قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثامن

رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثامن

رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثامن

اندفعت احدى خادمات شوق
التى تثق بها الى مخدعها هاتفة فى غيظ: - شوفتى العمدة و عمايله..!؟.
لم تجب شوق بحرف
فهى ادرى الناس بما ينتويه زوجها الطاغية من جراء حبس ذاك المنشد الغلبان و زوجه..
و لكنها هزت رأسها ايجابا لتستطرد الخادمة فى تعجب و هى تضرب بباطن كفها على صدرها: - و هتسيبيه يعمل العملة الشينة دى..!؟.
دى مصيبة كَبيرة..
و الغلابة دوول ايه ذنبهم بس..!؟.
لم تتفوه بكلمة..

لكن عقلها لازال يحدثها بما يجب عليها فعله
لتهتف اخيرا فى عزم: - لاااه متجلجيش
انى مش هسيب حد ينكوى بنار عتمان، انى هتصرف..
ابتسمت الخادمة فى راحة
و هى تدرك انه طالما اكدت سيدتها امرا
فإنها ستنجزه على اكمل وجه.

دفع الخفير بكتف عبدالعزيز ليدخل الى القاعة مترنحا
يحاول الثبات على قدميه التى أدماها و خشبها طول القيد و عدم الحركة
و كذلك ذاك الضرب المبرح الذى ناله من الخفراء بوصاية مشددة من شيخهم و تحت إشرافه العالى
و الذى جاء كأوامر عليا من جناب العمدة شخصيا..
لكنه للاسف سقط أرضا مع صرخة روح التى اندفعت من حلقها بشكل تلقائي ما أن طالعت محياه الدامى الجريح و عينه المتورمة..

اندفعت اليه فى لهفة و ذعر تضم رأسه إلى صدرها فى لوعة هاتفة بإسمه الغالى على روحها: - شيخ عبعزيز، ايه دِه، ايه اللى چرى..
عملوا ايه فيك الكفرة دوول..!؟.
و اخيرا توجهت بنظراتها لعتمان صارخة بحرقة تدمى القلب لرؤية زوجها بهذا الشكل: - منك لله يا ظالم، اشوف فيك يوم يا بَعِيد..
هتروح من ربنا فين..!؟.
ابتسم عتمان فى هدوء مقيت و اخيرا اندفع جاذبا إياها
مبعدها عن زوجها هاتفا: - عچبنى جوى ان جلبك عليه..

بس لو جلبك عليه صح اطلبى منه يطلجك دلوجت..!؟.
انتفض عبدالعزيز بقدر ما اتاحت له ألامه من سرعة فى اتجاه عتمان صارخا بثورة: - انتِ بتجول ايه يا نچس..!؟.
اطلج مين..!؟، على جثتى..!؟.
و ابعد يدك عنيها..
ووقف عبدالعزيز بينه و بين زوجه روح نافضا كف العمدة عن رسغها..
طلت نظرة من عين العمدة
تعلن عن استمتاعه الفائق بذاك العرض المقدم أمامه..

و لكنه أبى ان ينهيه كما يريد أبطاله، بل سينهيه كما يرغب هو كالعادة ليهمس فى جزل: - يبجى انت اللى اخترت يا چربوع..
هنا ادركت روح ما يرمى اليه العمدة من كلماته..
لذا صرخت خلف عبدالعزيز الذى كان الخفر قد عادوا لداخل القاعة بإشارة من سيدهم ليصطحبوه من جديد للزريبة متشبثة بطرف جلبابه هاتفة: - طلجنى يا شيخ، طلجنى يا عبعزيز، طلجنى و روح لحالك..
ظلت متشبثة بجلبابه و بطلبها منه
حتى استدار اليها فى هدوء.

هاتفا بثقة و محبة طاغية: - مش هيحصل
و لو فرجتنى روحى يا روح..
هنا لم يعد لها قدرة على المقاومة
لذا تركت طرف جلبابه و سقطت على الارض غير قادرة الا على النحيب بشهقات متتابعة تدمى قلب الحجر، لكن ليس ذاك القلب الذى يسكن صدر عتمان
الذى مر بجوارها كأن ما يحدث لا يعنيه
و ما ان هم بالخروج من القاعة حتى لحقت به روح تتشبث من جديد لكن بطرف جلبابه هو..

هاتفة فى لوعة ما ان توقف يستمع لها و هي تتفوه بكلمات غير مفهومة
حاول تفسير معناها من بين شهقاتها المتلاحقة: - عشان خاطرى يا عمدة، متجتلوش..
انى موافجة على چوازنا
و انى هجدر أخليه يطلجنى
بس متأذيهوش لجل خاطر النبى..
استدار عتمان مواجها إياها متطلعا اليها من عليائه و هى جاثية قرب قدميه..
و لم يتفوه بحرف مما دفعها لتستطرد و هى تنحنى ملثمة حذائه: - أحب على رجلك يا عمدة ترحمه لوجه الله.

و هو هيطلجنى انى عارفة..
بس خلينى اشوفه مرة تانية و هو هيطلجنى جدامك..
اومأ عتمان برأسه موافقا و همس مؤكدا: - خلاص، جومى..
هعتبر دِه مهرك و هديله فرصة تانية بس لو مطلجكيش..
قاطعته هى فى ذعر: - هيطلج، و الله ليطلج..
انفجر عتمان ضاحكا على ذعرها الواضح و هى تجيبه
و تركها ليرحل و يُغلق باب القاعة خلفه
لكن ذاك الباب لم يحجب ابدا صدى تلك القهقهات الكريهة.

التى لاتزل تتردد فى ارجاء القاعة كصرخات تدمى مسامعها
و تعتصر قلبها رعبا و هلعا..

أعدت العدة ووقفت على اعتاب باب حجرتها تنتظر سماع خطوات تقترب من ذاك الرواق الذى يضم حجرته و حجرات زوجاته..
تهيأت على اجمل صورة و وقفت بإنتظار صعوده..
هاهى تسمع صوت خطواته الثقيلة على الدرج صعودا
و شعرت بغصة و رغبة فى إغلاق غرفتها هربا منه.

او تجنباً لمطالعة محياه الذى تمقته بشدة، لكنها ضغطت على نفسها لتنفيذ ما انتوته بينها و بين نفسها..
هاهو يطل على اول الرواق
فتصنعت الدلال و تغنجت وهى تقف على اعتاب الحجرة
تسند جسدها البض فى ذاك الثوب المثير بكفها على عارضة الباب و تتخصر بالكف الاخرى
و ما ان لمحها
حتى توقف مبهورا مقطوع الانفاس لرؤيتها بهذا الشكل
كأنما تنتظره فى لهفة زوجة محبة ولطالما اشتاق هو الى مطالعة ذلك منها.

ما ان هم بالاقتراب منها مسحورا بها حتى خرجت احدى زوجاته من غرفتها و التى كانت تلك الليلة هى ليلتها فى جدول الأيام المخصصة لكل منهن، وما ان همت بمناداته
الا و هتف فيها ناهرا لتعود لغرفتها و تغلق بابها فلا حاجة له بها الليلة..
و كيف يكون و هو يرى ساحرته بهذا الشكل الذى يكاد يفقده صوابه..
اقترب منها و هى لا تزل على حالها تنضح اغراءً يسكره.

حتى انه دفعها محيطا إياها لداخل الغرفة و أغلق الباب خلفه فى سرعة متطلعا اليها كجائع جاءه ما يشتهيه من طعام بغير توقع..
همس بالقرب منها بأنفاس كالجحيم رغبة وهو يطوقها بذراعيه: - النهاردة كنه ليلة جدر عشان تبجى مستنيانى، وااه يا شوج..
استنيتها كَتييير الليلة دى..
كَتير جوى يا بت الناس..

تملصت من أسر ذراعيه و هى تتوجه الى احد الأكواب الموضوعة جانبا على طاولة بزاوية نائبة من الغرفة الواسعة و حملته بدلال
لتعود اليه فى تؤدة كأنها تمشى على الدخان
مما أفقده البقية الباقية من تعقله
و ما ان وصلت اليه حتى قدمت الكوب له هامسة: - أشرب العصير دِه، عملته بيدى ليك مخصوص..
اومأ برأسه موافقا و هو يتناول منها الكوب مشغولا بمحياها الفتان..
اكدت عليه فى غنج: - اشرب يا عتمان، و لا مش عاچبك..!؟.

و تصنعت الضيق
فهتف بلهفة متجنبا أغضابها: - لاااه، كيف ما يعجبنيش و هو من يدك..
دِه شهد..
و استدار متجها الى الطاولة من جديد و هو يرفع الكوب دفعة واحدة على فمه حتى ان بعض العصير انساب على جانبى فمه..
وضع الكوب جانبا و اندفع اليها كالمجنون..
يريد ان ينهل من نبع عشقها الذى طال جفافه و اخيرا تفجر بعد طول انتظار..
تحملت بكل صبر تلك اللحظات المقيتة من قربه فى ترقب أرهقها.

و اخيرا همد و سقطت رأسه على صدرها دون سابق إنذار..
ظلت لحظات لا تقوى على شئ
ثم تنبهت بسرعة
لتدفعه بعيدا عنها و تنهض تضع عباءتها فى عجالة مندفعة من الغرفة كمن يتعقبها الشيطان..
و ما ان وصلت لأول الدرج حتى تحركت فى خفة تطل يميناً و يسارا حتى تتأكد ان لا احد يراها او يتعقب خطواتها
و كما توقعت..
وجدت ذاك الخفير الذى يقف على باب القاعة الحبيسة بها روح نائم كالحمل الوديع.

صوت غطيطه يعلو كصافرة قطار، حمدت ربها ان خادمتها المطيعة نفذت ما اتفتا عليه و اعطته من نفس العصير الذى اعطته هى لعتمان وكان سبب في فقدانه الوعى بالأعلى..
فتحت باب القاعة ببطء و دلفت للداخل لتنتفض روح مذعورة
الا ان شوق هتفت بها
مطمئنة إياها: - متخافيش، انا شوج مرت العمدة..

هتفت روح متعجبة و قد تعرفت عليها فورا فقد رأتها فى الزفاف تجلس مع الحريم فى كبرياء دفعهن جميعا للنفور منها و تجنبها قدر الإمكان: - ست شوج، بتعملى ايه هنا..!؟.
هتفت شوق على عجل: - مفيش وجت للحديت..
تعالى معاى بسرعة اوديكِ لچوزك و تروحوا من هنا طوالى..
هتفت روح فى فرحة طاغية: - و النبى صحيح..
اكدت شوق و هى تجذبها من كفها ساحبة إياها خلفها فى هرولة: - ايوه صحيح..

همى ياللاه جبل ما حد من الغفر اللى بره يوعالنا..
و اشارت لباب جانبى اخر للقاعة و استطردت: - هم جاعدين هناك، همى و لا تبجى مصيبة..
اندفعت روح خلفها
و فتحت شوق باب القاعة الرئيسى تطل برأسها مستطلعة حتى تتأكد ان لا احد هناك
و اخيرا اشارت لروح لتتبعها و اتجهتا لخارج القاعة فى اتجاه باب البيت هربا من عتمان و جبروته..
و ما ان همت بلمس مقبض باب الحرية.

حتى هتف صوت كالرعد من اعلى الدرج هز البيت الكبير هزا
و جعل كل من شوق و روح تموت ألف مرة..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة