قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر

في مطار اربيل الدولي
خرج لبيد من بوابة المطار وهو يجر حقيبته خلفه ليجد أحد أصدقائه في انتظاره والذي حياه بحرارة ثم اخذه معه في سيارته موصلا اياه إلى الفندق الذي سوف يمكث فيه خلال فترة سفره...
هبط لبيد من سيارة الرجل ثم ودعه واتجه إلى داخل الفندق، اتجه إلى الجناح الذي حجزه له مسبقا...

دلف إلى داخل الجناح ثم رمى نفسه على السرير بتعب، اخذ يفكر فيما جرى معه بدءا من علاقته المتدهورة بميار انتهاءا بتلك الليلة التي قضاها مع جوان...
زفر أنفاسه بضيق وهو ينهض من وضعيته المتمددة ويتطلع إلى السقف بشرود، رن هاتفه فاخرجه من جيب سترته ليجد والدته تتصل به..
ضغط على زر الإجابة ليأتيه صوت والدته الغاضب:
انت، كيف تسافر هكذا دون أن تخبرني...؟
اجابها ببرود:
ظهر لي عمل فجأة فاضطررت إلى السفر...

وماذا عن زوجتك...؟ كيف تتركها هكذا...؟ ما زالت عروس جديدة وتتركها لوحدها...
ابتسم في داخلة بسخرية فوالدته لا تعلم أن ميار تريد أن تبتعد عنه قدر المستطاع، اجابها بضيق:
ميار تفهمت الموضوع، لا تقلقي...
حسنا، كما تشاء...
قالتها والدته بعدم اقتناع وأغلقت الهاتف في وجهه ليرمي بدوره هاتفه على السرير ويعود لوضعيته المتمددة وأفكاره المعقدة...

في صباح اليوم التالي
كانت صفا جالسة على الكنبة أمام التلفاز تتابع أحد الافلام الاجنبية حينما اقترب عثمان منها وهو يقول بجدية:
اخفضي صوت التلفاز قليلا، اريد الحديث معك...
فعلت ما امرها به ثم اخذت ترمقه بنظراتها المتسائلة ليخبرها ببرود:
سهى حامل، وانا يجب أن أعلن زواجي منها...
انتفضت من مكانها واخذت تتطلع إليه بعدم تصديق...
حامل...
اومأ برأسه مؤكدا ما قاله...

طلقني، طلقني قبل أن تعلن زواجك منها، لا تقلل من كرامتي أكثر من هذا أرجوك..
لن أطلق...
جاء الرد ناهيا، حاسما، لا منطقيا في وضعهما هذا...
اتجه ناحية الباب يهم بالخروج فركضت خلفه تسأله بقلق:
إلى أين...؟
إلى جدي، سأخبره بكل شيء...
لما انت مستعجل هكذا...؟
لقد أخطأت من الاساس حينما خبأت زواجي بها، وحان الوقت لاصحح خطاي..
وما ذنبي انا...؟ ما ذنبي لتهينني بهذا الشكل..؟

قالتها بصوت مبحوح من شدة الالم ليشيح بوجهه بعيد عنها وهو يجيبها بجمود:
ذنبك تعرفينه جيدا، فلا تسأليني عنه...

في احد المطاعم الراقية
تقدمت ميار إلى داخل المطعم وبحثت بعينيها عن صديقتها ليلى التي اتصلت بها منذ الصباح الباكر تطلب منها أن تراها بشكل ضروري...
لمحت اخيرا الطاولة التي تجلس عليها ليلى فاتجهت ناحيتها وجلست على الكرسي المقابل لها بعد أن ألقت التحية عليها...
لقد قلقت كثيرا بسبب اتصالك المفاجئ بي، ماذا حدث...؟
عضت ميار على شفتها السفلى بألم ثم بدأت تخبرها بما حدث بينها وبين لبيد..

ما أن انتهت من سرد الموقف حتى هتفت بها ليلى:
تريدين الصراحة، انت مخطئة...
انا...!
قالتها ميار بعدم تصديق ثم ما لبثت أن سألتها بضيق:
لما انا السبب...؟
اجابتها ليلى بجدية:
لأنك تسرعتِ في كلامك وتحدثتِ معه بلهجة عدائية..
صمتت ميار ولم تتحدث حيث اكتفت بنظراتها المغتاظة من حديث ليلى بينما أكملت ليلى بتعقل:
يا ميار يا حبيبي، الرجل لم يقل شيء يستحق أن تهبي في وجهه بهذا الشكل وتلقي كلامك المؤذي هاذ...

اتفاقنا أن يكون زواجنا على الورق فقط، وهو أراد أن يخل بالاتفاق...
كان بإمكانك الرفض بطريقة أرقى من هذه...
هذا ما حدث...
قالتها ميار بضيق لتتطلع إليها ليلى بحزن على حالها وما يحدث معها...
تحدثت ليلى قائلة:
ثانيا، الم يكن هذا نفسه لبيد الذي تحبينه وتتمنين أن يفكر بك أو ينظر اليك حتى...
وهل هذا يجعلني أرمي نفسي في احضانه حالما يطلب مني هذا...
كلا لم اقصد هذا، لكن كان عليك أن تستغلي هذه النقطة لصالحك...

أردفت ليلى قائلة بنبرة حكيمة:
ما أقصده انك تحبينه وترغبين به بشدة، وهو بطلبه منك معناه انه بدأ يفكر بك وبدأت تعجبينه، لذا كان من المفترض أن ترفضي طلبه بأسلوب أكثر تعقلا وتعرفي كيف تستغلين انجذابه نحوك بشكل جيد...
حسنا، يبدو اني أخطأت بالفعل، ولم يعد هناك مجال لتصحيح الخطأ...
هزت ليلى رأسها نفيا وهي تقول بجدية:
لما تقولين هذا..؟ ما زال الوقت امامك لتصححي ما فعلتيه..
لبيد سافر يا ليلى...

تطلعت إليها ليلى بصدمة ثم سألتها:
سافر، إلى أين...؟
اجابتها ميار بعيون ملأتها الدموع:
إلى شمال البلاد، يقول لديه أعمال مهمه هناك...
حسنا لا تبكي، بالتأكيد سيعود...
أتمنى هذا...
قالتها ميار وهي تمسح دموعها باناملها بينما اخذت ليلى تتطلع إليها بنظرات حزينه قلقه من أجلها...

تقدم عثمان ناحية جده الجالس في صالة الجلوس الموجوده في قصره حيث يتناول قهوته ويقرأ احدى الجرائد كما اعتاد أن يفعل...
صباح الخير جدي...
ما أن سمع الجد صوته حتى أغلق الجريدة الموجودة بحوزته ووضعها على الطاولة امامه ثم رد تحيته قائلا:
صباح النور يا عثمان...
جلس عثمان أمام جده وهو يقول بتوتر واضح:
جدي أريد الحديث معك في موضوع مهم...
تحدث يا بني...

قالها الجد بتعجب من التوتر الواضح عليه ليسترسل عثمان في حديثه قائلا:
جدي انا تزوجت على صفا...
اتسعت عينا الجد بصدمة مما يسمعه ثم ما لبث أن سأله:
ماذا تقول انت؟
بينما أردف عثمان قائلا:
وزوجتي حامل ايضا...
رماه الجد بنظرات حارقه متوعده اخفض عثمان بصره خجلا بسببها...
متى؟ وكيف حدثت هذه الزيجة...؟
بدأ عثمان يقص عليه زواجه من سهى وكيف تم دون أن يكذب باي شيء...
هز الجد رأسه بأسف شديد ثم قال:.

أسفي عليك يا عثمان، كيف تفعل شيء كهذا بنا...؟ ألم تفكر في ابنة عمك...؟ ما ذنبها لتفعل بها هذا وتكسر خاطرها...؟ مالذي فعلته صفا لتستحق هذا منك...؟
اجابه عثمان مبررا:
جدي انا من الاول أخبرتك باني لا أحب صفا، انت من أجبرتني على الزواج بها...

كان يتحدث بصوت عالي بعض الشيء جعل تلك التي جاءت الى منزل جدها منذ لحظات تسمعه فتجمدت في مكانها وقد ملأت الدموع عينيها وانتفض قلبها الما مما قاله، وقفت خلف الباب وهي تضع يدها على قلبها تشعر بالامه تحرق روحها..
سمعت صوت جدها يقول بنبرة عالية فيبدو أن الخلاف اشتد بينهما:
سوف تطلقها، سوف تطلق صفا يا عثمان...
في هذه اللحظه قررت صفا اقتحام المكان ليتفاجئ كلا من عثمان والجد بها...
صفا، ماذا تفعلين هنا...؟

تسائل عثمان بصدمة من وجودها هنا ثم ما لبث أن صاح بها غاضبا:
كيف تخرجين من المنزل بدون اذني...؟
هنا تدخل الجد صارخا به:
لا تصرخ في وجهها هكذا...
جدي أنها زوجتي، ويحق أن أفعل بها ما أشاء...
كلها لحظات قليلة ولن تعد زوجتك...
انا لن اطلق...
قالها عثمان بعصبية لتتدخل صفا قائلة بدورها:
سوف تطلقني يا عثمان، لن استمر معك بعد الآن ولو ليوم واحد حتى...
اقترب ناحيتها قائلا بعناد:
لن اطلق يا صفا...

لمعت عيناها بنار التحدي وهي تقول:
طلقني يا عثمان، والا حينها سوف ارفع دعوة ضدك واكسبها في الحال وانت تعرف لماذا...
كانت تشير إلى كونها ما زالت عذراء لم يمسها هو أو يقترب منها...
تطلع إليها بصدمه مما تقوله ومن تهديدها السافر إليه لتكمل هي قائلة:
طلقني يا ابن عمي، طلقني وتجنب الفضائح...
ابتسم بسخرية على كلماتها الاخيره ثم قال بصوت بارد:
انت طالق...

ورحل بعدها لتقف هي في مكانها بالكاد تخفي دموعها التي احرقت مقلتيها، اقترب الجد منها وربت على كتفها لتنفجر بعدها بالبكاء بين احضانه...

بعد مرور ثلاث شهور
هبط من سيارته السوداء وتقدم ناحية الشركة، ركب في المصعد متجها إلى مكتب غسان، دلف إليه دون أن يطرق الباب حتى ليجد غسان منهمكا على مجموعة من الملفات...
ما أن شعر غسان بوجوده حتى رفع وجهه من فوق ملفاته ليهتف بصدمة:
لبيد، وأخيرا عدت...
تقدم لبيد ناحيته واحتضنه بقوة ثم ابتعد عنه وهو يقول:
نعم عدت...
عاد غسان وجلس على مكتبه بينما جلس لبيد على الكرسي المقابل له...

ثلاث اشهر يا رجل، ماذا كنت تفعل هناك...؟
عمل...
اجابه لبيد بلا مبالاة ليقول غسان بسخرية:
طبعا، فشركاتنا هناك ما كانت لتستمر إلا بوجود السيد لبيد...
حسنا، اسخر كما تشاء...
انت من تقول كلام يجلب السخرية..
زفر لبيد أنفاسه بضيق ثم قال:
كنت بحاجه للهروب قليلا، ولم اجد مكان أفضل من هناك...
ليتني انا ايضا باستطاعتي الهروب...
قالها غسان بذهن شارد ليسأله لبيد:
الم تجدها بعد...؟
هز غسان رأسه نفيا وهو يجيبه:.

كلا، ابحث عنها طوال الوقت بلا فائدة...
هز لبيد رأسه بأسف شديد ثم قال:
لا تقلق، سوف تجدها بالتأكيد، انت فقط لا تيأس...
إن شاء الله...
قالها غسان وهو يتنهد بصمت...
في هذه الأثناء رن هاتف لبيد برسالة نصية ليخرج هاتفه من جيبه و يفتحها في الحال...
( مرحبا لبيد، انا جوان، اريد ان اراك اليوم ضروري، سوف انتظرك بعد ساعة في المطعم، )
نهض لبيد من مكانه وهو يقول بسرعة:
يجب أن أذهب الآن، اراك فيما بعد...

ثم خرج دون حتى أن يسمع رد غسان...
في أثناء خروجه من الشركة سمع صوت يعرفه جيدا ينادي عليه فالتفت ناحيته ليجد ميار تتقدم ناحيته بملامح مصدومة:
لبيد، متى عدت...؟
اجابها بهدوء:
منذ حوالي ساعتين...
الحمد لله على سلامتك، لماذا لم تخبرني...؟
ظننت أن الأمر لا يهمك...
قالها ببرود المها كثيرا...
لبيد، يجب أن نتحدث...
مساءا، مساءا يا ميار...
قالها بسرعة وهو يتجه خارج الشركة تلاحقه نظرات ميار الحزينه...

كان جالسا على إحدى الطاولات الموجوده في المطعم الذي اختارته ينتظر قدومها بنفاذ صبر...
وجدها تتقدم ناحيته بعد لحظات وتجلس على الكرسي المقابل له...
خلعت نظارتها الشمسية لتظهر عينيها العسليتين واللتان كانتا تبدوان متعبتان وكأنها لم تنم منذ الوقت طويل...
ماذا هناك يا جوان...؟ لماذا أردت مقابلتِ؟
صممت للحظات ثم قالت بجدية:
انا حامل...
تطلعت إلى وجهه الذي احتلت ملامحه الصدمة لتكمل:
يجب أن نتزوج حالا...

صمت لوهلة محاولا استيعاب ما قالته ثم ما لبث أن قال بنبرة ساخرة:
وماذا ايضا...؟ هل اخترت فستان الزفاف ام بعد...؟
هذا ليس وقت المزاح، انا حامل، حامل منك...
ضرب بكف يده على الطاولة الموجوده امامه قائلا بعصبية وعينين تلمع غضبا:
وماذا تريدين مني أن أقول وانت تخبرينني بكل بساطة بأنك حامل وتريدين الزواج مني...
تطلعت إلى المكان حولها خوفا من أن ينتبه إليهم أحد ثم قالت:.

اسمعني جيدا، انا صدمت مثلك ايضا، لكن هذا ما حدث، ماذا بيدي أن اخبرني...؟
ومن قال بأنك صادقة...؟ من يضمن لي صدق كلامك؟
خذني إلى اي طبيبة ودعها تفحصني، سوف تتأكد حينها من صحة كلامي...
كانت تتحدث بثقة عالية...
صمت ولم يستطع أن يقول شيئا آخر فهي يبدو أنها واثقة للغاية مما تقوله ويبدو أنه وقع في فخ لا مهرب له منه...
ماذا ستفعل الآن...؟
سألته جوان بقلق مخرجه اياه من أفكاره المشوشة ليجيبها بحيرة:.

لا اعلم، حقا لا اعلم...

في المساء
صاح الجد على إحدى خادمات القصر وسألها:
أين صفا...؟ لماذا لم ارها منذ الصباح...؟
اجابته الخادمة:
أنها تذاكر في غرفتها سيدي...
حسنا، اذهبي إليها واطلبي منها أن تهبط إلى هنا وتتناول عشائهها معي...

ذهبت الخادمة على الفور لتنفذ ما قاله بينما شرد الجد في صفا والتغيرات التي طرأت عليها، لقد تغيرت كثير بعدما حدث، بعد طلاقها من عثمان أمرها الجد أن تسكن عنده لحين عودة والديها من سفرهما، نفذت اوامره فورا واستقرت عنده، بدأت تهتم في مذاكرتها على غير العادة، باتت تذاكر بشكل مستمر ولا تخرج من المنزل إلا نادرا، حتى المدرسة تركتها واخذت إجازة مرضيه منها وقررت ان تكتفي بالمدرسين الخصوصي، فهي لم تستطع ان تذهب الى هناك خاصة بعدما انتشر خبر طلاقها في المدرسة بأكملها، بالرغم من سعادته لاهتمامها بدروسها هكذا إلا أنه يشعر بالخوف عليها، فهي متقوقعه على نفسها بشكل غريب، وباتت تكره الاختلاط مع احد أو الخروج من المنزل...

أفاق من شروده على صوتها وهي تقول بابتسامة واسعة:
ها قد جئت جدي، الخادمة اخبرتني بأنك تريدني...
نعم يا ابنتي، قلت لنتعشى سويا...
حسنا كما تريد...
قالتها وهي تتجه ناحية صالة الطعام يتبعها جدها...
جلس جدها على مقدمة الطاولة وجلست هي بجانبه...
بدءا يتناولان طعامهما بصمت حينما تحدث الجد قائلا:
والداك ِ سوف يعودان الاسبوع القادم...
ابتلعت لقمتها داخل فمها وهي تقول:
حقا، هما من اتصلا بك...

نعم، لقد أصبحت صحة والدك جيدة للغاية...
الحمد لله..
أردفت قائلة بعدها بنبرة متوترة:
سوف تخبرهم بأمر طلاقي حينما يعودان...
تطلع إليها الجد بشفقة من خوفها ثم قال بنبرة هادئة:
نعم، ولا اريدك ان تخافي، فانت لم تخطئي بشيء ابدا...
اومأت رأسها بتفهم بينما شردت افكارها بموقف والديها وما ينتظرها منهما حينما يعلمان بأمر طلاقها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة