قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني عشر

لن أستطيع نسيانك أبداً
ليس لأنك الشخص الذي لا تنسى
بل لأنني أنا من أحببتك
عذراً فلم أعتاد على نسيان من سكن قلبي.
لثاني مرة يستسلم بخنوع، يلعن غبائه كل مرة على عدم جلب معلومات كافية عنها، بالطبع كل شيء سيتغير، انها اربعة اعوام وليست أربعة أشهر!
زفر بيأس وهو يلتقط حقيبته للمرة الثانية لكن تلك المرة سيعود للمرفأ، دخل صديقه كالزوبعة وهو يهتف بدهشة من تقلبات صديقه بعد عودته من السفر
- الي اين تذهب؟!

- سأعود للعمل
غمز بكر مشاكسًا وهو يلكز مرفقه
- يا رجل لم تأخذ الاجازة بعد ولم نمرح
نظر نحوه بوجوم وملامح مكفهرة ليرد بجفاء
- امرح بمفردك
كفي، صديقه ذلك سيصيبه بنوبة قلبية من كثره تقلباته المزاجية، كان في باديء الأمر مستسلمًا وهو يمني نفسه ان الاخر لن يستطيع الاحتفاظ بما يثقل روحه لفترة طويلة، سيتحدث بما يؤرق مضجعه لكن الآن بعد بؤسه وملامحه التعيسة، سيعلم ما حدث
صاح بحده وهو يوقفه عن السير قائلاً.

- توقف حقًا لم افهمك، تتصرف بغرابة تلك الأيام بعد عودتك من مصر كنت متلفهًا وشغوفًا بالذهاب ولكن بعد العودة تبدل حالك
- تأخرت
ورغم انها لم تكن واضحة ومفيدة استرسل قائلاً بتساؤل
- علي ماذا؟
- الوصول اليها، هناك شخص أعلن ملكيته عليها قبلي
اذاً تلك المصرية هي السبب، واخيرًا أصبح يرى ذلك الثور عاجزًا، يرفض الاعتراف بما يخبره قلبه
- خالد.

صاح بها بقوة جعل الأخر يرفع رأسه الي السقف ثم نحوه ببرود، ليسترسل بكر بهدوء
- تريدها
- نعم
اجاب دون تردد مما جعل بكر يبتسم بخبث وهو يقول بجدية
- عليك الفوز بقلبها، افعل اي شيء قبل أن تخسرها نهائيًا
صديقه بدل نظريته عن الحب؟!، كلام لا يصدقه ومع تلك النظرة الخبيثة علم انه هناك شيئًا ما!
- منذ متى تبدلت نظريتك؟
اشار بكر بأصبعه نحو موضع قلبه قائلاً.

- لانني اعلم قلبك يا صديقي، اثق انك لن تؤذيها ستمنحها الحب والاهتمام الذي سيجعلها تذوب بك عشقًا
شخر خالد ساخرًا وهو يخرج من الغرفة متوجهًا نحو الردهة
- بدأت اشك بك الآن
ضحك بكر بقوة وهو يقول
- بالطبع يجب ان تشك بي لان هذا يحدث في الافلام الرومانسية فقط، هيا عزيزي غادر الآن، وداعًا يا صديقي
- احمق.

أغلق الباب خلفه وهو يسير في الرواق الذي لا نهاية له، ليتوقف عن السير وتلمع في ذهنه فكرة لامعة، من قال أن خالد الحديدي يترك شيئًا يريده إلا وحصل عليه، اهتدي لفكرة معينة وهو يتابع سيره مفضلاً تلك المرة الدرج بدلاً من المصعد، ولسانه يردد قائلاً
- سأفوز بها، ستكونين لي نجمتي.

تضرب بكف يدها بقوه على جبهتها، علي استسلامها المخزي ليلة أمس، قبلاته كالقذائف التي لم ترحمها ولو للحظة، تعلم ما يحاول فعله، استمالتها واغوائها نحوه لتعود كما هي قطة مطيعة بجواره، من قال انها لم تراقبه عن كثب، ملامحه مسترخية واصراره القوي في العودة إليها اجفلها وكأنه أخذ عطلة طويلة يجدد بها نشاطه، هل تُصمت أشلاء قلبها بأنها رأت نظرات منكسرة، مشروخة مطالبا وصالها، ربما كانت ستسامحه على فعلته على بعده عنها، لكن لن يعني هذا العودة إليه! ابدًا هو يسافر ويذهب ويأخذ عطلة وعندما يعود تخبره اشتقت اليك !

أعادت رأسها للخلف وهي تحاول العد إلى عشرة، وما ان وصلت للرقم عشرة حتى استمعت الى صوت طرقات باب مكتبها، طمأنتها وهدأت من روعها قائلة
- اهدي اهدي متفكريش حتي انك تروحي تضربيه
صاحت باللغة الأنجليزية لجعل الطارق يدلف، دلف الطارق بطريقة مسرحية وهو يهتف بمرح تتألق مقلتيه
- ليان
ابتسمت علي الفور وتبدلت خططها الشيطانية وهي تحثه علي الجلوس هاتفه بأسمه
- فؤاد، اتفضل.

جلس على المقعد بغرور وهو يضع ساقا فوق الأخري جعلها ترفع حاجبها بتعجب قابلها عدم اهتمام من الأخر قائلاً
- بما اني روحت عند الاستاذ زيدان قلت اشوفك بالمرة بس شكلك مشغولة
عقدت ذراعيها على صدرها وهي تهتف بعملية
- براحتك اتفضل في أي وقت
ابتسم بغرور لا يليق به وهو يعدل ياقة قميصه، انفلتت ضحكة خافتة وأدتها سريعًا وهي تحاول أن تمثل دور الموظفة الجادة في العمل، لكن كونها جادة مع فؤاد..!
تساءلت بجمود.

- فؤاد هو انت ليه اخترتني؟
رد بطريقه مسرحيه وهو يضع يديه علي قلبه وكأنه يهدأ من نبضات قلبه الثائرة
- اعجبت بيكي و بشخصيتك
عقدت حاجبيها بعدم تصديق وهي ترد بحزم
- بلاش والنبي دخله الافلام الهندي ديه علشان حفظاها
اعتدل في جلسته وهو ينظر نحوها قائلا بجدية نادرة لا تراها سوي في الأوقات الحازمة
- طب تمام يا ستي شوفتك في الشركة وشديتني من اول مرة وحسيت اني لازم اعرفك عن قرب وبس كده.

هزت رأسها كعلامة لا معنى لها، لتلتقط قلمها وهي تنقر على سطح مكتبها قائلة وهي تشير بعيناها نحو الباب
- فؤاد شايف الباب ده
اصطنع فؤاد عدم الفهم وهو ينظر اليه قائلاً
- ماله
- خده في ايدك
رفع حاجبيه بدهشة من، وقاحتها، ليستقيم واقفًا وهو يرد بمشاكسة
- بتطرديني بالذوق
- وانت الصادق بقلة ذوق
هتف بوعيد لكن بطريقة اخرى وجدتها مرحة
- ماشي يا ليان يوم ليك ويوم عليك.

خرج من الغرفة وهي تنظر نحوه بشرود، ابتسمت بأستحياء وهي تفكر في ذلك المدعو ب فؤاد، رجل لا تستطيع مقابلته سوي مرة واحدة فقط، التفتت بنظرها نحو الزجاج الذي يطل علي المكاتب أمامها لتنصدم من صاحب الأعين الزرقاء الداكنة، كأنه متابعا لما حدث منذ قليل، اشاحت بوجهها بعيدًا وهي تهمس بدون وعي منها باللغة الإنجليزية
- سحقًا له.

ومع مرور دقيقة ونصف استمعت إلى رنين هاتف المكتب لتستمع الي نفس كلمة السكرتيرة قائلة بجدية
- السيد زين يريدك
استقامت من مجلسها وهي تضع لذلك الأمر المنفلت حدًا، ماذا يظن نفسه حتى يجلبها من مكتبها الي مكتبه؟َ!، جزت علي أسنانها بقوة وهي تخرج من غرفتها صافقة الباب خلفها غير عابئة بأي شخص ينظر اليها بتعجب.

- تفضل
قالتها بوجوم وهي تعقد علي ذراعيها وتهز بكعب حذائها السميك علي ارضيه مكتبه بحركات منظمة دقيقة،
كان يستند بجذعه العلوي على سطح مكتبه، ينظر إلى نظارتها التي تجعلها امرأة عملية فاتنة خصوصًا حجابها الأحمر الذي اعطي لوجنتيها حمرة طفيفة ولبشرتها الخمرية
اعتدل ل يخطو نحوها بخطوات هادئة نحو تلك الباردة قائلاً بجمود
- لماذا؟
عقدت حاجبيها بضيق مغمغة
- عن ماذا تتحدث؟
زمجر بخشونة وغيره تخرج من أنفه.

- كم مرة اخبرتك الأ تصادقي رجالا؟، الا تنظرين الي نظراتهم الشهوانية نحوك بتلك الملابس؟
رفعت حاجبها الأيسر ببرود قائلة
- ملابسي محتشمة اولاّ، ثانيا سيد زين هذا ليس من شأنك لايوجد بيننا اي شيء يجعلك تتحكم بي بتلك الطريقة
- زوجك
همس بها بحدة وهو يجذب ذراعها بقوة نحوه، لتضحك ساخرة
- اووه اصبت بالقشعريرة.

ينظر إليها بتفحص، يحاول التعرف على تلك الجديدة عليه، عقله يكاد ينفجر بل لا يستوعب من تلك الباردة، جزت على أسنانها بضيق
- كلا لست زوجي نحن تطلقنا منذ زمن
قاطعها هادرًا
- ايتها الغبية لم اطلقك انا
ابتسمت بخبث وهي تقترب منه بخطورة، أحاطت ذراعيها حول عنقه وهمست أمام شفتيه مباشرة بإغواء.

- الا تري تلك الكيمياء بيننا؟، حتي الان ألم تعلم ان هناك شيء اخر يدفعنا، تلك الروعة التي كنا نشعر بها معًا، دعني اكون اكثر دقة الانسجام الجسدي الذي حدث دون تدخل احد منا
تألقت زرقاوته بعتمة وهو يزيح كفيها بعنف صائحًا
- لم تكن علاقتي بك مجرد جسد
أطلقت ضحكة مرتفعة وهي ترد بسخرية.

- بل كانت، اردت ان تمتلكني، لم اعد ساذجة بعد الآن والتي تصدق انك وقعت في غرام امرأة لا يوجد بها اي شيء يلفت انتباه الرجل سوي جسدها، برأيك ما الذي يدفع الرجل للأنثي سوي شفة، مؤخرة، نهد.

اتسعت عيناه صدمة وهو يحاول استيعاب ما تقوله!، ألتلك الدرجة جعلها تفكر به بتلك الطريقة؟!، رغم كل شيء وما فعله معها وهو يشعر أنه نال بقبضته النجوم العالية في السماء جعلته الان يسقط الي سابع ارض متهشم الروح والجسد، مفطور الوجدان
تمتم بحدة وهو يصمتها معنفًا علي حديثها الأرعن
- انتِ حمقاء.

- كنت حمقاء لكن الان تراءت لي الحقيقة بأكملها، لم تنجذب سوي لجسدي فقط والذي لن تحصل عليه سوي ب عقد زواج حقيقي لماذا؟! لاني شرقية، تزوجتني قهرًا من اجل حاجتي للمال فقط وقلت ادفع مالا مثل اي عاهرة وبالمقابل احصل علي بعض المتعة الجسدية
لم يجد كلامًا يخرس شفتيها عن حديثها الذي طعنه، همس بحده وهو يجذب خصلات شعره بقوة حتي كاد ان يقتلعه من منابته
- انتِ...

صمت وهو يطلق لفظ بذيء بين خلجات عقله، نظرت إليه بأضطراب رغم ثبات جسدها، في عرين الأسد وهو يسير بكل غضب تراه يحاول التحكم بأعصابه المنفلتة ولكن منذ متى تحول ذلك الجليد الي بركان هائج؟!
استرسلت ببرود اكتسبتها بقوة في بلاد الغرب
- لا حاجة لقول أي شيء سيد زين، انا علمت مكاني جيدًا وقد حان دورك
توقف عن السير وهو ينظر نحوها يرفع حاجبه بقسوة حاثًا اياها علي المتابعة، استرسلت بلا مبالاة.

- ننهي تلك المهزلة التي اصبحت بلا طعم وطالت كثيرا، ابعث ورقة حريتي حتى استطيع الحصول علي رجل يريدني انا
هز رأسه نافيًا وهمس ببرود قارص لا يناسب شعلته الثائرة
- لن افعل وسأستعيدك لي
- لا تحلم كثيرا مجرد ورقة لا قيمة لها تجعل سقف امانيك عالية لحد السماء، اهبط الي مستوي الارض يا ابن ادم قصتنا انتهت منذ أربعة أعوام.

راقبها وهي تدير مقبض الباب وتغلقه بعنف خلفها لم يرمش له جفن علي اثر صفعه الباب، بل دار نحو مكتبه وهو يجلس بهدوء متمتمًا
- لم تنتهي ليان، لم تنتهي بل بدأت.

- سعاد
- ابراهيم
صدر النداءان في آن واحد جعل سارة تضحك بصوت مجلجل قائلة
- ايوا اقعدوا كده طول الوقت تنادوا في بعض ويفوت عليكم مسلسل ابو العروسة
رفع إبراهيم حاجبه وهتف لسعاد
- هي ديه جت امتي؟
احاطت سارة بذراعيها حول عنقه وهي تطبع عده قبلات علي وجنتيه وغمزت لسعاد مشاكسة
- جيت من بدري يا بيبو بس واضح ان الغزالة رايقة النهاردة.

ابتعدت قليلاً عن والدها وقبل ان تهم بقول شيء ارتطم وجهها بقذيفة نارية من وسادة الاريكة، تأوهت بألم وهي تقول
- بتشوحيني بالمخدة طيب انا سيبهالكم مخضرة بقي وراحية المرسم وهتقولولي حصل ايه النهاردة في الحلقة
وكما خرجت من مرسمها عادت مرة أخري وهي تغلق الباب خلفها بهدوء، التفتت سعاد الي ابراهيم قائلة
- مش ملاحظ حاجة غريبة
- سعاد بعد المسلسل نحكي تمام.

هتف بها ابراهيم بحسم قاطع وهو يعلم ما الذي تريد سعاد قوله، تأخر فترة الارتباط الرسمي، حديث الجيران، صبر سالم حتى الآن، الخ
هو الآخر يراقب تلك التي تتصرف بغرابة مع الجميع ويريد أن يعلم الي اين ستصل بتلك القرارات التي تتخذها، ربما عليه ان يضع حدًا لكل ما يحدث، توقع ان الفتاتين ناضجات بما فيه الكفاية لأخذ قرارت بمفردهم لكنه كان مخطئًا، حان وقته الآن.

بعد تلك الدناءة والحقارة التي تفوه بها امامها لم تتجرأ علي الذهاب للشركة مرة اخري، تتذكر ملامسته لبدنها وخضوعها المخزي امامه، فرت دمعه من مقلتيها وأدتها سريعًا وهي تنظر الي ابيها الروحي قائلة بابتسامة دبلوماسية، برغم أنها تود دك عنق التنين الناري لكن إن طلب منها سيد مرتضى شيئًا لا تستطيع أن ترفضه، هو من ساعدها علي اجتياز محنتها، من ساعدها علي ان تصبح امرأه لها هدف في الحياة.

- صباح الخير يا استاذ مرتضي
هز الاخر رأسه محيًا وهو يسحب طفل صغير قائلاً
- تعالى يا يامن اعرفك علي موظفتي النجيبة
الآخر لم يكن يريد النزول معه حينما اخبره ان مساعدته بالاسفل لكن رأيه تبدل كليًا وهو ينظر اليها مفتوح فاهه ببلاهة
- الصاروخ ديه!
رفعت حاجبها الأيسر بتعجب قائلة
- نعم!
حمحم بجدية وهو يمسح خصلات شعره السوداء وقد احتقنت أذنيه من موقفه المسيء أمام جده، مد كفه وهو يرحب بها قائلاً.

- اهلا يا طنط نورتي
ردت بمجاملة وجفاء وكم تود قص لسانه علي كلمه طنط أيراها عجوز امامه!
- بنورك
ابتسم مرتضي وهو يشعث خصلات شعر حفيده الطويلة قائلاً
- حفيدي يامن.

لا يحتاج السيد مرتضى لقولها، يوجد شبه مطابق بين الأب والأبن بنفس تلك الاعين الرمادية التي ستمتد لاجيال قادمة وخصلات الشعر الطويلة الكثيفة، لم تتوقع ذلك الوقح يكون له ابن في التاسعة من العمر، عمره يبدو أصغر بكثير أيعني ذلك أنه تزوج حينما كان صغيرًا؟! رغم عملها مع السيد مرتضي الا انها لم تري احد ابنائه من قبل او تعرف شيئا عنهم ولو بالصدفة.

توقفي هند ما الذي تفكرين به؟، توقفي عن التفكير بذلك الوقح وذلك الابن الأصغر، تطلعت إلى الصغير الذي ينظر نحوها ببراءة لتهمس بين شفتيها قائلة
- طالع شبه ابوه، بس واضح ده متجه للوقاحة
- بتقولي حاجه؟
وبدلا من ان تخرج من فم الصغير خرجت من السيد مرتضي لتقول نافية
- لا يا فندم اطلاقا، انا جيت علي حسب ما طلبتني في حاجة مهمة
- بما ان النهاردة اجازة من الشغل وراشد مسافر قررت انك هتقضي اليوم معانا.

همست معترضة وعيناها تتسعان زهولاً
- لكن..!
قاطعها حاسمًا
- من غير لكن، أوامري تتنفذ فورًا
- تمام يا فندم
وردها لم يكن سوى الاستسلام والخضوع في تلك اللحظة والسؤال الأهم الذي طرأ عليها لماذا استدعاها هنا؟ لم يفعلها من قبل، كل علاقتها به مجرد عمل ولا تبقي في منزله سوي عدة دقائق محسوبة!

حتى تلك اللحظة لم يكن متصورًا ما كان على وشك القيام به، يسب ويلعن في كل مرة يتذكر فيها ما كان على وشك فعله، يالهي ما الفرق بينه وبين المتحرش؟!، قام من مجلسه وهو يتذكر نظراتها المذعورة وجسدها الذي ينتفض بين قبضته، شد خصلات شعره السوداء بجزع وهو منذ فعلته الشنيعة قرر الهرب وعدم رؤيتها، حتي وإن كان لا يريد رؤيتها ولا يتقبلها عليه الأعتذار، لقد تمادى بفعلته.

رنين هاتفه أخرجه من شروده وهو يلتقطه مجيبًا
- ايوا يا حنان
لدقائق استمع اخر الاخبار الذي كلفها بها تطمئنه إن حدث أي شيء مريب في القصر ليقول ناهيًا الحديث
- طب تمام اقفلي
لعنها داخليًا وهو يقوم يلتقط جميع متعلقاته مزمجرًا بخشونة وقد تراقصت الشياطين في مقلتيه
- جيتيلي برجلك.

يراجع ماقالته كل ساعةووكلدقيقة وكل ثانية، حديثها اصابه في مقتل لم يكن يتصور منها ان تخرج تلك الكلمات الحارقة من شفتيها، تنهد وهو يطلق زفيرًا حارًا هو مخطيء يعلم ذلك ويعترف لكن يجب عليها ان تعطيه فرصة للحديث معها لا أن تصده في كل مرة...
طرق باب مكتب عمه وهو يدخله مهموم، مكسور الظهر، همس زيدان مُرحبًا وقد اغلق هاتفه في لحظة دخوله
- تفضل عزيزي.

جلس علي المقعد وقد فقد بريق عينيه لمعتهما للحياة، لما كان عليه اختيار الحب وهو يعلم جيدًا بقدر ما يجعلك ترتفع الي أعلى السماء ببساطة يجعلك تسقط سابع ارض، لما اختار الحب وهو يعلم انه لن يقدر علي تحمل جرح آخر، التفت إلى ابتسامة زيدان بتعجب وهتف ساخرًا
- ما الذي يضحك في الأمر؟

- حقًا لا اعلم منذ فترة بدأت اتلقي عدة خاطبين ل ليان، زاد معدل الخاطبين لكلا من ابنتيّ في تلك الشهور رغم انني قررت الزوج المناسب لها
خاطبين! أيقصد زوجته؟!، عند تلك اللحظة خرج الليث من مكمنه وهو يصيح بحدة
- اي مزحة سخيفة تمثلونها انت وليان؟
راقب زيدان انفعال ابنه قائلاً ببرود
- مزحة! إنني لا أمزح اطلاقا
هب من مجلسه علي الفور وهو يصيح بهدر وعقله لا يتقبل تلك الفكرة اطلاقا، من هي ملكه يريد آخر امتلاكها.

- تتحدث بجدية! وهل من الطبيعي ان اسمع ذلك الحديث السخيف، تخبرني بوجود عدة خاطبين لزوجتي وتريدني ان اظل صامتًا، ما الذي تسعون خلفه غضبي، ام ثورتي ام الحمية الشرقية؟!
رد زيدان بلا مبالاة
- لا شيء مما سبق، بالمناسبة تلك الورقة ليست مهمة اطلاقا ستحصل عليها عاجلاً ام اجلاً
ثار أكثر وهو يلقي بعدة اوراق علي الأرضية صارخًا بوحشية
- علي جثتي ان يحدث، أتفهم.

ما الذي حدث لأربعة أعوام جعله يثار من اقل شيء؟!، صاح بقوة وهو يضع حد لذلك الذي أصبح ثورًا مثل ابنه الآخر
- زياد، صمتها خلال اربعة أعوام لم تطلب الطلاق حيثما اختفيت انت كالزئبق دون حتى ان تهاتفها مكالمة تطمئنها لا يعني انها راضية بما يحدث، لذلك قررت هي البدء بقولها، انت تعلم انني قادر علي ان انهي ذلك الأمر منذ مدة لكن اردت ان يحدث ذلك أمامك
اطرق بقوة على سطح المكتب الزجاجي وهو يهمس بخطورة.

- هل انت معي ام معها؟
القي سؤال مفاجئ كقذيفة القت في وجه عمه
- وهل توجد انثى تستطيع تغفر لك خطيئتك؟
تردد للحظة وهو يفكر هل تستطيع فعلها ام لا؟!، يتذكر منذ فترة صموتها وتحملها صموته ليجيب بثقة
- ليان ستفعل
ثقة الاخر لم تتزعزع رغم أنه يعلم أن ليان قد تغيرت شخصيتها عن السابق، رد ببرود اثار اعصابه
- اشك في ذلك، علي كلاً حينما تحصل علي الورقة وتنتهي شهور عدتها سنري ما خطتها
اقترب من عمه وهو يقول بتهديد مبطن.

- اذا لنرى يا سيد زيدان كيف سأطلقها حينها و ذلك المختل الآخر سأجعله يدفع ثمنًا لعبثه بممتلكاتي
رفع العم حاجبه من المحارب الشرس الذي ما زال يحارب بضراوة رغم هزيمته
- انا لست سوي رسول ابلغ ما ارسلت به
همس بوعيد وقد تألقت زرقاوتة بلون داكن ك بئر سحيق لم يصله النور
- وتلك الحمقاء الاخري ستعاقب وبشده، سأجعلها تدفع ثمن ذلك الهراء واحدًا تلو الأخر
-زياد
التفت اليه عمه وضيق ينهش صدره، تابع زيدان ببرود.

-هل تعلم من قتل ميشيل؟
سؤال خبيث القاه في ملعبه ليجعله لثوانٍ ينسي وعيده الحمقاء، غمغم ببرود قبل ان يغادر عرفته
-لا اعلم.

كانت تستند علي جذع الشجرة وهي تتطمئن علي حالة جدتها كل ساعة من هنادي
- هي تمام دلوقتي، طب تمام يا هنادي اكدي كويس انها اخدت الدوا ونامت انا نص ساعة وهوصل متقلقيش هجيلك
ومع إغلاق هاتفها سارعت خفية كي لا يراها ذلك الطفل الصغير او السيد ويجبارها علي المكوث اكثر، ألتفتت يمينًا ويسارًا خشية ان يراها احد لتنصدم من رؤية ذلك الوقح
- استاذ راشد!

همست بها وهي تعود للخلف عدة خطوات كي لا تصطدم به مثل المرة السابقة، رؤيتها لهيئته ذكرتها بما حدث اخر مرة لهم، ربما لو دعته او صمتت لثواني عديدة كان سيحدث ما لا يحسد عقباه، سمعت تعليق ساخر منه
- واضح انك كنتي واخدة علي البيت كتير
تراقص الشرر من مقلتيها وهي تهمس بتحذير وهناك شيء يلح عليها ان تصفع وجنتيه
-تلميحاتك ديه مقبلهاش
ضحك ساخرًا واتبعها قائلاً بحقارة
- حته سكرتيرة لا راحت ولا جت هتعلمني ولا ايه.

ثار بركانها وهي تراه يتحدث بوضاعة عنها رفعت اصبع السبابة وهي تجز علي اسنانها بغضب، لن تجعله يتمادي اكثر من ذلك، من هو ليفعل هذه الأشياء معها وماذا يظن نفسه؟! كونه وسيم احمق مهلك فج غليظ ستتركه يتحدث علي هواه، ابدًا
- مسمحلكش كون انك مصاب بعقدة مش هتخلينا نخنق الدنيا اكتر ما هى مخنوقة، قرفتونا بعقدكم اوووف
تراقص الشرر في مقلتيه وهمس بخطورة
- انتي ازاي،.

قاطعه دخول مرتضي من حيث لا يدري قائلاً بهدوء غير مكترث بالحرب الأهلية التي ستقام في عقر منزله
- راشد كويس انك جيت بدري، تعالي علشان تتعشي وانتي يا بنتي
قاطعته برفض تام وهي تراقب ذلك التنين
- لا يا استاذ مرتضي كفاية لحد كده انا هروح اشوف تيته، هنادي قاعدة طول اليوم عندها وانا لازم اروح اشوفها
تمتم ببساطة وهو يطرق بعصاة علي الارض
- روح وصلها يا راشد
سارعت بالنفي
- لا ملهوش لزوم
- اتفضلي يا انسه.

جحظت عيناها من نبرة التنين الهادئة المسالمة فى وجود والده، ماذا سيفعل بها وهما بمفردهم؟هل سيقوم بقتلها أم شنقها أم يقوم بأظهار حقارته، دمعت عيناها وهي لا تجد مفر من تلك المحاصرة لتضرب بقوة بحذائها المنخفض علي الأرض وهي تخرج من الباب...
تساءل راشد بهدوء غير مبالي بتلك العاصفة التي خرجت
- فين يامن؟
رد مرتضي
- في اوضته بيذاكر، شوية وهتناديه حنان عشان يتعشى.

هز رأسه ليخرج من المنزل متوجهًا نحو الخارج ليجدها اختفت كالزئبق، للحظة كاد أن يعود بأدراجه للمنزل لكن لاحظ وجود فتاة منحنية ارضًا خارج بوابة القصر، اللعنة تلك الغبية تنحني في اي وقت!
صعد سيارته وهو يتوجه نحو تلك الغبية او التي تمثل الغباء وهو يشعر ببركان هائج علي وشك الثوران، اقترب منها بسيارته ليجدها تحاول عقد رباطة حذائها همس بحدة طفيفة
- اتفضلي.

انتفضت من اثر صوته الرعدي وهي تستقيم واقفة واضعه يدها علي صدغها تستعيذ من الشيطان في سرها ثم تابعت في حدة طفيفة
- قلت انا مش ه،
قاطعها امرًا
- اركبي
نفخت وجنتيها بغيظ شديد قبل ان تستلم صاغرة ليس لانه امرها بل لانها لم تجد أي سيارة اجرة وسيارتها الثمينة تركتها اسفل عقارها حينما حثها سيدها علي الوصول الي منزله في اقرب وقت، اغلقت الباب بعنف صائحة
- اووف.

ضمت جسدها المرتجف بقوة، ليالي المشفي الكئيبة عادت اليها، تحسست بطنها المسطحة بألم، ذرفت بعض الدموع من مآقيها وهي تفكر ربما علمت سبب عدم مجيئه، لم يكونا مستقران، ربما وجوده ليس نعمة بل نقمه، فى كل الأحوال هي راضية بما كتبه الله لها،.

تذكرت مكالمة العم زيدان عن آخر محادثة جرت بينهما، تريد منه فقط الصبر تهجم جيوشه بضراوة على حصونها ما زالت تحت الترميم، وإن كانت قد صمدت لعدة مرات هل ستصمد مرة اخرى؟!

هو السبب في كل ما حدث لها، هو السبب في اختطافها، هو السبب في خسارتها للنطفة التي في داخلها، هو السبب في عذابها ليلا ونهارًا، تقضي لياليها في البكاء علي الأطلال وحتي الآن علمت انها لم تجتاز محنتها، ما بالك ان كانت عادت الى القاهرة، كانت ستبكي على الأطلال ايضًا لكن هناك لم تكن ستفكر بالعمل او بالتعرف علي الاشخاص او الاماكن الجديدة، ستكون متقوقعة في فراشها ونظرات والديها لن تستطيع ان تمحيها بسهولة، هنا ارحم بكثير، علي الأقل تبكي في الليل وتتصنع الصمود والجمود واللامبالاة في الصباح.

نظرات مترقبة، عقل مشوش، ضربات قلبها تقرع ك طبول الحرب، روح مذعورة، انفاس تخرج متثاقلة من مجرد رنين جرس منزلها، اقتربت ببطء صوب باب منزلها وهي تتمني ان الأسم الذى جاء فى خاطرها ليس هو،
لن يكون هو، لن يكون هو ترددها باطمئنان وهي تفتح باب منزلها ببطء متوجس ونغمه تحيط حولها مشتعلة وكأنها تشاهد فيلم رعب، شهقة مصدومة انفلتت من شفتيها وهي تتطلع نحو الطارق،.

مائل بجذعه على الحائط ونظراته مثبته نحو الأرضية الرخامية، ما يعيشه الآن جنون في جنون الجميع يتآمرون ضده ومن من؟! من هي له، من هي ملكه، زوجته أم نقول من كانت ونحول الفعل المضارع للماضي.
في لمح البصر لم تعد ليانه بجانبه بل يوجد صف من الخاطبين معذرة بل الخاطفين ينتظرون فقط الفرصة ليقتنصوها منه،.

لكن هو لن يدعها وان لم تكن له فلن تكون لغيره، سيجعلها تكون وحيدة كما فعلت له، سيذيقها من نفس الكأس ولكن تلك الأشياء تتخذ بروية،
- زين
همسها له جعله يرفع ببصره نحوها، ناعمة رقيقة هشة كما هي بنبرتها الهادئة، يالله كم اشتاق لها، كم يتمني ان يلمس وجنتيها، يديها، يعتصرها بين ذراعيه، يدفن وجهه في ثنايا عنقها، يستنشق عبيرها الشرقي وكل ذلك بإرادتها هي و ليست مرغمة.

أعين لائمة كالنصل الذي انغرس واندس بقوة نحو قلبها، عضت شفتيها السفلي وهي تكبح تلك الدموع التي تهدد بالانهيار في لحظة ضعف، يأس، انهيار، ثوران
دفع جسدها بقوة لترتد علي اثر دفعته للخلف مع اختلال توازنها قليلاً، اغلق الباب خلفه بقوة مزمجراً بحدة
- تريدين ان تتزوجيه أليس كذلك؟!

أغمضت جفنيها بقوة، تلك الحرب لم تكن مستعدة لها الآن، كانت تلملم شتات نفسها و اشلائها المتفرقة قبل أن تواجهه في الصباح، لم يعلن لها عن وقت الحرب لكي تجمع جيوشها، جيوش من الصمود والبرود لمحاربة ذلك الجبار المتكبر،
همست بحدة خفيفة وباشارة من اصبع السبابة تشير نحو الباب خلفه
- من فضلك اخرج لا يوجد احد هنا، اعيش بمفردي
ضحك بسخرية وهو يحك طرف ذقنه مغمغمًا بمكر يتسلل بين ثنايا قلبها
- هل تخافين مني؟

ابتلعت غصة مؤلمة في حلقها، لتعقد ذراعيها على صدرها وبصرها مرتكز نحو نقطة في الفراغ،
متمنعة عن الإجابة، متصنعة عدم الأهتمام، هزات خفيفة غير ملحوظة نسيبًا تضربها علي الأرض ومعدل الاكسجين ينسحب رويداً من انسجتها النشطة الفعالة
واخيراً قررت ان تنطق، زفرة حارة خرجت من شفتيها قائلة بصوت واهن
- زين ارجوك اخرج.

تعلمه عنيد كالثور، بارد كالثلج بل كالقطب الشمالي، لن يتزحزح ولن يتحرك إلا ان يأخذ ما يبتغيه وهذا ما يقلقها ما يبعثر ويهدم ذاتها الجديدة التى كونتها بعد حطام واشلاء انثي عاشقة لرجل،
همس بتصميم مؤكدا علي كل حرف يخرج بين شفتيه كالعاشق من يمدغ صك ملكيته لحبيبته
- لن أدعك لياني لن ادعك تبتعدين عني.

لم ترتجف لم تتأثر من كلمه لياني التي كانت تذوب بها كقطعة السكر، يبدو أن البُعد قد جعلها صلبة جافة لا تتأثر ولكنه هو الآن هنا،
زفرت بحده وما زالت عيناها بعيدة عنه قائلة
- انا لا اريدك لا ارغب بك في حياتي اترغمني علي هذا
طلقة قوية عنيفة اخترقت خلايا جسده لتصل لمضخته الثائرة، تلك تلك ال اا، كظم غيظه وهو يبتر شتيمة نابية بين خلجات عقله، ما هذا الهراء الذي تقوله؟

لم يقترب منها قيد أنملة، كما هو في مكانه صاح ببرود وهو يراقب عيونها المتهربة منه
- قوليها مرة اخرى وعيناك امام عيناي، قوليها ان كنتي جريئة بما فيه الكفاية
اللعنة هل هذا ما يريده ليغادر، نظرت اليه بقوة وتحدي صارخ امام حدقتي عينيه اللامعة بالخبث والمكر
شددت على كل حرف يخرج من جوفها
- انا لا اريدك.

تلك هي الفاجعة، تلك هي الطامة الكبري، من تهشم كبريائك كرجل، من تزيله كممحاة بكل صلف، من تسلط بلجامها بقوة على ظهرك غير عابئة بصراخك
صفعة ام قبلة دامية؟!، في حيرة بين الأمرين، يود فعل الأثنين معاً لكن يجب عليه ان يحدد شيء واحد فقط، يرد تلك الهجمات بقذيفة تفجرها وتُعلن انسحابها،
تعبيراته الخاوية جعلتها تذعر كأرنب صغير يهرب بين يدي ثعلب ماكر
قال بجمود وهو يضع بكفيه في جيب بنطاله.

- جسدك اصبح بارع في إخفاء تعابيره لنري قلبك
جاء ما يدعي بالهستيرية العاصفة، أشارت بكل حزم نحو باب منزلها
- ماذا؟!، اخرج الآن لقد حصلت على ما تريده
- ليس بعد هناك شيء آخر
أغمضت جفنيها للحظات وهي تود لكم او صفع ذلك المتحجر، كم مرة اخبرته لا يوجد مجال للعودة معاً وكل ما يفعله سيذهب في مهب الريح
- ما هو؟
صاحتها بسخط وعينان متوعدتان تحرقه من وقفته المتباهية، رد ببرود
- قبليني.

شهقت بقوة تلك الشهقة الأكبر منذ ان جاء، تعود للخلف بعدة خطوات شبة متعثرة، ذلك الوقح السافل يريدها أن تُقبله
- أتمزح!
نفي سريعا وما زالت تعابير وجهه غامضة
- لا امزح هيا أريدك أن تقتربي مني وقبليني وإن كانت قبلتك بارده سأبتعد ولن أعود مجدداً.

لمست نبرة الصدق منه، لكن لم تصدقه كلياً، ماذا تفعل اتذهب وتخبره انها بالفعل لا تريده، لا تريد رؤيه وجهه وسيكون ذلك اللقاء الأخير، يريد الحصول على قبلة للوداع، لن تجعله يهنىء ابداً ولو في لحظة خسارته،
ثواني تبعتها دقائق مرت كالدهر واعين مرتقبة والأجواء تشتعل بصخب من حولها، حدقتيها تمر نحو الواقف بثبات وينتظر قدومها نحوه تتسحب خلسة تسرق قبلة وتعود كما كانت في موقعها،.

لم تجد سوي الاستسلام في ذلك الوقت، انسحاب خفيف منها اعلان الراية البيضاء في سبيل خروجه واعلانه الخاسر في الحرب التي طالت
تقدمت و تحركت نحوه، لم يصدق انها تتوجه نحوه بخذلان، بضيق يعتري صدرها، بأعين ملتهبة تشعل النار من مجلسه،
ووصلت اخيراً بعد ظن أنها ستتعلل وترفض، اناملها الرقيقة الدافئة اخرجت كفه الأيمن ووسطت خصرها، اقتربت، اقتربت اكثر لحد مهلك له.

رفعت بأنامل قدميها حتي أصبحت موازية له تعبث بأنفاس ساخنة ألهبت جوارحه، ذراعه المحيطة بخصرها تحت إرادتها تخبره ان جسدها لم يعد يرتجف من قربه بل جامد ساكن كالجبل لن تهزه اي ريح عاصف.

وجاءت اللحظة قبلة عميقة تبعثها لشفتهلسفلي بأنغام وألحان هادئة، فيمتو ثانية شعر برجفتها وقُبلتها تزداد تعمقًا تحت أثر إنصعاقه تلك الخجولة كيف تحولت لأخرى جريئة لم يعهدها هكذا منذ ان كانت بين ذراعيه و يتنفس عطرها آخر ما تفعله تُقبل وجنتيه او قرب شفتيه فقط، عقله يكاد يجن ولم ترحمه لثانية قبلة تغوص لعالم لهما، بل كان ولكن الآن عاد يدق ويفتح ابوابه بقوة يصطدم ويرتطم ويحدث جلبة عنيفة.

قبض بقوة علي خصرها وهو يقتنصها الي احضانه، يقبلها بنهم يقابل قبلتها الجريئة الصارخة بأخرى ناعمة مغلفة بمشاعر احيتها هي يرسل رسائل عنيفة إلي روحها التي تراجعت وتهاونت للحظة، لم يبتعد عنها لم يرحمها بل سمح لشفتيه بان تطول كل شبر في تفاصيل وجهها همس بخشونة قبل يعود لسحقه وانتهاك شفتيها
- اللعنة.

تمادت تمادت كثيراً، وقبل ان تخرج شهقة كتمها سريعا بين شفتيه وهو يداعب وجنتيها بأنامله، يُغريها بقبلته وهي شبه مستسلمة، شبه هائمه، شبه انثى اكتملت بوجود شقها الآخر وجود حبيب، ولكن ليست تلك التي تستسلم من عاصفة حب وليست هذا ما تريده
تملصت بهدوء بين ذراعيه التي لا تعلم كيف لم تشعر بوجودها سوى الآن، يا إلهي لا تصدق كيف انقلب السحر على الساحر، من المجني عليه ومن الجاني، من الصياد ومن الفريسة.

همست من بين قبلاته الشغوفة التي تلح بأصرار وتدق علي ابواب قلبها الذي يستميل له بضعف
- زين، توقف ارجوك
تمط اسمه ك علامة للرجاء، علامة يأس، اسم يزداد عذوبة وحلاوة بين شفتيها، ليس بناسكًا حتى يمتنع.

ابتعد واخيرا بعد صراع عنيف ما بين عقله وقلبه، ابتعد وهو يلتقط انفاسه عيناه تنظر نحو شفتيها يشاهد اثر سحقه، داميتين متورمتين تنهد بأسى وهو يمس شفتيها بأنامله، يبعث برسالة قصيرة بأنامله الي شفتيها المرتجفتين، همس بخشونة ملتقطاً انفاسه
- حصلت على الإجابة
برقت عيناها بصدمة وهي تنظر اليه، كلا لن يكون ما يدور في عقلها، وقبل ان ترد وجدته يبتعد عنها يبتعد حتى هرب وأغلق باب المنزل خلفه،.

اصبحت ساقيها هلاميتين لا تتحمل أكثر من صدمتها،
تهاوت علي الأرض وعيناها تطلق شلالات حبيسة آن آوانها للانطلاق، صاحت بحرقة وهي تضرب نحو موضع قلبها بقوة تتمنى أن تختفي تحت التراب، تعلن نبضات قلبها عن التوقف للحياة
- بكرهك من كل قلبي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة