قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي عشر

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي عشر

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي عشر

يراقب كل أنش، كل تفصيلة صغيره، وكأنه يكتشفها للمرة الاولي!
تقابلت الأعين للحظات، لغة العيون بهما سحر خاص يكتشفه لأول مرة، بندقيتها خائفة بل مرتعدة ومترقبة لأي خطوة سوف يتخذها.

أشاحت بعيناها للجهة الاخرى وهي تنهي ذلك الحوار الذي دار بلغة الأعين، أخفض بصره متابعاً حركة مرور قطرات الماء التي تهبط إلي عنقها ثم يختفي بين ثنايا صدرها، يقسم إنه يستمع إلي صوت نبضات قلبها التي تدوي بعنف بين قفصها الصدرى، صدرها يعلو ويهبط بسرعة مهولة،
- لما تأخرتي يا عزيزتي
هتفت بها الجدة وهي تقتحم الغرفة تضرب بعكازها علي الارض، علامت الأندهاش إعتري وجهها وهي تري زين في الغرفة.

- انت هنا؟! لقد كنت أظنك في غرفة المكتب
ازاحته كرد فعل طبيعي وتقدمت نحو الجدة تتمسك بيديها
- لقد إنتهيت يا جدتي هيا
رمت ببصرها إلي زين الواقف عاري الصدر صاحت بخبث
- يبدو إنني قد قطعت عليكم لحظاتكم؟ أليس كذلك!
تتمني فى تلك اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها، علقت ببصرها نحوه لتجده يلتقط قميصه ويتوجه نحو الحمام دون أن ينبس ببنت شفه،
- هيا يا جدتي لننتظره بالاسفل.

هتفت بها وهي تحاول أن تبدو نبرتها هادئة، لكنها خرجت مهزوزة بعض الشيء وهي تبتعد عن مرمى أعين الجدة المتفحصة،.

- يوسف
هتف بها عمار بصوت جهوري ليسترعي إنتباه ذلك الشارد، رمقه يوسف بتساؤل
- خير
جلس بجواره وهو يبذل بأقصي مجهوده أن ينتشله من الطريق اللاعودة
- هيجي الخير إزاي وإنت بالمنظر ده، ما تفوق يابني شوية الحياه مبتقفش عند حد
ابتسم يوسف بتهكم وهو يلتقط علبة لفائف التبغ ويشعل واحده
- إلا ليان يا صاحبي
توتر عمار وقلبه يزداد يقينا من الكارثة التي ستحدث.

- يوسف فوق اللي بتتكلم عليها ديه إتجوزت متتهورش يا يوسف وتندم علي اللي هتعمله
إتسع أعين يوسف قائلا بحده
- وانت فاكر ان انا حيوان للدرجة ديه يا عمار انا لا يمكن ائذيها يا عمار مقدرش انا بس كنت غبي وحيوان ودفعت تمن غبائى كويس
- طب ليه سيبت كل حاجه وجيت إسكندرية ليه
هز يوسف رأسه بلا مبالاه وهو يطلق الدخان من جوفه
- كنت فاكر إن كل ما هبعد هنسى وهبدأ حياه جديده بس إفتكرت إن انا غلطان
ربت عمار علي ذراع صديقه.

- طيب يلا قوم الجو برد علشان مناخدش برد
قام الآخر من مجلسه بأستسلام وتفكيره منصب علي بداية حياة جديدة، عليه أن ينساها وينسي الأخري وسيسعي لنجاح ذلك.

إبتسمت بمشاكسة وهي تنظر إلي غرفتهم التي زينها آدم
- يبدو أن حبيبي لا يضيع أي وقت
سحبها من ذراعها ليضمها لصدره متمتما براحة
- لا وقت للفرار عزيزتي، ما فعله زياد تلك الايام الماضية سأقوم بتعويضها، لا اريد سماع اي شيء صوت سوي نبضات قلبك
دفنت برأسها إلي عنقه وهمست
- أحبك كثيراً آدم
ضمها آدم بحب وذراعيه تكبلان خصرها
- وانا ايضا حبيبتي
إبتعدت ليلي فجأه وكأنها إستيقظت للتو من الكابوس.

- هل سيقضي حقاً زياد لمده أسبوع فى القرية
هز رأسه بيأس ضارباً بكفه علي جبهته
- حقاً انتِ لاتصدقين سأقضي ليلتي بين الاوراق أفضل من جلستك وداعا
رمشت بعيناها عده مرات وهي تراه يلتقط سترته من الفراش ويخرج من الغرفة بخطوات يتآكلها الغضب، لتركض خلفه وهي تحاول ان تلاحقه قيل أن يخرج من المنزل
- آدم انتظر قليلا
صوت إغلاق باب المنزل جعلها تتوقف عن الركض، لتمتم بسخط وهي تدب بقدمها علي الارض.

- انت الخاسر يا عزيزي استمتع بسهرتك مع الاوراق اما انا سأذهب لمشاهدة الحلقة الجديدة من المسلسل المفضل لدي
توجهت نحو المطبخ وهي تقوم بعمل وجبه سريعة قبل موعد المسلسل، لتهرع نحو التلفاز وتقوم بتشغيله وهي تمتم براحه
- جيد لقد بدأ
فقدت بريق حماس متابعة المسلسل بسبب عدم وجوده لتلتقط هاتفها وتبعث برسالة قصيرة عبر تطبيق الواتساب ل آدم عد ارجوك.

تهللت اساريرها وهي تري تلك العلامة الزرقاء التي تعني بأنه قرأ الرسالة لتجده يكتب شيئا ثم يقوم بمسحه، إنتظرت عده دقائق طويلة مرت كالدهر لرده،
اعتصرت الهاتف بيديها وهي تمتم، حسنا يا آدم انت الجاني
توجهت بخطوات راكضة إلي غرفة النوم لترتدي منامة قصيرة من اللون الاسود، مشطت خصلات شعرها الشقراء ووضعت أحمر شفاه صارخ،
- إحذر يا عزيزي من النساء.

إلتقطت عده صور مختلفة الاوضاع لترسلها له وإبتسامة ماكرة تعتلي ثغرها، سيأتي بالتأكيد سيأتي،
توجهت نحو الفراش وهي تعد الدقائق والثواني لمجيئه، دقائق ليست بالطويلة سمعت صوت باب إغلاق المنزل، إنتفضت من الفراش لتمسك بهاتفها وتعبث به بملل
شهقت بفزع عندما امسكها من عضدها صائحا بحنق
- مالذي تحاولين فعله ليلي؟ تبعثين بصور أقل ما يقال تجعلني اريدك وبشده.

كانت تتأمله بملامح مشتاقه، سترته التى رماها ارضا وقميصه الذي ترك ازاره العليا مفتوحه وشعره المبعثر عكس حالته التى خرج بها، لاحت ابتسامه هادئة علي ثغرها وهي تحتضنه بقوه هامسه بصوت خفيض
- آسفه
- لا عليكِ
ثم تابع مضيقاً عينيه
- آمل انها ليست من إحدي خدعك لأنني وقتها لن أرحمك إذا لفظتي بأسم زياد الليلة
هزت برأسها وهي تهمس بتأكيد
- لا يوجد زياد او ليان الليلة
- ولا غداً.

ضحكت بأستماع وهي تعود برأسها للخلف قليلا
- ولا غداً
ابتسم بظفر وهو يسقطها علي الفراش لينعم بليلة هادئة مع تلك المجنونة التى سلبت عقله وقلبه.

قضت وقت العشاء وهي صامته مع بعض الكلمات المقتضبة إذا وجهت لها الجدة الحديث لها، كانت تستمع إليه كيف يتحدث، طريقته فى الحديث مع جدته، كانت شبه هائمة به وهي تستند بذراعها علي ذقنها، لم يرفع ببصره نحو ولم يوجه لها الحديث إطلاقاً، تنهدت بقلة حيلة الطعام امامها شهي لكن تشعر بمليء معدتها، تشعر أنها دخيلة وهما يتحدثان في مواضيع لا تعلمها يبدو انهم يتحدثان عن ذكريات قديمه!

قامت من مقعدها وهي تبتسم بهدوء وعيناها مسلطة نحوه
- لقد شبعت جدتي سأصعد لغرفتي عمتي مساءاً
نظرت الجدة إلي الطبق التى لم تمسه وهتفت
- لم تأكلي شيئاً يا فتاه هيا اجلسي
إعتذرت بلباقة وصعدت إلي الغرفة لتهتف الجدة بأعين متفحصة الي الذي يتناول بلا مبالاه
- ما بها زوجتك؟
- لا يوجد بها شيء
إتسعت أعينها دهشة
- ما كل ذلك البرود يا ولد، ستجعل الفتاه تهرب منك بجفائك هذا
هتف بجمود وهو يمضغ الطعام غامزاً بأحدي عيناه.

- لا تستطيع ان تهرب مني يا جدتي
ضيقت عيناها من حفيدها الذي يتحدث بثقة وغرور لتتنهد
- عندما تنسحب الفتاه منك ببطىء لا تندم وقتها
قامت من مقعدها ليقوم الآخر من مقعده وناولها العصا لتستند عليها
- دعيني اقوم بأيصالك إلي غرفتك
- ابتعد استطيع أن أذهب إلي غرفتي بمفردي، ألقي بنظرة علي زوجتك، الفتاه ما زالت لم تتكيف مع الوضع بعد
كان الحديث مرتكز نحو ليان و إعطاء النصائح له لكي ينعم بحياه زوجية رائعة.

صاح مندهشا وهو يدثرها بالغطاء ويقبل جبهتها
- يبدو أن ليان ستأخذ محلي من قلبك
ابتسمت بمشاكسة
- ولما لا أليست تلك الفتاه من خطفت عقلك
تجمد وجهها وهي تري وجهه المتخشب وعدم ظهور اي تعبير علي وجهه
- اخبرني هل أخترتها من عقلك أم من قلبك
كانت تشير بيديها نحو رأسه والثاني نحو قلبه ليرد بجمود
- وما الفارق إذاً!
تهجمت ملامح الجدة ضيقاً وهتفت بسأم
- هيا غادر إلي غرفتك يبدو انني أتحدث مع لوحة من الثلج.

ضحك بأستمتاع وهو يعود تقبيل جبهتها مرة آخري دثرها جيداً ثم قام بأغلاق المصابيح واغلق باب الغرفة بهدوء، وارجله تتوجه نحو غرفتهم!

- ألم تنامي بعد؟
صدح بها بتعجب وهو يراها أغلقت هاتفها للتو، من عبارتها العربية إستنتج انها تحدثت مع عائلتها
- كلا لقد كنت أطمئن علي والدي.

لا تعلم لما لسانها اخبره مع من تتحدث كانت من المفترض ان لا ترد عليه، إنه لا يكترث بها إطلاقاً، ألن تحظى ولو بمحادثه معه، ألن يسمح لها!، راقبته وهو يلتقط ملابس عملية ويتوجه للحمام عده دقائق وهي تنتظره وداخلها يقينا أنه لن يوجه ببصره نحوها، سمعت صوت الباب وهو ينفتح راقبته بصمت حتي خرج من الغرفة،.

أطلقت لعنة بين شفتيها، لترتمي علي الفراش وتضع الوسادة على وجهها وهي تمتم اين حياتي السابقة؟ اريد إستعادتها.
كانت تخشى ان تكون بمفردها بين أربعة جدارن، لكن برغم وجود الجدة لكنها مازلت تشعر بالنقص، نقص وجوده بجوارها، يطُمئنها، يخبرها أن تظل صامدة قوية.

إستسلمت إلي سلطان النوم وهي تجده هو ملجأها الوحيد حتي لا تُجن وهي تتحدث بكثره مع حالها، بسببه هو بدأت تتحدث مع حالها كثيرا، اللعنة عليك يا زين الحديدي.

إستيقظت عندما شعرت بأصوات حركة فى غرفتها، هل عاد؟ ما الوقت الآن؟ فتحت جفنيها وهي تستند بظهرها على مقدمة الفراش لتجد فتاه جميلة ترتب الملابس وتضعها فى الخزانة، قالت الفتاه بأحترام
- صباح الخير يا سيدتي، الفطار سيجهز بعد نصف ساعة ساعة
عبثت بشعرها للخلف وفركت عيناها ببطىء
- صباح الخير
قامت من مضعجها وهي تزفر بحنق، لقد جاء الصباح ولا تعلم اين هو؟ ماذا إن سألتها الجدة عنه ماذا ستخبرها؟

إنتبهت علي صوت إغلاق الباب لتتنهد بيأس وهي تتوجه نحو الخزانة وإلتقطت اول شيء ظهر أمامها وتوجهت نحو المرحاض لكي تنعم بحمام دافيء وسط دوامة أسئلتها التي لن تنتهي.
، ً...
كانت تراقب المنزل بأنبهار، نزلت الدرج ببطء وهي تمشط المنزل بأعين فضولية، أستوقفتها جدار يوجد به صور ضخمة، تبدو للعائلة!

صور قديمة لرجل أقل ما يقال أنه جذاب وفتاه صارخة الجمال يحتضنان بعضهما بحميمية، إبتسمت فى هدوء وهي تتابع تفحصها لباقي الصور
صور آخري لهم ولكن يوجد بينهما طفل رضيع
هل هذا زين؟ إقتربت من الصور لكي تتفحص ملامحه بشكل أدق
شهقة قوية جعلتها ترتد خطوات للخلف عندما سمعت صوت أنثوي من خلفها
- يبدو إنكِ تريدين أن تتفحصي ملامحه وهو صغير.

إلتفت للخلف لتري إمرآه متفجرة فى الأنوثة، بداية من ملابسها القصيرة التي تبرز معالم انوثتها الطاغية إلي خصلات شعرها البندقية المصففة بعناية،
إبتسمت المرآه تحت نظرات ليان المتعجبة والمستنكرة لتمد يدها معرفة عن نفسها
- أعرفك أدعي آليا ابنه عم زين
تهللت آساريرها عندما علمت أن الفاتنة مجرد قريبته صافحتها بحبور
- إعذريني لكنني لم آراك أمس
- اوه نعم لقد جئت الصباح الباكر من لندن.

تفحصتها آليا بتمعن، فتاه محجبة ذو ملامح ناعمة وهادئة
أشاحت بعيناها وهي تنظر إلي الصور المعلقة علي الحائط
- أتعلمين هذا الحائط يوجد به العديد من الذكريات الصور جميعها ذكريات قديمة
إبتسمت ليان إبتسامة هادئة وهي تستمع إلي حديثها
- أتعلمين يا ليان إسمك مميز للغايه لكن أليس ذلك الاسم غربيا؟
- كلا إنه إسم عربي الأصل يوجد به عده معاني كثيرة وأكثر معني مقرب هو الرقة واللطافة
ربتت آليا علي وجنتيها.

- انتِ فعلا رقيقة كالفراشة ولطيفة للغاية سنصبح أصدقاء
أشارت بأحدي الصور الحديثة
- هذه صوره حديثة إلتقطت لي أنا وأخي وزين هذه الصور قبل ان يصبح أخى رباناً والان لا اراه سوي لقاءات قصيرة،
يبدو إنها أعادت عليها اوجاعها، نبرتها خفيضة مؤلمة بها لوع وإشتياق. ربتت علي كتفها وهتفت بمرح وهي تنتشلها من غمامة الحزن
- هيا إنه وقت الفطار قبل أن نستمع توبيخاً من الجدة
ضحكت آليا بصخب.

- يبدو إنك لم تسلمي من الجدة ليلة أمس.

أسرعت بمعانقة أبيها بعد عودته من سفره إلي القرية، إشتدت من معانقة أبيها وهي تخبأ وجهها إلي صدره
- متسافرش وتسيبني تاني ماشى
إبتسم أيمن بحنان وهو يطبع بقبلة علي جبهتها
- إن شاء الله
إبتعدت فى هدوء وسحبته إلي الاريكة وهتفت بفضول
- يلا بقى إحكيلي إيه اللي حصل هناك، انت وعدتني لما ترجع هتحكيلي
إنتظرت عده دقائق أن يبدأ لكنها وجدته لم يتفوه بشىء عيناه تجوبان وجهها ليهتف بهدوء مضيقاً عيناه.

- هقلك بس افهم الاول إيه اللي كان بيقوله حمدي ده
إتسعت حدقتي عيناها زهولا وهي تسب ذلك الحمدي والشهاب فى آن واحد، الحقير لقد أخبر والدها حسابك عسير يا حمدي
- قصدك إيه يا بابا؟
رد بهدوء إسترعي الشك فى داخلها
- كان بيسألني إنت اتخطبتي ولا لأ، ولما سألته بيسأل ليه قال شافك انتي و واحد وكنتم لازقين مع بعض بالمعني الحرفي، أقدر افهم مين ده و ايه اللي بيحصل من ورايا؟!
امسكت كف والداها وهتفت بصدق.

- يا بابا ده سياده المقدم شهاب ابن عم ليان، انا معرفش هو عمل كده فجأه ليه معايا؟ طول عمره موجهش كلام معايا إطلاقا بس بعد سفر ليان كل حاجه إتغيرت فجأه تصرفاته كلامه وآخر حاجه لما إتفاجئت بيه تحت بيتي واتفاجئت أكتر وهو بيقول لحمدي إن انا خطيبته
غمغم أيمن بغموض
- بس كده؟!
اسرعت تهز رأسها إيجاباً
- اه والله يا بابا صدقني هو ده اللي حصل
- ماشي نشوف حكاية شهاب ده إيه كمان.

بعث فى قلبها الرهبة وهي تري حديث أبيها الغامض نحوه
- هتعمل ايه يا بابا؟
- أفهم الموضوع الاول هو عايز ايه؟
- بابا متقلقنيش
ضيق أيمن عيناه واردف بجمود
- مقلقكيش! ندي في حاجه تاني مخبياها عليا
هزت رأسها نافيه
- حاليا لأ وبعدين برده عايزه اعرف ايه اللي حصل بالتفصيل الممل فى السفر ده عيله ايه يا بابا اللي معرفش عنها حاجه؟

تنهد بحرارة وهو يرجع بذاكرته للخلف قبل خمس وعشرون عاماً بالتحديد، قد حان الوقت لكي تعرف صغيرته ما حدث فى الماضي،.

- مس ورد مس ورد بصي الرسمة اللي رسمتها ديه
هتف بها إحدي الأطفال وهو يريها اللوحة التي رسمها
قبلته بحنان وهي تري ذلك المبدع الصغير رغم تخطيه السبع سنوات
- هايل يا حبيبي ايه الروعة ديه
لمعت عين الصغير بسعادة وهتف بحماس
- بجد حلو يا مس ورد
داعبت وجنتيه الورديتين وهي تنظر إلي اللوحة التي رسمها مرة آخريمؤكده له
- حلو اووى يا عيون المس.

إلتقطت من حقيبتها نوع من الحلوي التي يعشقها واعطتها له لتراه يقفز ويسارع وبأحتضانها
- انا بحبك اووي يا مس
همست بحنان بجوار اذنه
- والمس بتحبك اوي يا محمد
قفز الصغير يركض إلي غرفته وهو يخبر باقي الاطفال المقاربين فى عمره بأنه أخذ حلوي
سمعت صوت مديرة الملجأ وهي تربت علي كتفها بحنو
- ربنا يفرحك زي ما بتفرحي الاطفال
شق ابتسامة ناعمة لاحت ثغرها لتتنهد براحة وهي تشعر بسعادة غامرة تمليء قلبها...

مر أسبوع قضته بصحبة الجدة وآليا آسفة علياء، اسمها عربي الاصل والدها هو الاخر تزوج من فتاه بريطانية ولكن للاسف حدث بينهم مشاكل وتطلقت وسحبت الأطفال إلي أحضانها،
خالد وعلياء اسمين عربين ولكن مع والداتهم وثقافتها المتحررة اصبحوا غربين من الدرجة الاولي من الملبس وطريقة التحدث والمعاملة،.

عادا إلي أحضان ابيهم بعد أن أصبحا ناضجين يافعين، علياء فتاه تخطت الثاني والعشرون من العمر و القبطان خالد يكبرها بعده سنوات يقضى حياته بالأنتقال من بلد إلي آخري،
كانت الجدة وعلياء ينطقون اسم خالد بصعوبة شديدة يبدلون حرف الخاء بالكاف فى كل مرة يتلفظون بأسمه تضحك بأستمتاع،.

علمت حياه علياء وحياه الجدة وجزء من حياه خالد ولكن هو لا تعلم عنه سوي القليل، القليل جداً مع ذلك تظن إنه كافي لتلك الفترة، وكأنهم متعمدين الأ يتحدثون عنه سوى بعبارات مقتضبة.
والجدة التي توقفت عن سؤالها عنه، اين هو؟، ولماذا تأخر؟، إكتفت فقط بأن تقص عليها بعض المواقف الطريفة التى حدثت في حياتها،.

جلست علي فراشها وهي تتذكر بعد أن قام بتوصليها إلي منزل الجدة أصبحت تكاد تراه فى وجبة الأفطار وتكون محظوظة جداً إن رأته قبل الخلود للنوم،
لا تعلم متي يأتي ومتي يذهب، وما ذلك العمل الذي يجعلها لا تراه سوي دقائق قصيرة،
نظرت إلي الساعة المعلقة علي الحائط لتجد أن الساعة قد تخطت الثالثة صباحاً.

توجهت نحو الفراش وهي تشعر بالصداع الذي يفتك برأسها كلما تشرد وتفكر به، رائع يا ليان لقد أصبحتِ لا تفكرين بأحد سواه،
أغلقت جفنيها وهي تحاول أن تنام، تقلبت يمينا ويساراً وهي فى كل حين تتأفف، ازاحت الشرشف لتتوجه نحو الشرفة،
سحبت نفساً عميقا وزفرته علي مهل، الهواء المنعش سيجعلها تتحسن، إبتسمت فى خفوت وهي تتكأ علي السور بذكريات قديمة، مشاجرتها هى وأختها تشتاق إليها بشدة.

علي الرغم إنها تتحدث معهم يوميا إلا أن مكالمة الفيديو لا تكفيها
إنتهبت علي سيارة تدلف إلي المنزل ولم يكن سواه، ترجل من السيارة ببطىء وهو يتوجه نحو الداخل.
ستتحدث معه، تلك فرصتها الوحيدة قبل أن يعودا إلي لندن
إنتظرته أن يأتي للغرفة لكنه خيب ظنها، دلفت إلي الغرفة وهي تجلس علي الفراش بقلب منتظر وعقل أوشك علي الجنون.

ظلت تهز ساقيها بتوتر وهي تعد الثواني والدقائق ليأتي، هل رحل؟ كلا لم يرحل لم تستمع إلي صوت السيارة بعد
قامت من الفراش وهي تضع بوشاح علي رأسها وتذهب إلي غرفة المكتب،.

امسكت بالمقبض وفتحت باب الغرفة بعنف وانفاسها تعلو وتهبط من الحنق والغيظ الذي يتآكلها، وجدته يريح بجسده علي الأريكة مغمض العينين وعندما وجدته عارى الصدر، عند تلك النقطة أدارات وجهها للخلف وتحدثت بنبرة هادئة رغم تلك النيران التي تعتلي فى داخلها
- اريد أن أتحدث معك والآن.

مغمض العينين ينعم براحة تستمر عده ساعات قليلة ليواصل يوم الغد الحافل، تفاجأ من إقتحام أحدهم الغرفة دون أن يطرق الباب وقبل أن ينفجر بغضبه وجدها هي، هل ما زالت متيقظة؟ إنتظره لكي تتحدث معه؟
ابتسم بسخرية
- إلتفتي وتحدثي معي لن أتحدث مع عنقك
جزت علي أسنانها بغيظ رغم إشتعال وجنتيها من اللون الاحمر القاني، إلتفت إليه وهي تشيح بوجهها عنه
- يجب أن نتحدث
- فى الغد.

هتف بها ببرود، لتشتعل غضبا وهي بدون وعي تتوجه نحوه
- ليس فى الغد الآن هل المناقشة معك تتطلب موعد
قام من مجلسه وهو يقف قبالتها واضعا كفيه في جيب بنطاله وعيناه تجوبان وجهها
- وما الأمر؟
- أخبرني هل سأظل هكذا طول الوقت، لا اعلم عنك شىء ولا تتحدث معي كمثل الأشخاص الطبيعين تتركني مثل اا،
دنا نحوها هامسا
- مثل ماذا؟

ارتدت للخلف عده خطوات وهي تشعر برائحة عطره تتوغل إلي روحها هذا يجعلها فى حالة من اللاوعي ويجب أن تفيق فهي أمامها فرصة للتحدث معه فهو أمامها أخيراً،
أغمضت جفنيها وهتفت بكل ما يعتمل في صدرها.

- مثل الكرسي أنت لا تفهم ذلك الشعور الذي يروداني أشعر بأنني، اااه لا اعلم كيف اصفه لك، يوجد الكثير من الاشياء والتساؤلات بداخلي ولا أجد جواباً لأي منهم أكتفي فقط بالظن أو التخمين، لقد تعبت حقا لقد تعبت لا اريد ان ابقي هنا، سأرحل سأعود بأدراجي إلي القاهرة وأعدك انني سأعطى مالك في أقرب فرصة ممكنة
فتحت جفنيها لتشهق وهي تضع بكفها علي شفتيها كأنها تحاول أن تكتم شهقتها قبل أن تصدر،.

هيئته تلك لم تعهدها من قبل يشبه كهيئة الملثمين أو قاطعي الطرق، زرقاوه عيناه البراقة إختفت وحل محلها ظلام دامس، شعره المبعثر بعشوائية علي جبهته، إنفعالات جسده الذي يتحكم بصعوبة وهي تراه يقبض بكفه بقوه حتي ابيضت سلمياته،
بللت شفتيها وهي تشعر بالخطر يحوم حولها عليها ان تهرب، الآن!

آكل المسافة الباقية بينما ارجع بجسدها للخلف ليرتطم ظهرها بالحائط، تنظر له برهبة وتجوس وخوف وفرصة النجاه إنعدمت عندما هتف بغضب جعل جسدها ينتفض كلياً كالعصفور بين يدي طائر جارح
- ماذا قلتي، هيا إسمعيني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة