قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

رواية سجينة هوسه للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

في احدى المدارس الخاصة
كانتا تسيران سويا وهما تتحدثان في مواضيع مختلفة حينما سألت إحداهن الاخرى فجأة:
نادية، متى سيأتي عثمان من السفر...؟!
اجابتها نادية بجدية:
مساء الغد حسب ما اظن، لماذا تسألين...؟
اجابتها الاخرى بشوق:
الا تعلمين لماذا...؟! اشتقت له كثيرا...
مطت نادية شفتيها بملل وهي ترميها بنظرات ذات مغزى لتضربها على كتفها وهي تقول باستياء:
لما تنظرين الي هكذا...؟!
اجابتها نادية بجدية:.

ما تفعلينه خطأ يا صفا...
لماذا...؟
سألتها صفا باستغراب لتجيبها نادية بتعقل:
لا يجب ان تتعلقي بعثمان اكثر من اللازم يا صفا..
اتعلق...؟! انا لست متعلقة به فقط، انا احبه ايضا...
لكنه لا يحبك، ولا يهتم بك...
ابتعدت صفا عنها فالحال ما ان سمعت ما قالته نادية، أنبت نادية نفسها فهي لم يكن عليها ان تتحدث مع صفا هكذا حتى لو كان بهدف توعيتها...
تقدمت ناحية صفا ووقفت امامها وهي تقول باعتذار:
انا آسفة يا صفا...

حسنا، لا داعي لان تعتذري...
هل انتِ متضايقة مني...؟!
سألتها نادية لتجيبها صفا وهي تهز رأسها نفيا:
كلا، لست متضايقة منك، انت اختي، وانا لا أتضايق منك مهما فعلتي بي...
ابتسمت لها نادية بخفوت ثم قالت بعدها بجدية:
صدقيني يا صفا انا اريد مصلحتك...
قاطعتها صفا:
ارجوكِ يا نادية، لا اريد التحدث في هذا الموضوع لو سمحتِ...
هزت نادية رأسها بتفهم ثم قالت:
اذا لنذهب الى الصف فالدرس على وشك ان يبدأ...

ذهبتا الفتاتان سويا الى الصف...

بعد حوالي ساعتين كانت صفا تجلس في السيارة بجانب السائق الخاص بها وهي تفكر بصمت، تفكر في حديث نادية، هي تعرف ان عثمان لا يفكر بها نهائيا، كما انه بارد للغاية في التعامل معها، ليس معها تحديدا بل مع الجميع، فهو بطبيعته بارد مزاجي للغاية، لكنها تحبه، منذ ان وعت في هذه الدنيا وجدت نفسها تحبه، لا تعلم كيف ومتى...؟! كل ما تعلمه انها تحبه وتريده بشدة، وسوف تفعل المستحيل حتى تناله ويكون من نصيبها...

توقف السائق امام الفيلا لتهبط من السيارة بسرعة وتركض ناحية الباب الداخلي للفيلا، فتحت الخادمة لها الباب فدلفت الى الداخل بعد ان ألقت التحية عليها وركضت ناحية والدتها الجالسة في صالة الجلوس، ضمتها من الخلف وقبلتها من وجنتيها وهي تقول بحب:
اشتقت لك كثيرا...
ايتها المخادعة الصغيرة، اشتقتِ لي حقا...
جلست بجانبها وهي تقول:
والله اشتقت لك اكثر مما تتخيلين، الا يظهر هذا علي...؟!

ربتت والدتها على وجنتيها وهي تتسائل بجدية:
كيف حالك اليوم اذا...؟! كيف كان يومك الدراسي...؟!
لا بأس به...
اجابتها بجدية ثم عادت وقالت:
ماما، هل يمكننا غدا ان نذهب الى بيت عمي لأرى نادية، هناك بعض المسائل الرياضية التي يجب ان انقل حلها منها...
حسنا لا مانع لدي، سوف نذهب في مساء الغد الى هناك...
ابتسمت صفا براحة فهي سوف تقابل عثمان مساء اليوم بعد اخر مرة قابلته فيها من حوالي ثلاثة أسابيع...

في صباح اليوم التالي
دلفت الى داخل صالون التجميل لتجد المكان فارغ لا يحتوي احد سوى سولاف، تقدمت ازل ناحيتها وهي تسألها بتعجب:
سيدة سولاف، ماذا يحدث هنا، لما المكان فارغ هكذا...؟
للأسف يا ازل، سوف نغلق الصالون و نبيعه...

كانت تسير في الشارع بذهن شارد وقلب موجوع، الأفكار تتخبط داخل رأسها، والخوف من المجهول يملأ قلبها، لماذا الحياة دائما تقف ضدها...؟! تهاجمها دوما، ترمي بها هنا وهناك، وكأنه لا يوجد غيرها صالح للألم والعذاب...

لقد فقدت عملها، مصدر عيشها وقوتها الوحيد، لقد باتت بلا عمل، بلا اي شيء، فعملها كان كل شيء، من اين ستجد آخراً غيره...؟! ومن سيقبل بتعيين فتاة لا تملك بحوزتها اي شهادة علمية...؟! هي بالكاد استطاعت ان تجد عملها هذا والان فقدته بكل بساطة...
توقفت في مكانها فجأة بعد ان شعرت بالوهن يدب في اوصالها، شعرت بالدوار يسيطر فجأة عليها فجلست على الرصيف واضعه رأسها بين كفي يديها...

ظلت على هذه الوضعية لفترة تتعدى العشر دقائق، نهضت بعدها من مكانها وأخذت تسير متجهة الى منزلها، وصلت اليه بعد حوالي نصف ساعة لتدلف الى الداخل وتغلق الباب خلفها، جلست على الكنبة وأخذت تفكر في حل لمشكلتها هذه...
ماذا سأفعل الان...؟! ابي لن يرحمني اذا علم انني اصبحت بلا عمل...
هتفت بدموع انهمرت على وجنتيها بغزارة وهي تشعر بالضياع الشديدة والحيرة...

كان يسير متجها الى مكتبه فمر بمكتبها كالمعتاد، وجدها جالسه على مكتبها تعمل على حاسوبها الشخصي بتركيز شديد، تطلع اليها بنظرات ساخرة متأملا وجهها الأسمر المدور الذي يغطي نصفه نظارة طبية كبيرة، تقدم ناحيتها طارقا بكف يده على سطح مكتبها، انتفضت من مكانها ما ان شعرت بوجوده، بالكاد استطاعت ان تسيطر على نفسها وتستعيد رباطة جأشها لتنهض على الفور من مكانها وهي تقول بجدية:
اهلا بك سيد لبيد...

لم يجبها وإنما ظل يرمقها بنظرات غامضة اربكتها بشدة...
ميار، اريد ان اسألك سؤال...؟!
تفضل...
انت ماذا تعملين بِالضبط...؟! سكرتيرة لدي ام جاسوسة لدى والدتي...؟!
كان يسألها بنبرة جادة للغاية لا توجد بها اي معالم سخرية، عيناه كانتا منتبهتين اليها بتركيز شديد، ليرى تغير ملامح وجهها من الصدمة الى الخوف ثم الخجل لتخفض رأسها في نهاية المطاف، مط شفتيه الى الامام قائلا بتهكم:.

لماذا لا تجيبنني...؟! هل سؤالي صعب الى هذة الدرجة...؟!
رفعت رأسها نحوه بعد تردد لتجيبه بتلعثم:
سيد لبيد، انت فهمت الامر بشكل خاطئ...
هنا لم يتحمل ان يحتفظ ببروده الزائف و تهكمه معها فوجد نفسه يتحرك الى جانبها قابضا على ذراعها اليمنى بكف يده مرددا على مسامعها بنبرة عصبية:.

بشكل خاطئ...! أ تظنينني غبيا يا هذه، انتِ تنقلين اخباري الى والدتي بشكل دائم، في بادئ الامر كنت اتعجب من معرفة والدتي ببعض الأمور التي تخصني، شككت بك لكنني لم ارد ان أسيء الظن بك، لكن في النهاية توضح لي حقيقة شكوكي...
سيد لبيد، اسمعني ارجوك...
شدد من قبضته على ذراعه اكثر مما جعلها تأن بألم ثم قال بصوت حازم حاد:.

لا اريد ان اسمع اي شيء منك، اياكِ يا ميار ان تتجاوزي حدودك معي مرة اخرى، واياكِ ان تنقلي اي شيء يخصني الى والدتي، والا حينها لن ارحمكِ ابدا...
حرر ذراعها من قبضتها واتجه الى مكتبه تاركا اياها تفرك ذراعها بكف يدها محاولة تخفيف المها بينما تضغط على عينيها بقوة حتى تمنع الدموع المحصورة داخلهما من الهطول...

وقف امام المرأة يعدل ربطة عنقه، انتهى اخيرا من تعديلها فارتدى سترته واغلق ازرارها السفلى، خرج من غرفته هابطا درجات السلم متجها الى غرفة الطعام، وجد والدته جالسة هناك تتناول فطورها، اقترب منها منحنيا اتجاهها مقبلا وجنتيها وهو يقول بابتسامة:
صباح الخير ست الكل...
صباح النور حبيبي...
جلس على المائدة بجانبها وبدأ يتناول طعامه حينما تحدثت والدته متسائلة:.

البارحة عدت متأخرا الى المنزل يا غسان، لما تأخرت كل هذا الوقت...؟!
كان لدي بضعة اعمال يجب ان انتهي منها، ظللت اعمل عليها طوال الليل...
انت تتعب نفسك كثيرا بهذا الشكل يا بني...
قالتها بجدية وملامح قلقة فربت على كف يدها بنحو قائلا:
لا تقلقي يا ست الكل، انا انتبه على نفسي جيدا...
لا يبدو هذا لي يا غسان...
ماذا عن والدي...؟ متى سيعود...؟!

سألها محاولا تغيير الموضوع فهو يعلم جيدا ان والدته لا تمل من تأنيبه وتحذيره من اهتمامه الزائد بعمله...
اجابته والدته والتي تدعى ناريمان:
يقول انه سيتأخر قليلا، أظن انه سيعود اخر الشهر الحالي...
هز رأسه بتفهم لتستمر هي في حديثها قائلة:
اليوم نحن مدعوون على العشاء في منزل خالتك صفاء، يجب ان تأتي مبكرا...
توقف عن تناول طعامه بعد سماعه لما قالته، شعر بالضيق يسيطر عليه، تحدث بجدية قائلا:.

اذهبي لوحدك، انا مشغول للغاية ولا يمكنني الذهاب...
مستحيل، انت يجب ان تأتي معي...
لما يجب ان أذهب معك...؟!
سألها بضيق لتجيبه بحزم:
هكذا هو يا غسان، وان لم تأتِ فإنني سأتضايق منك كثيرا...
امي لا تفعلي هذا...
كلا سأفعل يا غسان...
هذا كله من اجل الانسة نيفين اليس كذلك...
بل من اجلك، نيفين فرصه رائعة يجب الا تضيعها من يدك...
أشاح وجهه بعيدا عنها بغضب لتردف والدته قائلة بنبرة جادة:.

افهمني يا غسان، انا افعل كل هذا من اجل مصلحتك، انت لن تجد مثل نيفين ابدا...
قاطعها غسان قائلا بجدية اكبر:
افهميني انتِ يا امي، انا لن اتزوج ابنة اختك فقط لانكِ ترينها مناسبة، انا لا اريد ان أتزوجها، الا تفهمين ذلك...؟!

لما لا تريد...؟! مالذي ينقصها نيفين لترفضها، فتاة رائعة، جميلة جدا، ومن عائلة غنية للغاية، ذات شخصية جذابة، تحمل شهادة الماجستير في مجال الهندسة، صفات يتمناها اي رجل في شريكة حياتها، لماذا ترفضها انت اذا...؟!
اخذ نفسا عميقا ثم تحدث بنبرة حاول ان يصوغ كلماتها جيدا:
افهميني يا امي، انها ليست الفتاة التي اريدها، هي رائعة ومميزة، لكن لا تعني لي شيئا، وانا لن أتزوجها فقط لانها هكذا...

هل لديك واحدة غيرها...؟! اخبرني...
لا هي ولا غيرها، اطمئني، عندما يكون لدي أخرى بالفعل فإنني لن أتردد لحظة واحده ان اخبرك بهذا...
تطلعت والدته اليه بضيق فابتسم لها ثم نهض من مكانها وهو يقول:
لقد تأخرت على الشركة، يجب ان اذهب الان، اراكِ مساءا..

طوال اليوم وهي تعمل بذهن شارد، تفكر فيه وفِي طريقته القاسية فالتعامل معها، اخطأت وهي تعترف بذلك، فلم يكن عليها ان تخبر والدته بكل تحركاته كما طلبت منها، قد يبدو للبعض ما يحدث غريب، الا انها تربطها علاقة صداقة متينه مع السيدة ماجدة والدة لبيد، انها سيدة طيبة ولطيفة عكس ابنها، وقد طلبت منها في احدى المرات ان تخبرها بما يفعله ولدها لتطمئن عليه، وبالفعل فهي لم تقصر بهذا فكانت تخبر ماجدة بجميع تحركاته، والنتيجة انها تحملت غضب لبيد وكرهه الواضح لها بعد فعلتها السخيفة تلك...

تستحقين ما يفعله معك يا ميار بل وأكثر منه...

قالتها مؤنبة نفسها لما فعلته، رمت الملف الذي كانت تعمل به على المكتب بضيق فمزاجها لا يسمح لها بان تعمل الان، احنت رأسها نحو الأسفل ساندة اياه على سطح المكتب، بعد لحظات قليلة شعرت بخطوات رقيقة تقترب ناحيتها، رفعت رأسها لتتفاجئ بقطعة أنثوية خالصة تقف امامها ترتدي فستان احمر قصير للغاية مع حذاء ذو كعب عالي اسود اللون وشعرها الأشقر مصفف بعناية، فرغت فاهها بصدمة من جمال المرأة الواقفة امامها والتي تحدثت بنبرة ناعمة قائلة:.

هل لبيد موجود...؟ لقد جئت لأراه...
هزت رأسها اعلى وأسفل بحركة لا إرادية وهي تشير بيدها ناحية باب مكتبه لتسير الفتاة امامها ناحية المكتب وشعرها الاشقر يتطاير خلفها...
تراجعت ميار الى الخلف لا إراديا وهي ما زالت مدهوشه بالفتاة الشقراء التي رأتها منذ قليل، ظلت على هذه الوضعية لفترة لا بأس بها حينما رن هاتف المكتب مخرجا اياها من شرودها، حملته على الفور مجيبة على المتصل ليأتيها صوت غسان وهو يقول:.

اخبري لبيد ان يأتي الي في الحال، هنالك مصيبة وقعت فوق رؤوسنا جميعا...
ثم اغلق الهاتف في وجهها، نهضت من مكانها على الفور وهي تفكر فيما قاله غسان، مصيبة...!
ركضت بسرعة ناحية مكتب لبيد وفتحت الباب وولجت الى الداخل بعجل لتنصدم بشدة مما تراه امامها...

تراجعت الى الخلف لا إراديا وقد اتسعت مقلتاها على وسعيهما بدهشة وصدمة، كان كلا من لبيد وتلك الفتاة يقبلان بعضهما بشغف شديد بوضعية اقل ما يقال عنها فاضحة، وضعت كف يدها على فمها وهي تهز رأسها بعدم تصديق ثم خرجت راكضة من مكتبه تحت انظار لبيد المصدومه...

طوال اليوم وهي تعمل بذهن شارد، تفكر فيه وفِي طريقته القاسية فالتعامل معها، اخطأت وهي تعترف بذلك، فلم يكن عليها ان تخبر والدته بكل تحركاته كما طلبت منها، قد يبدو للبعض ما يحدث غريب، الا انها تربطها علاقة صداقة متينه مع السيدة ماجدة والدة لبيد، انها سيدة طيبة ولطيفة عكس ابنها، وقد طلبت منها في احدى المرات ان تخبرها بما يفعله ولدها لتطمئن عليه، وبالفعل فهي لم تقصر بهذا فكانت تخبر ماجدة بجميع تحركاته، والنتيجة انها تحملت غضب لبيد وكرهه الواضح لها بعد فعلتها السخيفة تلك...

تستحقين ما يفعله معك يا ميار بل وأكثر منه...

قالتها مؤنبة نفسها لما فعلته، رمت الملف الذي كانت تعمل به على المكتب بضيق فمزاجها لا يسمح لها بان تعمل الان، احنت رأسها نحو الأسفل ساندة اياه على سطح المكتب، بعد لحظات قليلة شعرت بخطوات رقيقة تقترب ناحيتها، رفعت رأسها لتتفاجئ بقطعة أنثوية خالصة تقف امامها ترتدي فستان احمر قصير للغاية مع حذاء ذو كعب عالي اسود اللون وشعرها الأشقر مصفف بعناية، فرغت فاهها بصدمة من جمال المرأة الواقفة امامها والتي تحدثت بنبرة ناعمة قائلة:.

هل لبيد موجود...؟ لقد جئت لأراه...
هزت رأسها اعلى وأسفل بحركة لا إرادية وهي تشير بيدها ناحية باب مكتبه لتسير الفتاة امامها ناحية المكتب وشعرها الاشقر يتطاير خلفها...
تراجعت ميار الى الخلف لا إراديا وهي ما زالت مدهوشه بالفتاة الشقراء التي رأتها منذ قليل، ظلت على هذه الوضعية لفترة لا بأس بها حينما رن هاتف المكتب مخرجا اياها من شرودها، حملته على الفور مجيبة على المتصل ليأتيها صوت غسان وهو يقول:.

اخبري لبيد ان يأتي الي في الحال، هنالك مصيبة وقعت فوق رؤوسنا جميعا...
ثم اغلق الهاتف في وجهها، نهضت من مكانها على الفور وهي تفكر فيما قاله غسان، مصيبة...!
ركضت بسرعة ناحية مكتب لبيد وفتحت الباب وولجت الى الداخل بعجل لتنصدم بشدة مما تراه امامها...

تراجعت الى الخلف لا إراديا وقد اتسعت مقلتاها على وسعيهما بدهشة وصدمة، كان كلا من لبيد وتلك الفتاة يقبلان بعضهما بشغف شديد بوضعية اقل ما يقال عنها فاضحة، وضعت كف يدها على فمها وهي تهز رأسها بعدم تصديق ثم خرجت راكضة من مكتبه تحت انظار لبيد المصدومه...

هيا أرتدي ملابسكِ بسرعة...
قالها لبيد بعصبية بالغة للفتاة التي اخذت ترتدي فستانها بسرعة شديدة بينما اخذ هو يغلق ازرار قميصه...
ما ان انتهى من إغلاق اخر زر حتى تحدث قائلا:
سأخرج الان واراها...
اتجه ناحية الباب بخطوات مرتبكة وفتحها ليجد المكتب خالي ولا يوجد به احد، أشار الى الفتاة طالبا منها الخروج في الحال وبالفعل نفذت ما اراده...

بعد ان ذهبت الفتاة وقف في مكتب ميار وهو يفكر في سبب اختفائها وغيابها عن مكتبها، سمع رنين الهاتف فسارع وأجاب عليه ليأتيه صوت صراخ غسان:
لما لم يأتِ لبيد يا ميارر، الم اخبرك ان يأتي في الحال...
انا لبيد يا غسان، ماذا تريد...؟!
انت لبيد اذا، تعال فورا وستعلم ماذا اريد...

قالها غسان بصراخ صم آذانه ثم اغلق الهاتف في وجهه، وضع لبيد يده على آذانه التي بدأ يشعر بطنينها، خرج من مكتب ميار متجها الى مكتب غسان كما طلب منه...
دلف الى المكتب ليجده جالسا هناك وملامحه يبدو عليها الغضب الشديد...
ابتلع ريقه بتوتر وهو يتقدم ناحيته متسائلا بخفوت:
ماذا حدث يا غسان...؟!
اجلس اولا...
آمره غسان بجمود ليجلس امامه بتردد فيرمي غسان احد الملفات في وجهه قائلا بجدية:.

والد دينا ألغى جميع صفقاته معانا، سوف نخسر كل شيء بسببك...
توقعت هذا...
قالها وهو يقلب في أوراق الملف تحت انظار غسان المتقدة غضبا...
ماذا ستفعل الان...؟!
تسائل غسان بجدية ليجيبه لبيد:
لا اعرف، حقا لا اعرف...
ضرب غسان على سطح المكتب قائلا بعصبية:
انت لا تعرف سوى النوم مع العاهرات...
غسان...!
صاح لبيد بحنق واضح ليتراجع غسان الى الخلف بانفاس لاهثة من فرط عصبيته...
تحدث من بين انفاسه اللاهثة المشدودة:.

تصرف يا لبيد، تصرف قبل ان يعلم جدي بما حدث...
حسنا سأتصرف...
اخذ لبيد يفكر في حل لهذه المشكله حينما قال اخيرا بعد دقائق من التفكير:
وجدت الحل...
ما هو...؟!
تسائل غسان بسرعة ليجيبه لبيد بجدية:
دينا، دينا هي الحل...
وكيف هذا...؟!
سأله غسان بملامح ساخرة ليتراجع لبيد الى الخلف مجيبا اياه بنبرة واثقة متعقلة غير آبه لسخريته:
اذا تناست دينا ما فعلته معها، فان والدها سوف يعفو عني...
وكيف ستنسى هذا...؟!

اجابه لبيد بنبرة جادة:
لا يعالج كسر قلب فتاة مثلها سوى حب اخر يدخل اليه...
والمعنى...؟!
اذا دينا احبت اخر غيري فإنها سوف تنسى ما فعلته معها بالتأكيد...
كز غسان على اسنانه بغيظ من تفكيره وهو يقول بنفاذ صبر:
وكيف ستحب دينا اخر غيرك...؟!
نحن من سنجعلها تحب...
هز غسان رأسه بعدم فهم ليستمر لبيد في حديثه موضحا مقصده:.

انت، انت يا غسان ستجعلها تحبك، وحينما تحبك فإنها ستطلب من والدها ان يعود للتعامل معنا من جديد...
انت تمزح بالتأكيد، وإذا لا تمزح فانت اذا انسان غير طبيعي...
قالها غسان بدهشة شديده وهو لا يصدق ما يقوله ابن عمه ثم ما لبث ان صرخ به:
اخرج يا لبيد من هنا، اخرج قبل ان اقتلك بيدي هاتين...
انتفض لبيد من مكانه بسرعة وركض خارجا من المكتب بأكمله...

دلفت الى داخل شقتها وأغلقت الباب خلفها وهي تبكي بشدة، رمت حقيبتها ارضا ثم تقدمت ناحية صالة الجلوس وجلست على الكنبة وهي مستمرة في بكائها، خلعت نظارتها الطبية وأحاطت وجهها بكفي يدها وهي تبكي بعنف، توقفت اخيرا عن البكاء بعد فترة لا بأس بها، مسحت وجهها الاحمر بيديها ثم نهضت من مكانها ودلفت الى داخل غرفتها، اخرجت ملابس بيتية لها ودلفت بعدها الى الحمام لتستحم...

خرجت من الحمام وهي ترتدي بيجامة قطنية وتلف شعرها بمنشفة وردية...
جففت شعرها بالمنشفة وسرحته على شكل ظفيرة، تمددت بعدها على سريرها محتضنة جسدها بوضعية أشبه بالجنين، أدمعت عيناها بقوة وهي تتذكر المشهد الذي رأت به لبيد، لا تظن انها ستنساه ابدا طالما حييت، لقد طبع المشهد في ذهنها والى الابد...

سمعت صوت جرس الباب يرن فنهضت من مكانها بتثاقل، تقدمت بخطوات واهنة نحو الباب وفتحته لتتفاجئ بجارتها ليلى تدلف الى الداخل وهي تبتسم ببهجة قائلة:
مرحبا يا حلوتي...
اغلقت الباب خلفها وتقدمت ورائها وهي تجيبها بضعف:
اهلا يا ليلى...
استدارت ليلى ناحيتها وقد شعرت بثمة شيء ما بها من صوتها وملامحها المتعبة فسألتها بقلق:
ما بك يا ميار، تبدين متعبة...

تفاجئت بها ترمي نفسها باحضانها وهي تبكي بعنف فاخذت تربت على كتفيها بيدها وهي تتسائل:
ماذا حدث يا ميار...؟! لماذا تبكين هكذا...؟!
ابتعدت ميار عنها بعد لحظات وهي تجيبها من بين بكاءها:
القذر الحقير، لقد رأيته معها...
من تقصدين...؟! لبيد التميمي...؟!
وهل يوجد حقير غيره...؟!
ماذا رأيت..؟!
قصت ميار على مسامع ليلى جميع ما رأته لتشهق بقوة وهي تقول:
النذل، كيف يفعل شيء كهذا دون مراعاة لحرمة مكتب عمله...؟!

لا اعلم، لم أتصور انه حيوان الى هذه الدرجة...
لا تزعجي نفسك حبيبتي...
قالتها ليلى وهي تربت على يدها لتقول ميار بدموع:
ما يزعجني من كل هذا اننه احبه، لا اعلم كيف احببت شخص بهذه الأخلاق الوضيعة، الا يوجد غيره لاقع بحبه...؟!
الحب ليس بيدنا يا ميار، انت لم تفكري في كونه زير نساء وحقير الى هذه الدرجة حينما أحببته، لا تلومي نفسك يا حبييتي...
مسحت ميار دموعها بظاهر كفها وهي تقول:
معك حق...

نهضت ليلى من مكانها وهي تقول بجدية:
يجب ان اذهب الان، حتى لا تقلق والدتي لأنني تأخرت عليها...
ابقي معي قليلا...
قالتها ميار برجاء،
سوف أاتي آليك بعد الغداء...
هزت ميار رأسها بتفهم ثم ودعت ليلى وعادت الى غرفتها لتسمع صوت رنين رسالة أتت الى هاتفها...
حملت الهاتف وتطلعت الى الرسالة بمضمونها الذي يقول:
ميار حبيبتي، اين انتِ اخبريني، اعلم انك غاضبة مني وبشدة، عودي الي يا حبيبتي فانا أحتاجك وبشدة...

كان جالسا في غرفته يتابع احد الأفلام الأجنبية على التلفاز، لقد عاد لتوه من السفر بعد ثلاث اشهر قضاها خارج البلاد، شعر بالباب يفتح ويغلق فاستدار الى الجهة الاخرى ليراها تتقدم ناحيته، رماها بنظرات حانقه وهو يقول لها بضجر:
الم تتعلمي ان تطرقي الباب قبل الدخول...؟!

اخذت تتأمل غرفته بانبهار شديد، كانت سوداء قاتمة للغاية مثل لون قلبه، هذا اول ما خطر على بالها، أثاثها اسود بالكامل، واللون الاسود يغلب على حيطانها، كل شيء كان يدل على قوة وسيطرة صاحب هذه الغرفة، كانت تتأمل الغرفة بفاه مفتوح وعينين شغوفتين، نهض من مكانه بعصبية متقدما ناحيتها قابضا على ذراعها بكف يده صائحا بها بغضب:
انتِ، انا اتحدث معك، كيف تدخلين غرفتي هكذا دون إذن مني...؟!

نفضت ذراعها من يده ورمته بنظرات حانقة لتقول ببرود:
رغبت في ان ارى غرفتك، ما المشكله في هذا...؟!
انتِ حقا فتاة وقحة...
وانت شاب مغرور...
احترمي نفسك يا فتاة، انا ابن عمك واكبر منك بعشر سنوات...
كان يتحدث بملامح حادة صارمة ونبرة حازمة جعلتها ترتجف داخليا الا انها لم تظهر له هذا بل انها رمقته بنظرات لا مبالية وأخذت تدور في انحاء الغرفة وهي تقول:
غرفتك أنيقة لكنها كئيبة للغاية، مثلك تماما...

هل انتهيتِ، يمكنك الخروج الان...
التفتت اليه وعلى شفتيها ابتسامة عابثة، اقتربت منه بخطوات بطيئة حتى وصلت اليه لتقول بجدية:
لن اخرج...
رفع عينيه الى الاعلى بنفاذ صبر، اخذ يشتمها في داخله فهو لا مزاج له بتحمل مشاغابتها السخيفة بالنسبة له...
ماذا تريدين بِالضبط يا صفا..؟!
سألها بنبرة جادة ليأتيه ردها الصاعق:
اريدك انت...

لم يصدق ما سمعته أذناه، هل تقول انها تريده...؟ هل تجرأت على قول هذا...؟ لم يتحمل سماع ما قالته فهو كرجل لن يقبل ان يسمع كلام كهذا على لسان ابنة عمه المراهقة، وجد نفسها يصفعها على وجنتها بقوة...
وضعت يدها على وجنتها بصدمة شديدة، اخر ما توقعته منه ردة فعل كهذا، يضربها هكذا بكل سهولة...
انسابت دموعها على وجنتيها بغزارة شديدة، اما هو فقط ضغط على ذراعها بكف يده قائلا لها بعصبية وحزم شديدين:.

اياك ان اسمع الكلام هذا على لسانك مرة اخرى، والا حينها سيكون لدي تصرف اخر غير هذا، هل فهمت...؟!
نفضت ذراعها من يده وخرجت راكضة من غرفته تحت أنظاره الجامدة...
دلفت الى غرفة نادية مغلقة الباب خلفها، جلست على ارضية الغرفة تبكي بشدة، نهضت بعد ذلك من مكانها لتتطلع الى وجهها الباكي في المرأة، مسحت دموعها بعنف وهي تقول بتوعد وكره شديدين:
سوف تندم يا عثمان، اعدك بهذا، وسوف تكون لي، شئت ام ابيت...

كانت تسير في غرفة نومها ذهابا وإيابا بحيرة شديدة بينما اختها ياسمين تتطلع اليها بصمت تام، رفعت رأسها نحو سقف الغرفة بنفاذ صبر وهي تدعو في داخلها ان تجد حلا لهذه الورطة...
اجلسي يا ازل قليلا، ودعينا نفكر بصمت...
جلست ازل بجانبها وهي تقول بدموع محبوسة:
ماذا سأفعل يا ياسمين...؟! من اين سنعيش بعد الان...؟! ماذا لو علم ابي بهذا قبل ان اجد عملا...؟!

تطلعت ياسمين اليها بشفقة ولم تعرف ماذا تقول، سألتها بجدية:
الم تطلبي من السيدة رنا مساعدتك...؟!
اجابتها أزل بجدية:
اخبرتني انها ستسأل زوجها، لكن ماذا اذا لم يجد عملا مناسبا لي...
ما ان اكملت كلامها حتى رن هاتفها لتجد المتصلة رنا، ضغطت على زر الاجابه بسرعة وهي تقول:
مرحبا سيدة رنا...

مرحبا ازل حبيبتي، هاتي البشرى، لقد وجدت لك عملا في شركة زوجي، انهم بحاجة لعاملات نظافة، وهو تحدث مع المسؤول عن هذا ووافق على تعيينك...
حقا...!
صرخت بعدم تصديق ثم ابتسمت بسعادة حقيقة وهي تقول لها بشكر وامتنان:
اشكرك كثيرا سيدة رنا، لا اعرف ماذا اقول لك حقا...
قاطعتها رنا:
لا تقولي شيئا حبييتي، سوف ابعث لك عنوان الشركة برسالة، اذهبي غدا صباحا الى هناك...
حاضر...

اغلقت الهاتف بعد ان حيتها ثم استدارت ناحية ياسمين وهي تصرخ بسعادة:
لقد وجدت عمل، وجدت عمل يا ياسمين...
قفزت ياسمين من مكانها بسعادة لتحتضنها ازل بقوة وهي تحمد ربها في داخلها انها وجدت عملا بهذه السرعة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة