قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

حبيبي كم اشتقت إليك
كم اشتقت لعيونك الساحرة
ولأنفاسك العطرة
ولأحاسيسك المترفة
حبيبي ها أنا أقف بين يديك وها هي الأحاسيس تنجيك
وها هو القلب يناديك والمشاعر تسبح في عيونك
من أجل أن ترضيك
حبيبي ما أصدق من دموع العيون
ونبض القلوب في جوف الحبيب
إنك تسكن شلالات شرايني
في قطرات دمي
التي تسيل في عروق جسدي
ما أجمل لقاء الحبيب.

كانت عيناه كالجمرتين المقتدتين وهي تراه يجز على أسنانه حتى استمعت الى صوت اصطكاكهما المخيف، ابتلعت غصة مؤلمة في حلقها وهي تهمس بتوتر ببعض الكلمات الغير مفهومة بالنسبة له، جلب الساقي بعض المحارم هامسًا نحوه بتوتر، أشار له بالانصراف لينظر لتلك التي أصبحت ك الفار المبلل ترتشف عصيرها بخوف وقهوتها تنظر إلى كل فعل يصدره، وخصلاتها الغجرية الثائرة أهلكت نبضات قلبه.

نبضه، نبضه، تتبعها نبضة ويزداد يقينه أن ما يفعله هو عين الصواب
نبضه، نبضه، نبضه
مستأنفًا قصتهم التي لم تنتهي بعد، قصته مع طفلته، نجمته، سارة مهما تعددت الأسماء فهي شخص واحد، ذات روح حيوية وقلبه آسر بأبتسامتها، ردود أفعالها الطفولية، انوثتها الساحقة، توتر انتظام قلبه وكل ذلك يحدث من خلال اتصال بصري دام لعدة ثواني، ثواني فقط وهو يتأملها مليًا من بداية خصلاتها الثائرة إلى أسفل قدميها.

ازدردت ريقها بتوتر من نظراته المثبته نحو عيناها ثم يشملها كاملة في عدة لحظات ليعود الى عيناها مرة اخرى، تعلم تلك النظرات جيدًا، بللت شفتيها وقالت بأعتذار زائف وهي تقترب نحو قميصه الأبيض المتسخ
- حقًا اعتذر هل ذلك القميص باهظ الثمن؟!

راحة تخللت مسام انفه وهو يشتم رائحة عطرها الذي يحفظه عن ظهر قلب، رائحة عطر تميز صاحبتها، تجمع بين الطفولة والانوثة في مزيج عجيب يراه لأول مرة، التقطت المحرم من بين أنامله وهو يعلم تلك الخبيثة ماذا تفعل، تلعب على أوتار قلبه الثائرة، تزيل البقع ببطء وعيناها تنظران اليه بجمود وابتسامه ظفر تزين ثغرها، هل طفلته ترد نظراته التي اقتحمت روحها لتعذبه بقربها منه.

ابتعدت بهدوء وهي تعطيه المحرم وقد اوهمته انها قد زالت بعض البقع على قميصه، هتفت بصراحة وهي ترتشف العصير
- اسمع لو كان باهظًا فأنا لا املك مالا يكفي لأتي بواحد مثله، أنني فقيرة وبالكاد استطيع ان اشتري حذاء باهظ الثمن في أول الشهر وأمضي بقية شهري اتسول من جيب والدي
لم يستمع الي باقي ثرثرتها، يعلم طريقة واحدة لأصماتهم، افكار منحلة وخبيثه راودت عقله وتلك الخبيثة ما زالت تثرثر.

وتحرك يديها بعشوائية وبدأت خصلاتها تشاركها صخبها، اقترب بخطوات واثقة حتى فصل المسافة بينهم، انشات تفصلهم وهي ما زالت تمسك بذلك الكوب الذي انتهي وعيناها تنظران اليه ببراءة خبيثة
اخفض ببصره إلى الكوب الفارغ ثم نظر الي شفتيها وهمس بوقاحة
- اصمتي عزيزتي، شفتيك تريد تجربة مذهلة وانا اكثر من مرحب لفعلها
ارتفعت وتيرة نبضاتها وهي تعلم منحني حديثه، اتدعه! ابدًا لم تعد تلك الساذجة صاحبة الجدائل تتأثر به.

اقتربت نحو اذنه وهمست بصوت مغناج متعمد
- هل تتكلم معي بوقاحة ام انني اتخيل؟!
سبها في سره ليعود النظر الي قهوتها المشتعلة بدفء، يبدو انها اصبحت اكثر وقاحة وبرودًا وهذا ما يريده
ابتسم وقال بعبث
- صدقي الوقاحة لم تأتي بعد
انفلتت عدة ضحكات صاخبة، تداري خجلها، امتقاع وجهها الى الحمرة القانية، جسدها المرتجف وحواسها التي أصابتها الانصعاق من زمردتيه التي تحبس أنفاسها من لمعتهم التي سوف تصيبها بالعمى قريبًا.

غمزت بعبث واخيرًا قررت إطلاق سراح الكوب الذي تستمد منه حماية
- يا خواجة هون عليك رجاءًا تلك الأشياء لن تؤثر بي
تاه في ضحكاتها وهي تخلل اناملها في خصلاتها الغجرية، وهو يعلم كل ذلك العبث والوقاحة مجرد ستار لتداري به خجلها
- لنرى يا نجمتي
- سارة، اسمي سارة وتوقف عن نعتي بأسماء غريبة
هم بالحديث ليقاطعه وجود شخص لا يرغب في وجوده في تلك اللحظة
- خالد عزيزي أنت هنا.

اقترب علياء من اخيها تحتضنه بقوة، وكأنها متفاجئة من وجوده، تعترف سارة ان علياء ما هي الا ممثلة فاشلة في التعابير مصمصت شفتيها بإمتعاض وهي تنهض من المقعد تاركة لهم مساحة للحديث
- شغل الاسطوانة البلدي دي مبتدخلش عليا
راقبها تغادر وعلياء ما زالت في احضانه، همست علياء وهي تنظر الى عيناه المعلقة على نجمته
- طريقك وعر يا سيادة القبطان
ضيق عيناه نحو شقيقته وقال بمكر
- هل عندك شك بقدرات شقيقك!

ابتسمت ساخرة وهي تعلم أن خالد واقع في حب شرقيته، لولا أنه أقسم بأغلظ الأيمان أنه واقع في غرامها ما كانت ابدًا لتساعده، ما لا تعلمه هي هو رد فعل والدها ان علم ان من يقود السفينة شقيقها، تنهدت بحرارة وهي تتذكر ليلة حينما زارت مقبرة والدتها وبجوارها شقيقها، لا تكذب انها حزنت كثيرًا برحيلها ولولا ذلك العرض الغبي لكانت ستكون في الموطن
تنهدت بحرارة وهي تنظر الى عيناه اللامعة بحب.

-عفوا من قال ذلك الجميع لا ينكر قدراتك، لا تتهور يا رجل معها
امتعضت ملامحه وقال باستهجان
- توقفي هل رأيتني اقبلها ام اسحبها الي احد الأزقة اطارحها الغرام
اتسعت عيناها دهشة لتجذب ياقة قميص خالد وقالت بتوتر
- إن علم أبي ما تخطط له ستطير رقبتي
أزاح يدها بهدوء وهمس بعبث
- اهتمي فقط بوضع كريم الواقي من الشمس ودعي اللعبة لشقيقك
راقبت شقيقها الذي يسير بكل كبرياء لتضرب بكف يدها على جبهتها بيأس.

- اتمنى ان لا تحدث كارثة.

رفضته، بكل برود وهدوء قالت له لا ، اللعنة عليها حقًا كان على وشك دق عنقها، كيف ترفضه دون ان تستمع اليه، رفضت حبه بكل جفاء وكأنه يقول لها صباح الخير،
جذب خصلات شعره الطويلة بجزع، لا يعلم كيف لم يتحكم في نفسه، اخبرها انه يحبها وعقله لم يكبح لثانية، نظر الي ابنه النائم وهو يردد ما قالته أمس، قبل جبين طفله ليجد ابنه يفتح عينيه بخمول قائلاً بعدم تصديق من وجود والده في غرفته
- صباح الخير يا بابا.

ابتسم وهو يبعثر خصلات شعر طفله
- صباح النور
استقام يامن واقفًا على الفراش وهو يهتف بتساؤل
- هتيجي التمرين بكره؟
هز راشد رأسه ايجابًا وهو يدلك عنقه
- ان شاء الله
اندفع يامن كالصاروخ وهو يحتضن والده قائلاً بصخب
- احلي اب في الدنيا، علي فكره انا سمعتك بالصدفة كنت عارض الجواز من المزة
ضيق راشد عيناه الرمادية الكئيبة لتتحول الى داكنة قائلا بغضب مستعر
- ولد.

ابتلع يامن ريقه بتوتر وهو يراقب تصاعد انفاس ملتهبه من انف والده، سيموت دون شك، تظاهر بالمرح قائلاً
- اسف يا بوص بس انا اخترتها قبلك
صرخ فزعًا وهو يرى خطوات أبيه المتجه نحوه بخطوات متوعدة ونار تخرج من جسده
اختبئ خلف الخزانة وهو يقول بتذمر طفولي
- متتقلبش تنين كده انا كمان عاوزها تبقي معانا علشان تلعب معايا كورة في الجنينة اللي ورا واعلمها تلعب معايا ببجي.

سب ابنه في خفوت وهو يستمع الي أسباب ابنه السخيفة لارتباطه ب هند
- يعني عشان مصلحتك يا قرد
خرج يامن بقلق من خلف الخزانة وهو يقول بعبث ورماديته تلمع بمكر
- ما انت برده هيكون ليك مصلحة يا بوص
جحظ عين راشد وهو ينظر لذلك الأزعر، اللعنة ذلك العديم التربية، المنحل، الوقح، صاح بصوت جهوري ارعبه
- امشي من وشي يا قليل الأدب
- علفكرة انا كنت اقصد انها هتشتغل معاك وتساعدك في الشغل.

غادر ابنه كالإعصار من الغرفة خشية أن يسقط ضحية، زفر بيأس وهو حتى الآن لم يحظي بساعة نوم، وبالطبع الأخري نامت قريرة العين غمغم بسخرية
- الواد ده محتاج تربية من اول وجديد.

- جدووو
صاح بها يامن نحو جده الجالس على طاولة الطعام جعل الجد ينتفض فزعًا خشية حدوث كارثة، اطمئن لملامح حفيده المستبشرة قائلا
- تعال يا حبيب جدو طمني
جلس يامن على مقعده وقال بعبث وهو يغمز بعينه
- متقلقش الخطة ماشية زي ما احنا مخططين
بعد فترة وجيزة انضم راشد لهم قائلا بوجوم
- صباح الخير
- صباح النور
تناول طعامه بصمت وعيناه تقع علي والده وابنه، يتآمران الأثنان عليه وهو يعلم عن ماذا يتآمران.

- هند استقالت من الشركة
صاح بها مرتضي بهدوء، قلب راشد عيناه بملل
- هي اللي طلبت
صاح يامن وهو يلوك الطعام في فمه
- جدو هتيجي التمرين
- طبعًا يا حبيب جدو هاجي التمرين
اقترب يامن بخبث نحو جده وصاح بصوت مسموع لأذن راشد المترصبة لأقل حركة وفعل
- وهند يا جدو؟!
- هتصل بيها
قام راشد من مجلسه وصاح بجفاء
- انا رايح الشركة سلام.

ظلت زوجان من العيون الرمادية الخبيثة تنظر اليه حتي اختفي عن مرمى بصرهم، نظر الحفيد والجد بخبث وهما يستمتعان إلى الخطة التي تسير بنجاح ساحق!

- اسفه حقًا لم انتبه
همست بها ليان بأسف حينما اصطدمت بجسد شابة، تلعن عقلها الذي يشرد كثيرًا رغم أنها في عطلة رائعة، لما لا تستمع، لما لا تنسي ما حدث، كيف تنسى! وتلك الذكرى مترسخة في ذهنها حتى الآن حتى أنها تشعر أن تلك الليلة تتكرر في احلامها
- لا عليكِ
رفعت ببصرها لتصطدم شابة محجبة مثلها، ويبدو أن ملامحها مصرية ايضًا هتفت المرأه بإبتسامة هادئة باللغة المصرية
- مصرية؟

هزت رأسها بخنوع وهي لا تعلم ما تلك الصدفة لتجمعها ب مصرية في تلك اللحظة
- ايوا
مدت الشابة يدها وقالت بإبتسامة هادئة
- نور محمد مرشدة سياحية
يدها تحاوطها الهواء، ما زالت غريبة عنها لما تتحدث بكل تلك الحميمية وكأنها صديقتها، او متوقعه انها ستحظى بصداقة جديدة، هزت رأسها الغبي وهي تلعن عقلها وما بالها الصداقة الجديدة ستفيدها، ابتسمت بحذر وهي تصافحها قائلة بسخرية غير ملحوظة
- ليان ابراهيم عاطلة حاليًا.

نظرت نور الي ملامح ليان الشاحبة بأسف وقالت وهي تشير نحو المقهى الذي على بعد خطوات منهما
- تحبي نشرب قهوة مع بعض
- تمام مفيش مشاكل
بعد أن وضع النادل الطلب وغادر، سحبتها نور الي الواقع وقالت بإبتسامة دبلوماسية
- واضح انك جاية عشان تهربي.

احتضنت كوب القهوة بين يديها وعينيها تمرران نحو أعين السياح السعيدة، لما هي ليست سعيدة اذًا، شعور بالنقص يداهمها حتى الآن، وكيف تشعر بالسعادة وهي ببساطة خسرت كل شيء، حصونها التي تحت الترميم قد اكتسحها ريح عاصف، رفعت ببصرها نحو نور وقالت بألم
- حاجه زي كده
-الحب مش كده!

تساءلت نور بشك وهي تعلم تلك التجربة جيدًا، هي ايضًا من جربت ألم الحُب، من تذوق طعم الحب يعلم جيدًا العاشق والمتألم من الحب، سحبت نفسًا عميقًا وزفرته علي مهل وهي تستمع الى اجابتها التي تلقتها بعد عدة دقائق
- يعني
اذاً هي شريكتها في ذلك القارب الذي لا تعلم إلى أين سيذهب بوجهته، طعنت بقوة يبدو ذلك جليا على ملامحها
ابتسمت نور ابتسامه لا تصل لشفتيها وقالت بصوت متحشرج.

- حتى انا برده مشكلتي مع الحب، تعرفي اغبي حاجه ممكن تعملها الست انها لما بتحب بتدي كل حاجه لحبيبها، طبع الرجل انه اناني في كل حاجه في الحب والتملك حتي ممكن يؤدي انه يتحكم بحياتها فعلا مكدبوش أنهم قالوا مراية الحب عامية
كانت ليان تنظر اليها بتدقيق، معالم وجهها تتغير من الألم الي الحنق والغضب في عدة لحظات فقط، رفعت حاجبها الأيسر بتعجب جعلت نور تضحك علي نظرتها البلهاء قائلة.

- متستغربيش انا بتكلم معاكي بأريحية كده كأنك صاحبتي، بس صدقيني من اول ما شوفتك في المرسى ولقيتك انك دايما بتسرحي ونظرات عينك تايهه عرفت انك اصبتي بداء العشق
عضت شفتيها بقهر وهي تمتنع عن البكاء، يكفي الذي بكته في أول ليلة هنا في السفينة، صاحت بجمود
- هطلق منه، جيت هنا علشان اخد فترة نقاهة
ارتشفت نور قهوتها بتلذذ وقالت.

- اغبي حاجه انا عملتها عشان انساه تعرفي ايه! قررت ارتبط بشخص تاني، بس جيت علي اخر لحظة مقدرتش امثل قدامه، نظراته ليا اللي بتوضح حبه ليا من فترة خلتني مرتبكة بس الحب اللي جوايا ليه للاسف مماتش علشان كده قررت الغي الجواز وبقالي سنتين اهو بستمتع وبسافر أماكن جديدة يمكن مكنتش اتوقع انى هعملها اذا كنت لسه على ذمته علشان زي ما قولتلك الراجل مهما اختلفت جنسيته، لونه، عرقه بيبقي متملك لأقصي حد تجاه حبيبته او مراته.

تساءلت ليان بحذر
- اتوددلك قبل كده في السنتين
ضحكت نور بمرح وهي تشفق لنظرات عينيها المكسورة
- كتير فوق ما تتخيلي، حتي صعب عليا انه سايب شغله ويجري ورايا يستاهل هو اللي ضعف واستسلم مع اول عقبة في حياتنا لازم ياخد علي دماغه بالجزمه
ابتسامة ساخرة لاحت على شفتيها قائلة
- بس بتحبيه وممكن تضعفي و ترجعيله
توقفت نور للحظات وهي تنظر الي نظرتها الساخرة منها، اقتربت بهدوء منها وهي تربت علي كفها.

- بحبه اه، وهو عارف كده كويس وبيستغل ده في اي فرصة سانحة ليه، بس ارجعله لا مظنش
قلبت ليان عيناها بملل، هي ايضًا برغم ما تفعله له، تعشقه وهو يعلم ذلك ولكنهما يعاندان، سألت بتهكم
- ممكن تسامحيه؟

- اغبي حاجه الست لما بتحب بتحب بكل جوارحها ليه، تفضلي في صراع دايمًا بين قلبك اللي هيوديكي فى داهية وعقلك اللي هيوديكي فى داهية اكبر، بس اكتر حاجه شفت غليلي اني قدرت اكسر غروره وعنجهيته، لو الراجل بيحبك صدقيني هيزيح كل ده علشان يتمنى رضاكي.

حسنًا كل ما تريده هو اعادة افكارها، لكن جاءت تلك المدعوة ب نور وقلبت خططها، كلامها غير منطقي بالمرة كيف تحبه وتذوب به وهو يعلم إلا أنها لم تستلم له، إلى متى ستستمر لعبة القط والفار! وإن طالت الايام والشهور والسنين فهي حتمًا سترضخ
- ليان
أفاقت من نداء سارة وهي تنظر الي نور بملامح تحمل بعض العدائية، تعلم السبب، لأنها رفضت الخروج معها وهي الآن تجلس مع امرأه غريبة لكن تجمعهم نقطة متصلة.

ابتسمت ليان بمحبة وهي تدعوها للاقتراب
- سارة تعالي
قامت نور بلباقة وهي تصافح سارة التي تنظر إليها بتفحص
- سارة نور، نور ساره
هتفت بها ليان مما جعل نور تتفحص ملامح سارة وهي تعلم أن صاحبة ذلك الوجه رأته من قبل
- ثانية انتي سارة إبراهيم صاحبة المعرض احياء التراث المصري
هزت سارة رأسها قائلة بملل لتلك الغريبة التي تعلمهم
- ايوا
ابتسمت نور بمحبه
- اتشرفت بمعرفتك جدًا انا نور محمد مرشدة سياحية في اجازة.

اكتفت بهز رأسها وقالت ساخرة
- زاد عدد المصريين في بلاد الأجانب
وضعت نور النقود على الطاولة وقالت
- عن اذنكم
- اتفضلي
صاحت بها سارة وليان في آن واحد، عبست ملامح سارة بوجوم وهي تكتف ذراعيها
- ايه؟
سألتها ليان بعبوس، ردت سارة ببرود
- هنفضل قاعدين هنا، تعالي نتفسح شوية
- علياء فين؟
- في ال spa تعالي نروح.

قامت ليان هي الأخري كي تتجنب شجار شقيقتها، وضعت النقود على الطاولة هي الأخري وانطلقا حتى ترى ليان خطتهم تلك الليلة.

ليتك تعلمين كم عانيت بعد فراقك
كم تجرّعت لوعة الحنين إلى همساتك
كم عانقت الشوق في غيابك
وزرعت أمل لقائك بعد رحيلك
لم أعد أشعر بما حولي
جعلت الصمت مجدافي
ذكريات الماضي تعصرني
وتجعلني أتعثر في مسافاتي
ترتمي أفراحي حزينة في أحضان الشوق
تنطفي أنوار آمالي في ظلام اليأس
وتغرق عبراتي في دموع الآهات
هربت، ببساطة رحلت
وبكل دقة قتلته
وبكل برود صفعته
ببساطة، هربت
وهو يتخبط ويتيه بين ماضيه وحاضره.

عاجزًا، متألمًا، غير مصدقًا رحيلها دون عودة
دون العودة لموطنه الدافيء، دون أن يتشارك معها في ادق تفاصيلها، دون ان يغفو علي دقات قلبها، كتم تأوه يخرج من اعماقه وهو لا يصدق مرض ذلك الحب الذي سلب عقله وخطف قلبه، ما ذلك تأثير ذلك الخبيث عليه، زفر بحرارة وعيناه تحدقان في السقف وزرقاوه عيناه كئيبة كأن الحياة غادرت منه، نعم حياته هي، رحلت.

- ربما تحتاج لمحادثة بينكما دون أن يمنع احدكما الاخر، كل شخص يخرج ما في جعبته طوال أربعة أعوام
صاح بها الطبيب وهو يدون بضع ملاحظات، رد زين بسخرية
- لا تدعني ابدًا ان احادثها
- طريقك لا زال في البداية سيدي
نظر إلي طبيبه وقال بثقة
- اعلم وسأحارب لاخر نفس حتى استعيدها لي
نظر إليه الطبيب وقال بعملية
- آمل ذلك
استقام من المقعد وقال ببرود يحارب بها ذلك الطبيب المزعج.

- بالمناسبة لن آتي هنا مرة أخرى، حقًا بت لا اطيق رؤية وجهك
ابتسم الطبيب وهو يعلم تلك المرة انه لن يعود، واثق انه لن يحتاج اليه مرة اخرى ابتسم بعملية وهو يعدل نظارته
- كما ترغب سيد زين
سبه من بين أسنانه حتى قال في وجهه
- بغيض
ما زال الطبيب محتفظًا بابتسامته، جعل زين يضع الوشاح والقبعة يخفي بها معالم وجهه، غادر من المبني وهدفه ما زال امامه، سينتظر فقط عودتها وسيكون لهم حديثًا آخر.

كان يسير متسكعًا يراقب احوال السياح ببرود وعيناه تبحث عن نجمته، ليست في مكانها المعتاد مثل اليومين السابقين، توجه بخطوات حذره نحو الممر المؤدي لغرفتها، هبط الدرج بخطوات تشبه بالركض وهو يتجه الى غرفتها توقف قليلا وهو يهز رأسه يائسًا ماذا سيخبرها وهي تفتح الباب، سب عقله وهو يشذب خصلاته بقوة، جذب انتباهه صوت موسيقي منخفضة في نهاية الممر، سار ببطء الي اخر الممر لتتسع اعينه دهشة وهو يراها، ترقص!

كانت تحرك خصرها وهي تضع لمساتها الساحرة علي لوحتها، لقد وعدت طفلا في الخامسة أنها سترسمه وتعطيه لوحته في المساء، رغم غرفتها الفارهة الا انها شعرت بالاختناق سارت نحو آخر الممر الذي يطل علي البحر بصورة اوضح، شغلت الموسيقى وتناست اين هى، ترقص بجنون وهي تحرك خصلاتها الغجرية يمينًا ويسارًا وترسم في آن واحد وكل ذلك هي غافلة عن أعين زمردية تشع بريق فيروزي آسر.

استدارت لتجفل من نظرته التي تتابع ادق ادق تفاصيلها، صرخت بفزع
- اللعنة هل جننت اغرب عن وجهي ايها الخواجة الأحمق
ضحك باستمتاع وهو يراها تضم خصلاتها الثائرة في عقدة لعينة بغيضة، هز رأسه يائسًا وقال بتهكم
- ترقصين بأريحية شديدة في مكان عام وتطلبين مني الا اراك
هو محق، هي المخطئة، نظرت الى عيناه اللامعة بمكر وقالت بتأتأه
- انت، انت، بغيض للغاية.

عصف زمرديته بلون داكن جعلتها تشهق بفزع قبل ان تجده يسحب ذراعها نحوه بقسوة جعلها ترتطدم صدره بقوة، صاح بصوت خافت مخيف
- خصرك يا نجمتي حذاري اراك ترقصين في مكان عام، سأقرصك من خصرك حتى تمتنعي عن فعلها مرة اخرى
انقبض قلبها هلعًا و تقلصت المسافة بينهما وهي تشعر بنيران مستعرة تخرج من شفتيه بينما فتحتي أنفه تنقبضان وتنبسطان في علامة على مدى غضبه الشديد وكأنها أخرجت الوحش من مكمنه.

تابع مقتربًا بخطر وهو يضغط بقوة على ذراعها حتى تأوهت بوهن
- اما ان كنت تودين اري رقصك وخصرك يتحرك بدلال لي فقط فأنا اكثر من مرحب
حاولت تتملص منه بهدوء وهي تجز علي اسنانها بقوة تبتعد سطوته وقوته عليها وعلي مشاعرها المتذبذة
- أيها الانتهازي البغيض اكرهك
اقترب منها نحو اذنها، اقشعر جسدها من لحيته وشاربه التي تنغز بشرة عنقها الحساسة قائلاً بصوت مغوي
- هل طلبت حبك نجمتي.

نظرت اليه بغضب وقد تيبس جسدها لثواني وهو يمرمغ أنفه بين خصلات شعرها، جمعت المتبقي من عقلها وأزاحت بجسدها عنه صائحة بسخط
- لا أجد صفة توفي بحقك ايها الإنجليزي
صاح بتحذير مخيف
- مرة أخرى لا اريدك ان تحركي خصرك امام احد
سبته بعنف وهي تأخذ لوحتها تتجه نحو غرفتها بعيدة عن تطفله لتصيح بحنق بلهجتها الأم المصرية
- غبي متخلف حقير.

- ماذا تقصد يا جو انك ستسافر؟
صاحت بها علياء بدهشة وهي تتوقف عن الركض على السير الكهربائي، جففت العرق المتناثر على جبهتها بالمنشفة وهي تستمع الي رده، هنا صرخت
- بربك حقا هل جننت تريد العودة لموطنك
هزت رأسها بنفاذ صبر وهي تستمع الي حجته الواهية، لتصمت عدة لحظات قائلة ببرود زائف
- وانا.

رمت المنشفة ارضًا وهي تجيء ذهابًا وإيابًا تريده أمامها الآن لتقتله، استمعت الى صوته وهي تعدل سماعة البلوتوث وبدأ عداد صبرها ينفذ لتهدر بصراخ ولم تعبأ إن ثقبت طبلة اذنه
- ايها العربي الحقير تبًا لك
اقتربت ليان بلهفة وهي ترى تحول وجه علياء الوردي الي أحمر متقد، فضلت عدم مشاركتها في الحديث ك ترك مساحة خصوصية لها وما زاد الأمر سوءا هو بكائها
اقتربت تحتضنها بأخوية قائلة بجزع
- هدأي من روعك آليا ماذا حدث؟

تمتمت بصراخ وهي تعانق ليان بقوة
- اكرهه اكرهه
- من؟
- جوزيف، الغبي قال لي انه سيعود لموطنه ولن يستطيع ان يعود لأيطاليا يخبرني ان اجازته انتهت
كيف تخطت محمد بتلك السرعة لترتبط بشخص آخر، هل انتقامًا منه أم هي وقعت في حبه!
- هل تعلقتي به؟
سخرت علياء قائلة بجمود
- لا اظن ذلك، سأغادر
راقبتها تغادر ببطء وعيناها تنظران نحو الفراغ بشرود.

- انسه هند
انتفضت بقوة وهي تستمع الي صيحة جارها السمج مُنصف لتضع يدها على صدغها وقد سئمت حقًا من ما يفعله، أصبح مفزعًا وهو ينادي اسمها، قلبت عيناها بجمود وقدميها تستغيث الراحة بعد يومها الحافل في عملها الجديد.
همست بعبوس
- هو انا مكتوب عليا اقابل الوشوش العكرة دي صبح وليل
صاحت بصوت مرتفع وهي تستند على الحائط قائلة بضيق
- نعم يا أستاذ منصف
- فيه شاب سأل عنك وهو حاليا فوق مع الست صباح.

ضيقت عيناها بتعجب وقالت
- متعرفش اسمه ايه
هز رأسه نافيًا وود لو يعلم ذلك الرجل القابع في الأعلي
- لا للأسف
صعدت الدرج مهرولة وهي تفتح باب الشقة بهلع، شاب ينتظرها في الأعلي، اي فضيحة جلبت لنفسها، لا تعلم شبانًا كي تستضيفهم في منزلها، لما لم تهاتفها هنادي، تلك الغبية ستعاقبها حقًا ما إن تقع في قبضتها.

توجهت نحو غرفة جدتها هي تستمع الي صوت ضحكات تصدر من الغرفة، اقتربت من الشاب لتستع اعينها ذهولا وفرحة قائلة
- عمار!
احتضنه بلهفة وهي تقول بعتاب
- افتكرتك مش هتيجي هنا
ضحك بإبتسامة دافئة وهو يري صغيرته تخطت عقبتها ليقول بمشاكسه
- هو انا اقدر ابعد عنك يا جوز الهند
ختمها وهو يقرص اذنيها كما كان يفعل في الماضي حينما كانت صغيرة وهو صبي يافع، لكزت مرفقه بقوه
- بطل بقى متبقاش غلس، هروح اعمل الغدا خليك قاعد.

قبلت جدتها ونظرت الي هنادي بتوعد لتتوجه نحو المطبخ وهي تعد الطعام له، اما عنه فكان يستند بجذعه علي الحائط وهو يراقبها تحضر الطعام ليقول بهدوء
- هند، يوسف عايز يقابلك
سقط السكين من يديها ليصدر صوت مدوي علي الأرض، نظرت نحو وهي تنظر الى عيناه تخبره أن ما سمعته ليس حقيقيًا ليهز رأسه بإيجاب وهو يعلم تلك المواجهة القادمة كانت ستحدث عاجلاً أم اجلاً.

- هند ماجتش
همس بها يامن بعبوس طفولي وهو يسير بجانب جده خارج النادي، جعل الجد يضربه بخفه بعصاه علي جسده وهو يوجه بصره نحو الأخر
- بس راشد جيه
غمغم راشد بغضب وهو حتى الان يحاول ان يحافظ ان يبقي باردًا، كان يتوعد لها بأشد عقاب إن اتت ولكنها لم تأتي، ببساطة ازداد غضبه لأضعاف
- بتقولوا ايه؟
هتف الجد ببرود
- بقول إن احنا هناكل بره
ضيق الابن عيناه نحو أبيه بحذر
- بابا.

صاح بعصبيه وهو يلعن الأطباء عن منعه من الأطعمة التي يحبها كالمشاوي والمحمر عوضًا عن طعام المسلوق
- ايه يا ولد، هناكل بره يعنى هناكل بره
ما زال يتوعد لها في داخله وهو يفتح باب السيارة الأمامي لوالده
- ماشي يا هند
نقل الجد والحفيد نظرات عابثة وهما ينظران نحو الذي يغلي كالمرجل ببرود، غمز يامن لجده وهما يترحمان المسكينة هند علي ما سيفعله التنين بها.

مع بزوغ فجر يوم الثالث كان قد خرج من قمرة القيادة وساقيه تسيران بلا هدف إلى مؤخرة السفينة، يراقب مجموعة من السياح الثملين بشدة بعد يومهم الحافل في الملهي، هز رأسه ساخرًا وملامح الضيق بدأت تعتري وجهه ابتعد بضع خطوات وهو يتنفس براحة ناظرًا الي المياه التي تحاوط السفينة من كل جانب،
هواء منعش يداعب وجهه وفي لحظة تمني أن يصله عبيرها الشرقي، ابتسم بجذل وهو يخرج لفافة تبغ ويشعلها.

ظل للحظات ينظر إلى عدد قليل من السياح على مؤخرة السفينة، امتعض ملامحه وهو يري شاب يقبل فتاة عنوة، لا يعلم اي دماء حارة سارت في اوردته كي يلكم ذلك الأحمق، لفت نظره إلى فتاة تسير ببطء نحو السور الحديدي، ضيق بصره قليلاً وهو يعلم خصلات تلك الثائرة وسيرها الذي حفظه عن ظهر قلب
هي، متأكد انها هي، لكن ماذا تفعل تلك المجنونة وهي تنظر إلى الأسفل بشرود، اتفكر بالانتحار! سبها بقوة وهو يجذب خصلات شعره البندقية.

- اللعنة تلك الغبية ماذا تفعل؟

ظل لثوانٍ يراقبها إلى أن تنتهي من تأملها الذي أرسل لقلبه بإشارة خاطئة هناك كارثة ستحدث لا محالة، تتأمل بعمق إلى المياه العميقة والجميع غير منتبه لها، تسارعت نبضات قلبه بهلع وهو يراها في لمح البصر تقفز إلى مياه المحيط العميق، اسودت عيناه قتامة وتيبس جسده لثواني وهو ينظر إلى موقعها بشرود، تباطئت انفاسه وشعر ان انفاسه تخرج بتثاقل قبل أن ينتفض بقوة وهو يصرخ بصوت مرتفع شق سكون الطبيعة الهادئة
- سارة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة