قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والعشرون

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والعشرون

رواية زوجتي الشرقية الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والعشرون

اغلقت باب غرفتها وهي تتنهد ببطء، اكثر شيء صحيح يفعله أنه لا يظل فى المنزل، حتى تتجنب تلك النظرات التى تشعل أنوثتها رغم كونها وقحة،
ضيقت عيناها قليلا وهى ترى هاتفها موضوع على فراشها ويوجد لوحتها وقلمها، السيد المبجل العظيم قرر اخيرا ان يفك اسر اشيائها، لكن مهلا هل دلف غرفتها!

عند تلك النقطة اسودت عيناها، وعقلها يتساءل ها لعب فى أغراضها الخاصة، القت بنظرة سريعة على غرفتها لتجدها كما تركتها فى الصباح، ابتسامة لا تعلم اين مصدرها وهى تمسك بهاتفها، ارتعشت يدها عندما رن هاتفها، انه نفس الرقم لم يمل ولم يعبأ بتهديدها...
أغلقت المكالمة لتسارع بالبحث عن الرقم الوحيد الذي سينقذها، وتدعو الله ان يجيب فى اسرع وقت ممكن
- الو
تهللت أساريرها عندما اجاب، دمعت عيناها وأجابت بصوت مضطرب.

- شهاب من فضلك محتاجك تساعدني
انتفض شهاب من مضجعه وهو يستمع إليها، لحظات قصيرة حتى غامت عيناه بلون وحشى...
وقام من مضجعه وهو يصيح بغضب
- وانا كنت فين من كل ده
ارتعشت شفتيها وهي بالكاد تمسك بهاتفها
- شهاب من فضلك اسمعني
زفرة حارة وصلت الى اذنيها لتبتلع ريقها بتوتر وتوجس،
ذرع الأرض مجيئًا وذهابًا وهو يفرك عينيه وينشط جسده من الخمول الذى كسى عليه، صاح بجمود
- اسمه ايه
ردت على الفور
- كريم، كريم الهندى.

شتم فى سره وهو يلعب فى خصلات شعره
- ماشى يا سارة هقفل دلوقتى وحسابنا بعدين لما ترجعى
ترددت قليلا من نبرة الوعيد التى ارعبتها
- شهاب استنى انا
لم ينتظر أغلق الهاتف في وجهها، لتنفجر فى وصلة بكاء وهى تهرع الى فراشها وتدفن وجهها بين الوسادة كى لا يسمعها احد، اليوم كان رائع لما دائما تتحول ايامها من اللون الوردي إلى اللون الأسود.

- خالد
صوت الجدة جعله يتوقف عن السير وصولا لباب المنزل، اغلق جفنيه لعدة لحظات قبل ان يستدير إليها، غمغم بضيق
- نعم جدتي
ابتسمت الجدة بحنو وهى تلاحظ تغير معالم وجه للشحوب والضيق منذ مجيئه
- هيا عزيزي اريد أن أخبرك بشيء هام
سار خلفها بإذعان، مسلوب الإرادة، بائس، يوجد به شىء لم يستطيع ان يحدد ماهيته
ارتمى على الاريكة متنهدا بثقل جعل الحدة تتسائل بهدوء
- ما بك؟
- بخير.

صمتت الجدة من إجابته التى لم تستغرق ثواني، ربتت على فخذه بعطف وهى تقول
- لما لا تقضى اليوم هنا، طوال اليوم فى الخارج
مرر بأنامله على خصلات شعره بشرود
- لا شيء أشعر بالضيق فقط
تساءلت الجدة بمكر
- هل هناك فتاه مثلا تلعب فى مخيلتك؟
رد ببرود ظاهري
- كلا لا يوجد
تمتمت الجدة بتعجب
- غريب
استقام من مجلسه وهو يرد بجمود
- ليس غريب معذرة سأخرج قليلا
توقفت قدماه عندما استمع الى عبارة الجدة.

- لا تتكبر يا بنى، الحياة تعطينا فرصة واحدة فقط والفائز هو من يغتنمها
التفت اليها وهو ينظر نحوها بجمود، ليعود مرة أخرى بملامح لا مبالية ويخرج من المنزل بهدوء.

خرجت من المصعد الكهربائى وهى تتوجه نحو شقتهم سابقا وشقتها حاليا، اخرجت المفاتيح من حقيبتها وهى تدندن فى خفوت،
دلفت الى الشقة واغلقته ببطء وضميرها مستريح نوعا ما بسبب فعلتها ليلة أمس، تذكرت فى الصباح انها قامت بجمع ملابسه في حقيبة ضخمة ورمتها فى وجه واخبرته انها لا تريد رؤيته مرة آخرى،
تبتسم بسعادة وتمثل الفرحة وداخلها يتحطم ويبكى قهرا، رمت حقيبتها على الارض وارتمت على الأريكة تبكى بصمت،.

صوت خطوات اقدام تصدر من خلفها ارعبتها، استقامت واقفة من مجلسها لتشهق بقوة
- ماذا تفعل هنا؟
وضع كلتا كفيه فى جيب بنطاله وهو يهتف بسخرية لاذعة
- كونى تغاضيت عما فعلتيه ليلة أمس ليس معناه أنني سأتركك دون ان تعاقبي على فعلتك
ابتعلت ريقها بتوتر وهى تراه يقترب نحوها ببطء حتى اصبح فى مقابلتها، ارتعش جسدها من نظرة عيناه الداكنة، ابتلعت ريقها بتوتر وهمست بصوت متحشرج
- أخرج
ضحك بقوة وهو يحك طرف ذقنه وهمس بخشونة.

- كلا حبيبتى يجب الاول معاقبتك وسنفكر لاحقا فى امر المنزل
اتسعت عيناها هلعا وقالت
- ماذا تق
كتم باقى عباراتها وهو يلتقط شفتيها بين شفتيه، تدمرت حصونها وقلاعها من طوفان عنيف،
اكتسحها بقوة ولم يتركها لتتنفس ولو لثانية واحدة فقط،
رفعها بين ذراعيه وهو يتوجه بها نحو غرفتهم، وهو يتوعد لها بتلك الليلة بمعاقبة شديدة علة ما فعلته تلك المجنونة ليلة أمس.

تلتفت للوراء خشية أن يراك أحد، تنظر للأمام بدون هدف، حياة باهتة كئيبة تسير بالطول وبالعرض وهدفك مفقود، شغفك مدفون، ذاتك أنت مدمرة، بقايا أشلاء تلملمها لأٱستمرار الحياة، وتتمنى ان تكتم انفاسك، ونبضاتك تتصارع من أجل الفناء، في سبيل ترك الحياة الملوثة و إعتقاد أن الحياة الأخرى هي الافضل،
من تخدع نفسك وانت تستسلم الى الهواجس والوسواس الذي يصوره عقلك المريض، وتسحبك إلى دوامة سوداء فى رحلة اللاعودة.

خرج من المرحاض وهو يلف منشفه حول خصره وفي يديه منشفه صغيره يجفف بها شعره، ألقي نظرة خاطفة نحو النائمة بل من تصنعت النوم، تنهد بقله حيلة وهو يتوجه نحو الخزانة ويخرج بنطال وتي شيرت
ارتداهم في عجاله وهو يخطو بخطوات بطيئة نحو الفراش، اضطجع بجوارها وهو يلاحظ حركات جسدها المتشنجة ووتيرة انفاسها التي خانتها، ابتسم بخبث وهو يسحب جسدها بقوة
- لياني
تملصت من ذراعيه الأسرتين وهتفت بوهن
- زين من فضلك اريد النوم.

شدد من معانقته لظهرها ومال على اذنها هامسا
- ما بكِ
أغلقت جفنيها بقوة وهي تتحكم في دموعها الخائنة، قال انه تغير وصدقته، وعدها انه سيخبرها بما يؤرقه وهي كالحمقاء صدقته ايضا اخبرها بأكثر شيء حطمها بأنه لا يريد وجود طفل بينهم وهي تفهمت واذعنت وقبلت طلبه، لم يطلب بل كان يأمرها وموضوع لا يقبل النقاش ثم يخبرها انه يخشى الفقدان، بل هي التي تخشى فقدانه،.

ولكن ماذا فعل يبعدها عنه وينبذها وكأنها شخص دخيل اقتحم حياته، ليست شريكته ليست زوجته ليست نصفه الآخر، يعتمد على أن يحل مشاكله بمفرده، لا تريد الضغط عليه كي لا ينفجر بها ويترك الأمر الرئيسي فالامر كله تحصيل حاصل سواء استعملت اللين او الشده لن تستطيع ان تخرج اي كلمه من جوفه،
تمتمت بضيق وهي تشيح ذراعيه عن خصرها
- لا شيء
ونبرته كانت قوية جعلتها ترتجف
- ليان.

تأففت بصوت يسمعه وهى تتصنع النعاس كي تبتعد عن وصلة التحقيقات
- انني متعبه اريد النوم
شدد ذراعيه بقوة نحو خصرها وهو يطبع عده قبل دافئه على جبينها وعنقها، يشعر ارتجافها اثر قبلاته ليست كعلامة النفور وهذا اكثر شيء اراحه...
مد أنامله وهو يلعب بخصلات شعرها حتى لاحظ جسدها قد استكان، قام من فراشه وهو يتوجه نحو الشرفة عله يجد هو الآخر النعاس مثل الآخرى.

لا يعلم كيف يبدأ معها بالحديث كل مرة يرغب فى التحدث معها تنعقد لسانه بل ان عقله يخبره انه ليس له داعي بمعرفة الأمر، تخبره تريد انها تطمئن عليه فى كل مرت تخبره لا اريد ان اعلم ما حدث ولكن طمئني عليك، جسده يتحفز الاجابة ولكن لسانه يخونه ويخبرها ان كل الامر على ما يرام.
شعور بالخنقة والضيق فى غرفته جعله يخرج من المنزل ويتوجه نحو مكانه وهو وابن عمه المعتاد،.

ترجل من سيارته وهو ينظر نحو جسد ابن عمه المسترخي على مقدمة سيارة الاخر وتارك المصابيح الامامية مضاءة وفي يديه لفافة تبغ مشتعله، لم يلتفت اليه بل نظره محدق نحو السماء
صاح خالد بسخرية
- لم أتوقع وجودك هنا
هز زين رأسه يائسا وهو يشتمه بصوت خفيض جعل الآخر يحرك رأسه اتجاهه ونبرة السخرية لم تتغير
- هل ستعد النجوم معي أم يوجد سبب آخر لمجيئك
جلس بجواره على مقدمة سيارة خالد قائلاً ببرود.

- لماذا لست فى المنزل ولما جئت الى هنا
قطب خالد حاجبيه بعبوس وهو يتمتم بضيق
- نفس السبب لمجيئك هنا
صمت خلل وجودهم، كصحراء جرداء لا يوجد بها رمز ما يدل على الحياه، سوي هدير أنفاسهم العالية هو الشيء الوحيد الذي يدل على وجود أشخاص فى تلك المنطقة النائية،
رمي خالد بلفاقة التبغ ونظر نحو الواجم الوجه ولم تظهر اي تعابير واضحة على صفحات وجهه، تنحنح بخشونة.

- اتعلم عندما اخبرتني انك تزوجت حمستني حقا لأمر الزواج لكن ما اراه الان يجعلني اخبرك ان اكون عازبا افضل مائة مرة من متزوج
نظر اليه زين نحوه بشرود لمدة لحظات مرت كالبرق ثم مالبث ان قهقه بصوت مرتفع وهو يغمز بمكر
- هل الجدة قامت بوضع الحصار عليك انت ايضا
صاح خالد بتذمر.

- لا تضحك يا رجل في كل مرة تخبرني بأمر الزواج حينما اكون فى المنزل لذلك اهرب منها، لا اعلم ربما لو استمريت اكثر من ذلك سأجد فى الصباح امرأه بجواري فى الفراش
خفت صوت قهقه زين قائلا بلا مبالاة
- بادر انت قبل ان تجد الجدة زوجتك فتاة من القرية
رفع خالد حواجبه بدهشه وشيء خبيث يحثه على أن يدهسه اسفل سيارته، غمغم بضيق
- وهل تظن انني وجدت فتاة
اصطنع زين التعجب وهو يغمغم بمكر.

- حقا ولماذا تجلس هنا وتعد النجوم كالعاشق البائس الذي ينتظر خروج حبيبته من الشرفة.

صمت، ثانية اثنان أربعة حتى العاشرة، ازداد عبوس وجه من الضيق للجمود، طالت اجابته، طالت إجابته عن الوقت المسموح له بالرد، هل لتلك الدرجة يظنون أنه عاشق متيم لمحبوبته، وليس شخص يلملم اشيائه المبعثرة، جاء هنا لكي يجدد روحة العابسة ليواصل اكثر علي ان يبتسم فى وجه الجميع ويخبرهم انا بخير وفي صحة جيدة الجميع يحسدونه رجال ام نساء عليه، طويل وسيم ذو مكانة مرموقة والنساء تجلسن أسفل قدمه تنتظرن اشارة منه.

هتف بسخرية وهو يخرج لفافة تبغ أخرى ويشعلها
- لا اصدق يا رجل هل التقطت العدوى من الجدة
حرك زين رأسه بلا مبالاة وهو ينظر نحو المجهول، جامد متصلب الوجه نيران ثائرة فى داخله ونقطة سوداء بدأت تتسع، كل ما تلقاه هو النفور، وابتعادها الليلة هل هو يأس أم أن طريق النهاية بدأ و يرسم خطوطه العريضة
صوت خالد الجاف انتشله من شروده
- قررت ان اغادر.

نظر الي خالد بنظرة ذات مغزى جعل الآخر يدير رأسه للجهة الأخري، ابن عمه قرر الهروب وعدم المواجهة لكن إلى متى سيستمر ذلك الهروب؟

يسير بخطوات يتآكلها الغضب والحنق، المعلومات التي جمعها عن العائلة لم يستغرق منه سوى عدة ساعات، اب يفكر فقط في كيفية تكبير مؤسسته الضخمة و ابن تزوج فتاة متهورة لكي يتستر على فضيحتها والابن الآخر نستطيع القول انه يعيش للحياة فقط وملذاتها،
توقف عند موظفة الاستقبال التي رحبت به ببشاشة وابتسامة عملية وكأنها إنسان آلي يحفظ فقط
- اتفضل يا فندم
قال بخشونة
- اقدر اقابل استاذ مرتضي.

مطت الموظفة شفتيها وهي تنقر على الحاسوب
- فيه ميعاد سابق
رد بخشونة وهو يهتف بنبرة غامضة
- لا بس قوليله فى موضوع يخص مركزه وسمعته.

ابتلعت الموظفة ريقها بتوتر، هيئه الرجل تشبه انه علي وشك ان يتصارع مع أحدهم، رغم ملابسه وشخصيته التي تعطيه هالة كبيرة وضخمة لكن يبدو انه اتي لكي يتشاجر، زفرت بضيق وهي ترفع سماعة هاتفها تطلب رقم السكرتيرة الخاصة بمكتبه، كلام مقتضب حديث لم يتجاوز العشر ثواني، لكي تشير له للمصعد وتخبره انه ينتظره،.

أومأ برأسه عندما فتحت السكرتيرة باب الغرفة بعملية واغلقتها خلقهم لتعود مرة أخرى إلى مكتبها وتتابع عملها بكل بساطة رغم وجود تلك النزعة التي تريد معرفة ذلك الرجل الذي دلف إلى غرفة رب عملها بدون موعد.
- اتفضل
هتف بها مرتضي وهو يأمر شهاب بالجلوس
أخرج شهاب بطاقة تعريفه الخاصة وهو يقول بجمود
- المقدم شهاب عز الدين انا جاي فى موضوع يخص ابن حضرتك المبجل كريم.

ازدر ريق مرتضي بتوتر، ابنه لم يتوقف عن التصرف بتهور، ارتمي علي المقعد بوهن وهو يغمغم
- اتفضل يا بني
جلس شهاب على المقعد المقابل للمكتب قائلا بجمود
- انا جيت هنا علشان نتفاهم فى هدوء معملش شوشورة وخصوصا مركز حضرتك واللي ممكن يتأثر مع وضعك السياسي
اتسعت اعين مرتضي ذهولا وهو ينظر إلى ذلك الشخص، هل يهدده في مكتبه!

راقبها من بعيد، تعمل بجد وهي تتحرك ذهابا وإيابا من طاولة إلى طاولة أخرى، بداخل ذلك الحمود شخص ينهار يغرق ويطلب المساعده، وهو يقف مكتوف الأيدي لو بيده شيء كان قد ساعدها، لكن كيف يساعدها وهو الذي عرضها لتلك الفاجعة، جارته في الحي وكشقيقه صغري، كانت في الثامنة حينما جائت الى جدتها لتعيش معها بعد انفصال والديها، ناعمة هادئة جميع من في الحي يضربون لها أعظم تحية،.

والآن اصبحت انثي ناضجه اتمت الثاني والعشرون وحينما حصلت على شهادتها قررت عدم العمل في مجالها لمرض جدتها وبدلا ان تصبح في شركة مرموقة ووظيفة محترمة، اختارت أن تعمل في احدي المطاعم القريبة من منزلها هي وجدتها،
شريط سينمائي يعرض حياتها أمام عينيه، نادي اسمها في خفوت
- هند
توقف جسدها حينما استمعت الي صاحب تلك النبرة استدارت للخلف وقالت برقة
- عمار، استني خمس دقايق وهاجي.

جلس على الطاولة القريبة منه وهو ينتظرها، راقبها من بعيد وهي تتحدث مع زميلة لها،
نظر الي نقطة في الفراغ حتى مجيئها، رائحة القهوة التي يعشقها داعبت أنفه نظر إلي القهوة الموضوعة أمامه ونظر إلى صديقتها، ابتسم في خفوت وهو يحثها على الجلوس
جلست بإذعان وهي تنظر إليه بترقب واعين فضولية، لا يعلم كيف يبدأ الحديث معها وعن أي شيء تحديداً وجد نفسه يهتف
- عاملة ايه
اتسعت عيناها دهشة من سؤاله، ردت بهدوء.

- تمام الحمدلله علي فكره كلها كام يوم وهسافر القاهرة مع تيته
وسؤاله صدر بتعجب
- ليه
تنهدت بعمق واصابعها تتحرك بدون تنسيق
- بقالي فتره بتحايل عليها نسافر بما ان بابا قرر اخيرا يسبلي الشقة اقعد فيها انا وتيته وقلت فرصة اروح هناك واشتغل بوظيفة تناسب شهادتي بدل ما انا شغاله حته عامله لا راحت ولا جت فى الكافية
ارتشف القهوة وهو يتمتم بهدوء
- ربنا يوفقك
هزت رأسها ايجابا
- اللهم امين، فيه حاجه مهمه عايز تقولها.

نسي ام تناسي لا يهم، في كلتا الاحوال كانت ستعلم بالأمر الذي يخبرها بمجيئه، قال بوجوم وهو يراقب تعابير وجهها
- يوسف قرر يسافر.

تنهدت بحسرة على فراق حبيبها، فلذة كبدها، يختار السفر للمرة الثانية ولكن تلك المرة بمفرده
تمتمت بحزن وهي تراه يغلق حقائبه
- يعني قررت تسافر وتسبني
زفر بحرارة وهو يتوجه نحوها ويطبع قبلة هادئة على جبينها قائلا
- يا امي لولا شغلي ما قررت اسافر واسيبك
ربتت علي ذراعيه وهي تقول بحزن علي حالة ابنها التي تغيرت مائة وثمانون درجة بعد ان الغي موضوع الخطبة الثالثة،.

رغم رفضها لتلك المرأة إلا كان مصراً ولحُوح على إقناعها، وهي كأي أم لا تستطيع أن ترى ابنها تعيساً بعد ما حدث له، لكنها كانت تجب أن ترفض تلك المرة لأنها كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير
- يوسف فاكرني مش عارفة انك بتبعد وتهرب للمرة الثانية
هز رأسه بيأس
- معنديش حل غير ده يا امي
استعطفته بحنان ونبرة يوجد بها الشجن
- ارجع لشغلك فى القاهرة بدل ما تسافر وتتغرب بره.

ياليته يفعل، لن يستطيع أن يحيي بين انظار الناس القاتلة، رجل قد عقد قرانه ثلاث مرات وطلق، تنهد بأسى وهو يهز رأسه بالنفي
- مش هينفع دلوقتي يا امي، انا بعتلهم ايميل بأني وافقت على عرضهم ادعيلي يا امي
- ربنا يفتحها عليك يا يوسف بنت سامية ويرزقها عليك من وسع ويكرمك ببنت الحلال اللي تحافظ عليك
عند تلك النقطة بنت حلال ابتسم بسخرية وهو يقول بمرارة
- مظنش يا امي مظنش.

ابتسمت سامية بتشجيع وهي تقوي من عزيمة ابنها التي تحت الصفر
- انت بس متعقدهاش وان شاء الله هتلاقي بنت الحلال
نقل دفة الحديث إلى شيء آخر وهو يلتقط حقائبه
- عمار هيكون قريب منك لغاية لما اضبط اموري هناك وابعتلك تجيلي، يلا سلام عليكم
سارت معه حتى وصل إلى مقدمة الشقة، احتضنها بقوة وهو يستمد منها القوة والصلابة لمواجهة حياته الأخرى التي لم تبين له الوانها، ابتسمت سامية وهي تخفي دموعها حتى غادر من الشقة.

- وعليكم السلام.

قد يجد الجبان 36 حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو الفرار. ادولف هتلر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة