قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الأول للكاتبة سلمى محمد الفصل الثاني

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الأول بقلم سلمى محمد

رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الاول للكاتبة سلمى محمد الفصل الثاني

ردت زهرة بإنفعال:
-زهرة الطفلة ماتت بسببه، هو السبب أني أبقا كده زهرة البشعة من برا وجوا، خلاني انسانة شبه ميته ولا طولت الدنيا ولا طولت الموت بسببه.
قالت بحزن:
-خلاص يازهرة مش هجيب سيرته تاني، بس أنتي من حقك تعيشي سنك، تعيشي حياتك هتفضلي لحد أمتى عازلة نفسك عن الدنيا.

همست بألم نابع من داخل قلب مشوه:
-عشان اللي زيي مش حقهم يعيشو زي بقيت الخلق، بصي حوالينك كويس شايفة الشقوق إللي في الحيطان، إنتي عارفة أن الشقوق دي مظهرتش إلا لما سندي وضهري مات، أنا مختلفش كتير عنها عشان إحنا الاتنين واحد مفيش فرق بينا وجاه أحمد وكمل عليا وبقيت بقايا إنسانة ومبقاش من حقي أعيش حياتي من المسؤوليات إللي اترمت فوق كتافي وقلقي المرعب إني في يوم أتعب ومقدرش أشتغل وملقيش فلوس علاج أمي وملقيش فلوس أصرف.

نظرت ضحى بحزن لها وقبل أن تتحدث
قالت زهرة مقاطعه:
-ملهوش لزمة الكلام أنا تعبانة وجسمي مهدود من الشغل وعايزه أنام.
 عندك حق يازهرة، قبل مامشي عايزاكي متزعليش مني وتصبحي على خير.
ردت عليها بحزن:
-وانتي من أهل الخير.

وقبل أن تخرج ضحى نادت عليها زهرة قائلة وأنا عمري ماهزعل منك أبدًا إحنا أكتر من اخوات.
إبتسمت ضحى وأعطت لها قبلة على كف يدها عن طريق الهواء ثم خرجت، وأغلقت باب الشقة خلفها.

رسمت زهرة على وجهها الابتسامة ودخلت على غرفة أمها لكي تطمئن عليها وعندما أنتهت دلفت إلى غرفتها، وذهبت إلى مكتبها الصغير أخرجت منه كتاب قديم وفتحته متأمله الزهرة الجافة المندسة بين طيات صفحاته الصفراء، قربتها من انفها في محاولة عقيمة لاستنشاق رائحة ذكريات أول وأخر حب.

الدموع لمعت في عينيها وحدثت نفسها بهمس: حياتي وأنت بعيد عني مكنتش حياة، كان نفسي أنساك زي مانستني بس مقدرتش، أيه اللي فكرك بيا بعد السينين دي، فاكرني أول ماتشاور وتقول انا أهو هرمي نفسي في حضنك زي الأول، مستحيل إللي انكسر يتصلح حبيبي، سقطت دموعها على صفحات الكتاب تاركة علامات معاناتها، كان نفسي أرمي نفسي حضنك عشان أرتاح، بس مهنش عليك تريحني وسبتني في القهر والحزن بعاني لوحدي
شردت زهرة مع ماضيها، تحديدًا منذ أربع سنوات عندنا كانت فى السادسة عشر من عمرها.

نظرت زهرة إلى والدها بتوسل وهي تقوم بتقبيله بين التارة والأخرى، قائلة بإلحاح:
-عشان خاطر زهرتك حبيبتك وافق، هو أنا من أمتى بخرج مع حد من صحابتي وتقوم بتقبيله، إحنا إتفقنا كلنا مع بعض، بعد مانخلص أخر إمتحان في امتحانات أخر السنة هنخرج مع بعض ونروح المنتزة.
فؤاد برفض:
-وأنا قولتلك لأ عايزه تروحي المنتزه يابت فؤاد.

زهرة قالت متوسلة:
-أول وآخر مرة هقولك أخرج تاني وأنا مش هخرج لوحدي، هنكون كلنا بنات مع بعض وافق عشان نفسي تتفتح على ورقة الإجابة واجاوب كويس، أنت مش عايزني أطلع دكتورة ولا إيه.
رد بسرعة:
-طبعا عايزك تطلعي دكتورة، دي أمنية حياتي، الناس تناديني بأبو الدكتورة.

يبقا بلاش تزعلني، أصل الزعل ممكن يبقا وحش عليا ويطلع في ورقة الإجابة، وافق بقا ياسيد الكل
قال فؤاد:كله اللي زعل اللي هيتنقل لورقة الإجابة، خلاص انا موافق.
قفزت زهرة من السعادة وتعلقت برقبة والدها وأنهمرت عليه بالقبلات:
:ربنا يخليك ليا يأحسن وأطيب أب في الدنيا دي كلها.
قال بابتسامة:
-متتأخريش.
ردت بسرعة:
-حاااضر.

ثم خرجت مسرعة وأغلقت الباب خلفها.
بعد الإنتهاء من الإمتحان، اجتمعت جميع زميلاتها خارج المدرسة.
قالت رشا:
-إحنا كنا متفقين هنروح المنتزه مع بعض، مين هتروح ومين مش تروح ومين بالأصح أهلها وافقو على رحلة المنتزه.
ردت زهرة:
-أنا هروح طبعا.
رشا تحدثت بعدم تصديق:
-أنتي يازهرة، ده إنتي كنتي أول واحدة قولت أهلك هيرفضو.
رشا قالت للجميع:
-يلا يابنات ناخد تاكسي عشان نلحق اليوم من أوله وكل واحدة ترجع بيتها قبل مالدنيا تضلم.

وداخل حدائق المنتزه، أنزوت زهرة بعيدًا عن الشلة تتأمل بإنبهار المكان حولها النباتات وأحواض الزهور النادرة والبحر الذي يوجد على مرمى البصر، سرحت مع الجمال الذي تراه لأول مرة.
فاقت من شرودها مصدومة على صوت يهمس أسمها، فهذا الصوت ليس غريب على قلبها فقد سمعته العديد من المرات، ألتفتت خلفها لتتأكد، هتفت بذهول:أحمد.

رد بابتسامة:
-ده إنتي عارفة أسمي.
أحمرت خدودها خجلا، قالت بلجلجة:
 أااه لا
نظر لها وابتسم:
-أه عارفة إسمي وأنا كمان عارف إسمك، تعالي نقعد على الكرسي اللي هناك.
قالت زهرة بخجل:
-مينفعش وإحنا أصلا منعرفش بعض.

نظر لها بحب:
-إحنا نعرف بعض كويس ومن زمان، تعالي نقعد عشان في كلام كتير عايز اقولهولك.
سألت وهي تشعر بالخجل والتوتر:
-بس مينفعش.

إحنا هنقعد قصاد الكل وبصراحة أنا مصدقت اشوفك واقفة لوحدك، بصراحة وجودي هنا مش صدفة، أنا استنيت اليوم ده من زمان، اليوم إللي تخلصي فيه آخر سنة عشان أقابلك واتكلم معاكي وأقولك حقيقة مشاعري ناحيتك.
نظرت له غير مصدقة نفسها، مردده بهمس خجول: أناااا اناا
أجابها بابتسامة:
-أنا بحبك.

هزت رأسها عدة مرات غير مستوعبة حظها السعيد:
-أنت بتتكلم بجد ولا بتضحك عليا.
نظر له بتأنيب:
-انا مش بتاع الهزار، أنا بتكلم جد الجد، بحبك يازهرة واستنيت اللحظة دي كتير
شعرت زهرة بارتخاء في مفاصل قدميها، اهتزت في مكانها وكادت تقع، لولا ضمه له وإسنادها، تحرك بيها عدة خطوات واجلسها على اقرب كرسي.
سأل بلهجة يشوبها القلق:
-أنتي كويسة.

همست بخفوت:
-انا كويسة.
نظر لها مبتسما:
-طب كويس عشان في كلام كتير عايز اقولهولك.
سألت بهمس:
-كلام إيه.
نظر لها بحب:
-عايز أقولك كلام كتير نبتدي بأول مرة شوفتك فيها لما كنتي في سنة اولى ثانوي، طبعا إنتي عارفة إنا شوفتك إزاي.
هزت رأسها بالايجاب قائلة:
-شباك أوضة نومك قصاد شباك فصلي.

كمل حديثه:
-ومن حسن حظي إنك قاعدة جنب الشباك علطول، أول مرة شوفتك شدتي انتباهي ومن يومها وانا كل يوم لزم اشوفك، أول مرة أه من أول مرة ثم ضحك بصوت عالي.
سألت بفضول:
-ايه اللي ضحكك بخصوص اول مرة شوفتيني فيه، هو أنت شوفت أيه بالظبط.
قال ضاحكا:
-أصلك كنتي ماسكة بنت في الفصل وقاعدة فوقيها ومشغلة فيها الضرب.

استغرقت عدة ثواني حتى تذكرت وضعت كف يدها بخجل على فهما: يانهار ده أنا كان منظري، بس البت تستاهل إللي حصل معاها على فكرة.
نظر لها مبتسما:
-ما أنا عارف اصل شوفت كل حاجة لما حاولت توقعك وانتي داخلة من باب الفصل، أصل الرؤية من اوضتي واضحة أوي وبشوف كل حاجة بتحصل فيه، ومش أنا اللي كنت متابع، إنتي كمان عينيكي مكنتش بتتشال من على شباك اوضتي.

همست بخجل:
-أه ومش عارفة ليه.
رد قائلا:
-ولا أنا بردو في الأول، لحد ما تأكدت من حقيقة مشاعري وأنتي يازهرة مشاعرك إيه من ناحيتي.
لم ترد عليه وظلت صامته والاحمرار يغزو وجهها
أراد احمد مرواغتها لتخرج من صمتها:
-أفهم من كده انك مش بتحبيني.

قالت بلهجة سريعة:
-لا طبعا شعرت بالخجل من ردها السريع.
احمد بإلحاح أكثر:
-عايزه أسمعها منك.
تحت إصراره همست بخجل:
-وأنا كمان بحبك.
هتف بسعادة:
-اخيرًا، بصي بقا يازهرة أول مانتيجة إمتحانك تطلع هجي أتقدملك علطول.

انعقد لسانها عن النطق فما يحدث الآن كان أقصى أحلامها، إن يأتي اليوم وتفوز بحبه، هزت رأسها غير مصدقة حظها السعيد، فمعظم زميلاتها في الفصل كانا يتمنيا نظرة واحدة منه فهو حلم معظم الفتيات كما كان حلمها.
تحدث بجدية:
-قولتي أيه؟
ردت بخفوت:
-موافقة.

نهض أحمد من مجلسه واقترب من شجرة توجد بالقرب منهم ونحت عليها أسمائهم، سألت نفسها ماذا يفعل، وعندما إنتهى نادى عليها، زهرة تعالى.
امتلكها الفضول لرؤية ماذا كتب وعندما رأت مانحتت يداه عيناها لمعت بدموع السعادة.
عقد بين حاجبيه بعبوس:
-أنتي زعلانة عشان كتبت أسمي وأسمك على الشجرة.

هزت رأسها بالنفي قائلة بتأثر:
-لا أبدًا أنا فرحانة وفرحانة أوي.
أرتسمت على وجهه ابتسامة:
-ممكن اطلب منك حاجة وبلاش تقولي لأ.
همست بخجل:حاجة إيه.
قال بهدوء:عايز اتمشى معاكي على البحر.
ردت بخفوت:ماشي.

ليمشي كلاهما بالقرب من بعض دون كلام مستمتعين بمشاهدة مياة البحر الصافية.
لفت انتباه زهرة مبنى مضئ بالألوان، رأى احمد نظراتها المتسائلة فقال:
-ده كازينو السلاملك من معالم المنتزة المميزة.
تحدثت زهرة بفضول:
-وده شكله من جوا عامل ازاي
اوعدك يازهرة لو جبتي مجموع كبير، هخليكي تدخليها من جوا.

هيام عندما رأتهم قالت بذهول:
-انا مش مصدقة اللي أنا شايفه.
رشا بفضول:
-مش مصدقة ايه.
أشارت هيام إلى احمد وزهرة، بصي هناك.
تحدثت رشا بغيرة:
-هو ده بجد واقف معاها وكمان بيضحك وشكلهم مبسوط.
هيام بتفكير:
-باين في حاجة بينهم.
تفي من بؤك بقا المعفنة دي يبصلها واد مز زي أحمد
هي الغيرة اشتغلت ولا أيه
ردت عليها رشا نافية:
-وهغير من أيه؟

أجابتها وهي تغمز بأحد حاجبيها:
-عليا بردو الكلام ده، ده انتي عيونك عليه من زمان ياروشا.
رحلة المنتزه إنتهت ولم تخبر زهرة أي من زميلاتها باتفاق احمد أنه سيأتي لخطبتها بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة.
عندما أنتهى أكنان من مكالمته مع بيسان، أبلغ السكرتيرة أنه يريد زاهر الآن في مكتبه في أمر هام
بعد عدة دقائق دلف زاهر إلى المكتب.

تحدث زاهر متسائلا:
-أيه الموضوع المهم إللي خلاك تجبني هنا المكتب بسرعة.
رد عليه أكنان بهدوء:
-هنروح المطار دلوقتي.
زاهر باستفسار:
هتسافر؟ وليه؟
رد أكنان:
-مش هتسافر، هستقبل بيسان في المطار.
صدم الخبر زاهر وهز مشاعره بعنف:
-أزاي وهي في أمريكا.
رد أكنان:
-قالت تعمله مفاجأة لينا، يلا بينا عشان نلحق الطيارة إللي على وصول.

في المطار
مسك زاهر أنفاسه عندما رآها تقترب، أراد في هذه اللحظة أخذها في حضنه وأخفائها داخل ثنايا قلبه لتبقى هناك إلى الأبد، فقد أشتاق لها تحول الاشتياق إلى غضب عارم عندما رأه خلفها، قبض كف يده بعنف حتى أبيضت سلاميات أصابعه.

بمجرد وصولها قربهم، رمت نفسها في حضن أكنان قائلة بابتسامة:
-واحشتني أوي وقامت بتجاهل زاهر ولم تلتفت له.
رد عليها بلهجة دافئة:
-وأنتي كمان واحشتيني أوي، بس أيه المفاجأة الحلوة، هتقعدي المرة دي أد أيه.
بيسان بابتسامة:
-هقعد علطول مش هرجع تاني.

قال كريم متصنع الزعل:
-هو انا مليش نصيب من الترحيب.
أكنان: لا طبعا، عامل أيه ياكريم وعمي والعيلة عاملة أيه.
كريم:
-كله تمام ثم تحدث إلى زاهر وهو يبتسم أزيك يازاهر.
رد عليه زاهر بلهجة فاترة:
-كويس.
قالت بيسان بابتسامة:
-كريم صمم يوصلني وهيقعد معانا يومين.
تحدث كريم بحب:
-لزم أوصلك وأطمن. عليكي أنتي غالية عندي اوي.

أكنان متصنع الغضب:
-الكلام ده قصادي ومش خايف
اتسعت ابتسامة كريم:
-ماأنت عارف إللي فيها يأخ.
مسكت بيسان يده مبتسمة في وجهه: وأنت كمان ياكريم مش عارفة لولاك كنت هعدي فترة دراستي وأخد الدكتواره من غير مساعدتك أزاي، ربنا يخليك ليا.
كريم بابتسامة:
-ويخليكي ليا.

كاد زاهر أن يفقد أعصابه ويلكم كريم على وجهه، فلو استمرو بالكلام اكثر من هذا الموقف سوف يصبح خارج نطاق سيطرته، فخرج صوته حادا:
-يلا بينا عشان نجم بيه منتظر.
قاد زاهرالسيارة بسرعة حتى وصل أمام بوابة القصر
وفي الداخل أستقبلت بيسان بالترحيب من جميع العاملين وكان في أستقبالهم نجم بيه (النسخة الكبيرة في السن من أكنان)
هرولت بيسان مسرعة باتجاه والدها وقامت بتقبيله: -واحشتني.

نجم بابتسامة:
-وأنتي كمان واحشتيني كتير بس أيه المفاجأة الحلوة كريم جي معاكي.
غمزت بعينيها ثم قالت:
-مفاجأة بردو، أومال لو مش الاخبار بتوصل اول بأول.
كريم بابتسامة:
-عديها يابيبي نخليها مفاجأة المرة دي، إزيك ياعمي.
حدث زاهر نفسه بغضب، بيبي وهي ولا معابرني حتى بكلمة، فين أيام زمان لما كنتي عاملة زي اللزقة معايا.
نجم بابتسامة رصينة:
-الحمد لله والصفقة الجديدة أخبارها أيه.

كريم:
-أهو شغالين فيها أنا وبابا.
قطبت بيسان جبينها بعبوس:
-علطول كده شغل مفيش راحة، باين الواقفة هتتحول لقعدة بيزنسس طيب تمام أسيبكم وهطلع لجدتي أسلم عليها عشان واحشتني أوي سلام.
تحدث نجم بجدية:
-يلا بينا ياكريم على مكتبي.
أكنان:
-همشي انا وأسيبكم تتكلمو براحتكم.

دلف نجم وكريم إلى داخل المكتب ومشى أكنان باتجاه الخارج ولكن لم يرى زاهر بجواره كالمعتاد وعندما التفت وجده واقف مكانه لا يتحرك عينيه مسمرة على درجات السلم.
عبس أكنان للحظات ثم نادى عليه:
-زاهر
فاق زاهر من شروده على صوت أكنان: نعم وفي خلال ثواني كان بالقرب منه.
سأل أكنان:
-أيه إللي واخد عقلك.

رد زاهر مدعيا اللامبالاة:
-مفيش حاجة بس كنت بطمن أنه كله تمام.
غمز أكنان وقال بخبث:
-ماتيجي نسهر برا.
رد زاهر بلهجة فاترة:
-نفس المكان.
أكنان قال بحماس:
-أه.

-مفيش غيره ماتنوع شوية.
-يلا بينا احنا حننبسط هناك ولا خايف اكسبك واكل الجو زي كل مرة.
-مكسبك كل مرة حظ مش أكتر.
أكنان بلهجة مغيظة:
-دي حجة الخسران.
قطب زاهر جبينه بغيظ:
-يلا بينا وهوريك مين فينا هيكسب.
قرر الذهاب معه، حتى ينسى مؤقتا ألم قلبه.

أستيقظت زهرة مصابة بصداع شديد، فهي ظلت معظم الليل مستيقظة مع ذكرياته، نهضت من فوق الفراش بصعوبة، فهي تريد وضع رأسها مرة أخرى على الوسادة لتكمل نومها، لكن النوم الأن رفاهية غير مسموحة لها، يجب عليها النهوض حتى لا تتأخر على ميعاد العمل.
أنتهت من ارتداء ملابسها في وقت قياسي وقامت بأعداد الافطار لولدتها وأعطتها الدواء.

وقبل خروجها من باب الشقة، تذكرت مماش نسيتها تمام لم تسمع صوتها مطلقا عندما أستيقظت دب القلق في داخل قلبها فهرولت إلى داخل غرفتها مسرعة تبحث عنها وجدتها في ركن منزوي لا تتحرك، شعرت بالرعب من منظرها هذا أقتربت منها، هزتها برفق لم تتحرك ولكن اخرجت صوت خافت متألم.
نظرت لها زهرة برعب:
-مالك فيكي أي، رأت في عيينها لمعة الدموع، كأنها تشتكي لها، حملتها زهرة على ذراعيها وخرجت بيها مسرعة.

داخل المستشفى البيطري الحكومية وفي داخل حجرة الشكف.
قالت الطبيبة:
-القطة حالتها صعبة وأحتمال كبير أنها تموت، أحنا ممكن نعمل ليها موت رحيم.
تألمت زهرة من أجلها ماشا، ردت عليها برفض:
-لا
تحدثت الطبيبة بعملية:
-ده الارحم ليها ولو عاشت الفترة دي، هتموت وهي بتولد عشان جسمها الضعيف وسنها الصغير مش هيتحمل الولادة، أنا عملت ليها سونار وهي حامل في قطين مع أن نادر ان القطة تحمل في اتنين وبالرغم من حملها في اتنين بس ده مش هيساعدها.

زهرة لمعت عيناها بالدموع من أجلها فقالت برجاء:
-أرجوكي يادكتورة مفيش حل تاني غير الموت الرحيم، أنا مستعدة اعمل أي حاجة.
شعرت الطبيبة بالعطف:
-خلاص أنا هكتبلك شوية فتيامات ليها واهتمي بتغذيته كويس وقبل ماتمشي هتاخد شوية تطعيمات.
ردت زهرة:
-شكراا واتجهت للخارج
نادت عليها الطبيبة:
-ثواني.

التفتت لها زهرة:
-نعم.
قالت الطبيبة بابتسامة:
-خدي الكارت ده فيه نمرة تليفوني، لو احتاجتيني بخصوص ماشا أتصلي بيا.
زهرة بامتنان:
-شكرًا ليكي أوي يادكتورة.

وخرجت زهرة وهي تحمل ماشا برقة. ...همست لها بخفوت:
-أنتي سارقتي قلبي ومش هتموتي وهتعيشي وتشوفي ولادك، عندما نظرت الى ساعتها وجدتها الثامنة والنصف، هتفت بذعر: ياااه أنا أتاخرت على الشغل ومش هلحق أروحك البيت، مفيش أني أخدك معايا الكافية، بس يارب مادام شهيرة متتعصبش عليا.
سهر أكنان وزاهر حتى منتصف الليل وقضي ليلتهم في الفندق، أستيقظ أكنان مصاب بالصداع.

عقد جبينه من شدة الالم:
-الصداع هيفرتك دماغي.
رد عليه زاهر بلوم:
أنا نصحتك وقولتلك كفايه سهر، بس أنت صممت تعوض خسارتك، ليقول مبتسما واخيرًا بعد طول إنتظار كسبتك في البلياردو.
تحدث أكنان بغضب:
-بؤك ده ميتفتحش باللي حصل.
زاهر بابتسامة ماكرة:
-سرك في بير عميق،أنت عارف محتاج أيه دلوقتي
قال أكنان بعبوس:
-محتاج ايه؟

زاهربابتسامة:
-محتاج فنجان قهوة، هو اللي هيظبطلك دماغك، أنت مش بتيجي غير بكده
وعند ذكره لكوب القهوة المعتاد تناوله بمجرد أستيقاظه، مر على خاطره ذكرى فنجان القهوة الذي أستمتع بشربه في هذا الكافيه المتواضع،فقال باشتهاء يلا بينا.
سأل بفضول:
يلا بينا فين؟
رد أكنان:
-الكافيه اللي كنا فيه امبارح، هشرب قهوتي هناك.

إغاظة قائلا:
-مانت قولت مش بطال، دلوقتي بقا حلو.
أكنان بضيق:
-بلاش تضايقني أنا قولت يلا بينا يبقا يلا بينا
زاهر:
-خلاص متتعصبش عليا، أنا تحت أمرك.
داخل المقهى وعند أول رشفة من فنجان القهوة عبس أكنان بغضب:مش نفس الطعم
رد أكنان بهدوء:
-طبعا مش نفس الطعم، عشان مش نفس البنت، بنت تانية هي اللي عملت القهوة.

ظهرت ملامح الغضب على وجهه:
-ومادام مش هي، ليه متكلمتش.
أجابه بلامبلاة:
-قولت اكيد هيبقا نفس طعم عشان في نفس المكان.

شعر بالغضب بسبب ردائة ماتذوقه عكس ماكان ييتوق: لآ مش نفس الطعم، الفرق بين السما والأرض، روح قول للمدير أنا عايز نفس البنت بتاعت إمبارح.
ذهب زاهر كما طلب منه
نهض آكنان من مجلسه مصابًا بالإحباط، أخذ يتجول في المكان.
وصلت زهرة متأخرة أكثر من ساعة على الموعد المحدد، هرولت إلى الداخل مسرعة حاملة ماشا، غير منتبهة للشخص الواقف في طريقها لتصدم بيه، كادت تقع لولا اسناده لها.

نظرًا لطول قامته اضطرت لرفع رأسها لتعتذر له، لتتفاجئ إنه الوسيم ذو البدلة السوداء وبدل أن تعتذر له وجدت نفسها تقول بعفوية:
-أنت عامل كده ليه؟
لابس نظارة شمس ليه جو الكافيه، على فكرة شكلها مش حلو.
نظر له بدهشة متفاجئ من كلامها الغير مترابط:
-أنتي عبيطة.

أستوعبت زهرة ماقالت، فشعرت بإحراج شديد وعندما سمعت رده واصفًا إيها بالعبط شعرت بالإهانة، وبعصوبة بالغة تحكمت في أعصابها لكي لا تتصرف بغضب وتندم بعد ذلك، تحدثت بثبات: أنا أسفة لحضرتك ثم مشيت وهي تكاد تجري من أمامه، أخذت ترغي وتلعنه بخفوت.
لأول مرة منذ مدة طويلة تمر شبح ابتسامة على وجهه وعندما رأى زاهر قادمًا تجاهه بادر بسؤاله:
-فين البنت؟

-هي مكنتش لسه جيت.. بس وصلت دلوقتي
-وهي فين؟
رد زاهر:
-البنت إللي دخلت جري دلوقتي تبقا هي البنت بتاعت قهوة إمبارح، حصل ايه خلاها تدخل جري.
تحدث بلامبلاة:
-محصلش حاجة.
زاهر بعدم تصديق:
-مش باين بس براحتك لو عايز تقول هتقول.
بمجرد دخول زهرة وجدت شهيرة أمامها
وقبل أن تفتح فمها بالكلام، شهيرة قالت بسرعة:
-هنتكلم بعدين عايزه واحد قهوة أسبريسو بسرعة.

زهرة وهي تتنفس بسرعة:
-حاضر، وضعت ماشا على الأرض، فنظرت لها شهيرة بذهول غير مصدقة وجود قطة داخل المقهى ولكنها لم تتكلم ستنتظر انتهائها من أعداد القهوة أولا.
بمجرد وضعها ماشا في الركن غسلت يديها وارتدت ملابسها بسرعة قياسية، وقامت بتحضير القهوة وأخذت منها سماح كوب القهوة ووضعتها على صينية وذهبت لتقديمها.

انتظرت شهيرة حتى إنتهت من إعداد القهوة فقالت بلوم:
-جايه متأخرة وكمان جايبة معاكي قطة.
زهرة باعتذار:
-أنا أسفة مدام والله غصب عني، ماشا كانت تعبانة ورحت كشفت عليها وتأخرت.
ومن أمتى وأنتي عندك قطة؟
-دي قطة لقيتها وتعبانة اوي وحامل قولت أكسب فيها ثواب واكشف عليها بدل ماتموت.

شعرت شهيرة بالعطف لكنها ردت قائلة:
-أخر مرة تتأخري فيها يازهرة وكمان وأخر مرة تجيبي القطة دي هنا تاني.
زفرت زهرة بارتياح:
-أنا مش عارفة اقولك أيه غير ربنا يبارك فيكي.
شهيرة قالت بحزم:إللي حصل ميتكررش تاني.
هزت رأسها:
-حاضر مدام.

عند طاولتهم كان الصمت سيد الموقف، أكنان شارد مع فكرة سيطرة على أفكاره وزاهر شارد في ظهور بيسان المفاجئ وقرارها بالبقاء، فهو في كل مرة كانت تأتي إلى مصر يبتعد نهائيًا حتى تعود، أما الأن ماذا سيفعل مع بقائها الدائم واللقاء بينهم محتوم في أي وقت.

تناول أكنان قهوته في صمت وعندما إنتهى، قرر تنفيذ مايريد، فقال بتصميم:
-أنا عايز البنت دي.
زاهر لم يستوعب كلامه:
-بنت مين؟
تحدث بتصميم أكثر:
أنا عايز البنت بتاعت القهوة.
زاهر فاغر الفاه مصدوم:
-ها أنت بتقول أيه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة