قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والعشرون

ربما الحب الذي يقلب كياننا رأسًا على عقب لا يعطيك اشارة قبل وصوله، انه ك القدر المحتوم تمامًا مهما ادرت له ظهرك، مهما صرخت بأعلى صوتك، مهما قاومت إلا ان حبائله سميكة تخنق روحك تجعلك تشعر بنارين النار الاولي بنار لوعة الحبيب والنار الثانية بنار فقدانه حتي وإن كان بقربك، حتى وإن شعرت بصدى صوته حتى وإن شعرت بانتظام انفاسه بقربك، الحب بحد ذاته لعنة.

هادىء، ساكن، متفهم، حنون، رزين، تلك هي صفاته وهي تراه يعاملها كالطفلة الصغيرة، ينام بجوارها محضتنًا اياها بقوة خشية أن تبتعد عنه، صامت، مبتسم، شارد تلك هي صفاته وهي تراقبه عن كثب.

نظرت الي البارود الذي في قبضة يديها لتشعل واحدًا وترميه علي الأرض ومع دوي صوت الفرقعة صرخت بقوة وهي تتذكر حينما كانت في العاشرة تلعب مع جيرانها في الطرقات، دوي عدة أصوات مفرقعات مرة أخرى ليدوي صوت صراخها شاقًا عتمة السكون سوي من حشرات الليل المزعجة
انتفضت على صوت زين وهو ينادي اسمها بلوع، قطبت جبينها وهي تراه أشعث الشعر مرهق الملامح، اقترب وهو يحتضنها بقوة مقبلاً جبهتها عدة مرات قائلاً بخشية
- ليان.

ارتجف جسدها بقوة من نبضاته قلبه المدوية علي صدرها ليتهجم وجهها و انذار بوجود شيء خاطيء به يزداد يقينًا انه من المؤكد يخبيء شيئًا، لفت كلا ذراعيها حول عنقه لتدعه يحيط ذراعيه حول خصرها وهي تقول.

- لماذا تصرخ هكذا لقد كنت اصرخ بمرح، ماذا هل ظننت وجود عابث او قاتل مأجور لم يتردد للدخول الى صرحك العظيم؟، اتعجب حقًا منذ قدومي هنا للمرة الأولى كنت اري حراس كالذباب في كل ركن في المنزل لكن الان لا اري سوي شخصين خارج البوابة واتعجب اكثر أنني حتى الآن زوجتك برغم ما حدث، برغم كل ذكرى بيننا حزينة ام سعيدة الا انني ما زلت زوجتك وسيأتي فرد جديد في العائلة، ترى ما سبب ذلك؟ هل هو الحب زين؟ هل لتلك الدرجة مهما حدث بيننا وظروفنا المتقلبة اتعلق بك وكأنك الرجل الوحيد في حياتي، علاقتي السابقة بيوسف لم تكن بتلك العمق ابدًا كانت علاقة هزلية ربما حبائلك المتينة منعت ثورتي عليك بت لا افهم شيء.

صمتت عدة لحظات تلتقط انفاسها المتأججة وتكبح دموعها المهددة بالأنهيار لتقول بلوعة
- سارة بدأت اقلق عليها لا اكذب وانا اخبرك ان عائلة الحديدي يوجد بها سحر خاص لا تستطيع ان تقاومه أي امرأة لكن اتستطيع أن تعدني ان يجعلها سعيدة؟!، علي الاقل ان تكون احدانا سعيدة زين.

تأمل قسمات وجهها مليًا بحزن يلعن غباءه وكبريائه اللعين لما آلت اليه الأمور لن تستطيع أن تمحو ما حدث بممحاة، وهو يود تلك المرة أن تقترب منه كالمرات السابقة، قرب يلتحم فيها روحيهما، قرب يجعله مطمئنًا انها لن تبتعد عنه، قرب يطرد جحيم أفكاره التي ستقتله يومًا ما، وتقتل هواجسها التي تؤرقها، توهجت عيناه الزرقاء الصافية وهو يحتضن وجنتيها بين راحتي يديه يقترب مستنشقًا عبير عطرها و لهاثها الخافت من شفتيها قائلاً.

- اتعلمين ليان منذ أن رأيتك أول مرة كنت منبهرًا بهالتك الملائكية ترددت للحظات هل استطيع ان اشركك في حياتي الخاوية ام اتركك تنعمين برجل آخر لكن بمجرد التفكير بوجود رجل آخر يحوم حولك ازعجني ونيران هيجت صدري لأول مرة بسبب امرأة.

وقفت مبهوته وهي تري تجعدات جبينه وانفاسه المتثاقلة التي تخرج بصعوبة بالغة وكأن هناك احدًا يمنعه من ان يلتقط انفاسه، اتسعت قهوتها وهو يسند جبهته علي خاصتها يلتقط انفاسها بهدوء وسكينة تغمر ملامحه وبريق زرقاوته لم تخيفها تلك المرة وهو يهتف بصوت خشن
- انا كلي لك ليان بقلبي وعقلي وجسدي وتفكيري برغم كل شيء، لا اعلم حقًا كيف اجعلك تغفرين لي اخطائي الا ان الفتاة القادمة من المؤكد انها ستزيل كل الالامك.

لامست شفتيه وجنتيها بشغف لتدمع عيناه وهو يشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه ابتعد ببطء قائلاً بصوت خافت
- اما بالنسبة للقبطان انا اقطع عليك عهدًا بأنه لن يكون بتاتا مثلي، هو اقل سوادًا مني اقل تأثرًا بالماضي استطاع أن يجتاز اشباحه ببراعة الا انني بقيت عالقًا وجعلت اخر عالقًا معي.

بكت بحرقة وهو يزيح دموعها برقه، بقدر حرارة دمعاتها لكن أنامله كانت كالثلج الذي يطفىء حريق قلبها، ليوزان درجة حرارة جسدها، نبضات قلبها تكاد تفضحها لتهمس بمرح زائف
- هيا تعال احتفل معي كما كنت افعل حينما كنت في العاشرة من عمري.

وهو قرر الاستجابة لها مراقبًا ابتسامتها التي تبهج قلبه وتجعله نبضات قلبه يخفق عن غير معدله الطبيعي، ما ان تقابلت عيونهم للحظات اشاحت بوجهها وحمرة طفيفة صعدت وجنتيها ليضع راحة يده على موضع قلبه متأوهًا بقوة، تخشب جسده تحت سؤالها
- لماذا عدت؟
دوي صوت مفرقعات وهو بهت عن الإجابة، تنظر اليه بشغف وكأنها التمست سبعون عذرًا له، همس بصدق
- عدت لأنني علمت انني لا استطيع العيش بدونك.

لاحت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهي تغمغم
- ماذا كنت ستفعل إن وجدتني متزوجة من شخص آ،.

شهقت بفزع وبترت عبارتها حينما شعرت بشفتيه تمنعها عن التحدث، رجفة هزت اوصالها بقوة لتسقط دموعها بصمت وهي تراه ممسكًا يدها بين يديه تلمست باناملها صلابة ذراعيه وصدره وذكريات مدفونة تعود للحياة مرة أخرى، رباه ما الذي حدث لها؟، استسلمت، ضعفت، هل تلك قبلة؟! لماذا تشعر وكأنها قبلتها الأولى اذًا؟ ليست قبلة ابدًا لن تكون هكذا انه شيء عميق لغاية، شيء آمن يناجيه العاشقون، اراح جبهته مرة أخرى على جبهتها وهو يلهث بعنف.

- لقتلته علي الفور، لبترت كل اصبع حاول لمس يديك ليان اقسم انني لا اخبرك هذا بسبب نوبة غيرتي أقسم أنني سأفعلها حقًا
ارتعشت شفتيها من نبرته العدائية، حتى وان بعدت عنه حتي وإن تركها يخبرها بكل وضوح لن تصبح امرأه لرجل غيره وكأنها تستطيع فعل ذلك؟!، همست بشحوب و شعورها بتذبذبات التوتر يحوم حولهما
- لا تقلق لن يستطيع احد الزواج من امرأة محطمة.

كان هو أكثر صدمة منذ ان لمسها، ابتعد عدة خطوات وهو يقبض بقسوة علي خصلات شعره يزجر ويشتم بعنف بين اسنانه، لم يكن علي وشك فعلها الان ولا غدًا ولا اي وقت سوي ان تعطيه الاشارة الخضراء تنهد بتعب
- يا ليت ليان يا ليت استطيع أن الملم جراحك لو تتركيني افعلها
سمعها تهمس من صوت بعيد نسيبًا عنه
- سأعد طعام السحور
انزلقت يداه نحو جيب سرواله رافعًا رأسه نحو السماء مناجيًا في خفوت.

- ساعدني يا الله لا اريد خسارتها مرة اخرى.

نظر بشرود الي الفانوس الذي جلبته له ب ابتهاج، لاحت ذكرى وجودها وضحكاتها بأبتسامة هادئة، عبس وجهه فجأة وهو يتحسس موضع نبضات قلبه، سب بعنف وهو غير مصدق ان تجذبه ذات عيون القطط بتلك السهولة، أين كانت حصونه؟ اين دفاعاته اللعينة ضد اي انثي حتي وإن كانت غربية؟، الم يأتي لهنا من أجل العمل فقط!، والعقل يعقد مقارنة سخيفة بينها وبين الأخرى، حدق بقوة نحو الفانوس وهو يلاحظ بهوت سارة بين الاخري، يالهي ما هذا؟ ايعقل؟

انتسل هاتفه وهو يهاتف رقمها، يغمض جفنيه بعصبيه وشعور داخلي يخبره انها لن تجيب، لن تجيب لقد رفض حبها، لن تجيب لقد طعنها فتح جفنيه بذهول وهو يسمع صوتها المتحشرج ليهتف بلوع
- لوري
استعاد رباطة جأشه وهو يستمع إلى هدير انفاسها يصل الي قلبه ويدميه بقوة، همس بارتباك
- انا حقًا اسف عما بدرته ذلك اليوم لا ا،
قاطعته بكذب وهي تجفف دموعها
- سالم لقد انتهى الامر حتى انا لم اعد افكر به
جز على اسنانه بقسوة
- حقًا؟

كان علي وشك ان يهب في وجهها، ان يقتلع رأسها، لكن تراجع ما ان سمع شهقة متألمة لتتراجع جيوشة الضارية وهو يهمس بدفء
- لماذا صوتك يبدو مختنقًا؟
والاخري مصرة على الكذب
- ربما اصبت بالعدوى لا تقلق، انا اسفه لما قلته
أراح جسده علي الأريكة وهو يغمغم بصوت هاديء
- لا يهم ان كنتي اسفه لوري بل الاهم هو انك لم تندمي قط
شعر بصمتها الذي طال ليهتف بألم
- اشعرتي بالندم كون انك بحوتي لي بمشاعرك اتجاهي اخبريني رجاءًا؟

همست بارتباك
- لا اعلم انني مشوشة
عض شفتيه بقسوة وهو يقول برزانة
- أتعلمين من أنا وما ديانتي لوري؟ سيشكل عائقًا في المستقبل لا اريدك ان تجرك موجة الحب في بداية علاقتنا، اريد حياة مستقرة زوجة واولاد يحومون حولي وبيت دافئ يشع بالحب والود من كل الارجاء، هل تودين هذا؟، لا اريد اي عاطفة أو لحظة متهورة تخبريني بإجابتك، سأنتظرك في اول يوم عيد الفطر، سأنتظر مقابلتك الي اللقاء.

اغلق هاتفه لتنظر الي الهاتف بشرود ونبضات قلبها تكاد تشاركها صخب غرفتها الهادئة لتهمس بشرود وهي تنظر إلى صورته التي أخذتها خلسة حينما كانا يتناولان الطعام.

- لو تعلم انني لن اجد رجلاً مثلك سالم، لو تعلم سالم كم يزداد يقيني أنك الرجل المثالي لأي امرأة، لو تعلم كم انني احبك سالم، لو تعلم نبضات قلبي كيف كانت تخفق بقوة في حضرتك انت فقط وانا استمع لصوتك كالبلهاء وكأنني فتاة مراهقة تستمع ل صوت رجولي جذاب في حياتها
تنهيدة حارة خرجت من شفتيها لتضطجع علي الفراش ساحبة الوسادة تدسه بين ذراعيها لتغمض جفنيها قريرة العين.

نظرت الي هيئتها الجديدة في المرآة برضي لقد قصت خصلات شعرها حتي اصبحت تصل أسفل كتفيها بقليل، لا يوجد مزيد من الابتسامات الزائفة ولا النظرات الحارقة، هي في بيت ابيها يعاملها ك طفلته المدللة الوحيدة بل هي فعلا طفلته المدللة الوحيدة، ابتسمت وهي تتأمل ملامح وجهها الطبيعية الخالية بأبتسامة متألقة، طرقات خافتة علي باب غرفتها استرعت انتباهها لتقول بصوت هاديء
- تفضل.

- انظروا الي تلك الفتاة التي ازدادت جمالاً وأصبحت صيد للرجال حتمًا عزيزتي سأجعل والدي يجبرك ان تكوني حبيسة جدران بيته منعًا من اي نظرات حقير إليك
انتفضت شاهقة من رؤية شقيقها لتسرع على الفور بمعانقته بقوة وهي تلف ساقيها حول خصره، ابتسم خالد بهدوء وهو يشعث خصلات شعرها بعبث، ابتعدت ببطء وهي تقول بمشاكسة
- انظروا من جاء هنا؟، القبطان جاء إلى هنا في ذلك الشهر، أين صديقك هل طردك في هذا الشهر أم ماذا؟

ضيق عيناه بضيق وهو يرقدها على الفراش ليجلس هو الآخر قائلاً بنزق
- مرحبًا يا فتاة لا اسمح لك بأن تذليني لتلك الدرجة، انني فقط اشتقت إليك
اتسعت ابتسامتها وهي تدس رأسها في حنايا عنقه رغم كل شيء الا ان شقيقها يفهمها جيدًا ولا يتردد ابدًا ان اخبرته أو بعثت رسالة نصية بكلمة واحدة احتاجك ليترك كل شيء ويأتي علي أعتاب غرفتها صباح اليوم التالي، هو الوحيد الذي جعلها تتابع حياتها بعد نكستها منذ زواج محمد.

- ما بك آلي؟
هتف بها بقلق حقيقي وهو يراقب اعينها الباردة لتنفي رأسها قائلة بهدوء
- لا شيء مجرد ارهاق
اومأ رأسه بتفهم، لا ترغب بالتحدث الآن، قال بجدية
- لقد اتصلتي أمس وقلتي انك لا ترغبين في الاستمرار، أهذا صحيح؟، هل لمعة خوض شيء ليس لك خَفِتت أو اضمحلت؟!
هزت كتفيها بلا مبالاة وهي تتذكر منذ ان هاتفته ليلة امس تخبره انها لا ترغب الاستمرار بعملها.

- بدأت أعيد ترتيب حساباتي لكن لا انكر انني املك ذوقًا فريدًا ربما سأفتح متجر ضخم للثياب كونت علاقات وطيدة مع المصممين حتى أستطيع المغامرة بتلك الحياة
ضيق عيناه وقال
- ما سبب التغير، هل يوجد رجل؟
شحب وجهها بقوة وهي تهتف بتلعثم
- تعلم انني،
ابتسم بمكر وهو يقول بنبرة ذات مغزى
- اعلم انك تتسحبين خلسة من الحارسين لكن لم تحذري بعد صغيرتي ان السيد زيدان والدك هو من تركك بمعنى ادق انه وضع ثقة لا متناهية بك.

حدقت به بذهول لتهب من فراشها وهي تقول بصدمة
- ايعني هو؟
اومأ برأسه مجيبًا وهو يقول بابتسامة ماكرة
- نعم كل عبثك هذا يعلمه جيدًا
رباه أيعني والدها عالم بكل شيء، يعلم علاقتها ب يوسف كل ذلك الوقت؟، تصاعدت حمرة وجنتيها وهي تنظر الي شقيقها بعبوس
- اكنت مغفلة لتلك الدرجة؟
نفي قائلاً
- ليس هكذا ولكن نستطيع القول ان هناك اعداء تتربص ان تنبش بأي شخص له علاقة بوالدك.

تنهدت بسأم وهي تعود النظر إلى معالم وجه شقيقها البائسة لتقول
- كيف حال فتاتك؟، سمعت ان والدي اخبرك ان السيد إبراهيم لم يخبرك بموافقته او رفضه لقد تركك معلقًا
زفر بحرارة وهو مطرقًا رأسه للاسفل محيطًا اياه بكلا يديه ليقول بضيق
- لا تذكريني لقد سمعتها منه صراحة انه لو خائف من زين بمقدار واحد الا انه يخاف مني عشرة أضعاف
جلست بجواره وهي تهتف ب صراحة
- اتعلم لو أن أبي كان بمحله ل فعل المثل.

حدجها بنظرة مميتة من زمرديته لتشجعه بعسليتها الهادئة، زفر بحرارة وهو يتذكر منذ قليل حينما دلف الى مكتب والده والحديث الذي دار بينهما ليقول بألم
- محقة علي كل الاحوال ربما ما فعلته سيصبح وصمة عار لي
ربتت علي منكبيه وهي تغمز بعبث
- انت لن تستلم بسهولة صحيح؟، رجال عائلة الحديدي لا تستلم كنت تقولها لي دائمًا
احتضنها بقوة وهو يقول بنبرة قوية
- ونساؤها عزيزتي أشد قوة وصلابة مما يظن الجميع، حسنًا سأغادر الآن.

قبل جبهتها بدفء وهو ينظر الي عيناها بنظرة حانية
- كوني قوية آلي
هزت رأسها موافقة لتراه يغادر غرفتها بهدوء، لكنه هدوءه ينذر عن وجود عاصفة قادمة.

رمت حقيبتها سريعًا علي المنضدة وخلعت سترتها السوداء لتبقي ب بلوزتها البيضاء الحريرة، عقصت شعرها علي شكل كعكة مرتخية وهي تشمر عن ساعديها لتبدأ في تجهيز الطعام، تبقت ساعة ونصف فقط لموعد الإفطار، طلبت من هنادي العناية بجدتها لكنها اختفت كالزئبق، وذلك الجار السمج يعكر مزاجها يوميًا ب تقديمه بطبق القطايف، كم مرة تخبره بتوقف عن جلب ذلك الطبق، لا تحبه ابدًا، زفرت بحدة وهي تستمع لقرع باب المنزل.

رمت المنشفة على الطاولة بأهمال لتتوجه صوب الباب وهي تفتحه بحدة وحينما همت بالصراخ في وجه من أمامها تراجعت دفاعاتها الفتاكة نحو الطارق، أطبقت شفتيها بقوة عائدة عدة خطوات للخلف
- نعم
صاحت بها ساخرة وهي تعقد ذراعيها بجمود، ابتسم بخبث وهو يقول بأستنكار
- في واحدة اول ما تشوف جوزها تقول بكل برود يا نعم؟!

نظرت إلى السقف لثواني ثم عادت للنظر اليه والي العلبة التي يحملها ليتجاوزها ببرود وكأنه في منزله وعيناه تطوف حول أرجاء المنزل بهدوء
- انا جاي لست الكل علشان عزمتني على الفطار النهاردة
اغلقت الباب بحدة لم تجعله يتأثر اطلاقًا وهي تتوعد لجدتها ما إن أخبرتها عن الشجار الذي حدث بينهما
- فين يامن؟
استدار بحدة اجفلها وهو يقول بجمود
- يامن ده اكتر واحد انسيه يا هند، انا جاي عشانك
هزت كتفيها بملل.

- جاي بعد ايه يا استاذ راشد
تنهد بحرارة وهو يراقب معالم وجهها الحانقة ليغمغم
- صدقيني غصب عني، مشاكل البيت والشغل خلاني بجد مقدرتش اطيق نفسي، ثم انتي مبترديش على اتصالاتي ليه
عضت شفتيها بقهر وهي تدب الأرض بقوة صائحة
- بجح بجد بجح اووي
لاحت ابتسامة هادئة علي شفتيه ليرد قائلاً
- بس بيحبك
ابتسمت ببرود وهي تشير نحو غرفة جدتها بأصبع السبابة
- تيته جوا الاوضة عن اذنك ورايا طبيخ.

لم تنتظر رده لتنطلق الى المطبخ تستأنف عملها، يكفي العشر دقائق التي ضاعت هبائًا بدلا ان تنهي جزء ليس بهين في إعداد الطعام، بكل بجاحة يأتي ويخبرها انها لا ترد على هاتفه، البجح كيف يأتي لمنزلها ولا تجد الرد المناسب له؟!

عضت شفتيها بقهر وهي تقطع الطماطم بعنف لتتوقف يدها عن الحركة وهي تشعر انها ما عادت بمفردها، شهقت بفزع حينما امتدت يد تمسك السكينة لتصرخ فزعة عاجلها على الفور وهو يكمم شفتيها مشيرًا عيناه بقوة نحو غرفة جدتها سكنت حركاتها لتبتعد عنه على الفور وهي تتجه نحو الموقد
- قلبك ضعيف اووي يا حبيبتي
سمعت تعليقه الساخر وهو يقترب بهدوء مراقبًا كيف تعد الطعام، زمجرت بحدة
- متقولش حبيبتي حبك برص.

لم يلقي بالاً بالرد عليها نظر نحو القدر ليقول بأعجاب
- بتعملي ملوخية بموت فيها
نظرت اليه محذرة رافعة بالمعلقة الخشبية نحوه ليضع كفه على شفتيه قائلا
- خلاص سكت هتفرج وانا ساكت
هزت رأسها نافية
- لا لا مينفعش كده اطلع برا
نظراته الماكرة حقًا ستقلعهم يومًا ما، تأففت بضيق وهي تشعر به يراقبها ببراءة مدعيه قائلاً
- هو انا عملت حاجه؟
سحبت نفس عميق وزفرته على مهل
- لا بريء اووي أنا الشريرة ارتحت يا سيدي.

سمعت نداء جدتها ينقذها من ذلك الموقف لتبتسم ببرود آمرة بلهجة حادة
- تيته بتنادى قطع السلطة لغاية لما اجي
راقبها بهدوء وقد انفلت عقال رباطة شعرها ليموج شعرها بشكل اخطف انفاسه، لم ينتبه لما قالته الا بعد مرور بعض الوقت ليعقد حاجبيه بدهشة
- هي بتأمرني انا؟!

ينظر الى ساعة معصمه وهو يعد الثواني والدقائق بنفاذ صبر، دار ذهابًا وإيابًا وهو ينظر إلى الطاولة الجالستان عليها بحنق، يود للحظات اقتحام خلوتهما لكن يتراجع في آخر لحظة، تأهب بأستعداد وهو يراهما يحتضنان بعضهما حميمة ثم يتقدمان نحوه، والدته ترسل له ابتسامه ماكرة والاخري تنظر اليه بملامح واجمة، ما إن اصبحتا أمامه هتف بتأهب
- ما حدث؟

ارسلت والدته نظرة ماكرة لها لتبتعد بهدوء عنهما تاركة لهما الحديث بمفردهما، نظرت الى قسمات وجهه المتحفزة وقالت
- تكلمنا وكل شخص ألقي ما في جعبته
- إذا؟!
هتف بها بنفاذ صبر لترد بهدوء غير عابئة بثورته القادمة
- شرحت لها كل شيء وعن عدم احتمالية وجود حفيد في المستقبل
لم تكذب حينما رأت تقلص عضلات جسده وهو يفصل المسافة بينهما كليًا صائحًا بحدة
- واللعنة نور أنني لا ابه بتاتا بالأمر.

تراجعت عدة خطوات للخلف قائلة بحذر
- الكون لا يدور حولك أمير العائلة يجب ان تعلم بالأمر
شهقت بفزع حينما قبض علي ذراعها بقوة هامسًا بجانب اذنها
- نور كفي حقًا كفي، طلبتي مني ان أتحدث مع والدتي وفعلت، طلبتي ان تأتي وتتحدث معك ولم انطق بكلمه والان بدأت تتراجعين لن اسمح لك نور ابدًا.

اسدلت اهدابها الكثيفة ارضًا وهي تتذكر حينما رغبت بأن يتحدث مع والدته كان في باديء الأمر يصرخ ثم يثور لكن مرة بعد مرة هدأ ثم وافق علي مضض، لن تنسي نظرة السيدة فريدة الممتنة للتحدث مع ولدها بعد جفائه منذ طلاقهما بل تفهمها للأمر ووعدها بعدم التدخل بينهما مرة أخرى، شهقت بقوة نحو آخر ما تفوه به لتهتف بتشوش
- ماذا؟
- سأهاتف السيد محمد وأخبره بأن زفافنا اول يوم العيد ستصبحين زوجتي نور.

ثم تركها مبتعدًا خارج المطعم لتصيح بنداء مرتفع
- انت يا رجل انتظر
القي قبلة في الهواء وهو يغمز بعينه
- اراك لاحقًا يا عروستي المصرية
احتقن وجهها بخجل وهي تراه يعود لحيويه شاب مراهق قد تلقي كلمات غزلية من حبيبته، شعرت بوجود امرأة اصبحت بجوارها قائلة بابتسامة هادئة
- صدقًا ابني يحبك لا تعلمين ماذا حدث له حينما قررتي الطلاق ورحلتي عنه كان كالجثة الهامدة لا اعلم اي تفكير كنت اتخذه وانا افرق بين حبيبن.

التفتت نحو فريدة وهي تقول برجاء
- لقد تحدثنا عن ذلك الامر قبلاً لا تعودي لفتحه اريد نسيان ما حدث
هزت رأسها ايجابًا وبدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها
- لن اعود لفتحه مرة أخرى
امسكت كفها وقالت
- حفظكما الله من أعين الحاسدين، هيا سأغادر الآن ولنا حديثًا اخر
اومأت رأسها في خفوت لتراقبها تغادر ببطء، أغمضت جفنيها بهدوء تتلو بعض العبارات الغير مفهومة في خفوت لتفتح عيناها بهدوء وهي تتجه نحو منزلها.

كان الطريق وعر مظلم مخيف، تشعر بشيء يجثم انفاسها وللعجب تسير في الطريق نحو جهة معينة وكأنها تعلم ذلك الطريق جيدًا والي أين يؤدي ذلك الطريق؟!، وجدت أمامها باب لتستدير بقلق حول المكان الموحش وما إن همت بفتح الباب شعرت بيد تسحبها ببطء نحو المجهول، لم تصرخ لم تذعر كانت تسير خلفه وكأنه اليد الآمنه؟!، انه حاميها بالطبع، بدأ الظلام يتلاشي شيئًا فشيء ليحل مكانه النور لتشعر بصاحب اليد الحانية يقترب منها ببطء نحو أذنها هامسًا بلوع.

- سارة
اقشعرت منابت جسدها ودوي نبضات قلبها بعنف وهي تشعر بلفحة حارة من موجات ساخنة منبعثة من جسده، ترجوها بخبث ان تقترب منه، الا تخاف مما هي قادمة له، تأملته مليًا من خصلاته البندقية التي تود ان تشعثها إلى لحيته وشاربه الجذابين همست بتوتر
- انني لا احلم صحيح
تعلم إنها تحلم، لكن الحلم اصبح واقعًا بشكل أخافها لبرهة وهي تستنشق عبق رائحته بقوة وهو ينفي برأسه
- لا
اتسعت ابتسامتها و همست بتهور.

- اقرصني هيا لأصدق اقرصني
نظر اليها بتعجب لتكرر توسلها مرارًا وتكرارًا، وما إن استجاب لها اختفت ملامحه تدريجيًا ليحل محل المكان الي غرفة نومها والذي يقرصها شهد، انتفضت من الفراش صارخة
- يخربيت ايدك يا شهد
امتعضت ملامحها بعبوس
- قولتيلي اقرصيني وقرصتك
زفرت بحنق وهي تمسح ب راحة يدها علي وجهها بنفاذ صبر
- انا ايه اللي خلاني اجيبك تباتي معاي ابعدي من وشي
هزت شهد كتفيها بلا مبالاة قائلة بنبرة ذات مغزى.

- فيه خبر لحبيب القلب
زفرت بحنق وهي تصيح
- مفيش وحلي عني شوية ورايا حاجات مهمه
ردت بعدم تصديق
- طيب هروح لانطي سعاد
ومع مغادرة غرفتها على رنين هاتفها لتلتقطه على الفور وهي تجد رقم مميز لم تحتاج لتفكر للحظة وهي تجيب على الاتصال قائلة في خفوت
- خالد!
أغمضت جفنيها للحظات وهي لا تعلم لم نطقت اسمه بلا وعي منها، لكن تمنت ان يكون هو، انحبست انفاسها من سماعها لزفير حار من الطرف الاخر ليغمغم بخشونة.

- كيف حالك حبيبتي؟
رباه أفيقي واجيبي عليه، لسانها منعقد بشكل مخزي وما لا يساعدها علي الاجابة صمته الاخر وكأنه يدعها تأخذ فترتها من استيعاب تلك الكلمة التي قالها بعفوية؟!، أقالها حقًا بعفوية أم قصدها؟، انها اول مرة ينطقها بل بالعربية، شهقة خافتة وأدتها سريعًا وهي ترد بتلعثم
- بخير، لا لست كذلك، لكنني أصبحت بخير الآن
شعرت به يبتسم بل يضحك و حجرتيه الكريمتين ازدادت توهجًا ليغمغم باشتياق.

- اشتقت اليك نجمتي
انفلتت شهقات صادمة وهي تبكي بصمت، حديثه جدي معها، كل كلمة يقولها يعنيها اطرقت رأسها ارضًا وهي تهتف اسمه في خفوت
- خالد
زفرة حارة أرسلت ذبذبات خطرة ليتورد وجنتيها وهو يقول
- افقدتي عقلي للغاية سارة
صمت للحظات قبل ان يهتف بهدوء
- لقد بعثت لك هدية اتمني ان تعجبك
رمشت أهدابها عدة مرات لتتذكر هاتفه وصوره الوقحة ل تهتف بقلق
- لا تضع اي صور وقحة لك حقًا سأقتلك ان وضعت اي اشياء وقحة.

ضحك بقوة جعلت ضربات قلبها تتقاذف بسرعة، ما الذي يفعله ذلك الرجل بها؟، رباه لن تتحدث معه مرة اخرى ان ضحك مرة ثانية سيطير بعقلها
- هل رأيتيها؟! توقعت ذلك فضولك تغلب عليكي بالطبع
اعتصرت شفتيها بحنق وهي تصيح هادرة
- انت وقح و فظ للغاية ان كنت امامي كنت سأ،
قاطعها بعبثه المعتاد
- ماذا ستفعلين تعانقني ام تنبشي بأظافرك في وجهي الوسيم.

اتكذب ان لم تقل انها اشتاقت لكل شيء به خصلاته البندقية الناعمة وزمرد عيناه وعبثه ووقاحته التي لا حدود لهما و لكنته البريطانية الخالصة، لكن إلى متى سيظل قريب وبعيد في آن واحد؟
- سأختار الثاني وبعض الرضوض في جسدك
ردت بجفاء لتنفلت منه ضحكة خافتة وهو يستعيد جديته.

- متوحشتي الصغيرة هوني عليك لا تقلقي لم اعد ارى نساء غيرك بل في الحقيقة انتِ المرأة الوحيدة التي ما ابصرت حتي وجدتك امامي، حسنًا سأتركك مع الهدية التي على عتبة باب شقتك الي اللقاء.

اسرعت القفز خارج منزلها لتجد علبة صغيرة الحجم على عتبة باب الشقة خطفتها سريعًا وهي تختبيء في غرفتها، فتحتها بهدوء لتجد علبة مخملية الملمس تُذكرها بلون عينيه، اتسعت ابتسامتها وهي تفتح العلبة بأيدي مرتعشة، بهتت للحظات وهي تجد سلسال علي شكل نجمة ب شكل ثلاثي الأبعاد، لونه البراق أخافها من أن تكون الهدية باهظة الثمن، عضت شفتيها وهي تضع السلسال مرة أخرى داخل العلبة لتخبئ العلبة بين طيات ثيابها وهي تسند ظهرها براحة علي الخزانة هامسة بدون وعي بلغته.

- إلى أين الطريق يا سيادة القبطان؟

المطبخ النظيف مدمر كليًا، رخام المطبخ مليء بالطحين وفي الارضية وبعض الشيكولا انسكبت نصفها على حوض المطبخ، لكنها لم تعبأ ستصنع كيك الشيكولا الذي رغبت به منذ دقائق، منذ متى هي عاشقة الشوكولا؟! لا تعلم
عبست يائسة وهي تحاول تذكر هل وضعت الكمية المناسبة من الطحين ام لا؟! لم تنتبه اطلاقًا إلى نداء زين القلق وهي تتطلع الى الطحين بشرود
- ليان.

شهقت مذعورة وهي تستمع الي صراخه لتضع يدها علي نحرها تلتقط انفاسها وحينما همت بالرد عليه فاجئها بعدائيته وهو يسحب ذراعيها نحوه رافعا انامل قدميها حتي أصبحت مقاربة لطوله تتنفس هدير انفاسه المحمل برائحته بهيام شديد، صاح بسخط
- اجيبي عليّ من فضلك حينما اناديك، عقلي تلك الايام بصور اشياء لا تمر علي خاطرك ولو للحظة
رمشت أهدابها عدة مرات لتقول بأسف
- اسفه حقًا لم انتبه كنت مشغولة بأعداد الكعك.

في تلك اللحظة انتبه إلى حالة المطبخ المزدرية ليلقي نظرة غير راضية حول المكان ترك ذراعها وهو يقول بهدوء
- اما زلتي مصممة بعدم معرفة نوع الجنين
لم تنتبه إليه كليًا وهي تخلط المقادير قائلة
- اخبرتني انها فتاة وانا اشعر بهذا ايضًا
اقترب منها وهو يزيح خصلة شاردة قائلاّ بصوت اجش
- ألا تريدين الشعور بنبضات قلبها ليان؟
توقفت عن خلط المقادير لتضع يدها غريزها حول موضع جنينها قائلة بشرود
- ارغب حقًا، واود ذلك.

اقترب بخبث مسندًا يداه حول الرخام لتقع هي في المنتصف أسيرة له، ابتسم وقال بنبرة هادئة
- دعينا نلقي نظرة عليها، نذهب للطبيب لقد تعب العجوز من مجيئه إلى هنا كل يومين
هزت رأسها وهي تتساءل
- اهو طبيب العائلة؟
- تستطيعين اعتباره كذلك
- حسنًا لكنك ستساعدني في إعداد الكعكة
نظرت الي ذراعيه اللذان علي وشك أن تسقط في احضانه ليقترب بخبث أكبر وهو يهمس بحرارة
- اتطلبين من زين الحديدي صنع الكعك؟

ضحكت بخبث وهي تجاريه لتضع راحة يدها الملوثة بالشيكولا علي موضع نبضاته الثائرة بقوة، ألتلك الدرجة تؤثر به؟
- بل اطلب من زوجي
نظر إلي بقعة الشوكولا التي لطخت قميصه النظيف ليعود النظر إلى عينيها التي تنظر اليه ببراءة غمغم بين شفتيه
- ماكرة لياني
ونظرة البراءة لم تنزاح كليًا وهي تعطيه ظهرها حينما لم يبدي اي ردة فعل بتركها لتنتبه إلى المقادير بتركيز عالي قائلة.

- زين حقًا لا اجد اي مشكلة في الذهاب لعملك بدلاً من كونك حارسًا بجواري استطيع ان اظل في منزل بابا حتى انتهاء دوامك ونعود للمنزل
تجمدت اناملها حينما شعرت بأنفاسه الحارة التي تضرب مؤخرة عنقها بلا رحمة وصوته الاجش كان كفيلاً بأن ترتعد، شوقًا؟!
- انني مرتاح بجوارك الا لو انك كرهتي وجودي وتريدين الذهاب لعائلتك هما أشهر قليلة فحسب ليان.

المهلة المحددة؟ بالطبع كيف ستنسى وعده انها ستقضي فترة حملها بجواره ثم سيتركها مقابل طفلتها همست بجفاء
- هل ستظل تذكرها لي كل مرة انا اعلم ذلك لا داعي لقولها مائة مرة
ابتعد فورًا وهو يدرك ما قاله، غبي، همس باعتذار
- ليان اعتذر.

لم تدعه ليتابع اعتذاره وجدها انطلقت هاربة من المطبخ ليضع يده على خصره والأخرى تمرر علي خصلات شعره الكستنائية وهو يراقب وضع المطبخ المزري والي غبائه ليهتف بحنق وهو يقسو بأنامله على خصلات شعره
- يا الهي.

- يامن براحة عليا انت مش شايف بطني منفوخة ازاي
هتفت بها سارة بحنق وهي تريه معدتها المسطحة ليجعد يامن جبينه وهو حامل صينية الطعام متوجهًا نحو طاولة شاغرة يقول بتهكم
- احنا مش اتفقنا مناكلش كتير علشان هنفطر سوا بره
جلست على الطاولة وهي تراقبه يتناول البرجر مع رقائق البطاطا بامتعاض شديد
- هو انت يا زئرد بتكلمني كدا ازاي؟!، ده حتي السن والطول مش مساعدينك
أجاب بملء فمه
- خلاص آسفين يا ست الكل تمام كده.

هزت رأسها يائسة
- الاحترام مش لايق عليك للاسف
ابتلع الطعام في فمه وهو يراها كئيبة بعض الشيء عن المرات السابقة
- انا زهقت من قاعدة البيت وطبعا ملقتش غير حبيبة قلبي سارة هي اللي تخرج معايا
غمزت بعبث وهي ترتشف العصير
- او يمكن حبيبة القلب هايدي مسافرة وروح قلبك هند مشغولة قلت تشوف الغلبانة اللي بطلت تلعب معاها جيم
بريق رمادي لامع ابهرها وهو يقول
- قلبك اسود اووي يا سو
كشرت انيابها قائلة بحدة.

- بطل تقول الكلمة دي، صدقني هاخدك كلك على بعضك عند جدك
هز رأسه يائسًا وهو يتابع تناول طعامه
- عمو كريم هو اللي جابني مش جدو
هزت رأسها يائسة وهي تراقب المول المزدحم بشدة في تلك الأيام، أوشك رمضان على الانتهاء وخالد لا تعلم عنه أي شيء بعد تلك المكالمة اليتيمة، لم تتجرأ ان تضع ذلك السلسال علي عنقها لم تتجرأ وهي لا تعلم مخططاته، افاقت من شرودها علي صوت يامن الماكر.

- صورت الفيديو وهو بياكل علقة مووت شكلة كان يقطع القلب
شهقت بقوة واضعة يدها على ثغرها لتردف بعتاب
- بدل ما تنادي حد يساعده كنت بتصور
- كان لازم يكون معايا حاجه علشان اضغط عليه زي دلوقتي جابني ليكي بالعافية
- واضح ان حد جايب في سيرتي
ذلك الصوت الهاديء الرخيم صدر من خلفها ليقوم يامن من مقعده قائلاً
- انا رايح اجيب كولا.

تذكرت المرة السابقة حينما كان خالد هنا، لتتوتر معالمها وهي تصيح بتوتر ولا تعلم بل ما تشعر بذبذبات وشحنات سيئة تطوف حول مدارها
- يامن استني يا واد خد هنا
جلس كريم على المقعد المقابل لها بأريحية وهو يهتف بجمود
- انا قولتله يسيبنا دقيقتين علشان نتكلم مع بعض
ضيقت عينيها بتوجس متفحصه وجهه الذي اختفى به معظم الكدمات
- هو احنا بينا حاجه؟
غمغم بمزاح
- صدقيني بحاول اصلح اللى عملته بعد ما اخدت علقة موت من خطيبك.

اتسعت عيناها ذهولاً وهي تنفي قائلة
- لا هو مش خ،
قاطعها بأسف
- انا بعتذر علي كل اللي سببته ليكي في الفترة اللي فاتت والفترة الحالية صدقني مكنتش حابب علاقتك تكون متوترة معاه انا بس مندفع شوية بالكلام
اومأت برأسها عدة مرات وازداد يقينها من شعورها بنظرات حارقة تخترق جسدها لتقبض اناملها بقوة على الكوب قائلة بتفهم
- تمام مفيش مشاكل بس يامن فين؟
اتسعت عينا كريم دهشة
- بجد مش مضايقة مني انا...

همت بالفرار لتجده يضع كفه علي اناملها طالبًا بعفوية ان تظل مكانها، همت لتزيح يده الجرئية عنها لتتخشب عندما سمعت صوت خشن يقول بلكنة بريطانية
- ابعد يدك الحقيرة عنها
أزاح كريم أنامله فورًا وهو يراه، متوحش، ضاري، بري، ثور، ازدردت لعاب سارة وهي تراه قتامة عينيه وهدير انفاسه العالية تلفح مؤخرة رأسها لتهمس بتوتر
- خالد؟!
اغمض كريم جفنيه يائسًا متمتمًا بأسف
- جالك الموت يا تارك الصلاة.

لا تريد عراك آخر بسببها، نظرت الي كريم نظرة متوسلة لتسحب حقيبتها مغادرة المكان برمته، بخطوات سريعة، راكضة، هاربة منه، لن تسمح بحدوث اي مصيبة يكفي ان المرة السابقة انتهي الامر بهدوء، زفرت بحدة وهي تتجه الي المرآب غير عابئة بنادئه الجهوري
- سارة اسمعيني
ركض مهرولاً نحوها ليقبض علي ذراعها بقوة لتصبح في مواجهته، التقط انفاسه الهادرة وهو يقول بهدوء كمن يسير على صفيح ساخن
- اسمعيني سارة.

أزاحت ذراعيها بعنف وهي تشير بأصبع السبابة محذرة
- خالد، ابدًا ابدًا لا تتخطي حدودك هل سمعت؟، استطيع الدفاع عن نفسي جيدًا لا احتاج لذراعيك المفتولة
انفلت عقال جموده ليغمغم هادرًا بعنف أمام وجهها
- هل تخطيت حدودي؟!، كون اني اظهرت أمامك غيرتي وسخطي من ذلك الرجل الحقير هل هذا يعني اني تخطيت حدودي سارة؟
انحدرت دموعها بصمت وهي تركض هاربة منه لتستمع لندائه اليائس
- سارة اسمعيني.

استدارت بحدة وقد تشوش بصرها كليًا من الدموع الكثيفة
- لا اريد رؤيتك ابتعد، هل تستطيع فعل هذا؟
همس بتوتر وهو يسير بهدوء مخالفًا لسيرها المتهور الراكض
- ابتعد؟!، سارة ما بك؟
حينما لم يستمع ندائها وهي تخرج من المرآب لحق بها راكضًا قائلاً بلوع
- سارة
وهي كانت مغيبة، لا تعلم أين تسير قدميها فقط تحثها على الفرار منه وخلق مسافة آمنه بينهما لم تنتبه للسيارة القادمة في اتجاهها بسرعة قصوى وهي تطلق البوق بحدة.

- انسان فظ غليظ همجي
وفجأة، عمت عيناها بالضوء المفاجيء ولم يستجيب جسدها لأصدار ردة فعل واحدة لو حركة، ليتحول ذلك الضوء الأبيض قوي الي ظلام معتم ينتشر ذلك الظلام في جميع الأركان ونداء من عالم آخر، يتردد في صدي اذنها صارخًا بلوع
- سارة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة