قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع والثلاثون

رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع والثلاثون

رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع والثلاثون

ظل يتطلع إليها وهي غارقة في سباتها يستشعر سكونا عجيبا يشمل روحه، لكن طبيعته المشاكسة تغلبت على ذاك الطبع المسكين المستجد، ليأخذ في مناوشتها ببعض من خصلات شعرها، مداعبا بها أنفها، لتهمس هي في حنق من بين همهمات نعاسها: بس بجى يا بت خليني أنام.
همس يونس معترضا: بت!
عاود مشاكستها من جديد، وهو يكتم ضحكاته، لتهمس من جديد في ضيق: هجوم اديهملك لو متلمتيش.

كتم يونس قهقهاته، وهمس بالقرب من مسامعها، مقلدا صوت أختها الصغرى: ما تجومي كده ورينا شطارتك.
انتفضت سماح تهم بضرب اختها، لكنها توقفت ما أن طالعها محيا يونس الذي انفجر ضاحكا على أفعالها، ليعاود تقليد أختها مجددا: ما تيچي تضربيني!
همست في رقة، مستعيدة طبعها في حضرته: ما عاش ولا كان يا يونس.
أسرته كلماتها، ليقترب منها في وجد متسائلا: ما عاش ولا كان إيه!؟

أجابت منكسة الرأس في حياء: ما عاش ولا كان اللي يمسك بشر يا يونس.
اقترب اكثر هامسا بشوق: هاتعملي إيه يعني!؟
هتفت في قوة لا تخلو من الرقة: جول مش هعمل إيه! ده اللي يرشك بالمية ارشه بالدم، إلا أنت يا يونس، الدنيا كلها فكفة، والتراب اللي بيخطيه مداسك فكفة تانية.

جذبها إليه في محبة طاغية متنهدا في راحة، وكأنها ببضع كلمات طيب جرح سنين خلت، فما أروع أن يعاوده الإحساس بمحبة إحداهن وتكون هي وحدها عالمه وسكنه وجيشه الصغير إذا ما تطلب الأمر!
تعالت الزغاريد القادمة من أسفل الدرج معلنة عن صعود الخالة سعيدة بالإفطار، ما جعله يبتعد عنها مرغما، استوقفته سماح هامسة: يونس اجفل الباب وراك.
هتف باسما: ليه مش هتخرچي لأمك!
نفت هامسة: لاه، مكسوفة أجابلها دلوجت.

هتف يشاكسها من جديد: مكسوفة من إيه! هااا إيه!
اتسعت ابتسامتها وهتفت به تتعجله: يونس، أمي طلعت ألحجها.
تطلع نحوها باسما، وخرج من الغرفة مغلقا بابها، متجها صوب الخارج ليفتح الباب على مصراعيه لأمها، التي كانت تحمل صينية كبرى عليها كل ما لذ وطاب، ليساعدها في وضعها على أقرب طاولة، لترتفع عقيرتها من جديد بسلسلة من الزغاريد، هاتفة بيونس: هي العروسة مصحيتش ولا إيه!

أكد يونس مازحا: لو مصحيتش بعد الزغاريد دي كلها يبجى عليه العوض اتچوزت واحدة طارشة.
قهقهت سعيدة ليستطرد هامسا في مزاح: بس هي مكسوفة تخرچ لك، بس متجوليش إني جلت لك، اصل أني فتان.
قهقت سعيدة من جديد، هامسة: وأني ولا كني عرفت حاچة، ربنا يهنيكم يا رب.
وخرجت سعيدة مسرعة مغلقة الباب خلفها.

دفع يونس باب الحجرة، حاملا الصينية واضعها أرضا، لتنهض جالسة أمامها جواره، وما أن هم بمد كفه نحو الطعام، حتى أمسكت كفه قبل أن تطال الطعام، هامسة في رقة ذوبته: اول لجمة تنزل چوفك بعد چوازنا لازما تكون من يدي.
جذب كفه في رفق، لتمد هي كفها نحو
إحدى الحمامات المحشوة، والتي تعلم مدى عشقه لها، ليهتف هو أمرا: لاه هاتي من طاچن السمك بالفريك.
ضربته على كتفه بظاهر كفها هاتفه بصوت حاد: بجولك إيه! الحمام الأول.

هاتف يونس في صدمة: اهي سماح جلبت سماحة، ما كنا كويسين!
ورد لها الضربة بمثلها مؤكدا: لاه أني هاكل السمك الأول.
ضربته من جديد: لاه هتاكل الحمام الأول.
هتف يونس معاتبا: أنت كد الضربة دي يا واد يا سماحة!
أكدت سماح في حزم تحاول مداراة ضحتها: ايوه كدها ونص.
هتف يونس مؤكدا: طب تعالى بجى وريني كدها كيف!

جذبها يونس من خصرها بغتة، لتسقط بحجره، ليضمها بقوة بين ذراعيه، أمرا في مزاح: ياللاه جولي، أني عيلة ومش كد كلمتي.
تطلعت نحو عيونه الشقية، التي تنضح فرحا، هامسة في عشق: ايوه، أنا عيلة ومش كد كلمتي، كتير جلت لحالي ملناش فالعشج وخلينا بعيد، لكن معاك أنت، كنت عيلة ورچعت فكلمتي، وادبيت على بوزي، واللي كان كان.

خفف من ضمته القوية لجسدها، لتحرر كفيها من أسر ذراعاه، تطوق وجهه الذي أصبحت نظراته كلها معتقلة هناك بعمق عينها، لتهمس مستطردة: يونس يا حناوي، سماح صالحت بيك الزمن اللي عدى، وهتعيش على حسك الزمن اللي چاي.
ساد الصمت الصاخب بينهما، حتى إذا ما مدت كفها نحو طاجن السمك لتطعمه ما كان يرغب، إلا وجدته يمنعها لينهض حاملا إياها بين ذراعيه، لتهمس به متسائلة في نبرة متسائلة: مش ها...

همس مقاطعا، وهو يضعها على الفراش ضاما إياها نحو صدره من جديد: هششش، هو بعد اللي جلتيه ده فيها أكل!
همست وهي تضمه إليها في عشق جارف: امال فيها إيه يا يونس!
همس بنبرة عاشق ملك الدنيا بين ذراعيه: فيه سماح وبس.
وكانت هي بكل مجامعها وكيانها المسربل محبة وشوقا طوعا له.

تعالت الزغاريد ومنتصر يدخل سراي الهوارية حاملا جدته وأية تدفع كرسيها جانبه وخلفه كل رجال عائلة منصور، وما أن اعتلوا الدرج حتى وضع وجيدة بكرسيها لتدفعها أية نحو قاعة النساء الملاصقة لقاعة الرجال حيث ينتظره عاصم وحازم أبو العروس ورجال الهوارية جميعهم.

دفعت أية جدتها لداخل القاعة، ليتلقفها بنات الهوارية بالترحيب، بداية من العروس بدور التي غمرتها في سعادة، وانحنت تلثم جبين وجيدة في تقدير واحترام، ما دفع وجيدة لتربت على كف بدور في محبة.

جاءت زهرة مرحبة بوجيدة كذلك، تتطلع نحوها في اشفاق على حال الزمن وتقلباته، كانت قد رأت وجيدة في عدة مناسبات لعائلات تربطهم بهما صداقة مشتركة، كانت تملك جبروت وسطوة لا يمكن أن تعادل كم هذا الانكسار الذي تراه اللحظة بنظراتها، ما دفعها للاشفاق عليها هاتفة: شرفتينا يا حاجة وجيدة، والف سلامة عليكِ.
همست وجيدة في تثاقل: الله يسلمك.

تعالت الزغاريد من جديد عندما اندفعت سجود من الخارج هاتفة: العريس كان چايب معاه المأذون، وطلب كتب الكتاب بدل الخطوبة، والرچالة وافجوا.
هللت النساء، وتعالت الزغاريد في فرحة والكل يتناقل بدور في سعادة مهنئا، وهي بعد في خضم صدمتها للخبر، لا تصدق أنها ستصبح زوجة منتصر في خلال دقائق.

هم المأذون بالبدء في إجراءات عقد القران، لكن مروان هتف يستوقفهم، موجها حديثه لعاصم: بقولك إيه يا جدي، من بعد إذن بابا طبعا، أنا كمان عايز أكتب كتابي.
قهقه منتصر هاتفا: أنت لسه خاطب بت عمتي أول إمبارح، وعايز تكتب النهاردة!؟
هتف مروان مازحا: طب ما أنت مكنتش خطبت بت عمي من أصله وجاي تكتب ومعترضناش أهو!
قهقه عاصم مؤكدا: غلبك مروان يا منتصر، إيه جولكم يا رچالة أبو منصور!

هتف أحد رجال أبو منصور محتجا: بس الكتاب بيبجى فبيت العروسة، يعني الواچب تاچوا انتوا عشان نتمم كتاب بتنا فبيت چدها.
هتف منتصر في ثقة، رادا على قريبه ذاك: إحنا بجينا أهل، هنا وهناك واحد يا حاچ، وكلها شكليات، خلونا نتمم الفرح، أي كان فين.
هتف عاصم في إكبار لقول منتصر: الله ينور عليك يا ولدي، صدجت، إحنا أهل، وهنا وهناك واحد، المهم نرضي ربنا، ونچمع الجلوب على حلاله، ولا إيه!؟

‏هز الجميع رؤوسهم في طاعة، وأولهم منتصر، الذي أكد في حزم: أكيد طبعا يا حاچ عاصم، على خيرة الله.
اندفعت سجود من جديد، وهي أشبه بمراسل صحفي ينقل أنباء ما يحدث في قاعة الرجال، مهللة في فرحة: إلحجوا، مروان ابن عمي سيد، حلف ما ينكتب كتاب منتصر وبدور إلا مع كتابه على أية، وكلهم وافجوا، هايبجى بدل الفرح فرحين.

اندفعت ثريا في حبور، تطوق أية بين ذراعيها، هامسة في محبة وأعين دامعة: ألف مبروك يا حبيبتي، ربنا يهنيكم ويفرح جلوبكم كمان وكمان.
تعالت الزغاريد متسلسلة ومتتابعة في سرور ليهتف عاصم مازحا من داخل قاعة الرجال: اهااا شكل الحريم موافجين كمان، ربنا يكتر الأفراح، على بركة الله، أكتب يا سيدنا.

ليفتح المأذون دفتره، ويبدأ في مراسم عقد القران، ليربط أخيرا بين عائلتي الهواري وأولاد منصور، برباط مقدس، بعد عقود طويلة من الخصومة والتناحر.
بدأ الرجال في الاستئذان جماعات بعد انتهاء مراسم العقد، وتناول الواجب، ليطلب كل من العريسين رؤية عروسه، التي أصبحت زوجته بشرع الله وميثاقه، ليندفع كل من منتصر ومروان، نحو إحدى الغرف، حيث جذبت الفتيات بدور، وكذلك أية، لترى كل منهما زوجها.

دخل منتصر إلى الغرفة تاركا بابها مفتوحا، حيث بدور، التي كانت تقف في منتصف الغرفة، كالتائه في خضم بحر هائج، وهي لا دراية لها بفنون السباحة، ولا بكيفية إنقاذ روحها من الغرق عشقا في ذاك الذي كان يتقدم نحوها ببطء أولا، قبل أن يندفع مهرولا، لينحني فجأة ضاما ما فوق ركبتيها، بذراعه السليمة، رافعا إياها عن الأرض، لتشهق بصدمة، شهقة مكتومة، وهي تخفض ناظريها نحو ناظريه المعلقان بها، وهي تسند كفيها المنبسطتان على كتفيه، هامسة في محاولة للمزاح كعادتها، حتى تتغلب على رهبتها: إيه اللي بتعمله ده يا حضرة الظابط! نزلني من فضلك.

همس بنبرة مازحة: مش منزلك إلا لما تصرخي من الفرحة، وتقولي بأعلى صوت بحبك يا منتصر.
تطلعت نحو عينيه وهمست: مش محتاج تعمل ده كله عشان تسمعها يا منتصر، لأنك عارف إني مش بحبك بس..
خفف من ضم ركبتيها لصدره، لينزلق جسدها ببطء وهي ما تزال أسيرة ذراعه، لتصبح ملاصقه لصدره، وجهها مقابلا لوجهه، ليهمس بصوت ابح تائها في تلك النظرة المطلة من عينيها في هيام: اومال إيه!

همست في عشق قاهر، وقد ظهر ألق الدموع بعينيها: معقول يا منتصر يل منصور يا أبو النصر، متعرفش إني بعشقك!

رفع كفه، من حول خصرها، لتكون خلف رأسها التي ضمها إليه في عشق زلزل كيانه، ليبعدها قليلا، متطلعا لعيونها مطولا من جديد، قبل أن ينحني قليلا ملثما جبينها في محبة طاغية، وما أن هم بالقرب أكثر نحو فاتنه الذي يغريه اللحظة، إلا وأبعد نفسه في قهر، لتتطلع نحوه مستفسرة لا تدرك صراعه الدائر بين جنباته هامسة: هتمشي!

كاد أن يقتله سؤالها الهامس بهذا التوسل المخبأ بين طياته للبقاء، ليهتف محاولا قلب الحوار نحو وجهة أخرى، متغلبا على مشاعره: جرى إيه! ورانا شغل، وشقة عايزة تجهز وفرح وحاجات ياما، هقعد جمبك ادلع فيك ولا إيه يا حضرة الصول!
هتفت في صدمة: صول!
أكد منتصر مازحا: اه، دي رتبتك من دلوقتي، وبعد الفرح هعلق لك أول نجمة، ولكِ عندي ترقية كل خمس سنين صمود بعد الجواز، وترقية استثنائية مع كل عيل.

قهقهت بدور هاتفة: على كده بقى أنا هعلق لوا قبلك بكتييير، أصل ناوية اجيب لك اورطة عيال تتكعبل فيهم من كترهم، وساعتها هتضرب لي تعظيم سلام فالداخلة والخارجة، ما الأقدمية تحكم، ولا إيه يا حضرة الظابط!
قهقه منتصر مؤكدا، وهو يقترب منها من جديد مغازلا: تصدقي صح، بس وماله، هو حد يطول يبقى ريسه بالحلاوة دي!
هتفت به بدور، مشيرة نحو الباب: انصراف يا حضرة الظابط، وخلص الشقة بسرعة.

هتف منتصر مازحا، وهو يجذبها نحوه من جديد، كأنها مغناطيس معاكس القطب، لا يستطيع منه فكاكا: ليه يا حضرة الصول! بسرعة ليه، هااا! لو ع الترقيات، مستعد أعلق لك أول نجمة من دلوقتي!
تملصت منه بدور مشيرة نحو الباب مازحة: ما قلنا انصراف يا حضرة الظابط، إلزم حدودك، وبلاش أباحة.
هتف منتصر مازحا، وهو يخرج من الباب مهرولا، لا قبل له على البقاء بصحبتها أكثر: أنا ماشي، وهتندم يا جميل.

وصلته قهقهاتها الفرحة لمسامعه، وهو يبتعد في اتجاه مجلس الرجال، مطربة قلبه الذي ما عاد قادرا على العيش بلا عشقها.

أما بالحجرة الأخرى، دخل مروان إلى أية في هوادة، وما أن وقع ناظره على تلك التي كانت تحاول التستر في اضطراب خلف أحد الاعمدة، حتى اقترب متعكزا على عكازه، ليجلس في إرهاق على أحد المقاعد، تطلعت نحوه في توتر، مستشعرة أنه يرهق حاله هذه الأيام، والمفترض عليه الراحة قليلا، اقتربت في قلق، هامسة ما أن أصبحت على بعد خطوة من مقعده، تنحني متطلعة نحوه متسائلة في نبرة مضطربة: أنت كويس يا مروان!

جذبها مروان بغتة لتسقط على حجره، هاتفا في نبرة منتصرة متزامنة مع شهقتها المصدومة، وهو يأسر خصرها بذراعه، حتى لا تنهض مبتعدة: أنا دلوقتي بقيت كويس جدا، كويس خالص، ده أنا عمري ما كنت كويس كده، إلا..
ساد الصمت، لتقطعه هي متسائلة في نبرة مرتجفة، وقد توقفت محاولاتها على التملص هاربة، وقد سكنت في راحة بين ذراعيه: إلا إيه!

تطلع لعمق عينبها هامسا في عشق مستطردا: إلا يوم ما وقعتي من على فرسك فحضني، كأنك كنت هدية من السما، ربنا بعتهالي عشان يطبطب على روحي الموجوعة بسبب عجزي.
سال دمعها لكلماته، ليمد كفه يغتال تلك الدمعات، هامسا في محبة: ليه الدموع يا أية! ده النهاردة يوم فرح، أنت أخيرا بقيتي معايا.
همست أية مؤكدة: وأنت مبقتش عايزة حاجة تاني إلا إني أكون معاك.

ضم خصرها بذراعيه في تملك نحوه، متطلعا في وله لعينيها الدامعة، مؤكدا: وعمرك ما هاتبعدي تاني أبدا، أنتِ بقيتي روحي يا أية.
ساد الصمت ولم تنبس بحرف، ليستطرد مروان هامسا: عارفة! وأنا فاوضة العمليات ما بين الحيا والموت، الدكاترة قالوا لي إني كنت يردد كلمة واحدة بس، أسمك.

زاد تعلق نظراتها بنظراته العاشقة، ولم تبخل عيونها من الجود بدموعها السخية تأثرا عندما استطرد بنبرة تقطر وجدا: كنت على استعداد إني أدفع اي حاجة فالدنيا، عشان لما أفتح عيني اشوفك قدامي.
همست أية من بين دموعها: دعيت لك كتير قوي يا مروان، دعيت لك أكتر ما كنت بدعي لروحي أيام ما سمعت الدكاترة وهم بيقولوا لستي وجيدة إني خلاص هعيش بجسم مشوه طول العمر، حسيت إن محدش ممكن يفكر إنه يقرب من واحدة معيوبة ز..

قاطعها واضعا كفه على شفتيها، يوقف استطرادها في ذكر الماضي، هامسا في رقة: بعد الشر عنك، معيوبة ده إيه! ده أنتِ ست البنات.
قبلت في رقة، كفه التي كانت ما تزال على شفتيها، ما جعله يرتجف في اضطراب، هامسا لها، وهو يعيد كفه ليطوق خصرها من جديد: أية! قوليلي قوم أمشي، عشان أنا لو مطردتش دلوقتي حالا، الرجالة هايجوا يقوموا معايا بالواجب بعد اللي هعمله.

خلصت نفسها من بين ذراعيه، ولم بقاومها هو رغم همهماته المحتجة، والتي دفعت الابتسامة لنعلو شفتيها هامسة: ياللاه على بره مش عايزين فضايح.
هتف يستعطفها في نبرة محتالة: طب تعالي سنديني، من باب الإنسانية!
قهقت رافضة: لا، أنت متضمنش، ياللاه من غير مطرود.
مد كفه متناولا عكازه، ونهض في هوادة لخارج الحجرة هاتفا في وعيد مازح: ماشي يا أية، والنعمة كله ليخلص.

ارتفعت قهقهاتها، ليندفع على قدر استطاعة قدمه مبتعدا، يجاهد رغبة قاهرة تدفعه للبقاء جوارها للأبد، وليكن ما يكون.

جاءتها عدة اشعارات على جوالها، ما دفعها لتفتحه متطلعة إليها، لترتسم الابتسامة على شفتيها، وهي تقرأ رسالته الوحيدة تلك: ممكن نتعرف يا جميل!؟ أنا طالب الحلال وأنتِ اللي قافلة الباب.
ارسلت تجاريه: باب بيت أبويا معروف ومفتوح، أنت الظاهر غلطت فالعنوان.
ارسل سريعا: والله أبدا، جينا وخبطنا، بس الجميل مردش، هو إحنا إيه! منلناش القبول!

ساد الصمت، ولم ترسل نوارة حرفا، ما دفعه ليرسل عدة علامات استفهام، يسألها الإجابة، لترسل له أخيرا بعد طول انتظار ملصق على هيئة قلب أحمر.
فكتب مستفسرا: اعتبر دي علامة الرضا!
ارسلت له ملصقا لوجه يخفي ملامحه بيديه خجلا، ما دفعه ليرسل وجه معبرا عن قهقهات ضحكاته، كاتبا لها: نوارة، يا بت مهران الهواري، نشفتي ريقي، بس أنا راضي، راضي قوي، طالما إنك أخيرا هتبقى من نصيبي، والله ده كفاية عليا.

دمعت عيناها في تأثر، لا تعرف بما تجيبه، ليسود الصمت للحظة، قبل أن تكتب ردها بأصابع مرتجفة: ويكفيني أنا كمان، إني أعرف إنك شاري ومتمسك رغم كل شىء.
رن على الهاتف، لتنتفض ويكاد الهاتف يسقط من كفها أرضا، لولا استبسالها في محاولة إنقاذه، التي جعلتها رغما عنها تضغط على زر فتح المكالمة، رغم ترددها في الرد من الأساس.

جاءها صوته الرخيم الذي يقلب موازينها، هامساعندما تأكد من صوت أنفاسها المضطربة التي تناهت لمسامعه، مؤكدة إنها على الطرف الأخر: أنا مش متمسك وبس، ده أنا ماسك ومتبت وعمري ما هفلت أيدي أبدا يا نوارة.
ساد الصمت، ليهتف بها في رجاء: مش عايزة تجولي حاچة!
اضطربت هامسة: هجول إيه!
هتف رائف يشاكسها: نوارة هو أنا مش هسمع صوتك إلا فالخناج بس!

لا تعلم لما دفعها سؤاله للضحك، لتعلو قهقهاتها رغما عنها، ما دفعه للضحك مشاركا إياها، ليستطرد مؤكدا: طب تمام كويس إني عرفت المعلومة دي، عشان..
هتفت تقاطعه في تحفز: عشان إيه!
هتف بها في محبة: عشان لما يوحشني صوتك، استفزك بقى بخناقة تمام، تسمعينا فيها صوتك العندليبي.
اضطربت متسائلة: إيه العندليبي ده! أنت بتتريأ صح!
قهقه رائف متعجبا: يعني هو ده اللي لفت انتباهك من كل اللي فات!؟

واستطرد هامسا: يعني ملفتش انتباهك كلمة وحشني صوتك مثلا! والله مش صوتك بس اللي كان واحشني يا نوارة، أنت كلك وحشاني.
استشعرت أن قلبها يسقط بين قدميها خجلا، لا قبل لها على مواجهة مثل هذه الموجات من المشاعر التي لم تألفها بعد، لتهمس بأحرف متقطعة: على فكرة، اللي بتجوله ده ميصحش.

هتف رائف مؤكدا: اللي بجوله ده ميچيش حاچة چنب اللي نفسي أبوح به، بس عارف إن أوانه لسه مچاش، وأنا وأقسم بالله لولا خوفي من رفضك لما بعت أمي، يوم كتاب عاصم أخوكِ، لكنت كتبت يوميها ولا همني.
شهقت بصوت مكتوم، لكن رغم عن ذلك وصلته علامة تعجبها تلك، ليهمس من جديد، مؤكدا في عزم: أنا چاي يا نوارة، ومش راچع نچع السليمانية إلا وأنتِ فأيدي، سلام عليكم.

لم يكن منها إلا رد السلام، مغلقة الهاتف، لا تعلم ما عليها فعله أمام محبة هذا الرجل الأشبه بطوفان لا قبل لها على الصمود أمامه، بل عليها مطاوعته، والسباحة مع تياره، دون رغبة منها في المقاومة من الأساس، لأنها راغبة حد الاستسلام لهذه المشاعر التي تأخذها لبعد أخر، ما كانت تتوقع يوما، أنه موجود، عالم سحري اسمه، دنيا العشق.

نقل مقر إدارة شركته، بنفس مبنى الإدارة التي يترأسه حمزة والدها، ما جعله دوما قريب، فمن يعد خطبتهما، رأت من سامر جانب أخر من جوانب شخصيته، جعلتها تدرك أنه الاختيار الصحيح، وأنه الرجل الأحق بقلبها، وشراكة حياتها.

لكن ها هو الرجل الذي كادت تنظم فيه ابيات الشعر منذ لحظات، وهي تبحث عنه مشتاقة لصحبته، يقف مع هذه المندوبة الحسناء، التي تتغنج في وقاحة، وقد ارتفعت قهقهاته في سعادة غامرة، ستقلبها على رأسه حزنا وسوادا.

ظهرت في مجال رؤيته، ألقت عليهما نظرة سريعة مستاءة، قبل أن تندفع نحو مكتبها، ليتبعها سامر في عجالة، حتى كاد الباب الذي اغلقته في عنف، يرتطم بوجهه، إلا إنه استطاع تفاديه في مهارة، دافعا إياه، لينضم لها داخل المكتب، مغلقا بابه، هاتفا في تعجب: في إيه يا فريدة!
هتفت وهي تغلي غضبا، تحاول السيطرة على مشاعرها: مفيش حاجة، هو فيه إيه!

هتف مازحا: ده فيه مصيبة أكيد، أصل البنات أول ما تقولك مفيش حاجة، اعرف إنك من الشهداء قريبا.
هتفت في حنق: ايوه، تمام، وأنت ما شاء الله عليك، خبير في أمور البنات والستات، مش كده!
تطلع سامر نحوها مشاكسا: أه، كده فهمت، ده الجميل غيران بزيادة بقى!؟
هتفت فريدة وهي تضرب بكفها سطح مكتبها ما اجفله، مؤكدة: غيرانة ده إيه! وغيرانة من مين!؟

هتف سامر مازحا: الدماغ الصعيدي طلعت، وشكلنا هنسمع ضرب النار، يا منجي من المهالك يا رب.
هتفت فريدة: مين بقى دي اللي..
قاطعها سامر شارحاً: دي يا ستي مندوبة..
قاطعته بدورها: عارفة إنها مندوبة، بس هو يعني لازم الصحك والهزار اللي ملوش لازمة ده!
أكد سامر مفسرا: دي مندوبة أكبر شركة بنتعامل معاها، وأنا كنت بجاملها مش أكتر.
هتفت فريدة في حنق: هو لازم يعني تجاملها بالهزار!؟

أكد سامر مازحا: حاضر، من عنايا، المرة الجاية هجاملها بواحد شيشة حلمي على القهوة.
هتفت فريدة في حنق: مش قصدي، قصدي إنك متهزرش وخلاص.
هتف سامر يستفزها: مش بقولك غيرانة!
هتف في ضيق: اغير من إيه! أنا فريدة ال..
قاطعها سامر، وهو يضع كفيه على سطح المكتب، منحنيا يتطلع نحو عينيها، هامسا: وأنا بحبك، ومش ممكن مهما كانت البنت اللي قدامي، تهز شعرة فيا..

ساد الصمت وهي تتطلع نحوه في اضطراب، مستشعرا رهبة داخلية شملتها، ما جعله يستطرد مؤكدا في نبرة هادئة وقورة عكس طبيعته المرحة: أنا عشت في اوروبا سنين، شفت فيهم بنات، من كل صنف ولون، لكن مفيش واحدة قدرت تعمل فيا اللي عملتيه.
همست مأخوذة، مستفسرة في تيه: أنا عملت إيه!
همس في نبرة خانعة، متطلعا لعمق عينيها: أنتِ لسه بتسألي! ده أنا ليا ربنا والنعمة، كفاية إني مسمعتش منك كلمة تبل ريقي، يا جبااارة.

همست فريدة في اضطراب: طب خلاص، متزعلش.
أكد مدعيا الحزن: لا، ده أنا زعلان وواخد على خطري، ومجروح ومقهور و..
همست تقاطعه معترفة: ايوه كنت غيرانة عليك، عشان بحبك، ارتحت.
هتف في صدمة متسائلا: أنتِ بتقولي إيه! تاني كده عشان أنا سمعي تقل فجأة.
قهقت مؤكدة بأعين دامعة: بحبك.

قفز من موضعه، هاتفا في جنان معهود لها، يفتح باب جانبي، يفضي لغرفة الاحتماعات، لا إلى الخارج، وقد نسي في غمرة فرحته، موضع الخروج: فين الباب! فين عمي حمزة! فين المأذون!
قهقهت على أفعاله الطائشة، وهو يندفع لخارج الغرفة حيث حجرة أبيها، ليبثه بعضا من جنانه.

دخل عليها حجرتهما في هدوء، ليجدها متمددة تقرأ كتابا كعادتها ما أن تكون وحيدة، إلا وتجدها مدفونة ما بين ضلفتي كتاب، حتى أنها لم تتنبه لقدومه، مستغرقة في القراءة بكل مجامعها، تسلل في حذر، حتى اقترب منها دافعا رأسه ما بين ذراعيها والكتاب المفتوح، لتشهق في صدمة، متزامنة مع قهقهاته وهو يهتف متسائلا: إيه! الرواية وخداكِ مني جوي كده!

ابتسمت وهي تداعب جانب وجهه مؤكدة في محبة: محدش قدر ولا يقدر ياخدني منك يا عاصم، ربنا من فوق سبع سموات كتبنا لبعض، واللي يجمع أرواحهم رب العالمين، مفيش قوة تقدر تفرقهم.
تطلع إليها في عشق، هامسا مأخوذا بها: أنتِ بجيتي بتغلبيني بالكلام الحلو، وأنا بجف متنح مش عارف أرد، ينفع كده يا بت عمي!

اتسعت ابتسامتها وهي ما تزال تداعب جانب وجهه مؤكدة: أه ينفع قوي، ما أنت غلبتني كتير يا عاصم وأنا ساكتة، خليني أخد بتاري.
تطلع نحوها، وبدء يدنو في خبث هامسا: فين ده! أنتِ بتتبلي عليا!

همست وقد جذبت في رقة رأسه ليصبح على فخذها، ليتطلع نحوها معلق النظرة والقلب والروح صوب قبلتها: لا يا علصم، أنت غلبتني كتير فعلا، غلبتني بكرمك يوم ما استحملت إني أكون لغيرك، واتعذبت كتير ومقلتش، كنت فاكر إن دي رغبتي، غلبتني يوم ما طلبتني قدام الكل، وأنا صرخت وقلت لأ خوفا عليك، غلبتني يوم ما كنت دايما سند وضهر لما كنت بقولك إني تعبانة، وأنا مكنتش إلا وجع وعذاب لقلبك، غلبتني بدعوة رفعتها لرب العالمين عشان فالاخر نجتمع في حلاله، غلبتني يوم ما هزمت مخاوفي وهواجسي وظنوني اللي كانت مسيطرة عليا، ودخلتني الجنة اللي كان شيطاني حارمني منها، عاصم يا واد عمي، أنا طول عمري مهزومة قصادك، بس أول مرة أعرف إن الهزيمة ممكن يكون لها طعم أروع من مليون انتصار.

ساد الصمت وتحدثت العيون حديث للمقل أعذب من أن تخطه الأحرف، أو أن تصفه الكلمات.
استدار عاصم في هوادة، مستندا على عضده، مغرقا وجهه بنحرها، لتترك كتابها جانبا، تضمه إليها في عشق، ليهمس لها في هيام بالقرب من مسامعها: يمكن غلبتك كتير زي ما بتجولي..

ضم خصرها نحوه مستطردا بنبرة عاشق، وهي يكاد يعتصرها شوقا: لكن عمري ما حسيت إلا إني فارس خسران كل المعارك، لكن أخيرا، نلت أكبر انتصار، أنتِ كنت كل الهزايم وأعظم انتصار يا زهرة.
همهمت في وجد وهي تتعلق به في تيه تام، إلا أنها تنبهت لرنين هاتفه، الذي بدأ يعلو وقد نسي إخراجه من جيب جلبابه، لتهمس له وهو غارق فيها: عاصم، تليفونك بيرن.

مد كفه معترضا في همهة، مخرجا هاتفه بكل سلاسة، ليلقيه بعيدا بعد أن داس زر اغلاق الصوت، لتشهق زهرة هاتفة في تعجب: أنت عملت إيه! الموبيل ممكن يكون اتكسر يا عاصم!
ضمها إليه في تملك، هامسا بنبرة من عالم أخر: يغور، تعالي بس معايا، وانسي الدنيا.
همست بسعادة، وقد عادت تتعلق به من جديد: هنروح فين!؟
غيبها بين ذراعيه هامسا: هدخلك الچنة اللي كان شيطانك حرمك منها، جنة ببراح الروح اللي أنت طول عمري وعمرك سكناها.

دفنت رأسها تحت ذقنه، كأنها تحتمي به من معاودة التيه بعيدا عنه، هامسة بنبرة راجية: ايوه يا عاصم، أنت التوبة اللي محت أي ذنب، أنت الطهر اللي محى من الروح أي دنس، أنت الجنة اللي طول عمري نفسي أوصلها، أوعى فيوم تحرمني منك يا عاصم، ده أنا ما صدقت بعد توهة روحي وصلت.

تأوه عاصم في صبابة، يعتصرها لتذوب بين ذراعيه في رقة، لا يعلم كيف يمكن له أن يعبر لها عما تفعله كلماتها تلك بقلبه، ولا كيف تأسر روحه بقيد لا يملك من الأساس حله!
لكنه تضرع لله وهي متشبثة بتلابيب روحه بهذا الشكل، أن يظل هو رضوان خازن جنتها الأبدية.

خرجت عربتهما عن الطريق العامر، لتصل لبداية طريق صحراوي معتم، سارا فيه لبعض الوقت، حتى سألته في تعجب، وهي تحاول أن تعدل من وضعها على المقعد المجاور له، بثوب زفافها الذي يزحم المكان: هو إحنا رايحين فين!
هتف منتصر في كلمات موجزة: عامل لك مفاجأة.
هتفت بدور تستفسر: مفاجأة! يعني إحنا مش رايحين على شقتنا يا منتصر!
أكد لها: لا، أنا خاطفك، عندك مانع!

ابتسمت مؤكدة: لا خالص، ما أنا خلاص اتعودت، وبصراحة حبيت الموضوع قوي.
قهقه منتصر، مقتربا منها، هامسا في مجون: طب ما تجيبي حاجة على الحساب!
هتفت تدفع وجهه عنها في مزاح مغلف بالشدة: بص قدامك ع الطريق يا منتصر، بدل ما اخنقك بترحتي، وقول يا صبح.
هتف منتصر مازحا: إحنا بالليل، وده حقي الشرعي والدستوري والقانوني على فكرة.

هتفت بدور مشاكسة: لما تبقى تقولي أنت خاطفني على فين! ابقى تعالى طالب بحقك الدستوري، ماشي يا وحش!
انفجر ضاحكا هاتفا في نبرة مازحة: يا ويلك يا منتصر، شكلك اتجوزت ريا وسكينة مضروبين فالخلاط.
ضربت بدور على كتفه بباطن كفها: إحنا هنروقوك.
هتف متمنيا في نبرة متضرعة: ايوه بقى أنا نفسي اتروق قوي يا رب.
وتطلع نحوها غامزا بعينه: هتروقيني صحيح!؟

هتفت تحاول كتم ضحكاتها، هاتفة في حزم: بلاش اباحة يا منتصر، واخطفني وأنت ساكت.
توقفت العربة فجأة أمام شاليه من دور واحد، منعزل عن العمران، هاتفا في فخر: حمد الله بالسلامة يا عروسة.
تطلعت نحوها في توجس، ولم ترغب في الترجل من العربة، هاتفة في تساؤل: إحنا فين!
أكد منتصر وهو يترجل مندفعا في اتجاه بابها، ليفتحه مجيبا: ده شاليه عشان نقضي فيه شهر العسل.

هتفت بدور ساخرة: هي دي فكرتك عن شهر العسل يا منتصر! محدش قال لك ع الفنادق الخمس نجوم، ولا السفر بره مصر! طب والنعمة ما أنا نازلة.

تشبثت بدور بمقعدها، ليدفع منتصر نفسه محشورا يحاول العثور عليها من بين طيات فستانها الأشبه بالشرك، حتى استطاع الوصول إليها مع مقاومتها، دافعا نفسه خارج العربة وهو يحملها بين ذراعيه، في اتجاه الشاليه، لتهتف له بدور، وهو يضع المفتاح بصعوبة داخل موضعه بالباب: ماشي يا منتصر، شكلي هطلع روح ريا وسكينة عليك، بقى ده..

قاطعها صوت دفع الباب بقدمه، لتشهق في صدمة، فما رأته أمامها اللحظة، لا يعادله أية فخامة كانت تفكر فيها، فالشاليه كان عبارة عن غرفة واحدة كبيرة، يتوسطها فراش عالي وثير، مرتب بشكل يخلب اللب، وتوزيع الاضواء بالغرفة كلها خرافي، يدخلك لعالم الحلم ما أن تطأها.
تقدم منتصر للداخل حاملا إياها، معاودا دفع الباب بقدمه لإغلاقه، هامسا: إيه رأيك!
همست مأخوذة: هو في رأي بعد كده! روعة يا منتصر.

همس بصوت ابح: كنت عايز أخدك بعيد عن الدنيا، مش فندق ولا حتى شقتنا، عايزك بعيد عن الناس، لا ده يبص لنا واحنا طالعين، ولا يراقبنا وأحنا نازلين.
تقدم بها، ليضعها على الفراش في هوادة، هامسا في شوق: ده أنا ما صدقت يا بدور تبقي ليا، فهماني!
هزت رأسها في تفهم، هامسة: فهماك قوي يا متتصر، ومين هيفهمك اكتر من بدور!

دنا منها في شوق، هامسا: عارفة! من يوم ما سحبتك من قفاكي من قدام فيلا عمتك، وحطيت ايدي فايدك، لما سلمت عليك في فيلتكم، وأنا عارف إني مرجعتش منتصر تاني، كنت بحاول ألهي نفسي فالشغل على أد ما أقدر لكن يوم ما شفتك فالمظاهرة، وسحبتك من بين المتظاهرين، وشلتك لحد عربيتي، عرفت إنك دخلتي قلبي، وقفلتي الباب من ساعتها، وانتهى..
همست بصوت متحشرج تأثرا، هامسة باسمه في عشق: منتصر!

ضمها بين ذراعيه، متأوها في راحة، هامسا بالقرب من مسامعها: اخدتي روح منتصر، يا بت سيادة العميد.
زاد ضمه لها، ليزداد الشوق أضعافا، وهي تردد اسمه بهذه الرقة، التي اورثته رغبة في سترها بين جوانحه، حيث تتردد أنفاسه بالمثل مترنمة باسمها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة