قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث

كان مستمتعاً بنظراتها المصدومة، حتى بعد سقوط الملف والأوراق المبعثرة لم تلتقطهم، قام من مقعده وهو يتقدم نحو تلك الواقفة كلوح الخشب يلوح بيديه امام وجهها هاتفاً بعبث
- مرحبا يا فتاة أين انتِ؟
ظلت ترمش عيناها وهى تكذب ما رأته كيف يكون، زياد هو زين همست بشرود
- كيف ذلك؟
وضع كفيه فى جيب بنطاله وهو يهتف بعملية مجيباً على سؤالها
- ادعى زين زياد الحديدى.

هزت رأسها وهى تشيح بوجهها عنه ونبضات قلبها تتسارع بقوة وكأنها في سباق ماراثون..
انحنت لكى تلتقط الأوراق المبعثرة، لتتسمر عندما وجدت كفه لامست كفها وهو يقول بجمود
- لا تنحنى ابداً
رغم الثوانى اللاتى تلامست أيديهم ولكن شعرت بشرر كهربائى
يسير نحو كامل جسدها، لتنظر إليه لم يتأثر بالتأكيد، إنه غريباً متحرراً ماذا توقعت!، ولكن لما طلب منها عدم التقاط الأوراق؟

بعد فترة وجدت حائط بشرى دلف إلى لينحنى وهو يلتقط الأوراق ثم يضعهم فى الملف قائلا بعملية معطياً إياها الملف
- تفضلي يا آنسة
شكرته فى هدوء وهى تأخذ منه الملف، لتعود أنظارها نحوه، تجمدت مرة اخرى امامه لا تعلم لما تقدم نحوها بتلك المسافة المهلكة..
شعرت بأنفاسه الحارقة تلفح صفائح وجهها، جسدها لم يتحرك قيد أنملة من أثر اقترابه المهلك ولكن كانت عيناها مرتعدة..

قال ببرود وهو يطالع معالم وجهها المرتعدة ليخطو خطوة للخلف
- بربك كأنك رأيتى شبح أمامك، لقد كنت اتفحص انك بخير ام لا بسبب وقوفك كالتمثال امامى منذ ان رأيتنى!
ضغطت على الملف بقوه تحاول التحكم فى نفسها، وعقلها ينبهها عليها الهروب، الآن!
- سنؤجل المقابلة ليوم آخر
ثم أخذت تخطو بخطوات مسرعة مرتبكة وهى تمسك بمقبض الباب، سمعت صوته الذى صاح بجمود ونبرة جافة.

- أقسم لكِ إن تحركتى قيد أنملة من مكانك فلن تخرجى من ذلك المكان ابداً
سكنت فى مكانها على الفور وما زالت يديها معلقة عند المقبض، تبا تبا تبا تشعر بالاختناق بسبب رائحة عطره التى تداعب انفها..
اغلقت جفنيها وهى تسحب نفسا عميقاً ردت ببرود مماثل له
- لن تجرأ على فعلها
- بل يمكنني فعلها، كما إنك الان فى قصرى لن تخطي اي خطوة دون اذنى.

بدأت تتصاعد ابخرة الغضب لتتوجه نحو ذلك البارد وهو تضم ذلك الملف بقبضة يديها، عديم المشاعر وهى تصيح بوجهه
- واللعنة من اين ظهرت لى يا هذا؟
- توقفي عن شتمى وثانيا انا لست هذا!
أجابها ببرود ونظراته المتسلية تتابع تصاعد غضبها...
هتفت بحنق
- لن تجبرني التوقف عن الحديث
رد ببرود مصاحباً بمكر
- إذا ستجعلنى اصمت شفتيك بطريقة لن تعجبك.

صمتت للحظات تستوعب ما يرمى إليه لتتسع عيناها ذعرا وهى تحاول ان تكذب ما جال بذهنها، نظرت إلى ذلك الوقح البارد ليومىء هو برأسه مستنداً بجزعه على المكتب وزرقاوته عيناه يظهران ذلك البريق اللامع..
- نعم عزيزتى إنه ما دار بذهنك بالفعل
هتفت بلا وعي واعينيها تشتعل من الغضب
- ايها السافل الوقح النذل الحقير كي...
قاطعها ببروده
- أقسم لك مرة اخرى وستجديننى فعلتها
- كلا لن اتوقف انا ل...

بترت باقى كلامتها عندما وجدته فجأه يسحبها الى صدره العريض ويسقط الملف لثانى مرة وتتبعثر الاوراق، تسارعت نبضات قلبها وحدقتى عيناها متسعة من الصدمة..
لقد تلقت الكثير من الصدمات اليوم ولكن لم تكن متوقعة أن يصل لذلك الحد...
حاولت التملص منه لتجده يمسك بذراعيها الاثنتين بيد واحدة ولفها حولها ظهرها ليشلها عن الحركة..
هتف بنبرة ذات مغزى
- يبدو إنك متشوقة جداً لتلك التجربة وانا لن أمانع على الإطلاق.

همت بالحديث ليقاطعها بصرامة
- إن تفوهتى أى حماقة أخرى أقسم لك أنني سأفعلها
ابتلعت كلماتها داخل جوفها وهى تنظر إليه ملامحة الوسيمة، جاذبية مهلكة بداية من بشرته البيضاء وشعره الكستنائى الغزير المصفف بعناية و حاجبان كثيفان ثم إلى زرقاوته ولمعته الغريبة وانفه المستقيم، ملامحه بالكامل غربية، وسيم، وسيم لحد اللعنة! لا يجب على رجل أن يكون وسيماً إلى ذلك الحد!

أخفضت عيناها أرضا عندما لاحظت عيناه التى لم تتزحزح عن الغوص داخل بحار بندقيتها..
وجدته بعد فتره ازاح يديه ويبتعد فى هدوء وكأن شيئا لم يحدث
اما هى بالطبع ليست مثله إن كان فعل ذلك من قبل مع للعديد الفتيات فأنه الوحيد الذى اقترب إليها ولم يبعد سوى إنشات بسيطة لا تذكر، اشياء بداخلها تتدفق بقوة هائلة وبدأت تشعر بالبرودة بعد ان ابتعدت احضانه الدافئة..
صاح بجمود وهو ينظر للأوراق المبعثرة ارضاً.

- تستطيعى الان الرحيل، ونتقابل فى يوم آخر
ما إن انهى حتى فرت هاربة نحو الخارج، تاركة الملف ملقى على الأرض غير عابئة به..
خرجت من القصر وهى تتنفس بحرية وتجد السائق البشوش منتظراً إياها لتهرول وتصعد إلى السيارة فى لمح بصر..
جلس السائق خلف المقود وقبل ان يتحرك جاء أحد الحوائط البشرية وهو يعطيه الملف، الملف الذي تود حرقه
أخذه السائق ومازالت عيناه تتطلعان إليها بنظرات لم تفهمها...

وجدته يتحرك بسيارته بهدوء وما إن خرجت السيارة من البوابة الالكترونية تنهدت براحه وهي تهتف فى خفوت
- بيحلم لو فكر نفسه انى ممكن اجى هنا تانى
ثم انتبهت على السائق وهو يعطيها الملف، لتأخذه بأبتسامة بلهاء، و تقوم بفتح الزجاج لتلقى الملف وسط دهشته!
ابتسمت له بسعادة، نادمة على موافقتها للذهاب، بل ايضا ما تفوهت به امام ليلى وهى فى وسط الحديث تخبرها بتمنيها بعمل لقاء صحفي معه...

عبست ملامحها ليحل محلها الخوف، قبل فرارها من القصر نظرته، نظرته ارعبتها، بعثت في قلبها المسكين هلعاً..
كأنه يخبرها انها لن تكون المرة الاخيرة للقائهم!
...
عادت إلى منزلها لتتوجه نحو غرفة ابيها قعيد الفراش منذ أن اصابه المرض الخطير..
لتجده يحمل فى يديه المصحف يتلو بعض آيات الذكر الحكيم، لينتبه إلى وجودها وهو يرفع بنظره نحوها
- تعالى يا حبيبتى
توجهت نحوه وجلست بجواره تحتضنه متشبثة به بقوة قائلة بشقاوة.

- لو سوسو جات ممكن تطلبنا البوليس وانا مش قدها
ضحكت وسط أحزانها لتبتعد عن أحضانه وهى تتطلع له بصمت، لاحظ إبراهيم انه يوجد شىء بسبب نظراتها الضائعة
- مالك يا حبيبتى؟
ظل يربت على يدها بحنو، لترتمى مرة أخرى في أحضانه وانفجرت فى البكاء ربت إبراهيم على ظهرها حتى بدأ صوت شهقاتها و نشيجها يهدأ بعض الشىء
هتفت وهي تمسح دموعها بكفيها كالطفلة الصغيرة.

- مش قادرة إحساس العجز بيدمرنى يا بابا، مش فى ايدى حاجه اقدر اساعدك بيها، تعبت بجد
رد إبراهيم برزانة
- قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
صمتت لعدة ثوانى وقال وعيناه مثبته على عيناها
- بس مش ده اللى انتِ كنتى عايزاه تقوليه، فى حاجه تانيه مخبياها عنى من اول ما رجعتى من الفرح، بقيتى بتسرحى كتير وسارة طول الوقت بتتكلم بغموض عن حاجه وتقومى تهبى فيها زي البوتجاز
زمت شفتيها بعبوس
- انا برده!

كيف تتحدث فى موضع حساس امامه، لن تقدر وجنتيها تتوردان من الخجل من مجرد ما حدث فى الصباح، ما زالت تشعر بكفيه الدافئتين تحيطان بذراعها، وانفاسه وعطره..
- لطاما مش عايزه تحبى تحكى مش هجبرك!
قبلت وجنتيه وبدأت تعطيه الدواء لتهتف بتساؤل
- هى إعصار البيت فينها مش سمعالها حس
؟
تفاجأ بصوتها وهى تفتح الباب
- سمعتك على فكره!
ثم توجهت نحو والدها وهى تقبله من وجنتيه وتزيح ليان الجالسة بجواره.

- بابا حبييى كل سنه و حضرتك طيب
ضيق الأب عيناه ويهتف بتوجس
- انا مش مستريح لدخلتك ديه! قولى علطول عايزة ايه؟
تراقصت حاجبها بشقاوة
- حبيبى ياللى بيفهمنى من هى وطايرة، عايزة اروح عيد ميلاد صاحبتي النهاردة ومتقلقش مش هتأخر ساعتين وهرجع البيت
وظلت سارة تتحدث حتى جعلته يوافق باستسلام هتفت ليان وهي تمط شفتيها بامتعاض
- يا بنتى هو انتى اول ما دخلتى كلية بتتفسحى مبترحميش
عدلت سارة ياقة بلوزتها.

- يا ماما خلاص شغل الثانوى ده بح! انا كبرت ودخلت كليه وبقيت معتمده على نفسى
ثم تساءلت باهتمام
- صح عملتى ايه فى مقابلتك النهاردة؟
صمتت عن الحديث لترى زوجان من الاعين تتطالعها باهتمام أجابت ببرود رغم انفعالات جسدها الداخلية
- معملتش
ثم استدارات وخرجت من الغرفة حتى تسلم من اسئلة سارة التى لن تنتهى امام والدها..
نظرت سارة بتعجب إلى والدها هاتفه بتساؤل
- ده اللى هو ازاى!
...
كانت الليلة عقد قران يوسف و ورد.

كانت الليلة هادئة؟!، تلميحات حسينة وهى طوال الوقت لا تدعها وشأنها أينما ذهبت لتبث بداخل أذنها بكلمات مسمومة جعلتها تود ان تتوقف ولو قليلا رغم ذلك كانت تبتسم ابتسامة بلهاء أمام وجهها، والجميع
ويوسف الذى لم يكف عن إرسال نظراته حتى أمام الجميع، لترتشف العصير ببرود وأصبحت غير عابئة بحديث الجميع عنها...
رنين هاتفها جعلها تخرج من المنزل بعيداً عن الضوضاء وهى ترد بهدوء لرقم غريب
- الو.

لم تتلقى رد فظلت تكرر حتى سمعت صوت
- اسف انى بتصل فى وقت مش مناسب يا انسه ليان
حاولت ان تجمع صاحب ذلك الصوت لتهتف بتوجس
- مين معايا؟
هتف الرجل بحبور
- انا حمزة سواق زين بيه
مجرد ذكر إسمه جعلها تسترجع ما حدث لتهتف بهدوء
- خير ان شاء الله
أجاب الرجل بعملية
- هستناكى فى نفس معادنا يا انسه ونفس المكان بكره.

وقبل محاولة الاعتراض أغلق الهاتف فى وجهها، ما هذه الوقاحة! يضعونها أمام الأمر الواقع! وما المفترض بها أن تفعل؟ هل ستتركه، كلا إن وافقت على مضض المرة السابقة للذهاب لن تذهب هناك مرة أخرى، ولنرى ماذا سيفعل؟

ذهبت شقيقتها الى الجامعه و والدها ووالدتها الى الطبيب وهى الوحيده الجالسة فى المنزل، هل تجلس كالجبانة، انتفضت من فراشها، ستواجهه، ستخبره انها لن تخشاه، ليست جبانة لتستلم وتيأس، لم ينتهى الحرب بعد!
خرجت من منزلها وهى تسابق الريح لتذهب الى ذلك المكان مرة اخرى ولكن ليست خائفة ومتوترة، واثقة اعينها تلمع بتحدى وإصرار...

وجدت السائق ينظر لها ببشاشة للمرة الثانية لتستقل السيارة بعد أن منعته من ان يفتح لها الباب..
لم تشعر بالوقت الذى جرى بسرعة، لتجد السيارة توقفت أمام باب القصر، لتترجل من السيارة وهي ترى الحارس مفتول العضلات ينتظرها أمام باب القصر..
نفس المشهد تكرر كما هو، دلفت إلى باب الغرفة لتجده يجلس على مقعده محدقا بالباب الذي انفتح..
تقدمت نحو بثقة جاهدت فى ظهورها عندما أغلق باب الغرفة..

لتجلس على المقعد الذي اشاره بأصبعه..
نظراته تحرقها غمغمت فى خفوت وهى تركز ببصرها إلى منظر الطبيعه من النافذة
- هل نبدأ؟
قام من مقعده وهو يتوجه نحوها واضعا كفيه في جيبي بنطاله محدثا ببرود اعتادته
- ماذا توقعتى لكى ارسلك هنا للمرة الثانية، هل توقعتى انه من اجل لقاء تافه!
لقاء تافه! أغمضت جفنيها وهي تحاول عدم الفتك به، سحقت شفتيها وهى تهتف بحده
- لقاء تافه! لماذا أرسلتني إلى هنا إذن؟

استند بجزعه العلوى على المكتب وهي تتعلق بأنظارها نحوه منتظرة أن يتحدث، نظر إليها بطريقة اربكتها وجعلتها تشيح بوجهها الى نقطة فى الفراغ..
انتظرت دقيقتان منتظره إجابته، لتقوم من مجلسها وهى تتوجه نحو الباب يكفى ما حدث لن تنتظره لكى يتحدث، سمعته يصيح بحده
- للمرة الثانية لم آذن لك بالخروج!
كفى! لقد سئمت لم تشعر بنفسها سوى انها تتقدم نحوه وتصيح بانفعال.

- ما هذا البرود الذي تتحدث به، ومن انت لتتحكم بى، انت لا دخل لك بي إطلاقا، اتفهم!
ابتسم بسخرية
- الاحظ انكِ اصبحتى قطة شقية!
- قطة شقية! لا تتجاوز حدودك ابداً
كانت تهتف بها بانفعال ووجنتيها متوردتان من الغضب..
وتابعت بحده
- لقد أخطأت عندما جئت للمرة الثانية
- نعم عزيزتى لقد أخطأتى فعلا!
هتف بها بغموض شديد لترتجف عندما وجدته يتقدم نحوها ويتحدث بجمود
- لكن أصبح لا مفر من الخروج!

هوى قلبها ذعراً وهي ترى لمعه عيناه البراقة لتهتف بتوجس وهى تحاول ان تبث السكينة في قلبها
- ماذا تقصد؟
أجاب ببرود و زرقاوته مثبتة على بندقيتها
- سأعرض عليك صفقة رابحة لكلانا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة