قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع

محظوظة أنا لأنني امرأة يحبو على صدرها
عطر رجل من زمن الحلم الأبيض، رجل مهمل الذقن
وسيم الملامح فاتن الإبتسامة
خارج من عنق الياسمين
يتسكع في اورردتي يجعل من بحة صوتي أغنية لمساءاته،
ومن مشاعري قصيدة غزل توقظ شمس صباحاته،
ذلك المجنون الباذخ في عشقة
الشهي في نكهة صوتة، المثير في تفاصيله
المترف بالحلم هو (ملكي)
حبيبي، الشوق إليك يقتلني،
دائماً أنت في أفكاري،
وفي ليلي ونهاري.
نمت أوراقي،
وتراقصت، سنابل.

حقول القمح،
وأهداب خيوط الشمس،
بلونها
تبرق،
والزارع، بمنجله،
نحت، قصيدة،
قلْ لِي أُحبُّكِ بَيْنَ الجِدِّ والهَزَلِ
فالقلبُ يَشْتاقُ ما يَهْواهُ مِنْ غَزَلِ
ياحبّي قد عشت سنيني، اتحمّل شوقي وحنيني،
أتألّم في صمت يدوّي، أضعافاً داخل بساتيني.
نبصتي تدق اجراسا،
ﻷرتشاف الحب من ثغر
زمن،
أضاءت قناديله رونق
و سراجا،
أيا فارسا،
أحمل الوتد لعزف
نبضتك نغما لنبضتي
آهاتا،
نمتطي الحلم غزل
وفي قلبينا تغريدة
الوجد أبتهاجا،.

تزينت وتعطرت وخرجت بصورة ارضتها وأرضت غرورها ليتبقي فقط مجيئه، جو رومانسي يغلف المكان حولها.

توقفت أمام المرأه وهي تنظر الي هيئتها، وضعت بكف يدها الحرة اسفل معدتها وهي تتخيل ان كان يوجد نبته حبهم، تتخيل أشهر الجمل المؤلمة، ابتسمت بمرارة وهي تمسح دموعها الخائنة، ليس الآن الحياة تسير بشكل رائع لم تكن تحلمه أن يحدث، حبيسة الجدران كما توقعت لكنه يأتي قبل السادسة مساءًا، وبدلا من وجود خادمتين أصبحن خمسة، لكن لا يهم ما دام هو معها أفضل من لا شيء.
سمعت صوته المتفاجيء بعض الشىء
- ليان.

استدارت نحوه وهي تنظر اليه بأبتسامه مزينة ثغرها، اقتربت منه ببطء وهي تلتقط سترته وتطبع قبلة هادئة قرب شفتيه
- مرحبا بعودتك لقد جهزت عشاء خاص لكلانا هيا تحمم سريعًا سأنتظرك في الأسفل
رمش بأهدابه عدة مرات وهو ينظر الي تلك الفاتنة الشرقية، هل رأي ذلك الثوب من قبل؟!، كلا فستان نبيذي ملتصق بجسدها الغض ويظهر مفاتنها بكل سخاء.

التمعت عيناه وهو يري خصلاتها الفحمية تهبط بكل دلال علي كتفيها، هز رأسه إيجابًا وهو يأخذ ثيابه الموضوعة علي فراشه بعناية،
ليلة مفاجئة بالنسبة له وستصبح أكثر حميمية ودفئًا، لكن ما عكر مزاجه حين عودته الي المنزل مكالمة ستيورات تخبره عن آخر تطلعات وكر الشياطين
الهارب في روما، ويوجد علاقة حميمية بين بيث و ميشيل، قلق من فترة صمودهم وخصوصًا انه مر شهر علي وجود زوجته في لندن،.

أظلمت تعابير وجهه وازداد وجهه وحشية وهو يتذكر حديث اللعين عن زوجته رغم انه لم يفعل شيئًا لكن مجرد ان يتفوه اسمها تتلبسه الشياطين وتثور ثائرته،
توجه نحو غرفة الطعام ليشرق ملامح وجهه من بسمتها الدافئة ومن رائحة الطعام الشهي عكس الأيام السابقة، القي نظرة سريعة نحو الطعام الغريب بعض الشيء بالنسبة له لتخبره أنه طعام مصري،.

متشوق لتذوق الطعام سحب المقعد خاصتها لتجلس عليه وتوجه نحو مقعده وجلس عليه وشرع في تناول الطعام بهدوء
رغم فقد شهيته والكثير من الاصناف التي تملىء الطاولة كانت تحثه وتضع بعض الاصناف علي طبقه، لمعت عيناه خبثًا وهو يراها تقوم من مقعدها لتتناول طبق ورق العنب وتتوجه نحو مقعده وهي تضع اللفائف علي طبقه
بحركة سريعة ارقدها علي ساقيه، شهقة خافته خرجت من شفتيها عاجلها بأصمات شفتيها بطريقة تعلمها جيدًا.

توردت وجنتيها وهي تراه يترك الطعام ويتناولها هي، بل يلتهمها بقوة، همست بين قبلاتة الثائرة التي اشعلت جسدها، واطلقت البوق لقلبها الذي يضخ ثائرته بقوة
- ما رأيك في الطعام؟
قرص وجنتيها المشتعلة بأحمر قاني بخفة قائلاً
- سلمت يداكي
رفعت حاجبها الأيسر بمكر
- هل تريد لعب الشطرنج؟
- الآن!
مع وجود التردد ونظراته الهاربة، علمت أنه ليس الآن، انتفضت من ساقيه وهتفت بأعتذار وهي تختار الهرب الي غرفتهما بدل الجلوس معه.

- هل يوجد لديك بعض الاعمال المتراكمة؟، اعتذر لم اكن اعلم
أطلق لفظ بذيىء بين خلجات عقله وهو يسحب ذراعها قائلاً بحنق جلي علي قسمات وجهه
- توقفي عن الاعتذار كثيرًا ليان صدقيني هذا يزيد من غضبي
- يبدو انك مشغول سأ،
مع الصيحة الأخيرة كانت هي القشة الأخيرة للسكوت
- ليان
اطرقت برأسها ارضًا وهي تحاول أن تتملص بين ذراعيه، همس بجانب اذنها
- تبدين ناعمة وفاتنة اليوم.

رمشت بأهدابها عدة مرات وهي تسترق النظر نحو زرقاوته الماكرة الخبيثة، تذبذب صوتها وخفت اعتراضها وضيقها، لينجلي تورد وجهها،
لن يكون كاذبًا أن ما يفعله خطأ، يتصرف بأنانية كبيرة في سبيل لأصماتها، لو كان يقدر فقط، لو يستطيع لسانه علي البوح، لو استطاع منع عقله علي الصمود
لو استطاع، لو استطاع، لو استطاع، اشياء تذهب في مهب الريح بمجرد عقله الذي يعمل، مشكلته ليست بالهينة اطلاقًا
تحسس وجنتيها وهمس بنبرة ماكرة.

- احب مطالعة وجنتيك الوردية والتي تزداد اشتعالا بعد وقاحتي
شهقت في خفوت وردت بنبرة لائمة
- زين توقف
- اعتذر حبيبتي ولكن يبدو أننا سنؤجل لعبة الشطرنج لوقت لاحق يوجد لدينا شيء أهم
وإن كان يوجد نسبة ضئيلة للأعتراض، استطاع ببساطة أن يمحيها بكل هدوء، حملها بين ذراعيه متوجهاً نحو غرفتهم ليبدأ بألقاء دروس عشقه وشوقه اللذان لا ينضبان ابدًا، صارت كمعزوفة هادئة اتقنها هو بل يعزفها بكل احترافية.

يراها تنظر اليه بإبتسامة عاشقة وإمراه واثقة، طرقات كعب حذائها العالي يتناغم بسلاسة مع صوت الموسيقي الهادىء الذي يصدح في اركان القاعة، تقترب أكثر نحوه، اتجاهها محدد نحوه فقط،
تبتسم بدلال واغواء وخصرها الذي يود يضعه تحت قبضة يديه، لا يريد لأحد ان يراها بكل تلك الفتنة والشعلة سواه هو
- خالد.

تأوه بصوت خفيض وهو يستمع لأسمه، لما تفعل معه ذلك؟، لما كل ذلك الغنج تنطقه في حروف اسمه فقط، تبعثره، شعلة انارت ولن تخمد ابداً وهو يراها تضع ذراعيها حول عنقه، تقترب وتقترب حتي لفحت بانفاسها الحارة في وجهه
ازدرد ريقه بتوتر وهو يجول ببصره الي سائر وجهها، يحفظها بقوة لا يريد أن ينسي انشًا واحدًا منها،.

لمست شفتيه السفلي وهو لا يصدق انها تجرأت علي فعلها، طفلته تُقبل شفتيه، لم يشعر سوي انه يجذبها بعنف بين ذراعيه بقوة وهو يتذوق اخيرًا شهدها ويلقي مشاعره المتأججه من خلال قبلة واحدة،
مُسكرة، لاذعة، ناعمة، حارة، لذيذة، ربتت بخفة علي ذراعيه طالبة الهواء ليبتعد ضجرًا، وهو عازم علي أن تكون القبلة الثانية اشد عاطفة وجموحًا.

لاحظ تورد وجنتيها وهي تلتقط انفاسها ببطء شبح ابتسامة ظهر علي شفتيها ولمعة بنيتها تزداد قوة اخافته لبرهة
لمست لحيته بإفتتان قائلة بصوت يحمل به جميع معاني الأغراء
- احب كل شيء بك لحيتك وحجرتيك الكريمتين وخصلات شعرك البندقية
برق حجرتيه الكريمتين جعلت ابتسامتها العاشقة تزداد اتساعًا قائلا بعدم تصديق
- سارة انا،
بترت عبارته وهو تضع اصبع السبابة علي شفتيه هامسة بنبرة صادقة قشعرت جسده كليًا
- أحبك خالد.

انتفض من الفراش علي الفور ك العقرب الذي القي سمومه داخل جلده لتخمد انسجته الحية، يتصبب عرقًا من جبينه رغم بروده الجو أخذ يلتفت يمينًا ويسارًا، ما زال في غرفته، اللعنة كان حُلمًا، وضع كلتا كفيه علي رأسه وهو يلتقط انفاسه المتأججة، لعق شفتيه السفلي وهو يريد أن يشعر إن كان هناك أثر من شفتيها علي خاصته!

لم يجد، انتفض من فراشه علي الفور وهو يراقب من نافذته صورة البحر الهادىء اليوم عكس الايام السابقة، أول حلم له ولها تكون قبلة وماذا بعد؟!
استطاعت بكل براعة أن تنصب بشباكها عليه، كانت ك الصائد الصبور الذي ينتظر فريسته تقع في براثن المصيدة، توغلت بكل بطء وخبث وهي تلقي شباكها المغوية حوله، لم يكن يعلم أن تلك الشِباك ستخنقه وتزهق روحه.

نظر الي هيئته في المرأه شدد من خصلات شعره بقوه حتي كادت أن تقتلع من جذوره، لم يعد متأكدًا من حلمه، مجرد اضغاث أحلام كان فقط يريد إرتشاف شهدها وحدث في حلمه
نسيج خيالي قد صوره عقله، يريد أن يتذكر لون فستانها، شعرها الغجري رائحة عطرها الشرقية، محاولات انتهت بالفشل.

سار عدة خطوات نحو الكمود وهو يلتقط هاتفه، سيحذف تلك الصورة وبالتالي تنتهي تلك اللعنة نهائيًا، حذفت الصورة بنجاح ليستعيد بعض من هدوئه قليلاً وهو يستعد لعمله اليوم.
كيف يكون النجاح؟
يبدأ من مجرد حلم ثم يحتاج الي قليل من المثابرة والسعي حتي يتجسد الذي كان حلم الي حقيقة في قبضة اليد.

تسحب الهواء الطلق الي رئتيها تجدد أنشطة خلايا جسدها، كتمت شهقتها وهي تنظر الي الصرح العظيم، تقلصت معدتها وانسابت ارجلها من هيئته الفخمة، هل سيوافقوا أم لا؟!

بالطبع كلا هي ما زالت مبتدئة ولم تأخذ اي خبرات في مجالها، بللت طرف شفتيها وهي تتجه بخطواتها نحو الداخل، يكفيها شرف المحاولة، تضع عرفانها نحو عمار الذي اخبرها عن وجود وظيفة شاغرة لشركة الأم في القاهرة، رغم انه يعمل في احدي الأفرع، المدير الرئيسي يريد سكرتيرة بشروط معظمها تنطبق عليها الا شهاده الخبرة،.

توجهت بخطوات هادئة ورتيبة نحو الشركة، حديث بسيط مع الموظفة في هيئة الأستعلام حتي توجهت نحو المصعد، استقلته وهي تحتضن اوراقها بين ذراعيها، تستمد من الجماد قوة واهية، تطرق بعصبية بحذاءها علي أرضية المصعد وقد طالت المدة لوصولها الي الطابق المنشود.
القت نظرة عابرة نحو الفوج من المتقدمات لطلب الوظيفة، توجهت نحو موظفة اخري وهي تأخذ رقمها لتجلس علي اول مقعد رأته،.

الأعداد تقل والوجوه ما بين سعيدة وحزينة، رغم دورها هو الأخير لح عليها جسدها بالخروج، لا يوجد اي بصيص أو شعاع أمل من وجودها هنا،
لكن العقل منع الجسد من الهرب والفرار، مضت شهر بأكمله وهي تبحث عن وظيفة شاغرة لكن مع ملاكها عمار استطاع ان يخبرها عن تلك الوظيفة، رغم رفضها لكن جدتها أخبرتها أن تذهب وربما يكون هناك نصيبها، جدتها قالت ربما ولن يكون، هزت رأسها ساخرة من قدرها السىء دائمًا.

انتبهت علي صوت الموظفة وهي تناديها لتقوم من مجلسها لتتوجه نحو غرفة مدير الصرح، تثاقلت انفاسهًا رويدًا وهي تنظر الي هيئتها في المراه تنورة سوداء تصل الي اسفل ركبتيها واسفله جوربان سميكان واعلاه قميص ابيض وسترة سوداء، ملابس كلاسيكية بحته، عقصت شعرها علي هيئة ذيل حصان يصل لنهاية خصرها يتدلي علي كتفها.

سحبت نفسًا عميقًا وزفرته علي مهل وهي متوجه نحو الباب، طرقت الباب ثلاثة طرقات حتي سمعت صوت يأمرها بالدخول.

خمول وارتخاء انتشر في جسده وهو جالس في مكتبه منذ الصباح حتي الظهيرة، آنين في عظام جسده مع مرحلته العمرية الشيخوخية سيجعل طبيبه يلقي بعض العبارات الحازمة امامه وربما يخبره ان يترك عمله ويجلس في منزله، وهذا ما لا يريده خصوصًا مع سفر ابنه كريم خارج البلاد وابنه الأخر الذي يستقر في محافظة بعيدة عنه نسيبًا مع اسرته الصغيرة المفككة، طفل صغير نشأ بين الوالدين وكلا الوالدين في طريقة لتحقيق ذاته فقط دون مراعاه مشاعر الطفل واحتياجاته.

اما عنه ضحك ساخرًا علي حالته، مع وصوله لسن الكهولة إلا انه يحتاج الي شخص يستطيع أن يبوح ويحكي له
- مساء الخير
صوت امرأه وهي تحيه اخرجه من شروده، مع نحنحة خفيفة علم أن شروده طال لوقت طويل، رفع برأسه نحوها دون النظر الي وجهها قائلاً
- اتفضلي.

توترت أكثر وهي تشعر بالاجواء في مكتبه مشتعلة أكثر من اللازم، أكثر بحد جعلها تشعر بأن هناك حبال رفيعة تهجم عنقها، بحد أكثر أن الجالس أمامها هو الذي يشرف علي وجود سكرتيرة له، لن يكون بالشخص الهين ابدًا
تحاول اكتساب في تلك اللحظة بعض الشجاعة والجرأه وهي تهم بالجلوس علي المقعد لتستمع الي صيحته التي انتفضت جميع عضلات جسدها علي اثرها
- نرمين!

هل تحول اسمها من هند الي نرمين؟، ولما عيناه الرمادية تلمعان ببريق خافت لحد القي في قلبها الرعب، ازدردت ريقها وهي تنظف حلقها محاولة اخراج صوت وهي تري شفتيه يظهر ما يسمي بشبح ابتسامة تزداد بأتساع،.

صدمة الجمت جميع سيالات نقله العصبية الي المخ، دهشة اعترته وهو ينظر الي صاحبة ذلك الوجه، هل نسافر عبر الزمن ونعود الي ثلاثون عامًا مضت!، تلك الفتاة التي تنضج بالحيوية والمفعمة بالبراءة التي لم تندسها ذئاب البشر هي نفس ملامح معشوقته وزوجته الأولي التي توفت بعد أن انجبت له ابنه راشد.

سعادة غمرت جميع اطرافه الساكنة وجددت انشطة انسجته الخاملة وهو عازم علي عدم ترك تلك الفتاة الشابة التي تشبه لحد كبير الي زوجته، كمن كان يتمني شيء ليأتي المصباح السحري ويخرج الجِني ويخبرك شبيك لبيك عبدك بين اديك
امنيه جاءته علي حين يأس وألم حتي تجسدت علي أرض الواقع.
كان في طريقه للخروج من مبني كلية فنون جميلة، تلك الفاتنة التي رآها في المرآب لم تغرب عن باله ولو لثانية.

اشرقت معالم وجهه وهو يتذكر عبارتها التي ظنته انه مجرد شاب عابث يريد أن يقتحم مكان سيارتها الخاصة، وحين تذكر صدمتها قامت بترحيب الأرض اصابه القلق وهو يراها مغشي عليها، لكن وجود صديقتها التي تحمل العدة الخاصة بالفن علم انها في تلك الكلية.
توقفت اقدامه عن الحركة وهو يراها منزوية بعيدة عن اعين الجميع جالسة متربعة علي الحشائش وتستند بظهرها علي جذع الشجرة.

تهللت اساريره وهو يتحرك متقدمًا نحوها بخطوات هادئة كي لا يقطعها من استجمامها.
لأول مرة تستخدم ألوان داكنة عكس لوحاتها السابقة، تتنفس بعمق ولوحتها لا يظهر لها اثرًا في النهاية،
حاولت الليلة السابقة حرق لوحته حاولت مرارًا وتكرارًا وقلبها لا يستميل ابدًا كيف تُحرق صاحب الملامح الغربية الفجة من قلبها، كيف تنبذه من عقلها وهو ببراعة استطاع سبر اغوار عقلها.

- متستخدميش دايما الألوان الداكنة وانتي بتقرري ترسمي عن الحياة بصورة منعشة
انتفضت سريعًا علي اثر صوت رجولي رخيم، رفعت ببصرها نحو صاحب الصوت لتجد ذلك الأستاذ الجامعي ينصب بتركيزه الي مجرد شخابيط وزوايا غير مستقيمة للرسم
نقل ببصره من اللوحة لصاحبة اللوحة وهي تنظر اليه بقلق جلي ابتسم وهو يري هيئتها الطفولية التي تصرخ بالأنوثة.

نقيضان متضادان لكن هي فقط من تصنع التناقض شيء واحد، بداية من سترتها الصارخة بالحياة وخصلات شعرها الغجرية التي احكمت تمرده من خلال قلم رصاص، لكن لم يستميل لها وبدأ يظهر تمرده علي جانبي وجهها بطريقة جذابة، مهلكة.
حمحم بجدية زائفة وهو يلقي تعريف بسيط عنه للمره الثانية لأنه موقن جيدا ان المره السابقة حينما اخبرها انه استاذ جامعة ولم يتابع عبارته الا ووجدها مغشي عليها
- سالم اسماعيل دكتور في علم النفس.

- اللي خدشتله عربيته مش كده؟
وكأنها لا تعلم أو مجرد تأكد أن الشخص المبتسم يشبه من خدشت سيارته، اين اتي ذلك الملاك علي الارض؟!
- للاسف ايوه
ضحك بصوت عذب وهي تنظر اليه بصدمة مع اتساع طفيف لقهوتها الدافئة، قامت من مجلسها علي الفور وهتفت بأعتذار للمرة الالف او اكثر.

- بجد والله انا اسفه جدا جدا علي التصرف السيء اللي عملته مع حضرتك، حضرتك بس قولي المبلغ وانا هبعته لحضرتك انا كنت فاكره عيل من عيال السيس حابب يستظرف ويحط عربيته مكان الركنة اللي بحطها بس والله لو اعرف انك دكتور كنت رميت العربية بره الجراش.

لم يستمع لكلمه مجرد منذ ان قامت حتي انفردت خصلات شعرها الي اسفل ظهرها، يتمرد شعرها دائما وهي تحاول اعادته للخلف، ابتسم بإبتسامة مهلكة، مهلكة لأي انثي، مهلكة لقلوب العذاري.
قال بابتسامة دبلوماسية
- خلاص اهدي حصل خير مفيش مشاكل وعلي التصليح انا عملته ومش محتاج لفلوس
- هو انت حقيقة فعلا مش خيال صح؟
صاحت بها وهي تنعقد حاجبيها بعبوس طفل جعله يكتم ضحكته وهتف بتساؤل
- اشمعنا!

ردت ببساطة وهي ما زالت تعيد خصلات شعرها المتمردة للخلف
- غير حضرتك كان قوم الدنيا وخلاها دمار وحولها لتار
صاح بتعجب
- تاار!
ردت مؤكدة حديثه
- اه والله مستغربش حصلت معايا كتير بس الحمدلله بخرج منها سليمة ومش ناقص فيا دراع ولا رجل
انفلتت منه ضحكة وهو لا يصدق تلك الفتاة التي امامه، مع ضحكته الرخيمة التي ابرزت غمازتيه جعلها تشيح بوجهها عنه بدلاً من النظرة البلهاء قائلة وهي تلملم اشيائها.

- طيب عن اذنك عندي سيكشن دلوقتي
- اتفضلي
ابتعدت عنه وهي موقنة بأن هناك زوج من العيون تراقبها، ضربت بكف يديها علي جبهتها وهي تلعن بساطتها في الحديث معه وقد يظنها مهرج امامه
- يالهووي ايه الحلاوة بالقشطة ده هو فيه كده و يالهووي علي غمازته، سارة فوقي كده واهدي الروايات ديه انا هبطلها نهائيًا ماهو مش معقول اي حد يتكلم معايا بالذوق احس انه عاوز يخطبني.

حسنًا رغم كل مرة تقول انها ستحذف رواياتها الثمينة لا تستطيع، ربما تلك المرة ستحذفها فعلاً أو ستقلل من قراءتها حتي تستطيع أن تكون صلبة أمام الارض الواقع.

تنمو بين داخله لا تجامل ولا تزيف الحديث تتحدث من قلبها، يراها مناسبه له للغاية، وهو الذي توقع أن امثالها أصبحت من الجنيات، جنيته الصغيرة ستصبح له في الحلال في القريب العاجل، نظر الي طيفها وهي تدلف الي مبني الكلية ليستدير علي عقبيه وهو متوجه نحو خارج المبني وهناك شيء واحد فقط وسيحصل عليه عاجلاً أم اجلاً.
- حامل.

نطقتها ليلي ببرود وهي تنظر للذي جحظ عيناه بقوة أمامها، وجه اصبح شاحب، رغم فقدانه الكثير من الوزن لكن ما زالت عضلات صدره صلبه، ازدادت ملامحة خشونة بسبب اللحية، أصبح أكثر جاذبية بلحيته وشعره الذي ازداد طولاً عكس المرات السابقة حتي تخيلته احدي العازفين الوسيمين لفرقة الروك.
لعنت تلك الهرمونات الغبية التي تؤثر عليها بقوة، ارتشفت عصير البرتقال الطازج وهي تسمعه يهمس في خفوت
- ماذا!

ردت بلا مبالاة وهي تضع الكوب علي الطاولة مرة اخري
- اخبرك انني حامل في طفل يا زوجي السابق
صاح بنفاذ صبر من تلك المسمي بزوجته
- ليلي لم اطلقك بعد
كتفت ذراعيها وردت بلا مبالاة
- اعلم اننا لم ننفصل.

أطرق برأسه وهو يتحكم في أفعاله، لن يكذب انه ما إن استمع لصوتها حتي اعادت لقلبه الساكن الحياة، حركت المياة الضحلة، مجرد لقاء حتي وجد انه سارع الخروج من شقته التي استأجرها وتوجه نحو المقهي ينتظرها، لم يعد الدقائق او الثواني لانها ببساطة توقفت عقارب الساعة بمجرد رحيلها عن حياته.

انحبست انفاسه وهو يراها تدلف المقهي بكل خيلاء وثقة، ثوب واسع تلك المرة يصل الي اسفل ركبتيها عكس الثياب الملتصقة، زادت انوثة وحلاوة واغراء واثارة منذ رحيلها
تبعث رسالة قصيرة انها حتي من عدم وجوده ما زالت كما هي، زياد اكتفي فقط بمراقبة الأوضاع دون التدخل بينهما، ليتخبط هو مع التيارات المضادة في كل مرة، واول شيء قالته ما ان وضع النادل المشروبات وانصرف انها حامل حتي انه لم يستوعب ما قالته.
همس بأرتباك.

- وماذا عن،
قاطعته قائلة بجمود
- تقصد طفلي
صحح عبارتها قائلا بغيظ دفين
- طفلنا
ضحكت بسخرية وردت
- لم يعد يهم ما زال طفلي وانا التي تحمل الجنين اذا هو طفلي
- اذا؟!
- لا شيء فقط اخبرك كي لا تتفاجىء بعد ان اوضعه
اغمض جفنيه بأسي وهو الذي ظن ذلك الجنين اتي حتي يصلح اوضاعهم، هتف بنبرة يائسة
- ليلي ألن نعود؟
اجابت بهدوء ثلجي يحسدها عليه
- اترك ذلك للأيام آدم
- لماذا تفعل ذلك لقد ظننت انك توقفت عن افعالك المجونة.

صاح بها بكر بنفاذ صبر وقلة حيلة وثوران وهو ينظر نحو الجالس عاري الصدر ويدخن بشراهة في غرفته، كان في طريقه الي غرفة صديقه لكنه انصدم من وجود امرأه تخرج من باب غرفته ليعلم أن صديقه قد عاد.
رد ببرود وهو يراقب صديقه الثائر
- توقفي كان مجرد راحة للعودة
- توقعت انك وقعت في الغرام؟
ضحك خالد بسخرية مجيبًا
- ومن قال ذلك؟ انا اقع في الغرام!

تأفف بكر من نبرة الغرور والصلف من صديقه، ليجلس علي المقعد المجاور له قائلاً
- وماذا عن فتاتك الجديدة هل اخذت منها مأربك وتركتها؟
سارة تلك التي تقتحم احلامه وشروده، الأنثي الشرقية التي لم يمسسها بشر قط، كان قادر علي أن يُقبلها قبلة الوادع لكن شيء ردعه عن فعلها، شيء حثه علي عدم دنسها
اظلمت تعابير وجهه وهو يتخيل حقارة صديقه لذلك الحد؟، الي متي سيخبره أن النساء هي التي تطلب منه اقامه علاقة معه وليس هو.

- بكر
لم يرمش له جفن رغم حدة صوت وغضب خالد المعتري علي صفحات وجهه، استرسل بتردد
- هل انفصلتما؟
- لم نرتبط لننفصل صديقي
كظم بكر غيظه وخالد مصر علي غموضه منذ مجيئه بل في الواقع هو رجل غامض منذ البداية
- اعطني جملة مفيدة يا رجل
وضع لفافة التبغ المحترقة في المطفأه أرجع برأسه للخلف وصاح بشرود متأملاً تفاصليها التي حفظها عن ظهر قلب.

- لا نناسب بعضنًا ابداً، هي طاهرة ونقية للغاية اخشي ان ألوثها تنضج بالحياة ومفعمة بالطاقة ان اقتطفتها سأدمرها سأجعلها حطامًا
نظر الي معالم صديقه المتألمة وهتف ببرود عكس ما ظهر علي ملامحه
- تعني انك ستتركها حتي تختار رجل اخر يناسبها
مجرد ذكر رجل وهو يحتضن طفلته بين ذراعيه، هب من مجلسه واقفًا وصاح بنبرة تملكية ادهشته هو للحظة قبل أن تدهش الأخر.

- ومن قال انني سأسمح بوجود ذكر يلتف حولها لن اسمح ابدًا بحدوث ذلك
- انت حقًا غريب الأطوار
هز خالد رأسه كعلامه الموافقة علي حديثه وهو يشد خصلات شعره البندقيه بيأس
- اعلم ذلك، هناك شيئان متنقاضان يتحاربان دائمًا، صراع داخلي لا استطيع ان اعلم من هو الفائز
ضرب بكر علي فخذيه قبل ان يهب من مجلسه وهو يراقب غرفته الفوضوية التي تشير أن هناك حربًا اقيمت بها ليقول بجمود.

- ان استمريت في صراعك الذي لا ينتهي، يؤسفني ان اخبرك انها لن تستطيع الأنتظار وستغادر.

غادر بكر الغرفة وبقي هو ينظر الي الغرفة والي باب الغرفة، الغرفة علامة للمستنقع الذي يعيش به وباب الغرفة كعلامة للنجاه ويقف هو حائرًا مكتوف الأيدى واقفًا في منتصف الطريق لا هو قادر علي الولوج اكثر في المستنقع ولا هو قادرًا علي الخروج، يحتاج فقط الي يد قوية تسحبه بقوة لتخرجه من المستنقع قبل فوات الآوان ولكن من هو المنقذ؟
- ألم تسامحيه بعد؟

هتفت بها ليان وهي تنظر الي ليلي التي تأكل المثلجات بشراهة شديدة
اجابت دون النظر اليها قائلة
- لا اعلم في كل مرة قلبي يميل اليه اتذكر ما فعله بي
- لكن اخبرك انه لم يكن في وعيه
أطلقت زفرة حارة بين شفتيها وهي تنظر نحوها بتوغل الي اعماقها، تجمعت الدموع نحو جفنيها وزحفت زحفًا رغم صلابتها الواهنة
- جرحني طعنني خلف ظهري يا ليان ومع ذلك تأثير هرومونات الحمل اصبحت اشتاق اليه
ابتسمت ليان بدفء وهي تربت علي كفها.

- اعترفي هيا انكِ تريدين عودته
زفرت للمرة الثانية وهي تعلن الراية البيضاء امامها اولا قبل اجتماع جيش العدو
- اريد عودته ولا اريد اصبحت مشوشة كليًا
ضحكت ليان وهي تحثها علي تناول المثلجات قبل أن تنهار في وصلة بكاء لن تنتهي حتي النوم لقد جربت جنونها وهي تمضي ايام حملها في بيتها
- تناولي المثلجات هيا قبل ان يذوب واعانني الله علي تحملك الفترة القادمة وطلباتك الغريبة تلك الايام.

تناولت ملعقة وهي تتلذذ من نكهة الشوكولا، توقفت عن المتابعة قائلة وهي تنظر لجسدها الذي ازاد سمنة عكس الايام السابقة وبطنها التي اصبحت بارزة وتظهر للعيان انها تحمل في احشائها طفلاً.
- هل أصبحت سمينة ليان؟!
بدون ادني تردد ردت بابتسامة واسعة
- تبدين رائعة وفاتنة أكثر مع حملك
هتفت بإستنكار
- حقًا!
اومأت برأسها ايجابًا قائلة
- ولما سأكذب؟
ابتسمت بسعادة وهي تتابع تناول المثلجات بشراهة لتمتم قائلة.

- واخيرًا وافق زياد علي خروجك معي كنت اشعر وانني اخذ تصريح للدخول الي قصر الملكة
ابتسمت بزيف وهي تتذكر شجار طفيف عندما اخبرته انها تريد الخروج مع ليلي لتتابع صحة جنينها مع احدي الأطباء المتخصصين، كان ثائرًا ومنفعلاً بشدة وهو يخبرها ب لا رغم ما تفعله معه لا يأتي بنتيجة ايجابية ولو بنسبة ضئيلة،.

تجاهلته عدة ايام وقررت اصطناع النوم وقت مجيئه، خمسة أيام تجاهلته لا تراه في وقت الأفطار ولا موعد الغذاء كل ما تفعله اما الحديث مع عائلتها او ليلي أو النوم.
ليأتي أخيراً زين وهو ينام بجوارها معلنًا انه موافق علي خروجها، مجرد كلمة موافق بعدها طبع قبلة دافئة علي جبينها ورحل.

رحل ولكن يمنع ذلك من وجود حارسان ضخمان خلفها، علي مقربة قليلة منها، رغم زجرها ومنعها من تطفلهم لكن أخبروها بكل برود تعليمات السيد زين لا نستطيع اختراقها .
ردت بضيق وهي تراقب الأسدان خلفها
- ومع ذلك يوجد اسدان خلفي
- وضع زوجك حساس للغاية تحمليه
هزت رأسها يائسه لتقوم من مجلسها وهي تلتقط حقيبتها قائلة
- حسنًا سأذهب للمرحاض لكي اغسل وجهي
صاحت ليلي وهي تتناول المثلجات قائلة.

- لا تتأخري والا ساقوم بالتهام مثلجاتك
ضحكت في خفوت وهي تدير برأسها للخلف وتراقب تناولها الشرهه، توجهت نحو مرحاض السيدات تبعها حارس توقف عند مفترق طريق دورة المياة للسيدات والرجال.

اخرجت من حقيبتها اختبار الحمل وهي تنظر الي الشريط بشرود، شكوكها ازدادت مع تأخر الحيض وشعورها ببعض الغثيان الملازم، تشكر ربها أن زين في خلال الأيام الخمس السابقة كان مبتعد وإلا لاحظ وهي غير مطمئنه اطلاقاً كيف ستكون رده فعله ان علم.

دقائق مرت وهي علي طرف الهاوية، قرار اخذته وعليها تحمله لن تنتظره ابدًا وهو يعلن لها موافقتها علي وجود طفل، ضربت كلامه بعرض الحائط تحديدًا منذ عودتها ل لندن، الوحدة تقتلها ببطء رغم وجوده آخر النهار معها، كانت لا تريد طفلاً بل تعترف بذلك لكن استطاع ان يمحي كل تلك الافكار السوداوية ووعيدها بمجرد لمسة دافئة منه.

وجاءت اللحظة، تثاقلت انفاسها وبدأت الثواني تمر ببطء وهي تنظر الي الخطين الحمر، حامل، أصبحت حامل
دمعت عيناها فرحة وهي تكتم شهقتها المنفلتة منها، ضمت الشريط بقوة في قبضة يدها والسعادة تتغلل بخبث الي قلبها السعادة اصبحت مكتملة، يوجد في احشائها طفل سيظل ينمو الي تسعة أشهر وتستمع الي صوت ركلاته في الليل، تحدثه وهي تحتويه بحنان امومي، انفرطت في البكاء لعدة دقائق.

وهي لا تعلم كيف تخبره انها حامل، هل سيثور أم يفرح؟ هل سيدفن سعادتها أم يزيدها ويحتويها بين ذراعيه؟!
خرجت من المرحاض وهي تقف امام المغسلة وتغسل وجهها جيدًا، انتبهت علي صوت فتح باب كان بجوراها لم تعير للخارجة اي انتباه سوي ان لاحظت من المراه وقوف المرأه في الخلف
قطبت جبينها بعبوس وهتفت
- معذرة.

ابتسمت الشقراء بخبث جليّ علي ملامحها وهي تضع القماشة البيضاء علي انفها دون ادني حديث، غشاوة بيضاء احاطت عيناها والمخدر بدأ يتسرب ويحارب جفونها، جسدها اصبح مرتخي وشعرت أن الأرض تميد بها لولا قبضة تلك الشقراء التي همست في اذنها قبل أن تستسلم لمصيرها الاسود
- مرحبًا بكِ في الجحيم سيدة ليان الحديدى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة