قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل العشرون

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل العشرون

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل العشرون

كانت تعاني من تقلص مؤلم في معدتها ونبضات موجعة بظهرها عندما وصلت لمنزلها، دلفت لغرفتها بعجالة وبدأت تبحث في حقيبة أدويتها عما يخدر هذا الألم، . ولكنها لم تجد ما يفي بالغرض، تأوهت وتين وهي تتحسس بطنها: - ماهو ده مش وجع طبيعي!
حاولت داليدا أن تمددها على فراشها وهي تقول: - طب ارتاحي وانا هتصل بالدكتور
ولجت سوسن وعيناها تتطلع للوضع: - أستاذ بدر مستني جوا ياوتين هانم.

تأففت داليدا ب انزعاج شديد وهي تجيب نيابة عنها: - مش وقته خالص ياسوسن، قوليله ييجي بعدين مش شيفاها تعبانة ازاي!
ف صدقتّ وتين على ما قالته داليدا: - أنا فعلًا مش هقدر اخرج، المفروض مكنتش نزلت النهاردة
انسحبت سوسن بعد أن حصلت على جواب برفض مقابلته، ف عبس وجه داليدا وهي تقول: - مش عارفه هنخلص من العيلة ال دي أمتى!، حتى قريبه مش سايبنا في حالنا.

لم تكن وتين في حال يسمح لها حتى بالمناقشة والكلام، أغمضت عيناها منزعجة من إضاءة الغرفة، متأملة أن يغيب هذا الألم عنها قليلًا..

أخفض بدر بصره نحو مستند الأوراق الذي يحمله، ثم ردد ب استخفاف: - هي اللي مش عايزة تقابلني؟
- والله الهانم راجعة من برا تعبانة خالص
ف تحرك بدر من مكانه وهو يرد ب: - مش لازم تبرري، هي اللي خسرت مش انا.

وخرج، غادر الشُقة وهو يسحب شهيقًا مريحًا لصدره، وكأن الحجر الصلب الذي كان يحمله على ظهره قد انحل عنه الآن، أسرع بخطاه حتى استقر بداخل سيارته وهو ينفخ زفيرًا ملتهبًا من صدره، وسرعان ما فتح هذا المستند وأخرج كل ما يحويه، مزق الأوراق قطعًا صغيرة منتشيًا بالتخلص من هذا العبء، ونثرهم من نافذة السيارة وأسرع بالمغادرة، مؤكد هناك طريقة أخرى تمكنه من العودة إليها، فقط عليه المعافرة قليلًا.

خرج رحيم من الباب الرئيسي لمعرض السيارات الخاص به متوجهًا نحو سيارته التي يقف السائق بالقرب منها، وضع نظارة شمسية زجاجها رمادي اللون على عيناه أثناء تساؤل السائق: - حضرتك اللي هتسوق ولا...
- لأ انت اللي هتسوق، أنا مش شايف قدامي.

فتح له السائق باب السيارة ليستقر بالخلف، ثم تحرك به، أحس رحيم بارتفاع حرارة جسده رغم أن السيارة باردة بفعل مكيف الهواء، وغمامة تحول بين بصره وبين الصورة التي يراها أمامه، أعصاب أطرافه لا يمكنه السيطرة عليها، حلّ أول زر من قميصه الأزرق بصعوبة وقبض جفونه ب قوة وهو يتسائل: - وصلت الهانم لحد البيت ياصبري؟
- آه ياباشا.

لاحظ صبري إنه في غير طبيعته، حتى يبدو على بشرته صُفرة قاتمة وكأنه مرض، فسأله ب قلق: - أنت كويس يارحيم باشا؟
وصلت الأعراض لذروتها لديه، فلم يستطع الصمود والعناد أكثر و: - لأ مش كويس، وديني أقرب مستشفى
- حالًا يافندم
وقاد سيارته لأقرب مشفى تخصصي..

قصد رحيم قسم الإستقبال كي يفحصه الطبيب، ف اتضح ارتفاع ضغط الدم لديه بسبب عوامل الضغط العصبي والإنفعال الشديد بالفترة الأخيرة، نزع الطبيب جهاز الضغط عن ذراعه وهو يردد: - ضغطك عالي أوي ياأستاذ 180 إنقباضي على 120، أنت بتاخد أي علاج أو أدوية لمرض معين؟

كان رحيم مسترخي على المقعد الممتد، مريحًا رأسه وعيناه لأعلى: - لأ
- بتدخن؟
صمت هنيهه و: - آه
ابتعد الطبيب عنه وانتقل لخزانة زجاجية بجوار مكتبه، سحب منها قنينة صغيرة وقطر عشر قطرات منها على نصف كوب من الماء البارد، ثم توجه نحوه قائلًا: - اتفضل اشرب ده على مرة واحدة
ثم عاد نحو المكتب: - التدخين غلط عليك جدًا خصوصًا الفترة دي، والإنفعال كمان.

نظر الطبيب الشاب إليه نظرة متفحصة أعقبها ب: - تقريبًا حضرتك عصبي بزيادة، وده اللي رفع ضغط الدم عندك فجأة
اعتدل رحيم وهو يسأله: - وبعدين؟
- متقلقش ده ضغط عالي ثانوي مش هتحتاج علاج غير ساعة اللزوم، هكتبلك حبوب تاخدها لو حسيت إنه ارتفع تاني، لكن مع التكرار لازم تروح لدكتور متخصص.

وناوله وصفة علاجية، ف أخذها وخرج بعد أن شعر بتحسن جذري، تراجع عنه ألم الرأس وبدأ يستعيد قوته قليلًا، ف أسرع ب خطاه حتى وصل لسيارته.
وأول ما قام به الإتصال بها، لكنها لا ترد على مكالماته، أعاد المحاولة مرة أخرى، ولكنها باءت أيضًا بالفشل.
أغلق الهاتف ونظر بجواره حيث كانت السيارة تسير على طريق مُطل على النيل مباشرة، تنهد رحيم وهو يقول: - أقف هنا ياصبري.

حاول صبري صفّ السيارة على الجانب، ترجل رحيم منها ووقف على هذا الكوبري المرتفع أمام النيل، حيث تجري المياه وآشعة الشمس التي تقترب من حضن الغروب تتلألأ على سطح النيل.
حاول الإتصال بها مجددًا، ولكنها لم ترد أيضًا، ف غمغم قائلًا: - ياترى بتعملي إيه يخليكي كل ده مش بتردي؟

انتهى الطبيب من حقنها وجمع أغراضه عقب أن كتب لها وصفة علاجية ناولها ل داليدا قائلًا: - حملها ضعيف ونسبة اكتماله ضئيلة، عشان كده مطلوب ليها راحة تامة ومفيش أي ضغط جسدي أو نفسي.

اعتدل في وقفته وتابع: - كورس الحقن المثبتة هتتاخد كل 21 يوم وانا ممكن أحقنها بنفسي بس لازم تيجي المستشفى.

نظرت داليدا نحوها بنظرات حزينة و: - حاضر
- ومتنسيش إن الإهتمام بأكلها مهم جدًا، دي تكاد تكون مش بتاكل أصلًا
وأمسك حقيبته منتقلًا نحو باب الخروج، حينما كانت وتين تنظر لهاتفها الذي يرن ب استمرار، استقامت من نومتها وهي تشعر بوهن شديد، والتقطت هاتفها لتجيب: - ألو.

وجدت صوته الثائر يصرخ فيها بلا هوادة: - انتي مبترديش ليه كل ده!، ده انا سايق وجايلك البيت من كتر القلق، 3 ساعات بتصل ومش بتردي انتي عايزة تجننيني!

كان صوتها وحده كفيلًا بوصف ما تشعر به من ضعف وألم: - كنت تعبانة شوية ولسه الدكتور نازل من عندي
گدهان بارد ملطف وضع على قلبه، صوتها الواهن أرخى أعصابه المشدودة، وسرعان ما انخفضت نبرته: - انتي بتعيطي؟
وصدر نشيج بكائها وهي تتحدث باستفاضة: - أنا مخنوقة أوي وحاسة إني مش قادرة اتنفس.

زاغت عيناه حتى كاد يرتكب حادث سير وهو يقود سيارته بدون تركيز، عجّل بصفّ السيارة جانبًا وهو يسألها ب اهتمام مفرط: - أهدي الأول وفهميني إيه اللي حصل؟
- نائل ممكن يكون عرف ب حملي
أطبق رحيم جفونه بنفاذ صبر ولكنه حاول ألا يُظهر امتعاضه: - مش قولتلك متفكريش نفسك ذكية!، قولتلك نائل مش سهل والموضوع مش هيستخبى
وتعمد إرهابها لعلها تتراجع عن فكرة الإحتفاظ بالجنين: - مش بعيد ينوي ياخده منك عشان يجبرك تكوني معاه.

لم تقوَ على الصراخ، بل صدر صوتها الخافت قائلة: - رحيم، أرجوك متضغطش عليا
أدار رحيم محرك السيارة وهو يقول: - أنا جايلك، الكلام مش هينفع في التليفون، سلام.

بقى القليل، القليل ويكون بنفسه أمام بيتها، تجاهل بدر إتصالات نائل المتكررة والتي لم تنتهي، ولكنه في الأخير أجاب وقد أصابه السئم: - نعم!
- أنت فين يابدر؟
- في الشارع
فسأله نائل مباشرة: - إيه اللي وداك عند وتين يابدر؟
صمت بدر متفاجئًا من سؤاله ومعرفته بأمر ذهابه لها، فعاد نائل يستطرد: - مش هترد عليا؟

فكان بدر حازمًا في جوابه ولم يظهر أي تراجع: - موضوع يخصني، انت عرفت منين إني روحتلها؟!، مستحيل تكون هي اللي بلغتك!
- أنا في الشركة مستنيك، تعالى نتكلم مع بعض
ف صدّ بدر محاولاتهُ: - مش فاضي، رايح اشوف حياتي اللي خربتها، سلام دلوقتي.

وأغلق الخط بنفس الوقت الذي كان يترجل فيه عن سيارته ليكون أمام بنايتها، رفع بصره لأعلى ينظر لشرفتها التي كانت تطل منها دائمًا، ويداه ممسكة بهاتفه حيث يظهر تفاصيل رقمها الشخصي على الشاشة، مترددًا هل يتصل بها الآن أم لا، حتى تجرأ واتصل..
بقيت عيناه لأعلى منتظرًا أن تجيب، ولكن لم يحدث، كرر فعلته مرة أخرى فكانت النتيجة كما هي، نفخ بدر بقنوط وهو يعاود الكرّة مرة ثالثة رافضًا الإستسلام ل يأسه...

أغلفت داليدا هاتف المنزل ونهضت عن مكانها وهي تقول: - برضو الدوا ناقص في الصيدلية دي كمان، مفيش غير إني أنزل بنفسي أدور عليه
واتجهت نحو غرفتها: - هغير هدومي وهنزل وانتي اعملي شوربة الخضار اللي قولتلك عليها لحد ما آجي
فأجابت سوسن وهي تفرك كفيها مع بعضهما البعض: - حاضر.

لم تتأخر داليدا بغرفتها، حيث خرجت ممسكة حقيبة اليد وتركت الوصفة العلاجية بداخلها، خرجت من باب الشُقة، لتقوم سوسن بإجراء مكالمة هاتفية عاجلة وقد أصابها التوتر والإرتباك: - أيوة، نزلت خلاص، لا لوحدها، حاضر.

بدأت أطرافها ترتجف بتخوف وهي تغلق الهاتف، محال سيحدث أمر سئ، هذا ما شعرت به الآن، ف هي الجاسوسة المخلصة التي وضعت في حضن عائلة سامي الصباغ منذ أكثر من سبعة عشر عامًا، حتى القطة إذا دخلت بيتهم كان الخبر ينتقل بسرعة البرق ل ثريا وابنها، طيلة هذه الأعوام تحتفظ داليدا ب حية رقطاء في منزلها..

كانت سوسن شديدة الإخلاص ل ثريا، وأدت واجبها الخبيث بمهارة، ولكنها الآن تخشى التبعات، الأذى الذي سيطول وتين هذه المرة سيكون جسيم، وهذا ما جعل ضميرها النائم يتحرك قليلًا بعد مرور كل تلك السنوات، ومع ذلك تركته يؤلمها ولم تتحرك قيد أنملة لإصلاح ما فسد.

سرعان ما وضعت كاميليا حجاب الرأس على شعرها بشكل عشوائي وفتحت الباب، حدقت بعيناها فيه وهي تسأل مصدومة: - بتعمل إيه هنا يابدر؟
لم يجيبها وانتقل لما أتى من أجله: - مش بتردي عليا ليه؟ بقالي كتير بتصل بيكي
نظرت كاميليا للداخل ب ارتباك وهي تخفض صوتها: - مش وقته، أمشي دلوقتي عشان بابا جوا وبعدين نتكلم
فقال بعناد: - مش همشي النهاردة قبل ما نخلص الموضوع اللي بينا.

وضعت يدها على صدره تدفعه برفق وهي تردد بصوت يرجوه: - من فضلك يابدر مش عايزين نعمل مشاكل، أمشي
تأمل عيناها التي اشتاق كثيرًا للنظر إليها، ثم وضع يده على كفها الملامس لصدره وردد بنبرة والهه: - وحشتيني.

سرت قشعريرة لطيفة في جسدها وكفه يحتضن كفها، حاولت أن تستعيد كفها ولكن لم تستطع، من ناحية تشتاق له اشتياقًا مميتًا، وناحية أخرى كفه القابض على كفها، اضطربت أنفاسها وهي تقبض على حجابها بيدها الأخرى قائلة بشئ من الرعشة: - من فضلك يابدر، إحنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كدا
- بس انا مصمم آخد فرصتي كاملة، أنا بحبك ياكاميليا
أطبقت جفونها متألمة من صعوبة الموقف و: - مش هينفع.

وجدت كفه ينسحب من فوق كفها، ف فتحت عيناها ونظرت إليه بتحسر لتجد عيناه اللامعة تود لو تشن هجومًا عليها، وتغيرت معالم وجهه وهو يقول: - تمام، ادخلي بقى نادي أبوكي
جحظت عيناها ظنًا إنه قد يؤذيها، وعادت خطوة للخلف وهي تقول: - أمشى من هنا يابدر
- مش همشي، قولتلك ادخلي نادي أبوكي اتكلم معاه.

حاولت كاميليا دفع الباب بسرعة للتخلص منه، فوجدت قدمه تحول أغلاقه، همست من خلفه وهي تحاول دفعها بقدمها: - أوعى يابدر بلاش شغل عيال، بكرة هقابلك في المكان بتاعنا ونتكلم
جاهد لتكون دفعاته خفيفة عليها كي لا يؤلمها أو يؤذيها قائلًا: - والله ما همشي قبل ما اكلم أبوكي
وأخيرًا نجح في إبعادها عن الباب، تراجعت للخلف وكادت تقع على ظهرها لولا تماسكها، حينما صاح بدر بصوت مسموع: - ياحج حسني.

شهقت كاميليا بفزع وهي واقفة بمكانها غير قادرة على التحكم فيه أو السيطرة عليه، تعالت درجة حرارة جسمها وبدأ جبينها بالتعرق حينما خرج والدها من الداخل مرتديًا نظارته الطبية، رمق هذا الغريب بنظرات متفحصة أولًا، ثم سأله بهدوء وحزم: - أنت مين ياحضرت وبتعمل إيه هنا؟
لم يحتاج بدر حتى استجماع شجاعته، بل وجد الكلام يخرج منه فمه بدون حساب ومراجعة: - أنا بحب بنتك وعايز أتجوزها على سنة الله ورسوله.

جمد جسدها وتثلجت أطرافها فجأة وهي تخفض بصرها الذي تشوش على حين غرة و...

فتحت سوسن الباب بحذر شديد عقب أن نظرت في العين السحرية الملصقة به، لتدلف ثريا وهي تهمس: - فين هي؟
- نايمة في أوضتها
أخرجت ثريا قنينة تشبه قنينة الدواء من حقيبتها تحوي مادة طبية خطيرة، ثم أمرتها ب: - أنزلي من هنا زي ما اتفقنا، وأول ما أخلص هكلمك
- بس آ...
ظلت عينا ثريا عليها منتظرة ما ستقول: - ا، انتي هتعملي إيه معاها؟
فكانت صارمة بما يكفي: - وانتي مالك؟

توترت سوسن وهي تجيب: - يعني لو انا ممكن احطلها منه في الأكل أو آ...
ف ابتسمت بسخرية قائلة: - عشان تعملي زي قبل كدا وترجعي عن اتفاقنا!
ودنت منها تحذرها بحقد شعّ من نظراتها: - كان زمان البت دي وامها ميتين دلوقتي وارتحنا منهم لولا غبائك، أحذري ياسوسن، أحذري تخليني أقلب عليكي، أنزلي ومش عايزة اشوف وشك قبل ما أكلمك.

هزت سوسن رأسها ب هيسترية و: - حاضر
وشرعت سوسن بتجهيز نفسها للخروج عندما اتجهت ثريا للداخل، راقبتها سوسن حتى اختفت بداخل الرواق، ثم خرجت من الباب وتركته مواربًا وليس مغلقًا، لعل أحدهم يستمع لإستجداء المسكينة وينقذها من براثن هذه الجبارة...

في هذه الآونة، كانت وتين تنهض من سريرها ببطء لتقضي حاجتها، وسارت ببطء حتى فتحت الباب، خرجت متجهة للمرحاض، ف إذ بها ترى ثريا في منتصف الرواق، حدقت فيها وتين بذهول وهي تسأل بصوت مرتفع: - أنتي!، أنتي بتعملي إيه هنا؟
تقدمت منها ثريا وهي تقبض على هذه القنينة المفتوحة وقالت بهدوء مريب: - جاية اباركلك يامرات إبني، مش اللي انتي شيلاه ده حفيدي برضو!؟

جف حلق وتين هنا في هذه اللحظة، ووضعت يدها على بطنها تلقائيًا وكأنها تحمي طفلها، ومن ثم ركضت عائدة لغرفتها حينما اشتمت بوادر لرائحة غدر تنتظرها..

لم تلحق بالأمر، إذ داهمتها ثريا وأوقعتها على الأرضية، وبالإرغام حاولت أن تجعلها تتجرع أكبر قدر من هذا المحلول السام، ولكنها قاومتها بأقصى قوة رغم ثقل ثريا عليها، دخل منه قطرات في فمها، بصقتها ب انفعال وهي تخدش يدها ودفعتها بعنف قائلة: - أنتي مش أم انتي مجرمة، مجرمة.

ركضت للخارج وقبل أن تستطيع الهرب كانت ثريا قد زحفت نحوها بهرع وأمسكت بقدمها وجذبتها بغباء شديد حتى سقطت على وجهها وهي تصيح قائلة: - مش هتكملي حملك ولا هسيبهولك، مش هقبل ييجي لأبني حفيد منك انتي لو على موتي
ركلت وتين يدها بساقها حتى سقطت القنينة منها لتسقط متهشمة على الأرضية وهي تصرخ صرخات مستغيثة: - ألحقوني، هتموتني، حد يلحقني.

زحفت وتين على الأرضية مقاومة شعور الألم المميت الذي اعتراها، لتتفاجأ بضربة ترتطم بظهرها توقفت عن الزحف على أثرها، جذبتها ثريا من شعرها لتعتدل على جانبها، وكانت الضربة التالية من قدم ثريا أسفل معدة وتين، ضربة لم تتوقعها قط، جعلتها تنكمش على نفسها وتضم ساقيها لصدرها كي تحمي بطنها وهي تصرخ متألمة: - آآآآآآآآآآه.

لم ترحمها، بل استمرت في ضربها بيدها الأثنتين وقدميها بلا رأفة كي ينفك جسمها الذي ضمته لنفسها گوضعية الجنين، كل ذلك ولسانها الغليظ لا ينفك من سبّها وسبّ والديها، انتهزت وتين فرصة انحناء جسمها عليها تضربها بهذه الشراسة، وجذبتها من حجاب رأسها الذي يكشف أكثر من نصف شعرها جذبة عنيفة، وراحت تهز رأسها أكثر من مرة قبل أن تطرحها أرضًا بجوارها..

زحفت بسرعة، وأمسكت ب قالب من الطوب الحراري يحمل نبتة من زروع الظل، كانت ثريا تحاول النهوض لولا أن بطحت وتين به رأسها فعادت تسقط ثانية.
زحفت وتين وهي تمسك ببطنها تأن من فرط الألم والدموع من عينيها تنسال گمجرى النهر، حتى تمسكت بالمقعد واستندت عليه كي تستطيع الوقوف على قدميها الرخوتين وهي تهمس بصوت خالجه النشيج: - يارب، يارب أرحم ضعفي.

كان رحيم يصعد الدرج مترجلًا عقب أن وجد المصعد مُعطل، حتى أصبح أمام الباب مباشرة، توقف محملقًا بصره على تلك الإضاءة المنبعثة من الداخل وكأن الباب مفتوح، وبسط ذراعه يدفعه ليجده بالفعل مفتوحًا، هوى قلبه في قدمه و هو يدلف للداخل، ليجدها تستند على الحائط وهي تسير متأدة وظهرها محنى على بطنها التي تقبض بأصابعها عليها، صاح وهو يركض نحوها بفزع تملكه: - وتين!

وأمسك بذراعيها، كان هذا الدفء المُخدر يمضي من بين ساقيها يشعرها بخدر أعضائها، تمسكت بقميصه وهو تهمس بصوت متقطع: - موتها
لم يفهم ما تقول، ولكن شحوب وجهها هذا يرعبه، تابعت بصوت متحشرج: - لو جرالي حاجه هاتلي حقي يارح، يم أرجوك
أخفض رحيم بصره ليرى بقعة الدم التي تكونت أسفل قدميها وثيابها الملوثة بالدماء، ارتجف بذعر وهو يمسك بخصرها جيدًا عاجز حتى عن التفكير فيما سيفعل وهو يهمس ب اسمها: - وتين!

وهنا استسلمت وتين لهذا الخدر ساقطة بين أحضانه ورأسها مرتخية بين صدره وذراعه حتى آ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة