قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل العاشر

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل العاشر

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل العاشر

- انت بتتكلم بجد يا شهاب؟ وبعدين انا بقولك تتكلم معاها مش تبقى دبش وكمان يشوفكم بواب العمارة فى وضع لاسمح الله
نطقت بها ورد المندهشة من ما يتفوه به شهاب، لا تصدق الذى امامها فعل كل ذلك؟!، تعلم شهاب جيداً لا يبدر منه اي من تلك التصرفات الهوجاء والطائشة!
غمغم فى ضيق واضح وهو يسب ويعلن ذلك المدعو بحمدي!
- انا مكنتش اعرف ان ده هيحصل اصلاً او حد ممكن يظهرلي فجأه كده.

- ها كمل وبعدين عملت ايه بعد ما شافكم؟
هتفت بها ورد بفضول وهي تحثه على استئناف حديثه وكأنها لا تعلم ما حدث بعد ذلك!
- قولتلك قبل كده، معملتش ولا حاجه محستش بنفسى غير إني بقوله إني خطيبها
شهقت ورد بصوت خفيض وهي تضع بكفها على شفتيها
- يالهوووى المسأله اتلخبطت واتعقدت جداً يا شهاب ده مش بعيد بعد اللي قولته ده انها ي...
قاطعها بحنق
- يا ورد بقالك اكتر من ساعه بتعيدي وتزيدى فى الكلام.

عدة ضحكات رنانة أطلقتها وهي تلعب بحجابها بمكر
- اصل انا لغايه دلوقتي مش مصدقة اللي انت عملته اصلاً ده لو حد غيرك حكالي مكنتش صدقته
- واديني عملت ادي حلول بدل ما انتي بتسمعيني نفس الكلام
حكت طرف ذقنها مصطنعة التفكير أمام نظرات عيناه الحانقة والمرتقبة
- مش عارفه يا شهاب
- نعم قاعد معاكي بقالي ساعة وسايب شغلي وتقوليلي فى الاخر مش عارفه.

صدح صوته غاضباً امامها وهو يسب ويلعن بكلمات بذيئة على فعلته المتهورة، شدد بأنامله على خصلات شعره محاولاً أن يجد حلاً...
راقبت انفعالاته وسكناته تشعر أنه ما زال كالطفل الصغير من يريد أن يرشده إلى الطريق الصحيح، شق ابتسامه أخذت طريقها إلى شفتيها وهي تفكر وتعيد وتحلل ما قاله،
عندما لم تصل إلي الحل فى الوقت الحالي هتفت بابتسامة عريضة.

- استهدي كده بالله وعدي اليوم على خير و هتتحل بأذن الله، انت روح شغلك دلوقتي وانا ههحاول اشوف حل
رد بضيق وهو يشعر بضيق يكتم أنفاسه
- لما نشوف يا ورد.

تتوالى الأيام وتتبعها الليالي وكل يوم تؤكد حدسها انها تهورت او تورطت بتلك الزيجة، منذ آخر مقابلة لم تراه بعد ذلك اليوم، تطلعت إلى الرقم الخاص به فى هاتفها، تذكرت عندما أخذت رقمه من حمزة وهي تشعر بأن الأرض سوف تبتلعها بسبب نظراته الماكرة والغامضة،.

تريد محادثته، عده دقائق في محاربة بينها لمهاتفته وبين عقلها بعدم مهاتفته، صراع كبير جعل عقلها يفوز من الجولة الأولى، تأففت بحنق وهي ترمي بهاتفها على احدى الطاولات وهي تزجر نفسها ماذا ستخبره؟ قد مر على زواجهما أكثر منذ شهر والليلة سترحل عائلتها بعد أن قام الطبيب بالتأكد من عدم وجود أي مضاعفات،.

إن كان سيفعل ذلك معها ويتركها بمفردها، سترحل مع عائلتها، ستفر هاربة منه ومن ذلك المكان الغريب ولكنه لن يتركها، تعلم بل متأكده بأنه لن يسمح لها بأتخاذ أي خطوة خارج تلك المدينة.
وضعت كلتا كفيها على وجهها وهي تستسلم إلي ذلك المصير المجهول، طريق مظلم لا تعلم اين بدايته وأين نهايته؟ ولا يوجد معها سوى مصباح صغير يجعلها ترى فقط ما اسفل قدميها وبالكاد ترى ما أمامها على بعد مترين، تتخذ خطوات بطيئة جداً.

- يا رب
تفوهت بها فى سرها وهي تناجي ربها، لا ملجأ لي سواك يا الله
استجمعت شتات نفسها وأخذت تسحب أكبر كمية هواء الي رئتيها لتستعد لمواجهته اليوم، اليوم سيأتي وبعدها سيصطحبها إلى عائلته كما أخبرها حمزة
ابتسمت بتهكم، تعلم أخباره من حمزة، حمزة مجرد همزة الوصل بينهما.

توقفت سيارة فاهرة عند البوابة الرئيسية للمبنى آسفه بل ناطحة سحاب مبني شاهق وضخم تعتبر من أهم الشركات الرئيسية فى لندن للتجارة العالمية، تتبعها عدة من سيارات الدفع الرباعي خلفها، ليسرع السائق يترجل من السيارة وفتح الباب الخلفي لسيده، ورجال الحراسة الخاصة هبطوا من السيارة وكلا منهما يتخذا موقعه
ترجل زين ببذلته السوداء واضعا نظارة قاتمة على عيناه وفي يده اليمني يحمل حقيبته السوداء،.

هيئته تخطف الأنفاس وتسرق قلوب الكثير من النساء، تعبث أيضا مظهر رجولي طاغي وجاذبية مهلكة،
بخطوات رشيقة يتبعه حارسان للداخل، فتح رجل الأمن الباب على مصراعيه ليدلف رب عمله الي الداخل وجميع العاملين الذي يعملون كخلية النحل توقفا لمرور سيدهم إلي الممر المؤدى إلي المصعد.

ضغط الحارس الشخصي على الزر الطابق قبل الأخير، سلط ببصره على الساعة الباهظة المعلقة على رسغه ثم سلط ببصره إلى الشاشة الصغيرة وهو يراقب صعود المصعد إلى الطابق المنشود،
فتح المصعد ليخرج ويتبعه الحارسان، هرع شاب وهو حامل عده ملفات فى يديه يواكب خطوات رب عمله
- صباح الخير سيدي
هز زين رأسه
- صباح الخير ستيفن
صمت دام لعدة ثواني هتف زين بجدية وهو يخلع نظارته
- اطلعني على جدول اعمال اليوم.

توقفا الحارسان عند الباب ليسرع ستيفن بفتح الباب ويغلق الباب خلفه وكلا من الحارسان يتجهان إلى مواقعهما المخصصة
وضع حقيبته علي مكتبه الزجاجي وجلس على مقعده الوثير وبدأ يتفحص الاوراق بتمعن شديد
- جدول اليوم غير مزدحم، لقد نقلت بعض الملفات للسيد زيدان كما اخبرتني، بعض نص ساعة سيعقد إجتماع مع السيد جورج وعند الساعة الثانية عشر ظهراً سيأتي وفد الشركة الصينية
أومأ زين رأسه وتابع بعملية بحته.

- انت تعلم انني سأذهب للقرية فى ذلك الأسبوع
-نعم سيدي لا تقلق سأحول الملفات الهامة للسيد زيدان كما أخبرتني من قبل
صوت صيحات عالية لأول مرة تحدث فى مكتبة ليهب من مجلسه واقفا ويتوجه نحو تلك الجلبه،
- واللعنة هل جننتي؟ هل تعلمين من أنا؟ سأخبر رئيسك ليقوم بطردك ايتها الحمقاء
ردت الفتاة بتهذيب وهي تحاول منع السيدة من الدلوف إلى مكتب رب عملها
- سيدتي أرجوكِ لا يصح اختراق القوانين.

رفعت أصبع السبابة بتحذير نحو الفتاة
- حسابك عسير يا فتاة
همت الفتاة برد عليها وهي تختار ألفاظها بعناية فائقة فالتي أمامها فتاة صارخة الجمال وهيئة ملابسها تدل علي أنها فاحشة الثراء
- ليلي! ماذا تفعلين هنا؟
هتف بها زين عند مقدمة باب غرفته وعلامات التساؤل والحيرة مرتسمة على ملامح وجهه
لانت ملامحها الشرسة بمجرد ما رأته لتتوجه نحو وتلقى بنفسها نحو ذراعيه، غمغمت بنبرة معاتبة.

- هل هذا أول ما تقوله عندما يأتي من السفر؟
شبه ابتسامه صغيرة لاحت علي شفتيه ليبتعد عنها بهدوء
- لأنك قلتي لي انك ستعودين فى الاسبوع القادم ولكن اين آدم؟
مطت شفتيها هاتفه بضيق زائف
- لقد قررت أن أجعلها مفاجأه ومن الواضح انها لم تعجبك
- ليس كذلك، هيا لتتوجهي معي إلى الداخل
هزت رأسها نافية
- كلا سأذهب إلي المشفي لرؤية ليان، لكن يا سيد زين كن متيقظاً فأنني اراقبك جيداً كن حذراً.

لم تنتظر رده لتمسك بحقيبتها وتخرج من المكان بهدوء وهي عازمة على أن تعلم ما حدث فى غيابها.

جالسة على المقعد بأعين حائرة مترقبة متوترة خائفة، لا تعلم أي شعور هو الطاغي ولكن الشعور الخوف هو النصيب الأكبر،
قطع شرودها قدوم الطبيب حامل فى يديه الملف الذي سيحدد حياتها بل مصيرها بأكمله،
تطلعت إليه بنظرات مترقبة حتى جلس على المقعد، تتفرس فى ملامح وجهه، ملامحه جامدة صارمة لم تستطيع ان تحدد الأجابه
- طمني يا دكتور سلبي مش كده.

نطقتها ولو بمقدار ذرة أمل صغير، لقد أخبرها فى المرة السابقة قبل عمل التحاليل انه شاك من وجود ذلك المرض المميت
- اسف يا آنسه ورد التحاليل طلعت إيجابية سرطان فى الدم
هتف بها بأسف شديد، كان يريد انتقاء ألفاظ أفضل من تلك ولكن لا يعلم كيف نطقها هكذا أمامها
الدموع متحجرة فى مقلتيها لترد بصوت مميت
- يعني مفيش امل مفيش علاج مفيش اي حاجه؟!

طأطأ الطبيب برأسه آسفاً، علي الرغم انه تأتيه الكثير من تلك الحالات إلا أنه فى كل مره يجد الصعوبة في تلفظها، كيف يخبر لشخص أمامه انه يوجد لديك عدة أيام لتغادر تلك الحياة!
تمتمت فى خفوت وهي تنهض من مقعدها
- شكرا يا دكتور عن إذن حضرتك.

أخذت ملف التحاليل وغادرت فى هدوء وهي لم تلقي بالاً بندائه المتكرر، أطلقت العنان لدموعها حينما غادرت العيادة جلست علي اول درج قابلتها وهي جالسة القرفصاء، كانت تعلم أنها ستغادر ذلك العالم ولكن كانت تحمل مقدار ذرة أمل صغير، لم تعبأ بالأشخاص الذين ينظرون لها بشفقة أو بتهكم على جلستها فى المكان العالم،
قامت من مجلسها وهي تمسك بهاتفها وتهاتف الشخص الوحيد الذي ما زال واقفاً فى صفها.

- ألو شهاب من فضلك عايزة اقابلك ضرورى
رد الآخر وهو يلاحظ تغير نبرة صوتها، هلع قلبه
- ورد في ايه طمنيني؟ حصلك حاجه؟
أجابت بهمس
- شهاب من فضلك مش دلوقتي هقابلك فى الكافيه اللي رحناه قبل كده سلام
أغلقت هاتفها وهي تمسح دموعها بكفيها، قامت من جلستها وفي يديها ذلك الملف الذى قام بتحديد مصير حياتها للأبد.

احتضنتها بلهفة واشتياق وهي لا تصدق حتى الآن أنها تزوجت أعز صديق لديها
- حان الوقت لكي أبارك لكي يا عزيزتي رغم إنني لا اصدق حتي تلك اللحظة أنك تزوجتي
ابتسمت، لا يوجد حل سوى أن تبتسم، إبتسامة عريضة مكلفة هذا هو ما ستفعله،
تمسكت ليلي بذراع ليان وهي للمرة الألف تهتف
- حمدلله علي سلامتك يا سيد إبراهيم
رد إبراهيم بأبتسامة واسعة
- سلمتي يا حبيبتي
اتسعت ابتسامة ليلي وهتفت.

- والآن اعذراني سأقوم بأخذ تلك الجميلة وسندردش قليلا معذرة
اومأ إبراهيم برأسه إيجاباً، أما سعاد ما إن أغلق الباب وبات الان الوضع هادىء فى الغرفة مع عدم وجود سارة التي لازمت مرافقة حمزة طوال الوقت
- طمني بقي يا ابو البنات قلبي واجعني علي بنتي هنسيب بنتنا فى الغربه دى يا ابو البنات
أمسك إبراهيم بيديها وهتف بنبرة واثقة مطمئنة
- اطمني يا سعاد كل حاجة هتبقى كويسة.

غمغمت برفض وهي حتى الآن لا تعلم ما تلك الثقة الكبيرة التي يخزنها في داخله
- برضه يا حاج انا عايزة اطمن عليها
- ما انا طمنتك يا سعاد كل حاجه هتبقى بخير بأذن الله
ثم تابع مغيراً مجرى الحديث
- شوفي فين سارة
- قاعده مع حمزة من أول ما جه
هتفت بها بغيظ مكتوم لينفجر ضاحكا وهو يرى معالم وجهها الحانقة
- براحة يا جميل ليطقلك عرق و احنا مش ناقصين كفاية انا.

شبه إبتسامه لاحت علي ثغرها تبعها عدة ضحكات متتالية مشاركا إبراهيم معها فى الضحك
- آخ منك إنت يا حج.

أغلقت الباب خلفها وهي تراقب الطريق الخالي من المارة لتقوم بوصد الباب عاقدة ذراعيها
- يجب أن افهم والان ما الذي حدث معك منذ سفرى
لم تعهد منها تلك النبرة الجافة معها قالت بعدم فهم
- ليلي لا أفهم عن ماذا تتحدثين حقا
- كفى يا ليان لا وقت للمراوغة الآن اشرحي لي ماذا فعل وماذا حدث لكي تتزوجيه
قالتها بغضب جام وهي تشعر بأنها أم تنتظر مبرر ابنتها
- ليلي اهدئي لم يحدث شيء حقا لقد عرض علي الزواج ووافقت.

مطت شفتيها بعدم تصديق
- حقا! اتقولين لي قام بدعوتك لطعام العشاء وفى النهاية جلس علي إحدي ركبتيه وأفصح عن حبه واخبرك انه لا يقدر العيش بدونك وعرض الخاتم أمامك
حسنا لم يحدث أي شىء منذ ذلك، كانت محاصرة فى الحائط وهو أمامها بهيئته المهلكة عارضاً بل آمراً بالموافقة على الزواج
لوحت ليلي بكفها امام وجهها
- هيا يا فتاة لا وقت الآن للشرود اريد ان اعلم كل تفصيلة صغيرة عما حدث معك.

ومع ذلك لم تمنع أن تخجلها هامسة بمكر
- ماذا هل كانت توجد قُبلة أثناء عرضه للزواج؟!
كلا يكفي ليس الآن، ليلى لن تتوقف عن وقاحتها حتى بعد الزواج
- ليلي توقفي ما هذا الهراء
اتسعت أعينها بمعالم صادمة وما زالت علي نفس وتيرتها
- ماذا يا فتاة إنني أتحدث عن قبلة يتيمة لماذا أحمر وجنتيك الآن، يا الهي ماذا فعل ذلك الشقي معك؟ هل ا اا
- ليلي!

صاحت بها بحده كبيرة ووجنتيها تشتعلان من الحمرة القانية، صيحتها جعلت ليلي تصمت عن الحديث
لحظة من السكون عم المكان وهي ما زالت على حالها، تلتقط أنفاسها بصعوبة، لترد بسخط أمام أعين ليلي المرتقبة
- ستظلين وقحة يا ليلي لن تكفي حقاً ظننت ان الزواج سيُقوم سلوك ولكنني أخطأت
عدة ضحكات رنانة أطلقتها ليلى باستمتاع.

- اووه عزيزتي ليان إنني أشفق عليكى، الرجل الغربي يريد ان يرى الفتاة الوقحة معه عندما يكونون بمفردهم
رجل غربي! هل قالت رجلاً غربياً ولكن ماذا عنه هو ما يريد؟ ما كانت صفات الفتاة التي سيتزوجها، بالطبع لم ولن تكون هي، لقد جاءت فى حياته وسط الاعصار لتتنهد بقلة حيلة وهي سئمت من تُحلل بمفردها شخصيته، تريد أن تعلم عنه كل شيء
- أخبريني ليلى كيف كانت حياة زين.

لأول مرة تنطق إسمه بدون خجل، يجب عليها ان تعتاد حتي لا تستدعي الشك لأحد أليس كذلك؟
تنهدت بحرارة
- القصة طويلة يا ليان
ثم نظرت إلى الساعة المعلقة في رسغها
- أخبرني حمزة ان زين سيأتي بعد قليل هيا استعدي ستذهبين لمقابلة عائلته
هتفت بتوجس وريبة
- هل تتوقعين انهم سيقومون برفضي
هزت رأسها نافية و ابتسمت باطمئنان.

- تقصدين الجده كلا عزيزتي انها كانت تلح عليه منذ فتره طويلة ليتزوج وما إن علمت بذلك حتى أصبحت تعد الأيام والليالي لكي تقابل الفتاة المميزة التي جعلته يتزوجها على الفور دون حتى عقد خطبة
بللت شفتيها بتوتر وبنظرات أعين زائغة تنظر للغرفة بشرود،
- ولكن أين والده ووالدته؟
اتسعت أعين ليلي زهولاً مرت بعدة ثواني ثم هتفت بحزن
- لقد توفوا ولم يعد لديه أحد سوى جدته وعمه واولاد عمه.

لاحظت نظرات ليلى المنصعقة و المستنكرة وكأنها تخبرها هل تمزحين؟ ألا تعلمين حقا عنه أي شيء؟!، قررت ان تصمت وعدم إصدار أي حماقة أخرى.
لعنة الله عليك يا زياد الا تعلم الفتاة عنك شىء؟! هتفت بها ليلي وأسرتها فى نفسها وهي تطالع ليان التي تفرك يديها بتوتر وتشيح بنظرها عن مرمى عيناها لتبث في قلبها الاطمئنان.

- لا تقلقي الجدة جميلة كالورد ستحبينها بل ستعشقينها تبدو صارمة في بعض الأحيان ولكن لديها قلب طيب كنقاء الورد
جدته هي المفتاح لكي تدخل عالمه، بل هي النور المضىء وسط الظلام الدامس، هي الوحيدة التي ستقدر على إرشادها للطريق، ولكن هل أخبرها من هي؟ انها شرقية! هل ستتقبلها أم لا،
يا إلهي يا ليلي جئتي ولم تجعليني أن أطمئن بل جعلتيني أزداد تساؤلات أكثر.

- بتتكلمي بجد يا ورد ما يمكن التحاليل لشخص تاني
نطق بها شهاب وهو يتذكر عندما نهض من مقعد مكتبه ويقود سيارته الخاصة بالشرطة ليتوجه إليها فى أسرع وقت ممكن
ردت ورد بهدوء
- لا يا شهاب التحاليل مضبوطة
عاجلها بسرعة وهو يرى هدوئها الذي يستدعي الشك
- طب ما يمكن يكون فيه علاج يا ورد
هزت رأسها نافية
- لأ مفيش للأسف أكتشفت المرض متأخر العلاج مش هيأثر.

- طب وبعدين انتى ازاى محستيش بالاعراض اللي بتجيلك يعني مش ممكن من يوم وليلة حصل الكلام ده
قالت بلا مبالاة.

- الاعراض جاتلي من فترة طويلة كنت بحس بصداع رهيب مش بيهدي حتى مع الأدوية وكنت بكح جامد كنت فكراه دور انفلونزا قوى غير اني ساعات بحس بالام في الضهر وحاجات تانيه لما حسيت الموضوع طول معايا رحت علي الدكتور وقلتله الاعراض اللي بتجيلي خلاله يشك من حاجه لحد ما قالي هنعمل التحاليل ونتأكد من الموضوع وطلعت التحاليل النهاردة.

رد بحنق وضيق يعتري معالم وجهه من تلك الباردة بل من كتله الثلج تخبره انها يتبقى لها أيام معدودة فى تلك الحياة،
- إنتِ مالك كده عندك برود مش طبيعي
هتفت بهدوء مميت وهي ترتشف العصير الطازج
- عملت ايه مع ندي؟
صاح بغضب خابطاً بكفه على الطاولة
- انا بحكي فى ايه وانتي بتقولي ايه ورد احنا فى موضوع مهم
حركته جعلت يدها ترتعش رغما عنه، لتضع الكوب على الطاولة وهتفت بتفكير زائف.

- وانت تفتكر موضوعي يتحل ازاى؟ موضوعك اهم مني ركز انت في ندى وانا هعرف اعمل ايه كويس فى ايامي المعدودة
حاول كبت غضبه بقدر الامكان حتي لا يفتك بها
- والله حاسه إنك رايحه رحلة
ردت بألم يزحف إلي قلبها
- ما انا فعلا رايحة رحلة بس رحلة ذهاب بلا عودة
تنهد بحزن شديد وهو لا يعلم مالذي يفعله فى الوقت الحالي؟ شعور لثاني مرة يختبره وهو يرى ثاني شخص يرحل أمامه وهو مكبل اليدين
- حد عرف؟
هزت رأسها نافية
- انت بس.

- وناوية تعرفيهم ولا مش همك حد
هتف بها بشبه إستهزاء
- لا طبعا يا شهاب محدش هيعرف انت الوحيد اللي عارف بالموضوع ده
- كمان يا ورد مش هتخلي حد يعرف انت بتفكري بأي عقل أو منطق؟
أجابت بلا مبالاة وبدون وعي تحولت نبرتها لأخرى صائحة منفعلة.

- العقل والمنطق بيقولي ان اللي بعمله صح، عايزني اقلهم ليه قولي اديني سبب بسيط، كرهت كل اللي حواليا بسبب غبائى وانانيتي تتوقع أن أول ما اقلهم يلا سامحوني انا عندي كانسر هياخدوني بالاحضان مثلا! تفتكر يا شهاب؟ انا ما افتكرش
قامت من مجلسها وهي تأخذ حقيبتها ليعاجلها وهو الآخر يقوم من مجلسه
- رايحة فين؟
اجابت فى غموض
- هعمل ولو حاجة صح فى حياتي.

رحلت وهو يراقبها بأعينه حتى إختفت عن مرمى بصره، زفر بحرارة وهو يحك عنقه، وضع النقود على الطاولة وخرج هو الآخر وهو يحاول جاهداً ان يعلم كيف تفكر، إنها جامدة أمامه لم تهتز أمامه لم تضعف، كانت صلبة كالصخر من الخارج ولكنه يعلم جيداً الانهيارات التي في داخلها.

رحلت ليلى تبعها رحيل عائلتها، لتجده بعد توديع عائلتها يتمسك بيديها ويتوجها إلى سيارة التي تنتظرهم،.

جلست بجواره وهي تشعر بتذبذبات قلبها، عبق رائحته منتشره بكثره فى السيارة، لا تعلم كم من الوقت ظلت السيارة متحركة تشق تلك المدينة بزحامها متجه نحو إحدى المناطق الزراعية الخلابة، علي الرغم من ضيقها من عدم مشاركته معها فى الحديث إلا أنها نفضت تلك الأفكار وهي تنظر إلي الطبيعة الساحرة من خلف النافذة، عيون منبهرة وهي تراقب الغروب صمت هادئ عكس ضجة المدينة ومساحة خضراء شاسعة أسرتها،.

دلفت السيارة داخل البوابة الحديدية الضخمة تتبعها السيارة الخاصة به للحراسة، المنزل يشبه كثيرا القصر فى مصر، لكنه مختلف ذلك المنزل يوجد به العديد من الخادمين يوجد بها حركة كثيرة عكس الآخر الساكن.

أوقف السائق محرك السيارة، ليسرع مهرولاً وهو يترجل من سيارته ليفتح الباب الخلفي، ترجل زين تبعته ليان وهي تنظر ما حولها بترقب شديد، بيت كلاسيكى قديم مكون من طابقين لكنه ضخم، ضخم للغاية ويوجد بعض الخادمات أمام مقدمة المنزل
شعرت به يمسك بكفها للمرة الثانية ليتجه نحو تلك الدرجات المؤدية إلى باب المنزل، يديه دافئة ناعمة.

نفضت تلك الفراشات التى تسبح على معدتها عندما رأت سيدة أنيقة رغم تخطيها السبعون تستند علي عصا خشبي، ملامحها تشبه كثيرا لملامحه، هذا يعني انه قد أخذ كثيراً من ملامح والدته.
أعينها زرقاء تشبه كثيرا، وجهها ابيض رغم وجود التجاعيد لكنه ما زالت محتفظة بقدر كبير من الجمال وعلى الرغم اشتعل رأسها شيباً إلا إن تلك الخصلات الفضية زادتها ابتهاجا وإشراقاً.

يتوجهان نحو بخطوات بطيئة اما هي التي تشعر أن الوقت لا يمر بسرعة؟! بعث قلبها رهبة وهي تري أعينها المتفحصة نحوها لاحظت تلك النظرة المندهشة عندما تطلعت إلي هيئتها، وعلي الرغم انها ازالتها سريعا لكنها حُفرت فى عقلها يبدو بل مؤكد انها لن تتقبلها ابداً...
- مرحبا جدتي
هتف بها زين بأبتسامة مشرقة جعلت الجدة ترد
- مساء الخير حبيبي هيا أسرعا لقد حان وقت العشاء
أومأ بتفهم.

- سأكون في غرفة المكتب يوجد بعض الأشياء التي سأراجعها
ماذا أي أعمال الآن هل جننت! هل ستتركني بمفردي نطقت بها في سرها وهي تراه يدلف إلى الداخل بخطوات رشيقة حتى إختفى عن مرمى بصرها
تطلعت إليها الجدة بابتسامة حانية
- هيا يا جميلتي إصعدي لكي تغيري ملابسك لقد إنتظرتكم كثيراً
لا تعلم مالذي عليها فعله وهي تري الجميع يدلف للداخل، تيبست قدامها عن الحركة
هتفت الجدة بتعجب وهي تراها ما زالت على وضعها.

- ما الأمر يا عزيزتي؟ لما توقفتي؟
تلعثمت في كلامها وهي تتمتم
- لا شيء اا، انا اا، اريد
ضحكت الجدة لتمسك بيدها وتدلف معها للداخل
- هيا سأعرفك أنا على غرفتكما
توجهت بها إلى الطابق العلوي، لتسندها ليان وهي تهتف برقة
- لا عليكي يا جدتي سأصعد بمفردي لا اريد أن اتعبك
نطقتها جدتي بسلاسة، تبدو لطيفة نوعاً ما لقد توقعت انها لن تتقبلها ما إن ترى هيئتها لكنها لم تفعل
غمغمت الجده بضيق وحدة زائفة.

- ماذا أتراني عجوز أمامك؟
اتسعت بؤبؤ عينيها وهي لا تعلم كيف إنقلبت مائة وثمانون درجة هكذا لتتابع الجدة بمشاكسة
- اووه عزيزتي يبدو إن ستتعبين حتي تتقبلي تغيراتي المزاجية هيا لقد تبقي عشر درجات
صعدت معها وهي متعجبة من تغير مزاجها، توجها إلي إحدي الغرف آسف بل عبارة عن جناح، كل شيء به عصريا للغاية يناقض المنزل بأكمله الوان هادئة للعين،
انتبهت على الجدة وهي تعطيها ثياب.

- هيا ارتديه، اسفه لا يوجد غير ذلك الثوب، إنه ثوب قديم لي اعتقد انها ستلائمك، لقد تأخر السائق لجلب حقائبكما، أسرعي سأنتظرك.

لم تنتظر الجدة ردها لتجدها خرجت الغرفة بهدوء غالقة الباب خلفها وتتركها وحيدة، شهقت بفزع وهي تتفحص الثوب، آسفه ليس ثوب عادي بل عبارة عن ثوب فاضح، توردت وجنتيها وهي تتفحصه ثوب مخملي الملمس، قصير، بل قصير جداً بالكاد سيصل إلى ركبتيها، سحقت شفتيها وهي لا تعلم أسترتديه أم تكتفي بملابسها وتنتظر السائق حتى يأتي بملابسها المحتشمة.

عندما لم تجد حلاً غير أنها ستضطر إلى ارتدائه توجهت إلى الحمام الملحق بالغرفة لتنعم بحمام دافيء وتغير ملابسها وترتدي ذلك الثوب الفاضح بالنسبة لها، أغمضت جفنيها ثم فتحتهما وهي تري هيئتها في المرآة ذو فتحة مثلثية قصيرة تظهر عظام ترقوتها، حمالات عريضة نوعا ما، لكنه ليس ضيقاً بل جيد للغاية
امسكت بالمنشفة وهي تجفف شعرها وتتوجه نحو الخارج.

سقطت المنشفة ارضاً وهي تراه أمامها يرتدي بنطاله فقط، متى آتي الم يقل انه سيكون في غرفة المكتب، بلعت ريقها بتوتر وهي تراه يترك القميص جانباً و يتفحصها بهدوء وتمعن من رأسها إلى أخمص قدميها وعيناه تتوهجان بنظرة لامعة
قالت بغباء
- لماذا تنظر إلي هكذا؟
توجه نحو بخطوات هادئة وهي ما زالت متيبسة، وكأن غراء قوي ألصقها في الأرض ومنعها من الفرار
- ما هذا الذي ترتديه؟

همس بها بجانب أذنها وانفاسه تلفح عنقها، طبع قبلة صغيرة على وجنتيها جعلتها تغمض جفنيها وتهتف ببلاهة
- ها؟
ابتسامة صغيرة شقت ثغره، انامله أخذت طريقها إلي خصلاتها الفحمية، لم يكن يعلم انها فاتنة، علي الرغم من انه تفحصها لعده مرات لكنه لم يتخيل انها ستتجرأ على تلك الخطوة الآن.

نظر إلي ذراعيها وساقيها المرمريتين ثم جال ببصره إلي شلالات شعرها الفحمية التي تخطت خصرها بقليل، منجذب بل منسحر بها بكل تلك الهيئة الجديدة عليه لم يكن يعلم انها متفجرة الانوثة،
أمام كل تلك الهيئة التي دغدغت رجولته لا يوجد سوى أن يفعل ما يأمره عقله، والآن!
هتفت بتلعثم وهي تراه يدنو نحوها بخطوات بطيئة للغاية وكأنه يختبر ان كانت تود قربه ام لا
- جدتي، ا ا ا الغد دد ااء.

اصمت شفتيها بسبباته، ابتلعت ريقها بتوتر من الخطوة القادمة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة