قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي والعشرون

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي والعشرون

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي والعشرون

كانت تلك الليلة اطول من أي ليلة قضتها جابرييل بحياتها، غدا ستقابل كريس، بالغد سيكون لقائهما الحاسم و غدا سيقرران، اما ان ينسيا الماضي او يفترقا الى الابد، اشرقت شمس يوم جديد وتسللت خيوطها الذهبية الى داخل الغرفة تطرد العتمة وجابرييل لم يغمض لها جفن بعد، نفضت عنها الملائات، وبعد حمام طويل قررت تبديل ملابسها قبل مجيء جوشوا، كانت افكارها مشتتة، غيرت ملابسها اكثر من مرة. لم تكن تعرف ما عليها ان ترتدي، نظرت الى المراة اخيرا واطلقت ضحكة هستيرية، ارتدت ثياب سوداء دون شعور، ربما هكذا افضل قالت جابرييل لنفسها وهي تتامل انعكاسها في المراة، علا طرق على الباب، كانت اماندا تخبرها بوصول السيد.

نزلت جابرييل بخطى غير واثقة بينما تكلفت اماندا بحمل حقيبة سفرها الصغيرة، جوشوا كان مشغولا باللعب مع حفيده و الذي كان يطلق صرخات فرح وغبطة كلما دغدغه بمرح، ابتسمت جابرييل بحزن تمنت لو ان كريس هنا لينعم بهذه الضحكات العذبة.

انتبه جوشوا اخيرا الى زوجة ابنه التي وقفت تتاملهما بعقل شارد، اقترب منها ومنحها ابتسامة مطمئنة.

كيف حالك جابرييل
انا بخير قالت جابرييل بهدوء وهي تمد يديها لتاخد الصبي، حملت ابنها وعانقته بحنان كبير، قبلته على وجنته الصغيرة قبل ان تضعه بين ذراعي اماندا قائلة:
اعلم ان المسؤولية ستكون كبيرة بالنسبة لك خصوصا وان عليك الاهتمام بكريستينا اضافة الى الصغير، لكنني لن اغيب اكثر من يومين.

ابتسمت اماندا لجابرييل مطمئنة، لا تقلقي سيدتي انا قمت بالاعتناء باربعة اشقاء من قبل، لن احس باي عناء في ذلك لا داعي للخوف.

بعثت كلمات اماندا احساس من الامان في نفس جابرييل والذي كانت بحاجة ماسة اليه، حملت صغيرها للمرة الثانية وقبلته بحب قبل ان تعيده لها و تستدير مخاطبة جوشوا.

هل يمكننا الذهاب الان
اومئ جوشوا براسه موافقا
استقبلهما حارس جوشوا الشخصي والذي اخدهما مباشرة الى المطار، حيث كانت الطائرة تنتظر لتقلهما نحو توسكاني.

للمرة الثانية تعود جابرييل الى موطن كريس مجبرة، في اول مرة كان هو من اجبرها والان هي من تغادر بحثا عنه، تنهدت بحسرة تشعر انها لن تستطيع تحمل رفضه، لكنها تتق بجوشوا وهو وعدها ان الامور ستسير نحو الافضل وليس هناك من حل سوى ان تعقد اصابعها وتتمنى ان يصدق كلامه.

في فلورنس عاصمة توسكانا: دخلت جوليا بطريقتها المعتادة تدير الرؤوس بفستانها القصير وتبرجها الصارخ، اقترب النادل منها مستفسرا لكنها صرفته باشارة من يدها، تعرفت فورا على ضيفها واقتربت من طاولته وهي تتحرك بدلال بينما تلاحقها عيون الجالسين باعجاب.

سينيور ديلورينزو كيف حالك قالت جوليا بغنج
وقف الشاب الوسيم وعلت ابتسامة جذابة شفتيه ليقبل اليد الممدودة نحوه
سينيورا جوليا، لقد مر وقت طويل
ضحكت جوليا ضحكة رنانة وهي تبعد قليلا لتسمح للنادل بان يزيح معطف الفرو القصير والذي لم يغطي سوى كتفيها بينما اهتم ضيفها الغامض بابعاد كرسيها لتجلس طالبة كاس نبيد لينصرف النادل بعدها مبهورا من جمالها ورائحتها التي ملئت المكان.

فور ذهاب النادل، بادرت جوليا بالكلام، هل احضرت ما طلبته منك مريانو
سي قال الشاب وهو يخرج
من جيب سترته مغلفا مطويا بعناية وضعه على الطاولة امامها بينما ظهرت تقطيبة خفيفة على جبينه.

اخدت جوليا المظروف ووضعته في حقيبة يدها، واخرجت علبة سجائر فتحتها لتاخد سيجارة بين اصابعها المطلية بعناية بينما تكفل هو باشعالها.

هل لي ان اعرف السبب من وراء طلبك سال مريانو باستغراب
ضحكت جوليا وهي تنفث دخان سيجارتها في الهواء، تعلم جيدا انه ممنوع التدخين في مطعم مماثل، لكن كونها جالسة مع ابن اهم اعضاء المافيا الايطالية كان يسمح لها بان تفعل ما يروق لها دون الاهتمام.

ردت من دون اكثرات
لنقل انها هدية، لشخص عزيز على قلبي
رفع لورينزو حاجبه مستفسرا، وهل هكذا تهادين احبائك جوليا، اظن انني لن ارغب في ان اكون واحدا منهم.

نظرت جوليا اليه وظهر بريق غريب في عينيها الزرقاوين وتكورت شفتاها المصبوغتان بحمرة قانية.

وخرج صوتها كفحيح وهي تعض على شفتها السفلى بطريقة مغوية جعلت الدم حارا في شرايين ضيفها، لا تبالغ في الامر انت اخر من يمكن ان يتكلم عن هدية مماثلة فعائلتك تقدم منها الكثير كل يوم.

ضحك مريانو بصوت عال وهو يرمقها بنظرات مثيرة سنيورا جوليا اعترف ان اعجابي بك يزيد كل يوم.

سنيور لورينزو انها مشاعر متبادلة
استمرت سهرتهما الى وقت متاخر، كان عليه حملها في النهاية فهي اصبحت غير قادرة على المشي كانت ثملة بشكل كبير.

تكلف حراسه الشخصيون بسيارتها بينما اخدها هو الى قصره غير واعية بما يدور حولها.

بعد ثمان ساعات في الجو قضتها جابرييل تنظر الى الغيوم، تفكر باللحظة التي ستلتقي بها كريس، وصلا اخيرا الى المطار ليستقلا بعدها سيارة ذات دفع رباعي اخدتهما عبر الطريق المؤدية الى ريف توسكانا الخلاب، كانت المناظر رائعة بشكل ياسر الالباب،.

رغما عنها وجدت جابرييل نفسها تتمتع بالجمال الطبيعي للكروم والاشجار المزهرة بالوانها الساحرة، فتحت زجاج النافدة قربها واخدت نفسا عميقا لتشتم رائحة الورود والتربة الندية من جراء المطر الخفيف الذي بدا ينزل، ابتسم جوشوا وهو يتاملها تذكره بكاترينا فهي صورة عنها لكنه يعرف في قرارات نفسه انهما مختلفتان يكفيه ان ينظر في عيني جابرييل اللتان تشع منهما براءة الطفولة ليعرف الفرق.

نظر الى ساعة يده باهتمام، كانت الساعة تشير الى الرابعة ظهرا يريد ان يجد كريس في المنزل، فبحسب تحرياته الموثوق بها.

كريس لا يغادر المزرعة الا نادرا، بينما يتكفل مزارع عجوز وزوجته بكل العمل، حاول كريس ان يغلف وجوده بطابع من السرية والكتمان لهذا لم يستاجر أي عمال جدد مكتفيا بمن كان يعتني بالمزرعة سابقا.

واخيرا وصلا المزرعة، تحول المطر الخفيف بوصولهما الى زخات عنيفة وسيول كثيرة تكونت جراء المطر، وجدت جابرييل نفسها تغوص في بركة من الوحل لتصل الى الباب الامامي والذي فتحته سيدة عجوز نظرت الى جابرييل باستغراب قبل ان تمطرها بسيل من الكلمات الايطالية والتي لم تفقه جابرييل منها شيئا، تدخل جوشوا في هذه اللحظة ليشرح للسيدة المسنة والتي ما ان فهمت مكانة جابرييل عند سيدها حتى انحنت بوقار وهي تفتح لهما الباب.

باشارة من يدها صعدت جابرييل تتبع السيدة العجوز والتي قادتها مباشرة الى غرفة كريس، كانت تتكلم بالايطالية بينما جابرييل والتي لم تفهم كلمة مما تقوله اكتفت بتحريك راسها محاولة مجاراتها فكل ما ارادته في تلك اللحظة هو ان تتخلص من ملابسها المبللة وحمام دافئ لتنام.

فور خروج السيدة العجوز والتي فهمت من كلامها ان اسمها اندريا، فتحت حقيبتها واخرجت منها فستان وضعته على السرير الكبير. كانت الغرفة بسيطة وذات طابع رجالي لكن جابرييل المتعبة من السفر كان اخر همها هو ديكور الغرفة، دخلت الحمام وخلعت ملابسها سريعا لترتمي تحت المياه الدافئة المتدفقة فوقها باعثة احساسا لذيذا من الدفء في جسدها المتعب.

بعد الحمام المنعش عادت جابرييل الى الغرفة لترتدي ملابسها، فور انتهائها قررت ان تنزل للبحث عن جوشوا فهي لن تستطيع النوم قبل ان تلتقي كريس وتحل كل الامور المعلقة بينهما، هدئ الحمام المنعش من دقات قلبها، نزلت الى الطابق الارضي بخطوات متزنة، كان المكان بسيطا مقارنة بالقصور التي تعود عليها ال ماسيني، لكنها وجدته مكانا هادئا ويبعث على الطمأنينة، فاحت رائحة القهوة تدغدغ انف جابرييل، اقتربت تجرها الرائحة الزكية.

كان جوشوا جالسا الى طاولة المطبخ بعد ان غير ثيابه، ابتسم لها فور دخولها مشيرا الى كرسي بقربه.

اقتربت من حيث اشار وجلست بصمت، بينما تكفل بوضع فنجان امامها وصب السائل الاسود و الذي كانت بحاجة ماسة اليه.

بعد مرور فترة قضياها صامتين، قررت جابرييل اخيرا الكلام، سالت بهمس
الم يعد كريس بعد؟
هذا صحيح، على أي حال سننتظره هنا معا
اومات جابرييل براسها علامةعلى الموافقة واخدت رشفت من فنجانها
كانت الساعة قد تجاوزت السابعة حين سمعا صوت نباح امام المدخل توترت جابرييل و. غرزت اصابعها في راحة يدها وهي تنظر الى جوشوا بهلع.

ابتسم لها بهدوء قبل ان ينهض من مكانه و يخرج لاستقبال كريس
لا داعي لكل هذا الخوف سينتهي كل شيء عما قريب
نعم، سينتهي كل شيء تمتمت جابرييل برعب شديد
حال خروج جوشوا صبت جابرييل كوب ماء ابتلعته بصعوبة، تشعر بغصة مؤلمة في حلقها بينما اصبحت دقات قلبها غير طبيعية.

بعد دقائق من الترقب المؤلم، عاد جوشوا الى الداخل لكنه عاد وحيدا
احست بألم يعصر معدتها وخافت من انها قد تتقيأ. انصتت لتسمع قدميه تقتربان ولكنها لم تسمع سوى دقات ساعة الحائط الرتيبة.

مرت عشر دقائق تقريبا، فبدأت تشعر بضيق في التنفس.
توترت اعصابها الى درجة الانفجار كانت غير قادرة على سؤال جوشوا فهي كانت مرتعبة من رده اكثر من صمته المريب. وفجأة قفزت من مكانها حين سمعت صوت الباب يفتح تم يغلق بهدوء.

اشار اليها جوشوا لكي تجلس مجددا
جلست تنتظره وقلبها يخفق بقوة بين ضلوعها،
دخل كريس اخيرا وكان اطول قامة واشد جاذبية احست ان قلبها الذي كان ينبض بقوة قد توقف عن نبض، حبست انفاسها وهي تتامل وجهه الوسيم المتغطرس.

- ما الذي تفعله هنا ابي، قراري نهائي لن اعود
ثم شاهد جابرييل جالسة. ظهرت الدهشة لثوان على وجهه قبل ان تتحول الى نظرة متعالية رمق بها جابرييل قبل ان يهم بالخروج قائلا:
لم اظن انك تحتاج الى رفقة لزيارتي
صرخ به جوشوا قائلا
عد الى هنا كريس انه امر
استدار كريس ببطئ لينظر الى والده قبل ان يقول
ساعود حين ترحل هي من هنا.

تلوت معدتها من الالم واحست برغبة شديدة في البكاء، كان كريس يرفض البقاء معها في نفس الغرفة فكيف سيمكنها اصلاح هذا الزواج.

جاء صوت جوشوا قاسيا وهو يطلب منه البقاء
انت ستبقى وكذلك جابرييل، انتما الاثنان عليكما حل مشاكلكما فبينكما طفل اريد له ان يعيش بسلام.

اسف ابي لا اريد ان اقلل من احترامك، لكن هذا الكلام يجب ان توجهه لجابرييل فهي من طلبت الطلاق.

يكفي صرخت جابرييل غير قادرة على سماع المزيد. وجهت كلامها الى الكريس والذي وقف بغرور مستندا الى حافة الباب واضعا يديه على صدره اقتربت منه، كانت تشعر انها ضئيلة مقارنة بجسده الفارع، لكن هذا لم يمنعها من مواجهته.

لماذا تحاول ان تجعل الامور صعبة كريس، انت تعلم لما اتيت اليوم فلما هذا الموقف الرافض لاي حوار.

ابتسم كريس بسخرية مريرة وهو يتامل تقاسيم وجهها الفاتن والمتعب
اقترب من وجهها وقال ببرود
ومنذ متى جعلت الامور سهلة بالنسبة إلى ايتها العزيزة، اذكر الان بوضوح اخبارك لي صراحة بانك تكرهينني وتتمنين موتي.

كنت حزينة صرخت جابرييل وانهمرت الدموع غزيرة من عينيها، لقد فقدت اخي انت لا تعلم كم كنا مقربين.

تغيرت نظرات كريس من القسوة الى الحنان، كان يعلم انه المذنب الاول في فراقهما لكنه غير قادر على الاعتراف.

لم يكن الضعف من خصاله يوما.
امسك بذراعيها وهو يقول يكفي جابرييل بكائك لن يعيد جونثان وعلاقتنا زفر بعنف يريد ان يطفئ الجحيم الملتهب بداخله.

علاقتنا قد انتهت
لا صرخت جابرييل غير مصدقة، انت تحبني قلها كريس انت تحبني لا يمكنك تركي الان مستحيل.

ظهر الالم جليا على وجه كريس وهو يهزها بلطف
لقد وقعت على الاوراق جابرييل، لقد اصبحت حرة الان، حرة لكي تعيدي بناء حياتك بعيدا عني وعن كل الالم الذي تسببت به.

لم يعد كريس قادرا على قول المزيد، ترك ذراعيها وخرج من المطبخ ثم من المنزل تاركا جابرييل مصدومة من كلماته.

اقترب جوشوا من حيث كانت تقف بذهول
اذهبي في اثره جابرييل، لقد وعدتني انك ستبقين حتى النهاية انه يكابر فقط لا تتخاذلي الان.

رمقت جابرييل جوشوا بنظرة غير مصدقة
لكنه يرفض مسامحتي
انه يحاول اعطائك مخرجا، انا اعرف ابني جيدا، جرحه يجعله يكابر وانت كفيلة بان تداوي هذا الجرح.

تنهدت جابرييل، وخرجت تبحث عن كريس
كان واقفا وظهره اليها بينما المطر ينزل غزيرا على راسه وكتفيه، لم تهتم لكل تلك الامطار بل اقتربت منه ووضعت يدها على ذراعه.

انتفض كريس من لمستها، كان يحتاج اليها بقوة لكنه يعرف في قرارات نفسه انها لم تعد له.

ادارته جابرييل بحنان لتنظر في عينيه وهي تقول، لم يعد خيارا كريس نحن مرتبطان ببعضنا الى الابد، عشقنا من ذلك العشق الذي يدوم. سكتت قليلا قبل ان تكمل لدينا كريس الصغير ولدينا هذا.

ووضعت يده بحنان على بطنها
علت الصدمة وجه كريس والجمت لسانه غير مصدق ان جابرييل تنتظر مولودا
حرك راسه مشدوها وهو ينظر اليها. التصق فستانها الاسود على جسدها بطريقة مثيرة جعلت انفاس كريس تتسارع.

كان يلمس بطنها بحنان شديد
قبل ان يقول، هل حقا تنتظرين طفلا
اومات جابرييل براسها بينما غزت حمرة جميلة خديها
تحولت ملامح كريس الى سعادة فائقة
حملها بين ذراعيه وهي تضحك بسعادة، ادارها بخفة بينما سقط المطر يلفهما ليضفي على اللحظة سحرا لا يوصف.

انتبه اخيرا انه لايجب ان يرجها بقوة. وضعها على الارض بعناية كانها شيء ثمين، قبل ان يمسك وجهها بين يديه ويطبع على خدها قبلة حانية ويقول:
جابرييل لقد جعلتني اليوم اسعد انسان في العالم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة