قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية سجينة قلبه للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية سجينة قلبه للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية سجينة قلبه للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

ده مش طريق الفيلا ياحسن
أغمض آوس عينيه للحظة وهو يستمع الى عبارة حور القلقة ثم فتحهما وفى عينيه ارتسم التصميم، ليتوقف على جانب الطريق ويلتفت اليها قائلا:
آسف جدا
عقدت حاجبيها فى حيرة لا تفهم لم توقف حسن ولم يعتذر، حتى تفاجأت برزاز يرش على أنفها وبدأت الرؤية تبدو مشوشة أمامها لتغرق بعدها فى سبات عميق، ألقى عليها آوس نظرة أخيرة آسفة ثم التفت أمامه ليقود السيارة مجدد الى وجهته ليكمل خطته الانتقامية.

كانت حور تشعر بصداع شديد، تحاول ان تفتح عينيها ولكنها لا تستطيع، ظلت هكذا للحظات ثم مالبثت أن بدأت فى فتح عينيها ببطء لترى تلك العينين التى سحرتها مجددا، ظنت انها تحلم فابتسمت وهى تغلق عينيها لتعود اليها الأحداث مرة واحدة ففتحت عينيها مرة واحدة وهى تعقد حاجبيها لتجده يحدق بها ببرود، ابتلعت ريقها قائلة:
أنا فين؟
ثم ألقت نظرة سريعة على محيطها مستطردة وهى تعود اليه بعينيها قائلة:.

وايه اللى جابنى هنا؟
لم يرد عليها وانما تأملها فى صمت قاتل، ابتلعت ريقها فى توتر قائلة:
مبتردش ليه ياحسن؟
اقترب آوس من وجهها ليحدقها بنظرة حادة وهو يقول:
أنا مش حسن
عقدت حاجبيها وكادت ان تتحدث لولا أن أشار اليها آوس بالصمت قائلا فى برود:
انا اسمى آوس، اما بقى سبب وجودك هنا فدى حكاية طويلة اوى هتعرفيها بعدين، اللى يهمك دلوقتى تعرفيه انك مخطوفة، وهتفضلى مشرفانى لغاية ماوالدك يدفع الدين اللى عليه.

ازداد انعقاد حاجبيها قائلة فى حيرة:
دين ايه؟
تجمدت عينا آوس من البرودة وقست ملامحه وهو يقول فى حقد:
دين كبير اوى لازم يدفعه وساعتها بس هتتحررى من سجنى
هزت رأسها فتطاير شعرها الحريرى حول وجهها فى رقة شتت انتباه آوس للحظة ليستعيد انتباهه على كلماتها القائلة فى حيرة:
انا مش فاهمة حاجة خالص
قال بسخرية:.

مش لازم تفهمى كل حاجة دلوقتى، كل شئ بأوانه، انا هسيبك دلوقتى وهرجعلك بعدين، الفيلا فى منطقة مقطوعة والابواب مقفولة والشبابيك عليها حديد، والحراسة برة الفيلا، اما جوة الفيلا فكونى على راحتك، الاكل فى التلاجة، بس لو فكرتى تهربى هتكونى الجانية على روحك، فاهمة ولا لأ؟
اومأت برأسها دون ان تنطق بحرف، فالتفت يغادر الحجرة ولكنه توقف حين قالت فى رقة:
آوس.

اغمض عينيه وهو يستمع الى اسمه لأول مرة من فمها، هل ازدادت دقات قلبه ام تلك هى فقط اوهامه؟
فتح عينيه واستدار فى هدوء ينظر اليها فى صمت فتنحنحت قائلة:
احم، لو سمحت عايزة شنطة هدومى
عقد حاجبيه فى دهشة فمن المؤكد انه لم يتوقع كلماتها مطلقا، قالت فى خجل:
اصل، يعنى محتاجة آخد شاور وأغير
ازدادت دهشته وظل صامتا للحظة ثم مالبث ان عاد الى بروده قائلا:
حضرتك مخطوفة مش جاية تستجمى
نظرت اليه قائلة فى هدوء:.

عارفة انى مخطوفة ومسجونة كمان بس حتى المساجين ليهم حقوق ولا ايه؟
عقد آوس حاجبيه فى تفكير، يتعجب من موقفها الهادئ، لقد توقع صراخها او حتى بكائها ولكن تقبلها الأمر بهدوء وعقلانية يعجز عنها بعض الرجال، هذا مالم يكن يتوقعه على الاطلاق، نظر اليها قائلا:
شنطتك هتكون عندك، وبحذرك لآخر مرة، ياريت متتهوريش والا هتندمى.

اومأت برأسها فالتفت مغادرا الحجرة فى خطوات حازمة تتبعه نظراتها، وما ان اغلق الباب حتى أخذت حور نفسا عميقا ثم قالت:
ياترى ايه حكايتك ياآوس؟

تأملت الحجرة مرة أخرى ثم اقتربت من الشباك لتفتحه، وجدت السياج الحديدى فنظرت من خلاله لترى آوس يتحدث مع رجلين على البوابة الخارجية ليرفع نظره اليها فى نظرة طويلة احتارت فيها ليلبس بعد ذلك نظارته السوداء ليزداد غموضا وجاذبية ويركب سيارته منطلقا بها تتبعه عيناها، تنهدت ثم نظرت الى السماء قائلة فى همس:
الحمد لله.

كانت عيناه تتجولان فى أنحاء المنزل، يبحث عن صغيرته التى اشتاق اليها، منذ ذلك اليوم المشئووم، عاقبته صغيرته بحرمانه من رؤيتها، كم ود فى كثير من الأحيان لو يعود فقط كى يراها، ولكنه كان يتراجع فى اللحظة الاخيرة وهو يقنع نفسه ان ما يفعله هو من أجلها، تابع اخبارها من بعيد، يعلم انها اصبحت مصممة ازياء مشهورة رغم صغر سنها، ويعلم انها تمتلك دارا للأزياء بالشراكة مع ابن عمها، لطالما امتلكت الموهبة ولطالما أثارت اعجابه، كان دائما ما يحمل لها شعورا خاصا، هو مزيج من الاعجاب بروحها الطيبة المرحة وموهبتها، الى جانب مسئوليته عنها، ويوم سفره اكتشف ان مشاعره تجاهها تخطت الاعجاب، التقت عيناه بعينى سعاد المتسائلتين وهى تقول:.

بتدور على حاجة ياقصى؟
ابتسم قائلا:
بدور على اميرة، وحشتنى شقاوتها
ابتسمت سعاد قائلة:
شقاوة ايه ياقصى؟ده كان زمان، اميرة بقت حاجة تانية خالص
عقد قصى حاجبيه قائلا:
ازاى يعنى؟
نظرت سعاد الى نقطة ما خلفه وهى تقول:
اهى قدامك، احكم بنفسك.

التفت قصى الى حيث تنظر سعاد، فاذا به يقف مشدوها وهو يشاهد تلك الحورية رائعة الجمال، والتى تنزل السلم فى رقة، تأملها سريعا وهو يرى كم تغيرت، لولا عينيها المميزتين ما عرفها قط، لقد فقدت الكثير من وزنها، وازداد وجهها جمالا ورقة ونضجا، وطال شعرها الناعم ليصل الى منتصف ظهرها وهنا التقت عينيه الرماديتين بعينيها الزيتونيتين، فارتجف قلبه بشدة، لاحظ برودة عينيها ونظرة الثقة بهما، وهى تتجه اليه بخطوات ثابته ثم مالبثت ان وقفت امامه تماما فاستنشق عبيرها الآخاذ وهى تمد يدها اليه قائلة:.

حمد الله ع السلامة ياقصى
هل ازداد اسمه جمالا ام كان جماله فقط هو نطقها اياه بكل رقة ونعومة أنثى، مد يده اليها يصافحها قائلا:
الله يسلمك يااميرة
هل ارتعشت يداها ام انه تخيل ذلك، سحبت يدها من يده بهدوء قائلة:
كان نفسى اقعد معاكوا اكتر من كدة، بس مضطرة امشى عندى meating، مهم جدا ومقدرش اتأخر اكتر من كدة
قال قصى وهو ينظر اليها بعتاب:
يعنى خمس سنين مشفناش بعض يااميرة واول ما آجى تخرجى.

نظرت اليه وهى تبتسم ابتسامة لم تصل الى عينيها قائلة:
هعمل ايه بقى ياقصى، انت بيزنس مان وعارف يعنى ايه الشغل مبيرحمش، سلام مؤقت
ثم نظرت الى والدتها التى كانت تبتسم وهى تتابعهم فى صمت قائلة:
عايزة حاجة ياماما؟
قالت سعاد:
عايزة سلامتك ياقلبى، متتأخريش عشان عايزين نتجمع ع العشا زى زمان
قالت اميرة وهى تسرع بالخروج:
ما اظنش هقدر، احتمال كبير أتأخر، يلا باااى
تابعها قصى بعينيه، وهو فى حيرة من امره، تلك.

الفتاة التى غادرتهم الان لم تكن باى شكل من الاشكال تلك الفتاة التى لطالما احبها وتعلق بها، اميرة كانت فتاة خجولة جميلة الوجه رغم زيادة وزنها، اما تلك الفتاة فهى رائعة الجمال تملك الكثير من الثقة بالنفس، ولكن تغلفها هالة ثلجية تمنع الاقتراب منها، ربما هى قناع تحمى به نفسها من الصدمات كتلك الصدمة التى اصابها بها قديما، تذكر ما حدث بينهم قديما كما لو كان بالامس، تذكر شعوره وقتها وكم تأثر بمشاعرها رغم انه لم يظهر ذلك، تذكر قبلتها وكم تأثر بها واستسلم لها فى بادئ الأمر، ولكنه افاق بسرعة ليبعدها عنه ويسمعها تلك الكلمات البغيضة التى آلمته قبل ان تؤلمها، ولكنه ارادها ان تفيق من اوهام مراهقتها ووهمها الشديد بحبها له، كم آلمه عقابها له بحرمانه من رؤيتها خاصة وقو اكتشف فى ذلك اليوم حبه لها، والذى اشعره بالذنب لعشقه لطفلة، مراهقة صغيرة، فآثر هو الآخر الابتعاد، مراهقته الصغيرة صارت امرأة تخلب الألباب، وتسرق القلوب، تساءل فى وجل، هل تخلت اميرته عن حبها له، هل تعلقت بآخر، وهل سرقت قلب احدهم، ربما ابن عمها جاسر؟هل سامحته على كلماته القديمة، هل سيستطيع محو تلك الذكرى؟.

هل ستسمح له بالتقرب منها، انه امر يشبه المستحيل، ولكنه قصى الرفاعى، لايعرف المستحيل ولا ييأس ابدا، وستكون أميرته له مهما طال الزمن.

استندت اميرة برأسها للخلف وهى تجلس داخل سيارتها واغمضت عينيها فى ألم وهى تضع يدها على قلبها تهدئ من ضرباته المتسارعة، كانت تخشى لقاءه، تخشى ان تكتشف انه مازال يأسرها بهواه، رغم مرور تلك السنوات ورغم ما فعله بها، منذ اللحظة الأولى التى وقعت فيها عينيها عليه، أدركت أنها لم تنسى عشقه يوما، جذبتها عيناه الرماديتين وسارعت من دقات قلبها، وكانت لمسته هى الضربة القاضية، لتدرك وبلا أدنى شك أنه مايزال متربعا على عرش قلبها ودون منازع، زفرت بقوة تكره ضعفها أمامه وتعلق قلبها به، وتعجبت من نفسها، كيف لا زالت متيمة بعشقه باقية عليه بعد اهانته لها واستهانته بحبها، كيف ظل قلبها أسيرا لهواه بعد فراق دام سنوات، وكيف ستعيش معه تحت سقف واحد وتراه كل يوم وهى تحمل له تلك المشاعر؟وهو لا يراها تليق به كامرأة، ثم عقدت حاجبيها وهى تتذكر نظرته المتفحصة لها والتى حملت فى طياتها اعجابا واضحا للغاية بها..

لأول مرة يراها كأنثى، ابتسمت فى سعادة فرحة بأنها وأخيرا نالت ماتتمنى ثم مالبثت ان نفضت افكارها ومحت تلك الابتسامة وهى تؤنب نفسها على سذاجتها قائلة:
فوقى ياأميرة من اوهامك، حتى لو شايفك دلوقتى زى ما كان نفسك يشوفك، فمتنسيش ان اللى لفت نظره دلوقتى ليكى هو شكلك وبس، شكلك اللى مكنش عاجبه زمان، تفتكرى واحد زى قصى بيبص للشكل وبس هينفع تسلميله قلبك من تانى؟
ابتسمت بسخرية وهى تستطرد قائلة لنفسها:.

وهو انتى لسة هتسلميله قلبك ياناصحة؟هو أصلا ملكه من زمان
واغمضت عينيها مستحضرة صورة قصى فى خيالها وهى تقول فى تحدى:
مبقاش أميرة ياقصى لو ما خليتك تحبنى، لأ، تعشقنى ومتطولنيش، انا وانت والزمن طويل ياقصى، وطارى مبسيبوش ياقصى وده وعد منى ليك.

يا أس أس تعالى هنا متتعبنيش
نطقت رقية بتلك العبارة وهى تجرى وراء أسامة بطبق الطعام، فضحك أسامة قائلا:
كفاية ياروكا، انا شبعت
ابتسمت رقية قائلة:
المعلقة دى وخلاص
حرك أسامة حاجبيه صعودا ونزولا قائلا:
طب احلفى
نظرت اليه رقية فى عتاب قائلة:
وهى روكا بتكذب بردو ياأسامة؟
اقترب منها أسامة ليضمها قائلا:
لأ، روكا مبتكذبش
ابتسمت فى حنان ولكنها تظاهرت بالعبوس قائلة:
تؤتؤ، روكا زعلانة.

رفع اليها وجهه الطفولى البرئ ليقول فى رجاء:
طب أسامة يصالح روكا ازاى؟
نزلت الى مستواه قائلة وقد انفرجت أساريرها لتقول فى مرح:
يحضنها حضن كبير ويبوسها بوسة كبيرة اوى.

قبلها الصغير واحتضنها فى سعادة فضمته اليها فى حنان وقلبها يبكى على هذا الصغيرالذى يفتقد الى حنان أمه الذى غدروا بها، حقا لا يشعر باليتيم الا من جرب احساس اليتم، ربما شعور رقية هو الأصعب فوالدة أسامة توفاها الله، اما والدتها فحية ترزق ولكنها بالنسبة لرقية كالمتوفاة تماما، مسحت دمعة سقطت منها سهواوهى تقول فى مرح:
يلا بقى كل المعلقة دى وانا اجيبلك أحلى أيس كريم
ابتسم أسامة فى سعادة قائلا:
بالشيكولاتة.

اومأت برأسها قائلة فى حنان:
بالشيكولاتة ياأس أس
صفق أسامة بيديه وأكل فى سعادة تتابعه عينا رقية وقد انتقلت سعادته البريئة اليها لتدفن تلك الذكريات الحزينة مرة اخرى قبل ان تسيطر عليها.

أيوة ياعزت، تمام اوى كدة، بلغنى بالتطورات أول بأول
أغلق آوس هاتفه بعد ان اطمأن بعد تلك المكالمة. لو صح ما يقوله عزت سيدمر سعيد المنياوى تدميرا شاملا، نظر الى هاتفه مرة اخرى وقرر انه أن الاوان لاجراء تلك المكالمة التى ارادها، ضرب الرقم واستمع الى رنين الهاتف قبل ان يجيبه ذلك الصوت المقيت قائلا:
الو
قال آوس فى هدوء يخالف مشاعره الثائرة:
سعيد المنياوى؟
قال سعيد فى ملل:
ايوة، مين معايا؟
قال آوس:.

انا اللى خطفت بنتك
قال سعيد فى دهشة:
بنتى مين؟
قال آوس:
هتكون مين يعنى؟حور طبعا وانت عندك كام بنت؟
قال سعيد فى حدة:
انت مين؟
قال آوس:
مش مهم تعرف انا مين، بكرة هستناك على الطريق الصحراوى عند الكيلو، الساعة 4، ومعاك مليون جنيه هوديك ساعتها لحور، ولو مجيتش هتبقى الجانى على بنتك
قال سعيد فى غضب:
انت ياحيوان بتهددنى؟
قال آوس فى صرامة:.

ياريت تحترم نفسك ياسعيد والا مش هقدر استنى لبكرة وبنتك هبعتهالك جثة فى كرتونة انهاردة
جز سعيد على أسنانه قائلا:
هكون بكرة فى الميعاد والمكان، بس وحياة أمك لهخليك تدفع التم...
اغلق آوس الهاتف فى وجهه قبل ان يكمل جملته فنظر سعيد الى هاتفه فى صدمة ليستشيط غضبا وينادى بصوت عال قائلا:
رفعت، رفعت، انت يازفت
هرول رفعت الى الداخل قائلا فى قلق:
خير ياباشا
نظر اليه سعيد فى غضب قائلا:
مش خير ابدا.

وخط بيده عنوان على ورقة صغيرة ثم ناوله الى رفعت قائلا فى صرامة:
بكرة الساعة 4 تاخد الرجالة على العنوان ده، هتلاقى واحد مستنى فى ربية سودا رباعية، عايز خبره، مش عايز تطلع عليه شمس يوم جديد، مفهوم؟
أومأ رفعت برأسه وهو يغادر الحجرة لينفذ اوامر رئيسه فى حين نظر سعيد الى النافذة قائلا فى غضب:
متخلقش اللى يهدد سعيد المنياوى ويفضل عايش، اللى يفكر بس يهددنى او يلوى دراعى يبقى حفر قبره بايده، الله يرحمك بقى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة