قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

محفورة أنت على وجه يدي
كأٍسطر كوفية
على جدار مسجد
محفورة في خشب الكرسي، ياحبيبتي
وفي ذراع المقعد
وكلما حاولت أن تبتعدي
دقيقة واحدة
أراك في جوف يدي
- نزار قباني
الالم الذي يسكن في الفؤاد لا يكن أشد مرارة من الم الروح.

الم الروح هي التي تنتزعها من جسدك لتهديها لمن احببت، الروح الحاملة بأسمي وأبلغ معاني الحب ليستقبله الآخر بين يديه وبدل المحافظة عليه وينعشه بعطر كلمات رومانسية، ينبش به بأظافره ويعبئ به سواده، ماذا تظن اذاً أن تُصبح تلك الروح الناعمة بعد ان وصمت بها الامك الماضية؟!

ببساطة شديدة عندما ارتفع بها إلى أعلى مقامات العشق، طرب قلبه وروحه المدمرة نسيم ربيعي ناعم نشر العطر واستبد روحه القاحلة بنسمات عبيرية منها، يستمد فؤاده وروحه المتألمة شيء ما يسكن بها الالامه لكنه لم يكن على علم انه سحب القوة المختزنة المتبقية لتستطيع على الاقل التنفس،
- غبي، غبي.

غمغم بها بسخط وهو يركل بقدمه علي اطار سيارته بغضب، أفسد كل شيء، دمر الورقة الرابحة لقربه منها، يرغب في تمزيق اي شيء أمامه، تحطيم اي شيء بجواره ولم يجد سوى تلك السيارة ليفرغ شحنته العاصفة،.

بقدر تهوره وجنونه اللذان لا يستيقظان سوي في حضرتها بقدر جوعه ولهفته نحوها وهو يراها قريبة وبعيدة في آن واحد، حاول والله حاول ان لا يقترب لكن ما ان شعر بأستسلامها تلك المرة عكس مرات السابقة بل مشاركتها اغلق نداء عقله و استسلم لنداء قلبه.

رفع عيناه يحدق السماء الملبدة بالغيوم عكس سماء مصر، عاد للقرية بدونها، بقدر حرارة الشمس والجو الذي لم يعتاد عليه الا أنه كان دافئا لروحه، كان كافي جدًا لوجودها في حياته والآن!

تنفس الصعداء وهو يمرر أنامله على خصلات شعره الكستنائية بجزع، لقد سقط في أشد وأحلك بقعة سوادوية، سقط وما من منقذ سواها هي، لم يقدر على أن يجبرها ان تكون بجانبه أرادت مهلة للتفكير حتى ايام زواج خالد بشقيقتها وما عليه سوى أن يوافق طلبها على مضض، وما زاد شعوره بالخزي اتصال جدته ليلبي النداء سريعًا وها هو هنا عاد لنقطة الصفر، غمغم بسخرية وصلت لنقطة الصفر زين.

دلف إلى منزل جدته حتي وصل الي غرفتها وما ان رأته حتى اشرق وجهها الكهيل لتهمس بلوع
- حفيدي
اقترب جالسًا بجوارها على الفراش عيناه تنظر نحو جدته بألم غير قادرًا على البوح به، امسك كفها ولثم باطنها وهو يهمس بصوت خشن
- لقد قصرت في حقك كثيرًا بل قصرت في حق من يحبوني.

رق قلب الجدة لحال حفيدها، رباااه من كان يتوقع حفيدها يصبح متألمًا لتلك الدرجة، لقد حطمت زوجته قناعاته الجليدية ليعود حفيدها كما كان سلفًا، عاد وعيناه تعبران عما يجيش في فؤاده دون ان ينبس بكلمة، احتضنت وجنتيه بكفيها وهمست بعتاب
- لما تركتها؟ لما لم تسير تلك الدماء الشرقية لتجلب زوجتك الي هنا؟ لماذا تعاند نفسك وكبريائك رغم علمك انها لن تستطيع التنفس بدونك.

تقهقر و اشاح بعينيه بعيدًا عنها، لا يريد ان يكون بتلك الصورة البائسة والمثيرة الشفقة امام احد وان كانت جدته، لا يرغب في تلك الصورة ابدًا، ابتلع مرارة في حلقه وهمس
- كيف كانت؟

عادت تشبع عيناها بوجوده، لم تراه منذ اربعة اعوام، ذلك الحفيد الجافيء القلب منعها من زيارته لها لتكتفي بجلب زوجته الي هنا في كل شهر، تحتضنها علّ يوجد رائحة حفيدها في جسدها وما كان يصدمها انها تجد رائحته في جسدها لكنها آثرت الصمت و أطبقت شفتيها حتى لا تضع الملح علي الجرح الغائر، سبحت في عقلها لتلك السنوات التي مرت ببطء لتهتز جفنيها وهر ترد بألم.

- صامدة جامدة في الخارج أما في الداخل كانت منهارة كالورقة الخريفية التي سقطت وتهبها الرياح أينما شاءت
اهتز جفنيه للحظة وهو ينظر الي ملامح جدته المتألمة، ليعود النظر إلى ما جناه منذ أربعة أعوام وهو يهمس بمرارة.

- لا أتصور ما فعلته؟ كنت أجمع شتات نفسي وامقع ماضيّ الأسود الذي سبب بقعة سوداء في حياتي وهي تعلم ذلك جيدًا اخبرتها انني لم استطيع تجاوز ماضي الاسود، اللعنة لما اصريت والحيت علي السيد ابراهيم للزواج منها؟، لما عاندت نفسي وبداخلي يعلم انني سأسحق تلك الزهرة
ضيقت زرقاوة جدته وتغضنت ملامحها وهي تهتف بقلق
- ما بك حبيبي؟

استقام من الفراش ثم سار بضع خطوات إلى الشرفة، عمله الآن يضعه علي كاهل عمه الذي لم يشتكي للحظة وهو يعلم انه يجمع شتاته، وهو ما زال يحوم في دائرة مغلقة! أغمض جفنيه لتلك النسمة الباردة وهو يرد بوجوم مانعًا نفسه من أن ينكشف باقي الالامه لجدته
- حياتها وروحها معي انا، انا امتلك مقاليدها اما هي تمتلك ذلك الأحمق الذي يخفق بمجرد ان يستمع همسًا لأسمه.

ابتسمت الجدة وهي تريح رأسها على الوسادة، الاحمقان كلاهما يعاقب الآخر بالبعد والفراق، غمزت بعبث
- لم اتوقع ان تعترف لي بكل تلك الجرأة، ما بكم يا رجال الحديدي مجرد نساء شرقيات سرقن لب عقولكم!
ما زال علي وقفته موليًا بظهره نحوها، حدق في السماء بوجوم ل يهمس بشرود
- استطاعت ان تلمس شغاف قلبي جدتي
استكانت ملامح الجدة للراحة متمنية ان تلك الغيمة الرمادية تغادر في أقرب وقت، وما ان تذكرت حمل ليان حتى همست.

- لا تتصور كم انا متشوقة لرؤية طفل منك علي يدي واخيرًا سأحقق حلمي منذ أعوام
أغمض جفنيه مطبقًا شفتيه حتي لا يصدر صوت منه، زوجته المتحجرة ستمنع عنه رؤية ومتابعة حملها كأي زوج وزوجة طبيعين، ليعيد يزجر نفسه ساخرًا ومنذ متى وهما زوجان طبيعيان؟! لياليه الناعمة والدافئة تكاد تعد بالأصابع وسنوات زواجهم لم يقترب منها سوى أشهر قليلة، صحح قائلاً.

- طفلة جدتي وليس طفل، ستحمل تحمل صفات والدتها، (ثم تمتم سرًا ) المهلكة لقلبي
دار على عقبيه وهو ينظر الي زرقاوة جدته اللامعة لتقول
- اجلب زوجتك حبيبي، لن تستطيع ان تنام قرير العين بدونها
لم يعد يملك طاقة لإنكار ما تقوله جدته، هو لن يستطيع ان ينام بدونها لقد استطاع ايام قربهم ان لا تنام إلا أن يكون بجوارها ونجح في ذلك نجاحًا باهرًا وتناسى أنه الاخر يتعذب بدونها، هز رأسه ايجابًا.

- سأفعل جدتي لكن تلك المرة لن اسمح لها بالتحدث عن أي شيء سأخرس هواجسها اللعينة
غيرت دفة الحديث هاتفه
- ما اخبار القبطان؟
اتسعت ابتسامته الكئيبة وهو يجيب
- ابشري قرر أنه سيعقد قرانه عليها ثم سيختطفها إلى سفينته للابد
واخيرًا قد تحققت نبؤتها عن المشاغبين، لتنظر إليه نظرة ذات مغزى
- آليا عزيزتي اشعر بها لا تبدو بخير حينما اتت لي منذ عدة أيام، الفتاة تبدو وكأنها في حالة عشق.

ابتسم بشرود وهو ينظر الى جدته بشقاوة
- جدتي امارستي عليها امتحاناتك؟
عبست الجدة وكشرت عن انيابها للحظات لتجده انفجر ضاحكًا لبرهة من الوقت، استطاعت ولو لدقيقة ان تغير مزاجه لتهتف بجدية
- انها كتومة انت تعلم ذلك رغم ادعائها بالمرح وتلك الشخصية الاجتماعية، أريدك ان تطمئن عليها وعن من اختارته
هز رأسه بإذعان قائلاً
- حسنًا جدتي لا تقلقي
عاد يلثم كفها وعيناه تقدحان بألم لتربت علي وجنتيه بحنو.

- لا تنسى قبل ان يخطف القبطان سمراؤه يجب أن يأتيا لي علي فور السرعة بعد عقد قرانهم يجب ان اراهما معًا
لاح شبح ابتسامة على شفتيه ليومأ رأسه مجيبًا
- سيحدث جدتي، أريحي انت وانا سأتفقد المزرعة
امسكت ذراعه حينما هم بالقيام لتشير بأصبع السبابة في وجه محذرة
- لا تهمل زوجتك، اياك سأكون بالمرصاد تلك المرة، المرة السابقة لم تكن امامي لكن الأن..!
قاطعها بنبرة جامدة.

- جدتي حبًا في الله لا تقلقي المرة تلك ليست كالمرات السابقة
عادت ملامح جدته للعبوس وهمست بصوت متحشرج
- كم اتمنى ان اراك تحيا حياة طبيعية زياد، كم اتمنى ذلك
- سيحدث ان شاء الله لن اتركها جدتي، سأتركها لايام تستطيع ان تفكر دون ضغط مني
ثم عاد يلثم كفها ثم جبهتها ليسرع خارجًا من الغرفة وهو يهتف بوعيد وعادت عيناه تلمعان بوهج خاطف للانظار.

- ثلاثة أشهر لياني، لك ما تريدين لكن ما ان تعودي لي اقسم لك انني لن أفلتك ابدًا.

كان يضع جل تركيزه على الطبق الذي يبتكره امامه، لقد اعلن لزبائنه انه سيضع اصنافًا جديدة لقائمه طعامه، ظل ينظر للتوابل بعبوس شديد ولا يعلم لما يوجد شيء ناقص!
لقد اوشك طبقه علي الانتهاء لكن تلك اللمسة الاخيرة تنقصه، عاد ينظر إلى التوابل بشرود شديد وهو يزيح اللافندر والروائح البرية جانبًا،
انتفض من شروده علي فتح باب غرفته وهو يعلم الطارق وهل يوجد غيره؟، نظر اليه بعبوس شديد
- جيد انك تعلم مكان عملي.

ثم ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يغمز بمكر
- مبارك لك يا عزيزي
احتضنه خالد بأمتنان شديد وشاكسه قائلاً
-العقبى لك
ضحك بكر بابتسامة باهته وهو ينظر الي طبقه بعبوس
- طبعا لي فانا قررت ان اختار زوجة شرقية انا الاخر
ثم استطرد قائلاً
- متى الزفاف؟
حك خالد مؤخرة رأسه واجاب بعبوس.

- تعلم انه ينتظرني جدولا حافلا بسبب تأخري عن العمل، هذا غير انه نفذ رصيدي من الاجازات السامحة لي رغم وقت الذروة لذا سأستخدم نفوذي لطلب إجازة لمدة شهر رغم علمي انني لن اكتفي بل سأجعلها تصطحبني في رحلاتي
ثم طالت عيناه على الطبق ليسيل لعابه وهو ينظر الى الطبق ليقطع انظاره جسد بكر الحائل بينهما وهو يكتف ذراعيه قائلاً بعبوس
- ماذا؟
مد بصره قليلاً الى الجانب الايسر وهو ينظر الى الطبق بتلذذ ليغمغم
- رائع.

ثم تساءل
-ما هذا؟ لم ارى ذلك الطبق من قبل؟
التفت بكر برأسه للخلف وأجاب بلا مبالاة
-اووه انه طبق جديد سيضاف الي لائحة الطعام
تحفزت عضلات خالد وهم بأن يمد يده للطبق ليقول
- جيد، دعني اتذوقه
غمغم بكر بعبوس
- لم انهيه بعد يوجد شيء ناقص
نظر الي الطبق بيأس ليضحك بكر وهو يغمز بعينه بنظرة ذات مغزى
- اهدأ يا ثور واهتم بالزبائن بالخارج
غمز خالد بمكر
- امتنعت عزيزي، سأهاتفك لاحقًا.

تطلع بكر بانبهار إلى ما تطرأ على صديقه من تغيير ليهتف بعبث
- سحر العربية قوي يا عزيزي
وضع خالد علي قلبه بدراما وهمس متأوهًا وهو يعود بخطواته للخلف حتى وضع يده على مقبض الباب
- قوي جدًا وناعم جدًا وحار جدًا جدًا.

ثم التفت مغادرًا الغرفة لينظر بكر الي التوابل بشرود، سرعان ما التفت الي التوابل العربية التي لم يضعها من قبل على أطباقه، طحن التوابل معًا بعد ان تلذذ بشمها ثم رش القليل على الطبق أمامه، وضع قطعه من الطعام على فمه وهو يتذوق مستمتعًا بتضارب النكهات القوية في فمه ليهتف بتلذذ
- كيف لم افكر من قبل بالتوابل العربية، انت رائع يا صديقي.

- ابدًا انتِ عايزة تعملي زي ليان، انتوا ليه مُصريين تكسروا فرحتي؟
صاحت بها سعاد بسخط هادر لتتحفز سارة من ألا تسمع شقيقتها التي في الشرفة الي صوت والدتها المرتفع، تمتمت سارة برجاء
- ماما من فضلك ممكن تسمعي
ثارت سعاد اكثر وهي تنظر إلى زوجها لتقول بغلظة
- ابراهيم شوفلك حل فى بناتك دوول، انا خلاص جبت اخري منهم.

صفعت الباب خلفها لتنتفض على سارة وهي تعود النظر إلى والدها بتوسل، شهقت بمرارة وهي تهمس بعذاب
- بابا انت اكيد فاهمني، مش عايزة اعمل فرح مش عايزة اعمل اي حاجه مش عايزة ائذيها وهي جرحها لسه ملتئمش والغبية ديه بعد كل اللي حصل برده سابته وجت هنا
شعرت بيده الحانية التي تربت على ظهرها، احتضنته بقوة وهي تبكي بلوع على حال شقيقتها لتسمع همس والدها وهو يهتف بنبرة معذبة
- سارة.

بالله كيف ستجلب الحرقة لقلب شقيقتها!، لن تقدر والله ابدًا، كيف تتزين وترتدي فستان زفاف امامها بكل بساطه، ليست جافئة لتلك الدرجة لكي لا تهتم بمشاعر شقيقتها، شعرت بيد والدها وهو يمسح دموعها لتهمس بحشرجة وتوسل شديد
- بابا من فضلك، كل اللي حصل ل ليان وقت جوازها انا عايزاه، انا راضيه بيه جدًا مش عايزاه فرح ومش عايزة فستان هنهار والله.

بلع الأب مرارة كالعلقم في جوفه وهو يحتضن ابنته بقوة ولا يصدق أنه بضعة أيام وسيسلمها لتلك العائلة مرة اخرى، همس بنبرة جاهد ان تصبح جامدة
- سارة
تطلعت الى عيناه لفترة من الوقت وهي تحتضن كفيه قائلة
- مش عايزة غير انك تكون راضي عني وعن اختياري
ثم عادت تنظر اليه بنظرات المت قلبه ليرد
- راضي يا سارة، راضي
تهللت أساريرها لثواني ثم عادت للاقتضاب لتقول
- وماما؟

قبل وجنتيها وهو يتفهم مشاعر ابنته جيدًا ليقول بنبرة هادئة
- متقلقيش هتكلم معاها
لاحظت التردد على قسمات وجهه، لتحتضن وجنتيه لتقول
- مش عايزاكم تقلقوا والله انا مش حاطه في دماغي الفرح وكل الحاجات ديه كل اللي هممني اللي انا مختاراه اللي هيبقي شريك حياتي
بلع ريقه بصعوبة وهو ليس بيده الان غير الموافقة، ابنته تعشق ذلك الاجنبي تعشقه بقوة عيناها تلمعان ما أن تتحدث باسمه فقط سألها بنبرة جامدة.

- متأكدة انه هو الوحيد اللي هيقدر يسعدك يا بنتي؟
رأي ذلك الوميض في عيناها وهي تبتسم بخجل امامه لترد بحياء
- متأكدة
ربت على فخذيها وهو يغمغم
- يبقى على بركة الله
صرخت بفرحة وهي تحتضنه بقوة غير عابئة بذلك الألم الناتج في رأسها لتهمس في اذنه
- بحبك يا بيبو.

همس بشرود وعقله شارد مع ابنته التي أتت ببرود الي بيتهم ولا يظهر عليها اي ملامح متألمة بل قالت بهدوء انها هنا لفترة مؤقتة ثم ستعود لزوجها لا يريد ان يتذكر كيف كانت رد فعل سعاد الان
- وانا بحبكم كلكم ومش عايز غير سعادتكم.

نائمة علي فراشها بمفردها، شقيقتها ذهبت مع والدتها لمتابعة اخبار حملها، تفحصت النجمة بشرود شديد وابتسامة حالمة تزين ثغرها، من توقع حلمها اصبح حقيقة بعد سنوات من اليأس والخيبة عاد بطلها من جديد يحارب الجميع من أجلها فقط، تحسست السلسال برقة متناهية وهي تضع الهاتف في اذنها تستمع إلى سخطه الشديد بعد قرارها بعدم وجود حفل زفاف، اتخبره انها تشتاق اليه لتثبيط وحوشه ام تدعه ثم تخبره انها تحب كل شيء به.

ما ان علمت انه يهتف باسمها مرارًا حتى افاقت من دوامتها سريعًا وهي تهتف بلهجة هادئة
- انت تعلم انني لن ارغب بزفاف اسطوري او اي شيء، سأتزوج كما فعل قريبك بشقيقتي، اعترض الكثيرون أبي في باديء الامر وامي التي ثارت في وجهي بأنها لن تحظى بزواج عادي، لكن لا استطيع فعلها خالد هذا سيؤلم ليان
شذب خالد خصلات شعره بجزع وهو يرمي بلفافة التبغ ويسحقها أسفل قدمه ليرد بوقاحة.

- وما ادراك انت ربما قام بعمل زفاف خاص بهما
استمع لشهقتها الخافتة ثم بدأ يتخيل غزو ذلك الاحمرار الذي يثير جنونه الي وجنتيها ليستمع إلى زمجرتها
- توقف عن وقاحتك خالد
ساد الصمت بينهما للحظات يتشرب اسمه من نجمته ببطء، ببطء يدغدغ ويشعل ناره ليزفر بحرارة وهو ينظر الي السماء يقتبس منها الصبر الذي اوشك على النفاذ
- افضل خالد عن تلك الكلمة المائعة.

استمعت انفاسه عبر الاثير الذي دغدغ روحها كليًا وهي تمسك بورقة بدت باهتة بعض الشيء تنظر الي ملامحه لتقول بميوعة
-لودي، ( ثم تابعت بغنج متعمد) إنها رائعة لودي، الا انطقها برقة ( شعرت بأنفاسه التي ازدادت ثقلاً لتعض على شفتيها بخجل وهي تغمغم ) لودي
صاح بخشونة وانامله تتمسك بقسوة علي هاتفه وهو قد ازداد ضعف معاقبتها للحد المسموح به
- سارة!

ارتفعت ضحكات ناعمة زادت من اضطراب قلبه ليغمض جفنيه وهو يتوسل من الله ان يعطيه الصبر الكافي لقد تعب يقسم انه تعب، سمع همسها الناعم
- أرأيت، ثم يا قبطان اخبرتك مرارًا لن انطق الكلمة هذه سوى أمامك فقط
غمغم بخشونة وهو يتساءل بلهفة
- ماذا حدث بعد جلستكم؟
صمتت للحظات وهي تتذكر اعتراض ليان ووالدتها علي ذلك الامر حتى الان لترد.

- تفهم والدي الأمر وسيقنع ماما، (ثم همست بخبث) رغم أن هناك شيء يلح عليّ ان نجعلها خطبة فقط
قاطعها محذرًا بنبرة حادة
- سارة، لولا انه تبعدنا اميال اقسم لك لكنت اقتحمت غرفتك ثم عدلتك عن قرارك الغبي
شعرت بتلك للفراشات التي دغدغت معدتها لتتساءل بهمس
- اتحبني؟ ألتلك الدرجة تحبني؟
همس بخفوت
- لدرجة اتمني الموت ان لم تكوني لي
قاطعته بلهفة
- بعد الشر، انا ساغلق الهاتف اذاً
صاح بلهفة شديدة.

- ارتدي فستانًا اخضر نجمتي، احب الاخضر جدًا
امتعضت ملامحها قليلاً! اخضر؟! ايمزح معها؟، اللون الاخضر لم تحبه يومًا، غمغمت بعبوس
- لا احبه سأختار الأحمر
لاحت عليه ذكري ذلك الفستان الاحمر من جديد، ليعض على شفتيه بقهر وهو يغمغم بخشونة
- احذرك من ذلك اللون لا ترتديه
زفرت بقلة حيلة وقد بدأت تحكمات الانجليزي لتهمس
- ما به؟

اغمض جفنيه وهو يتذكر خصرها الذي يتحرك بدلال ثم خصلاتها الغجرية التي سترديه قتيلاً ليهمس بصوت ابح رجولي قشعر منابت جسدها
- ألا تتذكرين يا غجرية انه كان،
قاطعته بلوم وهي تعلم ان الكلمة القادمة وقحة، وقحة للغاية
- خالد!
عض على نواجذه يخفض تلك النار التي اشعلت جسده ما أن تذكر ذلك الفستان الناري الجحيمي، همس بنبرة اجشة.

- سأغلق الان مساعدي يلح علي بالاقدام، يوما ما ستجعليني اخسر وظيفتي التي جاهدت بالحفاظ عليها بذاتي
ضحكت في خفوت وهي تخفي تورد وجنتيها لتهتف بمشاكسة
- لن افعل.

اغلقت الهاتف ووضعته بجوارها وهي تتطلع الي السقف بشرود شديد، امتقع وجها من الخجل حينما تذكرت ذلك الفستان الذي ارتدته وحينما سحبها بقوة اليه يرسل بنظرات متحدية امامها، ربااااه اما زال يتذكر؟! طارت الفراشات لتحوم حول مدارها لتسحب الوسادة تدسها في وجهها وهي تهمس بخجل
- اقترب اليوم يا قبطان.

بعد مرور ثلاثة أشهر...
في اليود المنشود،.

تجمع العائلتان جميعًا في ذلك الحفل الصغير المقيم في شقة إبراهيم، ساعد اتساع المنزل على استقبال أصدقاء سارة الكُثر، انها تحلم بالتأكيد تود ان يقرص احدًا ذراعها لتصدق انها اضحت زوجته، ظلت تنظر الى زوجها بهيام شديد ساحق، رجولي، جذاب، وسيم، طاغي، لأول مرة تراه بحلته السوداء الفاخرة يقتنص بعض النظرات نحوها ثم يغمز عيناه نحوها بمكر شديد، بقدر ما تشعر بالرهبة من تلك الحياة الجديدة إلا ان نظراته الدافئة جعلها تشيح الوسواس بعيدًا، عيناها تبحث عن شقيقتها التي اختفت بمجرد وصول عائلة الحديدي الي المنزل ثم اعتذار علياء الشديد بعدم حضورها بسبب استعدادتها لفتح متجر ضخم للسيدات،.

خصصت النظرات الي والدتها بابتسامة ناعمة والي والدها الذي التقط نظراتها بنظرة حانية لتتسع ابتسامتها الناعمة وهي تتذكر حضوره في الصباح مع عائلتها وشهاب وندى الي الشهر العقاري وكأن التاريخ عاد نفسه مرة أخرى ولكن هي البطلة وليست متفرجة،.

تخطبت وجنتيها بحمرة قانية تحت نظرات خالد التي لا تشيح ابدًا عنها، لينقذها الوضع اقتحام يامن الذي اعلن عن قدومه بصحبة هند ليحتضنها بقوة وهو يقبل وجنتيها بقوة جعلها تضحك وتقبل كلا وجنتيه هي الأخرى غافلة عن شخص يحترق واقفًا ليهمس يامن بعبوس
- تعرفي انا كان نفسى يكون عيد ميلادي اللي فات بيني وبينك وهند وبابا وجدو بس جدو بيقلبه حفلة شراكة.

نظرت الي هند بابتسامة ناعمة لتنظر الى صاحب العيون الرمادية قائلة بنبرة ذات مغزى
- يا سيدي الايام الجاية اكتر من اللي رايحة، وبما ان هند دخلت في المعادلة ف انا متأكدة ان كل حاجه هتتغير
حك يامن طرف ذقنه وهمس متشككًا
- تفتكري هتقدر؟
تدخلت هند بمرح وهي تعانق سارة بمحبة لتهتف بحنق ظاهري
- واضح كده ان يامن مش واثق في قدراتي يا سارة
برقت عيناه الرمادية وهو يصيح بدون خجل
- هو انتوا هتتجوزوا امتي؟

تلاقت انظار هند وسارة ببعض من المكر لتهبط هند الي مستوي يامن وصاحت بعد تفكير قليل
- السنة الجاية، اصل انا قررت ادرسه واحدة واحدة انا مش مستعجله على الجواز
انكمشت ملامح الصغير للعبوس ونظر الي هند وهتف ببساطة
- بس انا مستعجل، عايزك تيجي تقعدي في الفيلا معانا في أقرب فرصة وبابا لما يعرف ان حجتك اللي بتأجلي بيها الجواز بطلت ممكن اخر الاسبوع تبقي في بيتنا
صاحت هند وسارة في آن واحد
- ياااامن.

كبح ضحكة كادت ان تخرج لكنه لم يأمن بنظراتهم المشتعلة ليرفع يده باستسلام
- خلاص سكت
لاحظت عيناه تطلب منها ان تقترب لتنظر نحوهم هامسه
- طب عن اذنكم
قادها إلى الشرفة الخالية من بشر وما ان وطئت بقدميها الي الشرفة حتى اسرع ينظر اليها بنظرات لامعة هامسًا بنعومة
- ملكي انتِ كلك ملكي
وطئت راسها للأسفل خجلاً من نظراته المشتعلة لتهمس
- خالد توقف انني اخجل.

راقب خصلاتها القصيرة التي تصل إلى كتفيها بانشات بسيطة، نما شعرها بطريقة مذهلة خلال ثلاث اشهر بعد تلقيها للعلاج المكثف وكان هو على علم كل خطوة من العلاج من الطبيب المختص بها، يا إلهي فاتنة للغاية،.

بداية من فستانها الكريمي المحتشم للغاية الذي يلف قدها النحيل ببراعة وزينتها البسيطة وخصوصًا عيناها التي تكحلت بهما ليبرز عيناها الغامقة ليخفق قلبه بشدة، تمسك كفها ولاول مرة غير منزعج او يشعر بذلك الضيق الذي كاد يخنق روحه، طبع قبلة ناعمة على جبهتها وهمس بجوار اذنها بصوت ابح
- اتعلمين خصلاتك القصيرة المهلكة زادتك جمالاً ورقة وعذوبة و،.

أغمضت جفنيها وهي تستمع الى تلك الكلمات التي كانت تزجره بها سابقًا، لكن الآن ستسمع بأذن صاغية إلى ما يجيش بصدره نحوها، بقدر انها تعلم انها ستخجل منه لكنها مستعدة لذلك، صوت نحنحة جعلها تنتفض ذعرًا وعلى وشك الفرار لكنه التقط ذلك فورًا وهو يدس ذراعه على خصرها بقوة واخيرًا، أصبحت ملكه ليتنهد بحرارة
- نحن هنا.

همس بها زيدان بنحنحة خشنة جعل سارة تخبىء وجهها في ذراعه ل ينتفض جسده وهو يشعر بأناملها تنغرز علي ذراعه، نظر إلى والده بعبوس شديد
- سيد زيدان انني اعبر عن شوقي لزوجتي لذا ليس عليكم بسلطان بما افعله وان قبلتها امام الجميع
- خالد
سمع همستها بعد شهقتها الخافتة لتحاول الانفلات من قبضته بيأس، سمح لها بالتحرر تلك المرة فقط بعد أن جذب عدد لا بأس به من العيون الفضولية لينظر الي سارة وصاح بنبرة جادة.

- سنغادر الليلة
هز زيدان رأسه بيأس وهو يعود للانضمام الي ابراهيم وزين، لينظر خالد الي والده الذي انزوى بعيدًا عنهم ليهتف بنبرة ماكرة إلى سارة
- ثم بعدها نجمتي سنحتفل بزفافنا بطريقة خاصة، خاصة للغاية
دفنت وجهها في كفيها لثوانٍ قليلة تلتقط انفاسها ثم قررت الفرار لتهتف بمرواغة
- اين ليان؟

لم يهتم خالد كليًا بسؤالها ليقترب أكثر دافنًا راسه في عنقها يبعث قبلة ناعمة زلزلت كيانها كليًا ليضع رأسه قليلاً بجوار اذنها
- انني في منزلكما من البديهي ان تعرفيني على غرفتك نجمتي.

استمتع برائحة عطرها بعد ان استشعر بشفتيه بشرتها الناعمة، ليبقي سؤالاً في عقلها كيف سيصبح طعم شفتيها؟! دقق النظر الي شفتيها المطلية بلون احمر ليغمض عينيه وهو يكبح انفعالاته الا يسحبها الى الحائط وينهل من نبعها، دقق النظر الى عينيها الدائختين من أثر قبلته على عنقها ثم الي شفتيها رباااه، الصبر، الصبر، انه رجل في نهاية الأمر وهي زوجته،
استمع الى صوتها المرتعش وهي تهمس
- ابدًا خالد لن تدلف الى غرفتي.

ثم بالكاد استطاعت السيطرة علي جسدها الذي كاد أن يستسلم الي عيناه المتوسلتين مطالبًا بشيء بات من حقه الآن لتفر هاربة قبل ان تستسلم اكثر الي عيناه التي تبرقان بلون فيروزي
- سأذهب لأعلم أين ذهبت ليان وسأتي
ضم قبضتيه بقوة وهو ينظر الي شفتيها مدققًا إلى الحروف التي تخرج من شفتيها ليلعن عقله على تلك القبلة سب بصوت مرتفع وهو يصيح بلا مبالاة
- اخشى ان اخبرك زوجها قد اخذها اليوم لمنزلهما.

اتسعت عيناها هلعًا لتهز رأسها نافية وهي تخرج من الشرفة
- ماذا؟ لا يمكن لقد كان هناك حديثًا بيننا، انتظر سأهاتفها واتي لن اتأخر.

- استغادر؟
همس بها زيدان وهو يشفق علي ملامح زين المعذبة ليرد بسخرية وعيناه تبحثان عن ليانه
- لا بد لي، فما جئت لأجله غير موجودًا
ربت زيدان على كتفيه ورد بنبرة جامدة
- ما فعلته ليس بشيء هين وما قطعته يعتبر انجاز كبير، لقد خشت منك زياد ان تعود مرة أخرى، اعطها الوقت الكافي
وقت! ثلاثة أشهر بعيدة عنه ممتنعة عن الحديث معه ببرود ليجز علي اسنانه بعصبيه مفرطة.

- وقت ماذا عمي؟!، ثلاثة أشهر قضيت منهم اسبوع في منزل جدتي وعدت أنا هنا مرة اخرى اطالب وصالها واهاتفها ولا تجيب عليّ ولا اتابع حملها مع الطبيبة وتكتفي بصبحة والدتها وانا اراقب عن كثب حالتها، أخبر سيد ابراهيم انني لن اتركها ابدًا، لن اسمح لها بمغادرتي وإن ظنت انني قد استسلمت كلا فأنا لم استسلم بعد.

ثم اسرع مغادرًا قبل ان يفقد اعصابه امام عمه، لا يستحق أن يفقد تهوره أمام الشخص الخاطئ، تلك الباردة ستعاقب وبشدة لكن ليعلم أين كانت زوجته في ذلك الوقت مبتعدة عن مناسبة مهم كتلك!

أنتِ قريبة، لكن ليس بما يكفي، وأنا أريد للمسافة بيننا أن تختفي لكنك لا تسمحين للآخرين بذلك، أنا مستعد للقتال من أجلك و أن أخوض حروبًا طويلة مع رأسك , لا لأفوز بل لتقتنعي بي، أريد لعقلك أن يعطي الإشارة لقلبك أن يُفتح، أن أمر عبر تلك البوابة المغلقة منذ سنوات ثم يُقفل عليْ، أريد التقرب منكِ دون أن تشعري بذلك، دون أن يلتقط عقلك إشارات إقترابي المتعمد، وهذا صعب، صعب جدًا لإمرأة عقلها متيقظ ولا تمر التفاصيل عليها مرور الكرام، ماذا أفعل بكِ؟ أنا أمام اختبارات وصعاب وتفاصيل وابتعاد وصد قد اتعرض له منك، وأنا على كبر سني وخبرتي - خائفٌ، ليس مما قد أتعرض له منك، لكنني خائف من خسارتك.

مروة الإتربي
بروح مثقلة بالانكسار و عيون فقدت حرفيًا معنى شغف الحياة، فتح باب القصر ثم تحسس بأنامله المفتاح ليشعل الإنارة، صعد الدرج بخطوات بطيئة متكاسلة وهو يفتح باب الغرفة التي شهدت علي ليلتهم الحميمية وشذي عبيرها عالق في تلك الغرفة لم يهتم بالظلام الذي يبتلع الغرفة،.

ابتسم بسخرية ليخلع سترته ويلقيها بلا مبالاة على الفراش، جلس على الفراش ساندًا ذراعيه على فخذيه مخفضًا ب رأسه للاسفل، لقد قطعت ليانه آخر وسيلة للتواصل معه الليلة، بداية من هروبها صباحًا معللة بأشياء هامة لشقيقتها، عض شفتيه بقهر ولم يجد سوي مراقبتها من بعيد يرى نتاج عشقه امامه بطنها المتكورة ويديها التي دائما تتحس جنينها بحنان وهو...! مبتعد كليًا عن الصورة.

- لا اعلم سر حنقك في الثلاثة أشهر التي قضيتها بعيدًا عنك
صاحت بصوت ساخر ليرهف اذنه للسمع، ربااه لا يريد أن يصاب بالهلوسة السمعية في ذلك العمر
- ليان؟!
صاح بها بدهشة، لتشعل الانارة فجأة وهي تقترب منه ببرود واضعه يدها علي بطنها البارزة
- كنت ارغب بجعلهم أربعة أعوام في الحقيقة لكن الفارق انني تحت عينيك لذلك لاداعي لاضاعة الوقت.

هب من فراشه واقترب يقبض بقوة على ذراعها ابتسمت بسخرية وهي تتذكر الليلة التي قررت أن تفاجئه بمجيئها، بلعت ريقها بتوتر وهي تتذكر كيف انتهت أحداث تلك الليلة لتنظر الي عيناه التي تعانق عيناها بحب لتهمس بجفاء
- اردت ان اجعلك تشعر بما شعرت، كيف كان شعورك حينما كنا معًا، تستعيد ايام القرية وغرفتنا الحميمية معًا!
رفعت انامل قدميها وهي تهمس بجوار أذنه بجراءة
- كيف كانت تلك الليلة؟

حتى الآن الصدمة استحوذت عليه كليًا، عادت، ليانه امامه الان، تلمس وجنتيها باشتياق ليخلع حجابها سريعا وهو يمرغ انفه بين خصلات شعرها يسحب عبير عطرها بانتشاء ليقترب من اذنها وهو يعض اذنها بخفة ليرد بحرارة
- رائعة جدًا ودافئة جدًا جدًا وناعمة جدًا جدًا جدًا
أغمضت جفنيها تمنع ذلك الشعور الذي خدر روحها لثواني، لتهمس بجمود
- ثم بعد أن تركتك؟

طافت عيناه على ملامح وجهها باشتياق ليطبع قبلات دافئة علي جبهتها ثم عاد يتحسس أنامله بذرة عشقه ليرد بنفس الحرارة
- مؤلمة وحارقة للغاية ليان
أحببتك كأنك لن تغادر أبدًا، وغادرت كأنك لم تحبني يوماً.
خرجت آهه مؤلمة من شفتيها لتعض على شفتيها بقهر
- هذا ما كنت أشعر به زين في كل مرة تبعدني عنك، اتتذكر الليلة حينما أخبرتك أنه يبدأ ب،
قاطعها وهو يضع أنامله على شفتيها قائلاً.

- لم انسى اي كلمة تفوهتي بها في أشد لحظات ضعفك و انهيارك ولا في أشد لحظات...
أغمض جفنيه للحظات وهو يسحب نفسًا محمل بشذى رائحتها الناعمة ليتابع بصوت ابح وعيناه تنظر الي عيناها بلهفة
- حينما كنتي بين ذراعي
ضمها بقوة الي ذراعيه لتسحق شفتيها السفلي وهي تحاول أن تتحمل اشتياقه نحوها بهدوء، تعذره لبضع دقائق، بدون ان تشعر تنفست رائحة عطره لتهمس بدون وعي
- اتضع عطرًا؟!، كلا لم تضع عطرًا، رباه انها رائحتك أنت.

ادركت ما قالته وعلي حين غرة شعرت بشفتيه تعانق شفتيها لبضع لحظات وهي تنظر اليه باتساع حدقتها، لا تريد أن تنتهي تلك الليلة بالصمت عما يجيش في صدرها، لصق جبينه على جبينها بعد ان حرر شفتيها ليهمس بنبرة متألمة.

- تركتك وانا مرغم لياني، انت لا تعلمين كيف كنت اتأرجح بين كفتين نار الثأر ونار ان القن ذلك المسخ درسًا لن ينساه وفي حياته حينما لمس شيئًا يخصني، لن أنكر في بداية الامر بأنني ارغب في اقتله لانها كانت حربي انا والشيء الوحيد الذي يخمد نيراني و ولوعي لك هو تذكري للمنامة الزرقاء التي مزقتها بغبائي
اغرورقت عيناها بالدموع لتهمس بنبرة معذبة وهي تقبض على فتحتي قميصه بقوة.

- تركتني في المشفى زين كل ما فعلته انك قبلتني وتركتني دون أن تؤازرني في محنتي، ثم أي نار تلك التي اقحمت نفسك بها؟، اخبرني ماذا كنت ستستفيد إن قتلته؟ أكنت لتلك الدرجة يائسًا ان يقتص الله حقك منه سواء في الدنيا او الاخرة؟، أكنت لك مجرد دمية تشبع بها رغ...

عاد يعانق شفتيها ليصمتها عن حديثها الأحمق، لم يدرك متى بدأت قبلته تزداد لشيء بعيدًا عن مجرد قبلة لشيء أعمق بكثير، عن عناق روحين اتحدا معًا مرة اخرى، عن التماس يلجئه العاشق البائس لعاشقة أشد بئسًا منه، لم يدرك ان ذراعيه عانقت جسدها بقوة، لم يدرك ما يفعل؟ كل ما أراده تلك المرة راحة وسلوى يتلمسه منها، لم يدرك متى تلمست اناملها عنقه لتتشبث به بيأس، رباااه،.

ابتعد بيأس وهو يلهث امام وجهها القاني ليقبض علي ذراعها بقسوة يفيق تلك الحمقاء
- لا اسمح لك ان تخبري عن نفسك بالسوء ليان، ان كنتي سمحتي لنفسك، انا لا اسمح بذلك
أجهشت في البكاء وهي تنظر اليه بعتاب
- كيف تترك عائلتك خلفك زين؟، الجدة وعم زيدان وعليا وخالد ثم، انا كيف تتركنا بتلك البساطة للسعي خلف الثأر
احتضن وجهها بين راحتي يديه هامسًا.

-سنواتي التي قضت كنت أضع عاتقًا انني السبب لموتهم، انا السبب بسبب عدم موافقتي للذهاب معهم للطبيب ربما كنت قد مت انا ايضًا وارحت الذين تسببت بآلامهم
تحشرج صوته لتقاطعه وهي تضع أناملها على شفتيه تغمغم بألم
- بعد الشر يا حبيبي
لم يلتقط سوي كلمة حبيبي لتندلع تلك النيران والمفرقعات النارية ليهمس بدون تصديق
- ماذا قلتي؟ احقًا ما سمعته؟
ابتسمت بشحوب وهي تغمغم بحشرجة.

- لما تركتني في المشفى دون أن تكون بجواري، كنت طوال الاعوام الاربعة انتظرك ان تأتي ولو لليلة تضمني اليك، ليلة واحدة فقط حتى أقدر على مسامحتك، ليلة واحدة فقط وتترك عنادك و تستجيب لندائي
طبع قبلة على جبهتها وهو يهمس باعتذار
- لم استطيع اعتذر عن غبائي، لم اقدر ليان اقسم لك، لكنك لم تغيبي ابدًا عن عقلي ولا سباتي لم تغيبي ابدًا
فجرت اخر ثوراتها امامه لتعود القبض علي فتحتي قميصه وتضربه بقوة علي صدره بنواح.

- اخبرني كيف اجعل قلبي لا ينزف مجددًا، اخبرني كيف اهجرك كما فعلت دون ذرة شفقة او ألم؟!، أخبرني كيف اترك الماضي خلفي وأتطلع لمستقبلي؟، ماذا فعلت بي؟ كيف جعلتني أبدو مثيرة للشفقة بتلك الطريقة؟ لو علمت انني اذا احببت سأجرح بتلك الطريقة كنت رفضت العمل معك رغم انني كنت استطيع الرفض لكن لا اعلم كيف وافقت، عيناك و لمساتك لي سواء كانت تصدر عفوية أم غير لم تثير اشمئزازي ابدًا رغم اعلم كونه خطأ اتتدرك تلك الفاجعة؟

اغرورقت عيناه لما فعله ب ليانه؟ كيف كان قاسيًا لتلك الدرجة ليسحق زهرته الناعمة التي تعبث بعطر رائع يعبث السلام الداخلي لقلبه سحبها بقوة الي ذراعيها ليثبط ثوراتها وهو يهمس بأسف.

- اعلم واعتذر علي كل ما بدر مني، اعتذر حبيبتي، اسمحي لي ان اقطب تلك الجروح من فضلك اسمحي لي، تلك المرة لست أنا ليان لست ذلك القديم لست باردًا أو لوح ثلجي، لقد انصهر لياني بقربك، اغار وتمتلكني الدماء الحارة بجوارك فقط، لم أعد ذلك القديم الذي سيجرحك لقد تعبت ولا اجد الملجيء الامن سوي معك
نظرت اليه بتشويش
- وإن تركتني؟
قاطعها بنفي صادق
- لن يحدث
كانت على وشك الاستسلام لعناقه مرة أخرى لتصيح فجأة.

- وكلماتك الغريبة؟
ابتسم مطمئنًا وهو يقبل جبهتها
- انا بجوارك.

استغل انشغال الجميع بعد ان هدأ ذلك الازدحام في منزلها ليتسلل الى غرفتها، اغلق الباب خلفه لينصدم فجأة من ما يراه من تلك الألوان الصارخة في غرفتها ثم الألواح العديدة المعلقة علي الحائط لفئات عمرية مختلفة ليبتسم بعد لحظات وهو يهمس بعبث
- كما توقعت ستنثر ألوانها الصارخة في بيتي.

توجه الى خزانتها باحثًا عن ذلك الفستان الأسود الذي كانت ترقص به سابقًا لم يلاحظ تلك الورقة المطوية التي سقطت أثناء بحثه، عبس فجأة حينما لم يجد الاسود ولا الاحمر عاد لإغلاق خزانتها بعبوس شديد وهو ينظر الي الحقيبة السفرية بجوار الخزانة، تنهد بحرارة وجذب أنظاره فجأة تلك الورقة المطوية الملقية ارضًا، ساده الفضول للتعرف على كهنة الورقة وما إن فتحها حتى ألجم لسانه من الصدمة التي اعترته، لثواني بقي يحدق في الورقة بعجز شديد ليمرر بأنامله على خصلات شعره البندقية.

- ربااااه
انها رسمته، هو الذي في الورقة، ابتلع ريقه وعيناه تنجذب إلي تاريخ الرسم ليجده منذ أربعة أعوام، رباااه تلك الشقية، عاد يدقق في ملامحه التي حفرت في الورقة بصدمة شديدة، استيقظ من شروده الي صوتها المفزع
- ماذا تفعل هنا اجننت؟

لم تنتبه بعد إلى الورقة التي بحوزته لتغلق الباب سريعًا وهي تنظر اليه بغضب شديد وعيناها تندلع منها النيران الغاضبة ثم سرعان ما بردت تلك النيران ما ان نظرت الي الورقة التي بحوزته، دلكت عنقها وتناثرت الحروف من شفتيها
نظر إلى الورقة ثم إليها وهو يهمس بغموض ليطوي الورقة ويضعها في جيب سترته
- وجاءت الأميرة الي القفص.

توسلته بضعف حينما علمت عيناه التي تتوسلنها من جديد لما يرغب به، رباااه لقد توقعت المواجهة معه ان تكون باردة ليست بتلك الحرارة اللذيذة ابدًا
- الجميع في الخارج هنا ماذا تفعل خالد أخرج كفي فضائح
سحبها إلى صدره العريض وهو يهمس بسخط
- لم اقبلك سارة، لم اقبل تلك اللتين تثيراني بشدة، اريد تذوقهم بشدة، اريد ان اعلم مذاق شفتيك؟
امتقع وجهها وهي تدفن وجهها في صدره ليهمس بعتاب
- لماذا خبأتِ ذلك عني؟

صاحت بلهجة خطيرة لأعصابه التي انفلتت
- خالد
احتضن وجهها بين كفيه وهو ينظر الي عينيه اللامعتين بشدة يذكرانه بتلك النجوم المتلألئة التي تنير السماء الحالكة ليهمس بنبرة جذابة
- اذا كنت انا الفارس الذي اقتحم احلامك منذ لقاءنا، رسمتينِ واستحضرتِ صورتي هنا لكي تحجمي لوعك واشتياقك لي، ثم ماذا فعلتي قررتي الارتباط بذلك البغل وانا اتعذب.

ابتلعت ريقها وهي تنظر اليه بخرس تتابع عيناه التي تأسران ملامحها، رائحة عطره عن قرب، عيناه الدافئتين، صوته الرجولي الجذاب الذي يدغدغ انوثتها، لتهمس بتلعثم
- لم اكن اعلم نواياك خالد، ما حدث في الماضي قد انتهى
قاطعها بنبرة حادة
- انا لن اقدر وخصوصًا ذلك البغل
عادت تنطق اسمه بخجل وتوسل
- خالد
خالد جن سارة، جن تمامًا، صاح بخشونة وهو يحافظ علي ان يبقي باردًا تلك الليلة، الليلة فقط، قادر أليس كذلك؟!

- صدقيني خالد اخرى وستجدين انني اطلقت وحوشي لتشاركيني جنوني في فراشك العذري
اطلقت شهقة قصيرة وهي تحاول السيطرة علي خفقات قلبها، تحاول ان تصبح هادئة وهي تعي عاطفته الجياشة من عيناه حتى شفتيه التي اطبقهما بعجز ليزفر بحرارة قائلاً
- اين السلسال؟
وجهت انظارها الى العلبة الموضوعة على سطح مكتبها، لتهمس بتأتأه
- هنا
امسك بالعلبة وهو ينظر الي عيناه المتسعتان بذهول
- حسنًا اعطينِ ظهرك
أجابت بغباء
- لما؟

احتقن وجهها من ما قالته لتدير رأسها لتشعر بأنامله التي لامست عنقها بخفة جعلها تتحفز كليًا أن ازداد الأمر سوءا ستصرخ ويحدث ما يحدث، حقًا هي لا تتحمل كل ذلك الضغط الذي يمارسه أمامها، شعرت بشيء بارد يحيط حول عنقها ليدير جسدها أمامه وهو يهتف بانبهار يتلألأ حدقتيه الزمردية
- كما قلت سابقًا ستصبحين نجمتي القطبية
ازدردت ريقها بتوتر وهي تنظر الى عيناه التي تبوح بما يلجمه لسانه ثم الي الباب بقلق.

- غادر رجاءًا يكفي ذلك
قبل جبينها وهو يغمغم بخشونة
- سأغادر الان لانني اعلم انني لن اكتفي بشفتيك، ستزيد ظمأي سارة تجهزي حبيبتي سنعود مع سيد زيدان في طائرته الخاصة ثم سأخذ تلك الرسمة لي
غادر الغرفة بهدوء لتسقط علي الفراش تغطي وجهها بكفيها هامسة بلغته
- سأموت يا الهي، لماذا اقحمت نفسي في حربه؟ وأنا سأستلم من أول مواجهة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة