قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن عشر

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن عشر

عبس وجهه ونظرة منكسرة طافت زمرديته
هي خائفة
خائفة منه
بل يشعر بأرتجاف جسدها
ألا تثق به
الا يوجد ولو مقدار ذرة
هي تعلم جيدًا انه لن يؤذيها
والله لن يفعلها
جل همه هو مشاكستها
ابتلع مرارة كالعلقم في حلقه، وهو يبتعد بل يأخذ وضع الفرار يعود عدة خطوات للخلف وعيناه تجول انهيارها الحاد في البكاء
شذب خصلات شعره بقوة وهو يدور بلا هوادة في الغرفة، تمتم ساخرًا وهو يمسد عنقه.

- رأيت نظرة الخوف في عينيك، حقًا بعد كل ما حدث تخافين مني؟!
عنفته وزجرته بحدة وهي تمسح دموعها التي أصابته في مقتل، سببت جرح نازف في فؤاده
- تجاوزت حدودك كثيرا
تجاوز بعض الحدود، يعترف بل يقر بها، لكن ليس كثيرًا لم يقبلها، لم يُغريها، عض على شفتيه بقهر وقال بجمود مشيرًا للباب وقد وضع المفتاح في عقب الباب
- اعلمي شيئًا واحدًا لن اتقرب منك سوي وانتي زوجتي، اتمنى العطلة كانت ممتعة، هيا غادري رجاءًا.

يا إلهي كانت علي وشك السقوط في الهاوية نحو ستار الحب كما يدعيه، بأطراف هلامية ونظرة معاتبة همست
- خالد
رفع ببصره نحوها، لم يعد يتحمل نظرة عيناها ابدًا بها عتاب ممزوجة بالخوف الشديد والأحتقار
بالكاد سمعها تهمس بصوت مختنق
- يوجد لديك شيء جميل في داخلك استغله للافضل، اتمنى ان تجد فتاة واقعة لحد الثمالة في حبك.

اي فتاة اخرى يريد وهو اخيرًا اطلق سراح قلبه لها، أي فتاة يريد وهو أعلنها موطن لفؤاده، مرساه الساكن الدافيء، همس بصوت ساخر
- اخبريها إذا أن تبتعد عن خطيبها وتكون بجواري
بللت شفتيها بتوتر قائلة
- وما ادراك ربما أحبته
ضحك بسخرية تلك المرة مستمتعًا الي اهتزاز في احبالها الصوتية، ضم قبضته بقوة كي لا يفتك بتلك الحمقاء قائلاً بصوت ماكر
- إن احبته صدقًا ما كانت ستتأثر بقرب الاخر
- ربما ك،.

قاطعها بحدة اجفلتها وقشعرت بدنها
- ما كنت ابدًا سألوثك سارة وأدنس براءتك وطهرك، واعتذر كثيرا عن ما تماديته في حقك
يعتذر! يعتذر عن أي شيء تحديدًا، يوجد الكثير والكثير من الاشياء التي تمادى بها وهي كالحمقاء دعته يستبيح ملامستها بأريحية، صرخت بقوة وهي تحطم المزهرية ارضًا حتى دوى صوت هشيم قوي
- تعتذر بعد ماذا خالد، بعد تدخلاتك وتحكماتك بي وكأنني خليلتك.

قاطعها خارسًا إياها على تفوها الأرعن وهو يشير بأصبع السبابة محذرًا
- ابدًا لا تنطقيها ابدًا، انتي نجمه، نجمه لم يطلها أحد محتفظة بوهجك وقوتك من انتي لتضعي نفسك في ذلك المكان الوضيع
تري عرقه النافر الذي ينبض بقوة وبعض العرق الذي يتناثر علي جبهته يلتقط انفاسه بقوة كمن كان في سباق العدو، أغمضت جفنيها متنهدة ثم ما لبثت أن نظرت لكل بقعة في الغرفة بدقة لتقول.

- هل تلك الغرفة التي شهدت لياليك الصاخبة سيدي القبطان مع الشقراء والصهباء ومع كل جنس من حواء
مسح بقوة على وجهه وهو يقول بنبرة اجشه
- غيرت مكان غرفتي، ذلك المكان الوحيد الذي وطئتيه بقدمك ولن اجعل فتاه تطأه بعدك
- ولماذا؟!
عض على اسنانه غيظًا لم يشعر سوى انه سحبها بقوة من ذراعها قائلا بحدة
- بعد ما حدث تسأليني.

تحاول التملص منه بهدوء لكن ذلك لم يجدي نفعًا وخصوصًا نظراته النارية التي تتألق مقلتيه، هزت رأسها بيأس
- اريد ان اتأكد، اطمئن ربما
- تعلمينها
لم يقولها، لم يقولها حقيقة وربما لن يفعلها، نجحت في الابتعاد عنه لتقول بهدوء زائف
- اعتذر حقًا، لكنني لا اقدر ان اصبح بجوارك، ذراعيك اللذان ضممت بهما نساء غيري، شفتيك التي تحمل علامات نساء من شتى بقاع العالم، غزلك الذي أطربت به حسناوات غيري كل ذلك ستقوله لي.

ضرب بقبضة يده الحائط بجواره ثم ما لبث أن تابع بصرامة وعيناه تقدحان شررًا، لكن في اعماق اعماقه هناك شيئًا اصابها بالرجفة.

- اسمعي، لم احب احدًا طوال أعوام عمري لم البي واشبع رغبتي كنت اشبع رغباتهن، لطالما سألت العاشقين كيف يعلمون أنهم واقعون في العشق ولطالما تفاجأت من حب زين لفتاته شرقية، حتى جئتي انتي وقلبتي كياني رأسًا على عقب، لن انكر امامك وانا اراكي امرأة مختلفة عن اللاتي عرفتهن كنت كالنور القوي الذي أصابني بالعمى لثواني حتى عدت الظلام مرة أخرى تمنيت ان اكون اعمى في النور فضلا عن الظلام، اعلم جيدًا اخلاقي وامنياتك عن رجلا تكونين انتي اول امرأه في حياته لكن انا هنا اعطيك شيئًا لم تصله الفتيات قبلك.

دمعت عيناها وهي تقترب منه بخطورة، بخطورة ك اختبار له!
همست أمام وجهه وهي تلفح حرارة ناعمة أرخت عضلات وجهه المتشنجة
- كيف كان انجذابك لي اول مرة سيد خالد، جسد ام ماذا؟!
انتظرت اجابته التي طالت، طالت عن الوقت المسموح له بالرد لتغمغم بسخرية
- جسد صحيح، لم تحبني سيد خالد
نظر اليها نظرة ألجمت لسانها عن التحدث، ابتلعت غصة مريرة في حلقها وهي تستمع الي رده البارد.

- ان كنتي لي مجرد جسد كنت قادر على ان امتلكك لكنني رفضت
- ولما رفضت؟
جاهدت كثيرًا، جاهدت وحاولت حتي لا تسقط علي الأرض تنوح وتبكي، همست بصوت مرتعش ومقلتيها تبوح بالانهيار
- لطالما حلمت واردت رجلا عاطفيا يعشقني واكون انا اول امرأه في حياته، لكن يبدو انه لا يوجد في الحقيقة، كنت امامك منذ اربعة أعوام لماذا عدت حينما ارتبطت برجل، أتذكر تلك الجملة انتظريني ، ما قصدك بها وقتها؟!

ضم وجنتيها نحوه بحنان بين راحتي يديه الدافئة هامسًا بصوت ابح
- سارة، اسمعيني من فضلك، كنت فتاة ذات جدائل كيف تريدني ان اجعلك تُحبيني وانتِ مراهقة، مشاعرك ستتجه نحوى ك حب مراهقة، ربما تقابلين رجلا تريدينه يحبك وتحبينه، اخبرتك ان تنتظريني كي انتهي من أشباح الماضي الخاص بي
غمغمت بصعوبة وهي تطرق برأسها ارضًا
- كم امرأة جعلتها بين ذراعيك بعد رحيلك
حذرها بقوة
- سارة
رفعت ببصرها نحوه وهي تقول بصلابة واهية.

- كم امرأه خالد، كم امرأة أردت ان تمحوني بها
- اثنين
انحبست أنفاسها داخل رئتيها وهي ترى نظرة الأسف والرجاء في مقلتيه، شهقة منفلته تبعها رجوع خطواتها للخلف نظرت اليه بغضب
- جيد، جيد جدا، انا اعلم مشاعري جيدًا ان كان حب مراهقة ام لا، ليس لك الحق في ارباطي بك ليس لك الحق ابدًا انت مجرد اناني انتهازي حقير بغيض خائن
همس، مجرد همسة جعل بدنها يرتجف.

- لم اخونك لم ابوح بمشاعري سوي وانا في عرض البحر معك أناني نعم اناني بحبك لكنني لست حقيرًا لتلك الدرجة
تمتمت بسخط
- لا اصدقك، لا اصدقك انا اكرهك
قاطعها بحدة وتمني للحظة ان يحتضنها، أن يضع راحه يدها علي موضع قلبه لتعلم تأثيرها عليه، اُمنيه لكن لن تتحقق حاليًا
- كاذبة انتِ تحبيني منذ اربعة اعوام وقعتي في عشقي وهذا اربكني جعلني مشتتًا وقررت الابتعاد عنك حتى اهدأ وافكر بروية.

شحب وجهها بقوة وجحظت عيناها من، من ماذا تحديدًا؟!، لا تعلم، جميع الشتائم البذيئة تود القائها في وجهه، هي لا تحبه لا تحبه
- ستطفئ تلك الجذوة بمجرد لمسي
- كنت اطفأتها منذ اربعة اعوام، كانت ستنطفئ بالهجر والبعد عنك
مسدت عنقها بتوتر وقالت
- ضع نفسك مكان سالم ما هو رده فعلك ان علمت ان هناك رجلا آخر يريدني
هتف منفعلاً وهي تري عودة ذلك الشرر لمقلتيه وأسنانه التي تصطك بعنف
- سأجعله يتمني الموت ولا يصله.

عادت لتقترب منه مرة أخرى، ابتسمت بضعف وقالت بصوت مهزوز
- ابتعد خالد عن حياتي رجاءًا، انت تحب الحرية لا تريد ان تقيد حريتك في قفص ذهبي، نحن مختلفان مختلفان جدًا، وأنا سررت حقًا بالتعرف عليك واعدك انك لن تقابلني ولو بالصدفة
جذب عنقها بقوة وهو يسند جبينه علي جبينها قائلا بتملك
- وانا اعدك ايضًا انني لن اتركك، دعيه سارة دعيه لا ذنب له لتقحميه في دائرتنا، لا تكوني مغفلة انتي لا تحبيه وهو لا يحبك
- من اين،.

قاطعها هامسًا بصوت مغلف بالعشق
- لو احبك لغار، لكنه لم يغار عليك بعد مقابلتنا لم يغار لم أراه يسير خلفك ويطفئ فضوله بمعرفة من أنا، لم يطفيء نار قلبه بمعرفة من الذي أصاب خطيبته برعشة من مجرد كلمة طفلتي
لما نبرة تحمل كل ذلك الشجن، كل ذلك يوترها تشعر أنها مشتتة، همست بجمود
- إنها ثقة سيد خالد وأنت تفتقرها.

هم بقول شيء ليقاطعه صوت مساعده يتحدث عبر اللاسلكي مستدعيًا اياه الى قمرة القيادة، زفر بحرارة ادي الي تطاير خصلاتها الغجرية بشكل اخطف انفاسه، عاد لوعيه وهو يقول بابتسامة هادئة ونظرة تحمل الكثير من المعاني
- اعتذر سأذهب لقمرة القيادة، ربما لن اراكي حاليًا لكن اعلمي سأكون بجوارك وسأظل خلفك لأنني وببساطة لن استطيع الابتعاد عنك. انتي اصبحتي قدري نجمتي.

تبعها مغادرًا، مغادرة يخبرها ان المقابلة القادمة ستكون ملحمية واشد شرارة، سبته بقوة وهي تشد خصلات شعرها بجزع وسخط قبل أن تغادر كالإعصار من غرفته.

- بس مش شبهي يا استاذ مرتضى
صاحت بها هند وهي تضع الصورة الخاصة بزوجته الراحلة علي الطاولة ليهتف مرتضي بهدوء
- روحك جواها يا هند، اه في اختلاف بس نفس روحك وملامح متقاربة منكم
عضت على شفتيها بقوة، بدأت حقًا تشعر بالتوتر والارتباك من وجودها في منزله وفي عرين التنين ايضًا مسدت عنقها بتوتر قائلة
- استاذ مرتضي حضرتك جبتني هنا ليه؟
- راشد.

بالطبع وهل يوجد سوي راشد، الكابوس الذي يلاحقها أينما ذهبت وأينما اتت، تبقي فقط ظهوره في شقتها، راقب مرتضي معالم هند المتوترة و مقلتيها الزائغة لتقول
- من فضلك انا مش عايزة اتكلم في الموضوع ده، لو هتأثر علاقتي بحضرتك بعد رفضي لطلب الجواز فأنا اوعدك اني م
قاطعها بابتسامة هادئة وهو يضع كلا كفيه على عصاه الخشبية.

- راشد اتجوز صبا ام يامن وهو عنده ٢٥ سنة كان لسه رجل مقبل على الحياة حياته زي اي شاب طايش في الجامعة لكن عمره ما اتعدي حدوده مع واحدة قبل كده ولا ارتبط تحت المسمى بالزواج العرفي، انا وقتها كنت مش بفكر غير ابني واوسع شركتي وخليته يرتبط بأبن عميل مهم عندي قسرًا علشان توسيع شركتنا والاستفادات اللي هتعود علينا منهم، عمره ما اشتكى بلسانه كفايه نظرة عنيه قلت هيستمر واول ما هيجي ابنه من صلبه يمكن يغير مشاعره ناحية زوجته بس للأسف اتحول من سيئ لأسوأ والناتج زي ما انتي شايفة.

لا تريد معرفه حياته، لا تريد أي شيء تعلمه به، لما لا يفهم ولما لا يفهم الآخر، همست بتأتأه
- استاذ مرتضي انا،
قاطعها وهو يقول بابتسامة
- راشد عمره ما حب ولا اتعلق بواحدة، بس انتي جيتي وشقلبتي كيانه وده بان اووي من نظرات عينيه
خفقات قلبها تصدر كطبول يدوي أرجاء جسدها، وتدفق الدماء الى وجنتيها بحمرة لتقول بخجل كيف يخبرها ذلك الرجل صراحه ان ابنه يحبها!
- استاذ مرتضى من فضلك.

- موضوع السكرتيرة اللي بتلف حوالين راجل عجوز كان مجرد تمثليه اتفقت انا وحسن تعرفيه كويس
الصدمة اعترت ملامحها وانسحب الدماء من وجهها وهي تستمع اليه، كل ما حدث كان مجرد تمثيل، اللعب على اوتار قلبها وجعلها تشد خصلاتها بجنون مجرد تمثيل، ك دمية يحركونها كيفما شاءوا!
تجمعت الدموع الي مقلتيها لكنها ابت ان تهبط لتقول بصوت متحشرج
- يعني كل ده كان تمثليه
تنهد بأسى.

- انا جبت راشد هنا علشان يفوق، ومشاعره ناحيتك كانت حقيقه صدقيني يا بنتي مكنتش هغامر في الموضوع ده غير لو اني متأكد الانجذاب اللي هيحصل بينكم
وهي كانت في عالم آخر، مشاهد تمر امام عينيها عن كل فعل صدر منه، تساقطت دمعتين وصاحت بألم
- كل دي تمثيلية وانا استحملت اهاناته ليا وعصبيته وكل جنانه علشان تقولي انها كانت تمثليه
- متفهميش قصدي غلط يا هند
ضحكت ساخرة وهي تستقيم من مقعدها قائلة.

- فهمت فهمت كويس، كنت مجرد طعم ليه، اسفه جدًا انا مش موافقة مش علشان حاجه علشان انا مش هقدر ابادله نفس مشاعره زي ما قولتلي، مقدرش ارتبط بيه وقلبي لسه متعلق بحد تاني
هم مرتضي بقول شيء لتجد الباب فتح فجأه وقال بصوت هادئ لوالده
- بابا سيبنا شوية من فضلك.

نظر الي هند بأسف وهو يستدير مغادرًا الغرفة بهدوء، يتمني موافقتها علي زواجها بابنه هي الوحيدة القادرة على تحمله وكون ابنه يعشقها وحفيده يحبها فالزيجة ستنجح،
علق أنظاره نحو الباب المغلق الذي تنظر إليه باستجداء ليقول بصوت آمر خشن وهو يضع كلا كفيه في جيب بنطاله
- اقعدي
همست بضعف وعيناها نحو الباب بأمل ضعيف
- راشد
تداركت فورًا ما قالته لتهمس متعذرة
-اسفه استاذ راشد من فضلك ملوش لازمة كلام لا هيودي ولا هيجيب.

اقترب منها بهدوء وهي تنظر اليه بقلق همس بصوت ابح وهو يحيط كلا وجنتيها بين راحتي يده
- بحبك وانتي الوحيدة اللي غزيتي قلبي، بحبك وهفضل اكررها لحد تبادليني ولو جزء صغير
تكاد تشعر أنها ستستقبل الأرض بحفاوة، ساقيها كالهلام ونبضات قلبها تكاد تفضحها من سبب قربه، ابتلعت ريقها بتوتر
- راشد
وضع أنامله على شفتيها وهمس بخشونة قشعرت بدنها
- ششششش، اعرفي انك لو لفيتي الدنيا مش هتلاقي حد يحبك قدي.

استمعت الي اصوات هديره المرتفع وكل ذلك يؤثر سلبًا على رأيها الذي تزعزع بفضله، نظرت الي مقلتيه الفضية بانبهار ثم همست بمزاح
- افتكرتك هتضربني أو تغصبني انك تتجوزني
ابتسم بخبث وهو يسحب خصرها بقوة لترتطم بصدره قائلاً بصوت مغوي
- هغصبك فعلا، بس هغصبك انك تحبيني
اخفضت وجهها خجلاً وحينما وضعت اناملها لتزيحه برفق شرر كهربائي رج أنحاء جسدها بسبب صوت دوي قلبه الذي يصدع بعنف، رفعت عينيها نحوه بصوت هامس.

- حتى لو بحب حد غيرك قلبي لسه متعلق بيه، هتقدر تستحمل ده
رأت تغير معالم وجهه وتحول مقلتيه إلى عاصفة رمادية هوجاء، همت بالابتعاد إلا انه كان جذب خصرها بقوة مدحضًا اي مقاومة منها، قال بأبتسامة جعلتها مبهورة بوسامته المفرطة
- امتى هنقابل العيلة
- راشد انت،
قاطعها قائلاً
- هتعرفي بعد جوازنا.

إن ذبحت قلبي
فسأرفع راية انتصاري عليك فوق جثتة
فسيكون وقتها جيش الحنان والدفء والحب الذي يحميك قد مات
و للعجب أنت الذي قتلته.
ما احلى العودة للوطن، لكن هل عادت بنفس شخصيتها القديمة؟!
بمجرد رؤيتها لوالدتها حتي احتضنها بقوة مستمدة طوق النجاة قائلة بصوت خافت
- ماما وحشتيني اووي.

قبلتها والدتها بحنان وعيناها تذرفان دمعًا على حالة فلذة كبدها التي شحبت بقوة وتحول جسدها المفعم بالحيوية الي جسد هزيل، شاحب بشكل مخيف
نظرت الي والدها الذي ينظر إليه بعتاب ثم تبعها مغادرًا الي غرفته، نظرت الي سعاد بألم لتشجعها وهي تشدها نحو باب غرفته
طرقت بهدوء على باب غرفته ثم دخلت بهدوء مقتربة نحو الفراش قالت بصوت متحشرج
- بابا من فضلك مقدرش اشوفك مضايق مني
نظر اليها والدها وقال بعتاب.

- ليان طول عمري بقول عليكي عاقلة ورزينة بس صدقيني اللي عملتيه ده أسوأ غلطة ارتكبتيها في حياتك
هو محق، محق في كل شيء، بعد أربعة أعوام اكتشفت انها لم تنساه، لم تستطيع ان تمحوه من ذاكرتها، ماذا فعل بها! اي سحر يمتلكه ليجعلها بذلك الوضع البائس!
مسحت دموعها العالقة وقالت بصوت مرتعش
- أنا كنت متوقعة اني هبقي واقفة على رجلي من تاني، عارفة ممكن مكنتش هقعد الفترة دي كلها هناك بس كنت فعلا محتاجه ابعد.

- ونجحتي يا ليان!
انفجرت في البكاء وهي تهز رأسها نافية
- لا للاسف فشلت
ارتمت نحو والدها وهي تتعلق بعنقه قائلة بصوت مرتعش وجسدها يرتجف بقوة بمجرد ذكري تلك الليلة.

- غلطتي ان انا حبيته من كل جوارحي حبيته بكل عيوبه قبل مميزاته، حبيته و مكنتش متصورة انه ممكن يخذلني او يبعدني عنه، مسبتش جزء من قلبي متعلقش بيه علشان اقدر انساه، مش عاوزاه مش عايزة اي حاجه منه تفكرني بيه مش عايزه اشوفه تاني ياريتني سمعت كلام ماما يا ريتني سمعت كلامها و موافقتش اني اتجوزه.

احتضنها ابراهيم وهو يربت عليها بهدوء ونعومة، يستمع الي ما تقوله وصوتها المرتعش الذي عذبه، لقد عانت ابنته الصغيرة، وهي رفضت ان تصبح بجواره، همس بهدوء وهو ما زال يهدهدها كطفلة صغيرة في سنواتها الأربع
- الواحد بيجيله زي صفعة علشان تفوقه المهم انه يكون اتعلم وميقعش فيه تاني.

وهي كانت في ملكوت آخر، تتذكر كل همسة وكل قُبلة وكل عناق دافيء ثم وعوده التي لم يوفيها لتعود مرة أخري ذكري الليلة الشؤم، همست بصوت خر عظامه
- اديتله كل حاجه، طلب فرص كتير ادتهاله والمقابل سابني سابني مرمية في مستشفي وكل ده ويرجع ويقولي اني لسه مراته، فين عقلي لما عرض عليا زيدان طلب الطلاق فترة غيابه كنت غبية اووي وانا فاكرة نفسي اقدر اوقفه عند حده.

قبل جبهتها بهدوء وهو يتوعد لزوج ابنته، احاط وجنتيها بنعومة وقال بصوت ناعم
- خلاص انتي متقلقيش كل حاجه هتبقي زي ما انتي عايزة
صاحت بحدة وجهها الذابل يجعله يزيد إصراره على إنهاء تلك المهزلة
- مش عاوزاه يا بابا، خليه يسبني
لتعود في نوبة بكاء اقلقته، في حياتها لم تبكي لتلك الدرجة المؤلمة، ربما بقدر الحب الا انها اتتها طعنة قوية همس بصوت دافء
- اهدي يا حبيبتي
وهي تهمس بهذي وصوت بكاءها ك السواط على ظهره.

- مش عاوزاه مش طايقه ابص في وشه.

اغلق زيدان الهاتف بجمود وعيناه تنظر نحو البائس بعين زائغة قال بحدة وهو يسب ذلك الغبي علي غروره وثقته الزائفة في عودتها مرة أخرى اليه
- لا تريد رؤيتك
حزن يغتالني
وهم يقتلني
وظلم حبيب يعذّبني
آه! ما هذه الحياة
التي كلّها آلام لا تنتهي
وجروح لا تنبري
ودموع من العيون تجري
جرحت خدّي
أرّقت مضجعي
وسلبت نومي
-نزار قباني.

عيناه تطوف نحو سقف قصر عائلته بشرود، يتذكر كل فعل وكل حركاتها قبل سكناتها وكل مشهد حينما اتت إلى ذلك المنزل، ابتلع غصة مؤلمة في حلقه وهو يتذكر ملامحها الشاحبة حين عودتها الي منزل والدها، كاد ان يجري نحوها ويدفنها بين ذراعيه طالبًا العفو والغفران بدلا من رؤيتها شاحبة كالموتى، ان كانت تموت هي في كل دقيقة فهو يموت عشر مرات في كل دقيقة.

خواء غلف روحه والروح تبحث عن صاحبتها، نظر إلى عمه وهو يهمس بإصرار عاشق
- اريد رؤيتها والتحدث معها
انفجر زيدان غضبًا وهو يصيح بصوت مرتفع لذلك البائس الذي يجلس على الأريكة لا حول له ولا قوة ك جثة هامدة
- اخبرتك الفتاة انهارت بين احضان ابيها، الرجل بات لا يطيق رؤية وجهك كل ذلك بسبب عنادك وغضبك وغرورك ظننت انك ستعيدها مرة اخرى الى احضانك
نظر الي عمه بنظرات لامعة وهو يهمس بهذي.

- ما زالت تحبني، اعلم ذلك ما زال هناك خفقات في قلبها تتردد بأسمي
اقترب العم نحو منظر ابنه المزري، قميصه المجعد يبدو انه لم يبدله منذ مجيئه للقاهرة والسواد المنتشر اسفل جفنيه، امسك ذراع زين بقوة وصاح يفيقه من جنونه
- زياد أفق رجاءًا، لقد انتهى كل شيء، دعها ربما يأتي احدًا يلتئم جراحها.

اشاح ذراع عمه بحدة واستقام واقفًا مجفلاً من مجرد تخيله لرجل يلمس فقط ذراعها، صاح بخشونة وهو يشذب خصلاته الكستنائية بقوة حتى كاد ان يقتلع من جذوره
- لن ادع رجلا اخر يفعلها عمي، لن أطلقها لن افعلها، لا اريد منها سوى فرصة اخيرة فقط
- اذهب وتحدث مع والدها يريدك لأنهاء كل شيء
نظر إلي زيدان وقال بتحدي
- ان طلب مني الطلاق لن افعلها عمي لن افعلها
ابتلع زيدان ريقه بتوتر قائلاً بجمود وخشية من ليلة الغد.

- غدًا يريد رؤيتك، سأذهب معك كي لا تفتعل مشاكل حمقاء.

تنهدت بحالمية وهي تتلمس ذلك السلسال المحفور بأنامل مرتجفة، اتي والدها لأول مرة منذ ان اخبرته بأسم العائلة العريقة، تتذكر ملامحه الوسيمة المهلكة ببذلته الرمادية التي أظهرت وميض مقلتيه الفضية، وابنه بالطبع الذي شارك في ادق ادق تفاصيله ليظهر ك نسخة مصغرة منه، عبس وجهها وهي تتذكر طلب راشد بتعجيل الزفاف بل جعل عقد القرآن الاسبوع القادم، انحسرت ابتسامتها وتجمدت تعابير وجهها وهي تتذكر ابيها الذي رحب بحفاوة، لم تكن ستجعله يأتي لولا اصرار جدتها.

- هند
هتفت بها صباح بصوت مرتفع نوعًا جعلها تنتفض من مجلسها و تتوجه نحو غرفتها، نظرت الجدة اليها بنظرة ذات معنى لتجلس هند بجوارها قائلة
- تيته انا خايفه مش هقدر اعمل كتب كتاب بالسرعة دي
ابتسمت الجدة بعبث وهي تلاحظ تورد وجنتيها ربتت على كتفها وهي تقول بحنو
- هند، لو كنتي رافضه مكنتيش وافقتي انه يتقدملك
- خايفه اووي ومرعوبة يا تيته
هتفت بها بزعر جعلت صباح تغمز بمشاكسة
- بتحبيه؟

تبدلت معالم وجه صباح وهي تلاحظ شرود هند، همست اسمها بقلق
- هند
نظرت نحوها في خواء وهي تهمس بهذي
- يوسف
- تاني يا هند
ارتعش جسدها بقوة متذكرة تشابه الحديث للأخر وهي تغمغم بهذي
- خايفة يجرحني زي ما جرحني يوسف، خايفة يصدمني زي ما صدمني هو، مكنش بيطيق يشوف وشي وكان عاملي رعب حبني ازاي يا تيته حبني ازاي، قالي بحبك ٣ مرات يا تيته
- روحي قومي صلي استخارة ي حبيبتي
مسحت دموعها و استقامت واقفة قائلة بحزم.

- انا مش هوافق
غيرت صباح دفة الحديث وهي تقول بمشاكسة
- بس تعرفي الواد المفعوص ده دخل قلبي فورًا بشقاوته وحركاته
تنهدت وهي تتذكر مشاكسات الصغير ونظرات راشد المحتقنة لابنه لتقول بلا وعي
- شبهه اووي
صاحت الجدة وهي تخرجها من غمامتها الوردية
- التليفون
استفاقت من شرودها قائلة بدون وعي
- ها
ضحكت الجدة وهي تشير الي الهاتف المحمول في يدها
- تليفونك بيرن.

نظرت إلى رقم المتصل لتتورد وجنتيها مما جعل الجدة تقول بابتسامة ماكرة
- هو!
أومأت موافقة وهي لا تعلم أترد هنا ام في غرفتها، او ماذا تخبره، اخرجتها صباح من حيرتها وهي تقول
- روحي يا هند
خرجت من الغرفة وهي توزع قبلة في الهواء لتضحك صباح وهي تتنهد براحة
- ربنا يفرح قلبك يا حبيبتي.

مع الاضاءات العالية التي اعمت بصرها، وكاميرات المصورين التي لم ترحمها من اول ما وطئت قدمها علي ذلك الخط اللعين المستقيم، لم تسلم من ذلك قط بل بوجود لجنة سخيفة تقيم اعمال المصمم وهما في الحقيقة عيونهم متمركزة نحو جسدها هي فقط، ما عليها سوى أن تكون جماد متحرك ك دمية يحركها صاحبها كيفما واينما شاء،.

خطوات واثقة مع كعب حذاء عالي تسير بشموخ مع القليل من الدلال والابتسامة مؤودة بالطبع، الخط لا ينتهي ونظرات النساء الحقودة تنتظر منها هفوة او خطأ يصدر منها لم تعبًا بكل ذلك ما يثير ضيقها هو ذلك المصمم اللزج الذي يتودد اليها،
مع انتهاء العرض سحبت نفسًا عميقًا وهي تخلع ببساطة الفستان مُلقيه اياه في وجه مساعدتها ارتدت المئزر الخاص بها متوجهه نحو الغرفة.

تخشب جسدها للحظة وهي تري وجوده هنا حاملاً باقة ورد سلبت لُب عقلها، تمتمت ساخرة وهي تتخطاه وتجلس على المقعد تزيل الزينة من وجهها
- لم أتوقع وجودك هنا
تأملته من السطح العاكس وهو يضع الباقة علي منضدة الزينة وهمس باعتذار
- اعتذر آليا
وهو يصدق انه مجرد باقة ورد ستجعله يسامحها، نظرت نحو شرزًا وهي تزيل احمر الشفاه الصارخ
- لما جئت الي هنا؟
ابتسم بجاذبيه وهو يقول بنعومة
- اعتذر منك
- كيف علمت انني هنا؟

هز كتفيه وهو يراقب ملامحها الطبيعية الخالية من اي ذرة تخرب ملامحها الصافية غمغم ببساطة
- في الواقع لقد نشرتي صورة لك وانتي في مطار نيويورك
ثم أشار ل باقة الورد
- تفضلي
امسكت بها وهي تشتم ورد الجوري قائلة بعملية
- شكرا لك جو
حك مؤخرة رأسه وغمغم نحو الباب
- هيا بنا اذا انني ادعوك لعشاء
ضيقت بصرها وقالت بعبث
- هل هذا موعد سيد جوزيف؟
ضحك بملء فيه وهو يشير نحو المخرج الداخلي لهروبها من الحارسين.

- اعتبريه مثل ما اردتي
شاركته الضحك وقد ذهب وعيدها في أدراج الرياح، حقا لا تعلم أي سحر يمتلكه ذلك الرجل!

- سالم
همست بها سارة بجذل وسعادة داخلية احتلت فؤادها لتسمع رده البارد
- سارة انا جيت مصر
عبس وجهها وهي تقول بتعجب
- مش قولت هتيجي الشهر الجاي
ورده كان اغرب ونبرة جامدة جعلتها تتجمد
- محتاج اقابلك قابليني في الكافيه اللي بنروحله دايما هستناكي سلام
اغلق الهاتف وهي تتعجب من معاملته الغريبة لتنظر الي شقيقتها التي ظلت في الغرفة حبيسة الجدران منذ ليلة امس قائلة
- سالم جيه
ثم تابعت بقلق.

- صوته مختلف كده وعاوز يقابلني حالا
- سارة
همست بها ليان في ضعف ثم تابعت بجمود
- اوعك تمشي في اللي انتي فيه، انتي اللي هتتأذي في الاخر
- ليان
قاطعتها ليان بإبتسامه باهته
- صدقيني مهما حاولت تخبي مشاعرك بس للأسف بتظهر غصب عنك وده بان اووي يوم الحادثة
اتسعت اعين سارة بقوة لتهز رأسها نافية قائلة
- انتي اكيد
ابتسمت ليان وهي تقول بجمود.

- اوعك تنكري، هو برده بيبادل نفس المشاعر متحاوليش تحطي حد بينكم لانه هو اللي هيتأذي اكتر منكم.

عيناها تمرر نحو وجوه الجميع الغير مألوفة، سارت بضع خطوات حتى وجدته جالسًا يحتسي القهوة وظهره في مقابلتها ابتسمت وهي تتقدم نحوه بخبث حتي جلست علي المقعد المجاور قائلة بمزاح
- واديني جيت يا سيدي ممكن تقولي بقي اي شغل الغموض اللي كان من شوية
نظر نحوها وهو يتأمل ملامحها مليًا، اشارة او علامة بوجود شيء خاطيء، هذا ليس سالم المرح الذي تعلمه، ليس سالم الجنون في نظراته، كل شيء به جامد ومتبلد
غمغم بأسف.

- انا اسف
قطبت جبينها بعدم فهم لتجده يخلع الخاتم الفضي من بنصره، جحظت عيناها بقوة وهمست بتأتأه
- لكن اي، فيه
ابتسم بمرارة وهو يضع الخاتم بين كفيها
- مش هقدر اكمل
استقام من مجلسه ببرود وهو يغادر، ما يعني ذلك!
احدًا يخبرها ما الذي حدث؟!، كيف يتركها هكذا بعد اربعة سنوات التي قضتها معه، بدون ان يترك سببًا او تعليقًا واحدًا، ما الذي جعله يغير رأيه
همست حروف اسمه بضياع وهي تنظر الى الحلقة الفضية بشرود
- سالم!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة