قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الخامس

رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الخامس

رواية زوجتي المنبوذة للكاتبة سارة علي الفصل الخامس

دلفت نوران الى غرفتها، جسدها كان يرتجف بالكامل، ما زالت كلمات مروة تتردد داخل اذنها، لا تصدق ما سمعته، لقد قالت ان عمها قتل والدته، هل يعقل شيئا كهذا...؟ عمها الرجل الطيب يقتل...؟!
جلست على السرير محتضنة جسدها بذراعيها والافكار المشوشة تأتيها من كل صوب...
فجأة فتح الباب ودلف تميم الى الداخل لتنهض من مكانها وتتقدم منه قائلة بسرعة:
هل ما قالته مروة صحيح...؟

رماها بنظراته الباردة قبل ان يتجه نحو خزانة ملابسه فيخرج منها بنطال اسود وقميص ابيض اللون...
اجبني...
قالتها باصرار وهي تقف امامه مانعة اياه من الدخول الى الحمام الملحق بالغرفةة...
ماذا تريدين ان تعرفي...؟!
سألها بجدية لتجيبه:
كل شيء، اريد معرفة كل شيء...
رد تميم ببساطة:
اسألي عمك فهو يعرف كل شيء...
ولكن انا اريد معرفة كل شيء منك انت...
وهل ستصدقيني...؟!

قالها بنبرة ساخرة لتومأ برأسها قائلة بصوت هادئ مس قلبه:
نعم سأصدقك...
اخذ نفسا عميقا قبل ان يقول:
لا مقدرة لدي على الحديث، افهميني من فضلك...
تطلعت نوران اليه بخيبة ثم قالت:
انا اعرف جيدا انك لست بهذا السوء الذي تحاول ان تظهر به، وإلا ما كنت رضيت ان تتزوجتي وتنقذني من الفضيحة، الذي يفعل شيء كهذا يحمل في داخله الكثير من الطيبة حتى لو يحاول ان يبين لنا العكس...
هم تميم بالرد عليها الا انها قاطعته:.

اعرف جيدا ما تريد قوله، تريد ان تخبرني بأن كلام مروة صحيح وأنك تزوجتني لتنتقم من والدك، ولكن هذا الكلام كله لا يهمني، قد يكون الانتقام هو احد دوافعك، لكن هذا لا ينفي فكرة انك انقذتني من فضيحة كانت ستلاحقني طوال عمري...
غريب، لم يكن هذا موقفك في بادئ الامر...
قالها تميم بتعجب لترد نوران عليه:.

معك حق، لقد تصرفت بجنون وقتها، لم اكن بكامل وعيي، لكن حينما نظرت الى الامر من جوانب اخرى فهمت قيمة ما فعلته...
وفجأة مدت يدها لتلمس ذراعه فيشعر بشرارة غريبة تحتل ذلك المكان الذي لمسته بينما اكملت نوران بنبرتها الهادئة:
انت تحمل بداخلك الكثير، الكثير مما ارغب في معرفته، اعرف ان الطريق إليك صعب، لكنني قادرة على اجتيازه، فقط ثق بي، وامنحني صلاحية عبوره...

قالت كلماتها الاخيرة وتركته، تركته حائرا يفكر في معنى كلامها الغريب والمختلف...

في صباح اليوم التالي...
هبطت نوران درجات السلم متجهة الى غرفة الطعام...
وجدت تميم هناك وقد بدأ في تناول طعامه، القت تحية الصباح عليه وجلست في مكانها وبدأت في تناول طعامها...
دخلت الخادمة عليهما بعد لحظات ووجهت حديثها الى تميم قائلة:
سيد تميم هناك ضيوف في الخارج...
ضيوف من...؟!
سألها تميم متعجبا من وجود ضيوف في هذا الوقت المبكر من الصباح لتجيبه الخادمة:
السيد حسين والانسة دينا...

انتفض تميم من مكانه فورا ما ان سمع بأسم الضيف القادم ثم ذهب مسرعا الى صالة الجلوس غير منتبه لنوران التي اخذت تتابع الموقف بحيرة...
دلف تميم الى صالة الجلوس وتقدم من الرجل العجوز قائلا بسعادة جلية:
جدي واخيرا عدت...
ضمه الجد بفرحة هو الاخر واخذ يربت على ظهره...
ابتعد تميم عن احضانه قبل ان ينتبه الى دينا الواقفة تتابعه بعينين مفتونتين به...

ابتلع تميم ريقه بتوتر قبل ان يتقدم ناحيتها ويحييها، التقط يدها الممدودة ليشعر برجفة غريبة تسري داخل اوصاله، تأملها بشغف لم يستطع ان يخفيه، لقد اشتاق لها ولملامحها الذي حفظها عن ظهر قلب...
كيف حالك دينا...؟!
اجابته دينا بابتسامة عذبة:
بخير، وانت كيف حالك...؟!
رد عليها:
بخير...
حرر اخيرا يدها من يده ثم جلس على الكرسي المقابل لهما...
اخذوا يتحدثون بمختلف المواضيع...

استمر حديثهم لاكثر من ربع ساعة حينما دلفت نوران فجأة الى صالة الجلوس...
انصدم تميم من اقتحامها الصالة بهذه الطريقة لينتبه انه نسيها خلال زحمة لقاءه بجده ودينا...
مرحبا...
قالتها نوران بابتسامة قبل ان ينهض تميم من مكانه قائلا بنبرة متوترة:
جدي، اعرفك نوران ابنة عمي...
اختفت ابتسامة نوران تدريجيا من طريقة تعريف تميم لها بينما انكمشت ملامح الجد بضيق ما ان عرف هويتها لتكمل نوران بتحدي:
ابنة عمه وزوجته...

شهقت دينا بقوة ما ان سمعت ما قالته نوران بينما اغمض تميم عينيه بضياع اما الجد فقد انتفض من مكانه بعصبية وقال:
ماذا تقولين انت...؟! هل هذا الكلام صحيح يا تميم...؟!
اومأ تميم برأسه المنكس ارضا ليقول الجد بغضب:
كيف تفعل شيء كهذا...؟ تتزوج دون اذني، وممن...؟ من ابنة اخ قاتل والدتك...
تأملت نوران دينا التي تحاول جاهدة اخفاء دموعها...
اما تميم فقال محاولا اصلاح الموقف:
جدي اسمعني...

ماذا اسمع...؟! اخبرني، كيف ستبرر لي فعلتك هذه...؟!
جدي دعنا نذهب...
قالتها دينا بدموع ليرد تميم بلهفة:
كلا يا دينا لن تذهبا...
شعرت نوران بأنها شيء شفاف لا محل له من الاعراب بينهم، وكأن ليس لها وجود من الاساس...
تحدث تميم قائلا بترجي:
جدي، دعنا نتحدث من فضلك...

هم الجد بالرد عليه الا انه توقف في نفس اللحظة حينما وقعت دينا على الارض فاقدة للوعي ليركض تميم ناحيتها بسرعة تحت انظار نوران الذاهلة والتي تأكدت من ان زوجها العزيز يعشق تلك المدعوة دينا...

دلفت نوران الى غرفتها وهي تكاد تتأكل من شدة الغيظ، لا تعرف لماذا شعرت بغضب كبير مما حدث...!
لقد اذاها منظر تميم وهو يركض تجاه دينا ويحملها بين يديه...
لم تتحمل ان تبقى معهم ففرت هاربة من امامهم بسرعة متجهة الى غرفتها...
اخذت تسير داخل الغرفة ذهابا وايابا وهي تسب وتعلن تميم في داخلها..
لماذا عليها ان تعيش وسط هذا الكم من الفوضى...؟!
هل كتب عليها الشقاء...؟

هل كتب عليها ان تتلقى الاذى من اولاد عمها كلا على طريقته الخاصة...؟
ابتلعت غصة قوية داخلها وهي تتذكر ما فعله بها نزار، نزار الذي تناسته خلال الايام الفائتة...
نعم بالفعل نسته ولم يعد يحتل افكارها فتميم استطاع ان يسيطر على افكارها بعد ان اقتحمها ببراعة...

لفتت انظارها صورة تجمعها بتميم التقطها لهم المصور يوم زفافها، كان تميم يبتسم ملئ فمه وكأنه حصل على جائزة عمره اما هي فالشرود والحيرة يسيطران عليها..
حملت الصورة بين يديها واخذت تتأمل تميم بتمعن، كم وجدته جذابا ووسيما خاصة بابتسامته المشعة تلك والذي زادته جاذبية ووسامة...
انتبهت الى طريقة تفكيرها فابعدت الصورة عنها فورا وعادت افكارها ناحية تلك المسمى دينا...

من الواضح ان تميم يحبها، ولا يوجد شيء يثبت عكس ذلك...
زفرت انفاسها بضيق وهي تجلس على السرير واضعة رأسها بين كفيها، تفكر في كل ما يدور حولها، نهضت من مكانها بعدها واتجهت الى خزانة ملابسها، اخرجت منها ملابس للخروج وارتدتها على عجل...
خرجت من باب غرفتها وهي تدعو الا يراها احد خاصة ذلك الجد الغاضب و تلك الملعونة دينا، نعم لقد اصبحت ملعونة بالنسبة لها...

بالفعل استطاعت ان تخرج من الفيلا دون ان يراها احد فيبدو ان زوجها العزيز مشغول بتلك الملعونة وكذلك الجد الغاضب...
استأجرت سيارة تاكسي واتجهت الى شركة عمها...
وصلت بعد حوالي نصف ساعة الى هناك فاتجهت مباشرة الى مكتب عمها ولحسن حظها وجدته هناك...
استقبلها عمها بابتسامة بشوش سرعان ما اختفت وهو يلاحظ الاسى والالم واضحا على ملامح وجهها...

وما ان سألها عن حالها حتى انهارت بين يديه باكية واخذت تسرد ما حل بها منذ زواجها من ابنه...!
انتهت نوران من سرد كل شيء على مسامع عمها لينتفض من مكانه غاضبا وهو يقول:
لقد زودها كثيرا هذا الولد، سوف اذهب اليه بنفسي واتصرف معه...
الا ان نوران اوقفته عما ينزي فعله:
ارجوك يا عمي لا تذهب اليه، انا لم أاتي الى هنا لتحاسبه او تتحدث معه...

استغرب العم كثيرا مما قالته فهو لم يتوقع منها ان تمنعه من الذهاب الى تميم ومحاسبته اما نوران فقالت اخيرا بانفاس متهدجة من شدة البكاء:
انا فقط جئت لافضفض لك وايضا لأعرف شيء واحد منك...
سألها العم متعجبا:
شيء ماذا...؟!
اجابته نوران بتردد:
ما علاقتك بموت والدة تميم...؟!
حبس العم انفاسه داخل صدره فهو لم يتوقع سؤال كهذا من نوران، وحينها ادرك بأن نوران عرفت كل شيء وفهمت سبب ابتعاد تميم عنه...

هذا موضوع خطير وانا لا استطيع التحدث عنه...
شيء واحد اريد معرفته منك، هل انت كنت السبب في موتها...؟!
كانت نظراتها ونبرة صوتها تترجاه ان ينفي ما قالته، تتوسل اليه ان ينكر فهي ليست بصدد تحمل فجيعة كهذه...
كلا، لم يكن لي اي علاقة بموتها...
تنفست نوران الصعداء فهي تثق بعمها وكلامه بينما اردف العم:
لا تضغطي علي اكثر من هذا يا نوران، ولا تتوقعي مني ان اخبرك اي شيء اخر يخص هذا الموضوع..

كلا لن اضغط عليك، لقد عرفت ما اريده...
اقترب العم منها وقال:
انا يجب ان اتحدث مع تميم، يجب ان يفهم انني لن اسمح له بإيذائك...
ارجوك يا عمي لا تتدخل بيني وبينه، انا اعرف جيدا كيف اتصرف معه وأوقفه عند حده...
قال العم بدهشة:
لما كل هذا الرفض...؟ هل نسيت بأني عمك وبمقام والدك...؟!
ردت نوران بجدية:
كلا لم انسَ، ولكنني اعرف جيدا ما افعله، ارجوك افهمني..
اذعن العم لكلامها اخيرا فقال بعدم اقتناع:
كما تشائين...

منحته نوران ابتسامة صافية قبل ان تقول:
انا يجب ان اذهب الان، أراك لاحقا...
لا تنسي ان تزوري والدتك، انها تشتاق إليك كثيرا...
قالها العم وهو يقبل نوران من وجنتيها...
خرجت نوران من مكتب العم وشعور الراحة يسيطر عليها فهي على الاقل تأكدت من براءة عمها من دم والدة تميم، الان فقط ستتصرف وتفعل ما تريد براحة ودون ادنى تأنيب ضمير...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة