قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل العشرون

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل العشرون

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل العشرون

نادى هليوبوليس.

زهرة: فاتن؟
فتنة: زهرة سليمان، بالحضن ياندلة.
زهرة: شكلك أتغير خالص، فين الحجاب؟ وإيه اللى أنتى عاملاه في نفسك ده؟
فاتن: بالراحة عليا وأنا هأجاوب على كل أسئلتك بس تعالى نروح لصفية ونادية.
اجتمعت الصديقات الأربع نادية وصفية وزهرة وفاتن على مائدة واحدة.
زهرة: أما الدنيا ضيقة صحيح، أنتوا أعضاء هنا في النادى؟
فاتن: أيوه.
زهرة: كنتوا فين؟
نادية: في الدنيا.

زهرة: حاولت أتصل بيكوا كلكوا لقيت تليفوناتكوا مغلقة، أنتوا غيرتوا أرقامكوا؟
صفية: أرقامنا كلنا فعلا أتغيرت.
زهرة: عاملة إيه يا نادية؟
نادية: بلاش نادية دى لحد يسمعك، قولى نانا.
صفية: وأنا صافى يا حبيبتى.
زهرة موجهة الكلام لفاتن: وطبعا أنتى فتنة؟
فتنة: لكى وحشة يا زهرة.
زهرة: احكوا لى كل واحدة عملت إيه، اتجوزتى يا نادية قصدى يا نانا؟
نانا: أيوه، دكتور مراد.
زهرة: مش ممكن.

صافى: ليه مش ممكن؟ فضلت وراه لحد ما سلم، راحت عملت دراسات عليا لحد ما جابته وقعدت.
زهرة: يا بنت الإيه يا نادية! وما عزمتنيش ليه؟
نانا: أنا ما عملتش فرح، أنا أتجوزت دكتور مراد في السر، حتى من غير علم أهلى.
زهرة: معقولة يا نانا؟ ليه كدة؟
نانا: بابا رفضه.
زهرة: تقومى تتجوزيه في السر؟ وأهلك عرفوا وإلا لسة؟
نانا: عرفوا وقاطعونى شوية وبعدها اتصالحوا.

زهرة: طب ليه ما حاولتيش تزورينى طالما سكنتى هنا؟ أنا ما عرفتش أجى لك الشرقية.
نانا: أنا كنت عايشة مع دكتور مراد في الفيوم، ولسة ساكنين هنا من تلات شهور بس.
زهرة: طب وأنتى يا صافى عاملة إيه مع جوزك؟
صافى: أتطلقت.
زهرة: ليه كدة؟
صافى: وأتجوزت.
زهرة: طب الحمد لله.
صافى: وأتطلقت تانى وأتجوزت.
نانا: والحمد لله المرة دي عمرت.
زهر ة: إيه يا بنتى كل ده؟ كل ده في خمس سنين؟ يخرب عقلك.

صافى: ما أنتى عارفانى بأزهق على طول، وبأحب التغيير.
زهرة: ما شبعتيش تغيير قبل الجواز؟ إحنا قولنا هتعقل لما تتجوز.
فتنة: دى اتجننت أكتر.
زهرة: وأنتي يا فتنة كنتى فين كل السنين دى؟ وأتجوزتى وإلا لسة؟
فتنة: لا ما أتجوزتش، ما كنتش فاضية، كنت بأدور على فرصة، درست في كذا ورشة تمثيل لحد ما ربنا كرمنى بفرصة.
زهرة: طب وليه ما دخلتيش معهد التمثيل زى ما كنتى بتقولى؟

فتنة: كنت هأستنى أربع سنين، أنا مثلت كام دور صغير في كام فيلم ومسلسل، وبعدها خدت بطولة مطلقة، أنتى إزاى ما عرفتنيش.
زهرة: أنا ماليش في السينما، ولما بأتابع في التليفزيون بأشوف الأفلام القديمة.
فتنة: أنا كنت عاملة مسلسل في رمضان اللى فات، بس اتعرض على منصة أجنبية عشان جرئ شوية.
زهرة: أنا في رمضان ما بأتابعش أى مسلسل، بأخليه للعبادة، وده كمان كان على منصة وجرئ، اتغيرتى قوى يا فاتن.

فتنة: لما أجى المرة الجاية هأجيب لك سى دى عليها كل الحاجات اللى مثلت فيها، أنا كمان كان ليا فيلم نزل قريب واترفع من السينما، فيلم (سقوط امرأة).
زهرة: أنتى اللى مثلتى في الفيلم ده؟
فتنة: شوفتيه؟
زهرة: لا بس سمعت عن الضجة اللى اتعملت عليه، ده رئيس الوزرا اتدخل شخصيا عشان يتمنع من العرض، واتصنف إنه فيلم بورنو، إزاى قبلتى تطلعى كدة؟ مش كفاية قلعتى الحجاب؟

فتنة: أنتى عارفة إنى طول عمرى بأحب التمثيل، كل اللى شافنى قال إنى موهوبة ورغم كدة ما عرفتش أخد أى فرصة ولو دور تانى أو حتى تالت في أى فيلم أو مسلسل.
زهرة: تقومى تقلعى الحجاب وتلبسى بالشكل ده؟ وتوافقى على أفلام من النوعية دى؟
فتنة: الممثلة المحجبة ما بتلاقيش فرصة حتى لو كانت مشهورة واشتغلت مية مرة، تفتكرى واحدة وجه جديد زيى ممكن تلاقى فرصتها؟

نانا: حاجة غريبة فعلا، مع إننا مجتمع متدين، 80% من الستات بيمشوا لابسين الحجاب في الشوارع.
زهرة: استنى أنتى يا نانا، بس ده مش مبرر إنك تقلعى الحجاب وتعملى اللى عملتيه، كان لازم تتمسكى بمبادئك، وأكيد كنتى هتلاقى اللى هيقتنع بموهبتك ويخليكى تمثلى بالحجاب أو على الأقل تمثيل محترم.
فتنة: أثبت وجودى الأول وأعمل لى اسم وأسهم في الوسط الفنى، وبعدين أملى شروطى.

زهرة: أنا مش مصدقة نفسى فاتن بنت الأستاذ محمود هي فتنة! عمى محمود وافق إنك تقلعى الحجاب وتطلعى كدة وجسمك كله متعرى؟
فتنة: بابا مات من سنتين.
زهرة: الله يرحمه، عشان كدة، هي دى الرحمة اللى بتبعتيهاله؟
فتنة: أقسم لك بالله يا زهرة إنى غير ما أنتى متصورة، أنا بأصلى كل الفروض، بأحاول أكون ملتزمة، لكن الوسط اللى أنا فيه ده...

زهرة: العيب مش في الوسط، العيب فيكى أنتى، أنتى عايزة توصلى بسرعة، والدليل على كدة إن في فنانات كتير بتشتغل في الوسط ولبسها محتشم، ماكنش لازم بطولة مطلقة، كنتى خدى السلم من أوله، واطلعى سلمة سلمة.
فتنة: أنا لو اشتغلت دور تانى هأفضل طول عمرى أشتغل أدوار تانية، صدقينى يا زهرة كلها سنتين تلاتة وأبقى نجمة الشباك الأولى ساعتها بقى...

زهرة مقاطعة: أقول لك أنا ساعتها إيه اللى هيحصل، جرعة الإغراء هتزيد وجسمك هيتعرى أكتر عشان تفضلى محافظة على اللى وصلتى له.
فتنة: بالراحة عليا وإن شاء الله تجربة الأفلام دى مش هتتكرر، وأوعدك بعد كدة مش هأمثل حاجة فيها إغراء أو مناظر وحشة.
زهرة: أنا لازم أروح.
فتنة: أنتى زعلتى؟
زهرة: طبعا زعلانة على حالك، بس يادوب كدة، أنا جاية من الجريدة على هنا.
صافى: جريدة إيه؟ أنتى بتشتغلى صحفية؟

زهرة: هاحكى لكوا كل حاجة، إن شاء الله المرة الجاية نقعد مع بعض ونتكلم كتير.
حملت زهرة حقيبة يدها وهمت بالانصراف، لكنها لمحت دكتور خالد قادم من بعيد، أشار لها أن تأتى، لمحته صفية، نظرت له طويلا وكذلك هو.
زهرة: ده دكتور خالد جوزى، أنا ماشية.
حياهم دكتور خالد وهو في مكانه ولم يتحرك، اقتربت زهرة منه فطوقها بيده وابتسم قائلا: إيه رأيك في المفاجأة دى؟
زهرة: حلوة قوى يا حبيبى.

ركب دكتور خالد سيارته وزهرة بجواره.
زهرة: ما جيتش أعرفك على أصحابى ليه؟
د. خالد: مش فاضي يا زهرة للكلام الفاضي ده، أنا جاى لك أنتى، ومش عايز أشوف ولا أعرف ولا أكلم حد غيرك.
زهرة: ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
د. خالد: تحبى تتغدى فين؟
زهرة: خليها في بيتنا، أنا تعبانة وعايزة أبقى على راحتى، وكمان الشغالة الجديدة أكلها حلو قوى.
د. خالد: مش هألحق يا حبيبتي، أنا رايح العيادة، وقولت أجى أشوفك عشان وحشتيني.

زهرة: خلاص يا حبيبي ناكل في المكان اللى تختاره.
نسى خالد أن يغير وضع الهاتف إلى الوضع الصامت، رن هاتفه برقم غريب، رد فكان المتصل صفية أو صافى.
صافى: وحشتنى.
ارتبك دكتور خالد وقال: أيوه يا أفندم أنا بعد نص ساعة هأكون في العيادة، قال هذا وأغلق الهاتف بسرعة.
أوصل دكتور خالد زهرة إلى البيت، وفور نزولها من السيارة اتصل بالرقم قبل حتى ذهابه إلى العيادة.
د. خالد: مين معايا؟

صافى: أنا عارفة إنهم كتير، بس أكيد أنا ما نسيتش صوتى ولا نسيتنى.
د. خالد: هتقولي أنتى مين وإلا أقفل؟
صافى بميوعة: أنا صافى، صفية، معقولة نسيتنى؟
د. خالد: كنت واثق إنك هترجعى تاني، أصل أنا زى النيل.
صافى: فاضي يا نيل؟
د. خالد: ولو مش فاضي أفضى نفسي لكى.
صافى: تحب نتقابل فين؟
د. خالد: في أى مكان يعجبك، العيادة، الشقة، حتى لو على سرير زهرة.

صافى: لا بلاش تهور، وبلاش العيادة، خليها في الشقة، ابعت لى اللوكيشن في رسالة.
د. خالد: أوك، نص ساعة وأكون عندك.

جاءت نرمين إلى زهرة.
زهرة: مالك يا نرمين قلقتيني لما اتصلتى.
نرمين: أنا عايزة أطلق يا زهرة، عمر طلع بيخونى.
زهرة: معقول؟! بعد كل الحب ده؟
نرمين: فتحت موبايله وهو نايم لقيته مكلم يجى عشرين بنت، وكلهم قايل لهم إنه أعزب، وبحبك وعايز اتجوزك.
زهرة: طالما كتير ما تقلقيش.
نرمين: إزاى بقى؟
زهرة: أنتى تقلقى لو كانت واحدة، وتشكى إنه بيحبها، لكن طالما كتير يبقى الموضوع كله تسلية.
نرمين: يعنى أعمل إيه دلوقتي؟

زهرة: ولا أي حاجة، زى ما قولت لك الموضوع ما يقلقش، اتعاملى عادى ولا كأنك عرفتى حاجة، لو واجهتيه هيعتذر وبعد شوية هيكرر الموضوع ويرجع يعتذر وشوية شوية الموضوع هيبقى عادى، وهتتعودى عليه، لكن لو بينتى إنك ما عرفتيش هيفضل خايف منك ويعمل لك ألف حساب.
نرمين: إزاى يا زهرة؟ ده أنا كنت عايزة أولع فيه.

زهرة: عبيطة، اتعاملي عادى جدا، بس لازم تهتمى بنفسك، تسمعيه الكلام اللى عايز يسمعه منهم، تشغلى كل وقته، قصقصى ريشه في العواطف مش في الفلوس، ما تخليش عنده حاجة لغيرك.

شقة خالد الخاصة
جلس دكتور خالد بجوار صافى يتقاسمان سيجارة معا.
د. خالد: مش عارف ليه وافقت إنى أقابلك تانى؟ مع إنى ما بأحبش أكل في طبق واحد مرتين.
صافى: أنا كمان زيك، بس أول ما شوفتك ما قدرتش أقاوم، لكن مش معنى زهرة بقالك خمس سنين معاها وما زهقتش؟

د. خالد: اسمها ستك زهرة، وطول ما أنتى قدامى ما تجيبيش سيرتها على لسانك القذر، أنا سايبك تقابليها بمزاجى، أنا قولتلك مرة زمان ابعدى عنها لفيتى ورجعتى تكلميها.
صافى: والله بعدت عنها، وأما أتقابلنا النهاردة أتقابلنا صدفة، ودى أول مرة، ولو عايزنى أبعد عنها هأبعد.
د. خالد: لا خلاص هي قابلتك، ولو قولت لها تبعد عنك هتسأل ليه، أنا سايبها لما تعرف حقيقتك وهي اللى تبعد عنك.
صافى: المهم أنت ما تبعدش.

د. خالد: قومى يا بت ياللا روحي، أنتى هتباتى هنا؟ هو البطل مش في البيت وإلا إيه؟
صافى: ده أنت عارف كل حاجه عنى، ده حب بقى؟ على العموم أنت كمان عجبتني.
د. خالد: أنا أحبك أنتى يا...
صافى: الله أحب الرجل السافل، اشتم يا حبيبي زى ما أنت عايز.
د. خالد: لو تحبى أضربك كمان بالجزمة أنا جاهز.
صافى: لا شتيمة بس، ما بأحبش الضرب.
د. خالد: طب يا يلا أختى عايز أروح.
صافى: تليفونى معاك لما أوحشك اتصل بيا.

ظلت زهرة تنتظر دكتور خالد حتى غلبها النوم.

شعر عبد الرحمن بألم شديد، وبعد إجراء الفحوصات الطبية عليه اتضح إصابته بسرطان الكبد والبنكرياس.
عايدة: مليون سلامة عليك يا عبدو، يا ريتنى كنت أنا.
عبد الرحمن: بعد الشر عليكي يا حبيبتي، ى ما يوريكى التعب اللي أنا فيه.
عايدة: يا حبيبي ياريتنى أقدر أشيله عنك.
عبد الرحمن: كفاية إحساسك يا حبيبتى، أنا مش عارف من غيرك كنت عملت إيه، أنتى اللى مهونة عليا كل الصعب اللى في الدنيا.

عايدة: ربنا يقدرنى يا حبيبي ويخليك ليا، ويجعل يومى قبل يومك.
عبد الرحمن: ده أنتى عايزة تموتينى بالحسرة بقى، أنا لو بعد الشر جرالك حاجة هأموت وراكى على طول.
عايدة: يعني أنا اللى قلبى جامد؟ ما أنا كمان مش هأستحمل بعدك ثانية.
عبد الرحمن: ربنا يجعل ساعتنا ساعة واحدة، وما يعذبش حد بفراق التانى.
عايدة: يارب.

دخلت زهرة الجريدة، فوجئت بجميع العاملين ملتفين حول مدحت وشرين، والساعى يوزع مشروبات غازية وشوكلاتة.
مدحت: باركى لنا يا مدام زهرة، أنا خطبت شرين.
زهرة: ألف مبروك، أخيرا يا شرين وافقتى، ربنا يتم لكوا على خير.
شرين مازحة: يلا بقى أحسن ما أعنس.
ضحكت زهرة وقالت: أستاذ مدحت أنسان محترم، وكفاية إنه بيحبك.
مدحت: قولى لها يا مدام زهرة.
شرين: بصراحة أنا وافقت لما لقيته فعلا محترم وقريب من ربنا.

زهرة: ربنا يسعدكوا يا حبيبتي.

تكررت لقاءات دكتور خالد وصافى، فانشغل عن عايدة قليلا لكنها لم تهتم حيث انشغلت مع عبد الرحمن، ومتابعته للأطباء، وفجأة اتصل بها يطلب لقائها، كانت معه في مركز أشعة خاص.
عايدة: دلوقتي يا خالد؟
أنا مع عبد الرحمن بيعمل أشعة رنين.
د. خالد: لو ما جيتيش مش عايز أعرفك تانى.
عايدة: لأ خلاص أنا جاية لك حالا، بس في العيادة عشان قريبة.

تركت عايدة زوجها وذهبت إليه، تحججت بأنها ذاهبة لإحضار نتيجة تحليل أجراه في الصباح في معمل تحاليل بعيد قليلا عن مركز الأشعة.
تواعدا العشيقان على اللقاء، لم يردعهما مرض عبد الرحمن وما به، لم يتعظا مما أصابه، أصبحا شيطانين في صورة بشر، هي تركت زوجها في أقسى لحظات مرضه وذهبت إلى عشيقها، وهو لم يرحم صديقه حتى في مرضه، لهما من الله ما يستحقا، ولك الله يا عبد الرحمن أنت وزهرة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة