قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والعشرون

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والعشرون

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والعشرون

كانت صاعقة حقيقية بالنسبة لها، هي ليست ملاك يتطاير بجناحيه ولكن صدمتها في فعلة زوجها كانت شديدة..
حدقت فيه مذهولة وهي تسأل: - انت بتكلم جد يافضل؟ عملت كده فعلًا في بنت اخوك؟ بعتها وانت عارف إن نائل عايز ياخد منها كل حاجه!

فأجاب ببرود وهو ينفخ دخان سجائره من فمه: - آه، وكان في بيني وبين حقي خطوة واحدة بس
وقذف بعلبة سجائره وهو يصيح فجأة: - لولا ال والواد التافه اللي راحتله
فصرخت فيه شريفة: - إزاي تعمل فينا حاجه زي دي! مخوفتش عليا وعلى بناتك!
- وانتي مالك بالموضوع أصلًا!

وقفت تناطحه رأسًا برأس متحدثة: - ده مالي ومالي ومالي كمان، انا ولا بحب وتين ولا بطيقها هي ولا امها، لكن مقبلش على نفسي ولا على بناتي ربنا يرد أذيتك لبنت أخوك فيهم وفيا، ده ربنا المنتقم ياشيخ ومش هيسيب حق اليتيمة دي.

لوح بيده بغير اكتراث لها، وجلس وهو يقول: - ساعتها هيبقى معايا فلوس، والفلوس تحل أي حاجه
رمقته شريفة بندم و: - روح منك لله، أنا والبنات ملناش دعوة بيك وربنا شاهد إني مش راضية عن اللي عملته، هو اللي بتشوفه نداء ده من شوية!

ثم انصرفت من أمامه وهي تغمغم: - يارب متاخدش بناتي بذنبه يارب
عندما يكون الإنتقام من حد ربك يكون عاصفًا قاسيًا يأكل الأخضر واليابس ولا يترك أثرًا، هي تعلم ذلك جيدًا وهذا ما جعلها ترتجف من داخلها خوفًا أن يريه الله الأذى في إحدى غاليتيه، ولم يكف قلبها عن الإنقباض والشعور بالذنب، حتى إنها فكرت في التدخل ولكن كيف!، كيف تداوي جرحًا فتحه زوجها عن آخره في قلب هذه المسكينة!

هرعت خارجة من منزلها عقب أن طلبت السائق الخاص ب رحيم ليأتي ويصحبها، منذ هذه المكالمة التي آتتها من مدير أعماله يبلغها فيها بما تلاقاه وهي گالتي مسها مسّ شيطاني..
رآها السائق على هذه الحالة فسألها بتخوف: - في حاجه ياهانم؟
- بسرعة أطلع على العنوان اللي هقولك عليه
ف توتر خوفًا من رد فعل رحيم و: - طب ه آ، أتصل بالباشا أبلغه إني آ...

فصرخت فيه بغير هُدى: - مش هتكلم حد، رحيم بيه تعبان واحنا رايحين نجيبه
فلم ينتظر حتى وأسرع نحو مقعد القيادة يستقله، كانت تجري مكالمة هاتفية حينها وصوتها يتجلى فيه الرعشة المرتجفة: - أيوة، أنت عرفت منين كل اللي حصل ده!
فأجاب إجابة منطقية عليها: - لما الناس لقوه فتشوا جيبوا ولقوا بطاقته وكروت شخصية وكروت المعرض، أتصلوا بالأرقام لحد ما وصلوا ليا، أنا في الطريق لهناك وممكن حضرتك متتعبيش نفسك و...

- أبعتلي الموقع زي ما قولتلي
قالتها وهي تقطع حواره، ثم أغلقت الهاتف على الفور وانتظرت أن تُرسل لها رسالة تحمل الموقع حتى تنتقل مباشرة لهناك.

وضع العجوز صحن من الثلج على المنضدة القديمة وداخله قطعة قماشية قديمة، ثم ناولها ل ابنته مرددًا: - لما ييجي أهله هنبلغهم إنه مينفعش يتحرك من هنا على الأقل كام يوم
استمعا لصوت قرعات عنيفة على الباب فأدرك الرجل أن أحدهم قد وصل أخيرًا، ف اتكأ على ذراع الأريكة ونهض يفتح الباب، ليجد هذه الجميلة تسأله بهلع وخوف: - هو فين من فضلك؟
فسألها: - انتي اللي كلمتيني تسأليني عن العنوان؟
- آه أنا.

ونظرت للداخل متسائلة: - هو فين أرجوك؟
- جوا على الشمال
أفسح المجال لتعبر، ولكن استوقفها السائق بحرص و: - أنا هدخل الأول ياهانم من فضلك
ودلف يطمئن إنه ليس فخ أو وسيلة استدراجية، ليجد بالفعل رحيم ملقى على أريكة بالداخل، فأشار لها كي تتبعه، أسرعت وتين و عيناها متسعة عن آخرها حتى وقع بصرها عليه، ساقه ملفوفة بالشاش الأبيض ورأسه مربوط والدماء تنسال من جانبي جبهته..

شهقت وهي تضع كفها على فمها وقد تجمعت الدموع في عيناها عقب أن أحست بإنها المتسببة فيما يطوله من كوارث، دنت منه وتلمست وجهه وهي تنادي: - رحيم!، رد عليا بليز.

وجلست جواره، أخفضت رأسها نحو ذراعه المتورمة ذي لون أزرق يميل للأحمر الفاقع وكأنه تلقى ضربة قاسية عليها، وعادت تنظر لوجهه ثانية لتجد يد تلك الفتاة العشرينية تمسح بالثلج على مكان كدمة في رأسه، وسرعان ما احتقنت ملامحها وهي تدفع يدها بعيدًا و: - انتي بتعملي إيه؟

نظرت نحوها ولم تجيبها، وضعت الثلج في الصحن ثم أمسكت بالقطعة الباردة ومسحت بها على ذراعه المصابة، ف صاحت بها وتين مرة أخرى أقوى من ذي قبل: - أنا بكلمك ردي عليا!
ف حمحم العجوز وتدخل قائلًا: - آ، أهدي بس ياست الكل، انا بنتي مش بتكلم، خرسه يعني
ابتلعت وتين هذه الكلمة التي كانت گالصفعة، ثم أحنت رأسها بخجل و: - أنا آسفه.

أومأت الفتاة برأسها راضية باعتذارها، ثم ناولتها القطعة القماشية وأشارت لها كي تقوم بكمادات باردة مكان الكدمة، مرة أخرى صوت قرعات أشد قوة على الباب جعلت وتين تنتفض، بينما ذهب العجوز برفقته السائق لاستكشاف الزائر الجديد ليجد مدير مكتب رحيم: - ها ياحسن، عملتو إيه!
فأجاب السائق وهو يصحبه للداخل: - ولا حاجه لسه.

ألقى رفيق نظرة خاطفة على رحيم ليجد حالته المزدرية، ف تأفف ب انزعاج و: - إحنا لازم ننقله مستشفى
فتدخل العجوز: - رجله مكسوره مينفعش يتحرك
ف تدخلت وتين: - بس مينفعش يفضل هنا، لازم دكتور يشوفه
- أنا مساعد دكتور بقالي 30 سنة يابنتي متخافيش، ده انا اللي جبست رجله وربطت جرح راسه.

نظرت وتين إليه تفكر فيما قاله، ثم عادت تنظر ل رحيم و: - طب ننقله بعربية أسعاف، لازم دكتور يشوفه
- أنا اتصلت بالدكتور وهو جاي بس هيتأخر شوية
هز رفيق رأسه بعدم اقتناع و: - أنا مش مقتنع بالكلام ده
استمع العجوز لصوت سيارة بالأسفل، فتحرك نحو الباب و: - ده أكيد هو، عن أذنكم
بدأ رحيم يأن بخفوت وكأنه على وشك أن يفيق من غيبوبته المؤقتة، ف انتبهت وتين له ومدت يدها لوجهه بتلهف: - سامعني يارحيم.

رغمًا عنها ضغطت على ذراعه لينفجر صارخًا: - آآآآآآآه
ابتعدت على الفور و: - آسفه آسفه
دلف الطبيب وهو يردد: - سلامو عليكو، معلش ممكن تبعدو بس أشوف المصاب
وما أن رآه قال: - أوف، ده مش عامل حادثة ياعم ربيع ده شكله واخد علقة جامدة أوي
نظرت وتين بتوجس نحو رفيق الذي بادر قائلًا: - ده رحيم باشا نصار صاحب معارض السيارات المعروف، طبيعي ليه أعداء يادكتور.

بدأ الطبيب بمباشرة عمله وتفحص حالته ب روّيه، و وتين تقف أعصابها على حافة الإنهيار فعليًا، فما حدث كان إنذار شديد القسوة، ولكن هل قام هو بها أم أحد آخر؟!

يأست كاميليا من محاولاتها للوصول إلى بدر، فقد اتصلت به أكثر من عشرون مرة دون رد منه..
كان هو ينهي بعض الأعمال على حاسوبه الشخصي حينما كان هاتفه يضئ بصمت جواره وهو متعمد تجاهلها، وعندما انتهى مما يفعله قرر أن يهاتفها بفتور شديد: - خير ياكاميليا في حاجه؟
تفاجئت من رد فعله الجاف هذا بعد خطبتهما، فسألته: - صوتك ماله يابدر!؟ في حاجه مزعلاك!
- لأ خالص انا كويس.

فركت أصابع يمناها وهي تنظر لخاتمه و: - صوتك متغير أوي! زي ما يكون في حاجه معرفهاش
- تؤ، مفيش، بس مشغول دلوقتي هخلص شغلي وابقى اكلمك لما أفضى
تحرجت كثيرًا واضطرت ل: - ماشي، باي
- باي
وأغلق هاتفه، نفخ ب انزعاج وهو يتحدث لنفسه: - كان لازم يبقى ليا رد فعل على العذاب اللي شوفته منك، صحيح مقدرش اعيش من غيرك وحققت حلمي وهجتمع بيكي، بس لازم يكون في رد على اللي عملتيه.

وكانت صورتها على خلفية حاسوبه، فتعلق ببصره عليها وهو يبتسم لها، حتى إنه تلمس الشاشة وكأنها أمامه، واعتذر لها على هذا الفتور بينما رغبته الجامحة في ضمها لصدره لا تقاوم.

اصطحب الطبيب ربيع جانبًا وصرح له: - انت كدا هتجيب لنفسك مصيبة ياعم ربيع، لو فضل هنا في مسؤلية عليك
- كله على الله يادكتور، الراجل لقيته على الطريق كان هيموت لولا ستر ربنا، مكنش ينفع اسيبه كدا
- ربنا يجازيك خير، بس طالما هما ناس تقيلة وعايزين ينقلوه للمستشفى سيبهم، المسعفين هيعرفوا ينقلوه بحذر من غير ما يضروه.

أومأ ربيع رأسه و: - ماشي يادكتور، تسلم رجليك على مجيتك
- سلامو عليكو
كان رحيم قد بدأ يستعيد وعيه ويشعر بما حوله بعد أقراص العلاج التي تلقاها، ولكن آلام جسمه لا وصف يوليها حقها، بالرغم من مسكنات الألم إلا إنها لا تفي بالغرض، فتح عيناه ليراها ولأول مرة بهذا الخوف التي يغمر وجهها، أطبق جفونه يعتصرها بتألم و: - هما فين؟
فسألته بتلهف: - هما مين؟
تحرك فجأة و: - ولاد ال آآه.

فوضعت كفيها على كتفه و: - أرجوك خليك زي ماانت، رجلك مكسورة والأوتار اللي في دراعك ملتهبة
ضرب بعينه يمينًا ليرى هذا العجوز، تلقائيًا سأله: - انت مين؟
فأجاب رفيق: - ده الحج ربيع، لقاك على الطريق وخدك على هنا ياباشا، انت كويس؟
نظر رحيم لحال ساقه وذراعه وتحسس رأسه المذمومة، ثم ردد بصوت ضعيف: - لأ مش كويس، عايزك في كلمتين يارفيق
خرج ربيع مشيرًا لابنته كي تلحق به، بينما شملتهم وتين بنظرة خاطفة و: - في إيه؟

رفيق: - ممكن دقايق بس ياوتين هانم عشان نمشي من هنا
وزعت بصرها عليهم، ثم انسحبت ب انزعاج ولحقها حسن السائق، تنفس رحيم بصعوبة شاعرًا بآلام مبرحة تضرب أنحاء جسده: - أنا عارف مين عملها، جيبهولي لو في سابع أرض
- قولي أعمل إيه وانا هتصرف
نظر رحيم حوله يبحث عن شئ ما وعقله مغيب تمامًا: - تليفوني، تليفوني في العربية قدام ال?يلا وفيه رقم سيد، ده اللي هيساعدك، واتصل ب صفوت طمنه زمانه هيموت من القلق.

لم يستطع النهوض أكثر من نصف جلسة، فقال: - وساعدني أمشي، مينفعش أفضل هنا
- حالًا العربية هتوصل وهاخدك من هنا متقلقش
عاد يستند على ظهره وشعوره بالغضب يتفاقم ويتفاقم حتى فاض وانسكب، لقد أصيب بالكثير بسبب هذا اللعين ولن يصبر عليه ثانية، هو بنفسه قام بالتوقيع على وثيقة العقاب خاصتهُ.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة