قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل العشرون

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل العشرون

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل العشرون

فتحت كريستينا عينيها، رغم ان الرؤيا ما تزال ضبابية، تسللت الى أنفها روائح المستشفى وسمعت اصوات مألوفة. صوت جابرييل، ومن بعيد صوت زوجها: كريستينا
توقف قليلا، كان يتحدث الى جابرييل.

احساس بصداع قوي والم حاد. عصرت على جبينها محاولة ايقافه. نفار ينظر لها بعينين ملئهما التلهف وبرغم كونها لا تزال ضعيفة، زال الدوار عنها، تماماً مثلما زال الغضب عن وجه زوجها. لم تنتبه للتجاعيد الصغيرة القريبة من فكه، أو النبرة التي لم يستطع السيطرة عليها وهو يسالها.

هل انت بخير كريستينا،
قالت بصوت أضعفه الألم
هل علمت، هل اخبروك؟
انا أسف كريستينا
سكتت للحظة تحاول ان تفهم سبب اسفه. خارت قواها من وقع من الصدمة الجديدة، قبل ان تقول: اظنني فقدت الطفل، اهذا ما تحاول اخباري به، تنهدت بعمق قبل ان تضيف
لعلك راض الان
: ، فتوقعاتك كانت في محلها، انا امراة غير صالحة لاحمل بطفلك...

جفل نافار من تأثير نبرتها التي تعبر عن المرارة والأتهام الصريح، لكنها لم تهتم استمرت بايذائه: اتعلم لم ارغب يوما في طفل، كنت سعيدة بحياتي. انت ارغمتني والان بعد ان قررت ان امنحك ما تريده طردتني
لم تستطع ان تقاوم رغبتها في البكاء لا تبكي حبيبتي، هل أنت متعبة؟ أتريدين أن تستريحي؟

.
وهزت رأسها نفيا، اقترب نافار من السرير يضمها اليه مجففا دموعها وهو يقول: - كان خطأ مني أن أفعل ذلك، لكنني ظننت في ذلك الوقت أنني لم أعد أحتمل أكثر مما تحملته وشعرت بأنني لن أرغب اطلاقاً في رؤيتك ثانية، لأنه بهذه الطريقة فقط يمكنني نسيانك، لكنني عرفت أنني لن أستطيع أن أنساك، ومع ذلك تفوهت بتلك الكلمات القاسية وطردتك،.

ونظر اليها في حزن ثم مضى يقول: - اضطررنا لأجراء العملية حبيبتي، اصبتي بنزيف حاد، لم يكن هناك شيء نقوم به.
أمتلأت نفسها ندماً على الكلمات التي تفوهت بها للتو، كم عانى زوجها لاتخاذه قرار التضحية بالطفل من اجلها فقط لأنه ليس هناك حل اخر، كم كان رقيقا الان، ليس على الأطلاق مثل الوحش الذي بدا في اليوم الذي طردها من منزله، ولا الرجل الذي أخافها حتى الموت في مكتبه،.

كنت حمقاء منذ البداية، والآن أتمنى من كل قلبي لو انني لم افكر يوما في اجهاض الطفل
مسح الدموع التي انسابت على وجهها الجميل وهو يقول: - كانت غلطتي، بدأنا بداية خاطئة تماماً، لكنني قصدت أن أكون صارما معك، حتى تدركي مشاعرك الحقيقية وتواجهي خوفك، ومتى شعرت بذلك ستكونين كريمة، وستحبين طفلك، طفلنا، كان هذا ما قصدته حين قلت فكري، ولكن وقتها كنت مشوشة جداً حبيبتي، كان ينبغي أن اتفهم، ما كان علي طردك...

جلسا برهة في صمت، ثم قالت كريستينا:.

-نافار، اريدك أن تعلم انني ذهبت الى عيادة خاصة هنا في نيويورك، في الواقع كنت قد قررت بالفعل أن أجهض الطفل سكتت للحظة، لكني أدركت حينها انني لن أستطيع ايلامك بهذه الطريقة، ادركت مقدار حبك لطفلك، ولو أنني حتى في ذلك الوقت كنت مضطربة للغاية، بعدها شعرت ان من واجبي اخبارك كنت اريد اصلاح ما بيننا، لذلك طاردتك في كل مكان لاخبرك، سكتت قليلا قبل ان تقول لكنك لم ترد ان تستمع إلى.

غرس نفار وجهه في عقدة شعرها الجميل، لا تعرفين مقدار اسفي لما فعلته بك، انا غبي اعترف بذلك.
لا باس لقد انتهى كل شيء الان لا داعي لكل هذا الحزن. لقد سامحتك.

علا طرق على باب في هذه اللحظة تلاه دخول جابرييل.
كانت مستائة من نفار اكثر من كريستينا، لكنها كبتت احاسيسها وهي تقترب من صديقتها
عزيزتي كيف تشعرين الان، هل اختفى الالم
ابتسمت كريستينا لجابرييل بتعب وهي تحاول ان تهون عليها صدمة فقدانها للطفل
انا على ما يرام لا داعي للقلق
رغم النبرة المطمانة والتي حاولت كريستينا ان تبعثها في صوتها الا ان جابي كانت مغتاظة بل حاقدة على نافار.

استمرت في النظر اليه بقسوة، قبل ان تقترب من السرير لتقبل كريستينا وهي تقول، علي الذهاب الان. لديك هاتفي اتصلي بي في أي وقت اتفقنا، انا ساعود غذا لاطمان عليك
اشارت كريستينا براسها علامة على الموافقة
-لاداعي للقلق جابرييل فانا بجانبها ولن اتركها ابدا
نظرت الى مخاطبها شزرا وهي تقول اتمنى ان يصدق قولك هذه المرة نافار.

فاجئته نبرتها المهددة وطريقة كلامها الوقحة، لكنه لم يعر الامر الكثير من الاهتمام، كل ما كان يهمه هو صحة زوجته، اضافة الى ان ما فعله كريس بها، يجعل كل ما تقوم به الان شيء مبرر
حالما تذكر كريس احس بغصة في حلقه، انساه مرض كريستينا ان يهتم بالعمل، ضغط على يديه حتى ابيضت مفاصله من الغضب وهو يكز على اسنانه تبا كريس اين رحلت.

في منطقة شبه نائية غرب توسكاني حيث تكتر مزارع الكروم وتغطي مساحات شاسعة لا يحدها البصر كان كريس يتكئ على السياج ينظر الى الغيوم التي بدات تتكون في الافق الجو ينبا بعاصفة قريبة، تنفس بقوة يشتم رائحة التراب الندي من زخات المطر الخفيف والذي بدا يتساقط
صفر لكلبه رالف والذي كان يطارد مجموعة من الاغنام تحاول الابتعاد عن القطيع.

ابتسم كريس حين ترك رالف الركض وعاد الى جانبه، امتطى صهوة حصانه وانطلق بسرعة بينما رالف يعدو في اثره
تحول الرذاذ الخفيف الى زخات مطرية بوصوله الى حدود مزرعته.
احس كريس بشعور غريب وهو يترجل من على جواده، شعور بان شيء مختلفا في المزرعة اليوم
لم يدم شعوره بالقلق طويلا فقد فتح الباب وظهر جوشوا، ركض رالف نحو الباب المفتوح وهو ينفض نفسه ليزيح عنه المياه
ارتسمت الدهشة على وجه كريس، حال رؤيته لجوشوا.

ابي كيف وصلت الى هنا
رسم جوشوا على وجهه ابتسامة بشوشة وهو يقترب منه: احتجت الى الكثير من الاتصالات لاتمكن من معرفة مكانك، اعترف ان مخباك السري مكان رائع من المؤسف ان تعيش هنا وحيدا
امسك كريس بلجام الحصان والذي اصبح مهتاجا فجاة بسبب المطر ربث على راسه بهدوء قبل ان يجتاز والده قائلا ماكان عليك ان تتكبد عناء المجيئ الى هنا فانا لن اعود
لااظن انني طلبت منك في اي وقت العودة رد جوشوا.

قاد كريس الحصان المهتاج الى الاصطبل دون ان يضيف أي كلمة
حين عاد كان جوشوا قد اختفى. ظن لوهلة انه لم يكن سوى طيف من نسج خياله
دخل المنزل، ومنه الى المطبخ، كانت صدمته قوية وهو يرى جوشوا جالسا الى المائدة الخشبية الكبيرة يحتسي القهوة في هدوء، لكنه لم يكن وحيدا.

في قصر ماسيني
اصبح الكره هو المسيطر على مشاعر جوليا كره تحول مع الوقت الى رغبة شديدة في الانتقام، لحبها و لكرامتها التي اهدرها كريس في اكثر من مناسبة
كانت جالسة في شرود تقلب مجلة بين يديها، لم تشعر بانابيل والتي جلست بقربها
- جوليا هل انت بخير
انتفضت جوليا من مكانها خوفا
اوه، انابيل هذه انتي لقد اخفتني، هل من خطب.

لا، ليس هنالك خطب بالمرة ردت انابيل بمرارة، تعلمين انت الوحيدة التي بقيتي بجانبي بعد ان تخلى عني الجميع حتى ميلا لم تعد الى البيت، والله وحده يعلم مقدار حبي لك ولطالما اعتبرتك فردا من عائلتي، قاطعتها جوليا وهي تمسك بيدها تشد عليها: لاداعي لكل هذا انابيل، كريس سيعرف انه قد اخطا في حكمه وسيعود
نظرت اليها انابيل بامل وهي تقول: هل تظنين ذلك.

بل انا متاكدة. انا اعرف كريس منذ وقت طويل، هو فقط يستجمع قواه، سيعود كما كان من قبل انا واثقة، هو لن يسمح لاي شخص ان يسيطر عليه حتى ولو كانت ابنة سانت كلير.
على العموم لقد ذهب جوشوا للبحث عنه قالت انابيل بياس، قال انه سيتصل بي حالما يجده
تغيرت ملامح جوليا الى التحفز وهي تسال جابرييل بلهفة احقا سيفعل
بالتاكيد ردت انابيل.

علت ابتسامة ملتوية شفتا جوليا واشرقت عيناها ببريق غامض وهي تقول بهمس، فلنامل ان يجده قريبا...
نهضت من على الصوفا حيث كانت جالسة، وادارت وجهها لانابيل: انابيل عزيزتي. ساخرج لبعض الوقت، لا تنتظريني على العشاء.

خرجت جوليا تاركة انابيل وحيدة وسط القصر الصامت، المكان كان هادئا بشكل يدعو للرهبة. لكن مشاعر انابيل في هذه اللحظة كانت بعيدة كل البعد عن الخوف، شعورها كان احساسا بالخواء والفراغ المميت، همست من دون وعي لكم اشتاق اليك كارلوس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة