قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والعشرون

رواية شرقية غزت قلبي الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والعشرون

فلتَهرُبِي ما شِئتِ عن عَينَي ؛ فإنَّكِ في الضُلوعِ تُسَافِرين
- فاروق جويدة
هل جربت الحب؟ هل شعرت بحلاوته؟، هل أعطاك بهجة وسعادة وطاقة كبيرة لا تعلم اين تنشرها؟!
إن كانت الاجابة لا، فحظ اوفر في المرة القادمة للبحث عن الحبيب
أما إن كانت اجابتك نعم، دعني أخبرك عزيزي من يذق الحلو يذق المر، تلك المرارة تضيف نكهة أخرى للحب، لا تتقبلها لكنك لا تستطيع ان تبعدها عنك لأنها ملاصقة للحب، ك شق آخر مكتمل له.

صدمة و شعور خانق اجثم انفاسه، شعور بالخيانة!

كلا شيء اكبر، شيء بعثر فؤاده إلى اشلاء ممزقة، من المفترض هو زوجها، حاميها، صديقها، اخيها، السند، لكنه باهت للغاية بجوارها، في كل مشكلة تستطيع ان تتغلب عليها بمفردها او بمساعدة من حولها، يريد ان يشعر بضعفها لو لمرة، ضعف انثوي حينما تلجأ اليه يومًا ما، يوم لا يعلم إن كان سيأتي أم لا؟!، فقط تأتي اليه ولو لمرة واحدة يستطيع أن يحتويها بين ذراعه يلاعب خصلاتها الفحمية يلقي تعويذات تجعلها ترتخي و تغمض جفنيها قريرة العين، لكن تلك مجرد اوهام نسجها من خياله الخادع.

بدون كلمة نظر إلى صديق طفولتها بجمود قبل أن يأخذ ذراعها وهي تسير خلفه مطرقة الرأس،
هي الأخرى تحت تأثير الصدمة لكن حينما اغلق الباب وشق ب سيارته الي طريق غير معلوم الجهة صرخت بعنف
- انت مش من حقك تجرني زي المعزة وليك عين يا بجح انك تضايق مني انا اصلا.

وهو صامت، صامت لكن القشة الباردة على وشك الانفجار، يضغط بعنف على المقود وهو يزفر بحدة، لن يستطيع ان يمحي بسهولة قربها الحميمي لذلك الرجل، لن يستطيع ابدًا
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تري تشنج جسده وصعوبة التقاط انفاسه لتتخذ الصمت لعدة ثواني قبل ان تصرخ بتهور وهي تضرب على الزجاج الذي بجوارها، اغمض جفنيه للحظة وهو يراها كالمجنونة تصرخ وتخبط زجاج سيارته صاح بحدة ارعب جسدها.

- اسكتي كلمة واحدة وصدقيني هتلاقي اللي عمره ما هيعجبك مني
نظرت إليه بنظرات مشتعلة قبل أن تهتف بقلة حيلة
- اوووف
شق ب سيارته الى احدى الاحياء الراقية التي لو رميت بها ابره سيسمع صداها على الحي بأكمله، عينيه الداكنتين القاسيتين جعلها تشعر ان نهايتها اقتربت، ستتلو الشهادتين قبل أن يهجم عليها ذلك التنين الذي يسكن في بواطنه
قاطع افكارها المريضة وهو يقول بهدوء جاهد عليه
- هنتكلم زي الناس العاقلين.

ابتسامة شاحبة ارتسمت على شفتيها وهي تهز رأسها بخنوع
- تمام
اوقف سيارته علي جانب الطريق ثم دار ب جسده الضخم وقد تقلصت المساحة الشاسعة بينهما، هي وهو بمفردهما في سيارته والطريق الخالي هل يوجد شيء آخر ليردعه على أخذ مأربه؟
شعرت بذبذبات غريبة تنتقل إليها وهي تنكمش بقوة و ظهرها على الباب، أطلق زفرة حارة جعلها تغمض جفنيها وهو يقول بهدوء يكاد يحسد عليه.

- يصح واحدة متجوزة واحد تحضن واحد غريب بالطريقة دي قدام الناس
جحظت عيناها للحظة لتشيح بيدها قائلة بدفاع
- عمار مش حد غريب عمار اخويا
ضغط بقوة علي كفه وهو يتحكم نفسه كي لا يفعل شيئًا سيندم عليه لاحقًا، صاح بصوت خادع
- مش اخوكي يا هند
هزت رأسها نافيًا وهي لا تعلم كيف يقلب الطاولة عليها، هي الغاضبة، الحانقة منه.

- لا اخويا انت متعرفش علاقتنا عاملة ازاي، هو الوحيد اللي كان بيهتم بيا و بيعتبرني زي اخته الصغيرة
صمت لعدة لحظات وكأنه يستشف صدق حديثها قبل أن يقول بصوت خاوي
- وانتي متأكدة انه بيبادلك نفس مشاعر الأخوة
لم تتردد للحظة وهي تجيبه بثقة
- طبعًا
ابتسامة شاحبة ارتسمت على شفتيه قبل أن يغمغم بغموض
- هنشوف.

صموت خيم كلاهما وهي تحاول وضع عمار كما قال في موضع آخر، لم يستجيب عقلها للحظة وهي تضعه في وضع آخر، هو اخيها وصديقها وأشياء كثيرة لن يستطيع راشد ان يفهمها بتلك الطريقة، لن يفهم أن الرجل الوحيد الذي وجدت فيه الامان لم يكن والدها ابدًا بل كان عمار
اجشهت في البكاء بنواح قطة صغيرة لم تأخذ رعايتها الكاملة لتهتف بغيرة.

- وبعدين متحطنيش في موضع الاتهام انت برده غلطت، انت ازاي تسمح لطليقتك تقرب منك بالدرجة المقززة ديه زي ما انت اضايقت لما شوفتني أنا وعمار انا برده من حقي اضايق
ضرب بكفه الحرة على المقود بقوة جعلتها ترفع ذراعيها تحمي وجهها من بطشه او يد طائشة تطيل وجهها، زفر بحنق وهو يشعث خصلاته الطويلة قبل أن يهدر بسخط
- انا مكنتش مضايق انا كنت غيران.

رأي جمودها وهي تزيح بكفيها عن وجهها، تأمل ملامح وجهها المجهدة والهالات السوداء بألم ليعلم أن ذلك حدث بسببه، لو تخبره فقط لو تطمئنه، كلمة واحدة فقط سيزيح كل الهواجس اللعينة التي تؤرق مضجعه
همس بحرارة وهو يمسك كلا كفيها بدفء.

- المفروض بتبادليني نفس الشعور مش كده، هند انا طول حياتي حاسب كل خطوة بالمسطرة صعب جدًا اني اقدر افقد سيطرتي وغضبي قدام حد غيرك لكن انتي اللي شقلبتي كياني بطريقة خليتني مش عارف حتي افكر اللي بعمله صح او لأ
دمعت عيناها بحزن وهي تراقب رماديته الرائقة وكأن منذ قليل لم تكن في أشد هيجانها همست بصوت متحشرج
- لو انا كنت في حضن خطيبي السابق بنفس وضعك كنت عملت ايه؟

صاح بغلظة وهي تشعر بثقل انفاسه تنتقل اليها بسبب قربه الزائد نحوها
- كنت قتلتك في مكانك
اسدلت أهدابها الكثيفة من هجومه الضاري أتقتله هي الآن حتى تأخذ ثأرها، بدون كلمة سحبت يدها من كفيه لتفتح الباب بهدوء بعيدة عنه كل البعد عن حضوره الطاغي الذي يجعل لسانها منعقد بطريقة مخزيه
- رايحة فين؟

قالها وهو يمسك ذراعها لترتطم بصدره الصلب أراحت ذراعيها علي منكبيه في محاولة ابعاده عنها لكن جسدها تيبس من نظرته الرمادية العميقة لتقول
- مش هقعد مع واحد سفاح في مكان واحد
أطلق ضحكة رجولية عالية وهو ينظر الي عبوسها الطفولي وهي أدركت فداحتها، لقد جعلته يضحك لأول مرة، ازدردت ريقها بتوتر وهي تراه ازداد جاذبية من ضحكته الفاتنة، هذا الرجل ممنوع له أن يضحك مرة اخرى، سيذهب بعقول النساء حتمًا.

خفتت ضحكاته وهو يقول برزانة عندما وجدها تهم بالمغادرة
- اسمعيني
نفضت يدها حينما أمسك بذراعيها لتصيح بعدائية
- مش هسمع، ثم اياك اياك لو لحظة تشك فيا او في اخلاقي ابدًا يا راشد علاقتي بعمار عمرك ما هتفهمها عن اذنك
صمت وهو يخفض ببصره نحو تلك السلسة لتموج شياطينه وهو يقبض بقوة على ذراعها حتى أطلقت آهة عالية
- السلسلة ديه من خطيبك اللي اسمه يوسف مرسي مش كده.

شحب وجهها من طريقته الفجة والقاء ذلك الاتهام السافر في وجهها دون أدنى حق
- ايه؟
وهو لم يكن نظره إليها مسلط بل الى حرف الياء المحفور في سلسلتها ليجذبها برفق نحوه وهو يعض على اسنانه بكظم
- هو اللي قالك متقلعيهاش حتى لو كملتي حياتك بعده واتجوزتي
ارادت ان تتملص منه ومن جنون كلماته التي يقولها دون ان يفكر بعقله ولو قليلاً، ألتلك الدرجة لا يثق بها ولو قليلاً؟!

صاحت بوحشية وقد انفلتت ربطة شعرها المرتخية حتي انسدل شعرها بطريقة خطفت انفاسه
- انت ايه اللي بتقوله ده؟
صاح الآخر بصوت اكبر اخرسها لوهلة
- جاوبي على سؤالي لسه بتحبيه ومحتفظة بهديته
رمشت ب أهدابها الكثيفة عدة مرات ونظرت الي عمق عينيه قائلة بعدم تصديق
- راشد
أغمض جفنيه متألمًا لهيئتها الشاحبة لكنه معذور، يجب أن يعلم من تفضله عليه حتى تحتفظ بتلك السلسلة حول عنقها
- جاوبيني
تمتمت بشراسة
- لا.

صمتت للحظات قبل أن تستطرد بسخرية مبطنة
- يامن جبهالي بعد عيد ميلاده وطلب مني البسها، صدقني لو لسه مشاعري بنفس القوة ليوسف عمري ما كنت ارتبطت بيك، واه يا سيدي نسيت ما اقولك رمضان كريم
ثم استدارت مبتعدة عنه بخطوات راكضة، لقد كان عمار محقًا ما كان عليها ان تتعجل بعقد القرآن وهي لا تعلم عنه اي شيء،.

و الآخر بقي محدقًا في أثرها وكاد ان يضحك ويسخر من نفسه على تفكيره الذي كاد يقتل قلبه، جذب خصلاته بقوة حتى كاد أن يقتلعه من جذوره صائحًا بسخط
- غبي.

تسير بجواره، تقع بين احضانه تمامًا، ذراعه يحتضن خصرها بتملك شديد غير عابيء بنظرات الجميع المتعجبة او اللامبالية، وهي تسير مسالمة لا تصدر صوتًا الا حينما تختار شيئًا، يشعر بأرتجاف جسدها بين الحين والآخر حينما يضم قبضته بقوة علي خصرها.

تنظر اليه بجمود شديد وهي تراه يسير بجوارها بصبر تحت طلباتها التي تتساقط عليه وبالاً ورده مجرد ابتسامة عابثة، يثير بها الحنق بشكل تود ان تقتلع عينيه البراقتين، يتعمد دفن وجهه في عنقها حينما تتحدث والجميع يراقب زوج الكناري كما أطلقت امرأة مسنة منذ قليل مع زوجها العجوز
لم تستطيع أن تكبح ابتسامتها وهي تجد زوجها يجر عربة التسوق بذراعه الأخرى مراقبًا المنتجات المعروضة بتركيز شديد
- لماذا تضحكين؟

هتف بها بصوته الرجولي العميق لتنتقل تلك الذبذبات الغريبة في حضرته، هزت رأسها قائلة
- لم اتخيل حضرة زين زياد الحديدي يجر عربة التسوق بل لم اجد الجواسيس الخاصة بك حولنا
اقترب نحو أذنها هامسًا بعبث
- انتِ مختلفة لياني، افعل ما ترغبين به
رباه عليه التوقف عن نطق اسمها بتلك الطريقة، رمقت الجميع الذين ينظرون نحوهم بعيون متفحصة لتهتف فجأة وهي تشير بيدها نحو الثلاجة
- اتحب حليب منزوع الدسم ام ماذا؟

ابتسم وهو يراقب حمرة طفيفة تتصاعد بخجل الي وجنتيها ليقول
- تعلمين اني لا اشرب سوي القهوة بدون اي اضافات
هزت كتفيها بلا مبالاة وهي تقرأ اسعار المنتجات بهدوء
- كما ترغب
صمت خيمهم للحظات وهي غير مصدقة انه هنا، بجوارها، يحتضنها بحميمية، عيناه تتفحصانها برقة تجعلها تتذبذب من رمقاته الخبيثة، تحاول كل مرة اصطناع الجمود الا انها تفشل من اقل همسة تصدر منه او اسمها الفريد الذي ينطقه بكل عاطفية.

حمحمت بجدية وهي تختلس النظرات اليه
- لقد اصرت ماما علي حضورك اول يوم في رمضان.

أومأ برأسه مجيبًا ليتخشب جسدها لوهلة عند قسم الالعاب، ازاح ذراعه بهدوء مراقبًا اياها تراقب الاطفال الذين ينتقون الالعاب مجبرين الوالدين على شراءها، دمعت عيناها وهي تنظر بتشوش الي دمية زهرية واخري بلون ازرق ظلت حائرة عدة لحظات وهي تدرك ما كانت مقدمة عليه في السابق، ألتلك الدرجة فقدت عقلها لتجهض طفلها، يالهي كم كانت جاحدة، جاحدة للغاية اجهشت في البكاء لتشعر انها تنسحب بلطف إلى حضن دافئ، بكت بحرقة وهي تكيل بعض اللكمات الثائرة على ذراعيه وهو يهدهدها بلطف مقبلاً جبينها هامسًا بأرق العبارات الغزلية، عاد ينظر إلى الدميتين ليقول بلطف.

- الزهري، ستكون فتاة
رمشت بأهدابها الكثيفة وهي تهمس بصوت متحشرج ودموعها عالقه في أهدابها
- ماذا؟
ابتسم بلطف وهو يزيح دموعها برقة
- اخبرك ستكون فتاة تشبه امها كثيرًا
زمت شفتيها بعبوس ثم قالت بحدة طفيفة
- تبدو متأكدًا
هز رأسه ايجابًا لتبتعد عن احضانه بجفاء وهي تسير مبتعدة من ذلك القسم نهائيًا لحق بها علي الفور حتي سار بمحاذاتها قائلاً
- هل يوجد شيء آخر؟!
هزت رأسها نافية وهي تقول بجمود.

- امم حسنًا لقد جلبنا كل شيء نحتاجه لا يوجد شيء سوي الفانوس الذي اخبرتك ان تجلبه لي
غمز بعينه قائلاً
- لا تقلقي ستجديه حالما نعود للمنزل
صاحت فجأة متسائلة
- لماذا تفعل كل ذلك؟
قطب جبينه وتمتم
- افعل ماذا؟!
بللت شفتيها بتوتر وهي تشعر ب جفاف حلقها
- هل تستطيع النجاح فيما تفعله؟، هل انت واثق انني سأعود لك يومًا ما؟

الجمود اكتسى وجهه عدة لحظات سرعان ما ابتسم بدفء وهو يقترب هامسًا في اذنها بصوت أرهف قلبها انتعاشًا
- انتِ قلبي ليان وانا روحك وصدقًا إن قررتي ان تجعليني اعيش بلا قلب فانتِ لا تستطيعين العيش بدون روحي
ثم ابتعد بهدوء وهو يقول بجمود
- هيا كي لا نتأخر.

رباه ذلك الرجل سيقتلني يوما ما، همست بها سرًا وهي تنطلق بمحاذاته لن تجعله يصطحبها في أي مكان بجواره ابدًا، لن تسلم من نظراته ورمقاته التي تخجلها أمام الجميع.

طرقات مخيفة على باب شقته أيقظته من نعاسه وهو يهب من فراشه خشية أن تكون الشرطة على أعتاب شقته وهل يوجد أشخاص آخرون يفعلون ذلك سوي الشرطة؟!، فرك عينيه وهو يسير راكضًا بتعثر حتى فتح باب شقته
ما ان رأى صاحب تلك الطرقات العنيفة حتى هتف في سره وهو ينضم مع لائحة الشرطة ايضًا، سبه بعنف ثم قال
- خالد، أظن أنني اعطيت لك مفتاح منزلي
ابتسم خالد وهو يسارع بمعانقة بكر قائلاً
- اشتقت اليك.

ازاحه بكر بعنف عنه من ابتسامة صديقه ليقول
- يالهي الاحظ شيئا غريبًا بك
لكزه على مرفقه وهو يقول بفخر
- أفضل صديق حظيت به طوال عمري
جلس بكر على الاريكة ثم هتف بنعاس
- كأنك ستغادر؟
هز خالد رأسه نافيًا وهو يغمز بعينيه
- لا اولاً ارغب بتناول طعام رائع منك ثم سأخبرك مخططاتي القادمة
طار النوم من عينيه وهو يقفز من الاريكة راكضًا نحو المطبخ قائلاً
- سيادة القبطان يبدو ان هناك قنابل موقوتة على وشك الانفجار.

مسح على وجهه وهو يهتف بغموض
- انها كذلك.

ترجلت من السيارة على الفور ليجذب انتباهها الفانوس الضخم القابع بجوار باب المنزل، الوانه الزاهية بعثت لقلبها صخب طفولي حينما كان يجلب والدها فانوس في مناسبة ذلك الشهر، دمعت عيناها وهي تراقب الزينة البراقة التي لفت حول الفانوس جيدًا زادته قوة وتوهجًا لتشعر به خلفها تمامًا، دارت على عقبيها بدون اي كلمة عانقته بهدوء وسالت دموعها علي قميصه القطني
- جميلة للغاية، يا إلهي شكرا لك.

بقدر ما فاجئه عناقها أصر على عدم مبادلتها كي لا تتهمه انه يؤثر عليها عاطفيًا، بقي للحظات يتعذب ويمنع يداه ان يغمرها عناق آخر ليشعر بها تبتعد ببطء وهدوء هامسة بإرتباك
- ان، انا اسفه لم اكن بوعيي
ثم اسرعت فارة نحو المنزل، نكس برأسه للأسفل عدة لحظات وهو يستجمع شتات عقله سرعان ما الحق بها ليجدها واقفة بتوتر امام الدرج
- ليان.

صاح بها بهدوء لتدير برأسها اليه وقد تلاشت حروفها كليًا من نظراته العميقة، حاولت ان تشيح ببصرها عنه لكنها لم تقدر، كيف تهرب منه وهو القي ب سلاحه الذي جعلها تتدمر كليًا، ترفع راية الاستسلام بدون اي شعور ب الخزي، تعي جيدًا عاطفته الجياشة من عينيه حتي شفتيه التي اطبقتا بسيطرة عاجزة
صمت خيم كلاهما عدة لحظات سرعان ما قال
- عانقيني
جحظت عيناها لوهلة وتسارعت نبضات قلبها هامسة بعدم استيعاب
- ماذا؟

لاحظ خطواتها المتعثرة للخلف وعيناها المذعورة وشحوب وجهها عندما اخبرها عن رغبته ب عناق، همس متوسلاً وهو يقترب منها ببطء
- عانقيني ليان اريد ان اشعر بك، عانقيني بمحض إرادتك.

شهقة منفلته خرجت منها وهي تعي ما يخبرها به، لقد وعدها انه لن يلمسها، لم يعدها اخبرها انه سيحاول اطرقت برأسها ارضًا ثم استجابت له بضعف اقتربت منه عدة خطوات حتى ارتمت على صدره بوهن، لقد تعبت، تريده ولا تريده، تريد قربه ولا تطيق أن يلمسها، لقد تعبت سأمت حقًا من ذبذباتها
راحة وسلام جسدي احتل فؤاده ما إن عادت اليه، أربعة أعوام ليست بمدة قصيرة، دفن وجهه بين ثنايا عنقها يستنشق عبير عطرها قائلا بخشونة.

- اشتقت اليك لياني أعدك انني سأحاول الحفاظ علي ضحكتك في ذلك المنزل الموحش
شعر بانتفاضة جسدها الغض سرعان ما احس بشيء دافيء يبلل قميصه، نزعها بتوتر وهو يراقب تعابير وجهها بعشق جارف
- لماذا تبكين؟
مسحت دموعها وقد يأست من ضعفها الغير مبرر له، هل هرمونات الحمل تؤثر بتلك الطريقة السيئة عليها؟ همست بصوت ساخر مبطن بالنواح
- لا شيء ربما انه اول رمضان بجوارك، أمضيت أربعة أعوام سابقة بجوار علياء والسيد زيدان.

نظر إلي عمق قهوتها وهو يقول بجدية
- هل تريدين ان اصبح بجوارك؟
تغاضت عن إجابة سؤاله وهي تقول
- الطعام
زفر بيأس وهو يجيب بتهكم
- لقد تناولتِ طعامك لياني
ابتسمت بتوتر فور سماعها اسمها المدلل له لتبتعد بهدوء وهي صاعدة الدرج قاصدة غرفتها، شهقت فجأة حينما شعرت بساقيها في الهواء ليقول زين بجمود
- سأساعدك في الوصول الي غرفتك تبدين شاحبة اليوم سأجلب الطبيب الان.

أغمضت جفنيها بيأس وهي تحيط ذراعيها حول عنقه بهدوء، الطبيب وهل يوجد سوى الطبيب الذي يأتي به في أوقات عجيبة بعد أن أصرف الممرضة الشقراء، هل يعاني من وسواس؟ اعترضت صائحة
- انني بخير
- لكن انتِ تب،
قاطعته وهو يرقدها على الفراش بهدوء
- أنني بخير لا تقلق.

نزع حذائها ثم جوربيها بهدوء وكأنه والد يعامل طفلة في الخامسة من عمرها ثم توجه نحوها وهو يحرر حجابها ببطء ويضعه بلا مبالاة على المقعد المجاور للفراش، قبل جبهتها بدفء
- تصبحين على خير
شعرت به يبتعد بعد ان غمرها بالدفء فجأه، لن تدعه، ليس في كل مرة يتصرف بحنو ثم يصفعها ببرود، أمسكت كفه بقوة قائلة برجاء
- نام بجوارى وعانقني.

تيبس جسده وهو ينظر إليها بتعبير خاوي لتتوسل بقهوتها وهي تدعوه ان يقترب بجوارها، اقترب منها بهدوء ثم اضطجع بجوارها، القت بثقل جسدها على صدره، تمللت بنعومة ك القطة التي تناغش صاحبها وهو بشتي الطرق يحاول أن يبقي باردًا، لا يريد ان يتهور وخصوصًا تخبط مشاعرها، داعب خصلات شعرها بنعومة لتقاطع ذلك الهدوء المقدس قائلة بنعاس.

- تلك الحلويات التي تناولتها يبدو أنه يوجد بداخلها مخدر غريب يريدني ان اشعر بك بجواري و الآن
شعرت بخفقات قلبه تدوي بعنف اثر كلماتها وتنفسه الذي ازداد ثقلاً لتغير دفة الحديث قائلة
- امتأكد انها ستصبح فتاة؟!
ابتسم بدفء وهو يداعب بأنامله خصلات شعرها قائلا وهو يتخيل صورتها أمامه
- ستصبح خارقة الجمال ليان، لا اعلم ماذا سأفعل حينما يأتي شابًا يافعًا يريد ان يأخذها مني.

ضحكت بغنج غير متعمد زاد من اضطراب قلبه، تضحك لقد كان على مرحلة بائسة ان تبتسم في وجهه بل ان تطلب منه ان تكون بجواره بل انها لم تمنعه حينما احتضنها بجواره
خفتت ضحكاتها وهي تقول
- لقد وصلت إلى مرحلة الشيخوخة يا إلهي زين
صمتت قليلاً وهي تهمس بهدوء
- لو أصبح ولدًا سأسميه زياد تيمنًا لاسم والدك
برق عيناه تأثرًا ليحتضنها بقوة وهو يقبل جبهتها ثم عاد يداعب خصلات شعرها وهو يتمنى ان تلك اللحظة الساحرة لا تنتهي.

- ستكون فتاة اعلمي ذلك
أغلقت جفنيها وهي دافنه وجهها في عنقه سرعان ما قالت بنعاس
- لا استطيع النوم رائحتك
قاطعها بهدوء وهو يربت على ظهرها
- لم أضع عطر ليان ارتاحي
لم تكن ستقول له أن رائحته تثير اشمئزازها كانت ستخبره لو يتوقف عن وضع ذلك الشامبو ذو الرائحة النعناع المنعشة، هزت رأسها يائسة ثم هتفت بنعاس
- كالأيام الخوالي عدنا، اتمني ان يكون حلمًا ولا ينتهي بكابوس.

شعر بانتظام تنفسها بعد فترة وجيزة وهي تشدد من معانقته ليهتف بمرارة وهو يقبل مقدمة رأسها
- ما الذي فعلته؟

- عمو كريم
صاح بها يامن وهو يقتحم غرفة عمه ليقذف كريم الهاتف من يده فجأة قائلا بحنق وهو يضع راحة يده علي موضع قلبه
- يا ابن اللذينا خضتني
انهار يامن ضاحكًا علي قلب عمه الضعيف ليلفت نظره فجأة إلى ندبة عميقة أسفل صدره لم يراها من قبل ليصيح بقلق
- ايه ده انت اتصابت فين؟
سبه في خفوت وهو يعلم ذلك الأزعر حتمًا سيخبر والده واخيه وستتراكم الأسئلة عليه ارتدي قميصه بتعجل وهو يحدق ابن أخيه قائلاً بحذر.

- اوعي تحكي لحد
عبس يامن وجهه ثم حك ذقنه مفكرًا لعدة لحظات كانت كفيلة بحرق أعصاب عمه، زفر وهو يجلس علي الفراش قائلا بجدية لا تتناسب مع عمره
- احكي وقولي امتي حصل ده وفين؟
رغم فظاظة ابن اخيه الا انه استسلم وقال
- حد اعتدى عليا وحاول يسرق مني الفلوس وغزني بالمطوة بتاعته ورحت المستشفى
حرك رأسه متفهمًا من ذلك الاختصار البسيط من الحدث ليقول
- جميل فين بقي العامل الرئيسي
قطب كريم جبينه وصاح بتعجب.

- عامل رئيسي مين؟
رد يامن بعبث أطل من رماديته اللامعة
- المزة بتاعتك اللي عملت فيها هركليز زمانك
رمش كريم أهدابه عدة لحظات وهو يحدق في ابن أخيه صاحب التسع اعوام ذلك الفتي الذي لم يصل حتي ل خصره، شرر ناري تألق مقلتيه وهو يشير إلى الباب
- اطلع براااا
تهجم معالم وجه يامن من نبرة عمه الجافئة وهو يقول بعبث
- بهزر يا رمضان كمل
ابتسامة صفراء اودعها لأبن أخيه ثم قال ببرود
- خسارة فيك ومش هكمل اطلع بره.

زم شفتيه بعبوس ثم انتفض من الفراش قائلاً
- هقول لجدو علي فكرة
وهنا اكتملت الحكاية، الازعر يهدده وفي غرفته، لولا رغبته في ابقاء ذلك سرًا الا انه يعلم ذلك الشيطان الصغير، شعث خصلات شعره وهو يتنهد بعمق
- قابلت هناك المزة بتاعتي فى المستشفى، ممرضة بس خطفت قلبي من اول ما شوفتها بس معصلجه اووي لحد دلوقتي
اطلق يامن تنهيدة حارة ثم اسند ب ذراعه علي ذقنه وهو يقول
- وبعدين؟

شرد كريم في ملامحها الخلابة، ممرضته الجافئة ليقول بشرود
- كنت فاكرها فرنسية بس لما جمعت معلومات عنها عرفت انها مغربية اسمها سلمي وحاليا مستنيها تديني موافقتها للجواز
أخرجه يامن من شروده الناعم وهو يتذكر ملامحها الفاتنة ليهوي علي الارض بكلماته الحمقاء
- تتجوزك ازاي وانت مبتشتغلش
استشاط غضبًا من ذلك الصغير، كفي حقًا اشار بأصبعه نحو الباب قائلاً
- يامن براااا
همس متوسلاً
- طب اشوف صورتها.

رمقه بنظرة نارية جعلته ينكمش حول نفسه، ليصيح كريم بهدر وقد نفذ صبره
- برااااا
هرب يامن من غرفته ثم استدار في مواجهته قبل أن يغلق الباب
- هقول لجدو برده
اخرج له لسانه ثم سرعان ما أغلق الباب في وجهه، ضحك كريم بشدة حتى ارتمى على فراشه وهو يفكر بتلك الخلابة و كيف يوقعها في حبه.

عمله في الجامعة ثم مكالمات والدته التي تسأله متي سيأتي وما يزيد الطين بله اتصال اسماعيل او المفترض أن يكون والده، الجميع يجثم انفاسه، تنهد بحرارة وهو يخلل أصابعه في خصلات شعره القصيرة غدًا اول يوم في رمضان بعيد عن أقاربه وجيرانه ووالدته، حياة كئيبة لكن ما يضيف حياته بهجة صاحبة عيون القطط،.

ابتسم بدفء لذكراها حينما اصطحبها للملاهي لم يكذب قط حينما اخبرها انه اصطحب طفلة، كانت بالنسبة له فتاته المدللة، زفر بحرارة ليجدها فجأة ممسكة ب فانوس صغير وابتسامة متألقة تعتلي ثغرها
- تفضل
تناول من الفانوس الصغير ثم هتف بلطف
- شكرا لك لوري مبادرة جميلة منك
جلست بجواره على المقعد العام وقالت
- رمضان مبارك اعلم انه يكون صعبًا للغاية للصائمين في الدول الغربية لكن اعانك الله حقًا.

صمت خيمهما لعدة لحظات واصوات ابواق السيارة تزعج السكينة في فؤاده، تأملها مليًا بابتسامتها الناعمة وخصلات شعرها الشقراء الفوضوية، ينجذب لها دون أدنى سيطرة لعقله كالنحلة التي تجذبها شباك العنكبوت، هتف بجمود
- لم تخبرينني عن ذلك الشاب الذي أشبهه
تثاقلت انفاسها تدريجيًا ثم اسدلت بأهدابها قبل أن تهتف
- انت لا تشبهه توقعت انك هو لكنك مختلف
نظفت حلقها جيدًا وهي ترفع رأسها مرة اخري نحو عينيه العميقتين
- سالم.

صمتت للحظات قبل أن تهتف بتهور
- اظن انني واقعة في حبك
لاحظت تصنم جسده و عينيه العميقتين تحدقان بها وكأنه يستشف صدق حديثها، قامت من مجلسها وهي تقف قبالته قائلة
- لا ترد رجاءًا سأنتظر تعليقك بعد فترة، اعلم انني اقتحمت حياتك خلال أيام لكن ماذا اقول الحب يأتي دون سابق انذار.

سيطر على انفاعلات جسده بصعوبة، رباه أول مرة يحدث له ذلك ما به، ماذا تمتلك تلك صاحبة عيون القطط لتؤثر به بتلك الكلمات، كبح انفعالاته بجمود
- هل انتي واثقة من مشاعرك اتجاهي؟
غمغمت بغموض
- هل تريد ان تتأكد؟
دنت فجاة نحو رأسه لكي تقبله، تخبره بوضوح حقيقة مشاعرها اتجاهه صفعها ببرود حينما اشاح برأسه للجهه الاخري وهو يهتف بحنق.

- لا لوري ليست بتلك الطريقة، انت جميلة للغاية لكنني لست من النوع الذي يدفعه غرائزه الذكورية، لن اقدم على اي علاقة سوى مع التي ستصبح زوجتي
توقع ان تحزن او تبكي او تفر هاربة إلا انه استرق نظراته نحوها ليجدها تبتسم في خفوت
- لقد اخبرتك انك مختلف واختلافك يعجبني سالم
شد قامته وهو يقف قبالتها قائلا بوجوم
- لوري
هزت كتفيها بلا مبالاة وهي تقول.

- اعلم انك ستظنني طائشة متذبذبة المشاعر لكن صدقًا لم اشعر بذلك الانجذاب مع اي رجل سواك، هل ستبادلني يوما ما سالم
لوهلة بدأ يتفحصها لأول مرة نظرة رجل لأمرأة، يتفحصها من مقدمة رأسها لأخمص قدميها شعرها الفوضوية اربكته ليشعر ب مضخته القوية الثائرة تأمل قميصها الازرق الذي لف جسدها بنعومة ثم انزلقت عيناه تتأملان سروال الجينز الضيق الذي يعانق ساقيها حبًا.

اشاح برأسه فورًا وهو يسب عقله جراء ما فعله، هو رجل بالنهاية وهو لا يريد ارتكاب اي اخطاء إن كانت هي متهورة فهو لن يجر ورائها، مسد عنقه قائلا بتوتر
- حقًا لا اعلم انني مشوش لم اتوقع ان ت،
قاطعته بهمس بارد، لقد علمت الاجابة وهي تراه يحاول انتقاء كلماته بعناية كي لا يجرحها
- علمت اجابتك، انا اسفه انسى ما قلته خلال دقائق
ثم استدارت مغادرة بهدوء كما اتت لكنها تركت اثار عميقة زلزلت كيانه لأول مرة، صاح فجأة.

- لوري انتظري
وهي لم تسمعه اطلاقًا بل استقلت سيارة اجرة بجمود وثبات انفعالي يحسدها عليه، نكس سالم رأسه ارضًا وهو يزيح حجر تعثرت في طريقه ليهتف بعنف
- ايه اللي عملته ده.

استيقظت فجأة من نومها العميق حينما لاحت ذكري قبلات ناعمة منه، هل قبلها أم كانت تحلم؟، نظرت إلى الجانب الخالي بجوارها بخمول ثم بدأت تنظر الي ثوبها البيتي وهي تحاول استعمال عقلها الذي توقف فجأة منذ ان عادت معه إلى المنزل، ذكريات ضاربت عقلها بقوة وهي تتذكر عناقها له، وحينما كانت بين ذراعيه ثم توسلها أن يبقى بجوارها، اللعنة أين عقلها؟ شعثت خصلاتها بفوضوية وهي تعود النظر الى ثوبها بحنق، ذلك الانتهازي البغيض.

انتفضت من فراشها على الفور ليداهمها إعياء شديد ودوار حاد تحسست اناملها غريزيًا الي موضع طفلها القادم ثم سحبت نفس عميق قبل أن تتجه خارج الغرفة ببطء باحثة عنه،
وجدته حينما هبطت من الدرج يتحدث على الهاتف ناظرًا الي النافذة الزجاجية الضخمة احس بوجودها لينهي الحديث ثم التفت اليها ليجدها عاقدة ذراعيها بجمود وشحوب وجهها اقلقه.

اقترب منها وهو يعلم سبب حنقها، لقد نزع ثيابها ليلة أمس، عندما حدق بثوبها القطني اشاحت بوجهها عنه ل يغمغم بعبث
- لا تتحاشين النظر إلي هكذا ما بك لم أتناولك ليلة امس؟
زفرت بحنق وهي تهتف بجمود
- زين كف عن وقاحتك ثم انا حقا سعيدة جدا انك ستتوقف عن عبثك لمدة شهر
ضم قبضتيه في جيب بنطاله وهو يقول بهدوء
- لا تنسي ان المساء أستطيع أن أفعل ما يحلو لي.

جحظت عيناها من كلماته الوقحة، اللعنة عليه ما يظن نفسه مجرد عناق وهو يعلم أنها كانت مغيبة العقل متذبذبة المشاعر يتحكم بها، صاح بهدوء
- هيا لقد جهزت فطارك ستتناوليه
دبت علي الارضية بقوة وهي تصيح بهدر
- انني صائمة هل جننت
نظر اليها نظرة تعلم معناها جيدًا ثم صاح بهدوء
- استشرت الطبيب وانتي في حالة حرجة ليان يجب أن تأخذي دوائك لعدة ايام حتى نذهب للطبيب
هزت رأسها نافية
- كلا.

تلك المرة اقترب منها، امسك بذراعها وهو يلاحظ ارتخاء جسدها ثم شحوب وجهها وشفتيها التي اختفى بها معالم الحياة
- لا تعانديني كالطفلة الصغيرة انتِ تحملين طفل في داخلك وبنيتك ضعيفة للغاية ليان ستمرضين
تمتمت بإعياء
- لا
صمتت قليلاً ثم همست بضعف
- حسنًا إن تعبت سأكسر صيامي لكن ليس أول يوم زين من فضلك
تردد قليلاً قبل أن يترك ذراعيها واستدار متبعدًا إلى غرفة مكتبه توقف ساقيه عن السير حينما سمع همسها الخافت.

- لما لم توقظني لاحضر لك طعام لم تتناول شيئا منذ الغذاء
ابتسامة واسعة تألقت شفتيه واطرب قلبه فرحًا، ما زالت تهتم به، دار على عقبيه وهو يهتف
- لم ارد اتعابك الا انني تناولت قليلاً لا تقلقي حاولت ايقاظك ليلة امس الا انك لم تستجيبي سوي ان تاكلي بعض اللقيمات.

متى حدث ذلك؟ اين كانت هي؟، ألتلك الدرجة كانت نائمة بعمق لكي لا تشعر بحدوث أي من تلك الاشياء؟ ايعني قبلاته الدافئة على وجهها كان بهدف ايقاظها، هزت رأسها يائسة من كثرة الاسئلة التي عصفت عقلها ولن تجد أي إجابة سوي منه لتغير دفة الحديث قائلة
- لا تنسي الليلة لقد حضرت والدتي وليمة كبيرة لا اريد ان اتأخر.

- لن نفعل، لا تتحركي كثيرًا يوجد لدي بعض الاعمال سأجلس ساعات في غرفة المكتب ان رغبتي بأي شيء تعلمين الطريق جيدًا
راقبته يختفي ببطء الى غرفة مكتبه لتظل وحيدة في الصالة الشاسعة لتنظر إلى الثرايات الضخمة المتدلية من السقف لتغمغم بضيق
- لا تضعفي يا غبية لا تضعفي.

كان يراقب الجميع بابتسامة هادئة، برغم أنها ليست المرة الأولى يحظي بالتجمع العائلي في ذلك الشهر لكن هناك شيء دافيء يحتل كيانه شيء جعل ذلك اليوم أكثر لذة عن الأعوام السابقة، يراقب زوجته وشقيقة زوجته وهما يعدان الطاولة والأب يتحدث معه بعدة عبارات خافتة، الانتظار المترقب ل سماع مدفع الافطار واذان المغرب جعله يبتسم بتحسر، لم يحظي بتلك الفرحة حينما كان صغيرًا يعيش في الخارج، كان شهر كأي شهر في العام يمر عليه، مع سماع صوت المؤذن التف الجميع حول الطاولة حاملة جميع ما لذ وطاب لم يستطيع التعرف علي جميع الأصناف جيدًا ولا نوع العصائر بالكاد تعرف علي بعض الطعام الذي كانت تحضرها له سابقًا، لم يكن مهتم بشيء سوى زوجته بالكاد وضعت تمر في فمها ثم كوب عصير والجميع يراقبون ما يحدث بينهما بصمت وترقب حمحمت سارة وهي تقول.

- لم اتوقع ان اجد صهري هنا حقًا ويتناول الدسم وطعام والدتي التي ستصيبه بالسمنة
- سارة
صاحت بها سعاد محذرة لتلتفت الي والدتها
- ماذا انني لم اتوقع ذلك توقعت مثل الغرب الذين يحافظون على سعرارتهم الحرارية ما إن يستيقظون صباحا ويتناولون الاشياء الغريبة نعم التوست والمربي والشاي الانجليزي
ابتسم زين بهدوء ثم صاح بهدوء
- نعم احافظ على رشاقتي لكن للاسف القبطان عزيزتي يتبع حمية قاسية خلافا لي.

ما إن لاحظ احمرار وجنتيها حتى ابتسم بشرود وهو لا يعلم كيف سيتمكن ابن عمه من الزواج بها، التفت الي زوجته التي لم تضع لقمة في فمها ليهمس بدفء
- تناولي شيئًا ليان
توترت قليلاً واجفلت من نداء اسمها لم تكن تتأثر مثل السابق حينما يهتف اسمها، لا تعلم لما اصبحت الان تكرر اسمها عدة مرات كما يقول لِيَنّ نظرت اليه بعتاب
- لقد اخجلتها
ضحك بهدوء ليميل الى وجنتيها ويقرصهم بخفة.

- ماذا لم أقل شيئًا؟! ستصبح زوجته علي كلا الاحوال ولن تخجل بعد ذلك
حمحمت سارة بعبث
- يا عصافير الكناري نحن هنا
تلك المرة لكزتها سعاد علي مرفقها لتتأوه بصوت خفيض قائلة
- ايدك يا ماما بقت تقيلة
غمغمت سعاد بسخط
- متبقيش عزول وسطيهم
نفخت وجنتيها بحنق لتقول
- ماشي ماشي لما اتجوز هبقي،
قاطعها إبراهيم الذي شارك الحديث لأول مرة قائلاً بهدوء
- تبقى ايه يا روح بابا
سعلت بقوة وهي ترتشف كوب المياة قائلة.

- ولا حاجه هكسر ايده لو فكر يأكلني
وهو كان يتابع ما يحدث بهدوء يبتسم علي ابتسامتها الواسعة اقترب هامسًا نحو أذنها
- ماذا قالت؟
- يبدو أن قريبك سيواجه صعوبات كثيرة في المستقبل
غمز بعينيه وهو يقول
- لا تقلقي لقد تجاوز معظمهم
صمت للحظات وهي تراقب زرقاوته اللامعة بهدوء، تشعر بشيء غريب لا تعلم ما هو قاطعت سعاد نظراتهم قائلة بهدوء
- اديله ورق العنب يا ليان
ابتسمت لوالدتها وهي تتناول الطبق لتقدمها له قائلة.

- هذه افضل ورق عنب ستتذوقها من يد ماما
ابتسم نحو سعاد وقال بلطف
- سلمت يداكي سيدة سعاد ما كان عليك ان تتعبي نفسك بتحضير تلك الوليمة
هزت سعاد رأسها بهدوء لتبتسم سارة ب مشاكسة
- سيد زين اراهنك انك ستسمن ان اصبحت جوار ماما لمدة شهر
اصطنع زين الدهشة علي معالم وجهه قبل ان يعود للنظر الي ليان قائلاً
- حقًا؟! ساخبر ليان بأعداد تلك الاطعمة في المنزل.

زجرتها تلك المرة ليان ليس بما تقوله بل ليكف عن النظر اليها بتلك للطريقة التي تربكها، امتعضت معالم سارة بوجوم
- خلاص سكت
استرقت النظر إلي نظرات والديها بتعجب وهما يعقدان حديث بصري عجيب لتعود النظر إلى زوجها الذي شرد فجأه ومعالم وجهه تزداد ألمًا، مدت أناملها تضعها برفق علي كفه المسترخي على الطاولة ليجفل من لمستها ثم دار برأسه نحو قهوتها الدافئة لتمتم بهدوء
- هل انت بخير؟

قبض علي كفها برفق ثم لثمه بدفء وهو يقول
- نعم بخير
ليس بخير، صرخ بها قلبها هلعًا وهي تراه يتقوقع بمفرده مرة اخرى، شحب وجهها بقوة ولا تعلم لما مدت أناملها مرة اخري الي كفه الذي اراحه على ساقه ليقبض يدها بحركة غريزية
مشبكًا أنامله بين اناملها ليعود إلى اطعامها بهدوء ونظرات الجميع يشاهدونهم بحنان لتطلق سارة تنهيدة حارة ثم عادت تستأنف طعامها بهدوء وعقلها منشغل بالقبطان!

ترجلت من سيارة الاجرة وهي تأخذ حقيبتها السفرية متوجهه نحو باب المطار، تستمع الي حنق كلمات والدها بصبر، تركت حارسيها في المطار موهمة إياهم أنها ستكون هناك بعد العرض الاخير لها لكنها كانت في الملهي الذي جمعها ب يوسف اول مرة بل كل مكان كانت معه، هو توقف عن بعث الرسائل وهي توقفت عن الانتظار، والنتيجة والدها يصرخ بهدر في الهاتف
- ابي حسنًا انني في المطار أقسم لك، لا تقلق انا بخير، حسنًا وداعًا.

انهت المكالمة بنفاذ صبر لتضع هاتفها في بنطال سروالها وهي تجر حقيبتها نحو مدخل المطار، تخشب جسدها عندما لمحت شخصًا يقف بجوار المدخل ينظر إليها بغموض، صدمة جرت جميع أنحاء جسدها سرعان ما تحول لابتسامة هادئة وهي تقفز في عناقه قائلة
- جوزيف
لم يبادلها العناق وهي ابتعدت عنه بهدوء قائلة
- اشتقت اليك عزيزي
اجاب بعبوس
- وانا ايضًا
ثم نظر الي حقيبتها السفرية ليقول
- ستسافرين
هزت رأسها ايجابًا.

- نعم سأعود لبابا يحتاجني، رمضان مبارك
ابتسم بشحوب
- رمضان مبارك
قطبت جبينها بامتعاض وهي تلاحظ شخص آخر غير الذي تعلمه، زفر بحنق وهو يحك مؤخرة رأسه بتوتر
- ارغب ان اخبرك شيئًا
شجعته قائلة
- ماذا؟
نكس رأسه ارضًا وهمس بجفاء
- لن نصبح معا آليا
في البداية ضحكت ساخرة من مزحته
- ماذا تهذي جو؟
تحسرت ابتسامتها شيئًا فشيء وتجمدت مقلتيها عليه وهو يعود لرفع رأسه قائلا بأسف.

- اسف آليا انا رجل معقد للغاية لا استطيع ان اكون بجوارك، انتي نقية وبريئة للغاية، لقد رغبت أن آخذ ب ثأري
عقدت ذراعيها قائلة بجمود تكاد تحسد عليه
- ثأر ماذا؟
- من ابن عمك زين حينما أخذ المرأة التي كنت اظن انني احبها لكن في الواقع اكتشفت انكِ لا ذنب لك لما حدث في النهاية أنا لم احبها لتلك الدرجة الذي يدفعني لأموت من أجلها
جذبت خصلات شعرها البندقية وصاحت بهدر
- ايها القذر
نكس رأسه مرة أخرى قائلا بأسف صادق.

- سامحيني آليا
هجمت عليه وصفعته بقوة على وجنته ل تهتف بهدر
- لقد كانت قبلتي الاولى معك ايها الفاسق
- اعتذر
حقا يعتذر! بعد كل ما حدث يعتذر؟، خطت بعدة خطوات للخلف وهي تفكر، اذًا تلك كانت لعبة، كانت لعبة بين يديه وهي الساذجة التي سقطت في تلك اللعبة في البداية محمد والثاني هو، أشارت بأصبع السبابة بحذر وهي تراه يهم بالاقتراب نحوها
- لا تفكر ان تلمسني مجددًا ايها الحقير
هم بالتحدث لتصيح هادرة
- اغرب عن وجهي.

وبالفعل غادر وهو مطرقًا رأسه للأسفل، لتعود هي عدة خطوات مرة اخري حتي اصطدمت بالحائط جوارها انزلقت بجسدها ارضًا وهي تهمس بضعف
- يالهي لماذا كل شيء يسير عكس ما اريده الاول محمد والثاني جوزيف
الجميع يقتحم حياتها ثم يغادرون ببساطة وهي تتشبث بمن يأتي لها حتى وإن كانت متأكدة ان علاقتهم ستنتهي بالفشل، عضت شفتيها بقهر
- حمقاء يا آليا، مغفلة، غبية.

اضمحلت الرؤية شيئًا فشيء حتى ما عادت تشعر بأي شيء لثواني كادت أن تستسلم للظلام لكن ليس هو، لا يستحق قلبها الرثاء عليه، قامت متنفضة من مجلسها وهي تلتقط حقيبتها السفرية متوجه نحو الداخل، إن ظن الاثنين أنها ستكون ضعيفة كلا، لم يحذروا بعد من تكون هي آليا الحديدي ومن أي عائلة هى..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة