قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

ليلة كئيبة في غرفتها في المشفى، صوت الرعد جعلها تنتفض في كل مرة، إحتضنت جسدها وهي تختبئ من شيء، من مجهول قادم!
غاب عدة ساعات ولم يأتي، لا يوجد اي شيء بحوزتها، لا هاتف، ولا بطاقة تعريف فقط حجابها الذي يغطي خصلات شعرها الفحمية، سمعت صوت صرير الباب يتبعه دخوله هو، معذب فؤادها ابتسمت بمرارة ونظفت حلقها.

- حياتي وأنا صغيرة كنت معتمدة فقط على السمع والطاعة فقط دون أن أسأل حتى، أبي وأمي كانا يقولان دائما لا تفعلي ذلك، توقفي عن فعل ذلك، وحينما أصبحت فتاة ناضجة توقفت عن اللعب مع الصبيان في حارتنا، لكن الصبي الوحيد الذي ظل معي هو يوسف، يوسف الذي أخبرني أمام جميع عائلتي وأنا فتاة ذات السادسة عشر من العمر أنه يحبني ويريد أن يتزوجني، يوسف كان وقتها في مرحلته الجامعية وأمام جميع الاهل اتفقوا علي الخطبة وتمت خطبتنا حينما دلفت للمرحلة الجامعية الأولي، كنت مضطرة لأن أحبه لأنه الرجل الوحيد أمامي وأنا الطفلة ذات الجديلتين التي كبرت امامه وتحولت الى أنثى ناضجة، كنت دائما أطيع الجميع تقريبا لم يكن لي رأي، اتعلم رغم شقيقتي سارة أصغر مني الا انها اكثر جرأه وشجاعة عني أكثر بكثير تستطيع المجادلة كثيرا.

ضحكت بألم وهي تنظر إلي وجه الخالي من التعبير تابعت وهي تعبث بأصابعها بشرود.

- طبيعي فالبنسبة لماما عريس لقطه وتعلم طباعه كما انه جارنا، تزوجنا وكل يوم اقول انه زوجي عليه ان احبه شيء طبيعي لكن برغم ذلك لم أشعر بذلك رغم أنه لم يفعل شيئا سيئا معي كان مهذب ومحترم، اذا هل كان مجرد حب مراهقة؟ نعم لقد كنت منجذبة له في مرحلة مراهقتي، إقترب موعد زفافنا وأصبحت لا أعلم شيء قلقي يزداد من شيء سيء قادم، وصدق حدسي حينما جاء وطلقني دون أسباب تذكر لم ابكي لم اتألم تقبلت الوضع بوجه خالي من التعابير والجميع يواسيني لااعلم لما كلما اخبرهم انني بخير لا يصدقوني.

سحبت زفير عميق وهي تنفض اتربة وبقايا ماضيها، لا تعلم كيف اتى وجلس بجوارها في الفراش، كيف أمسك بكفها ويحتضنه بين راحتي يديه بذلك الدفيء، توردت وجنتيها خجلا، لم ينفر مثل المرة السابقة بل يقترب ومقترب منها بحميمة، هل هذا بدافع الشفقة! غامت عيناها عندما اهتدت إلى تلك الفكرة، نفضت يدها منه وانكمشت حول نفسها تحت نظراته الغاضبة، أراحت بظهرها على الوسائد وهتفت.

- وعملي الذي اعتبرته موهبة لي وقررت أن ابذل فيه كل جهدي، تعرفت على مقالك بالصدفة البحتة حاولت إيجاد أي معلومة لك لكنني لم اجد قلت لا مشكلة منذ متى وانا دائما احصل على ما اريد، صداقتي بليلي كانت أشبه بحلم شيء لا يصدق، من يصدق شرقية وغريبة صديقتان ولا تحمل كل واحدة منهما للأخرى ضغينة لو سمعت ذلك الخبر قبل عامين انني سأحصل علي صديقة اجنبية وزوج غربي كنت سأقول مجنون.

ابتسمت بتهكم قبل أن تنظر الى عيناه التي اصبحت اسيرة بهم قائلة بصدق.

- حينما تقابلت أعيننا للمرة الأولى ونظراتك المبهمة وانت توصل لي رسالة تغاضيت ذلك وكنت اهرب منك اهرب حتى لا اقع في حبك، عرضت علي مقابلة زين الذي هو أنت يا إلهي كم كنت غبية وقتها، عيناك هي اول من آسرتني عرضك عليّ ذلك الزواج اهانني وانت تخبرني بلك برود انك تقيم علاقات كثيرة مع النساء، ثقتي بكوني إمرأه تحطمت بين يداك، قلت اذا زواج مصلحه لكلانا وهل هذا مثل الروايات سينتهي بالنهاية السعيدة، قضيت أيام حبيسة في اربعة جدران المنزل رغم وجود معي لكن كنت اريدك يا رجل.

كنت طفلة اريد اب بجواري شقيق يحميني زوج يبث في داخلي كلمات معشوقة يغزر بي كلمات تزيد من ثقة انوثتي لكن ماذا فعلت يا زياد كنت تبتعد وتتجاهل وكل ذلك بسبب إمرأه *** انا زوجتك ولست تلك الحبيبة الخائنة
نبرتها تحولت من الهدوء إلي الانفجار، حدة، ضعف، نجاة، دفء
- ليان إهدئي.

تمتم بها وهو يحتضنها بين ذراعيه، احاط وجهها بين راحتي يديه وعيناه تخبرها كفي، كيف تتوقف وهي تلك فرصتها الوحيدة للحديث، عندما تحدث لم تقاطعه وعندما اخبرها عن بيث حبيبته الخائنة.

ذلك الغبي تود قتله، بدأت تقارن بينها وبين الخائنة بالطبع كان يعامل الاخري بحنية لم يقسو عليها لم يتعامل ببرود لم يتجاهلها اغدقها بالهدايا ومعها رسالة حب وليس مثلها هدايا توضع اعلي فراشها وكارت صغير تكون به جاهزة على الساعة كذا، كانت كالدمية هو يحركها كيفما ااراد،
إنفجرت باكية عند نقطة معينة كم مرة أخبرها وقال انه يحبها؟، ليست مشكلتها رغم انه اعترف انها خائنة لكنها تغير انثى تغير على رجلها،.

مسح دموعها بأنامله تحت نظراتها المستفهمة، اشاحت بكفيه عنها وبترت عبارته وهي تسترسل مصححة كل شيء
- علاقتي مع الصحفي كانت سطحية جداً لم اقترب منه ولم اتوغل معه في الأحاديث الشخصية دائما يخبرني عن احوال الاقتصاد والرياضة وتلك الاشياء الغبية لكن لم أجلس معه بمفردي سوى مرة واحده ومشينا في الطريق مرة واحدة هو الوحيد الذي خرج امامي فجأه، لكن لحظة! لم تتحدث عن كمال رغم انه رجل الثاني معنا.

غامت عيناه أثر ذلك الحقير، حمد ربه أنها لم تنطق بأسمه، شفتيها لم تنطق بأسم ذلك ****،
رغما عنها خرج صوتها متحشرج وهي تتذكر ما حدث تحت براثن ذلك الثعلب
- لكن عندما وجدتك تكره بشدة ابتعدت عنه، ابتعدت دون أن اسألك سؤالا واحداً لكن وقت الحادثة أقسم لك
ثانية وكانت ستدخل في نوبة بكاء، جسدها يرتعش بشده أقر ما حدث، نظراتها أصبحت زائغة ضائعة، توترت شفتاها وهي تريد أن تستأنف عبارتها العالقة في جوفها.

وضع اصبعه على شفتيها المنفرجتين وهمس
- هششش اهدأي
للمرة الثالثة تزيحه عنه، رغم رغبته الملحة الآن في عقابها
لكن إستيقظ، هي على وشك الانهيار أمامه، لا يريدها أن تتذكر ولا يريد أن يعطى لها الطبيب منوم لتظل عدة أيام نائمة على الفراش لا حول لها ولا قوة
إرتعشت شفتيها وضمت بجسدها وهي تحصن ذاتها من اللاشيء!

- جاسمين اخبرتني انها تريد مساعدة وانه لن يكون في متجره، جاء حينما كدنا ان ننتهي رحلت جاسمين وشربت العصير الذي قدمه لي وفجأه تتحول الشاشة الى السواد لا اعلم كيف باب المتجر الرئيسي أوصد كل ما اتذكره جاسمين اغلقت الباب خلفها فقط بدون قصد وهي تغادر لتلحق وظيفتها لكنها لم توصده.

سحبها نحو حضنه وتلك المرة سيعاقبها فعلا أن تملصت بين ذراعيه، وبالفعل لم يكمل جملته حتى وجدها تحاول الفكاك منه، تنهد بضيق وهو يكبل جسدها بقوة بين ذراعيه خرجت ااه مؤلمة بين شفتيها ليخفف ضغطه من على جسدها، انامله امتدت نحو حجابها حررن بهدوء ومرمغ بعنقه بين خصلات شعرها
- ثقتك الزائدة هي المشكلة
اشتعل جسدها من الحرارة أثر زفراته التي يخرجها من أنفه وشفتيه، إلتسعت بشرتها عندما لفح بأنفاسه على عنقها.

- انت محق فتاة ساذجة غبية مغفلة ليس لديها ثقة لنفسها، وايضا يائسة ومتشائمة طوال الوقت
قاطعها وهو يلقي بقنبلة موقوتة أمام وجهها
- تيم يكون شقيق بيث
سكنت للحظات عن الحركة، تريد أن ترى عيناه وتقول انها تلك مزحة، عضت شفتيها بألم علي سذاجه عقلها يبدو عائلة حبيبته الخائنة ما زالت تطارده، رددت بألم وهي تردد مواصفات زوجته في عقلها.

- ترغب بامرأة تكون هي النور لطريقك المظلم لكنك أخطأت لست انا زياد لست أنا من ترغب بها تحافظ عليك في وجودك قبل غيابك وليس أن تتسكع مع رجال غريبين وتحاول أن تقلدهم
- ليان
زجر إسمها بعنف، لتمسك بكفيه متابعه في إصرار
- انا لا اصح لك زين انت تحتاج لفتاه واثقة وترشدك لطريق المستقيم ماذا ستفعل بي واول شيء فعلته هو الانتحار دون أن تواجه
ضمت قبضتها وضربته علي صدره في وهن وهي تردد ببكاء أشبه إلي الهيستريا.

- اكرهك بشده يا زين
تفادي ضرباتها بسهولة ليرجع بذراعها للخلف، تأوهت بألم
- اكرهك اكرهك لكن قلبي الغبي لا يعلم لما دائما يخطئ لما وقعت في حبك انا حتي لا اعلم كيف ومتى حدث ذلك لكن الشيء الوحيد الذي أخبرك به هو أنني لم أحبك كشيء واقع علي فعله بل كل نبضه تصرخ باسمك
- ليان اهدأي
ردد اسمها بهدوء وقلبه يهلع إن كانت على وشك الدخول إلي إنهيار عصبي
تملصت بين ذراعيه التي احتضنت جسدها وزمجرت بعنف.

- أخبرني متى تطلقني لكي تتزوج إمراه أكثر نضجا عني
- توقفي عن الهراء
صاح بعنف وهو يهزها من كتفيها ليفيق تلك المجنونة، التقطت انفاسها المتأججة بصعوبة قائلة بضعف
- انا لن انسى ما سيحدث لي وانت ايضا صدقني ان تابعنا ذلك سيكون جدار بيننا لن نستطيع نخترقه انت لا تثق بي بمجرد جلوسي مع الرجال
بنبرة مستنكرة صاح
- ماذا؟

- لا تنكر نظراتك للرجال في الحفلات واتهامك لي عندما عدت إلى المنزل في ساعة متأخرة وحارس غبي يحرسني كل ذلك لما؟!
زفر بحرارة علي تلك الفتاة، غمغم بهدوء
- لن أتحدث وانتي في تلك الحالة
- انت لم تتحدث معي سوى مرة واحدة
بعاند اجابت مجبره إياه علي الرد وهي تعقد ذراعيها على صدرها
احاط وجهها بين راحتي يديه وبنبرة صادقة اجاب إن كانت تلك الاجابة ستريح عقلها وقلبها.

- أخشى عليك من نظرات الرجال التي تلتهمك، ظننت انني رجل غربي بارد الطباع لكنني ما زلت مصريا احمل عرق شرقي في أوردتي ليان وانتي الوحيدة التي اخرجتيه
كل خلية في جسدها صدقه، لكن بعض التمرد ليس بسىء حان وقتها لتأخذ بثأرها وترد الصاع صاعين أو عشرة!
- اخرجت ماذا؟ غيرة! رائع هل كنت تظنني حديثي مع الرجال لكي تشعل غيرتك
- هل أنا قلت شيء من ذلك؟

رفع حاجبه مستنكراً على طريقة تفكيرها رغم رؤية ابتسامتها العاشقة التي كانت في طريقها إلي شفتيها لكنها وأدتها بعنف لكي تستفزه، تغيظه
- كلا لا تحتاج لقولها، ابتعد عن فراشي اريد النوم
وبدلا من رؤية الغضب كان هادئا، بدلا من الابتعاد، إقترب بخطورة نحوها
- ماذا تفعل؟
سؤالها الساذج خرج من شفتيها قبل أن تستشير عقلها، ليرد بجواب أشبه بصدمة أثرت على خلايا عقلها
- سأصبح ابيكِ.

عدل جسدها لوضع النوم سحب الغطاء ودثرها جيداً ليصلق بجسده نحو جسدها الدافئ
توردت وجنتيها وهي تشعر بأنفاسه المنتظمة التي تلفح عنقها من الخلف رددت بألم
- يوجد طرق شائكة زين
- سنجتازه معاً
- ولكن أنا لن أستطيع اتجاوز ما حدث، ان كنت ستفعل ف انا لا، انا لن اصبح تلك المرأة التي تريدها في حياتك، لن اعود كما أنا بتلك السهولة
أغلقت جفنيها بأسي ودمعة حارة أخذت طريقها لتنحدر نحو وجنتيها
- كل شيء سيصبح بخير.

نبرته الهادئة مقلقة، استدارت لتصبح في مواجهته وتساءلت بتعجب
-كيف تغيرت بتلك السهولة، من كان يحدثني بكل تلك الجفاء والقسوة منذ عدة أيام لا يمكن أن تكون أنت
- ليان اهدأي سنتجاوز الصعاب معاً
- لا تخدع نفسك زين
وبنبرة إصرار كان يخرج عن طور قناع الهدوء وينفلت ذلك القناع الهادىء الزائف لكنه أمسك بزمام الأمور في آخر لحظة!

لاحظت انفعالات جسده ووتيره أنفاسه التي تعلو وتهبط بسرعة، عادت لوضعها الأصلي وألقت بأخر شيء توقعه منها
- أريد العودة إلى موطني و ننفصل بهدوء ذلك افضل حل
هل يقتلها الآن! أظن أنها لن تكون بمشكلة زوجته ويحق له أن يفعل بها ما يشاء، إبتسم على التفكير الذي راوده، تشنج جسده وهو يسمع همسها
- سننفصل وسأعود لديارى.

ظلت تترد كلماتها بهزي وبدلا ما أن يخنقها من عنقها ضمها بذراعيه نحو جسدها بقوة فالطبيب أخبره أنه إن تعرضت للانتحار مرة فستفكر في الانتحار مرة أخرى، عدة نصائح أخبرها الطبيب وأولها أن يصبح ملازماً لها، كظلها كدرع حامي لها
تنهد بحرارة وهو يقبل عنقها ليعود بذاكرته نحو أسبوع مضي من تلك الحادث المؤلم.

- سيدي
ردد بها الحارس بأسف وندم شديد وهو يطأطأ برأسه للأسفل من نظرات سيده المرعبة، صاح زين بجمود وهو يتكئ بجذعه العلوي علي مكتبه وأخرج كل حرف ببطء شديد كعلامة تحذير إن ترك أي معلومة خلفه فإنه لن يرحمه
- ماذا حدث اخبرني بالتفاصيل.

- متجر ذلك الصحفي يقع على بعد ثلاث شوارع من المقهى الذي دائما ترتاده سيدة ليان، أخبرت السائق انها ستذهب لمتجر وستتأخر، مشيت ورائها حتى دلفا الى متجر ومكثتا فيه إلى وقت طويل للغاية، واثناء مراقبتي اصطدمت بي فتاه وانزلق القهوة علي قميصي قالت انها تملك مغسلة واشارت اليه كان قريب من المتجر، دخلت وحين كانت تنظف القميص لم استطيع المراقبة بسبب الزجاج الداكن، دفعت لها بقشيشا وخرجت على الفور لأرى فجأة أن المتجر اغُلق والمصابيح انطفأت،.

عدت لصاحبه المتجر وسألتها هل يوجد للمتجر باب خلفي اخبرتني انه يوجد لكل متجر باب خلفي، توقعت ان السيدة اضطرت للجوء إلي الهرب مثلما فعلت ذلك مثل يوم الحفلة لكنها صدمتني عندما اخبرتني ان مالك المتجر هو تيم ليونارد، هاتفتك سيدي لأتفقد الأمر وحينما ذهبت سمعت صوت مكتوم في الداخل هرعت بسرعة لأكسر باب المتجر وقد وجدت الصحفي و ااا، تعلم ماذا حدث بعد ذلك سيدي
- اخرج الآن.

أغلق جفنيه وهو يشدد من إحتضانها له، كالغريق الذي يتشبث بذرة أمل.

- شهاب
نطقها عز الدين بتعجب حينما دلف إلى غرفته ووجد شهاب جالسا على الأريكة بأريحية شديدة وكأنه جالس في منزله ينقصه فقط بيجامة بيتيه وشبشب ذو أصبع
- اهلا يا سيادة الوالد اتفضل
منذ متى الوضع تغير؟ ومنذ متى يخبره والد تلك الكلمة التى حُرم منها من شهاب، تباطأت حركة سيره حتى أصبح أمامه، جلس على الكرسي المقابل وحديث الأعين هي التي بدأت!
- هنفضل لحد امتى كده يا عز بيه.

غمغم بها شهاب برسمية ليرد عز وهو يجعله يقرر الأمر
- قول انت يا سيادة المقدم
- انت اللي بعدت
هتف بها شهاب بحدة وهو يلومه على ما فعله
- غصب عني
اتسعت أعين دهشة من جواب أبيه و جمود تام قال
- ازاي غصب عنك يا عز بيه، امي ماتت وهي صغيره ومكنش ليا حد في الدنيا دي غيرك بس انت بعدت عني وحسستني اني مش ابنك او منبوذ، دورت علي حضن دافي وملقتش غير بيت عمي هو الحضن الدافي
تنهد عز كأن هموم الدنيا تحمل فوق عاتقه.

- سبب مقاطعتي بعمك علشان كانت غيرة من اخويا الصغير
لاحظ نظرة الشك والدهشة على معالم شهاب، ضحك عز بسخرية مؤكداً
- ايوه متستغربش كده، ابويا فضل ابراهيم عني انا وعمك رشدي والموضوع بدأ بغيرة اطفال وكبر لحد ما وصلت ل جدك قرر يدي نص الارض بتاعته لعمك
وكعادته لن يصدق بالسهولة، أو أن يحدث هذا بدون سبب، هتف شهاب وهو يضيق عينيه مفكرا
- اكيد كان وراه سبب
- طبعا كان وراه سبب.

هل سيخرج كل كلمة بصعوبة من فم الآخر، لقد تناسي أو يأس من عدم معرفة السبب وبطبيعته كرجل شرطي هم أن يبدأ بعمله لكي يخرج أشياء دفنت من سنين لكنه رمى بكل تلك الأشياء في عرض الحائط عندما استمع اخيراً إلى اعترافه.

- انا وعمك رشدي كنا في وقتها بنشتغل والوضع المادي بتاعنا كويس ومرتاح عكس عمك ابراهيم، حاول جدك وقالنا نشوفله وظيفة في أماكن عملنا لكن زي ما قولتلك غيرة وحقد من عنا من احنا نوافق، جدك كان فى أواخر أيامه كتب نص الارض ليه علشان يساعده في جوازه و علشان يقدر يعمل مشروع ليه، احنا طبعا سبنا السبب ورا ده وركزنا هو ليه ياخذ نصيب اكتر منا الغضب بقي والشيطان دخل دماغنا وحصلت بنا مشاكل كتير مبقتش افتكرها من كترها وادينا اهو زي ما انت شايف.

الجو يسوده جو من الكآبة واشياء رماديه تحيط الفراغ، جو مشحون يشعرك بالاختناق، هب شهاب من مجلسه
- عموما انا جيت علشان حددت معاد الفرح وعايزك معايا
- وايه اللي غيرك فجأه؟
سؤال عز كان مستنكراً وجواب شهاب ملىء بالغموض
- تقدر تقول اعادة حسابات يا عز بيه.

- هيا
صاح بها زين بنفاذ صبر عندما وجدها ما زالت في السيارة، ترجلت من السيارة بتلكؤ، غمغمت بحنق وهي تتطلع إلي بناية مسكنهم
- لماذا عدنا للمنزل؟ وليس المطار أخبرتك بعودتي إلى مصر
مشى عدة خطوات تاركها تتذمر بسخط عليه، اوقفته بيديها وهي تضغط علي كفه بقوة
- هل انا شفافة لعدم ملاحظتي؟

شفتيها تتصاعد وتهبط بسرعة كبيرة أثارته، أغمض جفنيه من تلك التفكيرات المنحرفة وهما ما زالا أمام المارة، وضع اصبعه على شفتيها مزمجراً
- تلك الشفتين المغريتين إن لم تصمتا الآن سأصمتهم بطريقة أعلم أنها ستعجبك، هيا لنصعد
تراجعت للوراء عدة خطوات، وهمست بصدمة
- وقح
- لقد سمعتك.

أغلق باب المنزل خلفه لتتابع بطريقها نحو غرفتها، صعدت الدرج بهدوء يتبعها حتي وصلت إلي الغرفة المنشودة فتحت الباب بهدوء وهو معها بل كظلها، هل سيدخل الى الغرفة برغم انها غرفته لكنه لم يبيت بها، أبداً، توجهت نحو مقدمة الباب وغطت بجسدها باب
عقدت ذراعيها على صدرها
-معذرة الي أين ستذهب!
- غرفتي
جوابه البرىء اغاظها، زفر بقوة وهو يبعدها عن طريقه
- هيا ابتعدي.

لم تعلم لم مُصر على الدخول، هل يظن أنها من الممكن ان تنتحر ثانية؟ يحق له، متهورة نعم لكنها لن تفعلها؟! مجرد لحظة ضعف منها
- زين ما الذي حدث
تمتم ببرود وهو يدفع بجسدها للداخل ويغلق الباب خلفه
- لم يحدث شيء
- لا تظنني أنني غبية لتلك الدرجة، ماذا تريد او لنقول ماذا تخشى؟
- لا أخشى شيئا
مصر على أنه لا يوجد شيء، بل يوجد بالطبع يوجد الكثير أو هي التي تظن.

- تخشى إن فعلت حركة متهورة مرة اخرى، أنتحر للمرة الثانية لكن لا تقلق لن افعلها، يوجد لديك اشياء اهم مني لفعلها وليس أن تجلس معي
وضع بأصبع السبابة والابهام على أنفه ويده الأخرى تتوسط خصره، أطلق لفظ بذيء بين شفتيه
- لما تقللي من شأنك دائما؟!
هل بعد ما حدث يضعها هي تحت المجهر الشائك؟! يلومها هي فقط ولا يلوم نفسه
- لم افعل زين بل انت، عملك اهم مني تغيب منذ الصباح حتى وقت متأخر من الليل.

- إلي متي سنظل إلى ذلك الوضع؟
بنفاذ صبر قالها وهو يضم قبضه يده حتي لا يفتك بها
- أنت من ستخبرني وليس انا
وكما توقع أعادت تلك الكلمة التي تثير أعصابه بل تشعله، لا يعلم كيف مازال واقف في مكانه ولم يتحرك نحو تلك الغبية حتى يقطع لسانها التي تتفوه بحماقات
- الطلاق
بتوجس وبترقب تساءل
- هل هي كلمة سهلة لك؟
هزت كتفيها بلا مبالاة
- فى الواقع اعتدت عليها.

- بدلي ملابسك وخلال خمس دقائق أجدك عند غرفة المكتب، هل هذا واضح؟
حاولت أن تجادله لكن عندما شدد علي اخر كلمة بلعت عباراتها مرة أخري وهمست بضيق
- نعم.

أطرقت باب غرفة المكتب وحينما سمعت رده فتحت الباب بضيق، جالت ببصرها نحو مكتبه لتجده فارغ انتقلت ببصرها نحو الأريكة وجدته جالس باريحية شديدة واضعاً ساق فوق الأخرى وعلى المنضدة اخر شيء توقعته أن يفعله معها
- ما هذا؟
تقدمت نحوه ببطء ليرد بلا مبالاة
- سمعت من الجدة وليلي انك محترفة في الشطرنج
شقت ابتسامة سخرية بسبب نبرته الهازئة
- نعم كثيرا
كسر تلك النغمة المتصاعدة في داخلها وغمغم ببرود وهو يعدل ساقه.

- لا تكوني مغرورة
جلست علي المقعد المقابل للأريكة وقررت رد له الصاع صاعين
- بل ثقة عزيزى
- وإن غلبتك؟
رغم نبرته الواثقة من فوزه وسحقها، بللت شفتيها وردت بثقة زائفة
- لايوجد لدي شيء لك لأعطيه، وان هزمتك أنا؟
بهدوء أجابها
- سأنفذ رغبتك إلا الطلاق ليان ومغادرة المنزل والبلدة
هل سيتسغل أيضا لعبة في تحقيق مصالحه! ألن يترك أي شيء إلا وأن يستغله في صالحه؟
- هل تضع شروطا؟
- اعتبريه ما اردتي.

رده إستفزها كانت ستقوم من مجلسها لصفعه أو ترحل بهدوء، لكن جزء أخبرها أن تجلس وتري كيف ستسير اللعبة أو بمعنى أدق كيف ستسير لعبته،
- انت مستفز
انحني بجسده وهو يركز على البيادق باهتمام
- هيا لنرى
وقبل أن يبدأ اللعب هتفت مقاطعة ببسمة ساذجة
- سأختار الأبيض أفضل الهجوم.

وبدأ اللعب وبعد فتره ثواني وارتفع الادرينالين في داخلها، حركاته مختلفة كلما أهتدت إلي شيء وفسرت حركاته يغلبها دائما بعكس توقعاتها، رمي البيدق خارجاً وملكتها محاصرة، أعادت بنظرتها مرة أخري تحاول في لجوء إلى حركة تنقذها من أن تخسر، لكن ذلك المحتال حاصرها، جيشه حاصرها بقوة مثلما حصر قلبها وهزم جيوشها،.

تنهدت بيأس وهي تري عيناه اللامعه بخبث ويخبرها لقد فزت هي المخطأه هي من بدأت وتحركت حتى كشفت أمامه خطتها بذكائه وحنكته إستغل ذلك لصالحه وآتي دوره في الانقضاض
- كش ملك
مطت شفتيها بحنق وضيق شديد وهي تراه يخرج الملكة الخاصة بها خارجاً
- لقد غششت
ضحك باستمتاع وهو يراها مثل الطفلة الصغيرة
- حجة الخاسر في كل مرة اعترفي مرة بخسارتك
عقدت ذراعيها على صدرها وصاحت بضيق
- تفضل قل ما تريد
- أريدك أن تصبحي زوجتي.

رفعت حاجبها بدهشة، هل هو يتحدث بجدية الآن رغم وضعهم؟! انسي أنها زوجته؟
- انني بالفعل زوجتك، قل شيء جديد
حك طرف ذقنه وهو يعلم جيدا انها تتهرب منه، رأي تصاعد حمرة وجنتيها منذ ثانيتان، لقد فهمت لكنها اصطنعت عدم الفهم، ليجاريها إذاً!
- اريد ان امتلكك
عضت شفتيها السفلى بحرج شديد، وقح لما دائما يستخدم كلمات محرجة؟!، اصطبغ وجهها بالحمرة لتخفض برأسها للأسفل وهمست قائلة
- وإن قلت لا
- لا يوجد شيء اسمه لا.

صاح بها بغضب هادر، ابتلعت غصه في حلقها ورفعت وجهها نحوه وهي تغمغم
- هل ستقدر على أن تلمس امرأه لمسها رجل غيرك
فركت يدها بتوتر وأغلقت جفنيها لعدة ثواني قبل أن تصطدم عيناه الباردة بعيناها الواثقتين، وكأن تلك الفتاة الخجولة تغيرت وأصبحت فتاة أكثر ثقة
- ام لأنك فعلت كل ذلك لأنه لم يصيبني شيء؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة