قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والعشرون

ظننت أننا سنختلف
أن دروبنا لن تتلاقي يومًا
لكن عاصفة اقحمت دربي لأصبح أمامك
مبهورة برؤيتك، كنت مكتمل لكل صفات رجل احلامي
بخطواتك الواثقة وكأنك الرجل الأوحد في الكون، ببريق عينيك في حضرتي، بثقتك وغرورك الفطري جعلني انساق خلفك كالمغيبة وما اسقطني صريعة هو
عيناك سيدي
عيناك هي الحياة
عيناك هي التي خبطت بي جيئة وذهابًا علي حين غرة.

تنهدت بسأم ليس لكون الجميع معها دائما بل اشتاقت لالواحها والوانها، حياتها وجزء من قلبها تعطيها لكل لوحة، للتجمعات الشبابية قبيل رمضان والعيد، المساعدات الإنسانية التي تقدمها قرب العيد والبلالين والحلوي التي توزعها للأطفال بعد صلاة العيد مباشرة هذا غير بعض القبلات الدافئة التي تتلقاها من الأطفال المهذبين والخجولين، كم اشتاقت لهذا، كم تشتاق لسير حياتها الطبيعي، الطبيب اخبرها ان تنتظر بعض الشهور لتزاول حياتها الطبيعية، امتناع ابيها عن الحديث عن خالد آخر مرة بل مرتين تحديدًا لم يظهر حنقه يظهر عليه الشرود ثم النظر العميق لها، يُعري روحها ببساطة وسؤال معلق فقط اتحبينه سارة لتلك الدرجة؟ والجواب هو امتناع الرد وتصاعد وجنتيها بحمرة قانية يجعله يهز رأسه، لمَ امتنع لسانها هي الاخري تريده كله بوقاحته بعبثه و تجربة عناقه وهي تقسم انه سيصبح اكثر دافئًا عن المرة السابقة التي احتضنته برغبتها، مقلتيه اللامعة بحضرتها هي فقط وكأنها المرأة الاولي بحياته اعترف كثيرًا لها انها مست اشياء لم تستطيل النساء من قبلها، مرت النساء في حياته الجميلات والمثيرات لكنه اختارها هي بالنهاية كأن عرق شرقيًا أراد أن يختار زوجة مسؤولة في النهاية لكنها حتمًا ستجرفه للجنون يبدو حازمًا وجديًا احيانًا لكن عبثه ووقاحته يفقدها صوابها كليًا.

زفرت بعصبيه وهي تفيق من شرودها ان هناك ضيوف بجوارها
- انا بجد زهقت من هنا
نظر اليها يامن مترددًا ثم قلب عيناه نحو ذراعها المكسورة ليهمس بأسف
- لو ايدك مش مكسورة كنت لعبتك ببجي معايا
وهذا ما ينقصها عقلها يعمل كالمكوك حول حياتها عن خالد وكانه هو مدارها الوحيد الان ولا تعبأ بأي شخص آخر، رباه ما فعله ذلك الرجل بها؟! كيف يجعلها تشتاق إليه بذلك اللوع والنيران المضمرة في صدرها؟!

اخذت تلتقط انفاسها المتأججة وهي تنظر الباب بأمل لوجوده لتعود النظر ليامن بحدة
- يامن انت تسكت خالص من الصبح شغال اغرائات ومش شايف ان دراعي متجبسة
لم يخشى من نبرتها العدائية اكثر من احتراق قهوتها ليقول بيأس للقابعة بصمت
- هند حاولت العبها معايا بس مستجابتش ليا بسهولة، تعبتني زي ما حصلك بالضبط
- يامن.

صاح نداءان من سارة وهند ليرفع يامن كلا حاجبيه من عدائيتهما، حسنًا الاولي ملك لآخر والثانية ستصبح زوجة أبيه لكنهما اقرب واجمل فتاتين عرفهما خلال تسع اعوام بعيدًا جدًا عن رتابة حياته القديمة مع والدته ووالده، بيت جده اكثر اثارة اشد دفئًا اشد عاطفة عن اي بيت آخر، جلس على الاريكة بملل وهو يقلب عينيه علي الهاتف لتهتف سارة وهي تكسر حاجز الصمت منذ مجيء هند.

- مبيتبلش في بقه فولة ابدًا انا عارفاه بيفضح الكل و عادي جدًا، شرفتيني جدا بزيارتك يا استاذة هند
همت هند بالرد ليستبقها يامن بوقاحة شديدة
- سوو مش لايق عليكي الاحترام خدي راحتك معاها انا عندي تسع سنين وبناديها باسمها رغم رفض بابا واني اناديها باحترام بس هي معترضتش
انفجرت سارة ضاحكة حتى شاركتها هند و يامن الذي هز كتفيه بلا مبالاة لتنظر إلى هند قائلة باهتمام
- ربنا يعينك فعلا علي اللي جاي معاه.

ابتسمت هند وهي تقبل وجنتي يامن بحب بل مشاركة يامن بسعة رحب ومجاريتها لتهمس بدفء وهي تعانقه بحنان
- ربنا يعيني عليهم.

ترجلت من السيارة وهي حاملة مستلزمات العيد في يدها اليمنى واليد الأخرى حاملة الهاتف تجيب باختصار على أسئلة تنينها الناري، غاضب بشدة انها عادت لمنزلها في وقت متأخر، تنهدت بهدوء وهي تسير بخطوات هادئة الى العقار لتهتف باطمئنان
- راشد خلاص والله متقلقش انا وصلت العمارة، متتعصبش يا راشد وصلت بالسلامة
اتسعت ابتسامتها وزادت اشراقًا من كلماته الدافئة لتغمغم بهدوء
- حاضر يا حبيبي اهدأ بس.

تخضبت وجنتيها من بعض كلماته الوقحة مجرد ان نطقت كلمة حبيبي بعفوية ثم اصدار قرار لا يقبل النقاش انها ستظل تحادثه حتى تصل إلى المنزل، صعدت الدرج ببطء رغم تعجبها من ان الاضاءة معتمة ربما البواب يقوم بتصليح المصابيح في العقار، ردت بخجل
- مكنتش اعرف ان الكلمة ليها تأثير قوي عندك كده، حاضر.

همت لتنطق كلمة أخرى لكن حينما شعرت بشيء يتحرك أمامها وما ان رفعت بالضوء اليه صرخت بهلع وقد تناثرت محتوياتها ارضًا والهاتف قد انكسر تمامًا من أثر السقطة.

الساعة الثانية عشر منتصف الليل.

وحيدة في غرفتها، تحاول جاهدة الا تغرق في الدوامة السوداء لكي تراه، رغم يومها الحافل والممرضة التي تأتي على مدار الساعة ثم اطمئنان الطبيب الوسيم الا انها تنتظر وجود الآخر بلهفة، ليلة أمس قد كان في هيئة لم تعتاد عليها، تنهيدة حارة كتمتها فورًا وهي تهمس بخجل وان كان مشعث الشعر وقميصه مجعد يبدو مهلكًا طرقات هادئة على باب غرفتها جعلها تتحفز ل لقائه، وهل يوجد غيره الآن؟!

ابتسمت بأشراق وعيناها تتفحصانه بلهفة لقد شذب لحيته وشاربه وشعره البندقي مصفف بعناية ورائحة عطره تخللت خياشيمها، توردت وجنتيها من غمزة ماكرة منه وهو يغمغم
- مرحبا بالاميرة
أراحت رأسها على الوسادة وهي تهمس بنعومة
- تبدو منتعشًا عن المرة السابقة خالد.

نبضة خافقة، نظرة عابثة، نيران تندلع من حولهما، موجات من المشاعر المجنونة احتاجته وهو يراقب شفتيها تذمهم برقه ثم تنفرج شفتيها ك دعوة صريحة له، ثم ما بال كلمة خالد تؤثر عليه وتجعله يفقد صوابه وكل مرة تؤثر بنفس قوة المرة الأولى، لأول مرة يركز في عنقها الطويل الخالي من علامة ملكه، همس بخشونة وعيناه لا تحيد عن نظرتها الناعسة
- كيف حالك؟
ضحكت بغنج وهي تتأوه ما ان لامست اناملها ضمادة الرأس.

- بالتأكيد انك مررت بالطبيب، اشعر بالضيق حقًا لم اعتاد ان ابقي صامتة هكذا كل ذلك الوقت دون فعل شيء
ازدادت معدل خفقات قلبه وهو يراقبها فقط، اللعنة يراقب كل شيء بها عن كثب ويشعر بالجنون ماذا يحدث ان اصبحت بين ذراعيه! اغمض جفنيه فورًا كي لا تلتقط هي اي علامة تجعلها تخشى منه وتنفر فورًا، وعدها بذلك لكنه بالنهاية رجل وتلك الشقية الصغيرة سيعاقبها بقسوة ولن يتوارى عن فعلها، غمغم ببحة.

- تقصدين الرسم والتصوير
اتسعت ابتسامتها تألقًا وهي تود أن تقبل وجنتيه في التو واللحظة ثم تقوم باغرائه لجلب اي شيء من اشيائها المفضلة تعلم انه سيوافق على مضض لكن هو الوحيد، قضمت شفتها وهي تسبل أهدابها الكثيفة وهتفت بصوت مغناج
- نعم ذراعي اليمني لن تساعدني سوي بعد مرور شهر على الأقل.

تقابلت عيناه بعينيها البرئيتين، تلك رباه! ما الذي تفعله لتخرجه بتلك الصورة الضارية وكأنه لأول مرة يرى امرأة؟! ما تفعله بقلبه وجسده شيء لا يستهان به اطلاقًا تصاعدت انفاسه وهو يحاول التحكم بنفسه، منذ متى هو ضعيف لتلك الدرجة؟ لم يضعف ابدًا امام امرأة وإن كانت تحمل كل مقاومات الانوثة ولكن تلك المشاغبة، تحمل صفتي النضوج والطفولة، قبض أنامله على راحة يده يكظم غيظه وهو يعلق بصره نحو عنقها.

- اين السلسال سارة؟
رمشت اهدابها عدة مرات وهي ترد بتلعثم غير متوقعة ان يغير مجري الحديث بتلك السهولة
- أنه، لقد وضعته في،
زفر بحنق وهو يقترب منها بهدوء، تقارب قريب بينهما يشعل براكين خامدة، يصطحب أعاصير مدمرة، يشعر بلفح انفاسها التي اتخذت بالتثاقل من مجرد قربه ليتابع بصوت أجش
- لم ترتديه، لما سارة؟ لقد اوصيت دانيال بصنعه لكِ
أزاحت عينها و اقتلعتها نهائيًا من تألق فيروز عينيه لتضم كفيها بتوتر هامسة.

- لانها ثمينه لا اقبل شيئًا من شخص ولن استطيع ان ارد له ولو بمثلها
شهقت ما ان لمس عضدها المعافي وقربها بقوة فاصلاً المسافة كليًا بينهما، تشعر بدوي نبضات قلبه وصدره المتصلب أما عيناه هي كالجمرتين المشتعلتين
صاح بحدة
- انتِ امرأتي.

بهتت للحظات وهي تستقبل صفة جديدة أخرى متملك حتي الاحتراق، غيور حتى الجنون اما غضبه الحارق يدفئ جليد قلبها اكثر، هي له منذ أول لقاء صادم بينهما هو يعلم ذلك وهي تعلمه بل الجميع يعلم ولكن الأب!
تملصت منه بهدوء وهي تسيطر علي تلك الرجفة في جسدها ما ان اعلن تلك الكلمة، شحب وجهها وهي ترد
- لم نصبح بعد خالد، لم نصبح وحتى ذلك الحين لن استطيع ان افعل اي شيء او ارتدي أي شيء تجلبه لي
غمغم بجمود.

- إن رفض والدك هل ستحاربين أم تستسلمي؟!
لم تكن مستعدة لتلك النقطة تحديدًا معه يخيرها بينه وبين والدها اي سؤال أحمق يسأله؟! ماذا أن رفض الوالد هل ستنتهي علاقتهم؟ وماذا ان اخبرها ان يهربا معا ويتزوجا ويضع والدها تحت الامر الواقع، تلك النقطة جعلت عيناها تتسع اكثر وهي تحدق به بجمود، ايفعلها؟ هل سيفعلها خالد ان يأس؟ نفضت راسها من كثرة الاسئلة لترد بحيادية.

- الاب يتمني لابنته السعادة وبالتأكيد لن يتردد في إعطاء إحدى عينيه لشخص يستحقه
ابتسم ساخرًا وهو عالم بل موقن أن صرح الأب بالرفض فهي ستسير خلفه وتتركه بقسوة يتقلب بين غيابات يأسه والمه
- وكيف تريني سارة؟
لم تتردد وهي تجيب بابتسامة واسعة التي جعلت قلبه ينبض اكثر.

- لا اعلم احيانا اراك عابثًا واحيانا اراك جديًا لكن بكل ما بك يعجبني كثيرًا، غضبك السريع وغيرتك ستحتاج إلى علاج مكثف لان عملي يقتضي ان اكون بين رجال ونساء.

رجال؟! كلا لن يسمح ابدًا يكفي ابتسامتها التي تطير بها تركيزه وضحكتها الفاتنة التي تودي قلبه اما سيرها المتبختر تلك تقضي بأخر ذرة تعقل به، لن يسمح ابدًا بحدوث كل ذلك لرجل آخر غيره، توحشت عيناه حتى أصبح ك ثور رأي بقعة حمراء جاهزًا للفتك بالضحية لينتشله من شروده صوتها الناعم الذي تشرب ببطء إلى أذنه كترنيمات ناعمة، لن ينكر ان لكنتها البريطانية اصبحت ممتازة جدًا بل تخلت عن اللكنة الامريكية وهل هذا من أجله؟ رفع بصره وهو يستمع إليها وهي تقول.

-اتعدني؟
لم يتردد ابدًا في نطقها
- اعدك
اتسعت ابتسامتها وهي تغمز بمكر الي حدقتيه المشعة بلون فيروزي
- واعدك ايضًا ما أن يوافق والدي على زيجتنا سأشاركك جميع جنونك
ازدادت ابتسامته اتساعًا وخبثًا وهو يقول متسائلاً
- جميع جنوني؟!
شهقت بخجل وهي تري عيناه التي استحالتا للون داكن لتعبس وهي ترد بجفاء
- لا احمل معني وقحًا سيادة القبطان.

انفلتت ضحكة رجولية خشنة جعلتها تشعر بالالاف الفراشات في معدتها وجسدها يرتجف من نظرته المثبته نحوها، خفتت ضحكاته وأصبحت الغرفة خالية من تذبذباته ليقول
- لما وافقتي؟ ما سبب موافقتك عليّ؟
لن تقولها ابدًا، ابدًا، ليس الآن، همست بهدوء
- اتذكر يوم ان انقذتني من الهلاك كنت تبدو فارسًا ثم انقاذك لي وانا في عرض البحر ورغم كل شيء لم تتجاوز حدودك كثيرًا معي اليس كافيًا!
تجهم وجهه للعبوس وهو يرد بنبرة ذات مغزى.

- ليس هذا ما أرغب بسماعه نجمتي
واااه من نجمتي والافاعيل التي تحدث لها من تلك الكلمة، احمر وجهها وهي ترد بخجل
- ارجوك توقف عنها ليس الآن، الوضع معقد ابي لا يحبك كثيرًا
قاطعها بهدوء
- يغار مني
استأنفت وهي تهز رأسها نافية
- ليست غيرة ولكن شهاب ايضًا
قاطعها للمرة الثانية وهو يقترب نحو حدقتي عيناها، يرى انعكاس صورته منها وتلك الأشياء البراقة في حدقتيها سيعمل جاهدًا أن تظل براقتين حتى تشيب جواره، همس بجمود.

- يغارون مني سارة، يغارون من اختطف قلب الفتاة المرحة الظاهرية والمشتاقة للمشاعر بجنون داخليًا
اختتم عبارته وهو يهمس بجوار اذنها وهو يقدم لها أشياء على طبق من ذهب ستحدث إن وافقت، بل نبرة صوته تحمل النعيم إن وافقت
شعرت به يبتعد بهدوء عنها ويجلس على الكرسي وهو يحدق بالافق شاردًا، ظلت هي الأخرى تنظر الي حالتها بهدوء، استفاقت من شرودها على وجود شخص آخر معهم لم ينتبها له لتهتف بنبرة هادئة
- شهاب.

أفاق خالد من شروده العابس، انه كل مرة يخلف وعده من عدم تجاوز الحد المسموح له عض على شفتيه بقهر وما زاد الطين بله وجود ذلك المدعو بشهاب حارسها الشخصي، نظر الي سارة بابتسامة ناعمة
- سأراكِ لاحقًا
ثم قام من مقعده غير عابيء بالواقف يكتف ذراعيه يراقب كلاهما بهدوء ونظرة شرطي صقرية، همست بنعومة
- عيد مبارك خالد
ابتسم في المقابل وكأن العدوى انتقلت اليه سريعًا وهو يجيب
- عيد مبارك لكِ.

ثم دون كلمة أخرى غادر الغرفة لتقع هي في المصيدة تحت تحقيق أخيها شهاب، بل الوالد الثاني الذي يدلل ابنته وكل مطالبها المجابة، اقترب شهاب اكثر وعيناه تحدقان بها بنظرات خارقة
- اقدر افهم ايه اللي بيعمله عندك؟
احمرت وجنتيها وهي تتذكر قربه وهمساته لترد بهدوء وهي تهز كتفيها بلا مبالاة
- مش بتثق فيا يا سيادة المقدم؟ فين نظرتك اللي متخيبش في عين كل شخص
ثم تابعت بفضول ونبرة حائرة.

- لقيت ايه في عينه؟ انا عارفة انك عمرك ما هتكدب عليا
ابتسم شهاب وهو يقترب للجلوس على المقعد، يمسك كفها بين يديه وهو يرد، لم يكذب امامها يومًا وهو لا يعلم ذلك العاشقان البائسان ما مصيرهما؟
- لقيت كل حاجه حلوة ممكن يدهالك، لقيت مسؤولية كبيرة في عينيه لقيت حب قادر انه يدهولك.

ما ان هتف بعبارات بسيطة رأي عيناها تتألقان وكأن النجوم سطعت في بحور قهوتها، اتسعت ابتسامته وهو يتذكر ما عانه منذ قرر الزواج ب ندي ليستمع الي نبرتها الماكرة
- جه وقت انك ترد الجميل.

لا يعلم لما خانته العبارات، يعلم أنها مشتتة بسبب رفض عمه بل امتناعه الغير مبرر عن الحديث عنه ولو بالصدفة وكأنه هو الاخر يفكر في ابعاد زواجهم، لم يستطيع ان يكذب ابدًا برغم ما فعله الاخر لن ينسى الايام التي احرقتهم لوعًا برؤيتها وذلك العاشق كان كالورقة الخريفية ساقطة علي الارض تهبها الرياح اينما تحركت، لم يكذب وهو يعلم شرودها دائمًا وهي تفكر بالنصف الاخر، سارة طفلته الصغيرة التي اعتني بها حتي اصبحت انثي يافعة بل يوجد رجل قرر خطفها منهم لتغادرهم ويصبح بينهما اميالاً، لم يري لهفتها مثل المرة السابقة حينما قررت الزيجة ب سالم كيف لم يعلم كل تلك المدة التي أخفتها ببراعة عنهم أنها تنتظر الآخر الساكن، تنتظر القبطان!

اقترب بمشاكسة من سارة وهو يقرص وجنتيها
- لو حاول بس انه يزعلك صدقيني هاكله بسناني هو انا عندي كام سارة
انفرجت ابتسامة لم يتخيل أن تمتلكها سارة ابدًا، تلك الابتسامة التي ارتسمت على محياه ما ان اصبحت ندي زوجته وهي تهتف بامتنان
- حبيبي انت.

القلق عصف وجدانه من رد فعل عمه الصامت لن يتهاون عمه، إن قرر ان يترك ابنته السابقة تعود لزوجها علي مضض واحتمال مؤكد ان المدة الوهمية لا أساس لها من الصحة يعلم ما يفكر به الرجل حينما ييأس من عودة امرأته يبدأ الزحف حولها ولا يجعلها تفكر بأي رجل غيره يلفها بقوة كما لو الافعي تضم فريستها بجلدها الناعم لتسقط الضحية في فخه بسذاجة.

كان كالمجنون وهو يسير بسرعة قصوي بعد ان اغلق هاتفها، كاد ان يتسبب بقتل المارين بل اصطدام سيارتين وهو يتجه نحو عقارها، هو اخبرها ان تعود للمنزل في اقرب وقت، لم يأمن ابدًا على رجوعها منتصف الليل رغم الاضاءات المنيرة والازدحام الكثيف وكأن المدينة في ساعة الذروة، فتح باب سيارته بلهفة ولم يعبأ باغلاقها وهو يسير وقلبه بين يديه إن لم يجدها هنا، التفتت عدة مرات الى العقار المظلم وعدم وجود البواب مثل المرات السابقة، لينقبض قلبه هلعًا وهو يهتف اسمها ببطء، لولا أنه كان بالقرب منها على بعد عدة نواحي وأنه متأكد ان حالة الهرج والمرج في محيطها انها لم يتم اختطافها، لقد سوي امره مع صبا رغم محاولاتها لتستميل اليه بل تخبره بوقاحة انها تخلصت من زوجها وترغب بالعودة إليه، لم يتردد ابدًا بتعنيفها بل يتمسك بنقطة ضعفها الفيديو الذي اكتشف به قذارتها مع رجل بين احضانه يمارسون الزنا بكل فحش، لم يتردد ويلقي ذلك بعد أن ضاق به ذرعًا، الفيديو الذي سيتسبب بخسارة جسيمة لشركة والدها بعد أن اكتسب بصعوبة صفقة العمر، اخبرها ببساطة أن بعد انتشار ذلك الفيديو واكتشاف الصحافة سبب طلاق الرجال منها لن يقترب رجلاً منها ابدًا، أشعل المصباح من هاتفه وهو يستمع الي صوت انين مكتوم ليخفق قلبه وهو يهمس بقلق.

- هند، هند
آنين آخر وهو يستمع إلى صوت ملكوم
- ايوا يا راشد انا هنا
انتفض قلبه وهو يبعث بالضوء الي مصدر الصوت ليري بعض الخضروات مبعثرة على الأرض هذا غير وجود سكر البوردة المنتشر بالقرب من جسدها، اقترب بلهفة وهبط بجسده نحوها وهو يتلمس وجهها بقلق
- انتي كويسة؟

ازدردت ريقها ببطء وهي تأن بألم من سقوطها على مؤخرتها لولا أنها حافظت على توازنها بصعوبه لكانت سقطت على الدرج، تفصد العرق من جبينها وعنقها حتي التصق علي بلوزتها الحريرة وهي تهمس بلهاث
- ايوا
زفر بحرارة وهو يلتمس وجهها بحنو ثم يزيح عرقها بأنامله ليهتف
- تليفونك مقفول ليه؟
تألمت وهي تعتدل بجلستها بمساعدته لتقول
- وقع مني واتكسر وانا طالعة علي السلالم.

قبل جبينها بدفء وهو يحيط خصرها بقوة لتستند بذراعيها على منكبيه وما ان اصبحت على قدميها قال بتلهف
- ايه حصل شوفتي ايه؟
ما ان سمع صرختها حتى حملها بين ذراعيها حاملاً حقيبتها متوجهًا للطابق العلوي لتحيط ذراعيها حول عنقه وهي تهمس بتلعثم
- هقولك ومش هتضحك عليا
فتح باب الشقة واغلقه بقدمه اليمني متوجهًا الي غرفتها قائلاً بهدوء
- قولي.

نظرت اليه بقلق وهي تلاحظ تصلب جسده وانصهار رماديته للون فضي ما أن اقتحم غرفتها
- مش هتضحك يا راشد
ألقي نظرة عابرة نحوها وهو يرد بنفاذ صبر
- هند
ارقدها على الفراش وهو يخلع حذائها ثم يتفحص بانامل خبيرة علي قدميها لتجيب بتلعثم
- شوفت فأر ضخم وسمعت صوته وانا عندي فوبيا منه.

حدقت عينيه نحوها ببساطة وهو يراقب اهتزاز حدقتيها ثم انسيال خط دافيء من مقلتيها، ليبتسم بشرود وهو يحمد ربه انه لا يوجد شيء أصابها في قدميها، صاحت بحنق وهي ترى ابتسامته الشاردة
- بتضحك ومش مصدقني ليه انا قعدت فترة علشان افوق
انفلتت ضحكة خافتة جعلت قلبها يخفق بصخب بل عقلها يخبرها انه في غرفتها، تخضبت وجنتيها بحمرة وهي تشيح بوجهها عن نظرات عينه الثاقبة ليرد بغمزة عابثة
- مش بضحك انا بس ببتسم
سبته في عنف.

- بارد وغلس وملكش اى لازمة
توقفت انامله عن تدليك قدميها لينظر نحوها بعدائية ونيران تضرم حدقتيه الفضية لتتجمد الفضة منه وتعود الغيوم تُظلل حدقتيه
- هند اعرفي انتي بتقولي ايه، مش كون اني سمحتلك مرة انك تقوليها تاني
عضت شفتيها بتوتر لتنحني بعنقها للجهة الأخرى وهو ظل مراقبًا لها
انحناء رقبتها وسحق شفتيها بأسنانها
همهمات تصدر منها تدل على حنقها وبالكاد سمع منها
- انت ايه اللي جابك اصلاً.

ثم عادت لهمهمات وعيناه لا تفارقان كومة شعرها وهي تميل لجانب رأسها، كيف خرجت خارج المنزل بشعرها، كم رجل افتتن بها؟ غيرة نهشت قلبه وهو يتذكر كيف افتتن بها وشعرها الذي يتراقص بل تسير بتبختر وهو أعانه الله، يود شفتيها بصورة كاسحة لعقله، يرغب بها بصورة متوحشة بأن تتنهد بأسمه ويذق رحيق شفتيها لا أكثر
نداء من الجدة جعلها تنتفض بألم وهي ترد بصياح وتخبط كفها على جبهتها
- ايوا يا تيته جاية.

ثم عادت للنظر اليه بهجوم وهو يقول بنبرة خشنة
- هشوفك بكرة أكيد
ابتسمت ببرود وهي تسير بحذر
- بتحلم
القي غمزة ماكرة وهو يهتف بعبث
- ماشي يا هند لما نشوف
ثم رأته يقترب يقترب اكثر حتى شعرت بأن الأرض تميد بها، استعدادًا لثوره منه او قبلة تذهب انفاسها وما فعله أنه دنا يطبع قبلة عميقة لوجنتيها وهو ينظر الي عينيها بتحدي سافر
- هستناكي بكرة
لم يكن يطلب بل يأمر وهي لن تذهب اليه غدًا حتي وان توسل اليها.

نظرت الى الجميع المحتشد في المطعم بشرود، لم تكن لتأتي ابدًا لولا إصرارها، حملت تلك اللوحة التي أمرتها سارة لتجلبها بمناسبة زفاف تلك الصديقة الجديدة، ألقت ب نظرات ناعسة نحو الجميع حتى رأتها هي تتقدم نحوها بأبتسامة ناعمة وما ان اقتربت منها حتي عانقتها بحميمية وهي تهمس
- ليان فرحت انك جيتي.

بادلتها ليان الابتسامة فورًا وهي تراها أشد جاذبية، ابتسامتها لا تفارقها ابدًا، وجنتيها متشبعة بالحمرة القانية، ردت بجزل وهي تقدم اللوحة لها
- مقدرتش ارفضلك طلبك ده غير اول مرة اشوف حفلة في عصر اول يوم عيد
تخلصت نور من اللفافة سريعًا وما ان رأت رسمتها هي وأمير زوجها حتى صاحت بانبهار
- بجد سارة فنانة انا كنت بقولها مواصفات شكله ومكنتش متخيله انها هتجيبه بالضبط.

وكأنها لا تعلم شقيقتها، شقيقتها تتمتع بالذاكرة الحديدية، تذكرت اول مقابلة لها ب زين الحديدي وحين عودتهم وجدتها خلال دقائق فقط استداعدت صورته في ورقة رسم، عادت النظر اليها والي ابتسامتها المشرقة وهي لا تعلم سبب دعوتها او قرار عودتها لزوجها
همست نور بسعادة وهي تغمز بعينها ل زوجها
-أمير مُصر انه يكون اول يوم وعملنا حفلة بسيطة للعيلتين وطبعًا قولت انك لازم تيجي.

راقبت نظرات الاثنين لتهمس بارتباك وهي تبتعد قليلاً
- طيب علشان مشغلكيش عن حد
سارعت بالتمسك من معصمها وهي تلقي بنظرة ذات مغزى لزوجها ثم تعود للمرتبكة قائلة بنعومة
- لا حابة ندردش انا وانتي سوا واعرفك علي تيته نازلي بصي ديه حتة سكرة اصلاً
صمتت قليلاً وهي تهبط ببصرها إلى بروز بطنها لتلمع عيناها فرحًا وهي تهمس
- مبروك علي الحمل.

كانت شاردة وهي تنظر الي عائلة زوجها الذين يشاركون الصخب على نغمات تركية ويرقصون ما يسمي ب الدبكة التركية رأت شباب يتجمعون ويرقصون بفرح لتعاود النظر إلى الواقفة أمامها لترد في خفوت
- ها، الله يبارك فيكي
رأت في مقتليها الأسئلة والحيرة المرتسمة على قسمات وجهها لتسحبها نحو إحدى الطاولات قائلة
- طبعًا اكيد مستغربه بعد اللي قولتهولك رجعنا لبعض ازاي.

صمتت لثواني وهي تنظر إلى زوجها الذي شارك عمر وظافر ثم انضمام زينب وصغيرها المشاغب اياد لتعود النظر إلى ليان هامسة
- عارف نقطة ضعفي واستغل ده جدًا ده غير اني بلاقيه في كل حته بروحها
ابتسمت ليان بشرود وهي تغمغم
- قصدك انك مش بترتاحي غير في وجوده او انك حاسة باطمئنان انه هو معاكي حتي لو كان مسافة بعيدة
ربتت نور على كتفها وهي تتنهد بحرارة قائلة وهي تومئ برأسها للسيدة نازلي.

- مسألتي معاه مش وجود عيل وخلاص الموضوع كان اكبر من كدا، ده غير لما جاب مامته صدقيني خلاني اعيد ترتيب حساباتي، فريدة هانم مش من النوع اللي يعتذر بسهولة ولا حتي من النوع اللي ممكن يتنازل عشان المركب تعدي بس لما تعمل كده علشان ابنها وديه لاول مرة تحصل خلاني اغير رأيي.

عضت ليان شفتيها بقهر برغم كل شيء زوجها مختلف تمامًا عن زوج نور، زوجها أصبح يفعل المستحيل لتسامحه ولكن ماذا بعد الاعتذار؟ سيغادر مرة اخرى، همست بشرود
- يعني بعد كل المدة اللي سابني فيها اسامحه
همست نور وهي تشد ذراعها حتى اقتربت بالقرب من طاولة السيدة نازلي
- الجرح اللي من اقرب ناس لينا مش هيداوي بسهولة الا لو شخص محترف قدر يعمل كده واظن ان البيبي هو اللي قربكم.

وهي لا تريد طفل يصبح سبب للقرب بينهما، أرادت شيئًا اكبر واعمق، سيل الاعتذارات منه لن يطفيء نيرانها وبركانها الخامد، رغم هرمونات الحمل التي تتأثر سلبًا بكونها تتسحب خلسة تشم رائحة عطره في قمصانه في الخزانة ثم عطره الرجولي الخاص الممزوج بعطر الاستحمام الخاص به، لكم تتلهف أن يأتي الليل لتصبح بين ذراعيه، يدلك رأسها، يداعب شعرها، يبعث بقبلات شغوفة دافئة لوجنتيها، كتمت تأوه خافت وهي تنظر الي السيدة التي تجر كرسي متحرك رغم خطوط الشيب الذي طغي علي ملامح وجهها لكن ملامحها فاتنة وناعمة.

اقتربت نور من الجدة وهي تقبل كفها بدفء ثم هتفت بنعومة
- سيدة نازلي لماذا أتعبتي نفسك لقد كنت علي وشك ان اتي إليك
ابتسمت السيدة نازلي وهي تربت على ظهرها وسعادتها ك سعادة العائلة مرة أخرى بعودة نور العائلة لمنزلهم، نظرت الى المرأة الخلابة بجوارها لتغمغم
- لقد اتيت لاعرف من تلك الجميلة التي اخذتك من زوجك انظري اليه وكأنه يتقلب علي صفيح ساخن
التقطت عيناها بزوجها لتتسع ابتسامتها وهي تستأذن قائلة.

- دقائق وسأعود
تفحصت نازلي بعيونها الزيتونية التي ورثها أمير إلى ليان المرتبكة لتقول بنعومة
- اتعلمين انتي تذكريني ب نور حينما جاءت الي منزلنا كانت مضطربة ومذعورة رغم الحشد
تخضبت وجنتيها بالحمرة وهي تخبرها ان تبتعدا عن الحشد ويجلسا في مكان هاديء، جلست على المقعد وهي تنظر الي النيل المطل من المطعم بشرود لتقاطعه صوت نازلي
- نظراتك تبدو انك تعانين مشكلة عاطفية، هل هو زوجك؟

هزت راسها ايجابًا عدة مرات وهي تذرف الدموع بصمت
- نعم
ابتسمت نازلي بتفهم وهي تنظر الي ملامحها المجهدة تري التردد في عيونها وجسدها الذي يرتجف بين الحين والأخرى لتهمس نازلي
- الرجال حقًا يسببون تعاسة كبيرة للنساء رغم ذلك لا يستطيعون العيش بدوننا
استطاعت أن تجذب الشاردة نحوها وهي تنظر اليها بتدقيق لتتابع نازلي وهي تمسك بكفها.

- الرجال لا يستطيعون العيش بلا حب وإن اخبرك شخصًا انه لا يحب فأنه كاذب، الحب تضحيه ستقبلين التنازل لمن احببته
شهقة انفلتت من شفتيها لم تستطيع ان تكبحها نهائيًا وهي تتذكر رقته اللامتناهية وصبره ودفء ابتسامته، كل ما يفعله معها لن تستطيع أن تخرج شياطينها امام وجهه لترد بنحيب.

- لقد فعلتها سيدتي لكنه استطاع أن ينفذ اسفل جلدي لا اعلم كيف في مدة قصيرة فعلها رغم عدد سنوات زواجنا لكن تلك الايام اشعر به بجواري كما كنت اتمني لقد وصل إلي صميم قلبي لا استطيع ان اخرجه بسهولة لقد احكم قيدي جيدًا
تألمت نازلي لملامح تلك الشابة البائسة الواقعة في عشق زوجها، ومن لا يعشق؟ ومن قال ان الحب لا يستطيع أن يجعلك تذوق مرارته؟! التفت نحوها بدفء.

- الرجال حينما يحبون يموتون عشقًا عزيزتي هل رأيتي إمرأة ماتت عشقًا قبل؟! لم يحدث قبلاً حبيبتي، زوجك يحبك بجنون استطيع ان اري التردد بعينيك إن لم يكن يبادلك بنفس المشاعر ولو اني اشك انها اقوي لم تكوني تترددين في ابعاده عنك صحيح عزيزتي؟

لا تعلم أهي حقًا بائسة لذلك الحد لجعل تلك السيدة المسنة تكتشفها ببساطة ام ان الجميع يراها هكذا وبالاخص هو، عضت شفتيها وهي تهز رأسها ايجابًا لسؤالها الذي كانت تخفيه في غياهب عقلها
- صحيح
ابتسمت نازلي بانتشاء وهمست
- هل يعلم انك هنا؟
صمتت قليلاً وهي تتخيل ردة فعله، عليه ان يذق بعض المرارة هو الآخر كما حدث لها
- لا
نظرت اليها نازلي بعتاب اموي وهي تهمس بجدية.

- هاتفيه الان يبدو انه جن تمامًا ويبحث عنك كالطفل التائه الذي فقد امه في قارعة الطريق.

هزت رأسها بخضوع تام وهي تخرج هاتفها الذي أغلقته ما ان وصلت هنا كي تتفرغ لعدة دقائق بمفردها، بعيدًا عن حصاره، بعيدًا عن قربه المدمر لاعصابها ومشاعرها، بعيدًا عن تحكماته وتعليله السخيف انها حامل لتفتح هاتفها وهي تنتظر لبرهة من الوقت، شهقت من كمية الهائلة من المكالمات منه ثم رسائله التي تخطت المائتين رسالة خلال نصف ساعة فقط، ترددت قليلاً وهي تنظر لنازلي باستنجاء
- سيغضب ويثور عليّ.

بادلتها نازلي بأبتسامة واسعة وثقة لا تعلم اين اتت بها لترد
- لا اظن مشاعر اللهفة ستكون طاغية عن اي مشاعر اخرى عزيزتي.

الآخر يغلي كالمرجل
يشعر وكأنه يسير على صفيح ساخن
يهدر بعنف أمام حارسه الغبي
- انت ايها الغبي لم تراها وهي تخرج من المشفى
والآخر يقف مبررًا، يحاول أن يشرح له الصورة الكاملة
- سيدي لم اكن اعلم انك لست في المشفى، اخبرتني ان
رفع سبابته أمام وجه الشاب الشاحب وهو يستقبل حديثه الخشن معه
- أغلق فمك بدلا من الثرثرة وابحث عنها.

هز الحارس رأسه بإيجاب وهو يسارع بالخروج من الغرفة ليبقي هو حبيس غرفة المشفى وحيدًا، اين هي؟ أين من الممكن ان تكون؟، هاجس مخيف وهو يتذكر حينما اخبرته بكل صراحة ووضوح ماذا سيفعل إن تركته ورحلت عن عالمه كما فعل؟
اصفر وجهه وتوقف عن السير و بقي محدق في الفراغ بصمت اطبق انفاسه، بعجز وبخزي كلل شعوره، بحنق وغضب احرق وجدانه بألم وسواط ادمي روحه، غمغم بحنق
- لما الجميع هنا عبارة عن كومة من الغباء؟

عاد النظر إلى هاتفه بأمل ليجد هاتفها خارج نطاق الخدمة، لن يدعها ابدًا والله ما دام هناك نفس يتردد به لن يتركها، ما ان يجدها ويراها سيعاقبها بقسوة على ما الم به و ما اطيح رأسه عن الصواب، عض شفتيه قهرًا والمًا وشيء واحد يتردد في اذنه، رحلت او سترحل، ابتعدت بجفاء أو قررت العزلة بمنأى عنه، لما ليان؟ وفي كل خطوة اخطوها للإمام تسبقيني انتِ بعشر خطوات للخلف، ايعجبك هذا الوضع؟! تكونين بعيدة عني وعيناك تصرخان و تستنجدان بي.

انين هزاز في هاتفه ليسرع فورًا وهو يرى تلك الرسالة بكون هاتفها اصبح متاح حاليًا، لم يتردد وهو يهاتفها وما ان استمع الي همسها الخافت صاح بخشونة وهو يخرج من المشفى بخطوات عاجلة
- ليان اين انتي؟
صمت للحظات وهو يستمع الى صوتها المتحشرج ليسب نفسه على الفور وهو يكور قبضه يده ويطيحه على مقدمة سيارته ثم ركل بساقه إطار سيارته اليسرى بسخط ليغمغم بنبرة اجشة
- ابقِ عندك وابعثي موقعك فورًا.

ران الصمت بينهما وهو يستمع إلى هدير انفاسها ليهمس بغموض وهو ينزلق للمقعد وينطلق صوب وجهته
- دقائق وسأتي
في الجهة الاخري،
ما ان اغلقت حتى التفتت إليها السيدة نازلي بابتسامة ناعمة
- ما حدث؟
ارتجفت شفتيها من هدوءه المصاحب لعاصفة قادمة لترد
- سيأتي بعد دقائق.

ضمت وجهها بكفيها وهي تدعو ان تمر تلك الليلة علي خير، وبالرغم من البرودة المتأصلة بجذوره إلا أنه حين غضبه يظهر كأي شخص شرقي وهذا ما يقلقها نظرت إلى السيدة نازلي باستنجاء لتضحك نازلي وهي تكاد تسخر من تلك الفتاة التي تطلب الحماية من زوجها؟ غمزت بخبث
- تستطيع المرأة إخماد ثوران الرجل من خلال عدة أشياء استغليها في صالحك
شهقت ليان بخفوت ما ان علمت الكلمات المبطنة، تخضبت وجنتيها بحمرة قوية وهي تهتف بتلعثم.

- لا اعلم حقًا ما اريد قوله لك لكنني سررت بالتعرف اليك
ضحكت نازلي بمحبة من صحبتها لتهتف بمشاكسة
- وانا ايضًا جميلتي اتعلمين لولا انك متزوجة لكنت اقرنتك بأحد من الشباب في العائلة انتي جميلة جدًا وناعمة وقوية تذكري ذلك جيدًا.

اسدلت ليان أهدابها بحياء ولا تعلم كيفية الرد عليها؟ رباه اي زواج وهي أيام وسيظهر انفتاخ بطنها ك البطيخة، رغم الفستان الذي ستر جزء بسيط من حملها الا انه واضح كليًا للعيان أنها امرأة متزوجة، بالكاد همست بحروف متقطعة
- شكرًا لك.

بدون حرف او كلمة كان ممسكًا بكفها يتجه بها نحو سيارته، توقعت ان تراه حانقًا يطلق شتائم او يثور في وجهها لكن لم يفعل، كان ك لوح الثلج يقود بسلاسة للغاية وعيناه لا تشح عن الطريق العائد لمنزله، وهي كانت قلقة، علي حافة الانهيار حرفيًا، تقضم اظافرها برعونة ثم تخفي وجهها بين كفيها وما ان سمعت انطفاء محرك السيارة اشاحت كفيها لترى انها وصلت للمنزل، ازدردت ريقها بتوتر وهي تراه يترجل بعنف ثم يدور حول السيارة ليصل إلى بابها.

فتح الباب بهدوء لا يناقض اضطرابات جسده ليمسك بذراعها بحزم حتى أصبحت في مواجهته تنظر اليه بشرود قابلها بابتسامة ساخرة وهو يغلق الباب بحدة جعلها ترتعش، بخطوات حازمة دلف للمنزل واشعل الثرايات الضخمة المتدلية في السقف ثم اقترب نحوها وهو يخلع حجابها ويرميه على الارض بلا مبالاة ثم فك عقدتها التي تظلم خصلاتها الفحمية ليسترسل بهدوء على ذراعيها مبرزًا عنقها وقف مبهورًا لثوانٍ جعلها تهمس بشرود
- زين.

ما أن أتمت حرف النون عاجلها بأصمات شفتيها بطريقة تعلمها جيدًا، تأوهت بوهن حينما جذب عنقها بكف يده والاخري تهبط الى خصرها، موجة من الدوامات العنيفة اضطربتها وهي تستقبل قبلاته بصدر رحب، لا تتذكر آخر مرة قبلها، لكن تلك كانت شرسة، قوية، متملكة، آنت بخفوت ليزيح شفتيه إلى عنقها وفكيها ووجنتيها ثم يعود لسحقها مرة اخرى، هبط ب شفتيه الي عنقها مرة اخري يبحث عن نبض شرايينها وما ان وصل اليه تفاجيء بجسدها يرتجف بقوة ونبضات قلبها مرتفعة ووصلت حممه البركانية المخزنة الي جسدها، ابتعد ببطء وهو يراقب احمرار عنقها ووجنتيها كانت ناضجتين مغريتين بقوة، كبح رغبته بقوة وهو يعود لتدقيق بشفتيها بعنف.

- اصعدي لغرفتك الآن
وقفت مبهوتة لثواني وهي تري تبدل زرقاوته الداكنة الي ازرق رائق وتلك اللمعة قشعرت منابت جسدها لتتلعثم
- لكن
غمغم بسخط وهو يدير بجسده مبتعدًا عنها، أن ظلت مدة أطول سيقتنصها الي احضانه و سيصعد بها الى فراشهما، ولكن ليس قبل ان تعطيه الاشارة الخضراء لا يريد ان يكون رجلاً بدائيًا غريزيًا أمامها
- سأفقد اعصابي ليان وذلك لا يحدث سوى معك رجاءًا لغرفتك.

ارتعشت من صوته المرعب لتعود عدة خطوات للخلف وهي تحاول التقاط انفاسها المسلوبة لتهمس بصوت اجش مشحون بعاطفته
- استأتي؟
تبًا لكل شيء، يريدها وبقوة الآن، عاطفتها و خجلها وحيائها واستقبال موجات مشاعره برحب، قبض بقوة علي ذراعها وهو يلصقها بالجدار خلفها ولهاث انفاسها يشعله.

ظنته سيتكلم أو يفعل أي شيء وخصوصًا عيناه التي تموج وتعصف وعلى حين غرة عاد يلتقط شفتيها مدحضًا اي مقاومة منها للفرار لم يتحكم بها بشفتيه بل بجسده كليًا يهيمن عليها بجبروته، يسيطر عليها بخشونته
دوامة داهمتها مرة أخرى وهي تتعلق بعنقه كي تسيطر ارتعاش جسدها وساقيها الهلامية، سمعته يغمغم بخشونة بجوار اذنها
- تريدين ان اكون بغرفتنا لياني؟

خفق قلبها بعنف متجاوزًا دقات قلبه بأشواط، و عقلها مشوش كليًا من همساته لم تسمع اي شيء مما يقوله حتى بالكاد استوعبت معنى كلماته لترد بلهاث حاد
- انت تنام بجواري كل تلك المدة وانا بين ذراعيك
ببطء تنازل عن احقيته بشفتيها وهو يسب عقله بقوة على انجرافه لتيارات اللاعودة، شعر بها تتشبث به بضعف ليهمس
- تريديني ليان؟
سحقت شفتيها بتوتر وهي تقلب عيناها بعيدًا عن عيناه المغناطيسية
تشعر انها تنجرف لتيارات قديمة.

تهوي ببساطة من أعلى قمة
تغرق في بحوره
وهو يتحكم في تلك التيارات
يصعد لأعلى مقامات العشق
الصق جبينه على جبينها يقلص المسافات المنعدمة بينهما، يكسر مقاوماتها اللعينة وهو يراها بين ذراعيه ناعمة أنثوية هشة واخيرًا علي شفا جرف من الاستسلام
عادت شفتيه تحوم حول وجهها وهي تتذبذب مع كل لمسة لها لتهمس
- سأصعد الآن
- جاوبي على سؤالي لياني.

عرق بارد تصبب جسدها وهي تكره جسدها الذي يستسلم للمساته لتهمس بألم وهي تضع أناملها على شفتيه
- لا تشوشني
عمق نظره الي عينيها الناعسة وشفتيها المنفرجة ك دعوة صريحة له ليقبض انامله بقسوة نحو عنقها لتقترب من شفتيه وهو يهمس بأوتار حادة
- تريدينِ كما اريدك صحيح، تريدين ان اردد انفاسي في عنقك صحيح؟، ان اقبلك كل صباح بقبلة تسرق انفاسك، ان تشعري بملمس جلدي على جلدك صحيح؟، تريدين ان تظلي بين ذراعي حتى الممات.

حدقت به بصدمة وهي تشعر بثقل انفاسها وخدر يسير على حافة اطرافها لتهتف بتأتاة
- انا، انا
قاطعها بنبرة قوية صلبة
- انا اريدك ليان، اريدك وبقوة اسمحي لي بذلك
ابتلعت شهقتها في فمها وهي تهز رأسها بنفي
- لا، لا استطيع
رآها تهبط برأسها للاسفل ليمسك انامله علي فكها وهو يدقق النظر إلى عيناها الناعسة
- كاذبة، عيناك تريدني
هزت رأسها تنفي بهذي
- لا.

رفعت عيناها قسرًا بأنامله التي تضغط بقسوة على ذقنها رأت عيناه تموج بالغضب والرغبة والشراسة والبرود ثم في أعماقه ترى الالم، عيناه تقدحان بقوة عن ألمه لتهمس بصوت متحشرج
- ماذا الآن؟
هبط بشفتيه إلى عنقها يبعث قبلات ناعمة الي قلبها الجليدي وهو يتحكم بضغطه يده على ارتجاف جسدها ليهمس بصوت متألم.

- لا تعلمين ماذا حدث لي حينما علمت انك اختفيت لياني ظننت انك ستعاقبينِ بذهابك ولا استطيع الوصول اليك تذكرت كلماتك جيدًا وانا كالمجنون ابحث عن اي نسمة شرقية منك لتدلني على طريقك
لا تعلم كيف نطقتها، كل ما حدث ذهب في ادراج الرياح وهي تتذكر حديث السيدة نازلي
- عدني زين، عدني انك لن تتركني
ارتفع عينيه نحوها ليحتضن وجنتيها بكلا كفيه هامسًا.

- عديني انك لن تفعلي ذلك مرة أخرى ليان، لقد كنت على وشك ان اسقط صريعًا
لم ترد بل هتفت بتصميم يائس
- عدني زين
شهقة انفلتت من شفتيها لتسيل دموعها دون ان تشعر وهو يهمس بنبرة اجشة
- عديني انك لن ترحلي إلا أن تواجهيني
وما إن رأت نظراته الهائمة الصامتة حتي قبضت اناملها بقسوة علي قميصة تصيح بنواح
- عدني زين
لم يتردد تلك المرة وهو يزيح دموعها بانامله
- اعدك.

تنهد بألم وهو يراقب حالة المسافرون الى رحلة موطنه بشرود، لقد اخبرها ان سينتظرها ليلة العيد لكنها ببساطة اختفت، رحلت، كانت ك نسمة خفيفة هبت إلى صحراءه القاحلة، لوري ما معنى هذا الاسم؟ لا يقترب من لورين او لورا لكنه اسم جذاب وفريد من نوعه حتمًا مثل صاحبته ذات العيون القطط، لكن! حين عودته سيستخدم نفوذ والده للوصول إليها.

انتبه الى ان اعلان ينبه أن رحلته ستتأخر لمدة نصف ساعة بسبب سوء الأحوال الجوية ليقوم من مقعده بكسل وهو يتجه نحو المقهى ليأخذ جرعة من الكافيين لتجعله متيقظًا لفترة لا بأس بها،
عاد وهو يحمل قدح القهوة حتى انتبه الى كومة من الشعر الاشقر يجول في الارجاء وكأنه يبحث عن شخص ما، ضيق ببصره قليلاً حتى وجد تلك الكومة الشقراء تسير باندفاع نحوه ما أن رأته، هل يعقل تلك هي؟

ما ان اقتربت تلك الشقراء ذات عيون القطط نحوه راها تنحي واضعه كلتا كفيها علي ركبتيها تلتقط انفاسها المتأججة وما ان رأته حتى عاتبته بنظرتها اللائمة اما عنه فانتفض قلبه قائلاً
- لوري، من الجيد رؤيتك
رشقت سكينة الألم في صدره لتهمس
- سالم انا اسفه
اتسعت ابتسامته بمحبة وهي يغمغم بهدوء
- لا مشكلة من الجيد رؤيتك
لوت عنقها قليلاً وهي تقترب منه بخطر قائلة بصوت ناعم.

- اخبرتني انك ستنتظري بعد مرور الشهر لتأخذ رأيي صحيح؟
هز رأسه ايجابًا
- نعم
راقبت معالم وجهه المجهدة بأسف لتمرر أناملها بحب علي صفحات وجهه وهي تهمس بدلال
- اتحبني؟
تسارعت وتيرة أنفاسه ما ان شعر بوخزات تخترق قلبه ليمسك يدها يمنعها عن استمرار ما تفعله وهو يغمغم بنبرة خشنة
- للاسف نعم
دمعت عيناها بألم وشهقت بنحيب وقد شحب وجهها قائلة
- اخبرتني انك لا تنجذب سوي للعيون الدافئة صحيح؟

ابتسم بلطف وهو يزيل دموعها بمحرمة قائلاً بدفء
- لكنك غيرتي رأيي لوري
ازدادت شهقاتها بألم ليجذب عدد لا بأس به من الأنظار ليسحب يدها وهما يتجهان إلى الاستراحة النسائية وما ان توقف عند مفترق الطرق سمعها تهمس
- سالم، انا اتمني لك رحلة سعيدة
عبس وجهه وقطب حاجبيه بتعجب
- ماذا؟
بكت بحرقة وهي تتلمس وجهه و صدره ثم ذراعيه بحب.

- لا استطيع ان اكذب عليك أكثر سالم انت رجل جيد بل رائعًا بحق، أي امرأة تتمنى ان تكون بجوارك
احتضن وجنتيها بكفيه وهو يرد بنعومة
- وانا اريدك انت
صاحت بنواح وقد اصطبغ عيونها بلون احمر قاتم
- انا كاذبة
غمغم بشرود
- ماذا؟
ضربته على صدره بعنف وهي تغمغم بهذي
- لقد كذبت عليك سالم كذبت عن اسمي ولم اكذب ابدًا عن مشاعري نحوك
بهت للحظات وهو ينظر اليها بتعجب واعين متفحصة ليرد بتشوش
- لم افهم.

كبحت شهقة كادت أن تفلت من شفتيها لترد بحزم
- انظر وارجوك تفهم
التمعت عيناها بتحدي وهي لثواني تزيل العدسات اللاصقة ليكشف فورًا عن أنهار من عسل مصفي، بهت للحظة وهو لتوه يدرك الآن لما عيناها كانت جامدتين، زوج العيون تلك اربكته جعلت شرارة كهربية تسير علي وريد جسده ثم تبعها الخطوة الاخيرة، الطامة الكبري.

كومة الشعر الاشقر الفوضوي انزلق ببرود عن رأسها لتعاجله بفرد خصلات شعرها البندقية وعيناه تتابع ما يحدث بانبهار وحيرة اكبر
اذا من هي؟ ولما كذبت عليه؟ وما الداعي لفعل ذلك؟، احقًا والده من قام بفعل ذلك؟، هل يمكن تلك هي الفتاة التي يريد الزواج بها؟ ولكن ما اسمها تلك؟ اللعنة لا يتذكر اسمها، اكانت مسرحية هزلية منه وشاركته تلك بها؟

عصفت نيران وبراكين في جسده وما ان رأي ذبول وجهها وعيناها العسلية الخامدة تراجع للحظة وهو يسمعها تهمس بقلق
- هذه انا، آليا وليس لوري
رفعت رأسها لتقابل عيناه الذي يحدق بها بتعجب، يجب ان تتابع، يجب أن ترى ردة فعله بعد أن يعلم من هي، استجمعت شتاتها وهي تهتف بحزم وعيناها تصرخ بجمود
- آليا الحديدي ابنه زيدان الحديدي..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة