قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الختامي الأول

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الختامي الأول

مرت الأيام وتعاقبت الأحداث في حياتهم، فهناك أيام مرت بسعادة وأخرى بحزن وشقاء، فالحياة ماهي إلا أيام معدودة.
أغمض عينيه يدعي النوم وكتم أنفاسه متمنيا أن تظل بجواره ولا تهرب إلى غرفتها ككل مرة فهذه المرة كانت مختلفة فهي من أتت إلى غرفته لأول مرة تذكر نظراتها المرعوبة عندما رأته أمامها وردها المتلعثم عن سبب تواجدها أنها رأت نور الغرفة مضاء وإنه تأخر في المجيء، لم تسمعه عندما أتى فحسبت أحد الأولاد أستيقظ وعبث في النور...،

شعر ببريق من الأمل يتوغل داخل قلبه من ردها فهي اهتمت لاحظت تأخره في الخارج، ظلت مستيقظة من أجله وجد نفسه بالقرب منها كانت هادئة نظراتها مختلفة لم يعلم متى أشتعل الجو بينهم وفي لحظة أصبحت بين ذراعيه، فاق من شروده على صوت حركة خفيفة، تابعها بعيون شبه مغمضة وهي تتسلل من فراشه عندما تأكدت من نومه، بمجرد أختفائها جلس وأخذ يزفر بغضب بالرغم من مرور سنة على علاقتهم إلا أنها مصممة على الهروب والإنعزال بداخل غرفتها، أراد الذهاب لها وحملها بالغصب إلى غرفته لكي يضعها مرة أخرى في فراشه حتى ينعم بدفئها وتنام في حضنه، لكنه لم يتزحزح من مكانه لم يرد أخافتها مقررا الإنتظار فما حدث اليوم تطور ملموس في علاقتهم وأخذ يراقب الفراغ بعيون خاوية متألمة..

بمجرد أن دخلت غرفتها انهارت جالسه على المقعد القريب من النافذة، غطت وجهها بيديها وبكت مثل الطفلة
سرت رعشة باردة حادة في جسدها وبعد أن استعادت هدوئها نسبيا فسرت ماحدث لها منذ لحظات بسبب استسلامها وقبولها بالأمر الواقع، همست بحدة ماحدث لا يجب أن يشعرك بالذنب فأنت زوجته لكنك يازهرة السبب فيما حدث كان أين عقلك وتفكيرك السليم عندما ذهبت إلى غرفته بملابس النوم هزت رأسها بغضب...

ظلت مستيقظة حتى الفجر تراقب بسكون كل شيء وغرقت في تأمل ماحدث لها أشتعلت ثارت مشاعرها عندما توصلت الى حقيقة ماتشعر به تجاهه، شعرت بالإضطراب فهي أصبحت تشتاق له رغماً عنها أصبحت تشتاق للمساته همساته الدافئة وهي بين ذراعيه، فهو دائما طيب وحنون معاها، عندما أصبحت زوجته فعليا كانت تتوقع النفور لكن العكس هو ماحدث كان رقيق معاها وضع مشاعرها في المقدمة لم يكن أناني حدثت نفسها بغضب ماحدث مجرد رغبة مجرد رغبة فقط لا غير فهو يمتلك من الخبرة ماتجعلك ترغبيه..

فتحت عينيها بتكاسل شديد استغربت للحظات وجودها على المقعد، لمحت الساعة بطرف عينيها فوجدتها الساعة السابعة والنصف أنتبهت ثم نهضت من مكانها مذعورة، دلفت إلى الحمام مسرعة أخذت شهيق عميق، فتحت الصنبور فملأت كفيها بالماء البارد وألقته على وجهها عدة مرات حتى فاقت تماما، أرتدت معطفها ثم ركضت إلى غرفة أطفالها وأخذت باستبدال ملابسهم بسرعة وهم يضحكون وعيونهم مليئة بالمرح فماضيهم التعس لم يصبح له وجود
أياد بلهجة ضاحكة: براحة شوية..

_لو ملبستوش بسرعة هتتأخرو على المدرسة
وليد وأياد في نفس الوقت: يبقا بلاش مدرسة النهاردة
زينت شفتيها إبتسامة هادئة وهي تقول: كفاية مماطلة في الكلام ويلا عشان متتأخروش أكتر من كده
أنتهت من تحضير كل شيء لهم وأطمئنت عليهم حتى أنطلق السائق الخاص بهم بالسيارة، نظرت الى الساعة فوجدت أن المحاضرة الأولى قد فاتتها، أسرعت إلى داخل غرفتها لأرتداء ملابسها فمستحيل أن تتأخر على المحاضرة الثانية فالحضور عليه درجات..

عندما أنتهت هبطت الدرج مسرعة دون أن تنظر أمامها، عند نهاية الدرج فوجئت بأكنان أمامها
تحدث بلكنة هادئة: صباح الخير
ردت بلهجة باردة: صباح النور
حاول كسر الجليد بينهم فقال: عاملة أيه في الكلية
أردفت قائلة: كويسة..

نظر إلى حقيبتها المتدليه فوق كتفها بشريط طويل تسائل بابتسامة: كل دي شنطة نوعها أيه؟ مش شايفها كبيرة شويتين
توهجت نظراتها بلمعان خفيف وهي ترد: على فكرة الشنطة دي عمليه أوي في الكلية واسمها توتي باج
حرك رأسه بايماءة خفيفة قائلا: مادام مريحاكي تبقا حلوة، يلا بينا عشان أوصلك
نظرت له بحيرة وهي تسأله: توصلني فين؟

_أوصلك كليتك
_هااا كليتي
_أيوه كليتك
_ومن أمتى بتوصلني الكلية، أنت ديما بتخرج قبلنا
غمز لها وهمس: آه اتاخرت، نفس اللي أخرك وهوصلك النهاردة عشان مفيش حاجة تركبيها والسواق بتاعك راح بالولاد المدرسة ولا هتستني لما يرجع يوصلك..

لمعت وجنتها بحمرة خفيفة من تلميحاته ثم أومأت برفض: لا طبعا مش هستنى السواق ولا أنت هتوصلني، أنا اتصلت بأوبر والعربية هتيجي دلوقتي واتحرك شوية عشان أعرف أعدي
حاول التكلم بهدوء فقال: مش هتحرك ومش هتركبي أوبر
دقت قدميها على الأرض بغضب: ليه بقا مينفعش
جز على أسنانه وهو ينظر له: عشان إنتي مراتي ومش هتركبي مع راجل غريب..

زمت شفتيها ورددت منفعلة: نعم راجل غريب، طب ماانا بتعامل في الكلية مع معيدين ودكاترة رجالة ايه الفرق ولا هو تحكم فيا وخلاص
نظر لها متأملا حمرة الانفعال على وجهها وعيونها اللامعة شرد للحظات غارقا في جمالها الخاص عند الغضب فهي مميزة في جميع حالاتها، هز رأسه بخفة ثم تحدث بثبات: مش تحكم فيكي سمي اللي بعمله خوف عليكي ولا نسيتي اللي حصل زمان ومن ناحية الكليه أنا عندي خلفية عن كل شخص بتتعاملي معاه فلما تبقي هناك ببقا مطمن ده غير الحارس اللي ملازمك ومتابع حركاتك من بعيد زي ماطلبتي فعشان كده ببقا مطمن عليكي..

_طب ماهو هيحصلني وهيبقا متابعني وانا في العربية في ايه لما أركب العربية
_فيه هبقا قلقان عليكي افرضي حصل حاجة
_هو أنت ليه شكاك كده وبتفترض أسوء حاجة وأنا بقولك مش هيحصل حاجة وافرض حصل حاجة وده من رابع المستحيلات الحارس هيكون موجود
قاطعها بنبرة حادة: عندك إختيارين ياهتستني السواق يأوصلك أنا، غير كده مفيش كلية النهاردة
نظرت إلى الساعة ثم إليه رأت بداخل عينيه نظرة مصممة على رأيه وهي ستتأخر إذا لم تتحرك الأن..

رفعت رأسها له وأجابته بحدة: وصلني
تفحص وجهها بتمعن وغمز لها: ماكان من الأول
تملكها الغضب، أرادت جرحه على فرض رأيه، فقالت ببرود: لولا بس عايزه ألحق المحاضرة مكنتش اتحركت معاك خطوة واحدة أنا أصلا مش بطيقك بقرف
توهجت عينيه بلهيب الغضب، حرك سبابته على وجنتيها بقسوة قائلا بسخرية: يبقا بتضحكي على نفسك وعليا
أرتعشت والتزمت الصمت، تجاهلها وسار الى الخارج ولم ينتظرها فأسرعت خلفه مردده بأنفعال: أستنى أستنى أنا
لم يلتفت لها وصعد الى السيارة وبمجرد ركوبها أنطلق مباشرة..

مرت الدقائق وهما لا ينطقان بأي كلمة، يكادان لا يتنفسان فكلماتها جرحته في الصميم شعرت بالندم فهي تحب رفقته
كان ينظر الى الطريق لم يلتفت لها، فأخرجت مذكرة لتقرأها لأضاعة الوقت لكنها عجزت عن التركيز بسبب شعورها بالذنب
أقتربا من الجامعة وتوقفت السيارة على بعد عدة مترات من باب الجامعة..

قبل خروجها تنهدت بصوت مسموع قبل أن تقول بخفوت: أنا أسفه أنا بالعكس بستمتع بالكلام معاك بحب وجودك
تجمد في مكانه مصدوما غير مصدق ماسمع هل تعتذر له، تناسى إهانتها إزاح غضبه بعيدا سأل بهمس: أنتي قولتي أيه
_ أنا أسفة
_الكلام اللي بعد أسفة
_ بحب وجودك ورفقتك..

قفز قلبه طربا لمجرد إحساسه بأن مشاعرها تغيرت تجاهه، أنها فقط البداية ليفوز بحبها، أرتسمت على وجهه علامات الأمل
وعلى عدة أمتار من باب الجامعة كانت تقف فتاتين يتحدثن
قاطعت نور الحوار مشيرة باتجاه السيارة المتوقفة: مش دي زهرة بردو ومين إللي وقف معاها
التفتت داليا برأسها وحدقت بتركيز ليعلو ثغرها إبتسامة خفيفة: أيوه هي ثم صفرت بإعحاب، إللي معاها قمرررر
قاطعتها نور قائلة: وطي صوتك..

أجابتها بضحكة متحمسة: بطلي الخجل إللي إنتي فيه وخلي أفكارك متحررة زيي ومتحاوليش تكبتي مشاعرك وإعجاب وإللي مع زهرة عاجبني
بغنج ودلال مصطنع سارت داليا تجاههم
همست نور: رايحة فين يامجنونة
أدارت رأسها وقالت بابتسامة متلاعبة: هتعرف عليه
_أهدي ياداليا وبلاش شغل الجنان ده
_وأنا بموووت في الجنان.

انفرجت شفتاها بابتسامة مغرية: صباح الخير يازهرة
ردت عليها: صباح النور ياداليا
سألتها وهي تختلس النظر له: أول مرة تتأخري عن محاضرة
شعرت بوخز حاد في قلبها وهي ترى نظرات داليا الملتهمة له
ردت بنبرة جافة: لزم أول مرة في أي حاجة..

أطلقت ضحكة خافتة مغرية: طبعا، مش تعرفينا يازهرة على حضرته ثم نظرت له ومدت يديها لكي يصافحها، أنا داليا صاحبة زهرة الأنتيم
صافحها قائلا بابتسامة: أكنان، أختلس النظر الى زهرة فوجد وجهها عابس مكفهر
كان واضح لها أن داليا كانت تحاول لفت أنتباهه وهو عرف نفسه على أنه أكنان فقط بدون كلمة زوجها، الكلمة التي حاولت أخفائها عن الجميع هنا، شعرت بعدم الارتياح ومزيج من المشاعر المختلفة..

قاطعتهم بابتسامة باهتة: وأبقا مراته ياداليا وغمزت لها بسخرية
نظرت لها ببلاهة حائرة: مراته هو أنتي متجوزة
ردت عليها بجمود: مش لازم حياتي الشخصية كل حد يعرف بيها ومع السلامة ياداليا
ردت بغيظ مكتوم: سلااام يازهرة، سلااام ياأكنان ثم سارت مبتعدة
رد زهرة الجاف ومعرفتها أنه زوجها كان كسيل الماء البارد المنهمر فوق رأسها، أكملت طريقها وهي تشعر بالغضب والغيرة منها..

تفحص وجهها قائلا بابتسامة خبيثة: مكنش ليها لزمة تتكلمي مع صاحبتك بالحدة دي
لمعت نظراتها ببريق حاد وهي ترد: أولا هي مش صحبتي وعلاقتي بيها من بعيد لبعيد
_بردو مكنش المفروض تكلميها بالأسلوب ده
_ يعني أنت مشوفتش كانت بتتكلم أزاي دي كانت بتتقصع قصادك
أراد أخراج مابداخلها من انفعالات: وفيه أيه؟
ردت عليه وعلى وجهها تعبير غاضب: كلامها باين من كلامها أنها معجبه بيك
غمز لها قائلا: مش أول واحدة تعجب بيا
هتفت بغيظ: نعم أنت جوزي وأنا مسحمش لأي واحدة تقلل من كرامتي..

_ تقلل من كرامتك مش مزودها شوية واحدة بتتكلم مع واحد بتحسبه مش مرتبط وهي مش غلطانة عشان أنتي اللي مش قايلة لحد أنك متجوزة، أنتي متأكده مفيش حاجة تاني غير الكرامة إللي معصباكي كده، نظر لها بتمعن وقال ممكن تكوني غيرانة
أطلقت ضحكة قصيرة وأرجعت رأسها للوراء ثم نظرت له: غيرانه لا طبعا، بس مش بحب نوعية داليا فكرتني بواحدة زمان نفس الطبع وحبيت أحطها في مكانها الطبيعي، أنا مراتك وأنت ملكي زي ماأنا ملكك..

شعر بالغضب من ردها فهي عنيدة جدا وحريصة على كتمان مشاعرها الحقيقية، رسم على وجهه أبتسامة خفيفة ثم قال: مضطر أسيبك دلوقتي مع السلامة ياحبي
_ سلام ثم سارت باتجاه البوابة
ظل أكنان في داخل السيارة يتابع دخولها بشرود محدثا نفسه الى متى ستظل تقاومه وعندما أختفت تماما انطلق بالسيارة..

أنتهت المحاضرة ولم تعلم الى أين تذهب فهي لاتريد مقابلة شلة داليا في الجوار والمحاضرة الأخرى بعد ساعة، قررت أن تذهب الى المكتبة فهي نادرا ماتتواجد هناك هي وأصدقائها، وعندما أقتربت من المكتبة سمعت صوت داليا يبدو أنها بالداخل أرادت الرجوع لكن الفضول تملكها لمعرفة سبب ضحكتها العالية..

داليا بسخرية: قال أيه بتقول جوزها، جوز مين اللي ظهر مرة واحدة أنا متأكده أنها مقضيها معه من غير جواز
نور برفض: لا طبعا كلنا عارفين أخلاق زهرة
زغرته بنظرات حارقة: مش عاجبك الكلام أمشي وملكيش دعوة بشلتنا
تراجعت نور في كلامها فهي لاتريد ترك جماعة داليا المسيطرة فوالدها عميد الكلية: خلاص متتعصبيش
ثم تعالت ضحكاتهم الساخرة، ضحكت داليا وهي تقول يااما تحت السواهي دواهي
لم تصدق ماسمعت أرادت الدخول لهم لكنها تراجعت فهي لاتريد أحداث شوشرة في الكلية يكفي ماحدث وأنفعالها على داليا، رجعت للوراء بأقدام متثاقلة تريد الهروب منهم..

نظرت إلى الساعة فوجدتها تخطت الثالثة صباحا، تنهدت بعمق فهو لأول مرة منذ زواجهم يتأخر في الخارج، فكرت بالإتصال بزهرة لكي تفضفض معاها في الكلام وقامت بحساب فرق التوقيت هنا وهناك فوجدت أن زهرة تكون مشغولة في الكلية بحضور المحاضرات فلم ترد ازعاجها يكفيها مابها هي الأخرى...
بعد تفكير طويل توصلت الى طريقة لكي تعتذر له فهي أخطئت في حقه.. أحضرت ورقة وقلم وخطت أعتذارها
لمحت زعل من عيونك تموتني وبسمة رضا من شفايفك تعيشني، أنا أسفة حبيبتك ضحى
ثم طوت الرسالة وأدخلتها في زجاجة..

وعندما سمعت صوت خطوات أقدامه تقترب من الباب دخلت الحمام الذي زينته مخصوص مسرعة لتضع الرسالة، فهي زينته مخصوصا له
ملئت البانيو بالماء الدافىء ووضعت الزجاجة لتطفو على سطح الماء.. عندما أنتهت خرجت لملاقته...

لم يلتفت لها وأكمل طريقه باتجاه خزينة ملابسه أخرج منها ملابس النوم ثم أتجه الى الحمام وبمجرد أغلاق الباب خلفه رأى المكان مزين والبانيو أيضا وفوق الماء زجاجة ملونة طافية، أبتسم أبتسامة تحمل أحاسيس متناقضة مابين سعادة وسخط أمسك الزجاجة وأخرج الرسالة، قرأها في صمت واتسعت بابتسامته على طريقتها في الأعتذار ثم عاد بخياله الى عدة ساعات ماضية..

قبل خروجه شعر من طريقتها المرتبكة في الكلام أنها تسعى الى شيء تريده، تصاعد الفضول بداخله لمعرفة السبب فسألها: أتكلمي من غير لف ودوران وقولي عايزه تقولي أيه
همست بتردد: سعادتنا ناقصها حاجة واحدة وتكمل
تأهبت حواسه وعرف ماتريد فسألها دون أن يبدو عليه المعرفة: وأيه اللي ناقص ياضحى
_ أننا نخلف أنك تكون أب وأنا أكون أم
_متعبتيش من الكلام في الموضوع ده..

ردت بحدة غير مقصودة: لا متعبتش أنا حسه سعادتي ناقصة ومش هتكمل الا بالخلفة منك
ضمها الى حضنه وهمس برقة: أنا مش حاطط موضوع الخلفة في دماغي وياريت تعملي زيي، أفهميني ياضحى الخلفة رزق وده أبتلاء من عند ربنا، مش معنى كده حياتنا تقف وتحصري سعادتك في النعمة اللي أنتي محرومة منها بصي للنعم الكتير اللي حواليكي الصحة الفلوس وزوج بيحبك ونعم تانية كتير أنتي مش حسه بيها، الأرزاق متقسمة بالعدل وكل واحد بياخد رزقه..

أومأت برأسها بايماءة خفيفة أراحت نفسها على صدره وهمست له: عارفة ياكريم بس غصب عني أنا نفسي أكون أم
تنهد بحدة: باين على الليلة هتطول طب عايزاني أعملك أيه دلوقتي عشان شوية وهمشي محتاج أكون في الشركة عشان صفقة سويسرا وموضوع السفر وكمان
قاطعته قائلة برجاء: أسافر معاك
فرك ذقنه بطرف أصبعه متسائلا: أول مرة تبقي عايزه تسافري، ليه؟

_ عايزه أشوف سويسرا
_ خليها المرة الجاية أوعدك تسافري معايا
قالت بأصرار: عايزه أسافر المرة دي
ظل عدة دقائق في محاولة أقناعها أنه لايستطيع أخذها هذه المرة، هتف بضيق: مينفعش
أردفت بالحاح: ينفع ماهو أنتي لو ليك غرض أسافر معاك كان اللي منفعش نفع..

نظر له بتمعن مندهش من أصرارها: ليه ياضحى مصممة تسافري معايا أنت أول مرة تتكلمي معايا كده
ظلت ضحى صامته فردد متسائلا: أتكلمي ليه السفرية دي بالذات
تنهدت وقالت: لو قولتلك السبب هتخليني أسافر معاك
أومأ رأسه قائلا: أيوه
تمتمت بكلمات خافتة: أصل راسلت مستشفى في سويسرا واتفقت على ميعاد مع دكتور هناك..

صرخ في وجهها: أتكلمتي وأتفقتي من ورايا وجايه تقوليلي دلوقتي بعد ماظبطتي كل حاجة، هي دي الثقة اللي بينا، فين كلامك ليا أنك عمرك ماهتخبي ولا تعملي حاجة من ورايا، ليه مكنتيش صريحة معايا من الأول وقولتيلي هااا، أنا ماشي عشان لو قعدت دقيقة واحدة مش عارف هعمل معاكي أيه
ظلت صامتة لاتقوى على الرد فهي بالفعل اخطئت عندما أخفت عنه مافعلت لكن حلمها بالأمومة سيطر عليها ولم تكن تتوقع غضبه الحاد..

هز رأسه بعنف نافضا الذكرى الكئيبة، خرج لرؤيتها فوجدتها تنتظره
اتخذت الخطوات الأولى تجاهه تلاقت النظرات، نظرت له باعتذار فبادلها بنظرات مؤنبة
همست بندم: أنا أسفة أسفة ثم ألقت رأسها على صدره واحاطت خصره بكلتا يديها مرددة بحبك ومقدرش على زعلك
حرك أصابعه برقة بين خصلات شعرها وهمس: خلاص ياضحى أنا مبقتش زعلان وبعد مافكرت مع نفسي قدرت موقفك، ثم قرص خدها برقة بعد كده متعمليش حاجة من ورايا مفهوم..

أومأت رأسها بالأيجاب: مبقتش زعلان مني
أجابها بابتسامة هادئة: عشان تعرفي أني مبقتش زعلان هتسافري معايا
هتفت بسعادة بالغة: بجد بجد هسافر
تأمل سعادتها بحب: أيوه بجد

عادت بيسان إلى غرفتها وهي ممسكة بكوب من النسكافيه يتصاعد منه بخار خفيف، جلست على الكرسي وأسندت ظهرها وأخذت ترتشف منه ببطء، دلف زاهر فوجدها شاردة تنظر الى السقف، أقترب منها رأى عيونها غائمة بالدموع ربت بخفة على رأسها وهمس بخفوت: بيسان
نظرت له بعيون دامعة: جيت بدري النهاردة
همس برقة وهو يداعب وجنتيها بحب: قلقت عليكي لما سمعت صوتك في أخر مكالمة بينا وطلع أحساسي صح، مالك يا حبيبتي
تنهدت بعمق وهي ترد: أنا كويسة
تنهد قائلا: طب قوليلي كنتي سرحانة في أيه؟

_سرحت شوية
_سرحتي في أيه؟
_ زهقت من العيشة هنا ونفسي نرجع بلدنا تاني
_تاني يابيسان هنتكلم في الموضوع
همست بحزن: عارفة بس أنا تعبت وأشتاقت أرجع عشان خاطري يازاهر فكر في كلامي، مش كفاية أني محرومة من الخلفة بلاش أتحرم من كله
ضمها الى صدره في حنان ورفع وجهها إلى وجهه ومشط شعرها الأسود الملقى وقبلها على رأسها، أخذت كلماتها تدق في رأسه وقلبه..

دست وجهها بالقرب من قلبه وأغمضت عينيها وهمست: عشان خاطري فكر تاني
قال وأصابعه مازالت تمشط شعرها: حاضر هفكر جديا في كلامك
رفعت رأسها ونظرت له بأمل: بجد
_أيوه بجد
_بحبك يازاهر بحبك قوي
شدد من أحتضانها وقال برقة: وأنا بعشقك

عقد العزم أن يتواجد معاها أكثر من الأول لكي يجتاح مشاعرها، أنصدمت من رؤيته منتظر أياهها أمام الكلية
فتح لها الباب وأرتسمت على وجهه أكثر أبتسامته أثارة: أتفضلي ياهانم عشان أوصلك
همست بتوتر: أول مرة تيجي
رد عليها بصوت متعمدا خروجه بلهجة مثيرة: ولا أخر مرة
دلفت الى الداخل دون أن ترد عليه، تفاجئت بوجود الصغيرين في المقعد الخلفي يلعبون..

لاحظ نظراتها المتسائلة: قولت أخليها توصيلة عائلية
همس قائلة: وياترى هتعمل كده علطول
_ على حسب لو مكنتيش مضايقة يبقا هوصلك علطول ثم أكمل مرددا أنت مضايقة
هزت رأسها نافية: لا طبعا
أبتسم بخفة: يبقا كل ماأفضى هوصلك
ثم قاد سيارته بهدوء و بين التارة والأخرى كان ينظر لها، لاحظ شرودها والعبوس المزيين ملامح وجهها
سألها بفضول: مالك يازهرة؟.. أحكيلي على إللي مضايقك يمكن أقدر أساعدك..

ظلت صامتة للحظات تفكر هل تخبره بماحدث اليوم.. ماسمعته من حوار وغمزات زملائها من تحت الى تحت بعد أن قامت داليا وأصدقائها بتسريب أشاعة أنها تعيش علاقة محرمة بدون رابط زواج، فركت يديها بتوتر وهي تنظر له ثم التفتت برأسها نحو النافذة تحدق في الطريق بضيق
سألها مرددا: في أيه يازهرة..

تنحنحت بتلعثم: سمعت النهاردة كلام ضايقني أوي
_ كلام أيه اللي ضايقك
_ هقولك وعندما أنتهت من أخباره تجمدت تعابير وجهه وضغط على عجلة القيادة بعنف خرج صوته غاضبا: متزعليش نفسك وأنا هتصرف
قالت بصوت مهتز فهي لأول مرة تراه بهذا الشكل: هتعمل أيه؟
_ كله إلا إنتي، مراتي خط أحمر
ثم ساد الصمت بينهم أمعنت النظر له خفية غرقت بحواسها ومشاعرها كلها في التفكير حتى وصلت أفكارها إلى منحنى ظلت تقاومه، ثقلت أنفاسها واحتدت وهي تحدث نفسها مستحيل مستحيل..

بمرور الأيام أصبحت عاطفتها أقوى ومشاعرها أكثر وضوحا، نظرت إلى نفسها في المرآة رأت بريقا لم يرتسم على وجهها من قبل تنهدت بعمق وهي تسترجع أحلام المراهقة في مواصفات زوجها المستقبلي فاكنان كل ماتتمناه الفتاة في فارس أحلامها رفيق حياتها، فكل يوم يمر بينهم يثبت لها إنه زوج طيب وحنون صادق رومانسي مثالي يعتمد عليه، ابتسمت بخفة عندما تذكرت إعتذار داليا لها في المدرج أمام الجميع ولم يكتفي بذلك بل جعلها تنتقل إلى كلية أخرى..

وعلى الجهة الأخرى من العالم كان كريم جالسا في مكتبه شاردا يفكر في تبدل حال زوجته فبعد اجرائها العملية لكي تحمل كان وجهها يضحك بالأمل أما الأن بعد مرور شهرين بدون أن يحدث حمل أختفت البسمة وحلت محلها نظرة حزينة تحاول أخفائها عنه لكنه بكل سهولة يستطيع التقاط اي تعبير جديد بخصوصها، شعر بثقل في قلبه بسبب فشله في إرجاع بسمتها..

أمسكت هاتفها وأخذت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بملل فأغلقت الهاتف بحدة ووضعته على الطاولة ونظرت له بشرود ثم امسكته مرة أخرى وقامت بالأتصال بزوجها لكن هاتفه كان مغلق فقامت بالإتصال بهاتف مكتبه الخاص
سمعت على الطرف الآخر صوتا انثويا ساحر ليس الصوت المعتادة على سماعه في كل مرة
هتفت بيسان بحدة: أنتي مين؟

أجابتها بلهجة عملية: حضرتك اللي اتصلت.. مين حضرتك
_من غير ماتعرفي أنا مين حولي الإتصال للبيه اللي مشغلك
_مينفعش حضرتك لزم أعرف انتي مين الأول وبعدين أبلغه وهو يحدد إذ كان فاضي يقبل المكالمة أو مش حضرتك
قالت بغضب مكتوم: روحي بلغيه وقوليلو بيسان عايز تكلمك
ردت بهدوء بارد: بيسان مين!

هتفت بانفعال: روحي قولي ليه بيسان بيساااان وبس
قامت ميريت بالتنفس بعمق ثم اردفت مكررة: اقول ليه بيسان مين حضرتك، الإسم بالكامل وسبب الزيارة دي قوانين حضرتك
لم تشعر بيسان بنفسها وهي تغلق هاتفها بعنف وعلى الطرف الآخر نظرت ميريت الى الهاتف بحيرة وتساؤل من تكون المتصلة.. بعدها بفترة قصيرة اتصل زاهر لكي تحضر له ملف المناقصة الجديدة...

دقات خفيفة على الباب دخلت على أثرها ميريت ثم قالت بابتسامة خفيفة: الملف جاهز
أشار لها زاهر دون النظر له ان تضع الملف فوق المكتب أمامه فقامت بوضعه وظلت واقفة، إزاح نظراته عن الملف الذي يقرأه عندما لم تتحرك
قال لها: نعم ياميريت..

اجابته بهدوء: في واحدة كانت عايزه تكلم حضرتك ولما سألتها عن إسمها بالكامل وعايزاك ليه قفلت السكة.. هي قالت إسمها الأول وبس بيسان
نظر لها مليا وتأهبت حواسه: بيسان اتصلت
أومأت رأسها: نعم
_لما تتصل تاني حوليها علطول، بيسان تبقا مراتي
ارتبكت للحظات ثم قالت باعتذار: لو كنت اعرف كنت حولت المكالمة علطول
قال بهدوء: ولا يهمك ميريت انتي كنتي بطبقي القواعد ولسه جديدة ومتعرفيش مراتي..

ثم أشار لها بالانصراف، بمجرد ذهابها اخرج هاتفه وجده يحتاج شحن وعند شحنه وتشغيله وجد العديد من المكالمات الفائتة فقام بالأتصال بها أرتسمت على وجهه تعابير عابسة عندما لم ترد فاتصل مرة أخرى.. كرر الاتصال عدة مرات تنهد براحة لسماع صوتها: اخيرااا رديتي كنتي فين؟ ده انا رنيت عليكي كتير
بلهجة يشوبها الغضب فهي تجاهلت الرد عليه متعمدة: مكنتش في أي مكان والفون كنت عملاه صامت عشان كده مسمعتش الرن..

_مالك يابيسان صوتك وردك مش عاجبني
_مش عارفة إيه اللي مضايقني
_لو عارف مكنتش سألتك
زفرت بضيق: عايز تعرف تمام هقولك مين البنت اللي ردت عليا وكمان منعت انها توصلني ليك
أجابها بثبات: دي ميريت السكرتيرة الجديدة
اردفت بغيرة: وفين السكرتيرة القديمة راحت فين؟ ومقولتيلش ليه انك عينت واحدة جديدة..

إبتسم رغما عنه لاستشعار الغيرة في صوتها فقال: عادي يابوسة موضوع تغيير السكرتيرة لقيته مش مهم فهو لم يرد اخبارها أن ويلما أخذت إجازة لتضع مولدتها فهي أصبحت حساسة بشأن الإنجاب وتأخره بينهم دون سبب
قالت بعصبية: طبعا مقولتش عشان تعيش حياتك براحتك مع السكرتيرة الجديدة..

فرك جبهته بضيق بعد اداركه إنها تمر بإحدى نوباتها الانفعالية زفر بحدة قبل الرد: أنتي عارفة أن كلامك ده مش صح
_ ومادام مش صح خبيت عليا ليه وأعرف أن عندك سكرتيرة جديدة بالصدفة
_ خلاص يابوسة متزعليش نفسك وبعد كده أي حاجة جديدة هتحصل هقولك عليها
قالت بابتسامة هازئة: مفيش أسهل من معلش ومتزعليش نفسك..

ضغط على شفتيه في ضيق ثم قال: طب أيه اللي يريحك دلوقتي
ردت بانفعال: أطردها عايز تريحني أطردها
أغمض عينيه وأبعد الهاتف قليلا قبل أن يتحدث بهدوء ظاهري: هي معملتش حاجة عشان أطردها بس عشانك أنتي وبس هنقلها في فرع تاني مبسوطة كده.

مطت شفتيها قبل أن ترد: مش أوي
أراد أنهاء الحديث الدائر بينهم فقال: سلام دلوقتي عشان مش فاضي وورايا شغل
_ أستنى يازاهر لسه مخلصتش كلام
_ سلام ولما أرجع نبقا نتكلم ثم أغلق السماعة بعنف، أتجه بخطوات غاضبة نحو الباب الجانبي الموجود بغرفة مكتبه وأخذ يكيل اللكمات باتجاه كيس الملاكمة في محاولة لأفراغ شحنة غضبة هتف بحدة غيرتها بقت لا تطاق.

عند بيسان ظلت ممسكة بالهاتف رغم إنتهاء المكالمة وشتى الأفكار تجول في رأسها وأخذت تبحث عن سبب أخفاء زاهر وجود سكرتيرة جديدة، حدثت نفسها بصوت مسموع لن تأتيكي الأجابة وأنتي جالسة هنا
أرتدت ملابسها على عجل ثم خرجت من غرفتها عاقدة العزم لرؤيتها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة