قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

مر شهران على عودة جابرييل الى قصر ماسيني بصحبة طفلها الرضيع، كريس غمرها بكل الحنان الذي تحتاجه كان اقترابه منها مدروسا كانه يحاول استعادة تقتها وحبها بتمهل شديد لم يحاول ان يفرض نفسه عليها او ان ياخذ مالم تكن هي مستعدة لمنحه بعد.

كريس بما فعله كان قد ازال صورة المراهقة العاشقة التي كانت عليها، جابرييل اصبحت امراة واعية بسبب كل الالم الذي عانته لذا كان من الصعب استمالة المراة التي اصبحت عليها والتي يعرف في داخله انه جرحها حتى النخاع،.

تنهدت جابرييل تنفض عنها الافكار السوداوية التي تعصف براسها كل ما حاولت التفكير في مجريات الامور وكيف وصلت الى ما هي عليه كان الالم يمزقها من الداخل بين الولاء لوالديها رغم خطئهما الشنيع وبين كريس الذي استعملها كاداة لانتقامه ضاربا عرض الحائط بحبها له، انتبهت اخيرا الا ان طفلها قد انتهى من زجاجة الحليب وهو ينظر اليها بعينيه الصغيرتين كانه يشاطرها افكارها ابتسمت له ابتسامة حنون، كان طفلها هو الشيء الوحيد الذي يجعل لحياتها معنى كان يستحق التضحية ولو على حسابها هي بل على حساب الجميع.

حملته بحنان شديد ووضعته في مهده الصغير لتقترب من النافذة تحدق في السماء التي كانت تنذر بعاصفة وشيكة
انتبهت الى السيارة التي كانت تدخل من البوابة الكبيرة. لم تكن جابرييل يوما فضولية لمعرفة زوار القصر فهي ما زالت تعتبر نفسها غير منتمية اليه، أيا من يكون زائر عائلة ماسيني فهذا شيء لا يعنيها رغم ان حدسها جعلها تنتظر لترى هوية القادم
توقفت السيارة اخيرا امام باحة القصر، نزل السائق ليفتح الباب للزائر.

لتترجل منها امراة في غاية الجمال والأناقة، ما ان اقتربت من المدخل حتى فتح الباب وظهرت انابيل بنفسها لاستقبال الزائرة
جوليا واخيرا وصلت، ابتسمت انابيل ابتسامة بشوشة وهي تقابل الزائرة
لم تعد جابرييل مهتمة بمواكبة ما يحصل اغلقت نافذتها وانصرفت للاعتناء بطفلها.

في البهو الكبير كانت انابيل سعيدة للغاية وهي ترافق جوليا الى غرفتها
اخبريني لماذا تاخرت في الحضور لقد انتظرت مجيئك منذ اسبوعين
ابتسمت جوليا وهي تضع اصابعها المطلية بعناية داخل شعرها وترجعه بطريقة فنية الى الوراء
كان علي اتمام العديد من الاشياء الغير منتهية قبل ان اعود الى ايطاليا لكنني هنا الان ولا انوي الذهاب قريبا
هذا يسعدني كثيرا جوليا اجابت انابيل وفي عينيها بريق غريب.

يجب ان تستريحي الان، غرفتك ما زالت هي لم تتغير
احقا؟ اذا اين تنزل الزوجة في هذه الحالة، حاولت ان يخرج صوتها مستهزئا لكنه خرج تشوبه المرارة على غير العادة.
انتبهت انابيل سريعا الى ذلك لكنها لم تبدي تعليقا اكتفت باصطحاب جوليا الى غرفتها.

امضت جابرييل فترة العشاء محاولة السيطرة على نفسها، لم تكن تعرف هوية القادمة تكفلت كريستينا باخبارها انها نفسها جوليا صديقة كريس السابقة والتي كان على علاقة بها لفترة طويلة، لم تكن الوحيدة التي احست بالانزعاج كريس كان منزعجا بدوره من الطريقة التي بدات امه باللعب بها معه، كان يعرف ان امه لن تكتفي من انتقامها وستحاول بكل قواها ان تدمر الخيط الرفيع من الامل الذي يربطه بجابرييل.

- اخبرينا جوليا هل اتيت لتستقري بايطاليا لفترة طويلة سالت انابيل وهي تجيل النظر بين ابنها و ضيفتها دون ان تهتم للنظرة الساخطة التي كان كريس يرمقها بها
كانت التلميح الذي تضعه انابيل واضحا الى ان عودة جوليا ليس لها سوى غرض واحد هو استعادة حب كريس واخراج جابرييل من الصورة.

ابتسمت مبرزة اسنانها المصفوفة من خلال شفتيها المصبوغتين بلون احمر مثير وهي تجيب بدلال اظن ان عودتي ستكون لفترة طويلة انابيل وبالمناسبة اشكرك جزيلا على السماح لي بالمكوث في قصرك الى حين الانتهاء من اعادة ترميم قصر والدي
امتقع وجه جابرييل لهذا التصريح المباشر من جوليا اما كريستينا فاختنقت بطعامها من ما سمعت
فتحت فمها لتعلق لكن انابيل حدجتها بنظرة جليدية جعلتها تبتلع كلماتها.

ليس هناك داع لشكري جوليا فانت كنت دائما من العائلة اليس كذلك كريس وجهت الى ابنها نظرة ذات مغزى
كانت عضلات وجه كريس جامدة، اجاب والدته باشارة من راسه دون ان يلتفت الى الجالسة امامه والتي كانت نظراته لا تفارقه
انتهى العشاء وذهب الجميع لشرب القهوة واستكمال السهرة.

كانت جابرييل تريد الانصراف بعد العشاء مباشرة، لكن تصرفات جوليا جعلتها تقرر البقاء، استفردت هذه الاخيرة بالحديث بينما جلس كل من كريس وجابرييل دون ان ينبسا بكلمة واحدة
اخيرا اقتربت جوليا من كريس تضع يدها على كتفه بحميمية
اخبروني انك اصبحت ابا كريس لكم اتوق الى رؤية الطفل الصغير.

لم تعني نظرات كريس الباردة ولا اللامبالاة التي كان يكلمها بها شيئا لجوليا كانت تصبو الى شيء ولقد اصابت مرماها، لانه بعد مرور دقائق معدودة كانت جابرييل تغلي من كثرة الكلمات المبطنة والمسمومة والتي القت بها جوليا دون أي حياء
اخيرا، استاذنت جابرييل متعللة بان كريس الصغير يحتاج اليها
ما ان وصلت الى الدرج المؤدي الى الطابق العلوي حتى استوقفها كريس ممسكا بذراعها
جابي انتظري.

التفت جابرييل الى كريس قبل ان تبعد يده باشمئزاز
لا تلمسني لا اسمح لك ابدا بان تلمسني
انزل كريس يده من على ذراع جابرييل مصدوما من ردة فعلها العنيفة
ما الذي فعلته الان سال كريس بصدق
احقا تسال اجابت جابرييل باستهزاء.

هل كنت تفكر في وضع زوجتك وعشيقتك في نفس البيت انه حقا وضع مناسب كريس اليس كذلك دعني ارسم لك الصورة الزوجة الغبية والحبيبة التي اتت لتطالب بك من تظن نفسك لتعاملني بهذه الطريقة مطلقا لن اسمح لك بان تذلني بعد اليوم اسمعت مطلقا،
زواجنا ليس الا قصة فاشلة وعليها الانتهاء
رمت جابرييل تصريحها المفاجئ في وجهه وانطلقت تركض على السلم تاركة كريس متصلبا من الكلمات القاسية التي رمته بها.

وصلت اخيرا الى غرفتها وارتمت على السرير تجهش بالبكاء، لم تكن تعرف لماذا تبكي هل للمصير المضلم الذي وجدت نفسها فيه الى جانب زوج تسيطر عليه فكرة الانتقام ام لتيقنها من امكانية وجود علاقة بين جوليا وزوجها لم تعد تستطيع الاحتمال كان صوت بكاءها يصم اذنيها لم تسمع صوت فتح الباب او وقع الاقدام التي تقترب منها.

اقترب كريس ببطء من السرير وجلس على حافته، حاول ان يلمس شعرها قبل ان تنتفض لتنظر اليه بعينين اغرقتهما الدموع
حبا بالله لا تبكي جابي انت لا تعرفين ما الذي تفعل بي هذه الدموع لا اريد ان اراك باكية ابدا
ولماذا قالت جابرييل
اقتر ب منها ومسح وجنتها بحنان ماهذا السؤال الغبي تعرفين لماذا حبيبتي
لاني احبك،
تسارعت ضربات قلب جابي، كريس ابدا لم يكن من النوع الذي يعبر عن مشاعره بهذه الصراحة والعفوية كاليوم.

ماذا عنك جابرييل هل ما زلت تحبينني كالسابق؟
كانت جابي تامل في قرارات نفسها الا يطرح عليها مثل هذا السؤال وخصوصا في ظروف مماثلة، لكن تمنيها زال بمجرد النظر الى عيني كريس المصممتين: -انظرى إلى جابي
رفعت رأسها نحوه مرغمة، لانها تعرف ان حبه يظهر بوضوح في عينيها.

ولكنها أطاعته ونظرت الى ذلك اللهيب الازرق الذي يشتعل في عينيه. بدا عليه الارتياح عندما شاهد ردود الفعل التي أثارها فيها، وسألها ممازحا: -ها هذا هو سبب التيارات الكهربائية التي توتر الجو بيننا؟
ابتسم عندما شاهد احمرار وجنتيها، وعاد يسألها: هل ما زلت تعتقدين ان زواجنا قضية فاشلة لا قيمة لها؟

شعرت جابي في هذه اللحظة بالذات، واكثر من أى وقت مضى.
انها تريد من زواجهما ان يكون طبيعيا وخاليا من الكره والانتقام. ولكنها احست بان ذلك لن يكون ممكنا، فانهمرت الدموع من عينيها وردت بصوت منهزم معذب
هذا مستحيل، .

شعرت بان عضلاته تجمدت كقطعه كبيرة من الجليد. وبأن جملتها القصيرة كانت كخنجر طعن في قلبه.
مستحيل؟
أعادها بغضب شديد: -؟ ماذا تعنين بذلك؟
اجابته جابريل بصوت متهدج ضعيف: -لايمكن ان ننجح. ثمة امور كثيرة تفرق بيننا والدي كان السبب في الكثير من الالم لعائلتك انا ابنة سانت كلير احمل دمه وهذا شيء لن يتغير لن تستطيع نسيان ذلك كريس حتى ولو حاولت.

وترددت لحظة لانها خافت من ان تبريراتها غير مقنعة فسارعت الى تغطيتها بالقول: -كذلك فان هناك امورا كثيرة لا اعرفها عنك منها هذه المدعوة جوليا والتي لم اكن اعرف عنها شيئا.
عادت اليه غطرسته وعزة نفسه، فقال: لا يمكننى ان اقبل هذه التبريرات.

-اوه، ارجوك. الا يمكنك ان تترك الامور كما كانت؟
لا، لان الاوان فات ولم يعد بامكاننا ذلك.
شعرت جابي بان نظراته القاسيةالتى لاتلين تكاد تخترق راسها لتكتشف افكارها الدفينة.
وسمعته يقول بعد لحظات:
-لقد قلت لك انني نسيت كل شيء من اجلك ومن ان اجل ابني، اني اريد لهذا الزواج ان يستمر لا يمكنك ان تتوقعي منا ان نتصرف كوالدين طبيعين بقية حياتنا، ونبقى في الوقت ذاته غريبين عن بعضنا.

هزت كتفيها كمن فقد امله، وقالت: -انا لااتوقع ذلك.
-وماذا تتوقعين اذن؟ لا، لاتجيبى على هذا السؤال. انا اعرف ماذا تتوقعين. ربما ستطلبين منى العودة الى امريكا.
ابتسمت جابي رغما عنها بسب ممازحته الغاضبة لها
وقالت بصوت ناعم: -قد اطلب منك هذه المرة الذهاب الى المناطق القطبية.
-اوه كريس. لا اعلم. انا حقا لا اعلم.

ارادت ان توافق، ان لم يكن لاى سبب فمعرفة ما اذا كانت العلاقة بينهما اكثر من مجرد نزوات متقطعة ومفاجئة.
ولكن، لو كانت كذلك، فماذا ستجنى؟ ادارت وجهها عنه
تنهد كريس قبل ان يضيف
–لدينا الان ابن و وثيقة زواج. لا اعلم اذا كنا سنجد مستقبلا طيبا لنا ام لا. ولكنى اعلم اذا كان بامكاننا انجاح هذا الزواج، لو حاولنا.

كان يتحدث اليها بصوت جدي ناعم. لم تحتج او تعترض عندما وضع يديه على كتفيها هذه المرة.
امسك ذقنها ورفع وجهها نحوه قائلا: -انا اعرف ان فرص انجاح زواجنا ضعيفة، ولكننا يجب ان نحاول. لا اعرف كيف ستنظرين الى هذا الموضوع، جابريلا. ولكن فيما يتعلق بي، فأنا رجل عنيد حقا ويجب ان ارى بأم عيني ان نجاح هذا الزواج أمر مستحيل. انا لست مقتنعا حتى الان بحتمية فشله.

كانت تقول لنفسها منذ شهور عدة انها تكرهه. وكم من مرة قالت لها والدتها ان خيطا دقيقا جدا يفصل بين مشاعر الحب والكراهية المتساوية من حيث القوة وعمق الجذور.

هل كانت تتصور طوال هذا الوقت انها تكرهه، في حين انها كانت في الحقيقة تحبه وتريده؟ نظرت اليه وحاولت ايجاد الشجاعة الكافية للرد عليه، ولكنها لم تتمكن من ذلك.

تململ من صمتها قليلا، وقال: -اذا كنت خائفة من انني سأستغلك، فسوف اتعهد لك منذ الان بأنني لن ألمسك.

-ليس هذا هو الامر. انا لا اعترض، مع انني، مع انني...
-لن نتجاوز الحد معك، ما لم تطلبي انت ذلك.

شلت نظراته القوية الملهبة قدراتها على التصرف او حتى الكلام.
فسألها: -هل توافقين على اقتراحى بأن نحاول التعرف حقيقة على بعضنا؟

تنهدت جابي وردت عليه ايجابا بكلمة واحدة فقط. وشعرت بأن جوا من الطمأنينة والسكينة خيم على افكارها
وبأن تشككها من صواب قرارها زال واختفى: -هذا يدعو لمهر اتفاقنا بالعناق، اليس كذلك؟
ترددت قليلا قبل ان تسال
لكن ماذا عن جوليا
جوليا لست ابدا في الصورة
منحها كريس وقتا كافيا لتغمض عينيها دليل الموافقة. كان جسمها كله يريد هذا العناق والنار الذي سيشعلها فيها.

عانقها لفترة قصيرة ولكن دون تسرع، فأحست بلهيب ناعم يلفح جسمها ويثير مشاعرها.
-هل أنت على استعداد للمجازفة؟
هزت رأسها موافقة، . أحست بسعادة كبيرة عندما طوق كتفيها بذراعه وأبقاها ملتصقة به.

سرقت نظرة سريعة الى وجهه، فشاهدت ابتسامة سرور واكتفاء، وربما انتصار. وتسألت عما اذا كانت تتصرف بغباء مرة اخرى!
وسمعته يقول، وكأنه قرأ افكارها: -لن تندمي على قرارك ابدا. من المحتمل جدا ان تكتشفي بنفسك انني شخص رائع!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة