قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والعشرون

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والعشرون

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الرابع والعشرون

عاصفة تدور..
دوران يلتهم من يقابله، گمثلث برمودة..
لا وجود للدوام، ولا تستمر السعادة للأبد، ف الفوز والخسارة يجريان على الجميع.

خرج المحامي تاركًا إياهم بمفردهم عقب أن قام نائل بتطليقها، حينما كان السكون مخيم على المكان ونظراتهم لم تنقطع عن بعضهم البعض، حاول تفسير معنى نظراتها ما بين عتاب وغضب، إنتصار وخسارة، ولكن تجلى التحدي على تعابير وجهها وهذا ما أزعجه أكثر، وهلة يشعر إنه لم يكن فارقًا بحياتها بمقدار ذرة، و أحيانًا يتزايد الندم في قلبه عندما يرى كم تُحبه مثل الحمقاء حتى بعد ما فعل.

وهنا تردد أصداء سؤال يلح عليه، فسألها: - خدتي حريتك قبل حتى قضية الخلع ما تكمل، برا?و
ف تذكرت ما هو القربان الذي قدمته في سبيل هذه الحرية، طفلها الذي لم يرى الدنيا، ف لاح على مبسمها ابتسامه ساخرة وهي تذكره بقيمة فقدهم: - بفكرك أنى دفعت تمن الحرية دي غالي أوي، ابني
ف ابتسم بسخافة، وتعمد أن يلمح لها: - أوعي تفتكري إن اللعبة كدا خلصت! دي لسه هتبتدي.

مدت يدها له لتصافحه بفتور أشعل نيرانه أكثر: - أهلًا وسهلًا
نظر لكفها للحظات، ثم صافحها بعمق، لمسة محترفة قشعرت جسمها بجانب نظرة ذات مغزى معين، سحبت يدها فجأة وقد بدأ يتغلغل هذا الشعور لداخلها، شعور قديم كافحت لنسيانه وها هو يعود إليها، خطوة أخذتها للوراء، ثم أردفت ب: - مع السلامة
دس يديه في جيب بنطاله وهو يوليها ظهره ومضى قائلًا: - على فكرة الفستان حلو أوي، سلام ياطليقتي.

في نفس اللحظة التي علم فيها رحيم بوجود نائل في منزله كان يطير بسيارته على الأرضية منتقلًا لهناك، لم يتخيل إنها ستتجرأ على فعله گتلك، فهو الذي يخفيها عنه وهي بكل حماقة تكشف نفسها أمامه وتأتي به بمنزله.
ترى لماذا فعلت؟ هل أكلها الحنين إليه لدرجة دعوته إلى جحرها!
ولما لا؟، فقد فضلته عليه سابقًا ولا مانع أن تفعلها ثانية.

وصل رحيم بسيارته أمام البوابة عندما كانت وتين تقف خلف هذا الجدار الزجاجي الشفاف المُطل على الحديقة حتى رأته فتحركت من مكانها لتقابله في نقطة بالمنتصف.
حينها كان رحيم يسأل أفراد الأمن بصرامة: - وانا قولتلك تسمح لحد بالدخول!
فأجاب فرد الأمن المسؤول عن حماية المنزل: - لأ، بس مقولتليش غير ممنوع خروج الهانم الصغيرة بس.

ف خبط رحيم أصابعه برأس هذا المستفز لأعصابه و: - وانت معندكش دماغ تفكر بيها! لازم امشيك بالريموت؟!
لمحها تقف أمام الباب من بعيد، ف دفع هذا الضخم وخطى نحوها مندفعًا، كانت تتوقع رد الفعل هذا منه حين يعلم بدخول نائل ها هنا ولكنها جازفت من أجل شئ أكبر، كانت ترى حريتها نصب عينيها ولا شئ آخر.
تعمقت النظر في عينيه التي كانت تطلق شررًا وهو يجأر ب: - إزاي تتجرأي وتعملي كدا!

لم يتوقع أن يكون جوابها مثاليًا مثل هذه الطريقة وهي تردد بصدق: - أنا آسفة
ورغم تعجبه من هدوئها المريب ولجوئها لأسلوب الأعتذار الذي قلما يصدر منها إلا إنه استنكر فعلتها مجددًا: - آسفه!، وأنا هعمل إيه بأسفك!، إزاي ال ده يدخل بيتي ويعرف مكانك؟، أنا مش منبه عليكي قبل ما امشي ت...
- أنا اطلقت.

قاطعته بهذا الخبر وبهذا الشكل المفاجئ لعل مياهه تهدأ قليلًا وتركد أمواجها، وقعت عليه الكلمة وقعًا لا يصدق، استغرق منه الأمر بعض الوقت حتى استوعبه، وهنا تحركت خطوط وجهه العابس وهو يردد بعدم تصديق: - أتطلقتي!
هزت رأسها بإيماءه إيجابية، فجذبها من ذراعها للداخل وأوصد الباب، ارتكز بنظراته على عيناها اللامعة وهو يسأل بتلهف متواري: - إزاي؟

فعرضت عليه الأمر ببساطة متناهية: - عادي، خيرته بين إني اتنازل عن القضية وبين طلاقي، وهو اختار الطلاق
ثم أخفضت بصرها و: - وكمان خدت المعرض بتاع بابا، كدا فاضل بس المصنع وال?يلا اللي باعها
ابتسم رحيم ابتسامة مستهزئة وهو يفسر ما قام عقله بتخيله: - يعني انتي عارفه تاخدي حقك لوحدك!، طب ليه جيتيلي؟
هزت وتين رأسها رافضة تأكيد ظنونه بإنها ستخلف ب اتفافها و: - لأ يارحيم، أنا مش هرجع في الإتفاق اللي بينا.

وكأنه ينتظر أن تنطقها بلسانها وبالفعل نطقتها: - أنا لسه عند كلمتي، ومجرد ما العدة تخلص موافقة ن نتجوز
خالجه شعور ملح بمعرفة السبب وراء ذلك، فسألها: - ليه؟ مش انا اللي مش بتحبيه وسبتيه زمان!
فأجابت بشجاعة تتنافق مع شعورها: - اللي حصل زمان كان غلطة بتتصلح دلوقتي، وانا مستعدة أصلح كل أخطائي
- وانا هسيبك على راحتك، حتى لو رجعتي في كلامك في أي وقت.

تنغض جبينها بتعجب من تراجعه من بعد أن تمسك بها تمسكًا مستميتًا: - مش انت اللي حاطط الشرط ده في اتفاقنا! رجعت فيه ليه
فأجاب جوابًا قاطعًا: - أسباب خاصة
نظر حوله قبل أن يسأل: - فين مامتك؟
- راحت تجيب حجات نقصاني من شقتنا
أخفض رحيم بصره ليرى هذا الفستان الضيق العاري والقصير في آن، ثم رفع عينه لها مجددًا وهو يسألها: - انتي كنتي بتطلقي ولا بتحتفلي بعيد ميلادك!

ثم سأل السؤال الأهم وقد تجهم وجهه: - انتي قابلتيه بالفستان ده؟
فأجابت بتلقائية: - آه
أطبق جفونه متمسكًا بحبال الصبر الدائبة، ثم فتح عينه ودفعها لتبتعد من أمامه: - أطلعي غيري الزفت ده
- آآه
تأوهت وهي تتخلص من يده قائلة: - مش هتبطل عنفك ده!
فصاح فيها: - مش لما تعقلي الأول!، يلا خلصي.

نفخت بتذمر وهي تصعد غرفتها، فكان إيقاع جسمها يثير فيه رغبة إختطافها بعيدًا، يريد أن يخبئها في علبة مخملية جميلة ولا يراها غيره، گجوهرة نادرة لا توجد سوى مع واحد فقط، اختفت بداخل الرواق، ف انتقل هو نحو المطبخ متعجلًا، بحث مطولًا عن شئ يريده وبشدة الآن، حتى وجده، أخذ المقص وصعد إليها بخطى متسرعة، طرق على الباب و: - خلصتي؟
فصاحت: - لأ لسه، أوعى تفتح.

دقائق من الإنتظار حتى سئم، فقال بانزعاج بيّن: - ده حتة فستان متر في متر، خلصي ياوتين!
فتحت له الباب وهي ترتدي بنطالًا مريحًا وكنزة فضفاضة تنسدل أكمامها على ذراعيها، ولج وعيناه الصائدة تبحث عن مبلغه حتى وجده، اجتذب الفستان من على الفراش وشرع في قصقصته، شهقت وتين وهي تحاول اللحاق فيه أثناء صراخها: - الفستان ده جديد وانا مصمماه بإيدي، انت اتجننت!

كان يتخلص من يداها التي تحاوطه وهو يتلفت يمينًا ويسارًا حتى فعل ما يرضيه، قصقص الفستان قطعًا قطعًا بحيث لا يجوز تصليحه مره أخرى، ثم قذف بأجزاءه من الشرفة والتفت إليها يقول: - لو كررتيها تاني هبوظلك كل هدومك
حدقت عيناها فيه بذهول وهي تردد: - انت مش طبيعي!
- فعلًا مش طبيعي، وببقى مش لطيف خالص لما بتعصب.

فأرادت استفزازه عقب أن أفسد قطعة غالية من أجمل ما تمتلك: - اللي جه هنا ده كان اسمه جوزي، وحتى لما كنا مع بعض عمره ما عمل معايا كدا!
ف لم يوليها الفرصة ب استفزازه ونطق بفتور: - مش ذنبي إنه كان إريال في نفسه
ثم خرج وأوصد الباب وهي مذهولة في مكانها، توجهت نحو الشرفة ونظرت لبقايا فستانها الجميل، عبست بوجهها وهي تتأمله لآخر مرة، ثم أردفت قائلة: - والله ل اعمل غيره وأحلى منه كمان.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة