قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع عشر

مشتت، ضائع، اشياء ومشاعر غريبة تراوده، حنين واشتياق ولهفة ثم ما لبث ان اصبح ضيق حنق وغضب،
كل تلك المشاعر ممزوجة بسبب شخص واحد فقط إيڤ
يقولون ان من نحبهم بشدة لا نستطيع ان نكرههم بسهولة، يتطلب الامر منك تمزيق فؤادك او دعسه علي الأرض لأستيراد كرامتك المهدورة، هذا إن كان من حبيب فما بالك إن كانت أم!

هل يستطيع الإنسان أن يكره امه بتلك السهولة!، ظل السؤال معلقًا في ذهنه وهو يسير في رواق المشفى حتى وصل امام باب غرفتها، أغمض جفنيه وهو يدير بيده باب المقبض.
الشجاعة تكمن في ثلاثة أشياء محاربة الرهبة، محاربة التردد، ثم اتخاذ قرار مجنونًا دون تفكير في العواقب.

اغلق الباب خلفه وعيونه تدور وتتأمل تلك الجالسة على الفراش لا حول لها ولا قوة، ابتلع ريقه بتوتر وكل ما يود قوله غادر في مهب الرياح، كان يردد كلمات سوف تسمم بدنها، لكن عجز لسانه وتيبس جسده وهو يراقب تلك الجميلة تحولت لامرأة شاحبة في عداد الموتى.
كانت شاردة لا تنظر إلا للشرفة التي امامها، رائحة عطر علمت صاحبه جعلها تستدير رأسها بلهفة
لحظة تقابل العيون
تحملان الكثير من الألم والعتاب
مزيج من الأسف والخوف.

اتصال بصري عجيب بين الابن والأم، عيون زمردية خفت بريقها الفيروزي ليحل لونًا باهتًا كئيبًا جعلتها تبتلع مرارة في حلقها، نظفت حنجرتها وهتفت بصوت واهن
- خالد عزيزي اجلس، توقعت عدم مجيئك
عاد الجمود يكتسي وجهه وهو يجلس علي اول مقعد، غمغم بسخرية ونبرة لاذعة جعل بدنها يقشعر
- سيدة إيڤ ارجوكِ دعي تلك العواطف جانبًا كلانا يعلم ان العواطف غير موجودة في قاموسك.

نظرت نحوه في خواء واسفل عيناها ينتشران سواد مخيف للنفس، همست بتوسل
- خالد حبيبي ارجوك استمع الى لا تكن قاسي مثل ابيك
نار حارقة اجتاحت كيانه وهو يتذكر فعلتها الشنعاء، هب من مقعده صائحًا بهدر وهي تشعر ب سواط تجلد جسدها دون أدني رحمة
- استمع ماذا يا سيدة ايڤ، اتريدينني ان انسي ليلتك الجامحة مع زميلي ام انسى انك كنت تعملين نادلة في إحدى الحانات الرخيصة.

أغمضت جفنيها وهي تعلم انه لن يسامحها على فعلتها، إن كان الأب لم يسامح فكيف يستطيع الابن مسامحتها!
- خالد ارجوك لا تعود للنبش في الماضي، صدقني لم اكن سأخون زيدان، تلك الليلة كنت ثملة للغاية
توقف قلبه عن العمل واعمي عينه الغضب ليهتف بنبرة تهكمية
- كنت اظن انك علي وشك مفارقة الحياة لكن انتِ بصحة جيدة، جيدة للغاية.

قام من مجلسه وهو للحظة ندم علي تواجده هنا، مجرد ذكرى قديمة مؤلمة جعلته يصبح ثورًا، إن كان زميله هنا حقًا لن ينجده أحد من براثنه، توقف عندما استمع لهمسها الضعيف
- خالد، ارجوك انتظر ربما تكون تلك مقابلتنا الأخيرة.

مقابلة أخيرة! هل هي تعي لما تقوله، أيعني أنه لن يستمع لصوتها مرة اخري، دار على عقبيه وهو تلك المرة أصبح مترددًا لما هو عليه، في المرات السابقة لم يتردد أو يتهاون على إلقاء كلمات لاذعة، لكنه مجروح منها، مجروح بعمق، تهاون علي المقعد مرة أخري وهو يهتف بضعف
- سيدة إيڤ اظن انك،
قاطعته وهي تهمس بصوت متحشرج وانفجرت ينابيع من التحسر والندم والألم
- سامحني عزيزي من فضلك، واجعل عزيزتي آليا تسامحني.

هتف بصوت ضعيف وتجمعت الدموع الي مقلتيه لكنه اعلن علي عدم جعلها ترى ضعفه، ان هناك امل ليجعلها تسامحه
- تطلبين الغفران وانتِ على فراش الموت، أليست متأخرة بعض الشيء سيدتي؟
زمت شفتيها بعبوس وهي تهمس بصوت جامد
- انني والدتك ضع لي بعض الاحترام يا ولد
انفجر ضاحكًا بسخرية، ضحكة عالية مرتفعة تعلن عن الصخب والهستريا لكن في أشد عمقها لاذعة، مُرة كالعلقم.

- بعد فعلتك تلك التي لا تغتفر لا اظن ذلك، كيف جاءت لكي الجرأة لفعلها ومع من زميلي في الدراسة، اي تصرف تريدين مني فعله ألا يكفي رؤيتى لك مع الرجال القذرين كل ليلة مع رجل مختلف
قاطعته من غضبه العاصف وهي ترى عرقه النافر ينبض بقوة وقد تحول وجهه الى لون احمر قاني يتنفس بهدر ثم عاد مرة اخرى الى هدوءه من مجرد صيحة هادئة منها
- خالد
نظرت اليه بألم جعله يثور أكثر بعد أن تخلص من قشرة بروده.

- كلا لن اتوقف ولا تطلبي، انتِ من طلبتي مجيئي، كنت في الثامنة عشر وانا اراكي تعاشرين زميلي وفي غرفة النوم، يالا بجاحتك، وكل ذلك لم يخفي عن اعين صغيرتي آليا وهي طفلة ترى ما يحدث امام نصب عيناها
عضت شفتيها بقهر ودموعها تسيل بغزارة جعلتها تصبح بهذي
- لم تنتظر حتى ابرر لك اخذت اختك وذهبت الى والدك
اقترب منها وهو يهمس بصوت فحيح كالأفعى
- نعم ذهبت الى والدي لكي لا تتأثر صغيرتي بوالدتها.

غطت وجهها بكفيها وهي تتردد بألم وصوت باكي يتأثر بها القلوب
- كنت ثملة للغاية في ذلك اليوم ولم اشعر بمن كان بجواري استيقظت لاجد صديقك بجواري في الفراش
أي مبرر تفعله هي؟!، غمغم بصوت قاسي
- عذر اقبح من ذنب، على كلا الاحوال هذا غير عملك كنادلة في إحدى الحانات المتدنية.

- ماذا كنت تريدني اعمل بحقك، تزوجت والدك وانا فى الثامنة عشر من عمرى ولم استطع اتمام دراساتي العليا، احببت زيدان ولا زلت احبه لكن فراقنا لم يكن بيدي لم يكن بيدي كنت مجبرة على فعلها هددني باخذك انت وآليا مني
قست عيناه واشتعلت زمريدته بلون عاصف وهو يهمس بحذر
- من هو؟

- جدك، كبير عائلة الحديدي، نبذ عمك زياد وحينما تزوجت من زيدان ووضعه تحت امر الواقع لم يجد جدك سوي الأستسلام في فترة مؤقته، زيدان الرجل الوحيد الذي جعلني أشعر أنني أنثى، كان يعاملني برقة وحب لم اجده في اي رجل انجليزي، احبني بشدة وما كان علي سوى ان اقع في حبه، كنت مخلصة له بشدة حتى جئت أنت عزيزي، حاول زيدان استمالة الجد وهو يُريه حفيده، لكن الجد كان ساخطًا غاضبًا حتى برغم وجود حفيدين ذكرين في عائلته لكنه كان مشتعلاً أن دماء الإنجليز تسير في سلالة عائلته.

توترت اعصابه بشدة وهو يقول بضيق
- كفي
قاطعته بصوت صارخ أدى إلى جرح حنجرتها لكنها لم تهتم، تلك هي مقابلتهم الأخيرة ويجب أن تجعله يعلم كل شيء
- لن أتوقف تريد سماع الحقيقة اذا تحملها
صمتت قليلا وهي تحاول تهدئة وضع الغرفة المتكهرب، صمت خرج منها بانفاس مجهدة وانفاس هادرة من الأخر، صموت لم يستغرق سوى لثواني قليلة وهو تقول بهدوء.

- عشت سنوات رائعة بجواره حتي انجبت آليا التي تحمل صفات كثيرة منه، جاء جدك الي منزلي حينما كان زيدان في سفر للعمل، ما زالت اتذكر كانت آليا عمرها عام هددني بأخذك مني واخذ طفلتي الا إذا هربت وجعلته يكرهني
صمتت وهي تراه يغلق جفنيه بقسوة ويتمتم ببعض الكلمات بصوت خفيض، تود في تلك اللحظة ان تمسك يده أن تقبل وجنتيه، ان تحتفظ بعطره الى لفظها آخر أنفاسها.

- كان صعبا على للغاية يا خالد، لم اجد سوى ان اقبل ما يطلبه، شعرت أن حياتي علي المحك وانا اري انه سينفذ تهديده، لم اجد سوى ان افطر قلب زيدان ليطلقني
أطلق سخرية لاذعة
- عاشرتي من سيدة إيف، هل عاشرتي صديقه!
أغلقت جفنيها بألم وهي لم تصدق ما آلت اليه الامور، كل شيء يخرج عن سيطرتها ورغم ما قالته لم يستميل ولم يشفق نحوها.

- لم افعل شيئا سوى انني اخذتكم وهربت إلي يورك، قضيت ثلاث سنوات وانا اعيش في منزل صديقتي حتي جائت لي ورقة طلاقي ثم بعدها تلقيت مكالمة من كبير عائلة الحديدي وهو يخبرني انه يمكنني ان اظهر امامه ثم اخبرني ان زيدان سيتزوج فتاة من احدي اقاربه، انتظرت ان اسمع انه تزوج لكنه لم يفعل، حتى جاء لقائنا وانا وقتها كنت اعمل نادلة في حانة.

عاتبني بنظراته ولم يتحدث سوى بضع كلمات ثم غادر، لم استطع ان اجعل رجلا بعد زيدان يلمسني أما الرجال الذين كانو يقلوني للمنزل كنت أستغل جمالي وقتها لكن لم اجعلهم يتخطوا حدودهم يومًا
قلبه يستميل نحوها بخبث والعقل جامدًا لا يصدق، ارتجف شفتيه وهو يزيل بعض الدموع العالقة فى محجريهما وهو يقول بضعف
- سيدة إيف، لا تنسي انكِ خنتي حبه لكِ.

- عقلي كان غائبًا وقتها، الرب لا يحاسب اي فعل انسان حينما يكون غائب العقل وقانون البشر يفعل ذلك لا تكون جاحدًا هكذا
قام من مقعده وهو يلقي ببصره على صاحبة العينين الزمردية المجهدة ثم استدار مبتعدًا يخرج من الغرفة قبل أن يستميل اليها، توقف جسده عند دلوف الممرضة وهي تقول بابتسامة هادئة غير عابئة بالانفجار الذي حدث منذ قليل
- سيدتي صباح الخير، اليوم ستأخذي الحقنة كي تأخذي قسطًا من الراحة.

كانت الممرضة تعمل بآلية شديدة و عيناه تقعان نحوها، تألم ل آلامها وهو يراها تنظر اليه بابتسامة هادئة وكأنها تطمئنه انها بخير، ود للحظة أن يفعل شيء ان يندس براسه نحو عنقها، لكنه تراجع للحظة وهو يغادر من الغرفة، شيء يجثم قلبه، شيء يخنق روحه، توقف حينما رأي الطبيب المختص بحالتها أمامه همس بتردد
- كيف حالها.

- لا اريد ان اخدعك، لكن الخلايا السرطانية انتشر في جميع جسدها، اعتذرحقًا سيد خالد لا يوجد لدينا شيء نفعله بعد الآن
هز رأسه بإيماء
- شكرا لك
غادر من المشفى وهو يصعد سيارته، ارتعش فكيه وتراخت اعصابه المتشددة، أراح رأسه على المقعد قبل ان ينطلق الى وجهته الغير محددة.

- جدووو
صرخ بها يامن بقوة ومرح طفولي، يعترف مرتضي ان حالة القصر الكئيبة تبدلت إلى أخرى صارخة حيوية، احتضنه مرتضي وقبل وجنتيه قائلاً بدفء
- يا حبيب جدو انت
اقترب يامن بخبث نحو اذني مرتضي وقال
- عيد ميلادي ياجدو اخر الاسبوع
ضحك مرتضي بمرح وقال
- طبعًا هو انا اقدر انسى عيد ميلاد حفيدي، ليك عليا حته حفلة متتوصفش.

زادت ابتسامة يامن اتساعًا ليعبث الجد بخصلات شعره الطويلة بحب، انحسرت ابتسامة يامن وهتف متوجسًا
- بابا هيكون موجود!
تبدلت حالة الجد المرحة وهو يرى نظرات حفيده
الحزينة، سب ابنه في خفوت ثم عاد يرسم المرح على وجهه قائلاً بنبرة ذات مغزى
- هيكون موجود يا حبيبي وهنجيب هند معانا
انتفض يامن غير مصدقًا وقال بسعادة ماكرة
- المزة هتيجي؟!

اندهش الجد من المصطلح البذيء الذي قاله حفيده، يبدو أن الابن قد توارث الوقاحة من ابيه، ردد بدهشة
- مزة!
ثم تابع بضيق زائف
- ولد انت بتجيب الكلمات ديه من فين
تهللت أسارير يامن وهو يتذكر يوم الذي قضته معهم، توقعها أن تكون جافئة وباردة لكن خالفت توقعاته عندما لعبت معه كرة القدم، رغم انها انثى لكن خالفت توقعاته كانت تلعب بأحترافية شديدة ادهشته، رد بعبث
- من التلفزيون يا بوص.

صمت الجد لثواني ثم اخذ يدقق علي زي حفيده المدرسي، صاح بحدة طفيفة
- ولد انت مش وراك مدرسة قووم
ضحك يامن بصخب وقال بابتسامة ماكرة
- ليه بس كده يا بوص، عموما انا همشي بس متنساش تبعت الدعوة للمزة والا ممكن انا اروح الشركه و اديهولها
راقبه مرتضي حتي اختفي عن مرمى بصره، هز مرتضي رأسه يائسًا
- هذا الشبل من ذاك الاسد.

شكرت الساعي بابتسامة هادئة حينما قام بوضع ورقة استقالتها في مكتبه بين ملفات البريد اليومية مع قهوة الصباح المعتادة،
التقطت صندوقها الخاص وعيناها تدمعان بألم وهي تترك قطعة من قلبها في ذلك المكان الذي قضت فيه اربعة أعوام من عمرها،
سارت ببطء وهي تتوجه نحو المصعد وبمجهود جبار تحاول ان لا تسقط بسبب كعب حذائها المرتفع،.

تنفست الصعداء وهي تنقر علي زر المصعد بصورة مستمرة، تريد الهروب قبل أن يهب بالنار من انفه ك التنين المتوحش،
سقط الصندوق من يديها عندما استمعت الى صوت فحيح كالأفعى يهمس بجوار اذنها اليمنى
- رايحة فين؟!
استدارت مجفلة لترتطم بصدره الصلب، قريب منها للغاية بطريقة اشعلتها بقربه، انشات فقط تفصل بينهم
رماديته هوجاء عاصفة اقتلعت حصون تركيزها وصمودها، قالت بتوتر وهي تنظر الى نقطة وهمية خلفه.

- ماشية بعت ورقة استقالتي على مكتبك
تقدم خطوة جعلها تعود للخلف وهي تصطدم للحائط المجاور للمصعد، حك طرف ذقنه لثوانٍ جعلها تبتلع ريقها بتوتر، هل ستستلم حكم الأعدام! جاء الرد
- ارجعي يا انسه استقالتك مرفوضة
كيف مرفوضة! كيف يريدها أن تظل بجواره رغم انه لا يتحمل النظر لوجهها لعدة دقائق
في محاولة للتراجع أعادها مرة اخري للحائط وأشرف عليها بهيبته وقوته قالت بحدة خفيفة تحولت إلى أخرى مرتجفة.

- انا مش بشتغل عندك يعني والد حضرتك اللي هو يقول طلب استقالتي اتوافق عليها ولا اترفضت
تبًا تبًا لما تتوتر وترتعش من قربه، قربه يدمرها يبعثرها، يلاعب انوثتها بطريقة تثير اعصابها، أيتعمد فعلها!
أفيقي يا غبية الرجل يكرهك، تثيرين به الاشمئزاز، ولكن تلك فرصته ليتخلص منها لما يريدها ان تظل وتبقي معه!..
همس بخشونة وهو يراقب تصاعد أنفاسها صعودًا وهبوطًا
- انا لحد دلوقتي هادي معاكي.

ردت بقوة زائفة لا تعلم كيف إمتلكتها
- مبخافش
رفع حاجبه بمكر جعله يقترب أكثر، والمسافة الفاصلة القصيرة انعدمت، جسده يلامس جسدها، انفاسه الساخنة أهلكتها، حرارة عنيفة جرت في جسدها، أغمضت جفنيها وهي مستعدة للخطوة القادمة التي طرأت في عقلها،
تقلصت معدتها وهي تشعر بشعيرات ذقنه النامية تخدش وجنتيها، تمتمت بصوت خفيض
- انت بتعمل ايه فيه كاميرات هنا.

وكأنه لا يعلم انه يوجد كاميرات مراقبة وخصوصًا هنا، اتسعت ابتسامته الخبيثه وهو يراقب ثغرها الشهي عن كُثب، فتنة ولعنة تدعوك لتقبيلها وتذوق شهدها
ضحك مجلجلاً وهو يبتعد عن جسدها الهلامي وقال
- متقلقيش مش هيحصل اللي في دماغك
شهقة خافتة صحبها جحوظ عيناها، اللعنة ألتلك الدرجة مفضوحة، كانت راضية ولم تعترض انه سيقبلها تلك القبلة اليتيمة وهي تغادر الشركة بل حياته للأبد،.

برقت عيناه الرمادية وهو يلاحظ تصاعد حمرة طفيفة نحو وجنتيها وجسدها الخائن الذي يتنفس بصعوبة وساقيها التي تجاهد في الاتزان، هل لتلك الدرجة هي ممثلة بارعة؟!
يتعمد القرب منها ليعلم جسدها يستجيب للمسات لأي رجل يلقي عليها حفنة من الأموال أم أنه كان مخطئا في حقها، كيف تمثل بتلك العذرية والحياء والخجل؟!
ومع كثرة الاسئلة نفضهم سريعاً وصاح آمرًا
- علي مكتبك
رمشت بأهدابها عدة مرات وهي لا تصدق ما حدث منذ قليل!

راقبته يغادر بهدوء نحو غرفة مكتبه بعد أن أخذ يصدر الأوامر دون أن يترك لها فرصة للحديث، أغمضت جفنيها للحظات وهي تتوجه نحو غرفته بهوجاء
فتحت الباب بغضب وهي تصيح بهدر
- ازاي بتقول استقالتي مرفوضة، انا لا يمكن اقعد دقيقة واحدة في الإرشيف.

كان شاردًا وعيناه تحدقان في نقطة في الفراغ، أصبح متأكدًا ليس بشاك أو ظانًا أنها خبيرة مع التعامل مع الرجال، لاحت ابتسامه خبيثة وهو يتذكر ما يريد فعله معها، كان علي وشك أن يخرج بفضيحة في محاولته لتقبيل موظفة، افاق من شروده علي صراخها الهائج لكنه لم يمنع نفسه من تأملها بهدوء بداية من خصلات شعرها المحكمة في عقدة ثم قميصها العنابي الي بنطلونها العملي أسفله، تراخت أعصابه المشدودة وهو يحمد ربه انها لم ترتدي أي من تلك التنورات التي تفقده عقله، صاح بهدوء.

- آنسة هند
ابتلعت ريقها بتوتر من هدوئه معها، يا إلهي ماذا فعلت، كانت يجب ان تهرب منه لا ان تأتي الى كهفه، ضغطت بقوة علي كف يدها وصاحت بحدة وهي تطرق بقوة على الارضية
- اسمعني بقي يا استاذ راشد، انت اتخطيت كل الحدود المسموح ليك بيها وكون اني ساكتة مش معناها انك تسوق فيها
رفع حاجبه بتسلية وهو يراقب وجنتيها المشتعلتان من الغضب، همس بتعجب
- اسوق فيها!
- وقع على طلب استقالتي حالاً.

- انا عمري ما حد بيجبرني اعمل ايه ولا معملش ايه
هزت راسها يائسة وهي ترد بتهكم قبل أن تغادر الشركة بأكملها، إن رفض استقالتها فحتمًا ستحصل على ورقة استقالتها منه.
- براحتك.

لماذا طريقنا طويل مليء بالأشواك، لماذا بين يدي ويديك سرب من الأسلاك، لماذا حين اكون انا هنا تكون انتِ هناك.
أغمض جفنيه يائسا والضيق أصبح يتوالى ببطء يخنقه، يجثم قلبه، يشعر بخواء من عدم وجودها بجانبه، تمتم ساخرًا وحينما ابعدها عنه ألم يشتاق؟!

اشتاق لكن كان عليه أن ينهي خوفه ويقتل مرضه ويعود اليها بأفضل صوره كي لا يحدث أي مشادات أخرى، شعر برائحة عطرها وهي تدلف للمصعد، سمع شهقة خافتة تبعها تردد، كل ذلك شعر به يستطيع الشعور باهتزاز و ارتجاف جسدها دون ان ينظر اليها، فتح جفنيه وهمس بهدوء حينما دلفت للمصعد وهي تضغط على احد الازرار
- صباح الخير
- صباح الخير.

راقبت مؤشر المصعد الذي يهبط ببطء، قلبت عينيها بملل وهي تتذكر الأجتماع الذي حدث منذ دقائق، وجود فؤاد وزين على نفس الطاولة كانت بمثابة وضع النار بجوار البنزين، كانت تجلس بجواره تشعر بجسده الذي يوشك علي الفتك بالمسكين فؤاد، يضغط بعصبية علي القلم ثم تستمع الي مدخنة حارقة تنفث من شفتيه وما زاد الطين بله حينما صاح بأحد الموظفين والسبب انها كانت تتحدث مع فؤاد ببعض العبارات في خفوت بعد انتهاء الاجتماع.

كل ذلك تشعر انه يتحكم بها، ما زال مهتمًا بها، إن كانت في زمن ووضع مختلف كانت ستحرص على عدم إغضابه أو اثارة غيرته!، لكن الآن هي حرة بل ستحصل علي ورقة حريتها بعد فترة قصيرة
راقبها ببطء وهو يرى تبلد جسدها ووقفتها الثابتة دون ان تتأثر بأي شيء من قربه تطرق على أرضية المصعد بكعب حذائها المدبب و تدندن بلحن خافت، همس بخفوت وهو يشعر بأنه يضغط بقبضة يده علي قلبه
- قررت أن أنفذ طلبك.

توقفت عن طرق كعب حذائها لتستدير نحوه مدققة النظر إليه، اومأ برأسه وتابع
- سأبعث ورقة حريتك كما تريدي
صمتت للحظات ثم تابعت ببرود وجمود
- جيد، جيد جدًا، ابعثها في اقرب وقت
حينما وصل المصعد للطابق المنشود غادرت بهدوء، راقبها ببطء وهو يردف بغموض
- سيحدث ليان سيحدث.

- مرحبا جو
صاحت بها علياء وهي تلقي بجسدها بين ذراعيه، انتفض يوسف لوهلة وهو يعلم ان ما تفعله يصدر بشكل عفوي منها في كل مرة، ابتعد بهدوء وهو يشير الى المقعد
- اهلا آليا اجلسي
- كيف يسير يومك
قلب عينيه بملل ورد بجمود
- ممل إلى حد ما
شهقت علياء بقوه وهي ترد باستنكار
- يا رجل تمزح انت في إيطاليا ويوجد لديك أشياء كثيرة لفعلها وتخبرني ان يومك ممل
- جئت هنا لكي اجدد نشاطي وليس للتسكع.

ردت بضيق وهي تتناول العصير
- انت حقًا ممل للغاية
صمتت للحظات وهي تقيمه ببطء، اصبحت فضولية عما يحدث له وعن حياته وعن حبه العميق للفتاة المجهولة وكل شيء
- حسنا اخبرني عن حبيبتك السابقة
- اي واحدة تقصدين يوجد لدي ثلاثة
انفلتت عدة ضحكات صاخبة وهي تقول بعدم تصديق
- حقا اتمزح معي يا رجل
- كلا لا امزح لقد ارتبطت بثلاثة وكل واحدة تتميز عن الاخرى بأشياء
تجهمت ملامحها للجدية وطار اي عبث من ملامحها قائلة بهدوء.

- اخبرني اذا من هي الاقرب لقلبك
- ظننت انها الاولى ثم اكتشفت بعدها انها الثانية
ضيقت عينها بتفحص
- والثالثة؟!
- ظلمت الثالثة معي واتمني حقًا ان تجد شخص يستحقها
ثم تساءل فجأه وهو يخرج من شروده
- وماذا عنكِ؟
- انا قررت عدم الخوض في علاقة جديدة يكفي ما حدث لي
ردت بثبات ثم تساءلت بفضول
- لكن بماذا تقصد بكون الأولى ظننتها انها مميزة
ابتسم بحنين للأيام الماضية وقال.

- لقد تربت وترعرعت بجانبي، شهدت جميع مراحلها منذ مهدها حتى اصبحت انثى خلابة، كل الحب الذي اكنه لها مجرد مشاعر زالت مع الوقت
ارتشفت العصير ببطء وهي كل مرة تنذهل منه، هزت رأسها يائسة وقالت
- اذا لم لم تذهب للثانية؟!
- رحلت او بمعني اصح ماتت
تخشب جسدها لثواني وشل لسانها عن التحدث، غمغمت بأسف بالغ
- اووه انا حقًا اسفه
هز رأسه بهدوء قائلاً
- لا مشكلة، لكن اخبريني عنك هل وقعتي في الحب من قبل؟!

ابتسمت بتهكم وردت بحزن
- نعم، مرة واحدة فقط
علمات الذهول اعترت ملامحه ونبرة صوته ما زالت مستنكرة
- غريب توقعت انكِ
قاطعته ببرود انجليزي وهي تخبره ببساطة ما دار في خلده
- مثل أي انجليزية على علاقات كثيرة مع الشباب رغم كوني عارضة، في الحقيقة كل ذلك يعود ل فضل والدي
- تحبين والدك؟
ابتسمت بحب وقالت
- رغم تحكماته بي وأخي وابن عمي لكني احبهم جميعًا
هز رأسه بإيماءة وقال بتساؤل
- ما سبب قطع العلاقة؟

- ارادني ان اترك عملي
- ثم
- أصبح ربة منزل
- ثم
أغمضت جفنيها وهمست بصوت متحشرج
- رفضت وازداد وضعنا سوءًا حينما اخبرني انه سيعود لموطنه، بعدها بعدة أشهر علمت أنه عقد قرانه مع إحدى فتيات موطنه
تأسف لحالها وهو يراها تمسح الدموع قبل ان يتبعها انفجار، غمغم بهدوء
- الم تتألمي؟!
هزت كتفيها بلا مبالاة واجابت
- عدة أيام فقط لانه خدعني
- كيف خدعك؟
- اخبرني انه سيعود للموطن كي يعمل ليس كي يرتبط ويستقر.

احتضن كفها بين كفيه وقال بإنفعال زائف
- احمق
ابتسمت وسط حزنها وقالت وهي تسحب كفها بين كفيه
- وانا اكبر حمقاء في التاريخ، حسنا سيد عاشق سأضطر للذهاب الان تأخر الوقت، عمت مساءًا
رآها تخرج المال من جيب بنطالها ليمسك كفها بحدة قائلاً
- ماذا تفعلي هل جننتي؟
عقدت حواجبها بعدم فهم من عدوانيته لتقول
- ادفع المشروب الذي شربته ما بك
صاح بغضب
- اياك ثم اياك تكرري تلك الحركة الحمقاء وانا معك افهمتي.

هزت رأسها يائسة وردت بلا مبالاة
- حسنا.

- مبارك الزفاف
هتفت بها ليان وهي تقدم هدية للسيد والسيدة خان بمناسبة زفاف ابنتهم، شكرتها السيدة خان قائلة بترحاب
- شكرا لك سيدة ليان علي حضورك، تفضلي رجاءًا
همت بالتحرك لتتوقف وهي تستمع الي صوت شخص تعلمه، تعمله جيدًا
- مرحبا سيد خان
دارت علي عقبيها وهي تراه يحيىّ السيد والسيدة خان وفي يده حامل الهدايا، دققت بنظرها إلى ما يرتديه بصدمة
أيرتدي زي هندي؟!، كتمت شهقة منفلته بكفها وقالت
- فؤاد!

التفت نحوها متقدمًا إليها لتقول وهي تستوعب هيئته في تلك الثياب
- ايه اللي انت لابسه ده؟
عدل من وضع القبعة الغريبة وقال بزهو
- مش فرح هندي، يبقي لازم البس زيهم
- انت بجد،.

انفجرت ضاحكة بقوة وهي تحاول التقاط انفاسها ببطء، اما عنه فكان يتابعها متأملا معالم وجهها الخلابة ببطء، لم يكن متوقعًا أنها تمتلك ضحكة صاخبة جعلت جدران قلبه تخفق بقوة، هدأت قليلا تحت انظاره الهادئة ليقول بابتسامة هادئة و عيناه تخترقان إلى قهوتها
- ضحكتك المرة ديه اول مرة تطلع من قلبك
توردت وجنتيها بحمرة طفيفة لتقول بتلعثم وهي تهرب من نظراته التي أربكتها
- طيب انا هستأذن
قاطعها قائلاً
- لسه الحفلة.

هزت رأسها نافية وقالت وهي تتجه نحو المخرج
- لا علشان متأخرش عن اذنك
بسبب كعب حذائها العالي وتوتر جسدها من نظراته الثاقبة التي تراه يفعلها للمرة الأولى، جعلتها تتوتر بقوة ولسانها يصيبها الشلل من الرد على كلماته التي لم تخرج عن حدود الغزل العفيف، التوى كاحلها من فرارها الغريب لتجده يضع كلا يديه علي خصرها وهو يثبتها قائلا بجزع ولهفة قبل ان تقع علي الأرض
- حاسبي
ابتعدت عنه بسرعة وهي تهتف في خفوت وهذي.

- شكرا، شكرا
- ليان، ليان استني
غادرت وكأن هناك شبحًا يلاحقها، توقف عن الركض خلفها وهو لا يعلم أي خطأ اجرم في حقها، استدار عائدًا للحفل وهو عازمًا على مهاتفتها في الصباح التالي.

اغلقت باب شقتها بهدوء والظلام يعم ارجاء الشقة بأكملها، لم تهتم إطلاقا سارت بضع خطوات حتى ارتمت على الاريكة بوهن، كعب الحذاء قد اهلك قدميها من الركض، خلعته وهي تتأوه في خفوت، تتذكر سيرها الشارد لمدة ساعتان قبل ان تعود للمنزل، خلعت حجابها والقته بجوارها لتحرر خصلات شعرها الفحمية ببطء قامت من على الأريكة بتهاون وهي تتوجه نحو الغرفة فتحت باب الغرفة بهدوء وحينما مدت بأصابعها لتشعل زر الاضاءة،.

يد غليظة منعتها من فعلها، تصاعد معدل الأدرينالين إلى جسدها وهي تحاول الابتعاد عن الملثم الذي ألصقها إلى الحائط بقوة، حينما جمعت شتاتها لتطلق صرخة نجدة، الصق الملثم شفتيه نحو شفتيها بغضب،
أغمضت جفنيها لوهلة وهي تعلم من هو، من يعاقبها بقُبلة مشتاقة، لهوفة، مد يده ليمسك كلا ذراعيها ويثبته خلف ظهرها، تأوهت في خفوت من قبلته الوحشية الضارية الشغوفة العميقة وهي تشعر بجسدها ملتصق بجسده بقوة.

ازداد معدل غيرته الى مستوى لا حدود لها وهو يراها كل يوم مع ذلك الحقير المدعو فؤاد او الذي يزعم أنه زوجها المقبل، ابدا والله لن يحدث ابدًا وفي داخله نفس يتردد وهي ما زالت زوجته شرعًا وقانونًا وجسدًا وقلبًا رغمًا عن كلامها الأرعن، اشتعل قلبه بنار حارقة من الغيرة والغضب، كمن كان يغلي كالمرجل وما زاد الطين بلة ذلك الفستان الغبي المحتشم اللعين الذي سيمزقه وضحكتها الفاتنة التي جعلته يتيه ويتخبط لكن تضحك امام ذلك الحقير وتكون بين احضانه كلا ابدًا لن يصمت بعد الآن، وكلامه الأحمق معها منذ عدة أيام لن ينفذه ابدًا.

استشعر بدقات قلبها الهادرة وارتعاش جسدها منه، ابتعد ببطء وهو ينظر الي التي أصابها التيبس، ألصق شفتيه علي كل ارب من جسدها وهو يمزق ثوبها بعنف، سمع شهقتها المذعورة ليعود الي شفتيها وهو يصمتهم بطريقته الخاصة، الخاصة جدًا، هو غاضب ولكن مشتاق اليها بقوة، تساقط ثوبها على الأرض ليحتضن جسدها بين ذراعيه متوجهًا نحو الفراش،.

أغمضت جفنيها بألم وهي تراه يعتليها من فوقها ثم يعود يستبيح بملامسة جسدها يلح عليها لكي تبادله أي قبلة من قبلاته التي تعمل كقذائف لا تُرحم، دمعة حارة سقطت الي وجنتيها وهي تعلم وإن حاربت بشراسة او قاومت سيخف تدريجيًا وستستسلم في النهاية، ليس استسلام عن رضًا، بل استسلام مخزي، لم تسمعه يتحدث او ينطق كلمة واحدة وهو يُقبلها، كأنه تحت أثر الصدمة او الغياب عن الوعي؟!

بقدر ما أحبطه انها ساكنة جامدة لا تبادل جنونه بشوق كما في المرات السابق، لكن دفء وارتجاف جسدها الغض بين ذراعيه جعله يغوص ويتشبع أكثر حتى الارتواء، تحسس انحنائتها المهلكة بأنامله وقد اشتعلت جذوة التوق نحوها، نسي غضبه منها ونسي ماضيه الأسود وأصبح غير عابئًا بما يحدث غدًا، يكفي انها بين ذراعيه الآن هذا كافي له.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة