قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث والثلاثون

رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث والثلاثون

رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث والثلاثون

انتفض لا إراديا موضعه على الفراش دون سبب ظاهر، تطلع نحوه في تيه، لتقع عيناه عليها، تلك المسجاة جواره في سكينة وادعة، جعلت نظراته تتسمر موضعها، لترتسم على شفتيه ابتسامة رضا، فها هو ذاك الخاطر الذي طالما راوه في احلام يقظته، وكان يطرده من مخيلته زاجرا، لعلمه بعدم مشروعيته حينها، ها هو يصير حقيقة واقعة أمامه، لتصبح زوجته وحلاله، همهمت فأغلق عينيه في محاولة للتصبر حتى لا يوقظها شوقا، لكن ما أن هم بوضع كفه على وجهها، حتى أرتفع صوت أذان الفجر داعيا، ما دفعه لينهض في حرص نحو الحمام، يحاول اللحاق بالصلاة قبل أذان الإقامة، يصله صوت مؤمن الهواري مؤذنا، وقد أدرك أنه كعريس بليلة زفافه قد لا يلحق بالصلاة مؤذنا، لكنه على الأقل يرغب في اللحاق بها مصليا.

خرج في هوادة من الحجرة، مغلقا بابها في بطء، مهرولا في اتجاه المسجد.
غاب بعض الوقت، حتى إذا ما انتهت الصلاة، عاد للسراي، ليجد جده قد استيقظ بدوره، فألقى عليه تحية الصباح، ليهتف عاصم الجد في تعجب: واه، يا مرحب بعريسنا، كنت بالچامع ياك!؟
أكد عاصم الحفيد: ايوه يا چدي، جلت ألحج صلاة الفچر.
فتح عاصم ذراعيه لحفيده ما أن اقترب منه، مهللا في سعادة: طب تعال في حضن چدك يا غالي..

اندفع عاصم بين ذراعي جده المشرعين لأجله، ليربت عاصم على ظهر حفيده في قوة، هامسا في مجون: ولدنا شٓديد، ولا إيه!؟
لم يجب عاصم على مزاح جده، ما دفع الجد ليبعده عن أحضانه قليلا، متطلعا نحوه في توجس، هامسا في تساؤل: إيه في يا واد!؟
قهقه عاصم مضطربا: والله مفيش يا چدي، كله تمام.
همس عاصم لحفيده رابتا على كتفه في مزاح: لو فيه حاچة جول، أني كبرت صحيح، بس لسه جادر اشورك فأمور الحريم برضك، چربني..

اتسعت ابتسامة عاصم الحفيد مؤكدا: معلوم يا چدي، وستي زهرة تشهد لك..

قهقه عاصم الجد منتشيا، رابتا على كتف حفيده، هامسا وهو يتنهد في تفهم: والله راچل يا واد، اوعاك تخرچ سر بيتك لمخلوج، ولو كان مين، عمري ما خرچت اللي بيني وبين ستك بره اوضتنا، بالك أنت كانت حياتنا كلها عسل، لاه، كانت من ده على ده، بس حلوها أكتر، وده اللي كان بيصبرنا على المر اللي كان بيظهر من وجت للتاني، شوفت أيام صعبة كتير جوي، ولولا وجفة ستك فضهري، ولولا دراعاتي اللي كانت مفتوحالها وجت ضيجها، ما كنا عديناها.

وتنهد عاصم الجد هامسا: اسمع مني يا حبيبي، كلام جالهولي أبويا الله يرحمه، وأني شابلة على درعاتي دي، فمرضه الأخير، جالي مرتك دي ارضك يا عاصم، هتبدر فيها مودة هتطرح محبة وفرح، هتبدر فيها إهمال وجلة جيمة، هتطرح بلا أزرج على نفوخك ونفوخ اللي خلفوك.
قهقه عاصم الحفيد، ليستطرد عاصم الجد، مستفسرا: واعيلي يا ولدي.

تنهد الجد يلتقط أنفاسه، قبل أن يهمس مستطردا في نبرة عابثة: بالك، أني هجول لك سر محدش يعرفه أبدا..
ابتسم عاصم مؤكدا: سرك فبير يا چدي..
أكد الجد في نبرة ماجنة: عارف زهرة ستك اللي أنت واعيلها كيف النسمة دي، كانت فرسة چامحة من كله، لكن بالصبر، الحديد لان وبجى ملبن.
وقهقه وهو يتذكر ما كان بينهما، ليشاركه حفيده ضحكاته، التي قاطعتها زهرة الجدة متطلعة نحوهما في شك هاتفة: أنت بتقول ايه للواد يا عاصم!؟.

وتوجهت نحو حفيدها بناظريها مؤكدة: أوعى تسمع كلام جدك، أنت لسه عريس جديد، نصايحه بلاش منها..
هتف عاصم الجد مازحا: ميسمعش كلامي ده إيه!؟ ده أني نصايحي فيها المفيد كله، طب عيني فعينك كده!
هتفت زهرة مازحة بدورها: عيني وجعاني ومش معايا النضارة..
هتف عاصم الجد مازحا بدوره: أهااا عچزت ومبجتش تشوف شبر جدامها، أني أروح اتچوزلي بت صغار ترچع لي شبابي..

قهقه عاصم الحفيد على مزاح جده، وعبوس جدته، التي هتفت في حنق: بقى كده يا عاصم، مااشي..
قهقه عاصم الجد مؤكدا: هو أني أجدر برضك، هو أني عندي كام زهرة!؟
أكدت زهرة باسمة: اتنين.
هتف عاصم الجد مازحا: لاااه هي واحدة بس، التانية بتاعت الواد الخايب ده..

وأشار لحفيده الذي كان يجلس على مقربة منه، متطلعا للمزاح الدائر في سعادة بين جدته وجده، وخاصة عندما هتف جده لها: تعالي بجى مش صالحتك، خديني الچنينة وهاتيلي فطار من بتاع العرسان..
قهقهت زهرة هاتفة: هيبقى تقيل عليك يا عاصم..

سار عاصم مستندا عليها وهما يتجها للخارج، يميل عليها هامسا ببعض كلمات ماجنة، والتي لم تصل لمسامع حفيده، وجلبت القهقهات لحنجرة جدته في سعادة، جعلته يتطلع نحوهما منتشيا، يتمنى لو طال به العمر لتصبح علاقته بزهرة مثل علاقة جدوده الرائعة، والتي يبصرها اللحظة في أسمى صورها.

نهض متوجها في شوق نحو حجرته، وما أن دلف لها في هدوء، حتى وجد الفراش شاغرا، فتأكد أنها بالحمام، هم بخلع جلبابه مبدلا إياه بغيره، لكنه توقف ما أن طرق الباب، ليجد الخادمة تحمل صينية الإفطار، تناولها مدخلا إياها، وما أن أغلق الباب واضعا إياها جانبا، حتى خرجت زهرة من الحمام، تطلعت نحوه في خجل، ما دفعه ليتحرك نحوها في شوق، مطوقا إياها بين ذراعيه، ملثما جبينها في سعادة، هامسا: صباحية مباركة يا عروسة.

همست باسمة: الله يبارك فيك.

مد كفه محتضنا كفها، جاذبا إياها نحو طاولة الزينة، أمرها بالانتظار لحظة، غاب عابثا بمحتويات أحد الأدراج، ومن ثم توجه نحوها، رافعا سلسال رقيق ليضعه حول جيدها المرمري الذي ما زالت بعض قطرات المياه تزينه كما تزين بتلات زهرة بصباح باكر، اتسعت عيونها في انبهار، وهي ترى السلسال الذي تدلى من عنقها، واضعة كفها على تلك الدلاية التي تتدلى منه، كانت عبارة عن اسمه، يحتضن في رقة زهرة رقيقة، همست في تعجب: إيه الجمال ده يا عاصم! جبتها منين دي!

همس وهو يحتضنها من الخلف: مچبتهاش، كان فيه محل بيعمل بالطلب، بعت عملتها، فاكرة لما وصلنا فريدة ووقفت بالعربية، وقلت لك هچيب حاچة!؟
هزت رأسها مؤكدة على تذكرها، ليستطرد وهو يشدد من ضمها إليه: يومها كنت رايح استلمها، كنت خلاص نويت اتجدم لك، وجلت لو من نصيبي، هتكون هديتك يوم صباحيتنا، ألبسهالك بنفسي بيني وبينك، ومتقلعيهاش من رجبتك أبدا.

تعلق كفها بالسلسال في محبة، هامسة في سعادة: بجد رووعة يا عاصم، لا يمكن هخعلها أبدا، دي هديتك الغالية.
تطلع نحوها عبر المرآة، هامسا بالقرب من مسامعها: تصدجي بأيه!
همست متطلعة نحوه عبر المرآة بدورها: بالله.
استطرد في نبرة عاشقة: أنا مش مصدج لحد دلوجت إنك بجيتي حلالي، خايف يكون ده كله بحلم.

استدرات في هدوء، بفراغ ذراعيه، لتصبح قبالة صدره، تضع باطن كفها فوق صدره، مدركة لصخب خفقات قلبه المرددة لاسمها، رافعة ناظريها متطلعة نحوه في عشق جلي، يرقص بحدقتي عينيها فرحا، هامسة في وجد: لا صدق يا عاصم، أنا هنا، زهرة اللي عمرها ما تمنت حاجة فدنيتها، إلا إنها تكون معاك وبس.

ضمها إليه، يتطلع نحوها في هيام جارف، وتلك الرقة تأسر مجامعه، وكلماتها التي تلقيها اللحظة على مسامعه، تذيب كل أوجاع الماضي كأنها لم تكن، وكأنها كانت ثمن عادل مقابل هذه الروعة التي تشجيه وتطربه، لتستطرد في نبرة تقطر دلالا، تبثه إحدى خواطره التي كانت تحفظها عن ظهر قلب: أنا عاشقة المرة الأولى، وأنت رجل لايترفق بأمثالي، تسحق القلب تبعثره، ثم تلملم نبضاته وتعجنها، بماء العشق ورائحة الياسمين، لتخلق منه قلب امرأة أخرى، امرأة خُلقت للحب.

واستطردت وهي ترفع نفسها على أطراف أصابعها، حتى تطال ذقنه، لتضع هناك تذكار محبة، وهي تهمس في وجد: فهلا ترفقت يا شيخ العاشقين!
زلزلته أفعالها، ليعتصرها بين ذراعيه، رافعا إياها عن الأرض قليلا، هامسا في صبابة رافقته عمرا: يا الله، أحبها أكتر من كده إيه يا رب.
دمعت عيناها، لوقع كلماته على قلبها، لتطوق عنقه بذراعيها، ليرحل بها بعيدا، نحو دنيا الوصل، التي انتظراها طويلا، حتى حان أوان اجتماعهما أخيرا.

رن هاتفه فتطلع نحوه وهو ممددا على فراشه، مظهرا رقم غير مسجل، كان يفكر فيها لتوه، لينتفض ما أن أتاه صوتها المتردد هامسا: إزيك يا راضي!
هتف مجيبا بصوت متحشرج: نعمة!
همست مؤكدة: ايوه يا راضي، أنا نعمة، مبتسالش من يوم ما اتخطبنا قلت أسأل أنا، واقول لك ألف مبروك ليونس.
تنحنح محرجا، هاتفا في حزم: مكنتش عارف إني لازما أكلمك، جلت يمكن ده يضايجهم عندك.

هتفت نعمة مؤكدة: راضي، أنت بقيت خطيبي، لازم أعرفك وتعرفني، وخاصة إننا بعاد عن بعض، كل واحد فحتة، فمفيش طريقة تواصل بينا إلا التليفون.
هتف راضي مضطربا: طيب، هبجى أكلمك مرة فالاسبوع نتفج على ميعادها.
هتفت نعمة ساخرة: مرة فالاسبوع! كتير الصراحة.
هتف راضي متعجبا: طب إيه!
هتفت نعمة في حنق: ولا حاجة يا راضي، ألف مبروك ليونس مقدما، سلام..

ألقى التحية واغلق بدوره، لا يعلم من منهما المخطىء، هو لا يعرف كيفية التواصل معها، ولا كيف يمكنه التودد لها، نعمة هي الفتاة الأولى التي حركت ذاك الصنم الذي يخفق بين جنبات صدره، ليدرك حين مراها، أن هناك شىء ما دوما ما كان يسمع عنه، ورأي صنيعته في حال يونس أخيه ذات يوم، اسمه العشق، الذي ظل يهرب منه لكنه ما استطاع الفرار للأبد، فقد كان طيفها يحاصره، حتى اعترف أخيرا أن لا حياة إلا بقربها، لكن كل هذه الاعترافات كانت بينه وبين نفسه، لم يبح بها لمخلوق، ليس لسبب إلا أنه شخص قليل الكلام، لا يملك الفصاحة أو حتى القدرة البسيطة عن التعبير، حبه يترجم إلى أفعال مجسدة، قد لا يستطيعها الكثيرون، لكن القول والافصاح، ذاك الأمر الشاق الذي لم يعتده مطلقا، لهو أمر شاق على نفسه.

تنهد في ضيق، لا يعلم كيف يراضيها، يتعجب من نفسه، فهو الذي ما حمل هم إرضاء مخلوق كل هذا الحمل، ليتوقف أمام ارضائها محاولا ايجاد طريقة لذلك، تأكد أن نعمة غيرت بداخله الكثير، لكن هل من الممكن أن تتقبل طبيعته الخرساء تلك! هذا ما أصبح يقلقه، يخاف أن يظلمها بطبيعته تلك، فماذا هو بفاعل! ليت يونس بالجوار لكان استشاره في هذا الأمر، وهو الخبير في أمور العشق، لكنه هناك، بنجع الحناوي، يقضي أيام زواجه الأولى، ولا يريد إزعاجه، وتكدير صفو أيامه، بترهات مشاعره المبعثرة تلك.

تنهد في حنق، لكنه وبلا وعي، وجد نفسه يدق على رقمها، طال الرنين حتى ظن أنها لن ترد، هم بإغلاق الخط، لكنها أخيرا ردت تحاول أن تضبط أنفاس تنفسها، التي اضطربت بعد أن رأت اسمه على شاشة جوالها، وقد أوشكت على إضاعة الاتصال، مقررة تجاهل الرنين، لأنها كانت بصحبة أمها بالمطبخ، لتهمس: ألووو..

هتف راضي في صوت ثابت النبرة رغم اضطرابه وفوضاه الداخلية: نعمة أنا عايز أجولك كلمتين، يا ريت تسمعيهم وبعدين مترديش على طول، يعني خدي وجتك.

لم تعقب نعمة، تتوجس من كلامته القادمة، ليهتف بعد فترة صمت قصيرة، التقط فيها أنفاسه حتى يستطيع المتابعة في ثبات كما بدء: نعمة، أنا مش راچل هيجدر يسعدك بالكلام، أني مليش فالكلام، مبعرفش، أني أعمل وبس، لكن الكلام المعسول والحكاوي، أني، فهماني، يا رب تكوني فهمتي جصدي، وأني بخيرك يا بت الناس، وبجولك على طبعي، عشان تشوفي، لو يناسبك نكملوا، ولو ميناسبكيش، يبجى كل واحد يروح لحاله، أني خايف أكون بظلمك معاي.

ساد الصمت من جديد، ليهتف هو متعجبا: إيه جولك!
هتفت نعمة بصوت متحشرج: أنت مش قلت مترديش دلوقت وخدي وقتك!
هتف مضطربا: ايوه صح.
هتفت نعمة: بس أنا ممكن أسألك سؤال!
أكد راضي: خير!
همست نعمة بنبرة مخنوقة تحاول أن تتحكم فيها حتى لا تجهش فالبكاء: لو قلت مش هقدر يا راضي هتعمل ايه! متجاوبش دلوقت، خد وقتك.

هتف راضي مؤكدا: خدته من زمان يا نعمة، خدت وجت طويل جوي عشان أعرف اتچرأ وأكلم أخوكِ أجوله أني عايز نعمة، عشان..
همست نعمة تترجاه بصوتها أن يقول ما تود سماعه حتى ولو لمرة واحدة: عشان إيه يا راضي، عشان أنا اخلاقي كويسة وبنت ناس طيبين، و..
هتف راضي يقاطعها: البنات الكويسين كتير، لكن مفيش إلا نعمة واحدة بس.

سال دمعها، فقد كانت كلمته الأخيرة تلك تكفيها، لذا همست في رقة: وأنا كمان خدت وقتي يا راضي، وأنا راضية أكمل، هتسيب الكلام عليا، وهخلي الفعل عليك.
اتسعت ابتسامته في سعادة هامسا: حيث كده بجى، يبجى أنا رايح أكلم عمي ناصر.
همست في خجل: تكلمه فأيه!
همس مؤكدا: هتعرفي لما يجولك، سلام عليكم.
همست مودعة: وعليكم السلام.
تركت هاتفها جانبا، وأخذت تدور فالحجرة بسعادة غامرة.

رن جرس هاتفه المحمول، ما دفعه ليتناوله مجبرا، فهو لا يحب استخدام مثل هذه الأجهزة التي تقطع عليه لحظات صفائه وتأمله، لم يكن يدرك من المتصل، فقد كان نظره أضعف من التركيز على اسم المتصل قبل الرد، لذا هتف بحزم: ألوو..
هتف زكريا من الجانب الأخر: خبر إيه يا واد عمي! هتتخانج مع اللي چاي يبارك لك!؟
قهقه عاصم ما أن أدرك صوت زكريا هاتفا: كيفك يا زكريا، اتوحشتك!؟

هتف زكريا في محبة: ألف مليون مبروك يا عاصم، والله فرحت لعاصم الصغير، ربنا يرزجه الذرية الصالحة يا رب.
هتف عاصم مؤمنا: اللهم أمين، تسلم لي يا زكريا.
هتف زكريا مازحا: كبرونا العيال دي يا عاصم، بجينا بنچوز أحفادنا يا واد عمي!
هتف عاصم مازحا: مين ده اللي كبر! ده أني بفكر أچوزك عن جريب، بدل جعدتك دي.
هتف زكريا مقهقها: چواز إيه تاني، ولا أجول تالت! لاه بعد أم هدير، وخلاص جفلنا السكة دي.

هتف عاصم مازحا: ليه كده! وأني اللي جولت تشچعني وأعملها معاك!
قهقه زكريا مستفسرا: أنت كد الكلام ده يا واد عمي!؟
أكد عاصم مقهقها: عايز الحج ولا ابن عمه!
أكد زكريا مؤكدا: الحج يا عاصم.
استطرد عاصم باسما: لاه أني مش كده، بس يعني لا جول ولا فعل، خلي الواحد يفرج عن نفسه شوية.
قهقه زكريا هاتفا: يا رب أم مهران متكنش سمعاك.

أكد عاصم وهو يتلفت حوله مؤكدا: لاه الدار أمان، أحسن الواحد مش كد أم مهران ولا كد زعلها، من خاف سلم يا بوي.
انفجر زكريا مؤكدا: والله أنت ما تجدر برضاها أو من غير.
أكد عاصم هاتفا: والله صدجت، مجدرش.
هتف زكريا في مودة: ربنا يخليكم لبعض يا عاصم، ويطول فعمركم لحد ما تفرحوا بولاد ولاد ولادكم يا رب.
هتف عاصم: ويطول فعمرك يا زكريا.
أكد زكريا باسما: أكتر من كده يا عاصم، الواحد طول بچد.

هتف عاصم معترضا: واه، يطول كمان وكمان فطاعته يا واد عمي.
ابتسم زكريا مؤكدا: يطول يا سيدي، بس يعني هو مهما طول هنروحوا فين!.
واستطرد مازحا: مالنا جلبناها سواد كده ليه! ده إحنا حتى ففرح وصباحية! جوللي بجى هتفطر من فطور العرسان، ولا صحتك خوخت ومبجتش تاچي ع الحاچات الچامدة دي!
أكد عاصم باسما: ده مين ده اللي صحتك خوخت يا عچوز!؟ ده أني هفطر منِه جبل منِهم.

قهقه زكريا هامسا: ربنا يديك الصحة، وتاكل وتتبسط، ومبروك يا عاصم لعاصم.
ابتسم عاصم مؤكدا: الله يبارك فيك، عجبال فريدة عن جريب يا رب، ومن جبلها بدور بإذن الله.
هتف زكريا متضرعة: يا رب، حازم جال لي إن واد چعفر أبو منصور، چاي يخطبها بكرة مع ناسه.
أكد عاصم: ايوه صح، حضرة الظابط منتصر، راچل چدع، ربنا يتمم لهم على خير يا رب، الواد بچد يستاهل بتنا، وخصوصي بعد اللي حكاه حازم على اللي عمله معاها.

أكد زكريا متعجبا: ايوه يا عاصم، والله ما كنت أعرف كل اللي حصل ده، جال إيه كانوا مخبيين عليا خايفين على صحتي، والله جلبت عليهم كلهم، كيف يخبوا حاچة واعرة كيف اللي حصل للبت، وما حد يجول، اتركنا ع الرف يا عاصم.

هتف عاصم مهدئا: لاه، كيف ده، بجي ده كلام يا زكريا، هم بس كانوا خايفين علينا، دي البت كان ممكن تروح ومترچعش، لولا الواد منتصر ده ما طلع چدع بصحيح، واللي يهمنا أول عن أخر، إنها رچعت بالسلامة، فمتخدهاش على أعصابك كده، مبجيناش نستحملوا يا زكريا.
تنهد زكريا مؤكدا: عندك حج، المهم إن بدور بخير، ورچعت بالسلامة، وهنفرحوا بها عن جريب، ياللاه خلونا نخلصوا من چنانها، ويلبسها واد أبو منصور.

قهقه عاصم مؤكدا: يا خوي عاچبه ومحبب على جلبه چنانها، ربنا يسعدهم يا رب.
هتف زكريا متضرعا: يا رب.
واستطرد مستأذنا: روح بجى يا عاصم، أني اتكلمت كتير فالبتاع ده، بيوچع لي ودني، أجول لك سلام.
هتف عاصم مبتسما: سلام يا عچوز.
قهقه زكريا وهو يغلق الهاتف، ليضع عاصم هاتفا جانبا، معاودا تأمله من جديد.

تطلعت إلى هاتفها عندما وصلها اشعار ما على أحد التطبيقات، وما أن طالعت الرسالة حتى انتفضت معتدلة على فراشها، كانت رسالة بكلمة واحدة: وحشتيني.
دمعت عيناها فما كان شوقه بأقل من شوقها شدة، همت بإرسال الرد، لكنه عاجلها أمرا: عايز اشوفك دلوقت حالا.

تطلعت للرسالة في تعجب، فكيف ذلك وما يفصل بينهما ألاف الأميال، اعتقدت أنه يريد فتح كاميرا أحد التطبيقات للتواصل عبرها، فنهضت من فورها ترتدي حجابها تستر شعرها، فقد كانت في أمس الحاجة لرؤيته بالفعل، عادت تحمل هاتفها بعد أن اتمت اعداد نفسها للمحادثة بالفيديو، لكنه أمرها من جديد: بصي من بلكونة أوضتك حالا.

اندفعت بلا وعي نحو الشرفة تتطلع كالمجنون بكل اتجاه، فإذا به ها هنا أسفل الشجرة القريبة من الشرفة التي أخبرته بها يوما، أنها كانت وسيلة الهرب من حصار جدتها لها، شهقت في صدمة، وهي ترى مروان يقف في محاولة للثبات على عكازه، متطلعا لها هاتفا في مزاح: مش هاتنزلي بقى يا فيحاااااء.

قهقهت واندفعت نحو الدرج ومنه للخارج، حتى إذا ما وصلت لموضعه الذي يقف مستندا فيه على جذع الشجرة الضخم، اعتدل ببطء، يقف مصلوب القامة، متطلعا نحوها في فرحة، هامسا في سعادة فاقت الحد: أنا على رجلي أخيرا، والفضل لك بعد ربنا.
شهقت باكية وهي تتطلع إليه في فرحة غامرة، شهور طويلة في انتظار هذه اللحظة، وأوجاع عدة قاستها في سبيل تحقيق هذا الحلم الذي كان صعب المنال،.

هتفت والدموع تخنق أحرفها تأثرا: ألف مبروك يا مروان.
واقتربت منه في وجد، تتطلع نحو محياه وعيونها تجول في قسماته هامسة ما أن توقفت قبالته مباشرة، ترفع رأسها تتطلع نحو عينيه: مكنتش متوقعة إنك طويل عني كده!
همس مروان وهو يتطلع نحو عينيها: وأنا مكنتش متوقع إنك حلوة قوي وأنت قصيرة كده!

اخفضت عيونها حياء، وابتعدت قليلا عنه في اضطراب، عندما جاءهما صوت منتصر، مهللا في ترحيب: أهلا بالفارس الهمام، حمد الله بالسلامة، لسه سامع برجوعك حالا.
هتف مروان في نبرة ثابتة، مقدرا ما فعله منتصر لتوه، في محاولة لتجاهل تواجده هنا دون علم أهل الدار: الله يسلمك يا حضرة الظابط، أنا مكنتش أعرف إنك هنا، معلش لسه واصل حالا، وجيت..

ربت منتصر على كتف مروان مقاطعا، ومشيرا نحو موضع المقاعد ليجلسوا، بينما هتف أمرا أية: ستي كانت بتنادي عليك يا أية.
هزت أية رأسها في طاعة، واندفعت مبتعدة للداخل، لكنها ظلت تتبع خطواتهما من موضع ما، لترى ما يحدث، وما أن جلس منتصر حتى هتف بمروان: ايوه بقى يا مروان باشا، كنت بتقول حاجة وقاطعتك عشان نقعد..

وعلت ضحكته، وقد استطرد هاتفا، مشيرا لكلاهما: ما أنت شايف حالتنا عاملة إزاي! كان لازم نقعد، العضمة كبرت باينها!
اتسعت ابتسامة مروان، مؤكدا: عندك حق، أصل الكلام اللي هيتقال عايز له قاعدة فعلا، مينفعش ع الواقف.
تطلع منتصر نحوه متسائلا: كلام إيه! فيه حاجة!

أكد مروان في ثبات: أنا يمكن وصلك إني جيت أطلب أيد الآنسة أية قبل كده! وطبعا لظروفي ساعتها، الطلب اتقابل بالرفض من الحاجة وجيدة، لكن الظروف اختلفت زي ما انت شايف وأنا..
هتف منتصر مبتسما، وهو يربت من جديد على كتف مروان: أنت تشرف الباشا يا مروان، سواء قبل كده او دلوقت، وأنا مش هلاقي لأختى أحسن منك ياخد باله منها ويصنها، هات الوالد والوالدة وتعالوا اطلبوها رسمي، أنت عارف الأصول.

هتف مروان متسائلا: بكرة كويس.
هتف منتصر مازحا: لا أنت كده جاي هتقطع عليا، أنا رايح بكرة أخطب بدور بنت عمك حازم الهواري، وأنا ما صدقت.
قهقه مروان: لا ربنا ما يجعلنا من قطاعين الأرزاق، خلاص نخليها كمان ساعتين حلو كده!؟
قهقه منتصر هاتفا: خلاص يا عم، المهم أنها بعيد عن بكرة، واعمل اللي أنت عاوزه.
نهض مروان في هوادة هاتفا: خلاص بعد ساعتين بإذن الله نكون عندكم.

هتف منتصر في سعادة: ألف مبروك مقدما، في انتظاركم.
ما أن رحل مروان، ودخل منتصر الدار، حتى هلت أية والفضول قاتلها، تسأله: هو مروان كان عايزك في إيه يا منتصر!
هتف منتصر مدعيا الحنق: وأنت مالك!
وتطلع نحوها عندما وجد الحزن يخيم على وجهها، لتنقلب نبرة صوته أمرا: أنت تطلعي من سكات تجهزي نفسك عشان عندك ضيوف جايين بعد ساعتين، يطلبوا إيدك، ياللاه على أوضتك، بلا دلع بنات ماسخ.

همت أية بامساك ذراع منتصر السليمة، تتقاذف في سعادة، ليجذب منتصر ذراعه بعيدا، هاتفا في مزاح: اوعي إيدك، ده انا متكلمين عليا، بدور تعملك بسطرمة والنعمة.
قهقهت أية في سعادة لم تشعر بها منذ زمن بعيد، ليتطلع لها منتصر في فرحة هاتفا: ألف مليون مبروك يا أية، والله فرحتي النهاردة ملهاش زي، كنت عايز اطمن عليك قبل ما أنا أخطب وأرجع الشغل تاني، واهو الحمد لله، ربنا بعت لك مروان، ابن حلال وبيحبك بجد.

دمعت عينى أية هاتفة: ربنا يخليك ليا يا منتصر، مش عارفة لو أنت مش موجود كان إيه اللي حصل لي أنا وستك.
تنهد منتصر مؤكدا: متقوليش كده يا عبيطة، ده أنتِ اختى الصغبرة، وستي مهما حصل منها هتفضل على راسي من فوق، أنا مليش غيركم.
هتفت أية تشاكسه: وبدور!
تطلع منتصر نحوها متصنعا الشدة: بنت، اللي فسنك عيب يتكلم فالحاجات دي، يجري على اوضته عشان يجهز للناس اللي جاية دي.

قهقت أية مندفعة نحو الدرج، ليهتف منتصر مؤكدا: انجزي يا أية عشان أنا عارف أنا قلت لمروان بعد ساعتين، هلاقيه هنا بعد دقتين، عارفها أنا السربعة دي، عقبالي يا رب، امتى يجي بكرة!

جاءته قهقات أية، على تعليقه، ليتطلع حيث اختفت أعلى الدرج، يمني نفسه بقرب الوصل مع من أثرت قلبه منذ سنين طويلة، حين جذبها من قفاها معتقدا أنها إحدى المتسولات التي تتطفل على فيلا حمزة الهواري، قهقه للذكرى، واعاد سؤاله من جديد، متضرعا: يا رب بقى امتى يجي بكرة!

دخل ليجدهم كالعادة، مجتمعين حول مائدة الطعام، جلس بينهم في اضطراب، فمنذ اعترف لها بمحبته ورغبته في الاقتران بها، وهو يحاول أن يجد الطريقة ليفاتحهم برغبته في الارتباط بها.
تطلع نحو جده المعلم خميس، هاتفا في تهكم: في إيه يا باشمهندس! شكلك عايز تقول حاجة!
تطلع نادر نحوه هاتفا: لا، هقول إيه يعني!
هتف ناصر ساخرا بدوره: يعني مفيش حاجة عايز تقولهالنا!
هتف نادر متعجبا: حاجة ايه! انتوا مالكم النهاردة!

هتفت جدته نعمة وشيماء أمه تحاول مداراة ضحكاتها: يعني يا باشمهندس فكر كده! مش عايز تخطب، أو حتى تتكلم على حد.
تطلع نادر إليهم في توجس، ونظراتهم تحمل خليط من المزاح والسخرية، لذا هتف مناديا نعمة التي كانت تختبئ بالداخل: يا نعمة، تعالي هنا.
اندفعت نعمة من المطبخ تتحامى خلف أبيها هاتفة من خلف ظهره: عايز إيه! وأنا مالي.

هتف نادر في حنق: يعني كلكم عارفين وسيبني أفكر افاتحكم إزاي! طبعا الست حسن ذاعتها فالراديو..
هتفت نعمة مدافعة: أنا اللي قلت لهم، حُسن ملهاش دعوة، هي قالت أنا بس من فرحتها إنك..
هتف نادر مقاطعا، يتساءل في لهفة: هي كانت فرحانة بجد!
قهقه خميس مؤكدا: والله عيل غشيم بصحيح، البت بتحبك من زمن، وأنت ولا هنا.
هتفت شوشو في فخر: ايوه اومال ايه، ما هو نادر يتحب، الله أكبر.

هتفت نعمة مازحة: القرد فعين أمه، ما هي البت الله أكبر، جمال ومال، انتوا نسيتوا بقت إيه، دي بعد ما رجعت من عند عمتها بقت حاجة تانية، ده نسوان الحارة داخلين خارجين علينا هنا يتوسطونا يطلبوا ايدها.
هتفت نعمة الحفيدة مؤكدة: حُسن تعجب الباشا، بس نقول ايه فاللي كان عامي عينه وقلبه.
هتف نادر معترفا: والاعمى فتح يا ستي، وعرف غلطته وعايز اكتب قبل ما ابن عمتها يسافر.

هتف خميس مهللا: الله أكبر، هو ده الكلام بقى.
تطلع ناصر نحو نادر، مقتربا منه هامسا به: بتحبها يا واد!
هز نادر رأسه مؤكدا، ليجذبه ناصر بين ذراعيه هاتفا في سعادة: الف مبروك يا باشمهندس، البت زي الفل، ربنا يتمم لكم على خير يا رب.
دمعت عينى نعمة الجدة وكذا شيماء التي ارتفعت عقيرتها بسلسلة من الزغاريد، ليتطلع نحوها ناصر هاتفا: استني عشان تزغردي بالقوي، راضي خطيب المعدولة دي..

وأشار نحو نعمة ابنته مستطردا: لسه مكلمني، جال عايز يجدم ميعاد الفرح عشان الشجة بتاعتهم جال إيه خلصت.
شهقت نعمة في رقة، بينما ارتفعت عقيرة أمها من جديد بالمزيد من زغاريد الفرحة، التي اختلطت بالدموع.

طبول ومزامير، لازالت صادحة بالخارج، لكنه ترك كل ذلك خلفه، مندفعا نحو موضع العروس بين النساء، ليحملها من بينهن، ما بين همسات النسوة وضحكاتهن، وتلميحاتهن الماجنة، مندفعا نحو الطابق العلوي، والزغاريد تصدح في تتابع تتبارى أمه مع أمها، في إطلاقها في سعادة.

ما أن دفع باب الشقة، حتى تملصت من بين ذراعيه مسرعة نحو حجرتهما، اغلق باب الشقة مهرولا خلفها بدوره، كانت تقف في منتصف الغرفة كالتائهة، توليه ظهرها في اضطراب، لكنها استدارت متطلعة نحوه من خلف غلالة طرحتها التلية، حين هتف بها في مجون، راقصا مقلدا أحد الممثلين الكوميديبن: سوسو يا سوسو..
هتفت به في ريبة: أنت عايز إيه!؟

هتف يونس متعجبا: عايز إيه!؟ بزمتك في عروسة تجول لعريسها ليلة فرحهم عايز إيه!، ما أني اللي غلطان، أني اتچوزت واحد صاحبي، هستني إيه يعني منِك يا سماحة!؟، واد يا سماحة، بجولك.
هتفت به سماح تقاطعه في حنق: متجلويش يا واد، جال واد جال..
هتف يونس يشاكسها: هو أني شايف منك حاچة غير صوتك ده، اللي بيفكرني بالواد سماحة صاحبي، ما تهلي كده من ورا الستارة دي، وريني الچمال.

قهقهت سماح، فهتف بها في شوق: يا وعدي، اهي دي الضحكة ولا بلاش، علّي الضحكاية علّي، ولا أجولك علّيها بس نص نص، كده هننفضح رسمي..
ارتفعت ضحكاتها من جديد مؤكدة، مشيرة نحو وجهها: دي اسمها طرحة، ستارة إيه بس!
أكد يونس متطلعا لها من خلفها: ستارة، طرحة، خيمة، أخرچي من وراها ياللاه، سلم نفسك المكان كله محاصر..
قهقهت من جديد مؤكدة: ما هو المفروض إنك أنت اللي تشيلها يا يونس.

هتفت باسمه في غنج، فانتفض مندفعا نحوها هامسا: والنعمة بعد يونس دي، ده مش أني اشيلها، لاه وأشيل أبوها كمان، ده لو خط برليف نفسيه لأهده..
انفجرت ضاحكة من جديد، ليدفع عنها الطرحة دفعا، تطلع نحو شعرها المخنوق بمؤخرة رأسها، فمد كفه ليحرره هامسا في عتب: حد برضك يعمل فنعمة ربنا كده!

اتسعت ابتسامتها اضطرابا، وهو يخلل أصابعه بين خصلات شعرها المموج كبحر هادر، كان مأخوذا كليا بذاك الذي كان محجوبا عنه، ولم يره إلا مرة وحيدة، كانت كفيلة بأسره للأبد، أما سماح فكانت عيناها معلقة به، تتفرس في ملامحه التي تعشق، لا تصدق أنه أمامها حلالها، يظلهما سقف حجرة واحدة، وسيجمعهما بعد قليل فراش واحد، ارتجفت لا أراديا ما استرع انتباهه ليترك ذاك الغجري الأسمر الذي فتنه منذ زمن، متطلعا نحو عينيها التي غمرتها سحب الرهبة، نكست نظراتها لا تقو على التطلع إليه، لكنه رفع وجهها الذي احتضن جانبيه بين كفيه، مجبرا إياها على التطلع نحوه، ليهمس في عشق: بحبك يا سماح.

دمعت عيناها فرحا، وهمست بصوت متحشرج ينضح عشقا: مش كدي يا يونس، عارف، من يوم ما وعيت لك، وأني جلبي مال لك، كنت أجول لنفسي، أوعاكِ يا بت، إلا هو، لكن جلبي مطاوعنيش، ومدخلهوش إلا أنت، أنت وبس يا يونس اللي بجيت حبيبي.
جذبها يونس معتصرا إياها بين ذراعيه في شوق قاهر، وفي لحظة كانت محمولة بين ذراعيه، شهقت في ارتباك: إيه في!؟.

تنهد في عشق، وهو يضعها على طرف الفراش، هامسا بالقرب من مسامعها، بنبرة ماجنة: فيه كتير يا بت الجناوي، تار واعر جوي لازما أخده، وأني مسيبش تاري أبدا..
همست بنبرة ناعمة مغناجة تعاتبه: تار بيني وبينك يا يونس!؟
ضمها إليه هامسا بصوت أبح: تار بيني وبين البعاد يا غشيمة، البعاد اللي مش هيدخل بينا تاني أبدا..
همست اسمه بشوق، وهو يضمها إليه، لتشاركه ثأره من البعاد ولياليه، التي ولت بلا رجعة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة