قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الأول للكاتبة سلمى محمد الفصل الأول

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الأول بقلم سلمى محمد

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الاول للكاتبة سلمى محمد الفصل الأول

شعرت بالإختناق وهي ترتدي ملابس العمل، أصبح الوضع لا يطاق، فمنذ مجيء بسام وهو لا يتوقف عن السخرية منها والحط من قيمتها، تنهدت بعجز ثم جالت بعينيها في المكان، هنا شعرت بالراحة والأمان ولكن الآن أصبح أمانها مهدد بسببه، هذا المقهى أصبح منزلها الثاني فمقهى الزنبقة السوداء يمتاز بالطابع الأسري والبساطة.

مميز بتقديم أجود أنواع القهوة وواجبات الإفطار المميزة ومن خلال الشبابيك يستطيع الزبائن رؤية البحر ومياه الصافية الممتدة إلي ما لا نهاية، منظر يدعو الي السلام والهدوء الداخلي، نظرة زهرة إلى الخارج تتأمل البحر وامواجه المتلاطمة التي تنبئ السكان بأن النوة في ذروتها، حاولت استعادة هدوئها، أخذت نفس عميق تحاول قدر المستطاع استنشاق رائحة البحر المميزة هذه الرائحة الشافية الآتيه عبر نسمات الهواء ثم نظرت إلى ساعتها وجدتها الساعة الثامنة، فقد حان موعد فتح المقهى، نظرت حولها فلم ترى كابوسها بسام وسماح فقد تأخرا كالمعتاد.

زهرة... يازهرة... نادت عليها شهيرة مالكة المكان فهي سيدة عجوز أرملة طيبة القلب تعامل زهرة جيدا، هي الوحيدة التي جعلتها تعمل لديها بعد شهور من عذاب البحث عن وظيفة، لم تطلب منها مؤهل عالي كباقي الوظائف فهي لا تملك سوى شهادة الثانوية العامة.
ردت زهرة:
-نعم يامدام شهيرة
-الكافية متحطتش عليه يافطة مفتوح لحد دلوقتي ليه.
أجابتها بتردد:
-أصل بسام ودعاء لسه مجوش يامدام
ردت عليها بحدة:
-لما يجي بسام ودعاء خليهم يدخلولي المكتب علطول، الكافية هنا ليه مواعيد ثابته مش تكيه سايبه ملهاش حاكم.

ظلت واقفة في مكانها صامته، لا تعرف ماذا تقول أو تفعل وعندما رأت بدايه احمرار وجهها أردفت مهدئة بلاش أنفعال عشان صحتك، أنا هروح دلوقتي أحط اليافطة بنفسي.
تكلمت شهيرة بغضب:
-أومال أنا مشغلاه ليه، أنا مش عارفة مستحملاه ليه لحد دلوقتي وهو والزفتة اللي ما تتسمى.
ردت عليها بهدوء بهدوء:
-عشان قلبك الطيب
ما هو قلبي الطيب ده هيضيع مني الكافية الديون اتركمت عليه والقرض إللي قدمت عليه اترفض.

أن شاء الله هتتحل من عنده.
وضعت شهيرة يديها على رأسها مرة واحدة ثم أخرجت أنين متألم
سألتها زهرة بقلق:
-مالك يامادام.
ردت عليها وهي تحرك رأسها:
-الصداع جالي تاني
قالت زهرة مترجية:
-متسكتيش على نفسك أكتر من كده وروحي أكشفي، الصداع بقا بيجيلك باستمرار.

هبقا اروح أكشف
ما هو كل مرة تقوليلي كده وتطنشي ومش بتروحي
شهيرة بحدة بسيطة: خلاص يازهرة بقولك بعدين
لم ترد الألحاح عليها فقالت بهدوء:
-خلاص إللي يريحك، روحي على مكتبك استريحي شوية وأنا هجبلك كوبايه مية وحاجة للصداع
قبل أن تتركها قالت:
-متزعليش مني يازهرة لو انفعلت عليكي
إبتسمت لها زهرة إبتسامة حقيقية نابعة من القلب: وأنا عمري ماهزعل منك مداك.

بمجرد ذهاب شهيرة، أتجهت لكي تضع يافطة مفتوح على باب المقهى، ثم ذهبت بعدها مباشرة لكي تعد كوب من القهوة للسيدة شهيرة، عندما خرجت من مكتبها سمعت صوت إغلاق باب المقهى مصاحبًا لدخول كلا من بسام وسماح مسرعين.
سماح سألت وهي تتنفس بحدة:
-إيه الأخبار؟

أجابتها مترددة:
-المدام سألت عليكم أنتم الأتنين
بسام سألها بغلظة:
-وردك كان إيه يابومة
بلهجة يشوبها الغضب:
-أسمي زهرة لو سمحت وقولت ليها على فكرة إنكم لسه مجتوش وعايزكم عندها في المكتب
ضحك بسخرية ونظر لها بقرف:
-البومة طلعلها صوت وفين الزهرة دي أنا مش شايف قصادي أيتوها زهرة، كل إللي شايفه بومه بشعر أسود أكرت.
شاركته سماح الضحك:
-خلاص بقا يابسام مش كل يوم كده هتسمعها نفس الكلمتين، المرة الجاية غير موشح التريقة.

أجابها بضحكة عالية:
-خلاص هقولها من يوم ورايح يازمل.
لمعت عيناها بالدموع:
-حرام عليكم بلاش تريقة
قال بسام بسخرية:
-الأخ طلع بيحس ياسماح وأنا إللي كنت بحسبه جبلة معندهوش دم
في محاولة بائسة منها للمقاومة وبلهجة تحاول جعلها ثابتة:
-أنا اسمي زهرة
بسام قال باستهزاء:
-نعم يأخ زهرة
سماح بسخرية:
-كفاية يابسام النهاردة ورانا شغل ويدوب نلحق نغير هدومنا قبل مالمدام تسأل علينا تاني
رد عليها بسام بابتسامة:
-أعمل إيه بس ياسوسو ما هو شكلها إللي بيستفزني.

ردت عليه سماح بدلع:
-هنتأخر كده على الشغل وكفاية لحد كده تأخير بدل مالمدام تخصم لينا من المرتب
بسام بابتسامة:
-عندك حق ياسوسو يلا بينا
أنصرف كلاهما تاركين زهرة في بؤسها تحاول كبت دموعها والسيطرة على تماسك اعصابها
وبعد ارتداء كل من بسام وسماح الزي الخاص بالمقهى، توجه كلاهما إلى مكتب السيدة شهيرة
فتح باب المقهى نبئ بقدوم زبائن جدد، هندمت زهرة ملابسها وثبتت نظارتها ومررت أصابع يديها على شعرها في محاولة يائسة لإرجاع الخصل الشاردة لمكانها الطبيعي ثم تنفست بعمق وأخرجت الزفير ببطء وهي تقوم بالعد واحد... اثنين... ثلاثة.

مدت أصابع يديها فوق الطاولة لالتقاط قائمة المقهى وخرجت من مكانها متوجهة للخارج لتخدم الزبائن، تسمرت في مكانها تتأمل القادم،فهي لم تعتاد على رؤية هذا النوع من البشر، هذا النوع الذي تراه على أغلفة مجلات الموضة أو أغلفة أحد الروايات الرومانسية يكون البطل فيها شديد الوسامة لدرجة إنك تكلم نفسك قائلا هل هو شخص من لحم ودم موجود في الحقيقة، هل سيأتي اليوم وترى هذا النوع من البشر، لم تصدق زهرة عينيها فقامت بمسح زجاج نظارتها ونظرت لهم مرة أخرى تتأمل كل تفصيلة، مظهرهم يدل على انتمائهم لوسط الاغنياء من طريقة مشيتهم الارستقراطية، من ملابسهم فهما يرتديان بدل سوداء شكلها يدل على إنها من أجود وأغلى الأنواع، أحد الرجلين يرتدي نظارة شمسية، يبدو أصغر من الراجل الآخر ببعض سنوات.

الراجل الأصغر قال بضيق:
-الواحد كده هيتأخر، ودي هتكون أول مرة أتأخر على ميعاد صفقة طول حياتى، وضرب بكف يده على الطاولة بعنف
الراجل الأخر قال بنبرة هادئة:
-اتحكم في غضبك ياأكنان، إحنا في مكان عام، والتأخير شئ غصب عنك وعني، الجو والعاصفة إللي في الشارع أجبرونا على التأخير، الهوا كان هو إللي بيحرك العربية، غير الشجرة إللي وقعت في نص الطريق وسدت الشارع.
رد عليه بغضب:
-مش أنا إللي حاجة تقف قصادي وتعطلني عن حاجة عايزه.
أجابه بهدوء:
-إلا الطبيعة دي الحاجة الوحيدة إللي بعيد عن سيطرة أي بنأدم.

لم يرد عليه والتزم الصمت، لايريد الجدال معاه، فهو صديقه المقرب وحارسه الشخصي، وبمثابة الأخ الأكبر الذي لم يحظى بيه، زاهر بالنسبة له الحامي والأب الحنون بالرغم من عدم وجود فارق سني كبير بينهم، لم يعرف سواه صديق منذ طفولته، أسرة زاهر كنت تعمل لدى عائلة نجم، فهو شب على وجود زاهر بجواره دائما والدفاع عنه في كل الأوقات، مر بطفولة قاسية، كان طفل هذيل الجسد يتعرض للتنمر من عائلته، من زملائه، كان الأغنى بين جميع الأطفال في المدرسة وكان هذا أحد اسباب تنمرهم بالإضافة إلى بنيته الضعيفة، زاهر لم يتركه وعلمه فنون الدفاع عن النفس وممارسة الرياضة منذ أن كان طفل حتى أمتلك بنيه جسدية ضخمة يحسدها عليه العديد من الرجال، حتى أصبح اليوم الملقب بالقاسي في وسط رجال الأعمال، لا يعرف الرحمة أبدًا مع منافسه.

سأل زاهر مقاطعا صمت أكنان:
-هتطلب فطار وقهوة ولا قهوة بس.
نظر أكنان بقرف للمكان هامسا بغضب مكتوم:
-أنا قاسي جاه الوقت واقعد في مكان بيئة زي ده.
أرتسمت على وجهه شبح ابتسامة:
-بالعكس المكان بسيط وشيك.
قال أكنان بضيق:
-مش عايز حاجة ثم أمسك هاتفه وقام بالإتصال بسكرتيرته الخاصة.

أقتربت منهم زهرة قائلة بهدوء:
-طلبات حضراتكم، ثم أعطت زاهر قائمة المقهى، أكملت بلهجة عملية، في عندنا القهوة بجميع أنواعها، وكمان أشهى وأطيب أصناف الفطار.
زاهر وضع القائمة على الطاولة دون النظر فيها:
-عايز أتنين أسبريسو
ردت زهرة بابتسامة:
-حاضر يافندم، دقايق والطلب يكون جاهز عندك، الكافيه هنا بيقدم أحسن قهوة أسبريسو، هنا بنعمل البن طازة
أكتفى زاهر بابتسامة مع هزة رأس، لتنصرف بعدها مباشرة متجهة ناحية ماكينة أعداد البن، لتقوم بطحن حبوب البن تحت أنظار زاهر متتبع طريقة أعدادها مشروبهم الخاص.

أنتهت من أعداد القهوة ووضعتهم في الفناجين المخصصة للزبائن المميزين، ثم أتجهت الى الطاولة
قالت بابتسامة: الاسبريسو أنا متأكده أنه هينول رضاكم، لو في أي ملاحظة بخصوص الاسبريسو، أتمنى من حضرتك تقول عشان نتلافها في المستقبل.
كان أكنان منمدج في المكالمة لم يبالي بالرد تاركًا إيه على زاهر.
أجابها زاهر باختصار:
-تمام.

لتنصرف زهرة محدثة نفسها، أيه كمية التلج دي، كل اللى هان عليه يقولي تمام مش عارف يقول جملة مفيدة، والتاني مهنش يرفع راسه، هما الناس الأغنية باين عليهم بخله حتى في الكلام.

غزت رائحة مميزة مركز الشم لديه، رائحة أدمانه، نعم أدمانه، القهوة الاسبريسو كالإدمان بالنسبة له، بدون فنجان قهوته يكون خارج السيطرة وشديد الانفعال، أنهى مكالمته بدون مقدمات، ليري فنجان قهوة أمامه مباشره وأيضا فنجان آخر أمام زاهر، الذي تجاهل نظراته الغاضبة له لعدم تنفيذه أوامره، يعرف أكنان جيدآ فهو يبغض من يتجاهل كلامه يجعل أيامه جحيم مع الجميع إلا هو، أرتشف زاهر عدة رشفات من قهوته قائلا بتلذذ:مش هتندم لو شربت من القهوة، جرب وعلى ضمانتي.

قال بضيق:
-ماشي يازاهر، لولا غلاوتك عندي مكنتش عديت الموقف ده أبدا.
رد زاهر عليه بابتسامة:
-عارف جرب القهوة مش هتندم.
أمسك أكنان الفنجان فرائحته الذكيه اجتذبت حواسه، ارتشف رشفة واحدة وأخذ يحركها داخل فمه ببطء شديد، ليعلن مركز التذوق داخل فمه احساسه بالمتعة.

زاهر سألها بفضول:
-ايه رأيك عاجبك صح
رد بلامبلاة:
-مش بطال، هو يتكلم نظر إلى الخارج، ليقول مباشرة يلا بينا الجو شكله اتحسن.
غادر كلاهما بعد ترك فلوس الفاتورة وبقشيش خيالي.

بعد خروجهم اقتربت زهرة من الطاولة ووجدت عليها الف جنيه، نظرت إلى المبلغ بصدمة، ألف جنيه مرة واحدة، هذا المبلغ كفيل بتغطية مصاريف البيت لأكثر من اسبوع، أخذت البقشيش ووضعته داخل جيبها، فهي ترتدي دائما ملابس واسعة تسهل عليها التحرك براحة وسرعة، ولابد من احتوائها على جيوب واسعة لتضع فيها اشيائها الخاصة، لأنها تكره حمل الشنط، بسبب تجربة مريرة مرت بيها إصابتها بعقدة نفسية من حملها، فاستبدلت الشنطة بالجيوب الموجودة في ملابسها.

بعد الانتهاء من ترتيب الطاولة وأخذ الفناجين الفارغة، نظرت حولها للبحث عن سماح لم تراها، فالمفروض أنها تقوم بمساعدتها، فهناك طاولة أخرى عليها زبائن لم يتم أخذ طلباتهم حتى الآن، ذهبت إليهم زهرة وهي تشعر بالضيق من إهمال سماح لوظيفتها وتحمليها أعباء الخدمة بمفردها وبعد أخذها الطلبات وإحضار ما تم طلبه، ذهبت للبحث عنها، لم تجدها في أي مكان ولكن عندما مرت بغرفة تغيير الملابس، سمعت تأوهات خافتة تصدر من الداخل، وضعت أذنها على الباب في محاولة منها لفهم مايحدث، تسرب الشك إلى قلبها... فقامت بفتح الباب مرة واحدة، لترى سماح بين أحضان بسام يرتكبان فعل من المحرمات وضعت زهرة كف يديها على فمها ناظرة لهم برعب، ألتفتا إليها الإثنين بصدمة، سماح لم تستطع، تصرف بسام سريعا، هندم ملابسه ثم أغلق الباب عليهم، قائلا بأنفاس مضطربة: -البسي هدومك بسرعة.

أقترب من زهرة ناظرا له بتهديد:
-بؤك ده لو اتفتح باللي شوفتيه عينيكي مش هتشوف النور فاهمة ولا مش فاهمة، عندما ظلت صامته أمسك كلتا كتفيها وهزها بعنف شديد لدرجة أن رأسها اصطدم بالباب.
ردد قائلا بلهجة تحمل تهديد فعلي:
-بؤك ميتفتحش ولو كلمة اتقالت هنا ولا هنا باللي شوفتيه، هخلص عليكي.
ردت بصوت متقطع من شدة الألم والخوف:
-مفهوم مفهوم سبني أخرج.
فتح الباب متحدثا بغلظة:
-أخرجي.

هرولت مسرعة بعيدا عنه، ذهبت إلى ركنها الخاص وتركت العنان لدموعها، محدثة نفسها إنتي السبب أيه إللي دخلك... أهو فضولك وقعك مع إللي ميرحمش... طب أعمل أيه دلوقتي... الشغل ومقدرش اسيبه مليش غير المكان هنا وكفاية عليا معاملة الست شهيرة أنا مقدرش اسيبها لوحدها، ومقدرش اقول للمدام على إللي شوفته، بعدين للمصيبة اللي وقعتي فيها نفسك، مفيش غير حل واحد أنك تسكتي وتنسي إللي حصل وكأنك مشوفتيش حاجة.

وفي داخل الشركة الفرعية لمجموعة شركاته، بمجرد وضع أول قدم ليه في مدخل الشركة جميع الموظفين وقفو له ترحيبًا حتى وصل إلى الطرقة المؤدية لمكتبه الرئيسي، ليقف أيضا الجميع وكل واحد فيهم قام بإلقاء السلام، وهو أكتفي بهزة خفيفة من رأسه، وقبل دخوله المكتب لفت انتباهه موظفة جديدة ترتدي جيب قصيره وبلوزة تلتصق بجسدها وبمجرد رؤيتها له إبتسمت له بإغراء.

سأل أكنان:
-مين دي وأشار بأبهامه تجاهها.
قالت الفتاة بابتسامة:
-أااانا.
إنتي تخرسي حدثها أكنان بقسوة.
زاهر رد بهدوء وهو ينظر للفتاة:
-مساعدة السكرتيرة الجديدة
تحدث ببرود:
-تترفد مش عايز أشوف وشها هنا ثم دلف داخل مكتبه، مرددًا بضيق هو الواحد مش هيرتاح بقا من الأشكال دي.

الفتاة بصدمة:
-ليه هو أنا عملت إيه.
زاهر بلامبلاة:
-سمعتي أكنان بيه قال أيه لمي حاجتك ومع السلامة.
قالت له بتوسل:
-انا معملتش حاجة، مش عايزه اترفد.
تحدث بحدة:
-قدمي استقالتك في شئون العاملين ووشك ميتشفش هنا تاني، دخل هو الأخر إلى مكتب أكنان دون أن يبالى بدموعها وتوسلاتها
بمجرد رؤيته لزاهر قال له بغضب:
-مين شغل البت إللي برا.

رد زاهر:
-أنا وقبل ماتقول الكلام إللي أنا عارف هتقوله، البنت لما عملت معاها المقابلة مكنتش كده خالص، دي اتحولت لما عرفت إنها هتشتغل مساعدة السكرتيرة الخاصة عندك، كمل كلامه مبتسما، ليك تأثير مدمر.
زجره أكنان بحدة:
-وكمان بتضحك، إللي حصل النهاردة ميتكررش تاني، وياريت تاخد بالك اكتر المرة جاية.
زاهر بابتسامة:
-تمام وهبقا أبلغ كمان ممنوع اللبس الملفت وغمز بعينيه، وكمان ممنوع النظرات الخاصة.

زفر بضيق:
-احسن كده وياريت تتحط بنود ضمن العقد، رن هاتفه الخاص أخرجه من جيبه ثم قام بالرد، واحشتيني إنتي كمان يابيسان، مرت على وجه زاهر شتى الإنفعالات وهو يسمع ضحكات أكنان ونطق إسمها بدفء.
زاهر خرج صوته حاد:
-هخرج ياأكنان في كام حاجة مهمة هعملها.
أشار له بيديه بمعنى نعم وهو مازال يتكلم على الهاتف.

خرج زاهر وهو يشعر بألم بشع داخل قلبه بمجرد سماعه إسمها، خبط بكلتا يديها على الحائط بعنف شديد لدرجة أدمت أصابع يديه.
نهضت صافي من مكانها مفزوعة وهي ترى مايفعله زاهر.
سألتها بقلق:
-زاهر بيه مالك؟
تحدث إليها بغضب:
-حاجة متخصكيش ويخليكي في شغلك.
قالت بأحراج:
-أسفة زاهر بيه، أكملت كلامها بصوت خافت في داهية
خرج زاهر من المكان وهو يكاد لايرى أمامه.

مر اليوم على زهرة كالكابوس، طوال الوقت بسام ينظر لها بوعيد ويحرك يديه باتجاه رقبته ذهابا وايابا كعلامة للذبح، غير نظرات سماح المهددة، عندما نادت عليها شهيرة وأخبرتها أنه حان وقت الإنصراف شعرت بالحرية أخيراً سوف تتخلص من تهدديهم لها، بمجرد خروجها من باب المقهى تنفست بعمق ومشيت باتجاه منزلها، سمعت صوت خافت بالقرب منها أحنت رأسها للأسفل فرأت قطة صغيرة شديدة البياض كسرت حدت سواد الليل، تمشي بالقرب منها، قالت لها بعطف: شكلك حلو أوي ياخسارة عيشتك في الشارع.

ثم ربتت على رأسها بحنيه، فقامت القطة بتحريك رأسها مستمدة قليل من الأمان من هذه الحركة النادرة التي تلاقيها من بني البشر، قالت بخفوت بلاش كده هتصعبي عليا أكتر، خلي بالك من نفسك تكلمت معاها كأنها شخص مسكين، سلام ياقطة وتحركت، لكن القطة الصغيرة استمرت بالمشي قربها ولم تفارقها، قامت زهره بتجاهلها وأكملت طريقها دون النظر لها،حتى اقتربت من باب منزلها.
قالت زهرة لها:
-وبعدين معاكي، جايه معايا ليه لحد البيت روحي للمكان إللي كنتي عايشه فيه
أخرجت القطة مواء خافت ونظرت لها بتوسل.

شعرت زهرة بالشفقة تجاه القطة ثم قامت بحملها: وبعدين معاكي وبلاش البصة دي، أنا مقدرش أخدك معايا، يدوب بصرف على نفسي وماما بالعافية ومرتبي من الكافيه يدوب بيقضي مصاريفنا ده غير علاج ماما ورعايتي ليها، متجيش انتي وتبصلي كده بلاش تحسسيني بالذنب مقدرش أخدك معايا بلاش مسئولية فوق المسئولية، حركة أصابع يديها بحنيه على فراء القطة، نظرت لها بصدمة، معقولة بس انتي صغيرة أوي ياقطة، يستمر الانبعاج بالتحرك بلطف تحت اصابعها، نظرت لها القطة بعيونها الزرقاء شاهدت زهرة داخل عينيها نظرات خاصة، نظرة رجاء، نظرة توسل، قائلة لها بأكثر لهجات الحيوان تعبيرًا أنا دلوقتي مليش غيرك.

لمعت عينيها بالدموع:
-تعرفي ياقطة بعد البصة دي أنا مقدرش أسيبك وانتي في الوضع ده، خلاص بطلي نونوه أنا هخدك تعيشي معايا، بس أدعي معايا ماما متطردكيش.
فتحت باب الشقة ومشيت على أطراف أصابعها حتى لا تعرف أمها إنها جاءت، دخلت إلى غرفتها وتنفست بسعادة، متقفشتش الحمد لله، بصي ياقطة أنا هسميكي ماشا ماهو مش معقولة هنبقا جيران مع بعض في نفس الاوضة وأقولك ياقطة، من يوم ورايح إنتي إسمك ماشا، هجبلك حاجة تاكليها ومش عايزه أسمع صوتك خالص عشان نبقا حابيب وأصحاب، مفهوم ياماشا هو أنا هقول لماما بس بعدين لما أمهد ليها الأول.

أنتهت زهرة من وضع الطعام لماشا، ثم ذهبت إلى المطبخ وأعدت طعام العشاء لأمها ووضعته على صينية وبجانبه العلاج وكوب من الماء ثم دلفت إلى غرفة غرفتها.
قالت بابتسامة:
-مساء الورد والياسمين.
ردت هدى بابتسامة:
-مساء الورد، أنا سمعاكي جاية من فترة أيه إللي أخرك عليا.
أجابت بلجلجة:
-أبدًا متأخرتش ولا حاجة يدوب غيرت هدومي ودخلت الحمام، يمكن بقا طولت شوية.

سألت سؤالها اليومي:
-عملتي ايه النهاردة في الشغل ومدام شهيرة صحتها أخبارها ايه.
اقتربت زهرة من فراش أمها وهي تجيبها، الحمد لله ياماما، سحبت الطاولة ووضعت عليها صينيه الطعام، صحتها مش عاجبني ومصممة مش تروح تكشف.
هدى:هي بتخاف أوي من المستشفيات والدكاترة من وقت ماجوزها مات، وهو بيعمل عملية تغيير صمام
تنهدت زهرة بكأبة:الله يرحمه وهي من وقتها وعندها فوبيا من المستشفيات، قومي شوية ياماما.

قامت بإسناد أمها لتجلس فوق الفراش ووضعت الطاولة أمامها، رن جرس الباب، أنا هروح أفتح الباب تلاقيها البت ضحى من صوت الجرس إللي مش عايزه تشيل صبعها من عليه، تلاقيهازهقانة وعايزه تقعد معايا شوية، لو احتاجتي حاجة ياماما تبقي تنادي عليا.
هدى بابتسامة:
-سلميلي عليها.
ردت بضحك:
-أنا هجبها لحد هنا ليكي.

قالت بسرعة:
-لااااا متدخلهاش مش بتفصل وأنا عندي صداع لوحدي، خلي السلام من بعيد لبعيد أحسن.
زهرة بهدوء:
-حاضر ياست الكل، خرجت مسرعة من غرفة والداتها فضحى لم تنزع أصبعها عن جرس الباب حتى الأن.
فتحت باب الشقة قائلة بلوم:
-الجرس يابت يتحرق.
دلفت ضحى إلى الداخل مسرعة بدون استئذان
أغلقت الباب، لترى ضحى أخذت اكثر وضع مريح في الجلوس
تنهدت زهرة:
-خلاص قعدتي واستربعتي واشارت بإصبعها بتحذير فى وجه ضحى، صبعك ميتحطتش على جرس الباب تاني بعد كده تخبطي.

مدت ضحى يديها وتناولت خياريه من على الطبق الموضوع بجانبها، تكلمت وفمها ممتلئ حاااضر
زهرة وهي تتنهد بصوت مسموع:
-ماهو كل مرة تقولي حاضر وبردو تهببي نفس العاملة.
ردت بابتسامة:
-حاضر يازهرة مانتي عارفة إني بنسى، خلينا في المهم، تعالي اقعدي جنبي عشان عايزه أتكلم معاكي في موضوع مهم.

قطبت زهرة بين حواجبها:
-موضوع ومهم ثم قالت بهزار، اوعي تقولي جيبالك عريس.
شرقت ضحى، وأشارت لها وهى تسعل لتضربها خلف ظهرها وعندما إنتهى السعال، قالت ضاحكة:عريس مين هيجيلك وانتي عاملة زي الواد بليه.
زهرة بغضب:
-بت إنتي لمي نفسك بدل مااطردك برا.

حاولت ضحى تلطيف الأجواء عندما شاهدت احمرار وجهها فعرفت انها تمادت واهانتها، فشكلها ومظهرها خط أحمر، مكنتش اقصد عدي كلامي هما كلمتين بايخين وطلعو مني كده وهاتي راسك ابوسها. أبعدت رأسها فهي تشعر بالغضب منها
قالت ضحى بتوسل:
-مكنتش أقصد يازهرة بهزر معاكي، خلاص سماح المرة دي.
زهرة تكلمت بحدة:
-خلاص ياضحى مش زعلانه، قوليلي بقا كنت عايزاني في أيه عشان بجد تعبانة وعايزه أنام.

ردت ضحى:
-هقولك أهو أحمد اتصل باخويا وقالو يكلمني.
بمجرد ذكر إسم احمد شعرت بغصة في قلبها، سألت بصوت مرتعش:
-وبعدين
أجابتها ضحى:
-كان عايز نمرة تليفونك.
شعور بالصدمة تملكها، بعد مرور عدة سنوات، كلف نفسه عناء محاولة الاتصال بها:وردك كان إيه.
أجابت ضحى: طبعا رفضت، قولت هقولك الأول لو وافقتي هديله الرقم أديله الرقم ولا لأ.

ردت بصوت مرتعش:
-لا مش عايزه ياخد رقمي مش عايزه أي اتصال بيه.
ضحى بتردد:
-بس يازهرة هو عايز يكلمك إنتو كنتو.
قاطعتها بغضب:
-إحنا مكناش حاجة.
قالت ضحى مهدئة:
-بس هو باين عليه ندمان وعايز
كفايه ياضحى مش عايزه أسمع سيرته وبقولك أهو لو اديتله نمرة تليفوني مش هكلمك طول عمري.

خلاص يازهرة إللي يريحك أنا كنت عايزه مصلحتك عايزاكي ترجعي زهرة بتاعت زمان زهرة الطفلة، إنتي مكبرة نفسك وإنتي لسه عندك عشرين سنة
ردت زهرة بانفعال:
-زهرة الطفلة ماتت بسببه، هو السبب أني أبقا كده زهرة البشعة من برا وجوا، خلاني انسانة شبه ميته ولا طولت الدنيا ولا طولت الموت بسببه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة