قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع

- وانا مش موافق
رمشت بعيناها عدة مرات وهى لا تصدق، والدها رفض دون أن يراه؟ هذا هو وانتهى الأمر؟!
نظر إلى ملامحها المصدومة وفمها الذى انفرج قليلا ليهتف بأبتسامة
- انا مش موافق حالياً، لما نرجع البيت يبقى لينا قاعدة
قاطعته حاسمة وقد ردت الروح إليها
- لا يا بابا هو عارف
غمزت سارة بمرح مائل للخبث
- يا بيبو العريس مستعجل ومستعجل جداً وخير البر عاجله
كزت ليان على اسنانها ضاغطة على كل حرف.

- بنت انتى خليكى فى حالك
عبست سارة ملامحها
- تصدقى انا غلطانة، ارفض يا حج احنا معندناش بنات للجواز
ضحك إبراهيم وهو يراقب مشاكساتهم
- خلاص يا سارة سيبى البنت شوية
صمتت سارة وهى تتطالع ليان بخبث، هتف إبراهيم بهدوء وهو يوجه ببصره إلى زوجته التي لم تنبس ببنت شفه
- إنت إيه رأيك يا سعاد
ردت سعاد وهى تمط شفتيها
-رأيى من رأيك يا حج
تمتم إبراهيم.

- طيب يا بنتى على بركة الله، خليه يجيب حد كبير معاه علشان نتفاهم ونعرف الدنيا ماشية ازاى ووقتها انا هقرر نوافق يا نرفض
بلعت ريقها بتوتر وهى تستمع إلى نبرة والداها الحازمة، لن يكون هيناً معه إذا!

عاد إلى منزله وهو عازم على ان يصرح بحبه لها، لكن يجب ان يجعلها تستمع له، ابتسامة عاشقة ارتسمت على ثغره وهو يدندن فى خفوت ليتوجه إلى غرفته،
خلع حذاءه والقميص ليلقيه على الارض باهمال واستلقى على الفراش وهو يشرد إلى الماضى...

لم يكن لديه أخ او أخت كان وحيداً، مشكلته انه خجول نوعا ما، سبب له ذلك الأمر الكثير من المشاكل عندما كان صغيراً، توفت والدته عندما كان فى السابعة من العمر، والدته كانت بمثابة أم وأب وصديقته على الرغم من وجود والداه إلا إن لم يهتم به ولو للحظة كان والده كل همه جني الأموال...

كان دائما يردد إلى أمه لماذا جميع الأطفال فى المدرسة لديهم أشقاء وهو بمفرده ليس له اخ او اخت، لتخبره أنه لديه بالطبع، بنات عمك هم شقيقاتك فى الدنيا فأحرص على ان تعتنى بهم...
كانت بمثابة وصية وبالفعل اعتبرهم مثل شقيقاته حتي وصل إلي الخامسة عشر من العمر وكان مكتفي بعلاقته مع عدد معين من الأشخاص لا يخرجون من نطاق عائلته،.

ليان التي كانت المتذمرة من وجوده يوميا فى منزلهم وتخبره بأن يصاحب من في عمره، والشقية سارة التي كانت تخبره بأن يأتي لها بالحلوى حينما يأتي و جميله العائلة ورد التى كانت تكون شبه مقيمة في منزل عمه حتى فى المرحلة الثانوية.

وبالفعل حينما التحق المدرسه الثانوية قلل من مجيئه إلى منزل عمه و تغلب على تلك العقدة وبدأ يكون العديد من الصداقات مع من يجدهم متشابهين معه فى أفكاره، حتي التحق بكلية الشرطة واجتهد حتى أصبح إسمه الآن يلمع فى السماء المقدم شهاب عز الدين ، حينما علم بمرض عمه طلب من والده أن يساعد أخيه لكن والده رفض والسبب لا يعلمه حتى الآن وعندما طلب من عمه الآخر الذى يقيم فى الخليج رفض هو الاخر!

ظل واقفاً حائراً لا يعلم ماذا يجب أن يفعله؟ وقف مكتوف الايدى، ليس معك المال الكافى يا شهاب لتساعد عمك! والسبب والده الذى قام بتجميد ماله فى البنك ليعيش فقط على راتب وظيفته، ترك منزل والده وهو يشعر فى المنزل بالاختناق يكسو صدره ليقرر الانتقال إلى منزل صغير مقارنة بمنزل والده وهو راضى
ردد فى داخله سؤالاً ما هو السبب الذى جعل الأشقاء يتخاصموا! مهما بلغت الاسباب فلا يمكن ان تكون الأشقاء بتلك القسوة...

زفر بحرارة وهو يعود مرة آخرى إلى الحاضر
ها هو قد أصبح ذو وظيفة مرموقة تجعل جميع العائلات تتهافت عليه فهو بمثابة عريس لقطة! ولكن هو يريدها هى، يريد أن ينال قربها، أن ينال موافقتها هي، يريد تلك الانثى التى تجعله يحلم كل يوم وهى زوجته، يريد ان يشعر بانتظام تنفسها على أوتار قلبه، يريد ندي!

وجدت حمزة فى الصباح التالى يتوجه إلى غرفته واستمرت عدة ساعات وهما بمفردهم وهى واقفه امام باب الغرفة متوترة، حائرة!
ماذا يفعلون فى الداخل كل ذلك الوقت؟ حبات من العرق تجمعت عند جبهتها وهى تبتلع ريقها بتوتر وتفرك يديها بنفاذ صبر.
شعرت بملمس يد شقيقتها سارة تربت على ظهرها وهى تهتف بمكر
- إهدى يا حبيبتى انتى مش هتتجوزى دلوقتى علشان تتوترى كده اومال هتعملى ايه فى المرحلة اللى بعدها.

لكزتها بمرفقها بخفة وهي تصيح بحده زائفة
- بنت انتى متقربيش منى انا على اعصابى من الصبح وممكن افقدها فى أى لحظة واتهور
ضحكت سارة بشقاوة لتلتف إلى والدتها سعاد التى لم تنبس ببنت شفة منذ أن آتى حمزة
نظرات والدتها رافضة، ممتعضة، ستتحدث معها
ولكن يجب أولا أن تطمئن ماذا سيحدث؟، هل سيوافق ابيها ام يرفض؟
قلبها يضطرب بعنفوان من القادم! تخشى من القادم بشدة.

خفتت ضربات قلبها عندما وجدت حمزة خرج أخيراً وعلى وجه إبتسامة ناعمة تراها فى وجه البشوش
لتكون سارة هى اول من نطقت بلهفة
- طمنا يا عم حمزة بابا قال ايه؟
إتسعت إبتسامته هو الاخرى وهو ينظر إلى ليان بجدية
- ألف مبروك يا عروسة
ماذا هل والدها وافق؟ كلا إنها تحلم.

سارعت سارة باحتضان شقيقتها التى لم تبدي رأى فعل هى الاخرى وظلت تنهال عليها بالمباركات، وكأن شقيقتها بعد ان علمت ذلك الأجنبي حتى انقشع العبوس وحلت محلها إبتسامة عريضة، نظرت إلى والدتها التى أشاحت بوجهها إلى الجهة الاخرى لتغلق جفنيها بأسى فهناك طرفا لم يوافق بعد!

اغلقت الهاتف بعنف بعد تلك المكالمة التى اشعلت جنونها، احتضنها آدم برقة رغم انفعالات جسدها
- إهدأى حبيبتى ما الأمر
إبتعدت عن ذراعيه بضيق وقالت
- زياد
اغمض آدم جفنيه وهو يلعن ذلك الزياد الذى سبب فى كدر صفو شهر العسل الخاص بهم
- وماذا فعل تلك المرة سيد زياد
- سيتزوج
اتسعت عيناه دهشة وهو يهتف بسخرية
- حقا!هل قرر اخيراً أن يتزوج ومن تلك تعيسة الحظ؟
أخذت تدور حول نفسها وهي تسب وتلعن.

- الذى كنت خائفة منه حدث، تباً لغبائى تباً ما كان على ابداً أن افعل ذلك
ظل الآخر ينظر لتلك التى تتحدث بمفردها ليرتفع حاجبه الأيسر بتعجب، لقد جنت الفتاة، ولم يهنأ بذلك العسل، تباً لك يا زياد
- ليلى
صوته كان جهوريا جعلها تتوقف عما تفعله وهى تنظر إليه بريبة وملامحه الغاضبة تتجلى فى صفحات وجه
- ماذا؟ لماذا تنظر إلي هكذا؟
رد في غموض
- هل تظنين أن ذلك الزياد سيجعلنى أستسلم مما اريده؟

نظرت إلى عيناه التى أظلمت وحل وجه تعبير مبهم، اللعنة بماذا يفكر الآن! إنها فى كارثة وهو غير عابىء
- آدم ليس هذا وقت لذلك الحديث
وفى ثانية فصل المسافة الفاصلة بينهما ليحملها بخفة متوجهاً نحو غرفتهما وهو يهتف مقاطعا ادنى إعتراض
- إنه وقت ذلك الحديث، وعندما نعود إلى لندن سألكم وجه ذلك الرجل
عباراتها المعترضة خفت قليلا وسط عناقه الملتهب، جعل شفتيها تصمت بطريقتة الخاصة، الخاصة جداً.

وما عليها سوى أن تنساق وراء تلك المشاعر الجامحة لترتفع بيديها تحيط عنقه وتغرق معه فى دوامة العشق، متناسية أو تناست ما حدث منذ قليل!

تم الزواج بسرعة البرق وأصبحت رسمياً زوجته، زوجة زين الحديدى، منذ عده أشهر كانت تريد أن تعقد لقاء صحفى معه لتصبح بين ليلة وضحاها زوجته، قشعيرة دبت فى جميع أنحاء جسدها عندما تلاقت عيونهم، ليقترب منها فى هدوء غير عابىء بجميع من فى الغرفة...

دنا منها بخفة وطبع قبلة على وجنتيها، قبلته عميقة ذبذبتها، تشعر بالفراشات التى تتراقص فى معدتها وجفنيها الذى انغلق منذ ان دنا منها وأنفها الذي التقط رائحة عطره التى حفظتها عن ظهر قلب، وقلبها الذى يدق دقا مخيفاً سمعته يهمس
- مبارك لك زوجتى
فتحت جفنيها لتقابل عينيه البراقتين، نظراته مثبته على شفتيها، شهقة خافتة خرجت منها، الوقح ما الذي يفكر به الآن؟ هل يرد أن يُقبلها وسط أعين الجميع، كلا لن يحدث أبداً.

اكتفت بإيماءة بسيطة لتسرع على الفور هاربة منه وسط نظراته الماكرة وهو يطالعها تبتعد عنهم بخطواتها المقاربة للركض
- إذاً متى ستسافران؟
صوت حمزة الهادىء جعله يشيح ببصره عنها ويهتف بجدية
- الليلة سنسافر، والطاقم الطبي مستعدون ايضاً لا يوجد داعي للأستمرار هنا بدون فائدة
هز رأسه وهو لا يصدق حتى الان انه تزوج!
- هل سافرت عائلتك؟
رد ببساطه
- صباح اليوم غادروا
ثم تابع متسائلاً
- هل أخبرت جدتك؟
قال بصوت شبيه بالمكر.

- نعم، رغم أن جدتى تعلم منذ بادىء الامر يا حمزة
غمغم حمزة ببرود
- بالطبع يجب ان تعلم ماذا يفعل حفيدها بمفرده!
هز رأسه هو الآخر وتوقف عن الحديث...
ليراها تقبل تهاني ذلك الزواج بابتسامة مغصوبة وعيناها تخونها لتسترق النظر إليه بين الحين و الأخرى وهو يتحدث بصوت خفيض مع حمزة.
فزعت من صوت ندى وهى تهتف بخبث.

- حاسب على عينك يا جميل، ده انتوا لسه متجوزين متقوليش انه وحشك تعرفى وانا داخلة الشهر العقارى ولقيت أسود بره الباب قاعدين حسيت انى داخلة بقابل وزير الداخلية.

لا تعلم لماذا يحتمي بكل تلك الاعداد الغفيرة من الرجال الشبيهة بالأسود كما قالت ندى! ابتسمت بسخرية وهي تتذكر عندما كانت تسير نحو الغرفة مستمعة إلى همهمات الجميع عن ذلك الرجل الثرى؟ كان يبدو وكأنه رئيساً يتفقد أحوال رعيته، جعل جميع من يعملون فى الشهر العقارى فضوليين عن ذلك الشخص؟! وذلك الحدث من المؤكد سيبقى حدث لعده أيام قادمة...
انتشلتها سارة من شرودها.

- ليان عملتها واتجوزت واحد أجنبى علشان تحسن السلالة اللى جاية عقبالى يا ر،
تأوهت بوجع عندما لكزتها ليان بقوه على معدتها، لتمتعض ملامحها
- إيدك بقت تقيلة يا ليان، فى حد لسه متجوز يضرب الخلق كده؟
ضحكت ندى بصوت رنان جعل قلب شهاب يطرب فرحاً، بعد تمام الزواج ليأخذ بأغراضه ويرحل فى صمت عازم على أمر واحد، سيجعلها تتزوجه.

إنتهى كل شيء، طلقها يوسف وغادر إلي مكان لا تعلمه، باع المنزل وترك وظيفته، ولا أحد يعلم وجهته
مازالت تتذكر بعد أن سافر إبراهيم وذلك الزواج المفاجئ الذى حدث فى غمضة عين
ليطلقها في اليوم التالى بعد رحيل ليان وعائلتها إلى لندن، من المؤكد سمع الخبر ولم يستطيع أن يتحمل كونها تزوجت رجل آخر غيره، إبتسمت بمراره وهي تتطلع إلى المرآة وتتحدث
انتى ايضاً سترحلين يا ورد، سترحلين للأبد، لن تصبح ذكرى لأحدهم،.

ولكن قبل أن ترحل يجب أن تجمع بين شهاب وندى، لا تريد قصتهم أن تصبح مثلها، ان تنتهي بمأساة حتي وإن كان حبها مجرد من طرف واحد
هي شبه متأكده من أن ندى لا تكره شهاب، يوجد سبب مبهم تمتنع منه!
هي خائفة، تخشى الوقوع فى الحب!
لأن الحب ما إن أصابك بسهامه فإنه سيأخذ المقابل منك، ويجب عليك أن تدفع ذلك المقابل.

سحبت نفسا عميقاً لتزفره على مهل، وأعينها تلمعان ببريق التحدي والاصرار، ستنفذ تلك المهمة الشبة مستحيلة و لن تتراجع أو تستسلم حتى تصل إلى خط النهاية.

بدأ شهاب يطاردها كالشبح فى كل يوم وكل مكان،
يبعث برسائل نصية على هاتفها وكانت عبارة عن تحكمات فقط، لا ترتديه هذا، ضيق، قصير، لا تضعي أحمر شفاه،
اللعنة عليه!، منذ متى يتدخل أحد في شؤونها ومنذ متى هو يتدخل فى شئونها بل يتحكم بها، حسناً الإجابة هي بعد سفر ليان!
ولكن كلا يكفى ستضع حداً لذلك الأمر، ماذا يظن نفسه، والدها، أخيها، زوجها!
تنهدت بضيق وهي تغلق باب منزلها بعنف، لتصيح بصوت مرتفع
- سميرة!

لتترك تلك السميرة ما فى يديها وتتوجه نحو سيدتها وتهتف
- ايوه يا ست ندي
رمت حقيبتها بلا مبالاة وجلست على الاريكة بأريحية
- بابا جيه؟
- ايوه فى اوضته
- طيب اعمليلي كوبايه شاي ساده لغايه لما اجيلك علي المطبخ
اومأت سميرة بإذعان وعادت مرة أخرى إلى المطبخ، لتكمل تقطيع الخضروات وايضا لكي تستكمل دروس في فنون الطبخ!
توجهت نحو غرفة والدها، طرقت عدة طرقات خفيفه لتستمع إلى صوت والداها يأذن لها بالدخول.

- يا سياده اللواء مساء الخير
قالتها بمشاكسه وإنتقلت عيناها إلي حقيبه السفر عبست ملامحها
- إيه يا بابا حضرتك هتسافر فين؟
أجاب فى غموض
- رايح على البلد في حاجات عايز اصلحها
رمشت بعيناها عدة مرات وهي تحاول فك شفرات كلماته الغامضة
- حضرتك هتسافر البلد! وحاجات تصلحها؟ هو في ايه يا بابا؟
اغلق ايمن سحاب الحقيبة متوجها نحوها طابع قبلته على وجنتيها
- هفهمك كل حاجه يا حبيبتى لما آجي، هنزل انا علشان الحق القطر.

سحب حقيبته معه وغادر الغرفة، لتعقد حاجبيها وهي تحلل حديثه
عائلة لوالدها، قرية، إصلاح مشكلة قديمة، يبدو أنه حدث كارثة، كارثة كبيرة منذ زمن بعيد!

أسبوعان مرا بعد نجاح عملية والداها و عاد والدها كما كان فى سابق عهده، تنهدت بارتياح لقد انزاح عبئاً ثقيلاً...
ولكن أين هو؟ لم تراه حينما خطت بقدميها إلي تلك البلد الأجنبية، لا تعلم شيئا عن تلك البلد الغريبة؟ أسيتركها عندما ترحل عائلتها وتكون بين أربعة جدران!
حمزة الذي جالس معها منذ الصباح الباكر إلى المساء طوال ذلك الأسبوع، وهو لم يكلف نفسه حتى بالمجىء ولو لنصف ساعة فقط،.

لا تعلم عنه أى شىء، حياته، صفاته، ما الذى يحبه وما الذي يكرهه!
صوت والدها جعلها تخرج من شرودها
- مالك يا بنتى فى ايه؟ قاعده طول الوقت سرحانه!
تهكمت والدتها سعاد من ذلك الوضع وخصوصا زوجها الذى لم تراه سوى مرة واحدة عند المطار
- فين جوزك يا بنتى؟! ده انا يدوب شفته بالصدفه فى المطار
والحجة كما هي لن تتغير ولن تغيرها حتى تراه
- عنده شغل متراكم عليه يا ماما
مصمصت سعاد شفتيها بدون إحسان.

- الكلام ده لو إنتى مقتنعه بيه أصلا!
بالطبع ليست مقتنعة به، تريد سارة أن تأتي، لينتهي ذلك التحقيق
هتفت بهدوء مخالف وهى تغير مجرى الموضوع
- وبعدين يا ماما هو جه المستشفى قبل ما نتجوز وإنتى مرضيتيش تشوفيه
ردت سعاد فى ضيق
- يعنى وقت ما تتجوزى نجوزك بالطريقة ديه؟! انا مش عارفه يا حج انت إزاى رضيت بالوضع ده! ديه بنتك يا حج تتجوز كده من غير ما نعملها فرح.

والدتها مصرة على أن تقحمها فى ذلك الأمر ولن تخرج منه إلا إذا اقتنعت بالامر
- يا ماما أنا راضيه، مش مهم الفرح والناس وبعدين انا عملت بيهم إيه فى المره اللى فاتت
نبرتها واهنه و حزينه، بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها
- صدقينى أنا حاسه المره ديه إخترت صح
تتدخل إبراهيم منهياً ذلك الحديث الذي بدأ لا يتغير
- خلاص يا سعاد، بنتك أدرى بمصلحتها
غمغمت فى رفض
- بس يا حج
- سيبى البنت تشوف نتيجه إختيارها.

قامت سعاد من مقعدها وهى تتجه إلى الخارج
- طيب لما نشوف!

أغلقت الباب خلفها بعد أن أعطت الممرضه مخدر لوالدها، لتجد سارة تتحدث مع حمزة والذي يبدو عليه قد أتى منذ قليل، جلست بجوار والدتها وهى تهتف بنبرة خفيضة
- ماما من فضلك قوليلى بس ليه مش موافقه على جوازى؟!
ردت سعاد بنبرة مماثلة
- انا مش معترضه غير علي جوزك بس
ردت فى عجالة وهى تحاول إقناع والدتها
- صدقينى يا ماما انا بكامل قواى العقلية وافقت عليه، انا حاسه انى هرتاح معاه
قالت سعاد بنبرة جادة.

- يا بنتى انتى متعرفيش عنه حاجه وابسطها هو ليه مجاش لحد دلوقتى
غمغمت وهى تعيد تلك الجملة للمرة الألف
- عنده شغل يا م...
قاطعتها سعاد بنبرة جامدة
- شغل إيه ده اللى يخلى الراجل يسيب مراته وميعرفش أخبارها إلا من السواق بتاعه، الراجل مبيقدرش يبعد عن مراته حتى لو عنده هموم الدنيا كلها
تفاجأت من سؤال والدتها الصريح
- إتجوزتيه ليه، علشان بتحبيه؟!

صمتت لا تعلم ماذا تخبرها، وجهها تورد باللون الاحمر وبدأ يرتفع معدل نبضات قلبها
- وانتى شايفه ايه؟
اعتمدت أسلوب المراوغة لتتهرب من الجواب، لترد سعاد بنفاذ صبر
- ما انا شايفه كويس جدا يا بنت بطنى، بتتجاهلي تنطقى اسمه وكأنه حد غريب مش جوزك، ووشك اللى بيتقلب سبع الوان ده كفيل بأنى عايزة اطمن عليكى يا حببتى، لما تكونى انتى و هو لوحدك، انا قلقانه عليكى فى الغربة يا بنتي،.

بترت عبارتها عندما وجدته، رأته يتقدم نحوهم بخطوات رشيقة، يرتدى بذله سوداء بدون ربطة عنق تعطيه هاله من الجاذبية وخصلات شعره الكستنائية المنمقة جعلتها ترتعش وهى لا تصدق ذلك الوسيم زوجها،
هتف بعبارات مقتضبة مع حمزة لتجده بعدها يتقدم نحوهم بخطوات هادئة
- صباح الخير
هتف بها ببحته المميزة، لتشيح سعاد وجهها للناحية الأخرى وتهتف بتهكم
- اهو وتانى سبب بيبرطم إنجليزى طول الوقت.

شقت ابتسامة واسعة، رافعه ببصرها نحوه نحوه لتتقابل أعينهم لثوانى لتهتف بمزاح لوالدتها
- ايه يا معلمه الاجيال، اومال الجيران اللى كانوا بياخدوا دروس تقوية فى الانجلش عندك كانوا بيعملوا ايه؟
سمعت صوته مره أخرى وكأنه يقاطع حديثهم
- اريدك ليان لبضع دقائق
- روحى شوفى جوزك عايز ايه
صوت والدتها الحازم جعلها تقوم من مجلسها وتتبع خطواته بهدوء تحت نظرات سارة الماكرة وحمزة الباسمة.

أغلق الباب خلفه بعد أن دلفت، هو وهى الان بمفردهما وزوجته ايضاً، جال ببصرها إلى الغرفة لتجدها غرفة تحتوى على فراش و اريكتين...
تريد ان تعلم ما دورها؟ اين هى فى حياته؟! هتفت بتساؤل
- زواجنا
- ما به؟
هتف بنبرة باردة وهو يتقدم نحوها بخطوات مدروسة ومخططة
ارتدت للخلف عدة خطوات واصبح نبرتها مهزوزة
- ما هو وضعي؟
حك طرف ذقنه وهو يهتف بسخرية
- أظن أنك زوجتي يا ليان.

تسمرت قدميها وهى ترى عيناه أصبحت لامعتين ماكرتين، ما الذي يفكر به الآن؟! لا تعلم مغزى حديثه؟
لديها أسئلة بما انها اصبحت زوجته، لاداعى الان لتفكر وتحلل جملته
- اريد ان اعلم من انت، إنك غريب عنى، لا اعلم عنك شيئا وعائلتك ايضا، اشعر انني تائهة لقائنا غريب وزواجنا أغرب
لما تزوجت فتاة شرقية؟ ولما أنا بالتحديد؟

لا تخبرني بسبب الصحف الصفراء تستطيع أن تتزوج الفتاة هنا؟ لما استغليت ضعفى ووالدي لتجبرنى على الموافقة؟
ظلت تتحدث وتتحدث تحت نظراته المبهمه ودموعها أخذت مجراها فى الحديث
- اريد ان اطمئن والدتى، هل خيارى صحيح ام خاطىء أخبرني أرجوك؟
احتضن بكلتا كفيه وجهها وانامله تمسح دموعها ليهتف
- ستعلمين كل شىء فى الوقت المناسب
وختم عبارته بقبلة خفيف على وجنتيها، إحمر وجهها خجلاً وما زال عقلها يفكر فى إجابته الغامضة!

كان فى طريقه للخروج، إستدار وتوجه ناحية الباب لن تتركه حتى تعلم وضعها
همت بالحديث لتسمع صوت إغلاق الباب، لقد غادر مثل الزيبق ولم تحصل على أى إجابه منه! ولم تعلم لماذا جاء وماذا كان يريد منها؟
ظلت تسبه وتلعنه وتعلن نفسها،.

يوم الجمعة عادة كل صباح تذهب إلى النادي برفقة والدها، ولكن اليوم ستذهب بمفردها بسبب سفر والداها إلى عائلته...
اين عائلته؟ إنها لا تتذكر منذ أن كانت صغيرة والدها يتحدث عن عائلته،
رمت حقيبتها الرياضية فى المقعد الخلفى وهى تزفر بضيق، لقد رحلت صديقتها وتزوجت وهى ستقضى روتينها اليومى الممل بدون رفقة أحدهم.

تأففت للمره التى لا تعلم عددها وهي ترى هاتفها يدق، تطلعت لهاتفها لترى اسم المتصل، ولم يكن سوى شهاب
ذلك الشهاب الذي تكلمه فى وجهه الرجولي الجذاب، اااه يا ندى ما الذي تفكرين به الآن!
وضعت هاتفها على وضع الصامت لتذهب للنادى،
شهقت بفزع عندما وجدت يد فولاذية تمسك عضدها وتمنعها من فتح باب سيارتها
- مبتدريش على تلفونى ليه؟
ازاحت بيدها بعنف مزمجره بغضب وهى تلتف يمينا ويسارا ولا تجد أحد من المارة.

- انت اتجننت اوعك تفكر تلمس ايدى تانى يا حيوان
ارتعدت بقوه وهى ترى معالم وجه التي تغيرت وأصبحت ملامح شرسة
إستندت بظهرها على سيارتها وهتفت بنبرة جاهدت أن تبدو قوية
- لو قربت منى هصوت وهلم عليك الناس كلها
ظل يتفرس ملامحها ثم ألقى ببصره إلى ثيابها، اسف هل قال ثياب! اى ثياب تلك التى ترتديه بداية من تنورتها البيضاء القصيرة ومن الأعلى قميص قطنى بنصف أكمام يكاد يصبح كجلد ثان لها،.

- ايه القرف اللى انتى لابساه ده!
زعق بها غاضباً وهو يفصل الخطوات التى بينهما ويداه امتدت لعضدها ليتمسك بها بعنف، ظل بصره معلقا على ثيابها ثم إلى عيناها المحدقة به بذهول
ارتبكت قليلا من وضعهم المحرج، تشعر بأنفاسه الساخنه وكأنها حمم بركانية تلمس بشرتها، ثوان قليلة لتستعيد شخصيتها وهي تصيح بانفعال
- انت ملكش دعوه بيا اصلا متتحكمش فيا انا مش أختك علشان تقولها تلبس ايه ومتلبس ايه؟
- ندى.

ارتجفت اوصالها بسبب نبرته المخيفة لتجده يدنو نحو أذنيها وانفاسه الهادرة لا ترحمها
- آخر مرة اشوفك باللبس ده فهمتى
هزت برأسها نافية
- ده لبس الرياضه بتاعى ولو مش عاجبك اضرب دماغك فى اقرب حيط
نبرته لانت قليلا وهو ما زال على وضعهم الفاضح بالنسبة للعامة، ذراعه تمسك بعضدها بشده والاخرى إتخذت طريقها لخصرها ورأسه مائلة إلى عنقها.

- لسانك ده هقصهولك يا ندى وانا عارف كويس ايه الطريقه اللى هتخلى لسانك المتبرى منك ده يسكت خالص
ارتفع اوتار قلبها وهى تفهم مغزى حديثه، ولسانها لا يخرج من جوفها، لو كان آخر لكانت صفعته ثم تركله بقدميها وتأخذه إلى أقرب مخفر للشرطة، لو كان آخر! ولكن ماذا عنه؟
- تطلعى زي الشاطرة وتغيرى المسخرة ديه، وعالله اشوفك باللبس ده تانى وياويلك يا ندى لو لقيتك رميتى كلامى بعرض الحائط.

لم يكن يوجد معها حلاً سوى الخضوع فى الوقت الراهن، لكنها لن تصمد ستأخذ حقها منه
تقابلت اعينها البندقية بعينيه العسليتين التى تتحول تدريجيا إلى آخرى داكنة، عيناه راغبة يتفرس معالم وجهها بأريحية و انفاسه الهادرة تلفح وجهها،
إلصق جبينه بجبينها سارقاً انفاسها الناعمة وعقله ما زال متيقظاً أنهم فى مكان عام، همس بصوت أجش
- متختبريش غضبي يا ندي.

حالة من اللاوعي تختبره لأول مرة، عيناه الراغبة تخيفها بل ترعبها ومع ذلك جسدها متيبس يرفض الإذعان لعقلها للهروب،
يداه التى تتمسك إلى عضدها أخذت طريقها للأسفل لتكون بجانب يده الاخرى، ذراعيه تتمسكان بخصرها وكأنها طوق النجاة من الغرق، تأججت انفاسها وتلعثمت في حروفها وهي تحاول ان تفيق من تلك الحالة...
ليقطع خلوتهم صوت أجش جعلها ترتبك و...

- يا نهار ابيض، يا فضحتنا يا خوانا يا فضيحه عمارتنا ايه قله الحيا على الصبح ده
وما كان ذلك صوت سوى بواب العمارة حمدى!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة