قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن

وها هى مفاجأه اخر تلقتها منه و ما زالت اطرافها جامدة، ولسانها الذم انصدم من رده!
اى صفقة رابحة! إنها لا تمتلك له شىء لكى تعطيها له، لا مال ولا جمال ايضا
ما زالت تعبيراته غامضة مبهمة، واقفاً فى مواجهتها و كفيه فى جيبي بنطاله، يتفرس معالم وجهها الصادمة و نظرات أعينيها الزائغة!
نظفت حلقها وهى أخيراً استعادت لسانها الذي ظنته لفترة قد فقد النطق
- كيف؟ ما زلت لم افهم، كيف اكون انا صفقة رابحة؟!

تغيرت ملامحها الصادمة بملامح أخرى شرسة وهى تبتعد عن الحائط
- ثم كيف تجرأ على فعلها؟، هل تقضى حياتك بأكملها فى عقد صفقات، ولا تكتفى ايضا بالعمل بل أيضا فى حياه البشر
تباً من اين ظهرت لى؟!
- كونك زوجتي المستقبلية هذا لن يجعلك على أن تنطقى بألفاظ نابية أمام زوجك
هتف بها وهو يجلس على أحد الأرائك الموضوعة فى أحد جوانب الغرفة،.

يبدو أن اليوم سيكون حافل بالمفاجآت اتسعت عيناها ذهولاً وهو يخبرها انها زوجته المستقبلية، يضعها للمرة التي لا تعلم كم عددها امام الامر الواقع!
ويكتفى فقط بإعلانها، يخبرها انها ستصبح زوجته المستقبلية!
كيف، ومتى، واين، ولماذا
كل تلك الاسئلة تتضارب فى عقلها بسرعة مهولة
- كلا، أنا أرفض
ارجع رأسه للخلف غالق جفنيه وهو يتسمع الى رفضها المتوقع وملامحها كقطة برية شرسة...

هتفت بغضب وهو ما زال على وضعه مستمتعا الى حديثها السريع العنيف
- واللعنة انني اتحدث معك يا رجل
فتح جفنيه ناظراً إليها بنظرة ألجمت لسانها عن الحديث مرة أخرى
نظرة قوية، نارية جعل قلبها ينتفض من الذعر، غامضة جعلتها تصمت، هتف بجمود ونظراته انتقلت من وجهها الى جسدها يتفحصه بتمعن وبوقاحه وكأنه يراها للمرة الاولى
تصاعد حمرة وجنتيها واشاحت بوجهها بعيدا عن نظراته الوقحة.

- لا اعتقد انه توجد فتاة على وجه الأرض ترفض الزواج من زين الحديدي، إلا إذا كانت غبيه!
الوقح، المغرور، البارد ماذا يظن نفسه؟! ونعتها بالغبية!
- وانا تلك الغبية التى رفضت، آسفه ولكن والدى فى المشفى اشكرك على عرضك السخى
ألقت بنظرة اخيره عليه لتجده ما زال مسترخى بأريحية في جلسته ونظراته لم تشيح ابدا عن جسدها.

نفضت رأسها وهى تتوجه نحو الباب لتغادر، وما إن همت بوضع يديها على المقبض ليتصلب جسدها وهى تشعر بأنفاس ساخنة تضرب مؤخرة عنقها.
لا تعلم كيف اتى خلفها بتلك السرعة؟! ولم تسمع ايضا اى صوت لخطوات أقدامه؟!
زادت معدل ضربات قلبها، وبدأ جسدها يرتعش بقوة حاولت ان تتماسك وتضع يديها التي أصبحت رخوة على المقبض مرة أخرى لتغادر من ذلك المكان الذى اصبح يبعث بقلبها رهبة وشعور آخر لا تعلم ما وصفه؟!
- وماذا عن والدك؟

همس بها ووجه اصبح ملاصق لوجهها ورائحة عطرة الجذابة تتغلغل إلى روحها بنعومة
- ماذا تقصد؟
ابتعد عنها عدة خطوات وهو يطالع وجهها الذى تورد من الخجل واعينها تطالعه بترقب
- والدك يحتاج إلى عملية جراحية خارج مصر، استطيع التكفل بالأموال اللازمة لعمليته
إنه يفاجأها كل يوم، قالت بتوجس وهى تحاول أن تنزع ما طرأ على عقلها فجأه.

- لا افهم لماذا تريد مساعده ابى وانت تعلم اننى لن اقدر على سداد ذلك المبلغ الضخم إلا إذا..؟
لتتسع عيناها بصدمة
- لا تخبرنى ان ذلك مقابل الزواج
هز برأسه إيجابا لتتابع وهى تحاول ايجاد تلك الحلقة المفقودة
- ولكن لما؟ لماذا تريد أن تتزوجني؟ لم أفهم بعد كيف سأصبح صفقة رابحة لك؟
بسخرية واستهزاء أعادت جملته التي تفوه بها
- دعنى اخبرك الموضوع عبارة عن الصحف الصفراء
- ماذا لم افهم بعد؟
صاح بسخرية.

- ماذا ألم تقرأي عن الشائعات الخاصة بى؟!، والأخبار التى تقول اننى على علاقات عابرة مع الكثير النساء واننى دائما كل شهرين تكون معى فتاة جديدة وكأنى اغير طلاء المنزل، ومع ذلك لا اكتفى بل ايضا اقيم علاقات مع المتزوجات
شهقت بقوه على آخر جملته، همست بغير تصديق
- كلا لم اسمع عن تلك الشائعات
ابتسم بسخرية
- لأننى اقوم بقص لسان من يتفوه بتلك الشائعات وإن كانت النصف الاول من الخبر صحيح والآخر خاطئ.

أغلقت جفنيها وهى تحاول ان لا تفتك به، يخبرها بكل وقاحة انه يقيم علاقات عابرة مع النساء امامها
- لكننى وللمرة الثانية افرض عرضك السخى، سيساعدنى عم حمزة على التدبر فى مصاريف علاج ابى
- أشعر بالأسف ان ابلغك ان السيد حمزة لن يقدر على إعطائك المال لأنني طلبت منه ذلك، حسنا لم يكن طلب بل أمر، فلن يوجد احد سواى قادر على مساعدتك وانا اعلم ان اقاربك رفضوا اعطائك المال.

ان كانت كل تلك مفاجأت، فتلك فى الصدمة الكبرى! إنه يعلم عنها كل شىء، فهى لم تخبر احدا سوى والدتها وشقيقتها وندى تلك التي انقطعت عن اخبارها بعد أن بدأت تعمل معه
ثلاثه فقط يعلمون عن رفض اعمامها لأعطائها المال،
وايضا ليلى حلقة الوصل بينهم انها لاتعلم ان والداها مريض؟ فكيف علم ذلك؟!
ليفيقها من شرودها وهو يهتف بجمود
- إذا ما رأيك؟ هل ستتركين والدك طريح الفراش وانتى قادرة على مساعدته.

احتضنته بقوه وهى تجده اخيرا أمامها بل يبتسم ويتحدث بمكر
- مكنتش اعرف انى غالى عندكم كده
نظره من عيناها الزيتونية اللامعه المعاتبة جعل ابتسامته تتسع
- متقولش كده يا عم ابراهيم ربنا يديك الصحة وطول العمر يا رب
ابتسم فى هدوء وهو ينقل بصره إلى الغرفة التي أصبحت خالية وهتف بتعجب
- الله اومال فين يا حبيبتى خطيبك يوسف؟!
اسمه جعل قلبها يضخ بعنفوان لتهتف بتلعثم
- انا وهو سيبنا بعض
هتف بجدية تلك المرة.

- اتصلى بيه وقوليله يجيلى بكره
هزت رأسها بالايجاب وهي لا تعلم ماذا سوف تخبره؟! قلبها يخبرها أنه إشتاق إلى ملامحه، إلى صوته وعقلها يأبى الخضوع لذلك القلب الذى سيسبب لها الكوارث!
صوت ندى التى اقتحمت الغرفة حاملة بيديها باقة من الزهور انتشلها من شرودها
- يا مساء الفل على احلى واجمل ابراهيم فى الدنيا
تقدمت نحوه بخطوات سريعه لتضع باقة الزهور على المنضدة المجاورة للفراش وتهتف بحنيه.

- كده تخضنا عليك يا عم ابراهيم، لولا البت سارة مكنتش عرفت ساعتها ان حضرتك فى المستشفى
ثم أخذت توزع بنظراتها إلى الغرفة لتجد ورد صامته وملامحها حزينة، هزت رأسها بلا مبالاه لتلتفت إلى إبراهيم
- اومال الوزيرة فين؟
رد إبراهيم بتعجب
- وزيره مين يا بنتى؟!

- ليان يا عم إبراهيم اول ما بدأت تشتغل حسستنى انها بقت وزيرة لما بتصل بيها مش بترد يا بلاقيه مغلق لولا سارة اللى قالتلى انها بتطلع الصبح بدرى وبترجع البيت مش شايفة نفسها مكنتش عديتها بسهولة، وبعدين انا اصلا مش جاية عشانها انا جاية للعندليب الاسمر بتاعى بس اوعى سيادة اللواء يسمعنا هيخلينى ابات التخشيبة
ابتسم إبراهيم بإتساع
- كلى بعقلى حلاوة يا بنت ايمن، ليان كانت هنا من شويه مش عارف راحت فين ان...

قاطعت ورد حديث إبراهيم وهى تقوم من مجلسها
- طب انا هستأذن واسيبكم براحتكم
غادرت الغرفة فى هدوء هتف إبراهيم بعتاب وهى يعلق ببصره إلى ندى
- ايه يا ندى ينفع كده؟
تطلعت إليه ببراءة شديدة و هتفت باستنكار
- انا يا عم إبراهيم! عملت ايه؟
- يعنى انتى مش عارفة عملتى ايه! من اول ما دخلتى لا سلمتى على ورد ولا حتى قولتيلها مساء الخير
هتفت بلا مبالاه وهي تسحب مقعد فى احد اركان الغرفة لتضعه بجوار فراشه وتجلس عليه.

- انا معملتش حاجه وبعدين حضرتك عارف من وقت ما لفت على خطيب ليان وانا حاسة انها السبب فى فركشه موضوع جوازهم
صوت طرقات على الباب منع إبراهيم من الرد على ندى ليدلف ايمن وتقوم ندى من مقعدها هاتفه بمرح
- طب اسيبكم انا وادور على الوزيرة.

خرجت من المشفى بخطوات شبه سريعة، أخذت تجول ببصرها إلى سيارة أجرة لتستقلها للعودة إلى المنزل
توقفت عيناها عن البحث عندما وجدت شخص لم تتوقعه وجوده، لتجد قدماها هى التي تتحرك قبل أن يستوعب عقلها
لماذا هو هنا؟ ولماذا لم يصعد ليقابله؟ ولما هو فى ركن بعيد وكأنه يراقب أحدهم
- سيادة المقدم
هتفت بها بصوتها الرقيق، جعله يفيق من شروده ليتطلع إلى ملامحها الشاحبة وهتف بخشونة يغلف صوته بعض الارتباك.

- ورد! عاملة ايه، اه صح انا نسيت اباركلك بمناسبة كتب كتابك اعذرينى
لا تعلم متى بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها قالت بصوت جاهدت أن يبدو بنبرة هادئة
- لا ما احنا سيبنا بعد
ظهر الصدمة على قسمات وجهه مسحت دموعها بكف يديها ورسمت ابتسامه مرحه.

- وانا الحمدلله بس انت ليه قاعد بعيد مروحتش تشوف عم إبراهيم ليه؟ صدقنى انا عارفه المشاكل بين عم ابراهيم ووالدك بس عمو إبراهيم طيب جدا و مش شايل منك صدقنى يا شهاب روحله هو محتاج يحس ان الناس اللى بتحبه تكون حواليه
مرر أنامله على خصلات شعره الكثيفة وهتف بتردد
- بس انا يعن...
لتهز رأسها نافية
- متترددش روحله
ثم نظرت إلى ساعة التى تزين رسغها، همست بأسف.

- الوقت اتأخر، اسفه يا شهاب بس انا هضطر امشى وزى ما قولتلك متترددش
هز رأسه بتفهم وهتف بجدية
- تمام انا كده كده هزوره بكره، اتفضلى اركبى انتى كده اصلا فى سكتى
همت بالاعتراض ليقاطعها بحزم، هزت راسها باستسلام وهي تستقل سيارته و تجلس على المقعد المجاور له...
همت بالحديث معه لكنها بترت عبارتها وهى تجد عيناه مصوبة في جهة معينة قبل ان تتحرك السيارة، عيناه أصبحت لامعة، تعلم تلك النظرة جيداً.

نظرة عاشق إلى حد النخاع، ولكن لمن؟ ومن تلك الفتاه؟!
هل تلك الفتاه علاقه لجعله يصبح كالمراهق ويذهب ورائها كما رأته منذ قليل؟!
علقت ببصرها فى اتجاه مرمى عيناه الهائمتين، ملامح غير واضحة، ثانية، ثانيتان حتى اتسعت صدمة كتمت شهقتها بأعجوبة
كيف ومتى واين ولما هى؟ يعلم جيدا انها لا تحب رؤية وجهه، كيف وقع فى حبها؟
زفرت بحرارة، يوجد بهم صفة مشتركة الان، إنهم عاشقون ولكن عشق من طرف واحد.

ابتسمت بسخرية، ندى يعشق ندى كيف ذلك؟!
يبدو أن طريق ما زال طويلا يا صديقى للوصول إلى حصن قلبها واتمنى ان لا تصبح مثلي فيكفى خسارتي، يجب عليك أن تتحرك قبل فوات الاوان!

كل هذا جنون، كل ما تعيشه فى الوقت الحالى اصبح جنون
لا تعلم لم عقلها أصبح يستوعب ببطء كل ما يحدث لها فى تلك الفترة القصيرة المليئة بالأحداث عبارة عن جنون بالتأكيد جنون لا يوجد تعبير آخر تستطيع ان توصف به ما تعيشه فى الآن!
تنهيدة حارة خرجت منها وهى تنظر إلى النافذة بشرود، تتجنب نظره حمزة الفضولية و النادمة،.

اطلق حمزة صوت غاضب وهو يضرب بكفه على عجلة المقود بشراسة غبى ، ولا تعلم هل قالها حقا ام عقلها بدأ يصور أشياء لم تحدث فى الواقع؟!
أغلقت جفنيها بأرهاق ولا تعلم لما أصبحت تشعر بعبق رائحته الجذابة تغزو كيانها وتحطمه معلنة راية الاستسلام!

لا يعلم ماذا فعل لتلك الفتاة المسكينة ليلة أمس؟!، ظل ينهر نفسه بسبب إذعان لطلب الآخر
وجهها أصبح شاحبا كالموتى عندما أتت إليه ونظرات اعينيها زائغة، تجنبت الحديث معه و عيناها مثبته على النافذة.
توجه بخطوات شبه راكضة إلى غرفته، غرفة المكتب عادة كل صباح، يجب أن يعلم ماذا حدث ليلة أمس.

فتح الباب بعنف ليجده جالس بأريحية على مقعده يرتشف قهوته بتلذذ و يتفحص الحاسوب بتمعن، رفع الآخر ببصره لتتقابل عيناه البراقة بأخرى دبت فى قلبه الذعر!
يعلم جيدا تلك النظرات، اللعنة! لفظ بها فى بصوت خفيض
- ماذا فعلت بالفتاه يا زين؟
تمتم ببساطه وهو يضع القدح على طاولة مكتبه
- لم افعل شيئا
جلس على المقعد وهو يحاول جاهدا ان تبدو نبرته هادئة
- هل عرضت عليها الزواج كما أخبرتنى؟
رد ببساطة
- نعم.

بادر بسؤال فضولي اعترى على معالم وجهه ونظرات اعينه الثاقبة والفضولية تركزان على بؤبؤ عينيه
-أخبرنى ماذا قالت؟ هل وافقت أم رفضت
هز رأسه بالإيجاب واضعا القدح على طاولة المكتب
- لا توجد فتاه من ترفض عرضى
كانت نبرته يشوبها بعض الثقة والغرور فى آن واحد، ضيق حمزة عينيه متسائلا
- ارى انك ما زالت مغرورا كعادتك يا بنى
- لا يعتبر غرورا بل ثقة
لم يشعر حمزة سوى أن عبوسه زال وبدأت ملامحه ترتخي بعض الشىء.

- إذاً اريدك ان تخبرنى كونك ترفض الزواج طوال الخمس الأعوام السابقة ما الذى جعلك تغير تلك المبادئ؟ إلحاح جدتك يبدو أنه أفاد بعض الشىء لتلين تلك الرأس اليابسة
يعلم حمزة جيداً رغم عدم حديثه المباشر، إنه يريد أن يطمئن على الفتاه ليهتف بمكر شديد
- اعلم أنك ما زلت متخوفاً وقلق عليها، لا تقلق لن آلتهم الفتاة على الرغم إنني متشوق لفعلها.

شهق الآخر بصدمة من وقاحته؟! هل يظهر وقاحته مع تلك الفتاه ايضا؟! هتف بعتاب أبوى
- تأدب يا ولد
اتسعت إبتسامه زين وما زالت عيناه تلمعان ببريق غريب وكأن الصياد قد ظفر أخيرا فريسته
- لا تقلق يا حمزة الفتاة ستصبح زوجتي.

اكتفى الآخر برسم ابتسامه باهته، لا ينكر أنه يشعر بالقلق، كلا بالخوف، كونها أول فتاة شرقية تقابله يخشى أن يكون تمسكه بها افتتان والافتتان سيزول بمرور الوقت، ووقتها سيتركها محطمة ستصبح بقايا أنثى،
عندما أخبره ليلة أمس أنه يريد الزواج بها، لقد كانت بمثابة الصدمة تعترى على ملامح وجهه، حاول جاهداً ان يعلم اى شىء آخر منه إلا إنه امتنع عن الحديث، وجعله يذهب لجلبها.

ها هى محاولة آخرى قد فشلت ولكن لن يستسلم بسهولة وخصوصاً هى يجب عليها ان تظل صامدة فهى امامها جولات كثيرة لذلك المتكتم امامه، قلق بشدة إن كان ما فعله يجعله يندم ولكن لا بكاء على اللبن المسكوب!

تفاجىء فى الصباح برنين هاتفه ويجد ورد تخبره ان عم إبراهيم فى المشفى ويريد رؤيته، مكالمة استغرقت لخمس ثوان فقط وأغلقت هاتفها على الفور...
سفر والدته إلى أحد أقاربها جعله لا يعلم ما يحدث لجيرانه الذين يقطنون فى نفس العقار!
إنتفض من مجلسه وبداخله تساؤلات كثيرة،
ابتسم بسخرية لما هو متعجل لتلك الإجابات؟

بعد اعترافها بالخطأ وهى تنزع الخاتم وتخبره أن ينهى كل شىء بينهم، لم يخرج من منزله منذ ذلك اليوم وكأنه قرر ان ينعزل بعيداً عن اعين الجميع، لماذا حتى الان لم يتركها؟!، لم يعطيها حريتها!، ايريد الانتقام منها بعد ما فعلته؟!
ما زال يتذكر صوتها، صوتها المؤلم الخفيض يؤرق مضجعه يجعله يتأفف بين الثانية والاخرى، اى لعنه وضعتيها يا ورد مرة أخرى تجعلنى لا أفكر إلا بكِ؟

لا أستطيع يا ورد لا أستطيع أن أسامحك يوجد شىء فى عقلى ينهرني بقوة على الوقوع فى الخطأ مرة أخرى، يكفى حقاً لقد سئمت.

الجميع مجتمع ملتف حوله سعادته اصبحت كاملة وإن كان يوجد فردان غائبان ولكن بوجود شهاب فالشق المفقود أختفى،
لم يغب عيناه عن تلك النظرات العاشقة المرتسمة على ملامح شهاب، هو الآخر يحب بل يعشق إلى حد الجنون والاخرى غبية لا تعلم ان تلك النظرات المتيمة لها فقط.

جال ببصره إلى الورد ونظرات عينيها المكسورتين الذليلتين وهى تشيح ببصرها عن مرمى عيناه تجلس بجوار شهاب مبتعدين عن الآخرين وكأنهما منبوذين، عيناها قد فقد بريقه وإنطفىء شعلته ليس الحب الذي جعلها تنكسر يوجد شىء آخر وهي تتهرب من إجابته فى كل مرة.
إبتسم فى عذوبة وهو يرى المشاكسات من طفلته الصغيرة سارة مع شقيقتها وندى ونظرات سعاد المطمئنة والحنونة جعل ابتسامته تزاد اتساعاً...

انتفضت ورد من مجلسها عندما رأته، لقد جاء لم يخيب ظنها!
نهرت عقلها وبقوه وهى تزجر نفسها غبية لم يأتى إليك بل جاء إلى والد محبوبته، استأذنت على الفور بكلمات خافتة بالكاد تسمع لتخرج بخطوات شبه راكضة خارج الغرفة بل المشفى بأكملها وهى تهتف لا تريد رؤيته مرة أخرى جرحها لم يلتئم بعد،
نظره من إبراهيم جعل شهاب الآخر يذهب خلفها وسط نظرات الجميع المتعجبة ويوسف المقطب الوجه...

ابتسم بسخرية يبدو شهاب الآخر لا يفوت فرصته فى إقتناص كل فتاه يرتبط بها حتى وإن كانت تلك الفتاه لا يريدها!
سحب احدى المقاعد ليجلس عليه بالقرب من الفراش وبدأت سارة مرة اخرى بمرحها المعهود تعيد الأجواء التي تكهرب منذ قليل إلى آخري صافية.
عده دقائق ليست بالقليلة مرت ليجدها عادت مرة اخرى بصحبته بملامحها الشاحبة وأعينها ذابلة ورغم ذلك رسمت إبتسامه مغصوبة وكأنها تخبرهم انها بخير،.

مستندة على كتف شهاب ويحيط خصرها بذراعه عبارة عن دعامة تجعلها تظل ثابته رغم قدميها الهلاميتين لتجلس على مقعدها مرة أخرى وهو بجوارها يهتف بهمس بعبارات هادئة والاخرى تستمع له وتهز رأسها بإيجاب واكتفت بعبارات مقتضبة،
ذلك المشهد لم يغب عنه بالطبع وهو يتفرس فى ملامح يوسف الذى يراه منذ ان دلفت معه اتسعت عيناه صدمه لم تلبث عده ثوانى لكنه لم يجفل عنها لتتحول قسمات وجهه إلى أخرى لا مبالية ساخرة!

ابتسمت بارتباك وبدأ تتصاعد وجنتيها من الخجل والحرج ومن كل ما يفعله معها اصطحبها إلى مطعم قريب من المشفى وسط تناول الطعام قررت شق ذلك الصمت وهى تبتسم
- مقولتليش امتى بقى حبيتها؟
وجدت معالم وجهه المعترضة لتهتف بأبتسامة واسعة
- على فكره انت مكشوف جدا ده الكل لاحظ حتى هي بس مع ذلك حساها طنشت ومبتعبرش
حمحم بجدية وهو يتناول كوب من الماء وقد شعر بأن حلقه قد جف
- للدرجه ديه؟

وما كان الرد سوى ابتسامه تتسع تدرجيا رغم ذبول وجهها
- جداً
- اومال هي ليه بتصدنى كل ما بحاول اقرب منها؟، الكلام ده انا هقوله لاول مره لحد لانى بجد تعبت وعايز اخرج اللى جوايا.

هزت رأسها وهى تتابع بأعين منتبه متيقظة فضولية، زفر بحرارة وهو يستعيد بذاكرته إلى أول يوم رآها مع ليان كانت بملامح انثى شرسة شامخة، وجد قلبه يدق بعنفوان بمجرد رؤيتها، ظل يتخذ إيصال ليان لمنزلها وسيلة لرؤيه تلك التى خطفت عقله وقلبه منذ أن رآها،
زيارات متكررة وحجج مبتذلة وهو اصبح كمراهق عاشق رغم تخطيه الخامس والثلاثون و هيبته فى عمله،.

ولم يحظى سوى بالرفض او بالنفور منها ومن ليان التى بدأت تشعر هى الاخرى بالاختناق من كثرة وجوده
- مش هقولك غير نصيحة واحدة بس إلحقها قبل ما تخسرها، حاصرها هاجمها لازم تسمعك متلفش حولين ليان يمكن هى فاكره انك معجب بليان، إلحقها يا شهاب بجد انت انسان تستاهل كل خير
عباراتها كانت صادقه ليهمس بامتنان
- بجد مش عارف اقلك ايه يا ورد.

- يا سيدى انا مقلتش حاجه كل اللى قلته انك بس تروح وتواجها حطها قدام الامر الواقع علشان تكلمها معندكش حل تانى علشان تقف وتسمعك
ظلت تتحدث وتتحدث وهى غافلة عن ذلك الذى يراقبها على بعد مسافة ليست بالبعيدة وهو يهتف بسخرية
- لا واضح مش بتضيع اى فرصه تجيلها.

هدأت أجواء الغرفة، اخذت نفس عميق وزفرته على مهل وهي تستعد لتخبر عائلتها بالذي يريد أن يتزوجها،
بالله كيف ستخبر عائلتها أن رجل غربياً رغم أصوله العربية يريد أن يتزوجها والسبب مجرد شائعات غبية؟ لما هى بالتحديد؟
يستطيع أن يتزوج بفتاة أخرى؟ سؤال لن تجد إجابته مطلقا إلا ان قرر يخبرها فعلا إجابتها؟ رغم ضيقها وهي تشعر انها اداة لحل بعض مشكلاته
ومع ذلك لم تجد حل آخر سوى ذلك ستتزوجه لمساعده ابيها،.

حمحمت بصوت عال جاذبة انتباههم لتهتف بصوت جاد
- بابا انا جالى عريس
وما كان سوى انتفاضة سارة وهى تهتف بتوجس تاركه سعاد و ابراهيم يستوعبا ما قالته
- مين؟
-زين، زين الحديدى
اتسعت اعين الجميع بصدمة و سارة التى ما زالت لا تصدق ما تفوهت به أختها؟ كيف حدث ذلك؟ هل تهذي أختها؟! ام تمزح معهم؟!

إلا أن نظراتها الجادة لا تشى بذلك إنتقلت بعيناها إلى والدها وهو الآخر ينظر إلى شقيقتها بغموض وتعبيرات وجهه هادئة، لقد فاتها شىء بالتأكيد قد فاتها ولن تتزحزح حتى تعلم ما الذى حدث فى غيابها
انتشلها أبيها من أفكارها التى تتلاطم ليهتف إبراهيم بهدوء
- وانا مش موافق
رمشت بعينها عدة مرات وهى لا تصدق، والدها رفض دون أن يراه؟ هكذا وانتهى الأمر؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة