قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الختامي الثاني

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الختامي الثاني

دخلت ضحى إلى مكتبه الموجود في ملحق الفيلا
رأته يتصفح الملف الموضوع أمامه ولم يبالي بها لعدة دقائق
تمتمت بضيق قائلة: السلام عليكم
رفع نظراته من فوق الملف وأشار لها بالجلوس: وعليكم السلام
جلست على الكرسي وساد صمت رهيب بينهم، فاضل لا يريد التحدث مباشرة وهي يقتلها القلق والفضول عن سبب طلبه لرؤيتها
تكلم بهدوء بارد: طبعا عايزه تعرفي أنا عايزك ليه
ردت بابتسامة باهتة: طبعا..

نقر على سطح المكتب باسبابته ثم نظر لها بتمعن: هتكلم معاكي بصراحة ياضحى، إللي متعرفهوش أنا مكنتش موافق على جوازك من أبني بس أعمل أيه وافقت مضطر، وفكرت كتير أعمل أي حاجة عشان يطلقك ويتجوز واحدة تليق بمستوانا بس مراتي وقفت في صفك وحاربتني في الموضوع ده، أها منكرش أن عملت أكتر من حاجة عشان أكتشف مدى أخلاصك لأبني، فلوس وخليت كريم يفتحلك حساب في البنك ومقربتيش منها، راجل وحطيته في طريقك وعرفتي تصديه..

أتسعت عينيها بالذهول: تقصد الواد الممثل
أومأ رأسه بالأيجاب: أيوه هو وكل إللي عملته معاكي أثبتلي أن الفلوس مش تهمك ولا الشكل الحلو بصراحة ملقتش ليكي نقطة ضعف ملقتش فيكي عيب فسكت وقبلت بالأمر الواقع أما دلوقتي الوضع مختلف
وأكمل حديثه بابتسامة ساخرة هخليكي تسيبي كريم وتطلبي الطلاق منه..

نظرت له بصدمة ممزوجة بخوف: أنا مستحيل أطلب الطلاق أنا بحب كريم وكريم بيحبني
تحدث بهدوء: عارف أنك بتحبيه ثم أزاح الملف الموضوع أمامه باتجاهها، الملف ده فيه تقريرك الطبي وكمان نتايج أخر محاولة ليكي للخلفة وأنك مستحيل تخلفي وأنتي لو بتحبيه زي مابتقولي بلاش تحرميه من الخلفة وأنه يبقا أب
ضحى بصرخة متألمة: لدرجادي بتكرهني..

رد بلامبلاة: مش كره أنا بفكر في مصلحة أبني ووريثي لو بتحبيه أطلبي منه الطلاق اطلعي من حياته
ضحى أختنقت بالبكاء وتساقطت الدموع على غير رغبة منها وقالت: مقدرش أعيش من غيره
فاضل بكبرياء وتعجرف: يبقا اللي بتعمليه دلوقتي مش حب ده اسمه أنانية، أخرجي من حياته برضاكي
_مستحيل أطلب الطلاق
أيه كل الجبروت إللي أنت فيه..

_ لو مطلبتيش انتي الطلاق وخرجتي من حياته بهدوء ححول حياتك لجحيم وهأذي أقرب الناس ليكي
أستشاطت غضبا وصرخت: وأنا مش هسكت وهقول لكريم على تهديدك ليا ولأهلي
اردف بصوت قاسي: مش بقولك انتي أنانية في حبك عشان عايزه تدخلي كريم في حرب أنا مصمم على الفوز فيه، عايزه تخليه يقف قصادي وتخليها حرب بينا..

هتفت بألم: أنت مش بتحس بتأنيب الضمير وأنت بتظلمني
فاضل بلهجة هادئة: أنتي اللي بتظلمي أبني بوجودك في حياته مش أنا، لما تمنعيه من أنه يكون أب دلوقتي الخيوط كلها بإيدك إنتي
بصوت خافت مهزوم: حسبي الله ونعم الوكيل
رد بصوت بارد: وقتك إنتهى..

سحبت ضحى قدميها بصعوبة والدنيا تدور بها ولا ترى من كثرة الدموع وصوت فاضل وتهديده يتردد داخل عقلها بقوة.. لم تلاحظ نيروز القادمة باتجاهها
نيروز بقلق: مالك ياضحى
أجابتها بصوت مكتوم: ماليش أنا كويسة
_انتي بتعيطي
_ دي دموع التعب بعد إذنك هطلع اوضتي عشان تعبانة..

نظرت نيروز إلى مغادرتها بشرود وحدثت نفسها ماذا حدث بالداخل مع ضحى وزوجها.. لم تتسائل مع نفسها كثيرا ودلفت بخطوات عازمة إليه
وبمجرد رؤيتها له سألت بحدة: قولت إيه لضحى خلاها تخرج من عندك ماعيطه
تطلع لها فاضل للحظات ثم قال: قولت ليها تسيب ابني
مطت شفتيها بغضب قبل أن ترد: تاني يافاضل..

قال بعنف: انا سكت الأول، دلوقتي لأ مش هسكت لما اعرف انها مستحيل تخلف
عقدت حاجبيها مستنكرة قائلة: أنت اللي بتقول كده انت اكتر واحد عارف إن العلم أتقدم ومفيش حاجة إسمها مستحيل
تحدث بنفاذ صبر: آخر تقرير ليها بيقول الأمل معدوم عندها
سألته بحيرة: تقرير إيه وإزاي وصلك..

نظر أحدهما إلى الآخر ثم قال: واصل ليا إزاي شيء مش هيفيدك بحاجة المهم إللي جوا التقرير إنها نسبة الحمل عندها معدومة، إنتي بقا لسه متمسكة تدافعي عنها بعد ماعرفتي إنك مستحيل تشوفي ولاد إبنك
هتفت بضيق: إللي بتعمله غلط يافاضل أنت ممكن تخسر أبنك باللي هتعمله ده وقبل أن تتحرك ناحية الباب قالت عيد حساباتك ثم تركته مغادرة

بمجرد دخولها مكتب زوجها تأملت السكرتيرة بملامحها الرقيقة وشعرها الأشقر القصير الصبياني كانت الفتاة فاتنة، شعرت بالغضب يمتلكها
سألت ميريت باستغراب: مين حضرتك ودخلتي المكتب إزاي من غير مالأمن يبلغني
ردت بسخرية: بيسان..

نهضت ميريت من مكانها بسرعة وقالت: أنا بعتذر ليكي عن مكالمة التليفون لو كنت أعرف كنت حولتك أنا أسفة مرة تانية وأتمنى تقبلي أسفي
اكتفت بيسان بالصمت ثم قالت ببرود: ممكن ادخل ولا ممنوع
أجابتها بلهجة متوترة: أتفضلي حضرتك هو موجود لوحده
دلفت بيسان بدون الطرق على الباب، تفاجأ زاهر من رؤيتها أمامه، نهض من مكانه
وسألها بنبرة يشوبها القلق: في حاجة يابيسان أنتي كويسة..

ردت ببرود: أيوه كويسة
_ طب أيه إللي جابك في الوقت ده
_ قولت لنفسي أعملك مفاجأة
قال باستيعاب: أه فهمت خلاص سبب الزيارة
زمت شفتيها بغضب: ومادام فهمت، ليه لسه البنت دي في المكتب معاك
تنفس بعمق قبل الرد: أنا وعدتك هجيب واحدة غيرها مع أني هسيب الفرع هنا كمان اسبوع وهخلي مدير جديد يمسك بدالي
تركزت حواسها لسماعه كلامه، أردفت مرددة: هتسيب هتسيب الفرع هنا..

أقترب منها أكثر وهمس برقة: هو أنتي مش كنتي من فترة طلبتي نرجع مصر
أومأت رأسها: أيوه وكنت بحسبك طنشتيني
_ مفيش حاجة تطلبيها مني ومعملهاش ليك حتى السكرتيرة هجيب غيرها مع أني هسيب المكتب كمان كام يوم بس أعمل أيه لما حبيبتي تطلب حاجة لزم أنفذها...

_ مقولتش ليه أننا هنسافر ليه أستنيت كل ده؟
_أنا كنت بظبط الأوضاع وأشوف أحسن واحد في الشركة يمسك بدالي، وكنت عايزه أعملها ليكي مفاجأة بس أعمل أيه في غيرتك إللي بوظتلي مفاجئتي
تمتمت بأسف: خلاص بقا متزعلش مني، ماأنت عارف أني بغير عليك أوي
قال برقة: وأنا بحبك وبغير عليكي.. بس حاولي تقللي من غيرتك وعصبيتك شوية
أجابتها بنصف إبتسامة: ححاول

بمجرد أن تلقى أتصال والداته ترك مابيده من أشغال لكي يكون معاها
دلف إلى غرفة نومهم بسرعة، خفق صدره بقوة، تبكي رأها تبكي
أنصدمت من دخوله المفاجىء، أدارت رأسها لكي لا يرها هكذا وبكف يديها مسحت دموعها بسرعة
أقترب منها في هدوء وجذبها برقة لكي تنهض ضمها في حضنه وربت على شعرها بحنان، أغمضت عينيها غمرت وجهها أكثر في صدره مستسلمة للمساته وبعد فترة من الصمت رفع رأسها ونظر لها بحب ومرر أصبعه برقة على خدها قائلا: كنتي بتعيطي ليه..

همست بصوت مبحوح: أبدا مكنتش بعيط
قال وهو يشبك قبضة يده على يديها: بس أنا عارف كنتي بتعيطي ليه، زعلانة من تهديد بابا ليكي
سألت باستغراب: وأنت عرفت إزاي
_ماما اتصلت بيا وحكت ليا على إللي حصل النهاردة واللي حصل زمان
زعلان من نفسي أوي عشان مكنتش موجود معاكي أدافع عنك...

همست بألم: بس هو عنده حق حرام امنعك تكون أب، يكون ليك ابن لما تكبر يقف جمبك ومعاك
شدد قبضته أكثر عليها ثم قال: كفاية عليا أن أيدي في أيدك، مش عايز شيء من دنيتي غيرك إنتي، مش عايز أطفال كفاية وجودك في حياتي
نظرت له بحزن: أنا مش عايزه أكون السبب في الحرب بينكم مش عايز أكون السبب في حرمانك من حقك..

أبتسم برقة قائلا: متخافيش عليا أنا مش ضعيف وورايا رجالة وكمان نيروز، أنا اتفقت مع ماما إني هسيب البلد هنا واستقر أنا وانتي في مصر
تمتمت بخفوت: مش عايزه يجي يوم وتندم
نظر لها برقة مرددا: بحبك بحبك بحبك، لا يهمني مال ولا جاه انتي وبس اللي تهمني إنتي وحدك تكفيني إنتي عالمي ودنياي، أسكن فيكي وتسكتين في.. ولو على الأطفال ممكن نكفل طفل عشان تكوني سعيدة
انهمرت دموع سعادتها على وجنتيها فضمها أكثر إلى حضنه في صمت

هذا الوقت المفضل له في اليوم وهو الجلوس مع أطفاله وزوجته في حديقة المنزل، ركض الصغيرين حولهم بمرح وبين التارة والأخرى كان يختلس النظر لها وهي مندمجة في الكتاب التي تقرأه
هتف وليد: ألعب معانا يابابا
أكنان بابتسامة: هنلعب إيه
غمز وليد إلى إياد ثم قال: لعبة جديدة ومحتاجة ماما معانا..

قال أكنان: مادام اللعبة فيها ماما طبعا موافق ومش عايز اعرف لعبة إيه
زهرة برفض: بعدين ياوليد هلعب معاكم بعدين
نظر وليد لها برجاء ولمعت الدموع في عينيه، أما إياد فلم يفوت الفرصة عندما رأى ترددها لرؤية الدموع في عيون توأمه: ألعبي معانا شوية
اردفت باستسلام: حاضر
صفق كلا الصغيرين بمرح ثم قال إياد: وعد هتلعبي معانا..

أومأت رأسها: وعد قول بقا هنلعب عسكر وحرامية ولا استغماية ولا لعبة الحروف
رأت إياد يغمز إلى وليد ثم أجابها بابتسامة: ولا حاجة من دول دي لعبة جديدة أول مرة هنلعبها
أبتسمت له ثم أردفت قائلة: مش مستريحة ليكم أنتم الأتنين، ياترى لعبة أيه إللي بتخططو عليها
رد وليد بمرح: لعبة سهلة أوي.. بصي ياستي ماما بص ياسي بابا، أحنا هنمثل..

تابع إياد الكلام: وليد هيبقا السلطان وأنا رئيس الجيش وبابا الوزير وأما أنتي هتكوني الجارية اللي هشتريها
فغرت زهرة شفتيها مشدوهة من كلامه: هي دي بقا لعبتكم اللي عايزني العبها معاكم
قاطعها أياد بابتسامة برئية في الظاهر: أحنا أخدنا وعد منك صح ولا مش صح
تنهدت قائلة: موافقة يلا بينا نلعب
همس أكنان الى كلا الطفلين: أنا هقوم بدور السلطان موافقين
وليد باستنكار: أنا السلطان..

لكزه إياد في جانبه: أستنى شوية أنا إللي أديتك دور السلطان صح
أومأ وليد رأسه الموافقة، يبقا تسمع هقول أيه ثم نظر إلى والده قائلا بخفوت، خلاص أنت بقيت السلطان بس متنساش الرحلة إللي قولتلك عليها وأنت رفضت
نظر إلى صغيره بذهول: العقل ده جبته منين؟
_منك يامان نقول موافق
_ موافق
قاطعتهم زهرة: بتتكلمو بصوت واطي ليه؟

نظر لها إياد ببرائة قائلا: بنعيد توزيع الأدوار بابا السلطان ووليد الوزير وأنا رئيس الجيش وأنتي الجارية
وزعت نظراتها عليهم بضيق ثم وجهت حديثها للصغيرين: لولا إني وعدتكم كان زماني قولت لأ
هتف وليد بسعادة: يلا يابابا أبتدي اللعب
وقف أكنان مرفوع الرأس ثابت في مكانه كما يليق بوقوف السلطان ثم هتف بصوت مجلجل: جهزلي موكب الصيد أيها الوزير وأنت ياقائد الجيش وظيفتك تأمين رحلة الصيد..

وليد وأياد في وقت واحد: سمعا وطاعا ياسلطاني
مرت ثواني من الصمت قاطعها تصفيق أياد: أنتهيت سلطاني
بعدها صفق وليد: وأنا أيضا
بدأ وليد وأياد الدق فوق الطاولة: أنفخو الأبواق فموكب السلطان سينطلق الأن
وفجأ قفز وليد بجانب أكنان صائحا: أبتعدي يافتاة عن موكب السلطان..

رأت زهرة الغمزات المتبادلة بين أياد وأكنان الذي قال: أريدها ياوزير وغمز بإحدى حاجبيه إلى زهرة.. فهي أصطادت قلبي ولبي من أول نظرة، أشتري ياوزير تلك الجارية وأجلبها لي
_ أمرك سلطاني ثم ذهب اليها، هيا يافتاة معي فقد أشتريتك من أجل السلطان..

نظرت إلى الجميع بغيظ فقد جعلوها في لعبتهم جارية تباع وتشترى وأيضا نظرات أكنان لها أصبحت مختلفة وعندما ظلت واقفة في مكانها همس أياد برجاء: أرجوكي ماما لا تفسدي اللعبة
أومأت رأسها باستسلام: حاضر
صفق أياد: الجارية التى طلبتها..

هتف أكنان بصوت عال: ياوزير.. ياقائد الجيش أخبرو الشعب وأدعو ملوك وأمراء البلاد لحضور حفل زفافي، علقو الزينات وأقيمو الأفراح
مرت ثواني من الصمت قاطعها تصفيق أياد ووليد أياد: أنتهينا وتم تعليق الزينة وأقمنا الأفراح
وليد: دعوت كل الملوك والأمراء الى حفل الزفاف
أخذ أياد يقلد صوت النفير ووليد أخذ يدق فوق الطاولة معلن: والأن يبدأ حفل الزفاف برقصة العروسين..

حاولت الاعتراض الإبتعاد عنه لكنها بمجرد النظر له تاهت في نظرات عينيه، وبدون النطق بأي كلمة مد يده الى يديها في بطء وأمسك بها ثم رفعها ولثمها بخفة، أحمرت وجنتها ونظرت للأرض بخجل، حوطها بذراعيه وضغط بجسده على جسدها وبيده اليسرى أمسك يديها وأبتدت أولى حركاتهم الراقصة، حاولت الهروب لكنها لم تستطع استسلمت لنظراته توقفت عن الهروب وحدثت نفسها أتركي روحك بين يديه واستمتعي فالعمر مجرد أيام...
كانت ناعمة رقيقة وكأنما أمسك ملاك بين يديه رقصا ورقصا أنفصلا عن العالم..

شعر إنه سيد هذا الكون، أصبح كاملا معاها لا حياة له بدونها، نظر إلى وجهها وإلى شجرة الورد بجوارها هناك في وجهها وحمرته الخجولة ورد من نوع خاص، ظل ناظرا إلى عينيها لا يجد مايقوله أكتفى بالنظر إليها، الحديث أصبح لا فائدة منه
تم مقاطعتهم من قبل الصغيرين، هتف وليد وإياد في وقت واحد: الووووووو
مازال تائها بها لم يسمع صراخهم بأن يتركها
أصبحت وطنا له..

اخترق الصغيرين رقصتهم فهما تم تجاهلهم ووقفا في المنتصف بينهم، تحدث وليد بضيق: احنا فين في اللعبة
سرعان مافاقت لنفسها وانكسرت الهالة السحرية التي جمعتهم، نظرت إلى إبنها قائلة: نعم ياوليد
زم شفتيه بغضب: عمال انادي انا وإياد وأنتو مش سمعينا أنا زعلان
رفعته ثم احتضنته بحب وقبلته على وجنتيه وتحدثت بلهجة رقيقة: متزعلش مني..

مسح قبلتها من على وجنتيه وارتسم الغضب على وجهه ثم قال: نزليني دلوقتي العيال هما اللي بيتشالو ويتحضنو وبس وأنا بقيت راجل
نظرت له بذهول وفي اللحظة التالية ضحكت من قلبها واحتضنته وهي تقول: طبعا راجل وأحلى راجل صغير شوفته في حياتي وأخذت تقبله وهي تضحك حبيبي كبر..

هتف وليد: بلاش بوس كفاية ونزليني بقا
وقف أكنان في مكانه صامت يستمتع بكل مافيها ضحكتها وصوتها، مجرد ضحكتها ترفعه إلى السماء السابعة وتطوف به الكون
قاطع هيامه وتحديقه فيها صوت صياح وليد المستنجد: الحقني يابابا خليها تبطل بوس وتنزلني
رد بابتسامة ماكرة: يارتني كنت مكانك..

أجابه بلهجة برئية: وأنا موافق نزلني وتعالى خد مكاني
لم يترك إياد الوضع هكذا دون وضع لمسته الماكرة فقال: عجبي على الرجالة اللي عايزه تصغر
بمجرد أن وضع وليد قدمه على الأرض صاح: أناااا جعان
اتسعت عينيها من ردودهم الغير متوقعة وغرابة الحوار ثم انفجرت ضاحكة حتى شاركها الضحك خفتت الضحكات ثم ساد الهدوء بينهم، اكتفت بالنظر إليه وفي داخلها مشاعر تتضارب كأمواج البحر الصارخة، بسط لها ذراعيه في صمت يريدها أن تأخذ الخطوة الأولى وتحت نظراته الحانية مدت يديها بتردد فأمسكها بسرعة وضغط على اصابعها برقة وقال بنبرة مليئة بالعواطف: يلا بينا ندخل جوا.

بعد مرور عدة أشهر
عبق الجو بشذى الورود وأصوات العصافير المغردة وفي ضوء النهار بدت الزهور البيضاء أشد بياضا والحمراء أكثر احمرار
لاحظت بيسان طائر كناري جاثما فوق أحد الأزهار
همست بانبهار: بقالي زمان مشوفتش كناري، المكان هنا روعة يازهرة عندك موهوبة تجنن في التصميم
ردت والابتسامة تزين شفتيها: مبسوطة إنها عجبتك..

اردفت بيسان بحماس: أيه رأيك تصممي الجنينة عندي
أومأت زهرة رأسها بالموافقه: طبعا موافقة ثم تطلعت إلى ضحى لاحظت شرودها، ضربتها على كتفها برقة ممازحة، الجميل بيفكر في إيه
زمت شفتيها وهي ترد: بفكر في حاجات كتير
سألت بيسان بفضول: وإيه هي الحاجات الكتير..

تشكلت أبتسامة متحمسة على شفتيها قائلة: بفكر أفتح مركز للأطفال هيبقا شامل من كله تعليم يحفظو القراءن ويتعلمو الفنون ويمارسو رياضة عشان يطلع منه شباب مسئولة وبعد كده نفسي أعمل مركز ثقافي ومركز طبي عشان الجيل إللي يطلع من مركز الأطفال هما إللي يشتغلو فيه وهفتح مشغل للملابس وهخلي ناريمان تمسكه..

صفرت زهرة بأعجاب: وأنا معاكي طبعا
سألتها بيسان: ناريمان دي البنت إللي حيكتلي عنها صح إللي كنت هتموت لما حاولت تهربك
أومأت رأسها بالموافقة: هي
ردت عليها بابستامة خفيفة: بنت جدعة وتستاهل كل خير، بس ليه دلوقتي؟ ليه فكرتي في الخدمات دي دلوقتي؟

تحدثت ضحى بشرود: بصراحة مكنش على بالي أعمل أي مشروع خيري.. بس لما قابلت ناريمان وشوفت أد أيه هي سعيدة في حياتها مع جوزها وولادها، بسبب حاجة بسيطة بابا عاملها كانت السبب في سعادة بنأدم عمل خير مكلفهوش حاجة يدوب وفر ليها شغل ومكان تعيش فيه، بقيت بفكر أعمل أي خير بقيت بفكر أسعد الناس.. لما رجعت من أمريكا كانت نفسيتي مدمرة بسبب فاضل وحربه مع أبنه عشان يطلقني بسبب أني مش بخلف، مكنتش متخيلة لما أتقابلت معاكي أول مرة يابيسان أننا هنكون أكتر من الأخوات خلال فترة قصيرة ولقيت نفسي بحكي ليكي تاريخ حياتي وجودكم معايا ساعدني أوي أنتي وزهرة أعدي مرحلة صعبة في حياتي، بقيت متصالحة مع نفسي وبقى عندي إيمان أن مفيش حاجة مستحيلة وفي أمل..

لمعت عيناها تأثرا وهي تقول: وأنا كمان لما رجعت من برا كنت مهزوزة ونفسيتي مدمرة وكنت هدمر جوازي وجودكم في حياتي وفضفضتنا لمشاكل مع بعض فرق كتير معايا وخلاني متصالحة مع نفسي وبقيت أتصل بصفية كل فترة ودلوقتي العلاقات حلوة بس من بعيد لبعيد، لسه جزء جوايا صغير مش قادر ينسى أنها السبب في عذابي وأني فضلت أكتر من سنة أتعذب بسبب عجزي عن الحمل مرة تانية..

تدخلت زهرة في الحوار: سيبكم من إللي فات وخلونا في النهادرة وحلاوة اليوم والجو النهاردة
بيسان وضحى في وقت واحد: عندك حق خلينا في النهاردة
أمالت زهرة رأسها إلى الخلف قليلا وأخذت تنظر إلى حديقتها الرائعة المزينة بأزاهارها الخاصة وأطفالها وهم يقومون بسقيها بالماء وقطهها يحومون حولهم..

أنحنو إلى الوراء في كراسيهن وكل واحدة ممسكة بكوب من العصير يشاهدون أزواجهم وهم يلعبون كرة السلة
نظرة لهم ضحى بنصف ابتسامة: بصو هقولكم سر بس ميطلعش عن القعدة دي عايزه أخليها مفاجأة لكيمو حبيبي، بدأت تفرك أصابع يديها وطال الصمت دون أن تنبث بكلمة..

توسلت زهرة: شوقتيني وسكتي قولي بسرعة سر أيه
لوحت بيسان بكوبها ثم قالت: قولي ياضحى
ضغطت بأسنانها على شفتيها ثم تنفست بعمق قائلة: هقولكم، فاكرين لما قولتلكم أنا علطول عندي مغص وقولتو ليا أروح أكشف
بيسان وزهرة في وقت واحد: ايوه..

_ أنا روحت كشفت أمبارح والتحاليل نتيجتها طلعت وأول ما الدكتورة بتاعتي وصلها النتايج أتصلت بيا قبل ماأجي هنا علطول
زهرة بلهجة متوترة: تعبتي أعصابي ياضحى قولي التحاليل بتقول أيه
فركت يديها بسرعة وازدرت ريقها بصعوبة وقالت: أنا حامل المستحيل أتحقق.. ربنا أستجاب لدعواتي وبقيت حامل بعد مالطب قال مفيش أمل.

اعتدلت زهرة بحدة في جلستها فكادت تقع: حامل ياضحى
أومأت رأسها والدموع تلمع في عيناها: أيوه حامل في شهر
همست بيسان: وأنا كمان حامل في شهر وكنت عايزه اعملها مفاجأة ليكم مبروك ياضحى
ضحكت زهرة وقالت: وأنا كمان حامل
حدقو في بعضهم بعيون متسعة وأفواه فاغرة من الصدمة: كلنا مع بعض وكمان في نفس الشهر
أحتضنو بعض وتعالت ضحكاتهم وأنهمرت دموع سعادتهم.

وعلى الجهة الأخرى توقفو عن اللعب ينظرون إلى زوجاتهم
سأل كريم بفضول: ياترى بيضحكو على أيه
رد زاهر بحيرة: شكلهم مريب وهما بيضحكو.. ده ضحك ولا عياط
أستغل أكنان شرودهم وقام بتسجيل هدف في السلة وهتف بانتصار: كسبت..

تحدث كريم بضيق: أنتهازي هو أنت مش قلقان على ضحكهم وجرعة الحب اللي نزلت عليهم
نظر أكنان إلى زوجته تأملها للحظات وهو يرى سعادتها وارتسمت تعابير مبتسمة على وجهه ثم التفت لهم قائلا: كفاية عليا أشوف ابتسامتها وأكيد هعرف سبب ضحكهم بس بعدين لما يتقفل علينا باب واحد
ثم ملئت قهقهات الرجال المكان.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة