قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

جلس الشيخ عبدالعزيز امام حجرته على ذاك الحصير المهترئ يكرر آيات القران الكريم لمجموعة من طلابه الذين جمعهم ليستطيع ان يستعين على المعايش بما يجود به أهاليهم من جنيهات قليلة..
كان يكرر و الأطفال خلفه في صوت جهورى و توقف حين ظهرت روح متسائلة: - ممكن اجعد اسمع معاهم يا شيخ!؟
اكد عبدالعزيز في فرحة: - امال ايه، تنورينا..

وهتف في الأطفال زاجرا: - وسع يا واد انت و هي منك له، لها، اجعدى يا حرمى المصون..
جلست بين الأطفال في اخر الصف، و أخذت تكرر معهم ما يجود به الشيخ من آيات عطرة، كانت مأخوذة به و هو يعيد و يزيد و ينهر و يعاتب تلاميذه حتى ان ذهنها شرد كثيرا و لم يعد يركز فيما يُقال..
حتى انه هتف بها فجأة: - ها حفظتى يا روح، ياللاه سمعى، بارك الله فيكِ..

تلجلجت و هي تحاول ان تسايره الا انها هتفت في احراج: - لاه، لسه محفظتش يا شيخ..
صرخ بصوت هادر: - محفظتيش!؟، امال انا بنبح ف صوتى ف ايه من الصبح..!؟.
و الله انتِ ما تستاهلى الا الفلكة، لازم تتعبطى عشان تركزى بعد كِده..
صرخت روح و هي تنهض مسرعة تحتمى بباب حجرتهما: - خلاص يا سيدنا الشيخ، سماح النوبة..

وانفجر الأطفال مقهقهين و هم يَرَوْن شيخهم الوقور يجرى خلف زوجته البليدة التي لم تحفظ الأيات التي بُح صوته في ترديدها و تكرارها..
و لم يتوقف الضحك الا عندها عاد الشيخ لمجلسه زاجرا إياهم ليصمت الجميع و يبدأوا في الترديد من جديد حتى انتهى وقت الدرس
ليرحل الجميع، و يندفع هو هاتفا من خارج الغرفة: - انا رايح يا روح، عايزة حاچة!؟.
هتفت بغيظ من داخل الغرفة: - لاااااه..

هتف و هو يندفع لخارج الحوش ربما يجد من يريد مقرئ فيجود ببعض الأيات على احد القبور ينال من اهل المتوفى ما يساعدهما على قضاء اليوم: - طب سلام عليكم..
غاب النهار بطوله و بعض من المساء ليدخل أخيرا حجرته ليجدها تنتظره على الفراش المجمع من اريكتيهما..
وضع ما كان يحمله من عطايا و هتف مشاكسا: - چيبت لك كل ما لذ و طاب يا جمر..
هتفت غاضبة: - مش عايزة حاچة، متشكرين..

هتف معاتبا: - ليه كِده طيب، و انا اللى چاى چرى، عشان اجعد معاكِ و مسبكيش لوحدك..
اكدت و هي تتمدد معطية له ظهرها: - تجعد معايا و لا تكمل عليا و تعبطنى..
انفجر ضاحكا و هو يقترب منها محتضنا إياها من ظهرها: - من ناحية انى عايز اعبطك، فأنا هعبطك بس بطريجتى..

استدارت دافعة إياه بعيدا عنها و هي تشير للحد الفاصل بين أريكة كل منهما التي تكون الفراش: - ارچع يا شيخ عبدالعزيز على كنبتك و متتخطاش الحد دِه، كل واحد ينام على الكنبة بتاعته..
عاد القهقهرى بظهره ناظرا الى الحد بين اريكتيهما هاتفا بسخرية: - انت رسمتى الحدود يا فجرية بجيتى شبه عساكر الانچليز، طب و الله لأشتكيكِ ف الأمم المتحدة، و هفرض عليكِ الغرامات كمان..

اندفعت هاتفة بضيق: - امّم مين..!؟، تعرفها منين دى بجى..
يا سيدنا الشيخ..!؟، جولى حالا مين دى اللى هتشتكينى ليها..!؟.
انفجر ضاحكا بقهقهات متتابعة دمعت لها عيناه ثم هتف ما أن هدأت حدة تلك القهقهات: - اجول ايه..!؟، الچهل يعمل اكتر من كِده..
هتفت معاتبة: - چهل، سبنالك العلام يا شيخ..
هتف مازحا: - انكرى!؟، مش حامل كتاب الله..
فى احسن من كِده علام..!؟

لم ترد عليه بل استمرت في إعطائه ظهرها غير راغبة في مجادلته من جديد..
اما هو فقد تمدد على اريكته ناظرا الى ظهرها الذى توليه له في غيظ..
فهو يريدها بحق..
يريد ان يطيب خاطرها
و لا يريد تركها تنام بدون طعام و هي غاضبة منه..
لكنه يعرف انه ستزجره من جديد
فقرر مشاكستها حتى تأتى اليه بنفسها لذا هتف متنهداً و هو يولى لها ظهره بدوره: - على العموم الحج علي..

و انا اللى كنت چاى اخدك ف حضنى عشان النهاردة بالليل بيجولوا دى سنوية الجتيل اللى مدفون ف الحوش الجريب و بيظهر ف الليلة دى، ماااشى، انتِ حرة..
هتفت بصوت مهزوز: - انت بتخوفنى، مفيش جتيل و لا يحزنون..
هتف مؤكدا: - ما انتِ مسكينة متعرفيش، دِه مدفون جريب من هنا، براحتك لو مش مصدجانى، انى هنام، تصبحى على خير..
و تصنع النوم و علا غطيطه الوهمي بعد قليل..

اما هي فقد بدأت ترتجف خوفا مع اقل صوت يتهئ لها سماعه بالخارج
و مع عواء احد الذئاب كانت قد وصلت لقمة فزعها لتندفع ملتصقة بظهر عبدالعزيز هامسة بخوف: - شيخ عبعزيز..
هتف بها متصنعا الضيق: - ايه اللى چابك چنبى، ليه عديتى الحدود..
هتفت متضرعة: - معلش يا شيخ، انى خايفة و جتتى متلبشة..
استدار لها مواجها إياها هاتفا: - ليه.!؟ ما انتِ مكنتيش مصدجانى..

اندفعت تحتمى بأحضانه كقطة شيرازية مما جعله يبتسم بسعادة فقد حقق مراده و ها هي بين ذراعيه أخيرا..
و همست من بين ثنايا جلبابه الذى اخفت فيه وجهها: - ما انا كنت واخدة على خاطرى منيك يا شيخ..
كنت عايز تعبطنى جدام العيال و ضحكتهم علي..
همس بالقرب من اذنها و هو يضمها اليه اكثر: - و انت محفظتيش ليه بعد ما صوتى اتنبح هااا..!؟.
، ده انا جلت مراتى هترفع راسى جدام العيال، طلعتى أخيب منيهم..

همست بخجل: - اصل يا شيخ، اصل
همس مستفسراً: - اصل ايه..!؟.
همست من جديد مفسرة بصوت يقطر دلالاً أفقده صوابه: - اصل انا كل ما أبص لك اسرح فيك و أفتكر اللى كان بينا الليلة اللى فاتت..
و اروح بجى و مركزش يا شيخ زيزو.
همس مشاكسا إياها: - طب و هو ايه اللى كان بينا الليلة اللى فاتت!؟، فكرينى..
همست معاتبة: - اختشى يا شيخ..
ضمها اليه اكثر
وهو يهمس لها مازحا: - طب تعالى اما أفكرك انى..

انفجرت ضاحكة و قد رحلت كل أشباح الخوف هاربة بعد ان عادت للأمان بين ذراعيه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة