قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الحادي عشر

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الحادي عشر

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل الحادي عشر

كان سُرادق العزاء ممتلئ حتى آخره، الجميع أتى ليس تأدية واجب فحسب، إنما إكرامًا لهذا الرجل الذي أحبه الجميع وحزن عليه حقًا بعد وفاته أثر أزمة قلبية فجائية هاجمته فلم يتحملها.
انتهى، وبدأت الجموع تحتشد نحو الخروج لتقديم العزاء، حيث كان رحيم و وجيه في أوائل المستقبلين لواجب العزاء، ومن بعدها دخل رحيم لل?يلا ليهتم بأمر حبيبته التي خرجت من المشفى مؤخرًا بعدما عاشت صدمة وفاة والدها الراحل.

كانت تنفرد بنفسها في غرفته، تبكي بصمت، وتشتم عبقه الملتصق بجدران المكان گالذي حفر ذكراه لتكون خالدة قبل أن يذهب، الأضاءة خافتة كما كانت تحب دومًا، وفجأة انفتحت الأنارة، فأطبقت جفونها فجأة لتنسل خيوط دموعها على وجنتيها، دنى منها رحيم وانحنى جسده عليها وهو يمسح على شعرها بلطف: - وتين، انتي لازم ترتاحي زي ما قال الدكتور.

نهضت وتين عن جلستها بثوبها الأسود يظهر نحافتها أكثر، جمعت شعرها للخلف وعقدته دون أن تتفوه كلمة، ثم تقدمت من باب الخروج وهي تمسح وجهها: - أنا هروح أشوف ماما.

وخرج هو من خلفها قلبه يؤلمه عليها، حالتها تلك تحزنه وتؤرق عليه حتى أنفاسه، كان يطمئن عليها عشرات المرات في اليوم الواحد، وأحيانًا يقوم بزيارتها بنفسه كونه خطيبها الحالي وزوجها المستقبلي، كان قد تبقى أربعة أشهر فقط على زواجهم و رحيم يعمل عملًا دائبًا لأنهاء أعمال ال?يلا التي ستستقبل عروسه الفاتنة، ولكن وفاة سامي الصباغ قد أفسدت كل تلك الخطط، خاصة عقب فتح الوصية التي أعلن بعدها فضل الحرب على وتين فلم يكن لها سوى رحيم يجابهه ويدفع بأذاه عنها حتى تمكنت من الحصول على ثروتها الشرعية.

مرّ شهر ونصف فقط على هذا الحادث الأليم الذي شتت وتين طوال هذه المدة، وفي هذه الليلة التي استدعت فيها رحيم لأمر طارئ كانت قد وضعت النية بالإفتراق عنه نهائيًا بدون أي مقدمات، ربما لأنها لم تكن على قناعة كاملة بتلك الزيجة منذ البداية خاصة وأن والدها الراحل هو من أصر على أتمامها لمعرفته الجيدة ب رحيم وثقته فيه.

كان رحيم يحتسي قهوته لحين أن تأتي، حتى وجدها أمامه، وقف لاستقبالها مبتسم الوجه، يتطلع إليها بشغف يزيد يوم بعد يوم، حتى قالت: - آسفه إني قولتلك تيجي فجأة، بس في موضوع مينفعش يستنى
لم يصيبه القلق حتى، فوجودها كافيًا ليمنع تسرب أي شعور آخر سوى الشعور بها، لذلك سألها مرتاحًا: - أنا سامعك
ثم أمسك بيدها وأجلسها مكانه وهو يردد: - أقعدي الأول.

ثم جلس بالقرب منها بينهما مسافة مقبولة وتابع: - ها، قوليلي في إيه؟، عمك عمل حاجه تاني؟
- لأ.

قالتها وداخلها تشتت واضح، لا تدري من أين تبدأ، توترها ذاك جعل الريبه تتملك من عقله وهو ينتظر أي شئ تتفوه به، حتى وجدت المخرج عندما لمع خاتم خطبتهم أمام عينها، فوجدت نفسها تنتزعه من أصبعها أمامه، ثم وضعته على المنضدة بصمت أرعبه، تسلطت عينه على هذا الخاتم الذي يخصه للحظات، ثم عاد ينظر إليها وهو يكذب حدسه الذي أخبره بالحقيقة وراح يسألها بتردد: - أنا مش فاهم حاجه، في إيه ياوتين؟

سحبت شهيقًا أطلقته وهي تقول: - مش هينفع نكمل مع بعض يارحيم، أنا أسفه
- أسفه!
الصدمة جعلته يشعر بأن ما يحدث ما هو إلا حلم سخيف، ف نهض عن جلسته لعل هذا الكابوس ينتهي، و: - أنا عارف إن أعصابك تعبانة بس مش للدرجادي، بعدين نتكلم لما تبقي أحسن
وقرر الخروج لولا صوتها الذي صدر ب أسمه: - رحيم، أنا أعصابي مش تعبانة
ف التفت يرمقها بغضب كاد يعمي بصره وهو يتسائل: - أمال إيه؟ مش فاهم إيه اللي قلبك كدا فجأة؟!

- أنا مقلبتش ولا حاجه، اللي يسمعك يفتكر إننا عيشنا قصة حب أفلاطونية
أخفضت بصرها عن عيناه التي تجعل الكلمات تقف على حافة لسانها، ثم تابعت: - إحنا خطوبتنا كانت تقليدية جدًا، انت عارف إن بابا هو اللي كان مصمم على الخطوبة دي
- يعني إيه؟ إحنا فرحنا كان بعد 3 شهور! كنتي هتتجوزيني وانتي بتقولي الكلام ده؟
- أسفه يارحيم آ...
قاطعها وقد بدأ يفقد سيطرته على أعصابه: - أعمل إيه بالأسف ده؟، أنتي مفكرتيش فيا؟

وأقترب منها وهو يتابع: - مفكرتيش في واحد بيحبك أكتر من نفسه!
كانت في مأزق حقيقي حينها وهي تبرر: - لو كنت كملت معاك هظلمك، حاولت أقنع نفسي إني هحبك لكن آ...
- لكن؟

حدق فيها وهو يضغط ألمه داخله حتى لا تراه، فهي لا تستحق أن ترى حزنه حتى: - جاية تقولي كدا دلوقتي؟، دي ال?يلا خلصت وكنت هكلمك نأجل معاد الفرح عشان عمي سامي الله يرحمه!، ودلوقتي بتقوليلي آسفه؟، بأي حق تعملي معايا كدا، سيبتيني أعيش ليه في وهم إنك ليا؟
- رحيم آ...
- ششششش.

نظراته تلك تؤلمها أكثر من أي شئ، حتى ولو إنها لا تحبه، قد كافحت شعور الذنب كثيرًا عندما كانت تتخذ هذا القرار في سبيل اختيار من دق له قلبها، انحنى رحيم يلتقط خاتمه الذي كانت ترتديه، نظر له مليًا و: - واضح ان اختيارك نهائي و...
فقالت لتبتر أي نوع من أنواع الأمل: - آه يارحيم.

أطبق على الخاتم بين يده و: - كنت بكذب نفسي وانا شايفك متغيرة طول الفترة اللي فاتت، أنا كنت أكتر حد واقف جمبك وفي ضهرك طول الوقت ده، لكن بعد كدا...

صمت لحظة و: - بعد كدا مش هتلاقيني تاني في حياتك، أبدًا
وأتبع ذلك خروجه المتعجل بدون أن يلتفت حتى وراءه، ظهور نائل من قبل خطبتها كان مؤثرًا بشكل كبير، وحتى بعد خطبتها لم يبتعد عن طريقها أو ما شابه، بل كان ينتظر اللحظة التي سيدفعها فيها لاتخاذ قرار گهذا، كان واثقًا بإنها ستفعل ذلك، وقد صدق.

منذ هذا اليوم وقد تبدل كل شئ، لم يمر وقت طويل حتى استقبل خبر خطبتها من رجل الأعمال نائل حليم، هنا كانت الصاعقة، خاصة عندما اكتشف قصة الحب التي كانت تجمعهم من قبل أن تجتمع معه وأصبحت حينها وتين الصباغ حديث المواقع الإلكترونية وأخبار المشاهير.

أصبحت لياليه واحدة لا يتغير فيها شيئًا سوى ألم قلبه الذي يزيد كل يوم ويتضاعف، فعل كل شئ لينساها، ولكن لم يحدث، لم ينسى، كيف ينسى وهي الزائرة الدائمة في أغلب أحلامه.

- استيقظ رحيم فجأة..
يلتقط أنفاسه اللاهثة بصعوبة وهو يضع كفه على قلبه الذي ينبض بمعدل سريع، على جبينه طبقة من العرق مسحه وهو يعتدل من نومته المؤرقة، لقد حفظ الحلم حفظًا عن ظهر قلب من كثرة رؤيته على مدار الفترة الماضية، جرحها يوخزه ليتذكر ولا ينسى إنها تركته وفضلت آخرًا عليه، رجوعها لطلب العون منه لا يكفيه، لا يرضي قلبه المجروح وإن كانت قد كُسرت وخسرت وذُلت..

تجول رحيم في غرفته محاولًا استعادة توازنه گالعادة، حتى يبدأ يوم جديد بدونها.

دفعها أخيرًا للداخل عقب أن سحبها خلفه بعنف، ثم أغلق نائل باب الغرفة لترمقه هي باستحقار قائلة: - أنا جيت معاك بس عشان معملش مشكلة، إنما لو فاكرني هقعد هنا تبقى بتحلم يانائل
تقدم منها ببطء و: - بقى بترفعي عليا انا قضية خلع؟!، شكلك لسه متعلمتيش ومعرفتش كويس انا مين وممكن أعمل معاكي إيه.

بقيت صامدة أمامه رغم المخاوف التي يعج بها صدرها: - انت مسيبتش طريق تاني أمشي فيه، طلبت منك الطلاق وانت رفضت، تفتكر هقف اتفرج على نفسي وانت بتضيع اللي باقي مني!
- من شهر واحد كنتي بتقولي فيا شعر ومش بتنامي غير على صوتي!

وكأنه يفتح جرحها الذي مازال ينزف، لتلمع عيناها لمعة منذرة ببداية دموع ستهطل منها: - أنت كنت كل حاجه ليا في الدنيا، ليه عملت فيا كدا؟، أنا كنت عامية وبشوف بعينك انت، لو طلبت مني روحي مكنتش هفكر أديهالك ولا لأ، ليه تأذيني؟

أحست بأنها تفقد قوتها شيئًا ف شيئًا، ستضعف، ستستسلم للأنهيار وتسقط صريعة البكاء، ولكنها تماسكت، تراجعت عن عتابه في اللحظة المناسبة، وتبدلت نظرات الضعف التي تجلت في حدقتيها لأخرى أكثر قوة وجسارة، ابتعدت خطوة للخلف وهي ترى تأثير كلماتها الصادقة عليه، ثم رددت: - أنت أحقر إنسان عرفته في حياتي، وهعرف ازاي أرجع كل حاجه خدتها مني.

ف اتسعت عيناه بحقد شديد لم تراه عليه من قبل وهو يزأر ب: - أنا مخدتش غير حقي، حقي اللي سرقه مننا أبوكي
ها هي حادثة جديدة ستعيش أحداثها، تعلقت ببصرها عليه تنتظر الكلمات التالية التي ستتمكن بها من الوصول إلى أصل القصة، وسبب هذه الحرب التي نشبت من طرف واحد لتفيق من حلمها الوردي على الكابوس الأسوأ على الإطلاق.

كان يجلس في مكتبه بالمصنع، يرفع ساقيه على سطح المكتب ومريحًا ظهره على المقعد، يفكر بالأيام القادمة، ويعد اللحظات والدقائق منتظرًا حكم لصالحها بالخلع منه، ستبدأ الحرب الحقيقية فقط حينها وبعد أن يظفر بها كليًا، من أين سيبدأ؟ هذا هو السؤال الذي يشغله لأكثر من يومين، التخطيط لحرب گهذه مع واحد مثيل نائل يجب أن يكون بحذر ودهاء، فهو يملك عقلًا گالداهية أيضًا.

زفر رحيم بأنفاس يختلجها دخان السجائر التي لا يقلع عنها سوى عند النوم تقريبًا، ليجد قرعات على باب غرفته، ف اعتدل وهو يصيح بإنفعال: - مش قولت محدش يخبط عليا!
دلفت موظفة الأستقبال وهي تردد بتوجس: - آسفه يافندم، بس في مدام برا اسمها داليدا مصممة تقابلك وحضرتك مش بترد على التليفون.

نفخ رحيم بضيق و: - دخليها
ولجت داليدا وعلى وجهها تعابير الرعب قائلة: - رحيم، نائل جه خد وتين من البيت ومش عارفه أوصلك من الصبح
وقف عن جلسته وهو ينظر لهاتف الغرفة الذي رفع سماعته منعًا للأزعاج وهاتفه المحمول الذي وضعه على وضعية الصامت منذ الأمس كي لا يزعجه أحد، ثم عاد ينظر إليها بنظرات محتدمة: - يعني إيه جه خدها؟ إيه اللي حصل؟

- جه ومعاه ظباط وقال إني حاجزة مراته ومش راضية أديهاله، ووتين أضطرت تروح معاه عشان المشاكل والفضيحة اللي ممكن يعملها في العمارة.

فصاح فيها مما جعلها ترتجف عائدة للخلف: - بقى انتي أم انتي؟، جاية تقوليلي دلوقتي!
ثم رمقها باستهجان و: - يارب تكون الجوازة عجباكي ياداليدا هانم، مش ده اللي كان عاجبك وفضلتيه عني!
- رحيم مش، وقته فتح المواضيع القديمة دي مش هيفيد حد
- أمشي من فضلك، أمشي
جاهد ليكون بهذه اللباقة وبدون أن يتسبب في أحراجها، ليس لأجلها، بل من أجل وتين أولًا..

لم تخرج داليدا وظلت واقفة، مترددة هل تسأله ماذا يفعل أم لا، حتى أتاها الجواب بدون أن تسأل: - أتفضلي امشي وانا هحاول اتصرف
وقبل أم تغادر كان هو يمسك بهاتفه ليجد عشرات المكالمات التي لم يراها، ف أطلق سبّه خافتة وهو يضع الهاتف على أذنه و: - أيه الهبل اللي بيحصل ده يانبيل؟، إزاي يروح ياخدها واحنا رافعين خلع؟
صمت لحظات و: - بقولك راح خدها من البيت ومعاه ظباط، ازاي ده يحصل؟
— في نفس التوقيت..

كانت كاميليا تسعى بطريق آخر لأنقاذ رفيقتها، ولم تجد معاونًا على ذلك سوى بدر، من المؤكد أن له سلطة ولو بسيطة على نائل، ستلجأ له ولن يرفض معونتها.
وقفت كاميليا تسأل فرد الأمن المرابط على بوابة الشركة: - عايزة أقابل أستاذ بدر
- والله يافندم لسه موصلش.

كان بدر يترجل في هذه اللحظة من سيارته ماضيًا نحوها بتعجل، تلك المرة الأولى التي تزور فيها مقر عمله، لذلك يبدو الأمر مريبًا له، مضى نحوها بعجلة وتلهف و: - في حاجه حصلت ياكاميليا؟ انتي كويسة؟
كان الأضطراب واضحًا عليها وهي تسحبه بعيدًا وتقول بهمس مسموع: - لازم تعمل حاجه يابدر، لازم تساعدني
قلقه تكاثف وهو يسأل: - كاميليا إيه اللي حصل فهميني؟
- نائل جه أخد وتين، خليه يرجعها أرجوك، كفاية اللي هو عمله فيها.

رمش بدر محاولًا استيعاب ذلك: - خدها! ليه؟
ف انفعلت و: - انت لسه هتسألني!
توتر وهو يشير إليها لتهدأ و: - طيب أهدي وانا هكلمه أفهم منه في إيه
كانت عيناها مليئة بنظرات الحزن والقهر وهي تنظر إليه بنظرات الإتهام وكأنه متورط بالأمر، هذه النظرة المؤلمة أوجعته ولم يقوَ على تجاهلها: - بلاش تبصيلي كدا، أنا والله مااعرف أي حاجه غير منك دلوقتي، والموضوع كله أنا ماليش علاقة بيه.

ف أطرقت رأسها وهي تردد: - يبقى على الأقل لازم تساعدني، لازم تقدملي الخدمة دي
- أنتي تؤمريني ياكاميليا، شاوري بس
طالت نظراتها على عيناه وهي تطلب: - تعرف فين نائل وتقولي، هي أكيد معاه دلوقتي، لأنه مخدهاش ال?يلا بتاعته
حتى لم يفكر، بل قال بدون تفكير: - حاضر، هعرف وأقولك، وعد
ثم أمسك بكفها ونظرات الإستجداء في عينيه: - بس بلاش تبصيلي كدا، أنا ماليش أي ذنب في اللي حصل صدقيني.

نظرت كاميليا حولها وهي تسحب كفها بتحرج و: - هستناك تعرف وتبلغني، متتأخرش عليا
- طب أركبي هوصلك
- لأ أنا هرجع لوح...
لم تستكمل عبارتها حتى، باغتها نظراته الحانقة وهو يأمرها بجدية تتناقض مع لين ما قبل قليل: - أركبي ياكاميليا مش بحب المجادلة كتير.

ومضى نحو مقعد القيادة حينما كانت هي تستقر في مقعدها الأمامي، منتويًا على الوصول ل نائل على الأقل لإثبات حسن نواياه لها، فلم يعد يعنيه سواها في هذا الأمر الذي أصبح بالإرغام جزءًا منه.

- كذاب، كل اللي قولته كذب، بابا بنى نفسه بنفسه ومسرقش حاجه من حد
قالتها وتين بصراخ وهي تواجه أقوال نائل التي صرح لها بها، بينما كان الآخر متعندًا في إظهار تلك الحقيقة أمامها: - اللي أبوكي عيشك فيه هو اللي كذب، طول السنين دي وانتي عايشة في خيري أنا، ودلوقتي الحق رجع لأصحابه، فاضل حاجه واحدة بس.

رمقته باحتقار وهي تستطرد: - هو لسه في حاجه مخدتهاش مني؟، انت سرقت مني حتى النوم
- آه فاضل، أنتي
وهمّ يقترب منها ليطبق على رسغها بينما تلوت هي لتتخلص منه وهو يردد: - أنتي لسه مراتي، يعني حقي أنا، أنا اللي بدأت اللعبة وانا اللي هخلصها، أنا اللي هقول game over مش انتي.

وانقض عليها يُقبل وجهها وعنقها بوحشية وعنف، أحست بفارق شاسع عن هذا الذي كان يدللها ويتودد إليها بلطف وحنان، إنه الآن گأي ذكري يركض خلف شهوته، كانت تتلوى بإنفعال وهي تصرخ بأقصى قوة لديها شاعرة بالتقزز منه لأول مرة، ليست هذه اللمسات الناعمة التي لطالما عهدتها منه، الآن أكثر عنفًا ووحشية..

نجحت في الأخير وتخلصت منه في اللحظة التي استمعا فيها لصوت أبواق تشق طريقها لمدخل ال?يلا، فكانت تمثل عامل تشتيت له جعله يتركها فجأة.
سار نحو الشرفة ونظر عبرها، ليجد رحيم يترجل عن سيارته ويمضي نحو البوابة..
ف كز نائل على أسنانه وابتعد، اقترب منها وهو ينطق بغيظ شديد: - البودي جارد الجديد بتاعك وصل.

وفجأة وجدته يجذبها من شعرها وباليد الأخرى يلثم فمها، حاولت الصراخ ولكن دون فائدة، كان محكمًا قبضته عليها وهو يقول بصوت منخفض: - عارفه لو سمعت منك كلمة معجبتنيش، والله والله لأكون معيشك أسود أيام حياتك، ولو خرجتي من هنا قبل ماانا اسمحلك، يبقى انتي الجانية على نفسك.

ثم دفعها بعنف لتقع أعلى الفراش، وخرج من الغرفة، هبط الدرج بسرعة وهو يستمع لصوت قرعات عنيفة تكاد تكسر الباب، سحب شهيقًا طرده على مهلٍ وهو يفتح الباب، ليجد رحيم يندفع نحو الداخل صائحًا بصوت جهوري: - هي فين؟ خبيتها فين؟
وقف نائل حائلًا أمامه وهو ينطق مستنكرًا: - اللي جاي تدور عليها دي مراتي، ومش من حقك تدخل بيتي بالشكل ده.

دنى منه رحيم وشرارات الحقد تنطلق انطلاقًا من بين جفونه المتسعة: - اللي عملته ده مخالف للقانون، انت عارف إنها رفعت خلع ومش من حقك تخليها عندك بالأجبار.

فأعلن نائل صراحة عن نيته: - هفتح دعوة إنذار بالطاعة
ف كشف رحيم عن زاوية أسنانه و: - كان غيرك اشطر، أنا مذاكر كويس متقلقش وحاسب كل خطوة، مش من حقك ترفع دعوة زي دي إلا بعد الحكم في قضية الخلع، وانا مش هنولك الفرصة دي.

وصاح مناديًا عليها وهو يندفع نحو الدرج: - وتين؟
فوقف نائل حائلًا مانعًا له و: - تعالى هنا رايح فين!، أنت عايز تدخل بيتي وكمان تطلع لمراتي؟، ده انت خليتها خل خالص.

أضطر رحيم لفعلها عقب أن كان يتحكم في نفسه بصعوبة، لكمه، لكمتين أقوى من بعضهما البعض و: - مش همشي غير بيها، على جثتي أسيبهالك
فقبض نائل على ياقته بعصبية وهو يثير فيه رجولته: - دي مراتي أنا، بأي حق تقولي كدا، إذا كانت هي نفسها قاعدة معايا بأرادتها
لمس وترًا حساسًا فيه وضغط عليه بقوة، ثم تابع ليدعم موقفه: - وحالًا هسمعك منها.

وتركه صاعدًا الدرج، كانت نبضات رحيم تصارع بعضها البعض، يخشى أن يحدث ذلك بالفعل، إن حدث ستكون قد كتبت بنفسها كلمة النهاية، فلن يتحمل خذلان آخر.
دلف نائل ليجدها واقفة خلف الباب مباشرة، ذعرت حينما رأت الدماء تنسال من أنف نائل، وذعرت أكثر عندما أخرج نائل سلاحه من خلف ظهره، شهقت وهي تكتم صوتها، حينما هددها هو تهديدًا صريحًا: - ورحمة أبويا لأقتله قدام عينك واقتلك بعده لو مش هتنفذي اللي هقولك عليه.

وهز السلاح أمام ناظريها متابعًا: - واحد فينا هيقتل التاني وانتي السبب، ماانا مش عبيط عشان اسيبك تمشي معاه من هنا!

وركز فوهة السلاح على صدرها وهو يهمس بغلّ: - سمعتي؟
فأومأت رأسها بالموافقة وقد تملكتها الرجفة المذعورة وهي تضم يديها لصدرها، مرغمة على فعل ذلك لأنقاذ نفسها وإنقاذ رحيم الذي لا علاقة له بالأمر سوى إنه تصدر لها.
إينذاك كان رحيم منتويًا اقتحام الطابق العلوي إن لم يخرج بها، فإذ به يخرج وهي من خلفه، يبتسم له بشماتة واضحة وهو يقول: - وتين أهي، جاية بنفسها تقولك إنها هنا معايا، مع جوزها وفي بيتها.

تقدم منهم رحيم وهو ينظر لبؤبؤيها قائلًا: - تعالي معايا ياوتين، أنا أقدر احميكي لو جيتي معايا
فصاح به نائل بإنفعال وهو يدفعه للخلف: - تيجي فين يابني آدم انت متخلنيش أرتكب جناية، اللي بتكلمها دي مراتي
ثم نظر نائل إليها بزاوية عينه: - انطقي ياوتين، قوليله إنك هنا بأرادتك.

كانت گالصنم الذي لا روح فيه، مجردة من كل المشاعر والأحاسيس في هذه اللحظة التي أجابت فيها بجمود: - أمشي يارحيم، أنا هفضل هنا في بيتي، مع نائل
ف بزغت ابتسامة نائل وهو يقول: - أستريحت كدا لما سمعتها بتختارني أنا للمرة التانية؟
وكأنه لم يصدق، فأعاد عليها السؤال: - وتين أنا بقولك لآخر مرة، تعالي معايا، لو هو أجبرك على كدا أنا ه...
- لأ، أنا مش همشي من هنا، أنت اللي لازم تمشي.

ثم تحركت ووقفت لجوار نائل، بالضبط نصف جسدها النحيف الذي ازداد نحافة عن ذي قبل يختفي خلف ظهره، والنصف الآخر تُظهره ل رحيم الذي انتصب يرمقها بعينان گالجليد، عينان تقدحان بالشر ونواياه قد بزغت على وجهه، وإذ به يقطع هذا الصمت اللعين ليقول متوعدًا:
- للمرة التانية، للمرة التانية تديني ضهرك وتمشي، بس انا مش هعمل زي المرة اللي فاتت واسامحك، أنا هفتكر القلم ده كويس أوي، وهعرف أمتى أردهولك.

ثم ابتعد للخلف وهو يتابع: - أنا مش بس هدمره، أنا ه انهيكم انتوا الأتنين، انتوا الأتنين مع بعض
وأسرع بالخروج من هذا المكان الذي أصبح گالبركان الذي ينهش في جسمه وهو يفك أزرار قميصه، بينما جرّ نائل وتين خلفه وهو يردد: - أنتي بقى حسابك معايا الضعف
وساقها خلفه گسياق البهيمة نحو غرفتهم منتويًا على تأديبها من وجهه نظره عقب ما حدث اليوم...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة