترقص حاجبيها بخبث
- أو كباريه
انفجرت شهد ضاحكة بصوت أنثوي جذاب جعل الجميع يلتفتون نحوهما، زجرتها سارة بضيق
- اسكتي يا شهد اسكتي والنبي
- بس انتي متلهفة ليه ها قولي؟

كان سؤالاً خبيثًا القت الكرة في ملعبها، لن تنكر أن بعد اليوم الذي حدثها معه انجذبت نحوه، بشخصيته، وجه البشوش، عيناه الدافئة تستطيع أن تغرق الجامعة بأكملها حنانًا ينبع من داخله، تنهيدة حارة كادت أن تخرج لتأدها بسرعة قبل أن تزجر الأخرى التي تراقب تعابير وجهها بمكر
- شهد
انفلتت ضحكة احكمتها بوضع كفها بشفتيها وقالت بمكر يتألق مقلتيها
- الصراحة ليكي حق هو في دكاتره حلو كده انا بحسد كلية اداب عليهم.

- مساء الخير
اخر صوت تنوي سماعه الآن وفي تلك اللحظة منه هو، صوته العميق ورائحة عطره التي داعبت انفها بعد ماذا؟!، بعد أن اجزمت في سرها انه بالطبع استمع إليهم، هل يوجد رماد الان؟! تريد ان تضع بوجهها اسفله او جسدها كليًا، استدارت براسها وهي تطل بجزء من وجهها اليه مغمغمة بتوجس
- مساء الخير يا دكتور سالم
نقل بصره نحو شهد ثم نحوها قائلاً
- لو مش هزعج حضرتك ممكن خمس دقايق
- اه طبعا.

خرجت من شهد التي استقامت من مجلسها وهي تبعث بغمزة لسارة وتشير بأصبعها ان تهاتفها حينما ينتهون، زجرتها سارة بعنف لتضحك شهد بخفة وهي تغادر تاركة اياها معه، جلس قبالتها وهو ينظر اليها، يتفحص تورد وجنتيها وعيناها المتحاشيتان عنه، خصلاتها الغجرية المتمردة كصاحبتها
بالكاد سمع صوتها المبحوح ليفيق من تأمل تفاصيلها الجذابة
- اتفضل يا دكتور
- من غير لف ولا دوران انا طالب ايدك.

شهقة خافتة خرجت من ثغرها لترتد كرد فعل طبيعي للخلف وهي تنظر إليه بذهول يعتري قسمات وجهها وأعين جاحظة وطيف متمرد لاح من قهوتها يخبره بوضوح أتمزح معي!
ابتسم بهدوء وثقة وهو يتابع بنبرة شبه رسمية
- ممكن رقم والدك
ردت بغباء ندمت عليه، إنها المرة الأولى التي تضع في ذلك الموقف، كانت تريد اشياء اخرى اشياء نسفت وطارت في مهب الرياح ليخبرها عقلها للمرة الثانية الروايات الوردية غير موجودة على أرض الواقع.

- طب ازاى ما انا ممكن اكون مرتبطة
ابتسم بهدوء وهو يرد بأريحية
- سألت عنك ده غير انه مفيش خاتم في ايدك.

تشوش عقلها كليًا وتوقفت سيالات نقلها العصبية إلى المخ لاصدار اي رد فعل، كان يراقبها وهي تنظر الى نقطة فارغة بافتتان، يعترف طريقته خاطئة لكنه ليس من الاشخاص الذي يستطيع أن تُزين الحديث كما تخبره والدته الدبش ، يعذرها ويعذر صمتها ومفاجئتها يتلمس عذرها في كل شيء لتقرر اخيرًا التحدث وهي تهمس بعدة كلمات غير مترابطة استطاع ان يفهمها
-انا مش عارفة الصراحة الاقي رد مناسب.

ابتسم بهدوء وهو يقوم من مجلسه قائلا بدفء
- خدي وقتك ولما تديني رقم والد حضرتك وقتها هعرف انك موافقة
تحاول الرد بإجابة مناسبة، لا تريد أي زلة أو أي خطأ يصدر منها، وحينما جمعت افكار عقلها وهمت بالحديث وجدته اختفى كالزيبق، همست ومازالت الدهشة تعتري وجهها
- هو انا كنت بحلم!

- اللعنة
صرخ بها زين بهدر وهو يلقي الحاسوب على الأرض الرخامية،.

ذلك الميشيل حقًا سيقوم بقتله، أخبره انه سيخبره بما يريده بعد أربع وعشرون ساعة فقط، والأن فقط مر ثلاثة أيام وبعثوا تسجيل اخر يخبرونه أن استطاع القدوم لمكانها سيقتلونها إلا إذا تنازل عن امبراطوريته هو وعمه!، ثلاثة أيام كالجحيم له، كمن يسير على نار متقدة، كمن يلقي بسياط على ظهره العاري، جذب خصلات شعره الكستنائية بجزع ويزداد اضطرابات قلبه هلعًا وخوفًا إن حدث لها مكروه، لوهلة نسي من هو؟!، زين الذي له في كل شبر في المملكة المتحدة عينًا، وميشيل ليس بالخصم الهين هو نده الوحيد، اقذر شخص ممكن أن تتعامل معه، أمواله عبارة عن غسيل أموال وتجارة المواد الملعونة أو التجارة بالفتيات، عمله القذر جعله يكون زعيم المافيا والمنافس الأول لمجموعتهم.

راقبه زيدان وهو يذرع الأرض ذهابًا وإيابا ينفث النيران من أنفه وعينيه كالجمرتين المتقدة، يراه يكظم غيظه وهو يحاول عدم تدمير اي شيء اخر لكن تحت عصبيته يراه يكسر هذا ويهشم ذاك.
لم يعهده بتلك العصبية المفرطة من قبل كان كالجبل الشامخ لا تهزه أعتى الرياح، غمغم ببرود تأثر به منذ مكوثه في بلاد الغرب
- زياد توقف رجاءًا عن ثوراتك التي لن تجدي بشيء
جز على اسنانه بقوة وهو يهمس بصوت كفحيح الأفعى.

- هل استمعت للشرط!، انا لا استطيع انقاذها لا استطيع يخبرونني بكل بساطة ان اقتربت من مكانها سيقتلونها
هز رأسه بهدوء قائلا
- لن يحدث لها شيء ولا للجنين
إلتفت الي عمه الذي يجلس على الأريكة بأريحية شديدة، وعلامات وجه هادئة، ساكنة زعق بعصبية مفرطة
- لماذا عدت بها الى هنا كانت بخير في مصر.

نظر اليه زيدان بصدمة اعترت قسمات وجهه، دقق النظر اليه وهو يحاول أن يصدق ما قاله!، هل نبذها، هو من اختار الهجر، من اعادها الى منزلها
رد بضيق
- الان تعاتبني زياد
جذب خصلات شعره بقوة مرددًا بيأس
- كانت في امان في منزلها
همس زيدان بإصرار بأسمه
- زين
أغمض جفنيه لعدة لحظات، عمه لا ينطق بأسمه سوي في بعض الحالات الا وهي غضبه
تمتم بين شفتيه
- اللعنة.

- توقف عن السب الآن، يبدو ان الفتاة عانت معك حين عودتك ومخطئ أيضا والدليل ثورتك عندما علقت بوجود طفل في احشائها
صاح بهدر نحو عمه
- لا أريده لا أريده أن يأتي في تلك اللحظة
يحاول زيدان استيعاب ما يقوله، يطرأ عليه توجس كان يلقيه بعيدًا عن رأسه لكن مع صياحه وغضبه علم انه غاضب وبشدة إن كان غاضبًا من اختطافها قيراطًا فأن خبر حملها جعله يغضب اربعة وعشرون قيراطًا
تمتم بتوجس.

- هل!، اللعنة لما لم تخبرني، هل اخبرتها صراحة هكذا دون مناقشة ودية بينكم
- نعم
رده مجيبًا بنعم جعله يهب من مجلسه قائلا
- يا للصدمة، وأنا الذي،
قاطعه زين قائلا
- دعنا من ذلك الحديث
هز زيدان رأسه مغمغما بيأس
- هذا كله خطأ من البداية كان خطئًا.

يكفيه ما هو به، لا يعلم كيف لجأ إلى عمه في تلك اللحظة، اعداد رجاله تتساقط يومًا بعد يوم رغم تغيره لرجال حراسته لكن ما زالوا في البداية لا يستطيع أن يأتمنهم او يضع كامل ثقته لهم، فيكفي ذلك الجرذ المتعفن في غرفة المستودع
سأله وهو يقطب حاجبيه بعبوس
- عن ماذا تتحدث؟
- زواجك.

غمغم بدهشة وقد تصنم جسده عن الحركة، كيف يكون زواجه خطئًا، هو الشيء الصحيح الذي فعله حتى الآن، ليانه نسمته الدافئة هي من تهون عليه اعبائه
- ماذا!
رد زيدان بجمود وهو يضع كفيه في جيب بنطاله يقف في مواجهة الأخر
- تعجلك بزواجها رغم انني اخبرتك ان تنتظر حتى اعود من سفري ونذهب للتقدم اليها كما تقول العادات المصرية لكنك لم تستمع لي اخذت حمزة وتزوجتها، وانانيتك جعلتك تضع مرض والدها في سبيل زواجك منها.

- انانيتي!
همس بها بدهشة جعل زيدان يؤكد حديثه متابعًا
- نعم اناني، ليس كوني بعيد عنك لا يجعلني ان اعلم تحركاتك
اللعنة، سب وشتم في خلجات عقله، عمه يعلم تحركاته؟!، من هو حتى يفعل ذلك به؟، ليس طفلا أو هرا ساذجاً
- اتتجسس علي!
نفي زيدان رأسه واسترسل بهدوء
- ليس تجسس انما اطمئنان عن سبب سفرك لمصر بعد ان اقسمت انك لن تطأها مرة اخري، وبعد زواجكما رفضت التعرف عليها.

ضغط علي شفتيه بقوة وهو يحاول ان يضع كلمة تجسسه جانبًا لا وقت للمحاسبة الان على ما حدث، تمتم وهو كاظمًا غيظه
- ليس كذلك اخبرتك علاقتنا كانت مضطربة بعض الشيء
اقترب منه عدة خطوات وهو يراقب تعبيرات وجهه الشاحبة وزرقتيه المنطفئة قائلا
- ليس عذرًا زياد، لكنني احترمت رغبتك واثرت الصمت وانتظرت طويلا وعندما أخبرتني الجدة ان علاقتكم تحسنت جئت للقرية للتعرف على زوجة ابني.

جز على اسنانه وهو يضغط بأنامله بقوه على قبضة يده
- توقف
- لن اتوقف، نبذت الفتاة شهران دون العلم ماذا يحدث حولها؟، شهران دون اخبارها ما يؤرقك، هل الزواج برأيك علاقة جسدية؟!
تألقت زرقاوته ببحر داكن، عيناه اسودت تحت اخر ما قاله عمه، صرخ هادرًا بقوة وعرقه النافر ينبض بقوة دليلا على اضطرابات قلبه الثائرة
- اللعنة ما الذي تقوله؟
- بداية من عدم رغبتك لوجود طفل بينكم ماذا يعني هذا؟

هو يحاول جعله أن يتوقف ولكن الأخر مستمرًا فيما يقوله بل لم يتأثر ببركانه الثائر، بالوحش الذي يتراقص في مقلتيه يقف في مواجهته بكل برود
أغمض جفنيه لثوانٍ قائلا في خفوت
- أخشى أن يصبح،
قاطعه زيدان
- توقف زين الماضي انتهي و لن يعود مرة اخرى
اشار بأصبع السبابة أمام وجهه قائلا بحدة
- انت السبب في ذلك
- ماذا؟!
تابع مؤكدًا وكل عضلة في جسده تتذبذب.

- انت السبب انت لم تخبرني أن حادث عائلتي قضاء وقدر بل كان مدبر ومتي أخبرتني بذلك الأمر أتتذكر!
بهت وجه زيدان للحظة وهو يحاول أن يفهم تصرفات ابن أخيه، يحاول أن يفهم نهجه وخطواته التي تثيره العجب والغرابة في كل مرة، همس بعدم تصديق
- هل هذا سبب رجوعها لموطنها؟
هز الآخر رأسه
- نعم هي الطريقة الوحيدة لحمايتها لا يوجد لدي ميشيل أعين كثيرة في مصر
- اااه زياد ما الذي فعلته؟

زياد، كانت تحمل تأنيب من اب لأبنه، بلع زين غصة مؤلمة في حلقه كالعلقم التي توقفت في حنجرته وهو يهمس بوعيد
- لن ينجي بفعلته هو ومن قام بخيانتي في سبيل حفنة أموال
سأله زيدان
- كم عدد من الرجال المخلصين تبقى لديك؟
- ليس كثيرًا
هز زيدان رأسه وتحدث بجمود
- دعني انا اتصرف في ذلك الأمر، ولكن صدقني حينما ينتهي كل ذلك الامر سيكون لنا حديثًا آخر.

مع النظرة المعاتبة والمؤلمة التي انتقلت من عين زيدان ووصلت الي زين، جعله يهز رأسه كعلامة أن ما بدأ لن ينتهي بعد.

- ابراهيم الدوا
هتفت بها سعاد بابتسامة هادئة وهي تناوله القرص وكوب من الماء
- تسلم ايدك
تجرع الدواء وارتشف بعض قطرات من المياه جعل سعاد تنطق قائلة بهدوء وهي تأخذ من الكوب وتضعه على الكومود المجاور
-بالشفا
اكتفي ابراهيم بهز رأسه وهو يلاحظ صموت سعاد علي غير عادة تلك الأيام، كل مرة تخبره بقلق ابنته عليها وهو يخبرها ان الاوضاع بخير كما أخبره عمه بأنهم قررا أخذ عطلة لاحدي الجزر
همس مشاكسًا.

- قولي، عينك محتاجه تقول حاجات كتير
- ليان
نظر اليها بعتب قائلاً
- تاني
جلست على حافة الفراش بجواره وهمست بتوسل
- طمني بس يا حاج ليه رضيت تتجوز بالطريقة الغريبة ديه ده غير سبب رجوعها هنا شهرين انت مشوفتش شكلها ادمر ازاي
امسك كفها وطبع عليها قبلة دافئة مجيبًا
- كل مرة احنا بنقرر حياتها تمشي ازاي بدون ما ناخد رأيها، كون انها قالت ان فيه حد عايز يتجوزها ده يدل انها بنسبة كبيرة موافقة عليه
- ابراهيم.

همست بشك لكنه عالجها بأنه ضغط بخفة علي كفيها
- ليان هشة وضعيفة بس صلبه من جوا ولو انا شاكك بنسبة صغيرة انها مش هتقدر علي حياتها هناك كنت رفضت
- بس
ظهر التردد علي قسمات وجهها ليرد بهدوء.

- الشهرين اللي قعدتهم هنا كنت مستنيها تقولي بابا انا مش عايزة اكمل معاه، البنت حبته يا سعاد عيونها واضح انها مش قادرة تبعد عنه وكأنه جايه مغصوبة مش بإرادتها، انا بس مستني اشارة منها لو مش حابه تكمل معاه هنخلص إجراءات الطلاق بهدوء
- بابا
دلفت تلك الزوبعة وهي تفتح الباب بقوة جعلت سعاد تشهق بقوة علي دخولها، ضحك ابراهيم وهمس لسعاد
- اهي الشعنونة جت
مطت سارة شفتيها بعبوس وهي تهمس ببراءة
- كده يا بابا!

ضحك ابراهيم بشده بما يسمي ال قهقه أشار بيده لتجاروه في الفراش
- تعالي واضح ان انا مش هخلص منكم
جلست بجواره وهي تنظر الي والدتها والي والدها، تصاعدت حمرة طفيفة الي وجنتيها جعلت سعاد تنظر إليها بشك،
صاحت بسرعة وهي تتغلب على خجلها
- احم بص بصراحة كده ومن لف وكلام كتير ملهوش لازمة وبعد استشارات عقلية ومعنوية لمدة تلاتة ايام انا جالي عريس
- عريس!
صاحت بها سعاد دهشة واستنكار جعل إبراهيم يغمز لسعاد.

- البنات كبروا يا سعاد.

- اخبرتك انني اود الذهاب
صاح بها زين وهو ينظر الي عمه بضيق ليرد جاد صديق زيدان والمسؤول عن عملية إنقاذ زوجته برسمية
- هذا ما يريدونه ذهابك اليهم لكي يضربوا عصفورين بحجر واحد
تأفف بحنق وهو ينظر الي جاد بضيق
- أنت لا تفهم زوجتي هناك لوحدها تعاني بطشهم بمفردها وتريدني ان اظل هنا
رد جاد بهدوء اكتسبه من عمله
- حفاظا على سلامتك سيدي
همس بقهر
- زوجتي بعيدة عني تبًا لكل ذلك
تدخل زيدان قائلا
- زياد اهدأ.

انفجرت براكينه وظهرت عروقه النافرة وهو ينظر اليهم بحدة
- اهدأ كيف ويوجد روحين هناك اهم مني كيف تريدني اهدأ
هتف زيدان وهو ينظر الى صديقه الذي جمعتهم الأعمال المشتركة في بريطانيا قائلا
- متي ستتحركون؟
أجاب جاد برسمية شديدة
- خلال دقائق سيدي، لقد رصدنا تحركات غريبة حدثت في منطقة نائية و وجود حراسات أمنية مشددة لمصنع قديم
غمغم زيدان
- وماذا عن الكاميرات في المقهى؟

- استعدنا الشريط الناقص وحينما علمنا بالخاطفة ذهبنا الي منزلها ووجدناها قد انتحرت.

أطلق زين لفظ بذيء، ترك عمه تلك المرة يسير بقراره وليرى كيف ستسير الأمور، رغم كون جاد احدي الرؤساء المهمين في وكالة الاستخبارات لكنه قرر التقاعد وفتح مؤسسة جانبية لمساعدة رجال الأعمال والأشخاص المهمة للقبض على المبتزين وعصابات المافيا، لم يكن يريد صعود الأمر الي ذلك وخصوصًا أنه لن يأخذ بثأره بطريقة كافية لكن طمأنه زيدان بأنهم يريدون القبض عليه وسيقومون بأخذ حقه لما حدث في الماضي والآن.
- ذلك الحقير.

هتف جاد بهدوء من المفترض ان يحمل الاطمئنان! لكنه لم يجد
- لا تقلق سيد زين يوجد لدينا اكفأ العملاء السريين في مؤسستنا وسيعيدون زوجتك آمنه
صاح زين بهدر وهو يقوم من مجلسه خارجًا من غرفة جاد
- صدقني ان حدث لها اي شيء سأغلق مؤسستكم التي تفخرون بها
همس زيدان وهو يستوقفه عن باب المكتب قائلا
- اهدأ زياد
القي نظرة عابرة نحوهم وهمس بخشونة قبل خروجه.

- لن أهدأ حتى اجدها امامي، ان لم تأتي الليلة سأستعيد زوجتي بطريقتي.

تضم ركبتيها بقوة، يحاوطها الظلام بحفاوة في كل شبر وكل بقعة من غرفتها، تربت على بطنها البارزة لجنينها بأن كل شيء سيسير علي ما يرام، انتحبت بمرارة وهي حتى الان لا تصدق بأن صديقتها تم اختطافها، تهاتف زين في كل لحظة والأخرى، صوته الشجي المتألم يحطمها، هي السبب لما حدث لو لم تصر على ذهابها معها لما كان سيحدث ذلك.

وخبر الجنين كانت الفاجعة، الطامة الكبرى، عضت شفتيها بقهر وهي تتذكر عندما أخبره ان يسامحها على ما حدث، تستمع إلى هدير أنفاسه المضطربة ثم يرد بهدوء أنه قضاء وقدر.
رنين باب المنزل المُلح أيقظها من هواجسها لتسرع منتفضة متوجه نحو الباب غير عابئة بحملها، فتحت الباب بقوة وهي تنظر الي الطارق هامسة بذهول
- آدم.

كانت خطوة حمقاء اتخذها لكن فاض به الكيل، تلك هي آخر مرة سيطلب ودها والمرة القادمة سيعيدها إليه بقوة، توقع ان لا تفتح بل تنظر من العين السحرية وترفض تفاجىء بفتحها الباب بقوة وهي تنظر اليه باشتياق، أم هو يتخيل؟!
لم يمنع نفسه من النظر الي منامتها الكريمية الهادئة التي أظهرت نعومتها ورقتها، انزل ببصره إلى ثمرته ونتاج لياليهم الحميمية، ليرد بتصميم لعقله ستعيدها اليك، يكفي جفائًا.

شعور دافئ احتل كيانه فاجئه، أدهشه وهو يراها تكبل جسدها بقوة نحو صدره تمرمغ أنفها كما تفعل سابقًا الى عنقه، اقتنصها من علي الأرض بقوة وهو يلف ساقيها حول خصره ليلغق الباب خلفه قائلا بخشونة
- اشتقت اليكي
تمتمت بلهفة وعيناها تفيضان من الدمع حزنًا
- وانا ايضا
رآها تبتعد عنه وتنظر اليه بأشتياق اناملها تتلمس كل شبر في وجهه، يحاول عدم التهور وممارسة اشتياقه وجنونه الآن كي لا تندم غدًا
همس بنبرة صادقة.

- ليلي ارجوكي اعطيني فرصة اخيرة، بدونك لا استطيع ان احيا، بدونك فقدت الوان الحياة الصاخبة، بدونك اتنفس بجسد دون روح، روحي تعلقت بك قلبي ملك لكي، هلا سمحتي لقلبك اعطاء للمجنون الذي لا يستطيع الحياة بدونك فرصة اخيرة.

شهقت بقوة وهي تبكي بمرارة وتحتضنه موافقة على رجائه، ان كان هو يشتاق إليها هي تموت بدونه، رمت عقلها جانبًا الذي رفض ما اخبرها قلبه وتهمس بأنه اشتاقت اليه الي احضانه وقبلاته وجنونه وكل شيء.
تنهد بارتياح وهو يمسح دموعها بأنامله بخشونة قبل ان يذوب وينصهر في جسدها وينهل من نبعها العاشق لتشهد لندن الليلة أن حبيبته قد غفرت له.

دمعت عيناها وتساقطت علي اللوحة التي تحتفظ بها في خزانتها، تتأمله، تتأمل وسامته الفجة، ملامحه الغربية، اسمه العربي، تتهجأ اسمه ببطء وهي تصدر في كل حرف لحنًا خاصًا له،
ماذا فعلت لي، لا تتركني لا في صحوي ولا في نومي، اراك خيالا أمامي لا تبارحني، ك روح استأنس بها، ك صديق افرح بلقائه، ك حبيب صعب أن اناله.

ماذا تفعل؟!، قلبها تعلق بالقبطان الماجن، تخبر عقلها أن مشاعرها ما زالت متذبذبة، ما زال قلبها نديًا كي تتعلق بالربان.
حياته مختلفه كليًا عنها، تريد شابًا مخلصًا في حبها تكون هي أول امرأة في حياته كما ستكون هي، يساعدها ويشجعها ويدعمها بقوة لمجالها وترى أن سالم هو الوحيد القادر على فعلها.

ستحبه تستطيع أن تحب سالم وربما يكون ذلك التعلق تعلق مراهقه بشخص ظهر من سطور روايتها الوردية، نظرت الي روايتها الوردية لتقوم من مقعدها وتحمله وتلقيه في صندوق ذكريات الماضي.
طوت الورقة التي تحمل صورته ووضعتها في الصندوق قائلة بجمود
- اسفة يا سيادة القبطان دورك لحد هنا وانتهي.

لا أستطيع خيانة الآخر وهي موقنه انه سيضرب قلبها الندي عشقًا، ابتسمت بهدوء وهي تضع الصندوق في خزانتها لتنهي تلك الحياة الوردية وتقف صلبة على أرض الواقع.

يحلم بها في كل ليلة نفس تلك القبلة التي تزلزله، خالد التي تخرجه من شفتيها بلحن خاص بها، اعترافها بحبه، لقد غزت تلك الشرقية قلبه بل تربعت عليه بكل سطوتها وأصبح فريسة بدلا من كونه الصائد، لم ينتفض ولم يذعر كالأيام السابقة الليلة كان هادئًا ينظر الي البحر امامه التي لا يحيط بها يابسة، لقد وجد مرساه، تلك الفاتنة مرساه، لن يستطيع أن يجعل رجلا يحوم حولها ولا يستطيع أن يبعدها عنه، سيسير وراء ذلك الطريق ولا يهم إن كان يريدها هي أو يريد حبها لا يهم، الأهم هي.

رفع ببصره الي السماء الداكنة المحيطة بنجوم متلألئة لينظر الي اشد النجوم تألقًا ووهجًا قائلا
- ستصبحين لي نجمتي، سأعود اليكِ قريبًا.

همست بهدوء وهي تحاول تجميع شتات نفسها، ما زالت سكرتيرة مبتدئه وموضوعة تحت الأختبار منه شخصيًا، من المدير، نظرت الي ملابسها الكلاسيكية والي كعب حذائها العالي الذي ارتدته غصبًا لانه من شروط أساسية ل سكرتيرة المدير ذات وجه حسن واجهة للشركة ، عضت شفتيها السفلي بحرج وهي تحاول ان تقف ثابتة بذلك الكعب العالي المستفز لتأخذ الملفات وتتوجه نحو غرفة المدير،
- صباح الخير يا فندم.

صاحت بها بابتسامة بشوشة وهي تضع الملفات بهدوء علي سطح مكتبه الزجاجي، تهللت أساريره وقال
- صباح النور يا هند ايه الشغل؟
هزت رأسها بهدوء واجابت
- تمام يا فندم ياسمين وضحتلي اساسيات الشغل وادي ملفات اللي محتاجة توقيع حضرتك
التقط قلمه المطبوع بشعار مؤسسة الضخمة، ليزيل توقعيه علي الأوراق و يتفحصها تارة اخري حتي انتهي وقال
- تمام.

اخذت الملفات بهدوء وهي تخبر عقلها الا تقع بسبب ذلك الكعب الغبي، يراها تحاول ان تتوازن قويًا وصمودًا كي لا تقع علي وجهها لا يعلم لما لاح ذكري عليه وهو يتذكر زوجته حينما كانت تحمل راشد كانت مصممة على ارتداء حذاء عالي الكعبين رغم أنها كانت ترفض ارتداءه سابقا، كانت تسير متماثلة لحركة تلك الشابة، كتم ضحكته وهو يراها تزفر بحدة لوقوع الملفات ارضًا لتنحني وتلملمهم وتعاود الوقوف مرة أخرى بثقة.

غمغم بهدوء وعيناه تطرقان إلى سطح مكتبه متظاهرًا بالنظر الي الاوراق حينما انحنت هي بجسدها للأرض
- لو الكعب مش مريحك ممكن تلبسي حاجه مريحة
تهللت أساريرها وهمست بصوت يطرب فرحًا قبل أن تستدير خارجه من الغرفة
- تمام يا فندم
نظر الي طيفها وهو يبتسم بهدوء يبدو أن تلك الصبية ستعيد فتح وتدق ذكريات قديمة دفنت بعد مرور الزمن.

استند علي الحائط خلفه وهو يحاول أن يستمد من الجماد قوة واهية تجعله صلبًا، الطبيب اخبره أن زوجته فقدت الجنين بسبب بنيتها الضعيفة لم يستطيع الجسم أن يعافر ويجاهد في الحفاظ على نُطفة مزجت بين روحيهما، دمعة واحدة فقدت من مقلتيه لتهبط الي وجنتيه وهو لا يصدق ما يحدث له، نفس المأساة، نفس المعاناة، نفس القسوة، لكن بألم أكبر وبجرح أشد، أعادوا زوجته الي احضانه مرة أخرى لكن لم تعود إلى أحضانه كليًا بل في غرفة المشفى يراقبها عن كثب وهي تاخذ أدوية واشياء غريبة لمساعدة جسدها ضعيف البنية، يلمحها بلهفة ويراقبها بجسدها النحيل خصلات شعرها التي حجبت بكيس بلاستيكي موضوع على رأسها، وجهها الذابل عن الحياة، شفتيها التي فقدت معنى للحياة، وكل ذلك بسببه، عمه محق كل ذلك خطأ بدايتهم خطأ ونهايتهم كانت كالشاة التي تسلخ بعد ذبحها، وما فائدة الشاة سلخها بعد ذبحها!

استطاع رجال جاد القبض على جميع من في المستودع بما فيهم بيث لكن رأس الحية هربت، كأنه يعلم بحدوث ذلك، لكن ما فائدة عودتها الآن وما زال الأفعي بالخارج!

اقترب ببطء وهو يدك الأرض دكًا دليلاً على ثورته المتفاقمة في الداخل، يزحف زحفًا حتى دلف الي غرفتها، بين صحوتها ونومها، اقترب منها يتأملها بأسف يمرر اصبع الابهام على كل شبر يطيله وجهها، اقترب يخفض بوجه يلثم شفتيها بقُبلة اسفه، معتذرة، كانت باهتة لا طعم لها، لا يوجد بها دفئها الذي يشعر به، خجلها، حيائها، ارتجاف شفتيها عندما يوضع شفتيه علي ثغرها في اول قُبلة ثم استجاباتها لشوقه وانجرافه لطالما عاهدها مُعطية لكن الأن!، ابتعد ببطء وهو يلهث بقوة امام وجهها يلفح بأنفاسه الحارة الي وجهها الشاحب يدقق النظر الي شفتيها التي تحمل علامته ثم يبتعد بقوة يحاول الخروج قبل أن يضعف مرة أخرى وينساق وراء مشاعره!

- زين
سمع همسها الضعيف بأسمه، ليدير برأسه نحوها، اللعنة أيقظها من سباتها، نظر نحوها ليعود مرة اخري وهو يمسك كفها بهدوء يربت عليه ويضغطه بخفه
- اسف على كل شيء، سامحيني ليان
بين صحوها ونومها تنظر اليه بتعجب شديدين قائلة بعدم فهم
- اسامحك! ماذا تقصد؟

نظر نحوها وقد تفجرت أوردته بنظرتها الدافئة حنين دب في اوصاله ليجذبها برقة الي شفتيه للمرة الثانية، قبلة اعصارية اودع بها كل شيء واي شيء، قبلة تفجرت حمرة وجنتيها وهي تحاول ابعاده لتأخذ ثانية واحدة لالتقاط أنفاسها قبل العودة إلى جنونه الذي تشاركه بصدر رحب، عميقة زلزلتها داخليًا بناقوس دق الخطر وهي لا تعلم سببها، إن كانت تشعر أنها كانت تحلم منذ قليل انه يقبلها فهي اصبحت متأكده انه فعلها،.

ابتعد مرغمًا عندما لاحظها تربت بخفة على منكبيه لينظر إليها بأعين زائغة، حمرة قوية انتشرت في كل شبر في وجهها ولهاث خفيف يخرج من ثغرها التي دُميت من اثر سحقه، وأما خصلاتها الفحمية كانت خير شاهد علي جنونه في غرفة المشفى نظر الي الكيس البلاستيكي الموضوع ارضًا ليعاود النظر نحوها بجمود جعلها تنكمش وتتقلص فجأه من تعبيراته الخاوية.
انتفض بقوة من مجلسه ليخرج من الغرفة اوقفه ندائها الذي دمي قلبه.

- زين انتظر انني احدثك
لم يستميل إلى قلبه بل استمال الي عقله وخرج صافقًا الباب بقوة وقد حدد اخيرًا قراره دون العودة ودون ندم سوي لاحقًا.
انتفضت بقوة على صوت الباب لينقبض قلبها هلعًا وتدفقت الدماء بأوردتها الي مخها، هل كانت قُبلة وداع!
هل هجرها! هل، هل، هل.

تزاحمت افكار عقلها وتشوش عقلها كليًا وهي تنظر الى الباب بشرود، تلمس شفتيها التي تحملان اثره، تضم جسدها بقوة بين ذراعيها تشعر بعطره الذي التصق بجسدها يحمل عبقه بقوة زلزلت كيانها، عضت شفتيها بألم هامسه في خفوت وتناجي
- زين.

لم تكن تريده أن يكون سلبيًا في تلك اللحظة، لم تكن تريده أن يكون بذلك الضعف في تلك اللحظة، تريد قوته، تلك الهالة التي تبعث من مقلتيه الباردة رغم دفئهم، دلفت الممرضة إليها بعد عدة دقائق لتسألها بلهفة عليه، ويا ليتها لم تسأل.

زين غادر، غادر دون عودة هذا ما أخبرها عقلها وقلبها، قُبلته تحمل معاني كثيرة لم تفهمها بل ألقطتها بكل ترحاب، ومع دخول المخدر الذي تسلل بخبث الي اوردتها النشطة رحبت النوم بحفاوة شديدة لتسقط غافية وعقلها يردد لن يعود لن يعود مجددًا صاحب الخفقة الأولي لن يعود.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة