قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

كل شيء حوله يبدو كارثيًا، لا يوجد شيء يدعو
للتفكير للحظة، الجميع متآمرون ضده، جميعهم بلا استثناء مضمنًا زوجته!
انه مجرد مسخ لا يوجد داعي لاظهار عطف أو شفقة نحوه
مجرد رجلاً لا يجب ان يطأ بقدمه على أرضه، ما كان عليه سوى أن يجعله يفكر في المرة القادمة مرتين قبل أن يتجرأ والظهور إلى أرضه.

بدأ يتطلع إلى وجوه الجميع بعد أن أخذ انفاسه، بعد أن استوعب تحديدًا ما أقدم عليه، كان يضع بكل ثقله على جسد خصمه المسترخي بأريحيه شديدة، هب فورًا وهو يرمق ذلك البغل بنظرة محتقرة شديدة ثم عاد ينظر الى زوجته، التي من المفترض أن تصبح في صفه هو وليس هم.
اقتربت علياء نحوه وهي تتمسك ب ذراعه هامسه بألم وعيناها شاخصتان للمجثي ارضًا
- خالد ما الذي فعلته؟
هدر بعنف وهو يقسو بأنامله على ذراعيها.

- واللعنة ذلك البغل ماذا يفعل هنا؟
صاح زيدان بسخط
- انحن هنا في غابة؟
نبذ علياء سريعًا وعاد بنظراته اليه، امسكه من تلابيب قميصه وهو يثور و يغلي كالمرجل، اللعنة الرجل أمامه مستسلم له، مستسلم بخنوع وهذا يزيد من سخطه
- ماذا تفعل في بيتي؟، انظر الى أأردت أن تأخذ اقرب شخص مني، أخبرني؟!، ألتلك الدرجة انت يائس!

شهقت علياء تبعها شهقة سارة وساقيها تلك المرة استجاب لندائها، اقتربت منه وهو تتلمس ذراعه بخشية ان يلقي بثورة غضبه أمامها
- خالد توقف رجاءًا
سب زيدان بعنف، لا يستطيع أن يأمر ثور بإيقافه عن المعركة، لا يستطيع، لا يوجد شيء يكبح غضبه، نظر الي سالم بنظرات محذرة قابلها من الاخر بتفهم، اللعنة ذلك سالم يزيد من الاخر تهورًا، القي نظرة إلى ابنته التي تنتحب بصمت وعيناها شاخصتان نحو الرجلين.

لم يعبأ بتوسلات سارة ولا لمساتها الناعمة التي تخترق قمصيه كل ما يود فعله قتل ذلك السمج، البغل في اقرب وقت اقترب خالد وهمس بخطورة في أذنه بلهجة خطيرة
- تريد ابنتي، كلا لم تحذر بعد لن تأخذ ابنتي ابدًا
كفي ستزداد الامور سوءًا، صاح بها زيدان بنفاذ صبر، هدر بعنف
- خالد ما الذي تقوله؟، الا يوجد قليل من الاحترام في وجودي!

لكمه مرة اخري بجوار فكه والاخر ينظر اليه ببرود بعد تلقيه لكمته، ترك قميصه بتقزز واضح وعاد ينظر الى والده وقال بجمود
- اسف سيد زيدان، لكن انا لست موافقًا ابدًا لما يحدث حولي ( ثم التفتت إلى سارة بنظرة ذات مغزى ) ومن خلفي.

اغمضت سارة جفنيها وانكمشت حول نفسها محيطة بذراعها حول جسدها، ما خافت منه قد حدث، لقد حدث وانتهى، يالله كيف يفكر بتلك الطريقة هي لم تعلم الامر سوي من زيارته لها للمشفى، اخبرها عن فتاته الجديدة وكأنه يسألها إن كان وجوده بقرب صديقتها سيضايقها، لم يكن ليضايقها ابدًا، كانت تخشي فقط ردة فعل خالد ان علم، فتحت جفنيها وهي تنظر الي سالم بعتاب شديد التقط خالد نظراتهم الصامتة، ليخلل أنامله بقسوة على خصلات شعره صائحًا وعيناه نحو شقيقته المرتعبة وتنتحب من اجل من، من البغل!

- إن اردتيه آلي، فانا
قاطعته علياء بصوت متحشرج وهي تخشي تلك الكلمة القادمة، آخر ما تفكر به أن لا يبارك شقيقها وابيها الثاني لزواجها
- خالد
اقترب بخطوات متكاسلة وهو يحتضن وجهها بين راحتي يديه وهمس بصوت مختنق
- اعتذر.

عاد بنظراته الي البغل ينظر نحوه بتحدي وقد شفي غليله بعد ان ابرحه ضربًا ل يهرع خارجًا تاركًا إياهم في صمت عجيب، ظلت سارة تنظر الى الردهة الخالية من وجوده بخواء شديد رفعت عيناها نحو زيدان الذي هز رأسه لكي تراه اين ذهب، لم تتردد للحظة وهي تركض خلفه.

وضعت المعقم في قطعه قطنية ثم عادت تنظر للجالس على الاريكة وهو ينظر الى السقف بشرود لتخرجه من شروده بعد أن وضعت قطعة القطن على وجهه انتفض وهو يأن بقوة لتهمس بحرج
- اسفه لما حدث حقًا، اعتذر بالنيابة عنه.

ابتسم بدفء وهو يرى دموعها العالقة على أهدابها الكثيفة لا يعلم لما يذكره الآن بقطرات الندى التي تسبح بحرية على ورقة الشجر، امسك كفها ولثمه برقه جعلها تجفل وتنظر نحوه بشرود لقبلته التي لم تتوقعها، أصابها ابتسامته بالعدوى لتبتسم برقة وهي تزيح كفها عن كفه وتعود لاصلاح وجهه ليبتسم سالم بسخرية
- لا عليك، يبدو انني وسادة للتنفيس عن غضبه.

لم تجيب بل عادت تضع قطعة القطن علي جرحه النازف وهي تزيل الدم الذي جف، أصابعها كانت ناعمة، دقق نظره إلى اصابعها الطويلة بشرود أصابع عازف بيانو بالتأكيد، دقق نظره نحو وجهها القريب منه وهي تلفح بأنفاسها الدافئة في وجهه ليزمجر بسخط
- علياء
انتفضت الي لهجته الحادة لتنظر اليه بعدم فهم قابلها نظراته القاسية وهو يفكر هل فعلت ما تفعله معه للاحمقان في حياتها!
ازدرد لعابه وصاح بخشونة
- هل ما زال يعمل هنا؟

نظرت نحوه بعبوس قبل ان تبتسم باتساع وهي تهتف بلا مبالاة
- لا، لقد طرده خالد من المزرعة
غمغم برضى
- جيد
ضحكت بنعومة وهي لا تصدق أنه ما زال يتذكره، انه ما زال يتذكر احاديثهما القديمة بل يغار بطريقته الخاصة، اقتربت منه بخطورة وهمست
- الا يوجد شيء تريد ان تشاركه لي؟!، لقد اخبرتك كل شيء عني وعن حياتي سابقًا.

تجمدت ابتسامته وهو يحدق في وجهها الناعم الخالي من مساحيق التجميل التي تجعلها أشبه بدمية بلاستيكية، نظر الى عيناها الدافئة وهو يعلم انه حياته القديمة يجب ان تكون علي علم بها، هو من اختارها بعقله وذلك الذي يخفق بقوة انه هي المختارة.
لاحظت شروده وعيناه تخبر حديثًا سريًا لعيناها، اشاح بوجهه عنها للحظات وهو يهتف بلهجة جامدة
- أتعلمين كنت سأخبر ماضيّ لمن تصبح زوجتي وبما انك هي المختارة سأخبرك.

تراجعت للحظة وهي تعلم انا ما سيأتي شيء سيء، سيء للغاية، هبت للفرار ليمسك بعضدها وهو يعيدها مرة اخرى اليه حتى تصبح في مواجهته، تنفس لعدة لحظات وهو يستعد لتلك اللحظة، قال
- لست من النوع المجامل او يفصح عن مكنوناته دائمًا علياء اعملي حينما اخترتك فكل ذرة في داخلي تريدك انت، ربما لن أستطيع ان امطرك بوابل من الكلمات العطرة لكن انا استطيع ان انفذها بطريقة عملية وأكثر فعالية للغاية.

تخضبت وجنتيها بالحمرة رغم كونها ساكنة بين قبضتيه التي تتمسك بذراعها لتهمس بخجل
- سالم
نكس رأسه ارضًا وهو يكبح غضبه من الظهور ليتطلع الى عيناها العسلية الدافئة وهو يغمغم بوجوم
- ابي من عائلة ثرية واحبها بالصدفة كما تقول امي لم يستطيع أن ينفك من سحرها، امي كانت مجرد فتاة من الطبقة الوسطى وحينما علمت عائلته عن الفتاة التي يحبها كما زعم، جعلوه سجينًا في قفص ذهبي، انها قصة درامية مصرية بحتة حقًا.

اختتم جملته بلهجة ساخرة جعلها تنظر الي عيناه العاصفة والي تغضن جبينه، اشتدت انامله قسوة علي ذراعها لكنها كتمت شهقتها لا تريده أن يتشتت الي ما سيتحدث عنه مرة واحدة في حياته، همست بفضول
- ماذا حدث؟
ضحك بسخرية ملكومة بغضب وحنق جعلها تبتلع تلك الغصة في حلقها وتنظر اليه بألم ليتابع.

- ارتبط بالفتاة التي تليق بعائلته، ذات الحسب والنسب والجاه ولها جاذبية شديدة استطاعت أن تأسره لفترة، كان كل شيء يضج بها حيوية وأنوثة وهو بالنهاية رجل وتزوجها وعاشا معًا لفترة من الوقت
قطبت جبينها بتعجب، اين والدته، ماذا حدث؟!، هل انتهت قصة الحب بسهولة؟! غمغمت
- وماذا حدث لوالدتك؟
فك اسر ذراعها وهو يحك مؤخرة رأسه بتوتر وقال بلهجة ساخرة.

- والدتي، لا اعلم لم تخبرني ماذا حدث لها او بما تشعر وهي تراه يتابع حياته ببساطة، كنت صغيرًا جدًا ولا افهم لماذا؟!
رمشت بأهدابها عدة لحظات، لا يقصد ما فهمته منه، بالطبع لن يكون الرجل بتلك الوضاعة، تحشرج صوتها
- لا افهم ايعني انت..!
نظر نحوها وهو يعلم ما وصلت إليه، ضحك بمرارة وهتف.

- ابن غير شرعي؟!، لا ليس هكذا ابي قبل ان يتزوج بتلك المرأة تزوج بأمي من دون علم احد من عائلته اما الذين يعلمون بأمر تلك الزيجة مجرد عائلتها الصغيرة، بمعني انه قيدها كي لا تتابع حياتها وتختار رجلاً كما فعل هو واختار امرأه يفتخر بها
شهقت بذهول وهي تتخيل ما عانته تلك المرأة وخصوصًا في مجتمعه، والدته شجاعة بالتأكيد رغم مرورها بالمواقف العصيبة، حدقت به وهي تراه يشيح بنظره عنها
- رباااه.

عض على شفتيه وهو يهتف بمرارة
- امي ضعفت من الحب، لقد فهمت ذلك حينما أصبحت مراهقًا، لذلك لكي ان تتخيلي كمية الكره الذي اكنه لذلك الرجل بل وحينما اكتشف عقم زوجته وتذكر أن له زوجة سابقة ولها ابن قرر أن يحيط بجناحه حولي.

نقطة ضعفه هو الحب، لا يريد ان يصبح مثل والدته ووالده هو ثاني عقدة في حياته، لها أن تتخيل حياته بدون والده كما حدث في حياتها سابقًا لكن وجود شقيقها الحامي هو ما جعلها تتطمئن بأن الأمور ستسير بخير، يالله لقد كبر دون أن يتذوق طعم طفولته، لقد ولد فقط ليصبح رجلاً، اقتربت منه وهي تتمسك بكفيه هامسة بأسف
- حقًا اسفه لم اكن اعلم ان،.

تشبث بكفها وهو ينظر الي دموعها التي تهبط بصمت الى وجنتيها، أنفها المحمر ووجنتيها الوردية جعله يبتسم ويتحدث بهدوء
- لا عليك، قررت العمل حينما أصبحت صبيًا يافعًا واخبرتها انني لا اريد ماله وذهبت للعمل في ورشة وانا أتابع تعليمي والان اصبحت استاذ جامعي في علم النفس يدرس في جامعة امريكية.

تمتمت بصوت متحشرج وودت لتلك اللحظة أن تمد بأناملها على قسمات وجهه المتشنجة وعرقه النافر الذي ينبض بقوة ودت ان تدفن وجهها في عنقه بتهور
- والدتك فخورة جدًا بك
همس بشرود وهو يتذكر يوم الاحتفال بعد سنوات دراسته انه اصبح استاذ جامعي
- فخورة للغاية
شعر باناملها تداعب وجهه ليبتسم الي عيناها ثم هبط الي شفتيها وهي تهمس بصوت خفيض
- وانا فخورة بك.

اتسعت ابتسامته و ارتخت اعصابه المتشنجة تحت وطأة أناملها السحرية، أغمض جفنيه براحة وهو لا يصدق كيف خرج ماضيه امامها بتلك السهولة لقد خبأ عنه معاناته وعمله في ورشة النجارة صباحًا ثم إلى ورشة الميكانيكي ليلاً ليسدد متطلباته ومتطلبات والدته دون الحاجة لمال والده، لن ينكر انه والده وان لم يرغب به، فهو لا يستطيع أن يحدد والده ولا يستطيع ان يعاتب والدته لما حدث في الماضي سمع همسها المتردد.

- هل تمانع لو عانقتك؟!
نظر إليها بعين نصف مغلقة وصاح بنبرة متشككة
- عناق بريء!
ابتسمت لمزاحه لترد
- بريء للغاية
انفلتت ضحكة صغيرة منه ليفتح عينيه وهو يفرد ذراعه قائلاً
- لا امانع
شعر بثقل جسدها وهي تستند علي فخذيه وذراعيها تلتف حول عنقه بطوق شديد، مرغت انفها علي عنقه بهمهمات خافتة تنم علي الرضي، ابتسم بعبث وهو يتجاهل خفقات قلبه التي كادت ان تخرج من قفصه الصدري وصاح.

- علي الذهاب قبل مجيء الثور أو يأتي احدًا ويرانا في ذلك الوضع الحميمي ويقرر والدك تزويجي منك لاني تعديت على حرمة عائلته.

صاحت بصرخة عالية قبل ان تنتفض من موضعها ويراها والدها أو أحد الخادمات اللاتي تخبرن للجدة ما يحدث في منزلها وبالتأكيد لن تسلم من حديثها، احتقن وجهها من الخجل قبل ان تفر هاربة وهي تبعث قبلة في الهواء التقطها بابتسامة واسعة وعاد ينظر بشرود مرة اخرى الى الحديقة عبر النافذة، تبقى فقط موافقة اخيها الثور ثم سيجلب والدته إلى هنا علي وجه السرعة.

نظرت إلى حظيرة الجياد بحذر، تتذكر الحادثة وكأنه وقع أمس، اخبرها العامل انه في الداخل، سحبت نفسًا عميقًا وهي تخطو للداخل بثقة تحسد عليها و بأطرافها المرتعشة التي كادت أن تسقطها ارضًا شدت اطراف سترتها بقوة وهي تلمح ظلاً اتجاه غرفة الفرس الغاضب، لا خالد بربك ليس هو الذي تجلس معه تمتمت بها بصوت باكي، استعادت رباطة جأشها وهي تتخطى الباب وتصيح بصوت متحشرج
- خالد.

شهقت بعنف وهي تراه موليًا بظهره عاري الجذع وتلك الندوب المحفورة على ظهره أثارت جزعها، ركضت نحوه بلهفة وبلا وعي تلمست بأناملها تلك الندوب العميقة على ظهره، صاحت بجزع
- رباااه متى اصبت؟

أغمض جفنيه ما ان التقط شذى عبيرها، سكن للحظات ما ان استمع الي اسمه الذي بات يعشقه من شفتيها، شفتيها فقط، ما أن ذكر شفتيها تذكر ما ان تذوقه ليلة أمس، لن يكذب ان القبلة التي حظي بها في احلامه لا يعتبر شيئًا ما حدث ليلة امس، كانت أشد نعومة و رقة وهشاشة مما تصوره، احتاجته الحرارة ما ان تذكر قبلتها، كانت لها نكهتها الخاصة لن يكذب أنه وقف امامها وهو يلتقط عاطفتها بين يديه وهو عاجز، ابيه وصديقه اللذان يلقبانه بالماجن، كان عاجزًا ليلة أمس، انقبضت ملامحه ما ان لامست اناملها الباردة على ظهره ليهتف بخشونة.

- سارة انني غاضب الان
دققت النظر الي تلك الندوب، لقد مر بها زمنًا قبل أن تترك اثرًا في جسده، أي حادثة فعلت به هكذا؟!، لما لم يخبرها؟، تمتمت بألم واناملها تمرر على تلك الندبة في لوح كتفه الأيسر
- لما لم تخبرني عن اصابتك وتلك الندوب المخيفة؟

استدار ليواجهها وسحب ذراعها بشيء من القوة إلى صدره، شهقت بفزع لترفع عيناها الي عينيه الداكنتين، تعلم انه ما ان يغضب فهو لا ينظر أمامه، اخبرها سابقًا عن غضبه أن تظل مبتعدة عنه، احتقن وجهها ما ان اصبحت بين ذراعيه وهو عاري سقطت بنظرها خلسة الى ذراعيه العضلتين حتمًا ثيابه التي يرتديها لا تظهر جسده كما تراه الان، أفيقي يا سارة ما الذي تفكرين به الآن وهو غاضب، سألها بوجوم
- اتريدين ان تعلمي؟

هزت رأسها وقالت باحتقان
- نعم انا زوجتك
تتبع عيناه نحو الشامات التي افقدت لب عقله سابقًا وليلة أمس لم يستطيع رؤيتهم بوضوح واعطاهم القليل من حقهم، غمغم ببرود
- قبل التحاقي بالكلية، كنت اعمل مروض للجياد
اتسعت عيناها هلعًا وجحظت بذهول وهو يتابع بنفس النبرة الباردة
- كنت شاب غاضب للغاية ولم اجد شيء يخرج طاقتي السلبية سوي ان اروض الجياد الجامحة
جف حلقها وهي تدرك خطورة عمله، رباه اهو مجنون!، تمتمت بتلعثم.

- هل، هل ما زلت، يعني!
قاطعها وقد قست ملامحه للضيق وعيناه عصفت بلون خالي من تلك اللمعة التي كانت تراها أو تلك النظرة الداكنة منذ قليل، مجرد خواء ونظرة كئيبة وهو يهتف بمرارة.

- توقفت حينما كدت أن أؤذي آلي واجرها للموت، كنت اورض فرسًا عربيًا جامحًا كان شرسًا للغاية وطلبت منها ان تبتعد من المحيط وتعود للمنزل لكنها كانت عنيدة، حديثي معها الذي لم يدم لثواني بصراخي امام وجهها للعودة للمنزل جعلني افقد تركيزي للفرس، لا اعلم ما حدث سوى انه خرج من المدار وعيناه الغاضبة تتجه لصغيرتي فلم اجد سوى ان اعترض طريقه.

غطت كفها على شفتيها وداهمها دوار عنيف كادت ان تسقط ارضًا لولا ذراعيه التي تمسكت بخصرها بقوة ورفعها حتى أصبحت في مواجهته، مالت برأسها علي صدره وارتكزت على كتفه و غمغمت بنبرة متألمة
- هل اصابك شيء؟
ربااه كيف يستطيع إعادة تركيزه وغضبه الآن، كيف والماكرة قد خبأت وحشه الكامن في جحره، غمغم بنبرة حادة
- ليس كثيرًا ربما كنت سأموت تحت حافره لولا ان العمال كانوا اسرع مني
رفعت رأسها لتواجه عيناه المتألمة لتهمس.

- هل مات؟
نفي قائلاً
- لم يمت، اصاب في عينيه فقط وهذا زادة شراسة وكان ذلك بمثابة تحدي لي، استغرقت وقتًا لترويضه ونجحت لكن لن أنكر أنني أشعر بألمه
لا تعلم لما الفرس الذي يتحدث عنه هو الذي امتطته تلك الليلة المشؤومة، إنها متأكدة انه ذلك الجامح تربط به علاقة قوية عكس باقي الجياد في الحظيرة، أحاطت وجنتيه بين راحتي يديها وقالت
- هل توقفت عن ذلك العمل نهائيًا!

ابتسم وهو يقبل تلك الشامة جانب فكها الأيمن، لقد اثارته منذ أن وقع بصره عليها أول مرة ثم هبط بشفتيه الي عرقها النابض شعر بأرتجاف جسدها ليتوقف وهو يزفر بحرارة علي عنقها قبل ان يبعد رأسه عن عنقها وينظر الي عيناها التي تنظر اليه بشرود ليهتف
- توقفت عن امتطاء جوادًا سارة بعد ما حدث، قررت الا اؤذي شخصًا قريبًا مني مرة اخري، ربما سبب عدم ممانعة أبي للالتحاق بالكلية أنه ما كان ليستطيع ردعي من شيء اريده.

أغمضت جفنيها وقد جمعت القطعة الناقصة لقطعة البازل لتنظر الى عينيه التي راقت وهمست بذهول
- يوم انقاذك لي، كان ذلك الفرس الذي امتطيته صحيح ذلك الفرس الجامح؟!
هز رأسه ايجابًا لتنفجر باكية وهي تضمه بذراعيها حول عنقه، تمتم خالد بقلق وهو يحاول أن ينزع ذراعيها حول عنقه لكنها أبت بل ازدادت تشبثًا به
- لما تبكي؟، سارة ما بك؟
نطقت بدون وعي
- اكتشفت الان كم تحبني.

تمنت الآن أن يبتلع لسانها قبل أن تهتف تلك الجملة الحمقاء، أو تدفن برأسها في الرمال، شعرت بجسده الذي تخشب جراء ما قالته اراحت ذراعيها حول عنقه واشاحت بعينها للنظر إلى جذعه العاري، سمعته يهتف بحنق
- معذرة! سأذهب الان يوجد شيء هام يجب أن أنجزه
ارتدي القميص الذي رماه جانبًا ثم خرج دون أن ينبس بكلمة، ضربت بكف يدها الحرة علي جبهتها وصاحت بسخط
- غبية.

التفتت حولها وهي ترى الغرفة خالية من الفرس، ماذا حدث للفرس امات ام في جولة بمفرده في المساحة الشاسعة الخضراء، خرجت من الغرفة وهي تجر اذيال الخيبة وراءها لقد كانت علي وشك التحدث معه بما حدث لسالم وبدلاً حل المشكلة وأضافت مشكلة أخرى، تمتمت بحنق
- رائع سارة رائع، بقي عندك مشكلتين.

تفصد العرق فوق جبينها وهي تهمس بإصرار امام خصمها اللدود انها لن تستسلم ابدًا أمام كلماته التي تثبط من عزيمتها، ستجعله يخسر ولو بطرقها الملتوية، كم تكره الآن كرة القدم بفضله، نظرت إلى الكرة التي اسفله بشرود ثم نظرت اليه وهو يعقد ساعديه ببرود وكأنه يخبرها ان كانت شجاعة بما فيه الكفاية فلتأتي وتنتشل تلك الكرة من قبضته، لقد وافق على مضي يوم جميل عكس الليلة الماضية ولا تعلم كيف اثارته بخسارته في كرة القدم، لقد كان لاعبًا محترفًا قديمًا وهي مجرد فتاة كانت تلعب مع الفتيان في الطرقات، نظر نحوها بسخرية وقال.

- مش قد التحدي متدخليش فيه يا حلوة
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهي تتمتم بمكر انثوي
- واضح كده انت متعرفش مين هند حسني
ارتفع حاجبه بدهشة وتألق ذلك البريق الفضي في مقلتيه ليهتف
- بتتحديني يا هند!
سحبت الرباط المطاطي الذي عقدته على شعرها لتتركه حرًا طليقًا لتصيح بمكر وقد ازداد بريق اصرارها ل تسجيل الهدف
- مش هتحس بالكورة اللي هاخدها منك.

اقتربت منه وهي تسير بتبختر، انامل قدميها تتحسس الحشائش الخضراء مرتدية زيها الرياضي شورت جينز قصير بالكاد يغطي ركبتها وتي شيرت رياضي ملتصق بجذعها كليًا، ما ان تأكدت من تحقيق هدفها حتي لفحت بانفاسها علي وجهه وهي تهمس بعبث
- يا بيبي هو انا اقدر افوز.

كان منصدمًا من ذلك العرض الاغرائي امامه وامام طفله، لم يشعر سوى أنه يتابع سيرها ومتابعه خصرها الدقيق الذي يتحرك يمينًا ويسارًا ليعود النظر إلى خصلات شعرها السوداء التي تهتز مع كل حركة تخطوها نحوه وقربها الخطر منه اطار بأخر ذرة من تعقله لم يفق من تلك الغيبوبة القصيرة سوي صياح يامن القوي
- ايوا يا هند، جووول
دار على عقبيه وهو يرى الكرة التي سجلت في شبكته ليحك طرف ذقنه بسبابته وهو يهمس
- يا بنت اللذينا.

غمزت بعبث وهي تحرك كتفيها بلا مبالاة
- قولتلك مش هتحس بيها
بالطبع لم يشعر بذلك بل شعر باشياء اخري تفننت بإظهارها يحمد ربه انه لم يتهور تلك المرة، أغمض جفنيه وهو يشد من خصلات شعره الطويلة ليصيح بغمض
- ماشي افتكري انك بتلعبي في منطقة خطرة
التقط الكرة التي أرسلتها نحوه لتقترب منه وهي تراقص حاجبيها بشقاوة
- بحب الخطر.

نظر نحوها متشككًا لتلك ال هند الجديدة، اكثر جراة واكثر حيوية عن السابقة ليبتسم بخبث وهو يسحبها من ذراعها بشيء من القوة لتشهق حينما اصطدمت بصدره العضلي الذي يتصاعد ويهبط بسرعة من فرط انفاسه المتأججة، اقترب بخطورة من وجهها لتتسع عيناها هلعًا من نظراته التي تعلمها جيدًا نظرة الرغبة المختلطة بعاطفة عنيفة، تمتمت بتوجس وهي تحاول ازاحة الجسد الصلب بلا فائدة
- راشد، احنا مش لوحدنا.

طبع قبلة على وجنتها اليسري خدرتها ولم تستمع لحديثه الماكر
- ده كان كلامك قبل كده؟ مش قولتي بتحبي الخطر!
أغمضت جفنيها من نبرته الاجشة التي لم تتميز ولا كلمه منها لم تفيق من تيبسها سوي من صياح يامن لتنظر بلهفة الي شبكتها وهي تراه يسدد هدفًا ثم يعود النظر إليها بظفر
صاح يامن وهو يصفر بسعادة
- ايوا يا بوص، عيلة الهندي مبتخسرش قدام اي جاذبية.

سحقت شفتيها بقهر وهي تنظر اليه بحنق، لا يحتاج إلى ما فعله لكي يخدرها بتلك الطريقة المخزية أمام طفله، عضت على نواجذها وهي تصيح بسخط اللي يامن
- يااامن
غمغم يامن بلا مبالاة
- في عروقي بتسير دم الهندي، سوري يا هند
نظرت إلى الطفل وأبيه وهي تعلم أنه سيقف في صف والده دائمًا، تمتمت بوعيد طفولي
- ماشي
ضحك بصخب وهو يضع يده على قلبه بدرامية ليغمغم بمشاكسة
- ايوا بقي مكنتش اعرف انه الكورة هتبقي حلوة كده.

رمقت راشد بابتسامة صفراء ليقابلها نظرة تعلمها يخبرها أنها السبب فيما حدث، صاح راشد بخشونة
- اخرس خااالص يا قليل الادب
عاد ينظر اليها وهي تكتف ساعديها ببرود لتنظر الي الازعر الصغير ثم والده لترفع يدها بأستسلام
- انسحب يا راشد، اعترف بالهزيمة
سحبت يد يامن وهي تهتف بنبرة حانقة وهي ترمق الواقف على بعد منهما بنظرات حارقة
- تعالي ناكل ايس كريم يا يامن الجو بقى حر اووي.

تابع بنظراته الغائمة ابتعادهم عنه، ليزفر بحنق وهو يخلع قميصه مغمغًا بسخط
- ده انا اللى حران.

نظر الى النافذة بشرود يراقب وضع الغروب شديد يتناول قدح القهوة وهو يحاول ان يحل المعضلة، لن يكذب ان ما فعله خالد هو نفس ما سيفعله ان وجد شبح من رجل ليان الماضي يأتي طالبًا يد ابنه عمه للزواج، ربما سينتهي الأمر به الزج إلى الزنزانة، وقت الحادثة كان في لندن ولو كان هنا ما تردد بتلقين ذلك الرجل درسًا.

ابتعد بخطواته بعيدًا وهو يجلس على الفراش ناكسًا برأسه للأسفل مستندًا بذراعيه محدقًا في الارضية بشرود، شعر بها تجلس على فخذيه ليرفع بعينيه نحوها قائلاً
- ماذا تفعلين؟
لم ترد بل لفت بذراعها حول عنقه تدفن وجهها في عنقه تستنشق عطره الخاص بأنتشاء، ربااه لقد اشتاقت إليه في رحلته القصيرة، اشتاقت وبقوة، طبعت قبلة على وجنته اليمنى لتهمس بدلال
- برأيك ماذا افعل، اشتقت.

عصف البريق اللامع في مقتليه الباردة ليلف بذراعيه يضم جسدها اليه، ربت علي بطنها المنتفخة وهو متشوق لرؤية ليانه الصغيرة التي ستحمل صفات امها، تبقى ثلاثة أشهر فقط، صبرًا زين
- ليان.

همس بها بنعومة ليكافئها بعناق انساها ما تود التحدث عنه، غرست نفسها غرسًا بين ذراعيه وتعامله الدقيق مع بطنها المنتفخة جعلها تتجرأ تلك المرة وهي تحتضن جسده تستشعر نبضات قلبه المدوية ترقص بين طيات ضلوعها لم تشعر سوى ان تشارك عناقه بلهفة أكبر
همست أمام شفتيه وهي تلتقط انفاسها المتأججة
- ليان الصغيرة اشتاقت اليك
قبل جبهتها ثم قبل بطنها المتكورة لتبتسم بعذوبة قائلة
- كيف هي الاوضاع؟

زفر بحرارة وهو يغمغم بلا مبالاة
- ليست سيئة، آليا تحاول التحدث معه لكنه لا ينصت لاحد
عبست ملامحها قليلاً وهي تتذكر مشاجرة الصباح كانت وقتها تجلس بجوار الجدة تتحدث في مواضيع عدة حتى سمعت صراخ حاد في الاسفل وحينما أرادت الذهاب منعتها الجدة واخبرتها ان تتركهم بمفردهم ولم تجد سوي الرضوخ تحت الحاحها العجيب، داعبت أناملها في خصلات شعره الكستنائية بلا وعي لتمتم.

- اعلم بما يفكر به، لن يستطيع أن يتخطاه بسهولة وهو يرى أن خطيب زوجته السابق يرغب بالزواج من شقيقته، برأيك ماذا كنت ستفعل ان اصبحت في محله؟!
نظر نحوها بعبوس وقد تراقصت الشياطين في مقلتيه قبل أن يسحبها لعناق خشن واشد عاطفة
- كنت سأجعله يرقد في الفراش
استسلمت وذابت بين ذراعيه من فرط حرارته لتهمس
- تعجبني تلك الدماء الحارة في عائلة الحديدي، ما رأيك يا عزيزي ان اساعدك في عملك؟
ضيق عيناه بعبوس شديد
- حقًا!

رأت الرفض الذي يلوح على ملامحه لتهتف بمكر
- عملت في الشركة بمساعدة عمي، اعلم كل صغيرة وكبيرة في تلك المؤسسة، انني بمثابة كارت ذهبي للمؤسسات المنافسة
راقت ملامحه وهو يعلم مجهودات زوجته في وقت غيابه، لقد قرأ ملف انجازاتها حين عودته وقد أثار إعجابه وشعر بالفخر، ليانه ليست ضعيفة، انها قوية، قوية كالصخر، ضيق عينيه وهمس
- وهل تودين؟!
ضحكت بعذوبة قبل أن تهمس بعبث.

- افكر، ما رأيك؟!، أأعمل بجوارك ام اعمل في مؤسسة أخرى
اصطنع التفكير للحظات قبل أن يغمغم بغموض
- دعيني افكر، حسنًا سيدة ليان الحديدي اتعلمين ماذا ستفعلين في وقت الراحة؟
علمت ما يود فعله، توردت وجنتيها وهي تتخيل ان اقتحم أحد غرفته في وقت الراحة، عبثت بأزرار قميصه وقالت
- بالطبع سأخذ قهوة رائعة من إيم وحلوي هندية رائعة من السيد خان
- توطدت علاقتك مع الموظفين
جذبت ياقتي قميصه نحوها وهمست بدلال.

-في الواقع زوجي حينما اتي لم يفكر في سوي ان يحرقني بنيرانه ولم يعبأ بأعمال العمل ولأول مرة في حياته
قبل وجنتيها وهو يداعب بأنامله على قميصها الخفيف
- اظن انني فعلتها
ضحكت بصوت مرتفع وهي تراقص حاجبيها بشقاوة
- لا تطري نفسك كثيرًا، انا من أشعلت تلك النيران، تذكر شيئًا واحدًا انني غزيت روحك حبيبي
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيه ليهتف بخشونة.

- احبك، لا اعلم كيف استوطنتي موطني الموحش وجعلتيه بفضلك موطن دافيء تلجئين اليه
أهدته اروع ابتسامه رآها يومًا، يحمد ربه كثيرًا انه لم يبعد حياته عنه، يحمده كثيرًا انه كان رحيمًا ورؤوفًا به، غمغم اسمها بخشونة
- ليان
ردت بنعومة وهي تداعب خصلات شعره
- نعم
نظر الي عيناها الناعسة والي شفتيها والدعوة الصريحة تخرج من كل خلجاتها ترحب به بحبور شديد غمغم بصوت اجش
- احبك
قبلت وجنته اليسري لترد بهمس
- اعلم.

ببطء اضجعها على الفراش وهي مستسلمة بكل روعة بين ذراعيه ليشرف عليها من علو وهو يكرر بنبرة خشنة
- احبك للغاية.

- انت اتجننت
هدر بها مرتضي امام ابنه بحدة وهو يطرق بقوة على عصاه الخشبية بنفاذ صبر، يحاول أن يفيق من تلك المصيبة، بل الطامة التي حلت على سماؤه تلك الليلة
جذب صراخه العديد ليجد يامن قد أطل برأسه من الباب ومن خلفه هند التي تنظر إلى ما يحدث بصمت وخشية، امسك مرفق التي بجواره وهي تنتفض رعبًا من صراخ ابيه ليهتف بهدوء
- بابا من فضلك
زمجر بسخط وهو يلوح بالعصاة الخشبية في وجهه
- اخرس يا حيوان.

اندفع راشد الي الداخل وحينما رأى أبيه هرع يسنده ويجلسه على المقعد، تحكم مرتضي تلك المرة في نوبته حينما رأي الفتاة المنكمشة في ذراع ابنه لينظر الي راشد ويغمغم بحنق
- انا قلت عمل مصيبة هناك محدش صدقني
لم تتردد هند تلك المرة وهي تقتحم الغرفة حينما ازداد الوضع سوءا من الفتاة التي كاد ان يغشى عليها لتهتف بهلع
- راشد ايه فيه؟!
القي راشد نظرة لوم اخترقت قلبها وهي تسحق شفتيها السفلي بتوتر، غمغم مرتضي ساخرًا.

- البيه اتجوز و جايب مراته هنا، الحيوان بيحطني قدام الامر الواقع
احتقن اذني كريم من تعرضه للإهانة أمام زوجة اخيه وزوجته ليهتف بحرج
- بابا من فضلك
نكست هند رأسها ارضًا وهي تعلم أنها اقتحمت بغبائها خصوصيات العائلة، لتسحب جسد يامن الذي ينظر إلى المرأة التي تتشبث بقميص عمه بفضول لتهتف في خفوت
- يلا يا يامن نسيبهم مع بعض
غمغم مرتضي بسخط وعيناه شاخصتان إلى ابنه.

- ونسيب ليه ما انتِ بقيتي ضمن عيلتنا يا هند وبالمرة تتعرفي على مرات ابني.

كان محدقًا في الفضاء، ينظر إلى السحب الغائمة التي تحجب عنه النجوم بضيق، اتكأ بجذعه على مقدمة السيارة ليسحق لفافة التبغ ويدعسها على الأرض، كما يتمني ان يدعس ذلك البغل، كيف احبته ومتي واين؟، لما لم تخبره؟، عض على نواجذه وهو يود حرق الأخضر واليابس
لا يشعرون بنيرانه، ماذا يعرفون عن ناره التي لا تبقي شيئًا ولا تذر؟ ما يعرفون عن النار التي لم تجد شيئًا سوى أن تلتهمه هي اولاً، ثم تتركه ك هشيم المحتظر.

أرهف سمعه الي زمجرة خشنة من محرك سيارة قريبة منه، ثم الى ضوء قوي بدد من الظلام الذي يطوف حوله، التقط شذى رائحتها ليعلم أنها قد أتت بمفردها إلى مكانه المفضل ليلاً
- لودي
اغمض جفنيه يائسًا، لن يضعف بتلك الطريقة المخزية كما حدث صباحًا، شعر بثقل جسمها على صدره وهي تحتضنه بحميمية شديدة، احاطت وجنتيه بين راحتي يدها لتنظر الي عيناه الغائمة هامسة بلهفة.

- حبيبي انظر الي، ما تفعله لن يزيد سوى أن يزداد الوضع سوءًا
كان علي وشك ان يستسلم لها للحظة وهو يسحبها الى عناقه لكن لم يمنع ان ينظر الي ما ترتديه بعبوس، بنطال جينز باهت يلتصق بجسدها حبًا جمًا أبرز جمال ساقيها ثم الى طرف القميص الخفيف الذي ضُم أطرافه إلى داخل البنطال رفع بصره إلى السترة الجلدية، سترته!

برقت عيناه بوميض خاطف ما ان نظر لسترته، نظر الي خصلاتها القصيرة المتمردة بافتتان سحب نفسًا عميقًا قبل أن يهتف بغلظة
- كيف اتيتي الي هنا؟
عانقت عيناه بحب لتهمس بنعومة وهي تداعب لحيته وشاربه بحب
- جئت بسيارة علياء
ضم قبضتيه في جيب بنطاله وهو يمنع يديه الخائنتين من فعل ما لا يحمد عقابه، طاف علي ملامح وجهها الناعمة
- أما زال هنا؟

هتف بها بحنق جعلها تقترب منه ورائحة عطره الممزوجة بالنيكوتين كادت ان تسحبها لدوامة عجيبة، احتضنت عنقه وهي تهمس بدفء ادفيء أطرافه البادرة واثلج موقده المشتعل
- غادر، شقيقتك تريدك حبيبي، من فضلك انسي اي شيء انظر الي انا اريدك انت، انا زوجتك انت، انا احبك انت فقط، لقد رأيت دليل عشقي لك حبيبي.

ترى كم مرة قالت حبيبي؟! وكم مرة قالت انها تريده؟ وكم مرة قالت احبك؟، تلك المرة استسلم لعاطفته وهو يكسر اي حاجز بينهما ليميل برأسه يلتقط شفتيها بين شفتيه بنعومة،.

ارتعش جسدها من قربه المباغت، استسلمت لحصاره لجسدها ولقبلاته المحمومة ودفء غريب استلذت به وهي تشعر بدماء حارة تسير في عروقها، حاولت السيطرة على خفقات قلبها، علي الذي يثير احساسها بطريقة مربكة ويشوش عقلها الظاهري، ابتعد وهو ينظر الى عيناها التي غامت بقربه يستطيع النظر بوضوح الى انعكاسه على عيناها وقد تفجرت براكين عشقها له ليظهر جليًا، غمغم بنبرة اجشه
- سنغادر صباح غد.

رمشت بأهدابها عدة مرات وهمست بعدم فهم
- لما؟!
اقترب هامسًا بجوار اذنها
- لإتمام باقي زفافنا المؤجل نجمتي
احتقن وجهها من جرأة كلماته لتضربه علي صدره مبتعدة عنه لتغمغم بحذر
- خالد
سحب ذراعها بقوة نحوه جعلها تشهق بقوة حينما ارتطمت بصدره، لوي كلا ذراعيها للخلف وهو يتمتم بنبرة عابثة
- سأكبح جماح شوقي ل قبلات فقط حتى ليلة غد فقط
تمتمت بحنق
- اووه خالد بربك كفي
عشرين ألف امرأة أحببت
عشرين ألف امرأة جربت.

وعندما التقيت فيك يا حبيبتي
شعرت أني الآن قد بدأت
نزار قباني
فك اسر ذراعها ليداعب أنامله وجنتيها ثم الي شفتيها ليهمس بشرود
- كيف تفعلين ذلك بي؟، كنت غاضبًا وبشدة كيف ينقشع ذلك الغضب بجوارك
بسطت راحة يدها علي صدره العريض تستشعر نبضات قلبه التي تدق بعنفوان وانامله التي تجول براحة علي قسمات وجهها ثم ارتكزت على شفتيها لتتملص منه بهدوء قائلة
- سر المهنة.

ابتسم بشرود وهو يسحبها برقة نحوه احتضنها بقوة وهو يدفن رأسه في ثنايا عنقها للحظات ينسي غضبه من الجميع ومنها، يبدو أن الأمر جديًا تلك المرة من نظرات شقيقته إلى ذلك البغل على عكس ذلك الاحمق المدعو ب محمد، شعر بأناملها تتشبث بقميصه من الخلف وهي تريح رأسها على صدره، انسحب الى عالم اخر وبقي شذى عطرها معلق معه في رحلته القصيرة شعر بصوتها يهتف بهمس مُلح
- خالد، الهاتف.

انتبه لرنين الهاتف، ليجز على أسنانه بقسوة لذلك الأحمق الذي يتصل به، انتسل هاتفه من جيب بنطاله ليرد بحنق وهو يضع هاتفه على اذنه
- اللعنة إن كنت تمزح معي سوف...
اختفي الغضب والضيق من ملامحه ليحل محلهما الخواء وهو يغمغم بجمود
- ماذا حدث؟!
استمع لثواني لمحدثه قبل ان يغلق الهاتف شاخصًا بصره نحو التي تنظر اليه بقلق، خلل خصلات شعره الكثيفة بأنامله وهو يهمس بنبرة متحشرجة
- الجدة.

أغمضت جفنيها بألم قد علمت ما يود قوله، ربما لم تكتب السعادة الابدية لتلك العائلة التعيسة حتى الان!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة