قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس عشر

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس عشر

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس عشر

كل شيء يجذبه إليها، لا يستطيع الأبتعاد، تلك المنامة السوداء برغم أنها تصل إلي كاحلها لكنها ضيقة بطريقة استفزته تبرز جميع مفاتنها بأغراء، بطريقة ألهبت رجولته، وهو ليس بقديس حتى يمتنع.
كونه ثملاً لا يعني إنه غير قادر أو لا يستطيع التمييز من بجواره،
منذ مدة طويلة توقف عن الشراب، امتنع ولكن لا يعلم لما قدماه أخذته إلي إحدى الحانات ليشرب، يريد أن ينسي!

ينسى ماذا لا يعلم، ينسى أنها الوحيدة التي تجرأت وصفعته، ينسى أنها كانت مصدومة بل مصعوقة مثله، ظل يشرب، ويشرب وصوره الصفعة لا تغادر مخيلته.
شعر بجسد إمراه تلتصق به وهي تهمس بأذنه ببعض العبارات الراغبة، اشمئز ولأول مرة يشمئز، في حياته لم يبتعد عن امرأة راغبة به، لكنه رغبته تغيرت يريد الأخرى، دفعها عنه وهو يزجرها بعنف إن إقتربت منه مرة آخري فإنه لن يرحمها.

إقترب منه الحارس وهو يخبره عليه بالعودة قبل مجىء أو الشعور بأحد من الصحافة بكونهم في إحدى الحانات، خرج متأففا، لم ينسى شرب ليثمل ومع ذلك لم ينسى، هيئتها المتفجرة صفعتها، إرتعادها منه، ثم قبلتهم.
عندما تذكر قبلتهم، احتاجته الرغبة في تذوقهم مرة أخرى ويدور في ذهنه أهم سؤال ويجب عليه معرفته!

ذهب لغرفتها ليراها تنتظره نبرتها كانت تحمل إشتياق لوع خوف ميزه ميز كل شيء من نبرتها، كانت تخشى إن حدث له شيء، أخرج سؤاله والتي كانت بمثابة كالقنبلة في وجهها، يعلم أنها تزوجت بشخص آخر قبله، لكنه يريد أن يعلم أو يطمئن من شيء لا يعلم ما هو؟! لكن الاطمئنان هو الشعور إنها هي الوحيده له.

نظر إلي مفاتنها المخبئة تحت المنامة، ليعود مرة أخرى النظر إلى عيناها، تبكي! كانت تبكي وتنتحب بصمت، يا إلهي ما الذي كان على وشك فعله، نظر لهيئته ليجد أنه ما زال يعتليها جردها من منامتها وهو ما زال ببنطاله فقط
سحبها من ذراعيها لتصبح في مواجهته، بداخله يريد البوح بالالاف الكلمات لكن عجز اللسان عن النطق، توقفت الكلمات كما توقفت تلك المعزوفة الهادئة التي كان يستمعها وهو بقربها
- انا انا.

بتر عبارته لن يستطيع قولها لن يستطيع، طبع قبله هادئة أعلي جبينها وهو يحتضنها، جسده يعبر عن الأسف وقبلته تحمل الكثير والكثير ما لا يستطع اللسان البوح به.

إنتفض كمن لدغته حية وهو يحاول ألا ينظر إليها مرة آخري، سيضعف ولأول مرة يضعف أمام أنثي هيئتها آلمته، نظر لثوبها الممزق بأسف إلتقط قميصه وألبسها إياه وهي كانت كالقط الوديع تتابعه في صمت، دثرها بالشرشف ليخرج من الغرفة دائما الهروب ليس حلاً لكن حل مؤقت في الوقت الراهن.

فتحت جفنيها ببطء عندما شعرت بصوت باب الغرفة يفتح، لم يكن سواه، نظرت للساعة المعلقة لتجدها السابعة صباحاً، تصنعت النوم كما هو تصنع المبالاة.
قامت من فراشها وهي تتوجه نحو المرحاض، هيئتها مدمرة
شعرها أشعث، شفتيها ما زالت تحملان أثره، ترتدي قميصه
أمالت بأنفها لتشتنشق رائحة عطره، رائحة عطره الممزوج بعبق رجولته.

رائحته زلزلتها جعلت معدتها تتقلص ووجنتيها تشتعلان حمرة، جسدها طُبع بعبقه الرجولي، حاسه الأنف كانت كالرادار المتربص، جسدها يحمل بصمته.

خلعت القميص وحالة اللاوعي داهمتها، سبته في داخلها وهي تخفي بجسدها داخل المغطس، لا تستطيع لومه علي ما فعله لأنه كان ثملاً، تلومه على فعله، لماذا شرب؟، ابتسمت بسخرية ماذا كانت تتوقع تتزوج بشيخ، كان عليها أن تأخذ حذرها من تلك النقاط، لكن هل يفيد البكاء على اللبن المسكوب.

- انت اتجننت يا يوسف بقولك البت شبهها تقولى هو ده السبب اللي دفعك إنك تتقدملها
صاح عمار بغضب، صديقه تغير مائة وثمانون درجة، لا يعلم بماذا يفكر؟ وما هي طريقة تفكيره
رد يوسف بهدوء
- ده بدل ما تقولي مبروك يا صاحبي
إنفجرت براكين داخلية محبوسه في داخله، ليجعل ذلك الشبه فاقد يفيق
- بقولك فوق هند غير ليان وليان غير هند، حتي لو فيه ملامح بسيطة تجمعهم ده مش معناه إن شخصياتهم واحدة وإن تفكيرهم واحد.

قام يوسف من مقعده وهو ينفض ملابسه من الأتربة
- علي العموم الخطوبة وكتب الكتاب يوم الخميس الجاي ابقي تيجي
واستدار مغادراً عمار الذي ما زال واقفاً بسخط،
توقف عن السير عندما سمع صوت عمار الجهورى
- علي فكره ورد تعبانة، عندها كانسر
زلزلته تلك الكلمة، شعر بفقد جميع حواسه، ليلتفت إليه وهو شبه مبتسم
- عقاب ربنا دايما بيكون عادل يا صاحبي.

- ما بك هل أنتِ بخير؟
نطقها تيم وهو يراها ممتنعة عن الحديث وشاردة
نظرت للجميع وهمست في خفوت
- نعم نعم بخير
وكأن تلك الكلمة تطمئن حالها قبل إطمئنانهم
- أعتذر ولكن يجب عليّ الرحيل
ردت جاسمين بعبوس
- لكنك جئتي منذ خمس دقائق
- إنني متعبة علي الرحيل
إستقامت ليلي من جلستها لتمسك بعضدها وهي تواكب في سيرها، همست بقلق وهما يتجهان خارج المقهى
- ليان هل أنتِ بخير؟
أومأت إيجاياً وهي ترد بكذب
- نعم بخير، عليّ الذهاب.

انسحبت ببطء وهي تصعد للسيارة حمحم السائق بجدية
- سيدتي هل سنعود للمنزل؟
- كلا، تجول في الشوارع
أذعن السائق لطلبها وبدأ التجول في شوارع لندن، كانت تراقب الطريق بأعين منتبه حتى هتفت
- توقف
أوقف السائق السيارة لتخرج منه وهي تتوجه إلي نحو إحدي المقاعد البعيدة عن أعين الجميع.

اليوم كان مغيماً عكس باقي الأيام، رفعت بأعينها نحو السماء لتجد ضوء الشمس مختفي بين الغيوم، سحقت شفتيها السفلي بألم لتبدأ وصلة البكاء التي جاهدت في إخفائها، علا صوت بكاءها يمس القلوب مما أثار ريبة السائق ليتوجه نحوها
- سيدتي هل أنتِ بخير؟

لم تسمعه، لم تسمع أي حرف ما قاله بل لم تراه من الأساس طأطأت برأسها للاسفل وهي تضع كفها علي شفتيها، أعاد السائق سؤاله عدة مرات لكن بدون فائدة، أخرجت جميع الشحنات السلبية المختزنة بداخلها لتدير بوجهها إليه هامسة بصوت مبحوح
- هيا لنعود للمنزل.

- سيدي سيد زيدان يريد رؤيتك
هتف بها ستيفن بعملية ليرد زين بجمود
- ادخله
خرج ستيفن من الغرفة، ليدلف رجل في منتصف الستينات ملامحه هادئة رزينة، هتف بترحيب وهو يعانق إبنه الأخر
- مرحبا يا بني
إبتعد زين وهتف بهدوء
- اهلا يا عمي تفضل بالجلوس
جلس زيدان علي الأريكة ليجلس الآخر على الاريكة المقابلة وعيناه محدقتان نحو الفراغ
حمحم زيدان بجدية
- اراك شارداً وغير منتبه
رد زين بهدوء.

- لا يا عمي مشغول ببعض الأعمال ليس أكثر
- أعلم أنك لا تحب التحدث في المواضيع الخاصة مع أحد وتحتفظ بها بداخلك ولكنني جئت حتى اخبرك أخيرا خالد سيأتي
إنتبه زين علي حديث زيدان ورد بتعجب
- حقاً لم يخبرني بذلك عند آخر مكالمة
- لقد هاتفته أمس، قال إنه سينهي تلك الجولة ثم سيعود للندن بضعة أشهر إجازة
رد باقتضاب
- جيد
هتف زيدان بابتسامة مرحة
- ولكن أخبرني كيف حال زوجة إبني، وكيف تسير حياتكم
- بخير يا عمي.

قام زيدان من مجلسه وهو يلاحظ تمنع زين عن الحديث معه، لم يغيره الزواج ظل كما هو، كتوم وغامض،.

نظر زين إلي الباب الذي أغلق ثم عاد ببصره محدقاً نحو الفراغ، لا يصدق ما فعله ليلة أمس، سيظل يتذكرها طوال حياته ولن يقدر علي مسح تلك الحادثة المشؤومة، تنهد بحرارة وهو يسند برأسه للخلق غالق جفنيه، لا يستطيع العمل لا يستطيع التنفس بحرية شيء يجثم صدره يضيق تنفسه، يشعر بالغرق، شيء يسحبه للأسفل نحو مكان مظلم إلي أعماق أعماق البحر، ولكن هل من منقذ؟

أخذ يخطو بخطواته نحو مكتب والداه، أبيه تلك الكلمة التي لم يشعر بها إطلاقاً
- والله زمان يا سيد شهاب مشفتوش وشك، خير
هتف بها عز بسخرية وهو يلقي بنظارته الطبية على سطح مكتبه
- انا قررت اتجوز
قام عز الدين من مجلسه وهو يضع بكلتا يديه في جيب بنطاله
- جميل جميل ومين بقي اللي قررت تتجوزها
لاحظ نبرة والده المستنكرة، يجب عليه المحافظة على هدوءه حتي لا يفقد أعصابه تحكم في أعصابه بصعوبه وهو يرد.

- إسمها ندي أبوها بيشتغل لواء وهتقدملهم آخر الأسبوع
هتف بعنجهية وسخرية
- وانت بقي إفتكرت أبوك دلوقتي ولا ايه يا حضرة المقدم؟
يبدو أنه ما زال مصراً علي أن يفقد أعصابه، رد ببرود رغم تلك الثورات الداخلية التي تعتمل صدره
- انا جيت علشان أبلغك، عايز تيجي أو متجيش انت حر
هدر عز الدين أمام إبنه
- انت بتقل أدبك على أبوك
اتسعت مقلتي شهاب بتعجب باستنكار شديد قال.

- ابوك؟ ايه يا عز باشا انت ما صدقت ولا ايه؟ انا جيت النهاردة وبديلك خبر علشان متسمعوش من الغريب سواء جيت أو مجتش أنا هروح عن إذنك بقى يا عز بيه علشان ما أكونش عطلتك علي شغلك
واستدار مغادراً الغرفة، تاركاً عز ينظر إلي فراغه بدهشة.

قلبه يؤنبه علي ما فعله لكن عقله لم يتزحزح يخبره أن ما فعله ليس بشىء طوال تلك الأعوام الكئيبة التي قضاها معه، يجب على والده أن يعلم أن ما غرسه سوف يأتي حصاده وها قد جني حصاده بعد سنوات من اللامبالاة و البعد وعدم الأهتمام، فلا يلومه أحد علي ما سيفعله أو ما صدر منه.

ارتشفت الجدة العصير وهي مستاءة، توقعت قدومها ستجعلهم يتقربون، لكن ما الذي حدث؟
مفترقان مبتعدين يعاملان بعضهما كالشخص الغريب، إذا لما تزوجها، ما الذي جعله يتزوج وخصوصا فتاة شرقية وهو سيعاملها بجفاء
لكن ما طمئنها نظرات حفيدها نحو تلك الشرقية الخلابة، نظرات عينيه تفتضحانه برغم أقنعة الجمود والبرود الذي يغلف بها بوجهه، ستستمر في محاولتها حتي وإن تدخلت بالقوة.

دافعها ليس لرؤية طفل لزين، دافعها هو رؤية حفيدها قد استقر في حياته وعمله، يكون محاطاً بزوجة تعشقه وتكوين نبتة عشقهم طفل يزيد من رابطتهم المقدسة وتجعلهم متعلقين به أكثر، متى سيأتي ذلك اليوم؟ هل سيأتي ذلك اليوم وهي ستكون على قيد الحياه أم ستظل ذكرى لهم.
تنهدت بحرارة لتعود مرة آخري ترتشف العصير وعقلها يعمل ويعمل حتى اهتدت لخطة ما لكن يجب عليها أن تتريث قليلا.

- تتوقعي يا ماما مكنتش ممكن اشوف لحظه انهيارك
هتفت بها ورد بابتسامة هادئة وهي تطالع ملامح والدتها المنكسرة
لتتابع بهدوء.

- سبحان الله بجد الشخص اللي مقدرتيش تساعديه و تديله فلوس علشان يتعالج هو أول شخص جالي، عارفة ده معناه إيه؟، وسبحان الله برده رغم إن إحنا معانا فلوس بس الفلوس مش هتقدر تخليني أعيش، ديه كانت زي قرصة ودن علشان كنت أفوق من اللي انا فيه قبل فوات الأوان ما ربنا عمره بيكره عبد من عباده يا ماما
تريثت قليلا لتوجه ببصرها إلى والدها.

- وحضرتك يا بابا، شفت آخر الطمع والجشع ممكن يودوا الأنسان فين؟، إنت عارف أنا مكنتش متخيلة في يوم من الأيام إن أنا أتكلم وأقول حاجات زي ديه؟!، حاسه إني شخص تاني غير اللي أنا أعرفها بس بقيت شخص نضيف من جوا قبل من برا، صدقوني أنا مش مرعوبة و لا خايفة من الموت الموت طول عمره قريب مننا بس أحنا كإنسان بيتجاهلها أو بينساها وسط مشاغل الدنيا.

سحقت شفتيها بألم يوجد شىء آخر لم تفعله، تريد فعله قبل أن ترحل، يجب عليها رؤيته ولكن أين هو؟!

نزلت الدرج بخطوات مهرولة وهي لا تصدق الضيف الذي آتي إليها، وجدته جالس يحتسي القهوة ويتحدث مع الجدة بمرح والجدة ابتسامتها لم تفارقها
إلتفت الجدة إلي ليان وهتفت في حبور
- ليان إجلسي يا بنتي وانظري ماذا فعل زوجك.

تعلقت عيناها بحمزة، لقد إشتقات إليه إشتقات التحدث بالعربية اشتاقت لأهلها، اشتاقت لكل شىء، حنين يدب في أوصالها للمرة الثانية وهي تري حمزة يهتف بأبنتي، حاولت التحكم في دموعها التي سقطت من السعادة
- وحشتني جداً يا عم حمزة
نبرتها خرجت واهنة ضعيفة وأعينها تتراقصان من السعادة
- وانتي اكتر يا بنتي
أكثر ما تكره الجده هو البكاء، يجعلها تشرد في ماضيها المليء بالذكريات، زجرت ليان وهي تطرق بعصاها على الأرض.

- إجلسي يا فتاة حمزة لم ينتهي بعد
جلست بجوار الجدة ليغمغم حمزة
- كيف حالك؟
- بخير
لم يصدقها كل شيء يجعله يسترعي الشك في داخله، هيئتها، شحوب وجهها نظرات أعينها الزائغة، هم بالسؤال مرة أخرى ليجد الجدة تتحدث بحماس
- هيا يا حمزة تابع وماذا حدث بعد ذلك؟
- أنتي تعلمين ذلك القصر لا يسمح زين بدخول أي إمرأه، هنا كانت الشيء الصعب لقد جعل الحراس هم الذين ينظفون المنزل ول.

انتبهت حواسها على حديث حمزة، ليتوقف عقلها قليلا مفكراً، قصر أي قصر هل يقصد ذلك القصر في القاهرة؟!
بالتأكيد هو لا يوجد منزل آخر، كانت متعجبة من عدم وجود خدم
- معذرة على المقاطعة ولكن لما ذلك القصر لا تطؤه إمراه بقدميها
رد حمزة ببساطة
- لأنه قرر أن الفتاه الوحيدة التي ستدخل القصر هي زوجته
هبت من مجلسها لتعلو نبرتها بضيق
- يعني كنت تعلم منذ البداية يا عم حمزة؟ لما لم تخبرني.

ضربت بكفها على جبهتها وهي تسخر من غبائها
- يا إلهي كم كنت مغلفة، كوني أعمل مساعدة لبضع أيام كانت لعبته، هل كنت للدرجة غبية؟!
أدرك حمزة فداحة الأمر، نظر للجدة ليجدها كانت ترسل بنظرات محبطة وضيق في آن واحد
راقبها وهي تصعد للأعلي بخطوات تنفس عن نيرانها الداخلي
- ماذا سيحدث برأيك؟
رمقته الجده بضيق وعبوس
- أتعلم يا سيد حمزة لقد ضاعت جميع مخططاتي التي سأقوم بفعلها الأسبوع القادم.

كان يتحاشى النظر إليها في اليومين السابقين، ضميره يؤنبه و الحادثة المشؤمة ما زالت تقتحم خياله،
تنهد بحرارة محدثاً نفسه وماذا بعد؟ أين سنصل لذلك الطريق الغير بارز اي علامة من علامات خط النهاية!
خلل أصابعه علي خصلات شعره بيأس، أغلق جفنيه متنهداً.

ما زالنا في البداية يا صديقي، سحق شفتيه بغيظ زاجراً اي طريق بداية لقد جعلتها تنهار باكية في طريق عام ولم تفعل لها شيئاً، لم تواسيها لم تعبر لها عن أسفك، لقد تركتها تخليت عنها، لن يكون له أي دافع إن طلبت منه الرحيل، سيكون لديها كل حق لن يستطيع ردعها.
صوت الجلبة الذي حدث في الخارج أيقظه من شروده، قام من مجلسه ليري تلك الجلبة والتي حدثت لثاني مرة على التوالي في ذلك العام،.

وجدها إقتحمت الغرفة بعنف ونظرات أعينها لا تبشر بالخير وخلفها السكرتيرة التي تمتمت بعذر
- سيدي أعتذر ولكن السيدة اقتحمت الغرفة و
قاطعها زين ببرود
- لا مشكلة عندما تأتي دعيها تدخل للمكتب فوراً
كان يراقب ستيفن ما يحدث عند مقدمة الباب، ليسحب السكرتيرة هاتفا بعنف وهو يغلق الباب خلفه
- هل جننتي يا إيم تلك زوجة السيد
صعقت إيم من حديثه لترد بتلعثم
- يا إلهي هل هذا يعني أنني سأستلم ورقة طردي من العمل.

- صلي يا فتاة أن يكون مزاج المدير جيد، ولكنني لا أريد أن اطمئنك مزاج المدير متعكر تلك الأيام
قذفت بعلبه المناديل في وجه وهي ترد بحنق
- هل هكذا تطمئنني يا رجل اغرب عن وجهي.

حديث الأعين دائر بينهم، عيناه تلمعان كالنجوم المتلألئة في حضرتها، وتغيب في غيابها، كالقمر يصطحب معه النجوم وحينما يغادر فترحل معه النجوم.
تشعر بالضيق أو الغباء، لقد خدعها، إنه كان مخطط مسبقاً بالزواج إذا لم لا يتحدث معها كأي رجل عادي؟!
لتجيب وهل هو رجلاً عادي؟!، لن تفهمه أبداً ستحتاج لوقت طويل لفهمه،
لا تحاولي كثيرًا فهم الرجل، ببساطة لأنه ليس لديه ما هو جدير بالفهم إنما بالتفهم.

إنتظرته بالمبادرة بالحديث، لكنه لم يتزحزح عن تأمل تفاصيلها بلهفة، يتحفظ ملامحها كأنها للمرة الأخيرة التي سيراها، حدقتي عينيه تهلكها، تدمرها، لا يحتاج إلى أي أسلحة ليخترق روحها، نظرة عيناه كفيلة فقط بأقتحام روحها.
عقدت ذراعيها على صدرها وهتفت
- أعترف حقا أنني كنت حمقاء ليس حمقاء فقط بل غبيه وأرفع قبعتي لك يا سيدي.

لماذا في كل مرة تحاول إخراجه عن إرادته، سيتفوه بالكثير من الحماقات والتي سيندم عليها مؤخراً
رد بكل عنجهية وهو يستدر للجلوس علي مقعده
- ليان توقفي ليس لي وقت لذلك الحديث
لا تعلم كيف يداها تجرأت على فعلها؟، أمسكت بكفه وسحبته إليها لتحيط بكلتا ذراعيها تتمسك بياقة قميصه هامسه.

- أنظر إلي عيناي زين تمعن في النظر إليه وأخبرني لما تزوجتني لقد علمت من عم حمزة ان ذلك القصر لا تسمح لأي إمرأه بالدخول إليه سواي، لماذا يا زين؟ أخبرني
ويداه كرد فعل طبيعي سحب خصرها لتلتصق بصدره، دنا نحو أذنها هامساً
- كيف أتتكِ الجرأة على فعلها؟
نبرته تحمل الكثير الكثير من المكر والخبث، ابعدت بذراعيها عن ياقة قميصه وأسندت بكفها علي مرفقيه وهي تحاول إزاحة يديه الفولاذية، هدرت بحنق.

- إبتعد ليس هذا وقت للمزاح
- أنتِ التي إقتربتي مني
زفرت بأنفاسها أمام وجهه
- يبدو أنك ستفعل كل مرة ستتجاهل حديثي وتتطرق إلى مواضيع جانبية
أشاح بذراعيه عن خصرها وهتف بجمود
- ليان ليس هذا وقت للحديث
وإجابتها كانت عنيفة
- إذا أخبرني إلى متى سأنتظر؟ يوم، إثنان، إسبوع، شهر، عام
سكنت للحظات وبسخرية تابعت
-وهل تتوقع مني أنني سأنتظر مثلاً، كلا.

استدارت للخلف متوجه نحو الباب لتغادر، خرجت وهي صافقه الباب خلفها بقوة، الغيظ والحنق يتآكلها تريد التنفيس كبت داخلي تريد إخراجه، وجدت عامل النظافة يجر بصندوق القمامة، لاقت تلك الفكرة استحسانا لتدمر الأرضية لكن ما ذنب العامل، زفرت بحنق وهي تعدل مسارها متوجه نحو المصعد.

حدث ما توقعه، لم يجد الرد ككل مرة، لما هي لا تحاول فهمه؟!
يود قص لسانها الذي يتفوه بالكثير من الحماقات والتراهات الذي يزعجه، أرجع بخصلات شعره للخلف ويداه الأخري موضوعه علي خصره.
أخرج لفظ خارج من شفتيه ليتوجه إلى النافذة الزجاجية، نظر إلي المحيط حوله كل شيء ساكن لا يقارن بالضجيج الذي بالأسفل
كذلك هو ساكن بارد عكس الثورات الداخلية التي تحدث في داخله.

تنحنح شهاب في حرج لأنه جاء بمفرده، والداه لم يأتي وهذا كان متأكد منه، تقلقه نظرات أيمن المتفحصة والثاقبة وكأنه عدو هجم علي بيته، ورغم من ذلك هتف بهدوء مقرراً قطع تلك الصمود
- اهلا يا بني
- اهلا بيك يا فندم
لا يستطيع نطق عمي الآن! سحب نفساً عميقا ليزفره على مهل
- انا جيت النهاردة علشان أطلب بنت حضرتك الآنسة ندى
- بس متأخذنيش انت جاي لوحدك وده ي
قاطعه شهاب
- أمي إتوفت من وانا صغير ووالدي.

صمت قليلا لا يعلم ما الذي عليه قوله رد أيمن وهو يرفع عنه الحرج
- ندى حكتلي كل حاجه، بس ده ميمنعش اني منساش اللي عملته في بنتي قدام الناس كله يا سيادة المقدم
طأطأ رأسه في حرج ليغمغم بثقة.

- صدقني يا فندم كان تهور مني، كنت عايش في حالة من اليأس والأحباط كنت بتعلق علي مقدار أمل ولو صغير إن ندي تكون حاملة ذره بسيطة من المشاعر ليا، أنا مش هتكسف و مش وقاحة مني إني أقول لحضرتك إن ندي هتبقي أمي وأختي وصاحبتي قبل مراتي، انا لقيت في ندي صفات نص التاني.

شهاب يشبه كثيرا عندما كان في عمره، ذكره بأيام شبابه وهو كان يتقدم للطلب حبيبته، هذا الشاب عاشق متيم بابنته التي كبرت أمام ناظرية وهو لا يصدق أنها أصبحت عروس يتقدم إليها الشبان لأخذها.
تنهد أيمن وهو يهتف بجمود
- أنا آسف يا سيادة المقدم طلبك مرفوض، ابن عمها إتقدم لطلب إيديها قبلك وانا وافقت وهي بمثابة خطيبته حالياً وحضرتك عارف طبعا حديث الرسول
لا يخطب أحدكم علي خطبة أخيه.

تلك ليست بمثابة الصدمة بل الصاعقة التي أفقدت جميع حواسه، نظر إلي أيمن بذهول ودهشة هل يمزح معه؟ ليس هذا وقت للمزاح الآن كان يتحدث بهدوء وجدية.
علق ببصره ناحية الباب ليجدها قد أسقطت صينية تقديم المشروبات على الأرض، وهرعت نحو الداخل.

- انظروا ماذا جلبت
صاحت بها ليلي وهي تتقدم للطاولة الخاصة بهم، نظرت إلي أعينهم الفضولية و المتسائلة أخرجت التذاكر من حقيبتها وصاحت بمرح
- حفله تذاكر للمغني إيد شيران
صاحت سلمى وجاسمين بسعادة وصفقت جاسمين بمرح
- يا فتاة انتي رائعة سأقبلك
قبلت جاسمين وجنتي تحت نظراتهم
- متى الحفل؟
- الأسبوع المقبل هيا استعدوا سيكون اليوم حافل
علق تيم بصره بليان ليهتف بتساؤل
- هل ستأتي؟
غمغمت في خفوت
- بالطبع لما لا.

إبتسم وعيناه تلمعان بوميض خافت لاحظتها، هزت رأسها نافية من تلك الأفكار التي تراودها، أصبحت تتخيل أشياء لا تمت للواقع بصلة، تنهدت بحرارة وهي تتابع حديث جاسمين وليلي المرح وكيف سيقضيان اليوم بأكمله في الخارج و تيم يحدق بها بهدوء.

أمسك بقنينة العطر وهو ينظر إلي هيئته في المرآة أسبوع مر على ذلك اليوم، ابتلع غصة في حلقة بصعوبة لماذا دائما تسير حياته في الطريق الخاطئ،
لماذا يرحل الجميع من حوله، كيف فعل والداها ذلك، لقد طعنه بدم بارد، قذف قنينة العطر نحو المرآه ليسمع صوت مدوي والمرأة تهشمت إلى قطع صغيرة على الأرض.

ماذا فعل في حياته ليستحق ذلك العقاب، أولاً والدته، ثانياً والداه، ثالثاً صديقته ورد تعيش باقي حياتها بالطول وبالعرض، وأخيراً حب حياته ندي.
ارتمى على الأرض وهي يشد خصلات شعره بقوة حتى كاد ان يقتلع من جذوره، أسيستسلم وهو يراها ستكون بين يدي رجل آخر يلمسها، رجل آخر يلمس حبيبته، كلا لن يقدر لن يتحمل، دماء حارة تسير في أوردته، دماء رجل شرقي متملك لحبيبته، وماذا عنها هي هل ستوافق؟ هل ستقبل وترضى؟

والسؤال يبقى هل سيحارب أم سيستسلم؟

كانت وسط المئات من المعجبين، تسمع صيحات المعجبات بهمهمات لم تفهمها، نظرت إلي ليلي وسلمي وجاسمين لتجدهن أطلقن صيحات وصراخ عالي عندما بدأ العزف.
نظرت للحارسان اللذان على مقربة منها بتهكم لتعود ببصرها مرة أخري إلي المغني
إقترب تيم وهو يعلو بصوته بالقرب من أذنها بسبب صوت الضجيج
- أراكِ لست مستمتعة عكس باقي الفتيات
- كلا لكن صراخ الفتيات صم آذاني
ما زال على نفس مقربته ولم يبتعد.

- هل تريدين الخروج الحفلة ما زالت في بدايتها
علقت بنظرها ل ليلي التي وجدتها توجه بصرها نحوهم ويبدو أنها سمعت حديثهم برغم الضجيج
- هيا بنا
صاحت بنبره عاليه نحوه
وفي أقل من الثانية اختفت هي و تيم، نظر الحارسان لبعضهم بتوتر لاختفائها كالزئبق
لن تكون رد فعل سيدهم هينه.

هدر زين بعنف وهو يوبخ الحارسان
- هل أنتم حمقى وأغبياء تركتوها تبتعد عن أنظاركم وذلك الحقير معها
أطرقا الحارسان برأسهما أرضاً، هتف الحارس الأول بتوتر
- سيدي كانت تحت أنظارنا ولكن اختفت فجأه الحفلة كان يوجد بها الآلاف من الأشخاص كانت بمثابة إبره في كومة قش
تلك المبررات كانت سخيفة للغاية، إزداد غضبه تفاقماً
- واللعنة عليكم هل أنا أدفع المال لتخبرني بتلك التراهات.

- إذهب الآن لن يغلق لك جفناً حتى أراك وجدتها أفهمت؟
هز الحارسان رأسهما إيجاباً، ليصيح زين بغضب وأعين مشتعلة كالجمر تين
- والآن أغربوا عن وجهي
غادرا الحارسان وهما يلتقطان أنفاسهما بصعوبة شديدة، مهمة البحث صعبة
ضرب بكفه على المكتب وهو يسب ويلعن
- اللعنة
تتعمد دائما أن تثير حنقة بمصاحبة ذلك الصحفي، لقد صبر بما فيه الكفاية علي ذلك الغبي، جلس على المقعد وهو ينتظر على أحر من الجمر أتصال الحارسان.

الدقيقة تلتها الساعة والساعة تلتها عدة ساعات، لا يعلم كمية لفافات التبغ التي أحرقها، نظر إلى الساعة التي أصبحت الثانية عشر صباحاً، رنين هاتفه قطعه من شروده، إلتقط هاتفه ليسمع حارسه بأنها عادت إلى المنزل بسيارة أجرة، ألتقط جميع أشيائه متوجهاً للبيت وعيناه تحملان وعيد وغضب.

أغلقت باب غرفتها في هدوء لتخلع حجابها والكنزة العلوية وترميهم على الأرض بلا اكتراث، تقدمت نحو المرآه وهي تنظر إلي هيئتها في المرأه، عضت شفتيها السفلي بألم وهي تنظر إلي عنقها،
شهقت بقوة عندما سمعت صوت إغلاق الباب بعنف
إلتفت للخلف وهي تطالع إلي ملامحه الشرسة، كان يتفحصها من رأسها إلى أخمص قدميها.

نظرات عينيه الزرقاء أصبحت قاتمة، أيعنى ذلك أنها في مرحلة الخطر؟، قشعريرة خفيفة رجت كامل جسدها، تطلعت اليه بثبات رغم انهيارها داخلياً لتستمع الى حديثه القاسى
- واللعنة ما تلك العلامات التي على عنقك؟
كانت تنظر إلى عينيه القاتمة بثبات شديد لتهتف بلا مبالاه
- ليس من حقك
تابعت بجمود وهي تحرر خصلات شعرها
- كأنك لا تعلم ما تلك العلامات؟

شهقة عالية خرجت منها عندما أمسكها من رسغها ودفعها بقوة نحو الحائط، نظرت إليه بأرتعاد شديد، إنه فى أشد غضبه نظرات عينيه تحرقها، انفعالات جسده بالكاد يسيطر عليها بصعوبة ليهتف بصوت جليدى
- من ذلك اللعين الذى فعل ذلك؟
- ليس من شأنك
وياليتها نطقت بتلك الجمله ليغرس بأصابعه علي خصرها، سحقت شفتيها بألم، لم تعد تتحمل أكثر
أطلقت تأوهه خافت وسحبها سقوط عبرات من جفنيها، هتفت بضعف
- اترك يدي.

لم يعد يكترث بألامها كل ما كان مسلط بصره على تلك العلامات التى تزين عنقها، إنها علامات من اثر قبلات تزين بشرتها!، يريد أن يقتل ذلك الرجل اللعين الذى قام بفعل ذلك لزوجته؟
ولكن أين هى؟ تركته يفعل ذلك؟ جال ببصره مشاهد مقززة بين اللعين المجهول بأحضان زوجته،
كان يضغط على ذراعها بقوه غير منتبه لتلك المسكينة التى تسحق شفتيها مرة آخري حتى لا تصدر أي شهقات مؤلمه.

قام بفك ازار قميصها رغم محاولاتها البائسة لمنعه ولكن كيف بأمكانها المقاومة أمام أسد جريح، نظر اإى العلامات الحمراء المزينه عنقها نزولا الى صدرها.
إحتقن وجهه وقرب وجهه الى وجهها حتى بات لا يذكر اى مسافه بينهم
- حذارى يا ليان لا تقومين باختبار صبرى
ابتسمت بتهكم رغم الالام ذراعها لترد بلا مبالاة
- وماذا ستفعل هل ستقوم بصفعي؟ ام تقوم بضربي؟!
دنت قرب شفتيه هامسه
- ام ستقوم بأخذ حقوقك بالعنف؟

لم يهتز جفنيه بل صاح بجمود:
- وهل كنت تتوقعين ان اقوم بأخذ حقوقي منك بالغصب؟
مال أمام أذنيها هامساً:
- ام اعتبرها دعوة منكِ
نظرت إليه بحنق شديد رغم إشتعال وجنتيها بالحمرة من حديثه الجريئ، لم يتغير ابداً ما زال كما هو وقح جذاب وسيم، ازدادت ضربات قلبها عندما قام بطبع قبلة خفيفة على وجنتيها،
لا تجرؤ على فتح عينيها، انحبست رئتيها عندما شعرت أنفاسه تلفح صفائح وجهها إنه قريب لحد اللعنة.

لم تشعر بالالام ذراعها أمام قربه المهلك فتحت جفنيها لتجده يتطلع اليها بمكر وابتسامه تعتلى ثغره
- يبدو أنني حطمت امالك
زفرت بحنق
- ابعد يديك اللعينة على ذراعى
وبلا وعى صرخت بوجهه
- ماذا تريد منى ها قل لي ماذا تريد منى؟ لا تريد ان ترانى سعيده هل تريد ان ترانى ذليلة مكسورة ضعيفة يا زين الحديدى، لكن كلا لن يحدث ذلك، سأحب رجلا غيرك يهتم بي ويحبني واكون انا من اول مسؤلياته يا سيد زين.
- من ذلك اللعين؟

نظرت اليه بصدمه لم يهتم بأي ما قالته أعاد سؤاله للمرة الاخيرة لتهمس فى خفوت
- كلا لن اقول لك
حرر ذراعها وقام بضم قبضته وضرب بالحائط جاعلا إياها تنتفض بقوه وهى تضم جسدها محاوله بائسه فى بث نفسها بالأمان، لتجده يسحبها من قميصها المفتوح ويقربها منها ونظراته لا توحي بالخير
-هل ذلك الشاب الاشقر اللعين أم رجلا غيره قولى لى من ذلك اللعين الذى فعل ذلك؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة