قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الخامس عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الخامس عشر

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الخامس عشر

خرج غسان من الشركة متجها إلى منزله، ركب سيارته وهم بتشغيلها حينما رن هاتفه برقم غريب، ضغط على زر الإجابة ليأتيه صوت طفولي بعض الشيء: غسان، انا ياسمين...
انتفض من مكانه بعدم تصديق ثم سألها بسرعة:
ياسمين، اين أنتم...؟
أعطته ياسمين العنوان بسرعة فتحرك غسان بسيارته متجها إلى هناك بسرعته القصوى...

وصل بعد حوالي نصف ساعة ليجد امامه منزل صغير للغاية وقديم فتقدم ناحيته وطرق على الباب لتفتح له ياسمين الباب...
دلف إلى الداخل على الفور وهو يقول بغضب:
أين هي...؟ أين أزل..؟
اجابته ياسمين بخوف من عصبيته:
ليست هنا، أنها في العمل...
تطلع إليها بعدم استيعاب لتكمل ياسمين:
أرجوك اهدأ، سوف تأتي أزل بعد قليل وتفهم منها كل شيء..

انصت لكلام الصغيرة وجلس على كنبة صغيرة موجوده في المنزل بينما جلست ياسمين بجانبه و هي تشعر بتوتر شديد وتدعو من الله الا تغضب أزل منها لما فعلته...
بعد حوالي ربع ساعة فتح الباب وصدح صوت أزل في المكان وهي تقول:
ياسمين، انا عدت...
ثم تقدمت إلى الداخل لتنصدم في مكانها من ذلك الرجل الجالس على الكنبة أمامها وهو يرميها بنظرات ساخره..

غسان...
ترددت الكلمة على شفتيها بعدم تصديق، لا تصدق انه وجدها بعد أن فعلت المستحيل لتختبئ منه، سيطر الشحوب على ملامح وجهها بينما نهض هو من مكانه اخيرا وتقدم ناحيتها...
غسان انا...
قبض على ذراعها بقسوة وهو يميل بجانب اذنها هامسا:
ولا كلمة واحدة حتى، تلملمين اغراضك فورا لنذهب إلى منزلنا...
اومأت برأسها وهي تبتعد بسرعة عنه لتنفذ ما قاله وياسمين تتبعها...

اوقف غسان سيارته أمام قصر عائلته، فتح باب السيارة وهبط منها ففعلت أزل المثل وكذلك ياسمين، تقدم إلى الباب الداخلي للقصر ففتحت الخادمة لهم الباب، دلف الثلاثة إلى الداخل ثم صعدوا إلى الطابق العلوي...
بامكانك الذهاب إلى غرفتك حبيبتي...
قالها غسان موجها حديثه إلى ياسمين التي نفذت كلامه على الفور واتجهت إلى غرفتها المعدة لها مسبقا في القصر بينما عاد غسان بتركيزه ناحية أزل فأشار لها قائلا:.

إلى غرفتنا...
اطاعته فورا واتجهت إلى غرفتهما يتبعها غسان الذي شكر ربه بأن والدته وخالته لم يروهم حينما دخلوا إلى القصر...
دلفت أزل إلى الغرفة ودلف غسان خلفها، أغلق الباب خلفه وتقدم عدة خطوات مقتربا منها بينما هي مولية له ظهرها وترتجف بوضوح...
تكونت على شفتيه ابتسامة ساخرة ثم مد يده واضعا اياها على كتفها ليزداد ارتجافها اضعافا...
قبض على كتفيها وادارها نحوه لتلتقي عيناها المرتعبتين بعينيه الساخرتين...

تخافين يا أزل، تخافين مني...
اومأت برأسها دون أن تنبس بكلمة واحده ليصيح فجأة بها:
طالما انك تخافين منك، كيف تتجرئين وتهربين مني...؟ كيف فعلت هذا...؟ هيا اخبريني..
كان يتحدث وهو يهزها بعنف لترجوه ببكاء:
غسان أرجوك...
اوقف عن هزها اخيرا حينما لاحظ بكائها، حرر كتفيها من قبضته، اخذ نفسا عميقا عدة مرات وزفره ببطأ...
كيف تفعلين بي هذا...؟ بعد جميع ما فعلته من اجلك، هل استحق انا منك تصرف كهذا...؟ اجيبيني...

انا اسفة..
قالتها ثم انهارت في البكاء ليقول بضيق:
ابكي، استمري في بكاءك، من الأساس انت لا تجيدين شيء سوى البكاء...
انا حامل...
قالتها من بين بكائها لتضمحل عيناه بعدم تصديق...
حامل...
قالها بصدمة حقيقية لتومأ رأسها مؤكدة ما قالته...
اقترب منها فجأة قابضا على ذراعها بقسوة قائلا بنبرة غاضبة متوعدة:
ليلتك سوداء يا أزل، لماذا لم تعودي حينما اكتشفت حملك...؟ علام كنت تنوين بالضبط...؟
انا...

انت ماذا...؟ متى كنت تنوين العودة...؟ حينما تنجبين طفلنا...؟ أو حينما يصبح عمره عشرة سنوات...؟أو لم تكونِ تنوين أن تعودي لي ابدا...؟

اخفضت عينيها نحو الأرض بينما اخذ هو يرميها بنظرات نافرة، لا يصدق بانها استمرت في هروبها حتى بعدما علمت بحملها منه...
غسان، انا اسفة...
اعتذرت له بعينين دامعتين ووجه أحمر من شدة البكاء لينهرها بعصبية:
اصمتي، لا أريد سماع صوتك...
زفرأنفاسه بضيق ثم أمرها بخشونة:
غيري ملابسك ونامي...
ثم اتجه خارجا من الغرفة لتسأله بسرعة:
إلى أين ستذهب..؟
التفت إليها وهو يجيبها بحدة:
إلى الجحيم، لا علاقة لك بي...

ثم خرج من الغرفة بينما جلست هي على السرير تستمر في بكاءها...

في صباح اليوم التالي
دلف غسان إلى غرفته ليجد أزل جالسه على سريرها والتي انتفضت حالما رأتها وتقدمت نحوه قائلة بلهفة:
وأخيرا عدت...
ابتعد عنها متجها إلى خزانة ملابسه حيث فتحها وأخرج ملابسه منها وهو يقول ببرود:
عدت لاستحم واغير ملابسي...
حمل ملابسه بعدها وتوجه إلى الحمام تحت أنظار أزل الحزينة...

خرج بعدها وهو يجفف شعره بالمنشفة، وقف أمام المرأة وبدأ يسرح شعره فاقتربت هي منه بخطوات مترددة، وقفت بجانبه وهي تقول:
غسان، سامحني أرجوك...
توقف عن تمشيط شعره ثم استدار ناحيتها وأخذ يرميها بملامح مزدرءة ثم قال:
علام اسامحك بالضبط...؟ على هروبك مني...؟ أم على استمرارك في الهروب حتى بعدما علمتِ بحملك...؟
صمتت ولم تردد بينما أكمل هو بنبرة حادة:.

هل تدركين معنى هروب امرأة من زوجها...؟ في بعض العوائل يقتلون المرأة التي ترتكب جرم كهذا، هل أنت واعية لمدى قباحة فعلك...؟
اخفضت عينيها ارضا وبدأت تبكي بصمت بينما رماها هو بنظرات حانقة وحمل سترته وارتداها على عجل...
التفت إليها قبل أن يخرج قائلا:
سوف اقفل باب الغرفة، فانت ممنوعة من الخروج منها حاليا، الطعام سوف تجلبه الخادمة لك، واذا اردت اي شيء آخر اتصلي بي...

في صالة الطعام
جلس غسان على مائدة الطعام وبدأ يتناول طعامه بهدوء، كانت والدته تتناول طعامها هي الأخرى اما رويدا فكانت شاردة كالعاده منذ تلك الحادثة وهروب أزل...
رويدا، تناولي فطورك من فضلك..
قالتها ناريمان لتهز رويدا رأسها نفيا وهي تقول:
ليس لدي شهية اطلاقا...
لكن هذا ليس جيد من أجل صحتك...
قالتها ناريمان بقلق لتشيح رويدا وجهها عنها بضيق، دخلت الخادمة إلى الداخل في هذه الأثناء ليهتف بها غسان بهدوء:.

اعدي الفطور وخذيه للسيدة أزل في غرفتها...
رمشت ناريمان بعينيها محاولة استيعاب ما قاله بينما انتفضت رويدا من مكانها وهي تقول بعدم تصديق:
ابنتي عادت...
الا انها توقعت في مكانها وهي تسمع سؤال غسان الساخر:
إلى أين...؟
سألها بجمود لتجيبه بلهفة:
أريد أن أرى ابنتي...
ممنوع...
ماذا يعني ممنوع...؟
سألته باستغراب ليجيبها:
ابنتك سوف تبقى في غرفتها، ولن أسمح لايا كان أن يدخل إليها...

هل جننت يا غسان...؟ تريد أن تمنعني عن ابنتي...؟
اهدئي قليلا رويدا هانم، منذ فترة قصيرة كنت تنعنيتها الخادمة اللقيطة...
غسان...
قاطعها بصرامة:
كلامي منتهي، انت لن تري ازل حتى اقرر انا هذا، ماذا تظنين...؟ انني سأسمح لك برؤيتها بهذه السهولة...؟ كلا يا خالتي، انا لن انسى انك كنت السبب في هروبها مني، لهذا انت ستعاقبين على فعلتك تلك، وابنتك المصون ستعاقب ايضا على فعلتها تلك...
ولكن...

لا يوجد لكن، كلامي واضح ولا اقبل نقاش فيه...
نهض من مكانه بعدها بنية الخروج إلا أنه توقف للحظة والتفت إليها قائلا بتحذير:
إياك أن تفعلي اي شيء أو تخبريها باي شيء من خلف الباب، فانا اعرفك جيدا انت انت لن ترضي بوضع كهذا، لكن يجب أن تعلمي أن أزل حامل ولن تتحمل أي صدمة في الوقت الحالي...
حامل...
صرخت ناريمان بعدم تصديق ليؤكد ما قاله:
نعم، حامل...

ثم خرج بعدها تاركا كلتيهما تتطلعان إلى بعضيهما بصدمة وعدم تصديق...

استيقظت ميار من نومها لتجد لبيد واقف أمام المرأة وهو يعدل ربطة عنقه، نهضت من مكانها وتقدمت ناحيته قائلة بنبرة مترددة:
صباح الخير...
اجابها بهدوء وقد انتهى من تعديل ربطة عنقه:
صباح النور...
لبيد، أريد أن اتحدث معك...
تنهد بضيق ثم التفت إليها متسائلا:
عن اي شيء تريدين التحدث...؟
اجابته بجدية:
عما قلته في تلك الليلة، انا اعتذر منك، لقد تسرعت فيما قلته...
لم يعد ينفع...
ماذا يعني لم يعد ينفع...؟

سألته بعدم فهم ليجيبها بنبرة متأسفة:
لقد تأخرت يا ميار، تأخرت كثيرا...
لما تتحدث هكذا...؟ ماذا حدث...؟
ابتعد عنها وحمل سترته الموجوده على السرير وارتداها ثم قال بنبرة جادة:
لم يحدث شيء مهم، لم يحدث شيء سوى انك تأخرت في اعتذارك هذا وتبريرك، الآن لم يعد له أهمية، لقد تدمر كل شيء وانتهى...

ابتعد عنها بعدها خارجا من الغرفة بينما ظلت هي واقفة في مكانها وصدى كلماته تتردد داخل اذنها وهي تحاول إيجاد تفسير لكلامه الغامض...

وصل لبيد إلى الشركة بعد حوالي ساعة قضاها يسب ويلعن بهذا وذاك، دلف إلى الشركة وشياطين الغضب تحوم حوله، اتجه بسرعة إلى مكتب غسان، فتح الباب ودلف إلى الداخل ليجد غسان كالعادة منهمك في أعماله...
جلس على الكرسي المقابل له وهو يقول بنبرة جامدة:
غسان، أريد أن اتحدث معك في موضوع هام...
تطلع إليه غسان بنظرات متعجبه فهو يبدو متضايق من أمر ما وبشدة، سأله بجدية:
ما بك...؟ تبدو متضايقا من شيء ما...

انا في الأساس اكاد أنفجر بسبب ما يحدث معي...
ماذا حدث...؟
انا في مصيبة غسان، ولا اعرف كيف اتصرف، منذ أن علمت بهذا الخبر وانا في حالة صدمة وذهول، لم انم طوال الليل من شدة التفكير...
سأله غسان بقلق واضح:
تحدث يا لبيد، ماذا حدث...؟
صمت لبيد للحظات مرت كالدهر على غسان ثم ما لبث أن قال:
جوان حامل، حامل مني...
جوان الطائي...
ردد غسان الاسم بذهول تام ليومأ لبيد رأسه مؤكدا ما قاله...
كيف...؟ كيف حدث هذا...؟

سأله غسان ليجيبه لبيد بخجل:
كنت سكرانا و حدث ما حدث...
اللعنه عليك يا لبيد، الم تجد غيرها...؟
اطرق لبيد رأسه بصمت بينما أكمل غسان بغيظ:
ماذا ستفعل الآن...؟ كيف ستتصرف في مصيبة كهذه...؟
لماذا جئت اليك اذا..؟ حتى تساعدني...
رماه غسان بنظرات كارهة ليشيح لبيد بوجهه عنه...
بعد حوالي خمس دقائق قضاها الاثنان في صمت تام تنحنح لبيد قائلا بضيق:
هل ستظل صامتا هكذا...؟ اخبرني ماذا يجب أن أفعل...؟

تنهد غسان بصمت ثم قال بجدية:
لا يوجد سوى خل واحد يا لبيد، هو أن تتزوجها، يجب أن تتزوجها حتى لا تحدث فضيحة...
ولكن انا من الأساس متزوج...
يحق لك ان تتزوج مرتان وثلاث واربع...
وهل برأيك أن ميار قد تقبل بشيء كهذا؟
وأين كانت ميار حينما فعلت ما فعلته...؟ الآن باتت ميار مهمة بالنسبة لك وتفكر بها وبوضعها...
أنها زوجتي...
قالها لبيد بصوت عالي جاد ليزمجر غسان غاضبا:.

ولماذا ترفع صوتك هكذا، فهمنا أنها زوجتك، انت تسألني عن حل لمشكلتك، والحل واحد لا يوجد غيره، انت حر في قرارك، لكن فكر جيدا في الفضيحة التي ستحصل اذا اكتشف أحد ما هذا الأمر...

اغمض لبيد عينيه بنفاذ صبر، هو يدرك جيدا ان كلام غسان صحيح، فلا حل امامه سوى الزواج من جوان، لكنه لا يحبها، ولا يريدها، فكيف سيتخذ خطوة كهذا...؟ وماذا عن ميار وموقفها من هذه الزيجة...؟ كيف سيخبرها بشيء كهذا...؟ ماذا لو طلبت الطلاق..؟ ماذا سيفعل حينها...؟ أفكار كثيرة تعصف داخل رأسه لا يعرف كيف يتخلص منها...
نهض من مكانه وخرج من مكتب غسان تاركا الأخيرة يتابعه بنظرات مشفقه على حاله وما وصل إليه...

في المساء
دلف إلى داخل غرفته ليجدها جالسة على الكنبة وملامحها تنطق بالعصبيه الواضحة، خلع ساعته ووضعها على الطاولة ثم خلع سترته وعلقها على الشماعة لتنهض هي من مكانها وتقول بضيق:
لقد تأخرت كثيرا كالعادة...
اجابها بملل:
لدي أعمال كثيرة...
الا يوجد غيرك بالشركة...؟
بلى يوجد، ولا تتدخلي مرة أخرى فيما لا يعنيك...

إلى متى ستعاملني هكذا عثمان...؟ انا لا افهم لماذا تتصرف معي على هذا النحو...؟ الم يأن لعقابك أن ينتهي...؟
رفع بصره نحو الأعلى بنفاذ صبر ثم التفت إليها قائلا بنبرة حادة:
وانت لا تملين من تكرار نفس الموال...
انا احاول ان اصحح مسار علاقتنا...
قالتها وهي تضع يدها على صدره ليبعدها عنه وهو يقول بضيق:
لا تتعبي نفسك، مهما حاولتِ سوف تظل علاقتنا كما هي...

رمقته بنظرات مستاءة بينما اتجه هو إلى الحمام ليأخذ دوش سريع يزيل آثار تعب اليوم الطويل...
خرج بعد عشر دقائق ليجدها جالسة على نفس وضعيتها السابقة، تقدم ناحية المرأة وبدأ يمشط شعره بلا مبالاة حينما هتفت به:
عثمان، لماذا لا نعود إلى شقتنا...؟
لماذا...؟ مابه هذا المنزل حتى تطلبي العودة إلى تلك الشقة...؟
بصراحة غير مرتاحه هنا، هناك كنت أشعر براحة أكبر...
ابتسم بتهكم ثم قال باستخفاف:.

وهل تريدين مني أن أترك منزل والدي فقط لأن حضرتك لا تشعرين بالراحة به...
عثمان انا...
قاطعها بصرامة:
انا لن أترك بيت والدي لأي سبب كان، مكوثي في تلك الشقة كان لأسباب خاصة، هذه الأسباب انتهت، والان سوف اسكن هنا، اما بالنسبة لك بإمكانك الذهاب أينما شئت...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة