قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل السابع عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل السابع عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل السابع عشر

تقدمت رويدا من أزل التي كانت تجلس شاردة كالعادة ثم جلست بجانبها وهي تقول بضيق:
الم تتناولي فطورك بعد...؟ إلى متى سوف تظلين هكذا...؟ انت حامل ويجب أن تهتمي بغذائك أكثر..
اجابتها أزل:
لا شهية لدي، لقد تناولت القليل من الطعام وشبعت، أشعر أنني سأتقيأ اذا تناولت أكثر...
زفر رويدا أنفاسها وهي تقول بضجر:.

حبيبتي، لماذا تفعلين بنفسك هذا...؟ غسان سوف يسامحك عاجلا أم آجلا، هو فقط يحاول تأديبك بسبب ما فعلتيه...
أدمعت عينا أزل قبل أن تقول بنبرة باكية:
وماذا لو لم يسامحني...؟
قاطعهتا رويدا بسرعة:
انا واثقة من انه سوف يسامحك، ثقي بكلامي...
تطلعت اليها أزل بأمل بينما أكملت رويدا قائلة:
والآن دعينا نفكر في أشياء أخرى أهم...
أشياء ماذا...؟
سألتها أزل بعدم فهم لتجيبها رويدا موضحة:.

دراستك مثلا، إلا ترغبين في أن تكملي دراستك وتحصلي على شهادة الاعدادية...
ولكنني تركت الدراسة منذ وقت طويل...
وبإمكانك أن تعودي، نقدم لك في الدراسة الخارجية، المثير يفعلون هذا...
تطلعت إليها ازل بعدم اقتناع لتردف رويدا:
يجب أن تتغيري يا أزل، اخرجي من هذه القوقهه التي عزلتي نفسك بها، فكري في مستقبك قليلا، الحياة لا تعتمد على غسان فقط، يجب أن تعتمدي على نفسك قليلا...

شعرت أزل بصحة حديث والدتها وان ما قالته هو الصحيح، هي بالفعل بحاجه لان تتغير، تخرج من تلك الصومعه، تطور من ذاتها، وتصقل شخصيتها الضعيفة هذه، بحاجه لان تبدأ من جديد...
هزت رأسها اخيرا موافقة على كلام والدتها فهي ستخطو أول خطوة في هذا التغيير من خلال إكمال دراستها...

كانت صفا تدور في أنحاء الغرفة ذهابا وايابا بقلق شديد حتى صرخ بها جدها بضيق:
يا ابنتي اجلس قليلا، سوف أصاب بالدوار بسببك...
أشعر بالقلق يا جدي، خائفة من النتيجة...
الم تقولي انك جاوبتي جيدا...؟
سألها بجدية لتجيبه بتوتر:
نعم، ولكن لا يوجد شيء مضمون...
لا تقلقي، سوف تنجحين باذن الله...
قالها الجد بحنان لتجلس صفا بجانبه وهي تقول بجدية:.

هل تعلم يا جدي..؟ انا لا اريد ان انجح من أجل نفسي، بل من أجل والدي، اريده أن يسامحني...
عادت وسألته بتردد:
اذا نجحت بمجموع جيد سوف يسامحني، أليس كذلك...؟
باذن الله...
هزت رأسها بتوتر وهي تدعو الله بداخلها أن تنجح يسامحها والدها...

ولج عثمان إلى غرفته لتستقبله والدته وهي تقول:
هل طلقتها...؟
نعم...
قالها وهو يجلس بارهاق على الكنبة لتجلس والدته بجانبه وهي تربت عليه قائلة:
لا تزعج نفسك حبيبي، خير لك انك تخلصت منها بسرعة...
لست منزعج لاني طلقتها، بل منزعج إلى ما وصلت إليه، لقد تزوجت وطلقت مرتين خلال شهور قليلة...
لا عليك حبيبي، جميعنا معرضون لهذا، انت ما زلت شابا، وسوف يعوضك الله خيرا، ويرزقك بفتاة مناسبة تليق بك...

ومن قال باني اريد الزواج مرة أخرى، بعد ما حدث سوف اكون أكبر غبي ان فكرت في الزواج...
لا تقل هذا، انت ما زلت صغيرا...
قاطعها بملل وهو ينهض من مكانه:
سوف اذهب لأرتاح قليلا فأنا متعب للغاية...
اتجه إلى غرفته، خلع سترته ورماها أرض ثم رمى بجسده على السرير وعاد بذكرياته إلى أيام مضت حينما تفاجأ بترك سهى المنزل وعودتها إلى منزل والدتها بعد أن أخبرته بكذبة حملها التي اخترعتها رغبة في الحفاظ على هذه الزيجة...

وعندما ذهب ليراها أخبرته أنها تريد الطلاق ليشترط عليها التنازل عن جميع حقوقها مقابل أن يمنحها الطلاق...
اخذت بعدها وقتا للتفكير لتبلغه قبل يومين بموافقتها على ما قاله ليطلقها بدوره على الفور...

جلست صفا بجانب جدها وهي تكاد تطير من السعادة، لقد نجحت اخيرا وبمجموع عالي...
لا أصدق يا جدي، لقد نجحت، نجحت...
ضمها الجد إليه وهو يقول:
الم أخبرك بأنك ستنجحين...؟ لقد اجتهدتي كثيرا وهسه نتيجة تعبك...
الفضل كله يعود لك من بعد الله، انت من شجعتني على الدراسة و...
قاطعها الجد بسرعة:.

المهم أن تستمري على هذا الشيء، والا تعودي لطيشك السابق، اعلم ان التجربة التي مررت بها لم تكن هينه، لكنها كانت سببا في تغييرك، أليس كذلك؟
هزت صفا رأسها مؤكدة على كلامها ثم قالت بجدية:
معك حق، لولا ما حصل معي، لما كنت ادركت اخطائي ومدى غباء تصرفاتي...
أظن أن والديك قد وصلا...
قالها الجد وهو ينهض من مكانه لتساله صفا بتوتر:
هل اخبرتهما...؟
لقد بعثت لبيد اليهما، طلبت منه أن يخبرهما ويجبرهما على الحظور...

تطلعت صفا إلى الباب بتوتر قبل أن تجد والدتها تدخل ويتبعها كلا من والدها ولبيد فقفزت بسرعة ناحية والدتها وضمتها بقوة...
ابتعدت عنها بعد لحظات واخذت تتطلع إلى والدها بنظرات دامعة مترددة ليومأ جدها لها برأسه حاثا اياها على التقرب منه...
ركضت صفا ناحية والدها وضمته لتنفجر في البكاء بين احضانه، ربت على والدها على كتفها بحنان قبل أن يقول:
حسنا يا صفا، اهدئي عزيزتي...
تحدثت صفا من بين بكائها قائلة:.

سامحني ابي، سامحني أرجوك...
ابعدها عنه قليلا ليقول بحنان:
سامحتك يا صفا، انت ابنتي الوحيدة التي لا املك غيرها، اعترف بأنني أخطأت كثيرا في تربيتي لك، ودلالي الزائد، انا ايضا شاركت فيما حدث دون أن اقصد...
هنا تحدث الجد قائلا بجدية:
لقد انتهي هذا الموضوع ولا داعي لأن نفتحه مرة آخرى، صفا استوعبت مدى طيشها وتهورها، وهي لن تكرر غلطة كهذه مرة أخرى...
تقدم الجميع بعدها إلى صالة الجلوس ليتحدث لبيد قائلا:.

والآن يا صفا، ماذا قررت..؟ اي كلية سوف تدخلين...؟
ما زال الوقت مبكرا على هذا الحديث...
قالها والد صفا إلا أن صفا قالت بدورها:
، ليس مبكرا ابدا، انا اخترت الكلية منذ وقت طويل...
سألتها والدتها باهتمام:
وماذا اخترت...؟
اجابتها صفا بجدية:
إدارة أعمال...
إدارة أعمال يا صفا، الم تجدي غيرها..؟ انت بامكانك أن تدرسي أفضل تخصص، على الاقل في الجامعات الخاصة...
قالتها والدتها باستنكار لتردف صفا بجدية:.

ولكنني احب هذا التخصص ومقتنعه به...
ولكن...
قاطعها الجد بحزم:
اتركوا الفتاة تختار الكلية التي تريدها بكامل ارادتها ولا تضغطوا عليها ابدا...

أغلقت جوان هاتفها بعصبية بعد أن اتصلت بلبيد عدة مرات ولم يجب على اتصالتها كالعادة...
جلست على حافة السرير وهي تضع وجهها بين كفيها...
تشعر بانها على حافة الانهيار الحتمي...
عادت بذاكرتها إلى الخلف والى اللقاء الذي جمعها بلبيد بعد أن تقدم لخطبتها، كان واضحا للغاية معها، زواج على الورق فقط، ينتهى بعد انجابها بقليل، شعرت بغصة تحتل صدرها وهي ترى نفسها بهذا الوضع المشين...

وضع هي السبب فيه، فلولا طيشها وغبائها ما كان ليحدث كل هذا...
نهضت من مكانها واخذت تدور أرجاء الغرفة ذهابا وايابا، منذ متى وأصبحت هي هكذا...؟ ضعيفة إلى هذا الحد...؟ وبلا كرامة..؟
هل هذه هي الحياة التي ارادتها وتمنتها يوما...؟ تتزوج من رجل متزوج غيرها، لا يحبها ولا يريدها...
لا والف لا، ليست هي من ترضى بمصير كهذا، وليست هي من تهدر كرامتها في سبيل غلطة ارتكبتها دون إذن...

حملت هاتفها وضغطت على رقم صديقتها لتقول بها بايجاز:
ريم، احجزي لي موعد لدى تلك الطبيبة التي حدثتني عنها، لقد قررت أن اجهض الجنين...

دلف لبيد إلى مكتب جده وجلس على الكرسي المقابل وهو يتسائل قائلا:
خير يا جدي، لماذا تريد التحدث معي على انفراد؟
اجابه جده بجدية:
اريدك في موضوع هام يا لبيد، سوف تسمع ما أقوله وتنفذه بالحرف الواحد...
اومأ لبيد رأسه وهو يقول:
تحدث يا جدي، ماذا هناك..؟
تحدث الجد بعملية قائلا:
اريدك ان تطلب من صفا أن تعمل معك في الشركة...
ماذا...؟
صاح لبيد بصدمة قبل أن يكمل باستنكار:.

هل تمزح معي يا جدي..؟ اي صفا تلك التي تريدها أن تعمل معنا..؟
رماه الجد بنظرات حازمه اخرسته قبل أن يقول بحزم:
منذ متى وانا امزح يا ولد...؟! صفا سوف تدرس إدارة أعمال، ما المشكلة اذا تدربت لديكم في الشركة
جدي، هل تحاول اقناعي انك تفعل هذا لكي تتدرب صفا على العمل لدينا..؟ أم لغاية أخرى...؟ عثمان مثلا...؟:
طالما انك تعرف السبب، لماذا تتغابى اذا...؟

جدي ما تحاول فعله خطأ، من الصعب جدا أن يعودوا سويا، هذا مستحيل أن يحدث..
ضغط الجد على كفه بعصبية محاولا الا يضرب هذا الماثل امامه بإحدى الفازات الموجوده على مكتبه...
انا لا افهم لماذا تتحدث فيما لا يخصك، انت نفذ فقط ما ساقوله، وبالحرف الواحد، هل يعجبك الوضع الآن...؟، اثنان من اولادي لا يتحدثان سويا بسبب هذا الوضع، ما حدث سبب شرخ كبير في العائلة ولن ينصلح هذا الوضع ما لم يعودا سويا...

مط لبيد شفتيه بعدم اقتناع قبل أن يقول بضيق:
اسمعك يا جدي، قل ما لديك...

كان غسان يجهز حقيبة ملابسه حينما دلفت والدته إليه وهي تقول:
سوف تسافر غدا، أليس كذلك...؟
هز رأسه دون أن يجيبها لتكمل قائلة:
وماذا عن زوجتك..؟ هل سوف تتركها...؟
زفر أنفاسه بضيق قبل أن يقول:
ما بها زوجتي...؟ لقد تصالحت مع والدتها وهاهي معها، لم اتركها بالشارع انا...
يا بني، ما فعلته ليس ذنبها، أنها تعاني كثيرا وتبكي كثيرا، منذ متى وأنت قاسي القلب هكذا...؟
استدار ناحية والدته ليقول بجدية:.

الموضوع ليس قسوة قلب، أزل بحاجه لان تكون قوية قليلا، الا تعتمد علي بشكل تام، يجب ان تتعلم المواجهة والاعتماد على نفسها...
ساعدها انت...
هل أنت واعية لما حدث؟ أنها هربت مني، اي رجل طبيعي يتقبل شيء كهذا...؟
كان يتحدث بعصبية كبيرة ليقول بحزم:
انت تعرفين طبيعتي وطريقة تفكيري، لست انا من يتقبل شيء كهذا ويغفره بسهولة، حتى لو كانت مجبرة على هذا...
كما تريد..

قالتها بضيق قبل أن تشيح وجهها بضيق شديد، همت بالخروج إلا أنها توقفت وهي تسمع رنين هاتفها لتجد رويدا تتصل بها...
اجابت على الهاتف ليأتيها صوت رويدا الباكي وهي تقول:
أزل في المستشفى يا ناريمان، لقد حدث معها نزيف حاد
ماذا...؟!
صرخت ناريمان بعدم تصديق قبل أن تستدار ناحية غسان الذي اخذ ينظر إليها بنظرات قلقة لتخبره بما حدث..

جلس لبيد أمام جوان التي كانت تنتظره في أحد الكافيهات، تطلع إليها بصمت فوجدها شاحبة على غير العادة...
تحدث قائلا:
قولي يا جوان، لماذا أردت مقابلتي...؟
اجابه بنبرة باردة:
لانهي كل شيء...
ماذا تنهين...؟
سألها بعدم فهم لتجيبه بنفس البرود:
انهي ما بيننا، لم يعد هناك داعي لأن تتزوجني...
تطلع إليها بنظرات مصدومة قبل أن يسألها:
ماذا تقولين يا جوان...؟ هل نسيت انك حامل...؟
اجهضته...

اتسعت عيناه بصدمة قبل أن يقول باستغراب:
ولكن لماذا...؟
ليس من شأنك، لقد انهيت كل شيء بنفسي وعفيتك من هذه الزيجة...
جوان، اذا اردت ان نستمر في زواجنا كما خططنا من قبل فأنا لن أمانع، انا المسؤول الأكبر عما حدث في تلك الليلة...
نهضت من مكانها وهي تقول ببرود:
لا يوجد داعي يا سيد لبيد، اشكرك على كرمك اللامتناهي، لقد اتخذت قراري وانتهى الأمر...

ثم خرجت بعدها تاركه اياه يتابعها بنظراته المذهولة وشعور من الراحة بدأ يتسرب إليه..

تقدم لبيد من صفا الجالسة في حديقة منزلها تقلب في حاسوبها الشخصي ليجلس بجانبها وهو يقول بمرح:
صفا الحلوة، كيف حالك..؟
عقدت صفا حاجبيها باستغراب من قدوم لبيد إليها ثم ما لبثت أن قالت:
اهلا لبيد، انا بخير وانت...؟
اجابها:
بخير الحمد لله...
صمت قليلا ليقول بعدها بجدية:
صفا، لدي أمر هام لك...
سألته صفا باستغراب:
ماذا تريد...؟
اجابها لبيد:
اريدك ان تعملي لدينا في الشركة...

اتسعت عينا صفا بعدم استيعاب قبل أن تقول بتهكم:
هل تمزح معي يا لبيد...؟ اي شركة تلك التي اعمل بها...؟
انا لا امزح يا صفا، بما انك سوف تدرين إدارة أعمال، فسوف تحتاجين إلى خبرة في هذا المجال، ولا يوجد أفضل من شركتنا لتكسبي منها الخبرة الملائمة لك...
انا لم ادخل الجامعه بعد يا لبيد، وانت تفكر منذ الآن في الخبرة...

قالتها بسخرية جعلت لبيد يكز على اسنانه بغيظ وهو يحقد في داخله على جده الذي وضعه في موقف سخيف كهذا، فهو لا ينقصه شيء سوى أن يتوسل لصفا أن تعمل معه في الشركة...
اخذ لبيد نفسا عميقا قبل أن يقول بنبرة جادة محاولا اقناعها:.

اسمعيني يا فتاة، انت بالتأكيد تريدين أن تتفوقي في دراستك وان تثبتي نفسك وتنجحي بتفوق، عملك في الشركة معنا سوف يعطيك فرصة ذهبية لتحقيق كل هذا، كما أنه بكل الاحوال عندما تتخرجين سوف تعملين في شركتنا، اذا اين المشكلة اذا قررت العمل بها منذ الان...
تطلعت إليه صفا بعدم اقتناع ليكمل هو بدوره قائلا:
فكري جيدا يا صفا بكلامي، انت لن تخسري شيئا، جربي ااعمل معنا واذا لم ترتاحِ به اتركيه...

نهض بعدها من مكانه وهو يقول:
سوف انتظر جوابك، واذا وافقت سوف اختار لك وظيفة مناسبة تليق بك...
ثم ذهب بعدها خارجا من المكان تاركا صفا تتابعه بنظراتها المستغربة وهي شبه متاكده ان هناك شيء ما من وراء هذا العرض...

كان غسان يسير بسرعة قياسية داخل رواق المشفى ووالدته تتبعه حتى وصل إلى الغرفة التي توجد بها أزل...
هم بالدخول فوجد رويدا تخرج من الغرفة ليسألها بسرعة:
هل هي بخير...؟
اجابته بنبرة حزينه:
نوعا ما، تعرضت لنزيف حاد...
ثم أكملت بنبرة ذات مغزى:
بسبب الضغط العصبي الكبير...
دلف غسان إلى داخل الغرفة ولم يعقب بينما اقتربت رويدا من ناريمان وهي تقول بجدية:
سوف يصالحها، أليس كذلك...؟
اجابتها ناريمان بجدية:.

أظن نعم...
ثم أردفت قائلة:
سوف ادخل لاطمئن عليها...
الا ان رويدا أوقفتها:
اتركيهم لوحدهم قليلا...
هزت ناريمان رأسها بتفهم وجلست على إحدى المقاعد الموجوده في ممر المشفى وفعلت رويدا المثل..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة