قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

تنهدت جابرييل وهي تنهض من النوم تحس بان هناك ما يعكر صفوها ويلقي بضلاله على روعة الصباح الجميل، لم تتذكر السبب الا عندما استفاقت من النوم كليا، لقد عاد كريس الى القصر.
تنهدت بعمق وهي تنهض من سريرها، تشكر الله على انه لم يفرض عليها نفسه كالمرة الماضية، بعد الشجار الكبير الذي حصل بينهما ساعات بعد عودته حاولت ان تتجنبه قدر الامكان وهو ابتعد عن طريقها كانه يمنحها ما ترغب به من خصوصية.

دلفت جابرييل الحمام، بعد خروجها مباشرة قررت ان تلبس ملابسها وتبتعد قدر المستطاع عن كريس ومزاجه الكريه
كانت تريد اكتشاف البساتين المحيطة بالقصر. لطالما رغبت ان تستمتع بجو الطبيعة الخلابة في هذا الوقت من السنة، لكنها كانت ممنوعة من الخروج بامر منه.

ارتدت ملابس مناسبة وحذاء عمليا قبل ان تتسلل برشاقة خارج بوابة القصر الكبيرة، سمح لها الحارس بالخروج ظنا منه ان اوامر منعها من الخروج لا تنطبق عليها سوى في غيابه
كانت سعيدة بابتعادها عن القصر الكئيب، تنفست بعمق وتذوقت طعم الحرية اخيرا بعد شهور من الحبس الانفرادي
كانت تمشي بسرعة فائقة ولولا احساسها بكمية الثقل الذي تحمله في بطنها لكانت ركضت كطفلة صغيرة بين الحقول.

مشت لاميال عديدة متمتعة بالمناظر الجميلة من اشجار مثمرة وكروم ناضجة، كانت تحيي جميع العمال الذين تراهم بابتسامة، بعد ساعتين من المشي المتواصل من دون توقف، احست اخيرا بالتعب، فقررت الجلوس لبعض الوقت تحت شجرة وارفة الضلال احتمت بها من الشمس التي اصبحت في كبد السماء
لا تعلم لكم من الوقت غفت قبل ان تسمع صوتا مألوفا يكلمها بينما يهز ذراعيها بلطف
فتحت جابرييل عينيها بتثاقل كان كريس يصرخ فيها لتستيقظ.

كانت اللهفة بادية على وجهه وهو يتحسس كل جزء منها
هل اصبت بمكروه هل هنالك خطب جابي؟ كان كريس الان يداعب حصونها الضعيفة لاهتمامه، مسحت عينيها بظاهر يدها
كان هو فعلا من يكلمها، كان وسيما من دون ملابسه الرسمية، لاول مرة تراه بملابس مماثلة، غير بدلته لقميص نصف مزرر ترك صدره بعضلاته المفتولة يضهر بشكل واضح، مما اثار جوعا كبيرا في نفسها.

ضغطت على اسنانها بعنف محاولة طرد الافكار التي تعصف براسها بقوة وهي تقول:
ماذا تريد انا و الطفل بخير، لقد خرجت فقط لاتنفس بعض الهواء النقي -
ايتها المجنونة صرخ كريس بعصبية وهو يمسك بمعصمها يجرها نحو سيارته الجيب -
هل تعرفين منذ متى ونحن نبحث عنك؟ ساعات هل تظنين انه شيء مسل ان تختفي دون علم احد
انا لم اختفي. صرخت جابرييل بعناد وهيي تبعد يد كريس عن معصمها-.

لقد غفوت دون قصد مني وهذا سبب تاخري كما انك لست وصيا علي ومن الان فصاعدا ساخرج في الوقت الذي اراه مناسبا أنا لست مسجونة هنا
كان كريس ينظر اليها والشرر يتطاير من عينيه قال وهو يقترب منها بطريقة خطرة، ما دمت تحملين طفلي فانت ستبقين سجينة غرفتك منذ اليوم، الله وحده يعلم بماذا تفكرين
اجلسها كريس في سيارته قبل ان يعود ليجلس وراء المقود ويقود سيارته بجنون.

كانت جابرييل تحس بالم غير طبيعي في ظهرها لكنها تجاهلته كل الطريق
ما ان وصلت السيارة الى القصر حتى قفزت جابرييل لتلوذ بالفرار الى غرفتها غير تاركة لكريس فرصة للحاق بها
حالما فتحت باب غرفتها رمت جابرييل حذائها بدون مبالاة واستلقت في فراشها بكامل ملابسها
كان الليل قد ارخى سدوله حين استيقظت جابي باحساس مريع من الالم
كانت الغرفة تسبح في الظلام، تنفست بعمق وهي تقول
هذا مستحيل، لا يمكن ان يكون هذا هو المخاض.

لكن الالم فاجئها مرة اخرى وبشكل اقوى، مما جعلها تصرخ بقوة من دون وعي
احست بشيء دافئ ينساب بين قدميها وقبل ان تتمكن من معرفة ماهيته
اضيء النور فجأة ودخل كريس مسرعا
كانت غرفة كريس لا يفصل بينها وبين غرفة جابي سوى باب داخلي لذا كان اول من سمع صراخها
اغلقت جابرييل عينيها من الضوء الذي ملئ الغرفة
قبل ان تسمع صراخ كريس الذي كان يصم الاذان
بحق الله ما الذي فعلته الان.

فتحت جابرييل عينيها ببطء لتنظر الى كريس بدهشة
كانت قدماها تسبحان في الدماء، حاولت ان تمسح العرق على وجهها المبلل مما جعلها تلطخ وجهها ايضا
اقترب منها كريس ركضا
كانت دهشتها وخوفها من صراخه اكثر من الالم الذي تعانييه
قالت بصوت مهزوز، اظن انني الد، لا اعرف شعور الولادة لكنني احس بالام مبرحة كريس
اقترب منها يحاول طمأنتها، كان هو يحتاج بدوره الى من يطمئنه.

انتبهت جابي اخيرا الى صورتها في المراة المقابلة لسريرها لتصرخ من الخوف كان وجهها وشعرها قد غطيا بالدماء انتبهت اخيرا الى قدميها كانت الدماء تسيل منهما
بدأت دموع غزيرة تتكون في عينيها، نظرت الى كريس متوسلة وهي تقول لا اريد ان اخسر الطفل لا اريد لطفلنا ان يموت
لا باس حبيبتي كل شيء سيكون بخير قال كريس وهو يضمها الى صدره، ساذهب لاحضر المساعدة.

عاد كريس الى غرفة جابي يجر وراءه ماجدا الذاهلة بينما يتصل بالإسعاف، نهضت انابيلا تضع روبها و تلحق بهما بخطوات سريعة، جابي التي اصبحت بشحوب الاموات تضغط على جانب السرير بعنف.

اقترب كريس منها يساعدها على الاستلقاء، كانت ماجدا ايطالية مسنة حضرت في الماضي العديد من الولادات المنزلية وساعدت في الكثير منها، كانت امل كريس الوحيد في الحفاظ على حياة زوجته الى ان يصل الاسعاف، استلقت جابي التي كانت تمسك بيد كريس تعصرها بقوة وهي تصرخ من الالم، بعد معاينة سريعة قالت ماجدا بتوتر: السيدة جابرييل ستنجب حالا
صرخت جابرييل بالم وهي تنظر الى كريس برجاء.

لا اريد ان انجب هنا، اريد ان اذهب الى المستشفى
قبل كريس رأسها وهو يكلمها بحنان، ليس من الممكن كارا، تحتاج طائرة الاسعاف الى ربع ساعة قبل الوصول الى هنا وللأسف ليس لدينا هذا الوقت تحملي حبيبتي، تحملي من اجل طفلنا
صرخت مرة اخرى بألم بينما هرعت ماجدا لتحضر للولادة الغير متوقعة.

انابيل هي الوحيدة التي كانت تنظر الى الموقف بهدوء يثير الاعصاب عاقدة يديها فوق صدرها دون ان تنبس بكلمة، كانت معاناة جابرييل هي اخر همها.
عادت ماجدا تحمل في يدها بعض الأغطية النظيفة، ساعدها كريس وهو يحرك جابي لتوسد صدره بينما تتشبث بذراعيه كطوق نجاة
استمر صراخها الذي كان يمزق سكون القصر، حاول ان يلهيها عن المها ان يخفف عنها لكن الالم كان قويا بشكل لا يطاق.

بعد معاناة شديدة وقوة هائلة من جابي استمدتها من كريس الذي كان يمسك بيدها يحثها على التنفس بعمق زفرت بقوة وهي تدفع اخر دفعة...
ارتفع اخيرا صوت الصغير معلنا عن وصوله الى العالم، امسكت ماجدا بالطفل تضعه على صدر امه بحنان بينما وضعت المقص في يد كريس ليقطع بنفسه حبل ابنه السري.

كانت جابرييل تعاند بقوة لكي لا يغمى عليها، عقدت الصدمة لسان كريس وهو ينظر الى طفله المغطى بالدم فوق صدرها، كانت هذه اللحظة تختزل حياته بأكملها، منحته جابي اسمى شعور يمكن لأي رجل ان يعيشه، لقد منحته الحياة.

ابتسمت جابرييل وهي تقبل راس طفلها الصغير بينما نزلت دموع الفرح من عينيها، ساسميه كريستفر همست له بضعف، نظر كريس اليها باستغراب، حتى في اشد لحظاتها ضعفا كانت جابرييل قادرة على ان تحني راسه بمواقفها النبيلة لحظات بعدها، اغمي على جابرييل بين ذراعيه
صرخ كريس بها يحاول ايقاظها من دون جدوى كانت فاقدة للوعي لا تحس بشيء
اقتربت انابيلا اخيرا من كريس لتحمل الطفل الصغير من على صدر جابرييل و تاخده خارج الغرفة.

النزيف لا يتوقف، اظنه تمزقا في المشيمة قالت ماجدا بخوف
وضع كريس راس زوجته على الوسادة بحنان، بينا يتصل بالاسعاف مرة اخرى ليصرخ ويهدد كالمجنون.
بعد دقائق مرت على عليه كأنها ساعات وصلت الطائرة المروحية، تحمل فريقا كاملا من الاطباء الذين اسرعوا للاهتمام بجابرييل وابنها ونقلهما الى المستشفى على وجه السرعة.

مرت ساعتان وجابرييل داخل غرفة العمليات، كان كريس خلالها متكئا على الحائط بينما زاغ بصره بعيدا يفكر كيف تحولت كل مجريات الامور لتقلب الطاولة فوق راسه، اخيرا وصل الى الاكتشاف الذي حاول رفضه باستماتة، كان مستعدا للتضحية بانتقامه ووعده لابيه من اجلها، من اجل زوجته ومن اجل الهدية التي منحته، كان مستعدا اخيرا للصفح و الاكتفاء بعدالة السماء.

مرت ساعة اخرى قبل ان يخرجه من شروده صوت باب غرفة العمليات يفتح ليخرج الجراح المسؤول عن جابرييل
نظر الطبيب الى كريس مطولا، فقد كريس خلالها كل ثباته وبروده وهو ينظر الى الطبيب برجاء
اخد هذا الاخير وقته قبل ان يقول: كانت عملية صعبة سيد ماسيني لقد فعلنا كل ما في وسعنا
خارت قوى كريس ليسقط على ركبتيه امام الطبيب وهو يتوقع الاسوء
ماتت قال بصوت مهزوز
: امسك الطبيب بكريس يحاول ان يوقفه على قدميه وهو يقول.

هون عليك سينيور ماسيني، زوجتك مازالت على قيد الحياة، امامها 24 ساعة اذا مرت بخير فهي ستنجو
: عاد الامل يداعب قلب كريس وهو ينظر الى الطبيب برجاء
اريد ان اراها
هي في العناية المركزة الان، والوصول اليها ممنوع تماما. لكني سأجعلك تراها من خارج الغرفة كاستثناء -
انقضت ساعات الليل وكريس واقف امام النافذة الزجاجية لغرفة جابي المحاطة بجميع انواع الاجهزة.

استمر في الدعاء لكي تعود اليه رافضا كل اقتراح بالراحة او النوم
علا طنين الجهاز فجاة ليخرج كريس من تامله، بينما هرع طاقم طبي نحو غرفة جابرييل، كان يمكنه مشاهدتهم من وراء الزجاج وهم يحاولون انعاشها وإعادة قلبها المتوقف عن النبض
استمر الطبيب بصعق جابريل دون أي نتيجة
اعطني 300 جول، صرخ الطبيب قبل ان يأمر الجميع بالابتعاد.

صعق جابي للمرة الثالثة والأخيرة قبل ان يبتعد وينتظر النتيجة، مرت لحظات ليعود بعدها نبض جابي من جديد
كان كريس ينظر الى الموقف الصعب وقد خارت قواه من الصدمة وعلت صفرة الاموات وجهه من الخوف
كان سيفقدها بعد ان اعترف اخيرا لنفسه انه لا يمكنه العيش دونها
هذه المرة كان الطبيب هو من اجبر كريس على الخروج من غرفة الانعاش لكي يستريح.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة